قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة :
الحسن والجمال الذي يكون عن الأعمال الصالحة في القلب يسري إلى الوجه ، والقبح والشين الذي يكون عن الأعمال الفاسدة في القلب يسري إلى الوجه كما تقدم ، ثم إن ذلك يقوى بقوة الأعمال الصالحة والأعمال الفاسدة ، فكلما كثر البر والتقوى قوي الحسن والجمال ، وكلما قوي الإثم والعدوان قوي القبح والشين ، حتى ينسخ ذلك ما كان للصورة من حسن وقبح ، فكم ممن لم تكن صورته حسنة ولكن من الأعمال الصالحة ما عظم به جماله وبهاؤه حتى ظهر ذلك على صورته.
ولهذا ظهر ذلك ظهوراً بينا عند الإصرار على القبائح في آخر العمر عند قرب الموت ، فنرى وجوه أهل السنة والطاعة كلما كبروا ازداد حسنها وبهاؤها ، حتى يكون أحدهم في كبره أحسن وأجمل منه في صغره ، ونجد وجوه أهل البدعة والمعصية كلما كبروا عظم قبحها وشينها ، حتى لا يستطيع النظر إليها من كان منبهراً بها في حال الصغر لجمال صورتها.
وهذا ظاهر لكل احد فيمن يعظم بدعته وفجوره ، مثل الرافضة وأهل المظالم والفواحش من الترك ونحوهم ، فإن الرافضي كلما كبر قبح وجهه ، وعظم شينه ، حتى يقوى شبهه بالخنزير ، وربما مسخ خنزيراً وقرداً كما قد تواتر ذلك عنهم ، ونجد المردان من الترك ونحوهم قد يكون أحدهم في صغره من أحسن الناس صورة ، ثم إن الذين يكثرون الفاحشة تجدهم في الكبر أقبح الناس وجوهاً ، حتى إن الصنف الذي يكثر ذلك فيهم من الترك ونحوهم يكون أحدهم أحسن الناس صورة في صغره وأقبح الناس صورة في كبره ، وليس سبب ذلك أمراً يعود إلى طبيعة الجسم ، بل العادة المستقيمة تناسب الأمر في ذلك ، بل سببه ما يغلب على أحدهم من الفاحشة والظلم ، فيكون مخنثاً ولوطياً وظالماً وعوناً للظلمة ، فيكسوه ذلك قبح الوجه وشينه.
1/364-366