خلاف العلماء في الطهارة بالنبيذ
اتفق العلماء على أن الحدث يرفع بالماء الطهور، واختلفوا في رفعه بالنبيذ:
فقيل: يتوضأ به إن لم يجد غيره، وهو مذهب أبي حنيفة[1].
وقيل: يتوضأ به ويتيمم، وهو مذهب محمد بن الحسن[2].
وقيل: يتيمم، ولا يتوضأ به، وهو مذهب المالكية[3]، والشافعية[4]، والحنابلة[5]، واختاره أبو يوسف والطحاوي من الحنفية[6]، وهو رواية عن أبي حنيفة[7]، وهو اختيار ابن حزم[8].
الدليل على أن الحدث يرفع بالماء الطهور:
الإجماع أن الماء الطهور يرفع الحدث[9].
قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن الحدث لا يرفع بسائل آخر غير الماء كالزيت والدهن والمرق[10].
وقال الغزالي: الطهورية مختصة بالماء من بين سائر المائعات، أما في طهارة الحدث فبالإجماع[11].
وتعقبه النووي في المجموع شرح المهذب، فقال: حكى أصحابنا عن محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى وأبي بكر الأصم: أنه يجوز رفع الحدث وإزالة النجاسة بكل مائع طاهر، قال القاضي أبو الطيب إلا الدمع، فإن الأصم يوافق على منع الوضوء به، ثم قال: والأول أرجح؛ قال -تعالى-: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ﴾ [12]، فأحالنا إلى التيمم عند عدم الماء، ولم ينقلنا إلى سائل آخر[13].
دليل الحنفية على جواز الوضوء بالنبيذ:
الدليل الأول:
(37) ما رواه أحمد، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، عن إسرائيل، عن أبي فزارة، عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث، عن ابن مسعود، قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة لقي الجن، فقال: أمعك ماء؟ فقلت: لا. فقال: ما هذه الإداوة؟ قلت: نبيذ. قال: أرنيها تمرة طيبة وماء طهور، فتوضأ منها، ثم صلى بنا[14].
[إسناده ضعيف][15].
الدليل الثاني:
(38) ما رواه الدارقطني من طريق أبي القاسم يحيى بن عبدالباقي، نا المسيب بن واضح، نا مبشر بن إسماعيل الحلبي، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "النبيذ وضوء لمن لم يجد الماء"[16].
[المعروف أنه من قول عكرمة، ورفعه منكر][17].
فالخلاصة أن حديث ابن مسعود جاء من ثلاثة طرق ضعيفة.
والسؤال: هل هذه الطرق الضعيفة يمكن أن يقوي بعضها بعضًا، فتكون حسنة لغيرها، فيصلح الاحتجاج بها؛ على أن الضعيف إذا جاء من طريق آخر شد بعضه بعضًا كما قال بعضهم في قوله - سبحانه وتعالى - في شهادة المرأة ﴿ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ﴾[18]؟
الجواب:
هذا ممكن أن يقال، لولا أن الحديث فيه مخالفات:
الأولى: المخالفة لظاهر الكتاب.
قال -تعالى-: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ﴾[19]، فنقلنا عند عدم وجود الماء إلى التيمم، ولو كان هناك سائل آخر يمكن التطهر منه لأحالنا عليه كالنبيذ، وعليه فإذا لم نجد إلا نبيذًا، فإننا نتيمم؛ لأننا لم نجد الماء.
ثانيًا: مخالفته للسنة.
(39) ما رواه عبدالرزاق، عن الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر أنه أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أجنب، فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- بماء، فاستتر واغتسل، ثم قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بَشَرتَه، فإن ذلك هو خير))[20].
[حديث حسن][21].
ثالثًا: المخالفة لما ثبت في مسلم:
(40) قال علقمة: سألت ابن مسعود فقلت: هل شاهد أحد منكم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة الجن؟ قال: لا. ولكن كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة ففقدناه، فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا: استطير أو اغتيل، قال: فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء، قال: فقلنا: يا رسول الله، فقدناك فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم. فقال: ((أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن))، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم...الحديث[22].
فأحاديث النبيذ تروي: أن ابن مسعود شهد ليلة الجن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا الحديث في مسلم صريح بأنه لم يكن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
رابعًا: الحنفية - رحمهم الله - خالفوا هذه المرة مقتضى قواعدهم، فإن أحاديث الآحاد عندهم دلالتها ظنية، والقرآن دلالته قطعية، وهم يردون أحاديث في الصحيحين مجمعًا على صحتها؛ لأن ظاهرها يخالف آية قرآنية أو قاعدة شرعية بحسب فهمهم، ومع ذلك عملوا بأحاديث الوضوء بالنبيذ مع أن أحاديثه تخالف ظاهر القرآن، ولا يسلم منها حديث واحد كما سبق.
ولو تجاهلنا كل هذه المخالفات من مخالفة الكتاب والسنة وقلنا: إن حديث الوضوء بالنبيذ قابل لأن يكون حسنًا لغيره، فإننا نحمله على أن تسميته نبيذًا فيه تجاوز، وأن النبيذ الذي كان مع ابن مسعود لم يخرج عن رقة الماء وطبيعته وسيولته، وغاية ما فيه أنه ماء تغير بشيء طاهر، لم يخرج فيه عن مسمى الماء، كما لو تغير الماء بشيء طاهر ولم يخرج عن اسمه، وسوف يأتي في قسم الماء الطاهر تحرير الخلاف في الماء إذا تغير بشيء طاهر - إن شاء الله تعالى - والله أعلم.
فخلصنا من هذا أن الحدث لا يرفع إلا بالماء الطهور، ويرفع أيضًا بالتيمم، على خلاف: هل التيمم رافع أم مبيح؟ وسوف يأتي بحثها في بحوث التيمم.
وأما إزالة النجاسة، فهل يتعين الماء الطهور، أو تزال بأي مزيل؟ يأتي بحثها في بحوث النجاسات - إن شاء الله تعالى.
[1] المبسوط (2/90)، بدائع الصنائع (1/15)، العناية شرح الهداية (1/118)، أحكام القرآن (2/543).
[2] البناية (1/464)، وفتح القدير (1/118، 119)، بدائع الصنائع (1/15).
[3] قال مالك في المدونة (1/114): "ولا يتوضأ بشيء من الأنبذة، ولا العسل الممزوج بالماء، قال: والتيمم أحب إلي من ذلك" اهـ.
[4] انظر الأم (1/7) قال النووي في المجموع (1/140): "أما النبيذ، فلا يجوز الطهارة به عندنا على أي صفة كان؛ من عسل، أو تمر، أو زبيب، أو غيرها، مطبوخًا كان أو غيره، فإن نشَّ أو أسكر، فهو نجس يحرم شربه، وعلى شاربه الحد، وإن لم ينش فطاهر لا يحرم شربه، ولكن لا تجوز الطهارة به، هذا تفصيل مذهبنا، وبه قال مالك وأحمد وأبو يوسف والجمهور" اهـ.
[5] مسائل أحمد رواية عبدالله (1/22)، ومسائل ابن هانئ (1/5)، ومسائل أحمد وإسحاق (1/127)، المغني (1/23)، الانتصار في المسائل الكبار (1/136)، الكافي لابن قدامة (1/6)، المبدع (1/42)، تنقيح التحقيق (1/225).
[6] بدائع الصنائع (1/15) المبسوط (2/90)، تبيين الحقائق (1/35)، العناية شرح الهداية (1/118).
[7] تبيين الحقائق (1/35).
[8] المحلى (مسألة: 148).
[9] نقل الإجماع ابن المنذر في الأوسط (1/246) ولم يستثن من الماء الطهور إلا ماء البحر، فإنه قد وقع فيه خلاف، وانظر حاشية ابن قاسم (1/59) رقم ثلاثة من الحاشية.
[10] الأوسط لابن المنذر (1/253).
[11] الوسيط (1/107، 108).
[12] المائدة: 6.
[13] المجموع (1/139) وقال النووي: وأما قول الغزالي في الوسيط: طهارة الحدث مخصوصة بالماء بالإجماع، فمحمول على أنه لم يبلغه قول ابن أبي ليلى إن صح عنه. اهـ
[14] مسند أحمد (1/402).
[15] فيه أبو زيد، جاء في ترجمته:
قال الترمذي: "أبو زيد رجل مجهول عند أهل الحديث. لا يعرف له راوية غير هذا الحديث"؛ سنن الترمذي (1/147).
وقال البخارى: "أبو زيد الذي روى حديث ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثمرة طيبة وماء طهور" رجل مجهول لا يعرف بصحبة عبدالله، وروى علقمة عن عبدالله أنه قال: لم أكن ليلة الجن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم"؛ الكامل (7/291)، البيهقي (1/10).
وقال الحاكم: "رجل مجهول لا يوقف على صحة كنيته ولا اسمه، ولا يعرف له راويًا غير أبي فزارة، ولا رواية من وجه ثابت إلا هذا الحديث الواحد". تهذيب الكمال (33/332).
وقال ابن عدي: "وهذا الحديث مداره على أبي فزارة، عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث، عن ابن مسعود، وأبو فزارة مشهور واسمه راشد بن كيسان، وأبو زيد مولى عمرو بن حريث مجهول، ولا يصح هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو خلاف القرآن... إلخ". الكامل (7/292).
وقال ابن حبان: "يروي عن ابن مسعود ما لم يتابع عليه، ليس يدرى من هو، لا يعرف أبوه، ولا بلده، والإنسان إذا كان بهذا النعت، ثم لم يرو إلا خبرًا واحدًا خالف فيه الكتاب والسنة والإجماع والقياس والنظر والرأي يستحق مجانبته فيها ولا يحتج بها". المجروحين (3/158).
وقال أبو بكر بن أبي داود: "كان أبو زيد هذا نباذًا في الكوفة". تهذيب الكمال (33/332).
وقال ابن عبدالبر: اتفقوا على أن أبا زيد مجهول، وحديثه منكر. تهذيب التهذيب (12/113).
[تخريج الحديث]:
هذا الإسناد مداره على أبي فزارة، عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث، عن ابن مسعود، ورواه جماعة عن أبي فزارة، منهم إسرائيل، وسفيان، وشريك، وأبو عميس، وقيس بن الربيع، والجراح بن مليح وغيرهم:
فأما طريق إسرائيل عن أبي فزارة، فأخرجه أحمد كما في حديث الباب، وعبدالرزاق في المصنف (1/179) والشاشي (828)، والطبراني في الكبير (9963)، وابن عدي في الكامل (7/292) وابن الجوزي في العلل المتناهية (587).
وأما طريق سفيان عن أبي فزارة، فأخرجه عبدالرزاق في المصنف (693) عنه، ومن طريق عبدالرزاق أخرجه أحمد (1/449) وابن ماجه (384) والطبراني في الكبير (9963)، والبيهقي (1/9).
وأخرجه الشاشي في مسنده (827) من طريق أبي حذيفة، نا سفيان به.
وأما طريق شريك عن أبي فزارة، فأخرجه أبو داود (84) حدثنا هناد وسليمان بن داود العتكي، قالا: ثنا شريك به.
وأخرجه الترمذي (88) حدثنا هناد، حدثنا شريك به.
وأخرجه أبو يعلى في مسنده (5046) حدثنا منصور بن أبي مزاحم، حدثنا شريك بن عبدالله به.
وأخرجه الطبراني في الكبير (10/65) رقم 9964 من طريق أبي الربيع الزهراني، ثنا شريك به.
وأخرجه الطبراني أيضًا (10/65) 9965 من طريق عبدالوارث أبي عبدالله الشقري، عن شريك به.
وأما طريق الجراح والد وكيع، عن أبي فزارة، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، وأبو يعلى في مسنده (5301) عن وكيع، عن أبيه، عن أبي فزارة به، ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن ماجه (384).
وأخرجه ابن ماجه (384) حدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع به.
ومن طريق وكيع أخرجه الطبراني في الكبير (10/66) رقم 9967.
وأما طريق أبي عميس عتبة بن عبدالله بن عتبة بن عبدالله بن مسعود، عن أبي فزارة، فأخرجه أحمد (1/458، 459) حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني أبو عميس عتبة بن عبدالله بن عتبة بن عبدالله بن مسعود، عن أبي فزارة به، وفيه زيادات لم ترد في سائر الطرق. وسنده إلى أبي فزارة إسناد حسن؛ وقد صرح بالتحديث ابن إسحاق إلا أن علته - كما سبق - أبو زيد.
وأخرجه الطبراني في الكبير (9966) من طريق الإمام أحمد بهذا الإسناد، وأخرجه أيضًا من طريق عبيدالله بن سعد بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أبي عميس.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/313): "رواه أبو داود وغيره باختصار، ورواه أحمد، وفيه أبو زيد مولى عمرو بن حريث، وهو مجهول".
وأما طريق قيس بن الربيع عن أبي فزارة، فأخرجه الطبراني في الكبير (9962)، والبيهقي في السنن (1/9)، هذا ما وقفت عليه من طريق أبي فزارة.
الطريق الثاني: عن ابن عباس، عن ابن مسعود:
أخرجه أحمد (398) قال: ثنا يحيى بن إسحاق، ثنا ابن لهيعة، عن قيس بن الحجاج، عن حنش الصنعاني، عن ابن عباس، عن عبدالله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه - أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا عبدالله أمعك ماء؟ قال: معي نبيذ في إداوة، فقال: اصبب علي، فتوضأ. قال: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا عبدالله بن مسعود، شراب طهور.
وإسناده ضعيف؛ فيه ابن لهيعة، وضعفُه مشهور.
وفيه قيس بن الحجاج:
قال أبو حاتم الرازي: صالح. الجرح والتعديل (7/95).
وقال ابن يونس: كان رجلاً صالحًا. تهذيب التهذيب (8/348).
وذكره ابن حبان في الثقات (7/329).
وفي التقريب: صدوق. وبقية رجال الإسناد ثقات.
والحديث أخرجه أحمد - كما قدمنا - من طريق يحيى بن إسحاق، عن ابن لهيعة به من مسند ابن مسعود.
وتابعه عليه يحيى بن بكير؛ فقد أخرجه الدارقطنى (1/76) والطبراني (9961) والبزار (1437) من طريق يحيى بن بكير، عن ابن لهيعة به، من مسند ابن مسعود.
وخالفهما أسد بن موسى، ومروان بن محمد، فروياه عن ابن لهيعة به من مسند ابن عباس.
فقد أخرجه ابن ماجه (385) قال: حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، ثنا مروان بن محمد، ثنا ابن لهيعة، ثنا قيس بن الحجاج، عن حنش الصنعاني، عن عبدالله بن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لابن مسعود ليلة الجن: معك ماء؟ قال: لا إلا نبيذًا في سطيحة، فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تمرة طيبة وماء طهور، صب علي، قال: فصببت عليه، فتوضأ به.
وأخرجه الطحاوي (1/94) من طريق أسد بن موسى، عن ابن لهيعة به.
قال البزار - كما في البحر الزخار (4/268) -: وهذا الحديث لا يثبت لابن لهيعة؛ لأن ابن لهيعة كانت قد احترقت كتبه، فكان يقرأ من كتب غيره، فصار في أحاديثه أحاديث مناكير، وهذا منها. اهـ فالحديث ضعيف.
الطريق الثالث: عن أبي رافع، عن ابن مسعود:
أخرجه أحمد (1/455) قال: ثنا أبو سعيد، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن خط حوله، فكان يجيء أحدهم مثل سواد النخل، وقال لي: لا تبرح مكانك، فأقرأهم كتاب الله عز وجل، فلما رأى الزط قال: كأنهم هؤلاء، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أمعك ماء؟ قلت: لا، قال: أمعك نبيذ؟ قلت: نعم، فتوضأ به.
وأخرجه الدارقطني (1/77) وابن الجوزي في العلل المتناهية (588) من طريق أبي سعيد به.
وأخرجه الدارقطني (1/77) من طريق عبدالعزيز بن أبي رزمة نا حماد بن سلمة به.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/95) من طريق أبي عمرو الحوضي قال: ثنا حماد بن سلمة به.
قال الدارقطنى: علي بن زيد ضعيف، وأبو رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود، وليس هذا الحديث في مصنفات حماد بن سلمة.
في إسناده علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.
وأما قول الدارقطني - رحمه الله -: إن أبا رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود، فقد نقل الزيلعي في نصب الراية (1/141) عن الشيخ ابن دقيق في "الإمام" قوله: "وهذا الطريق أقرب من طريق أبي فزارة، وإن كان طريق أبي فزارة أشهر؛ فإن علي بن زيد وإن ضعف فقد ذكر بالصدق. قال: وقول الدارقطني: وأبو رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود، لا ينبغي أن يفهم منه أنه لا يمكن إدراكه وسماعه منه؛ فإن أبا رافع الصائغ جاهلي إسلامي.
قال أبو عمر بن عبدالبر في الاستيعاب: "وهو مشهور من علماء التابعين".
وقال في الاستيعاب: "لم ير النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو من كبار التابعين، اسمه نفيع، وكان أصله من المدينة، ثم انتقل إلى البصرة، روى عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعبدالله بن مسعود وروى عنه خلاس بن عمرو الهجري، والحسن البصري، وقتادة، وثابت البناني، وعلي بن زيد، ولم يرو عنه أهل المدينة".
وقال عنه في الاستيعاب: عظم روايته عن عمر وأبي هريرة، ومن كان بهذه المثابة فلا يمتنع سماعه من جميع الصحابة، اللهم إلا أن يكون الدارقطني يشترط في الاتصال ثبوت السماع ولو مرة، وقد أطنب مسلم في الكلام على هذا المذهب. اهـ
وقال ابن التركماني في الجوهر النقي (1/9) تعليقًا على قول الدارقطني بأنه لم يثبت سماعه من ابن مسعود - قال: "فهو على مذهب من يشترط في الاتصال ثبوت السماع، وقد أنكر مسلم ذلك في مقدمة كتابه إنكارًا شديدًا، وزعم أنه قول مخترع، وأن المتفق عليه أنه يكفي للاتصال إمكان اللقاء أو السماع... ثم قال: على أن صاحب الكمال صرح بأنه سمع منه، وكذا ذكر الصريفيني فيما قرأت بخطه... إلخ".
قلت: نفيع الصائغ: أبو رافع، قال فيه الحافظ (7182): "ثقة ثبت".
لكن مدار الحديث على علي بن زيد.
قال فيه الإمام أحمد: ليس بشيء. وقال مرة: ضعيف الحديث.
وقال فيه يحيى بن معين: ضعيف.
وقال أخرى: ضعيف في كل شيء.
وقال في موضع آخر: ليس بشيء.
وقال أبو زرعة ويحيى وأبو حاتم: ليس بالقوي، وزاد أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.
وقال النسائي: ضعيف.
وقال ابن خزيمة: لا يحتج به؛ لسوء حفظه.
وقال الجوزجاني: واهي الحديث، ضعيف، فيه ميل عن القصد، لا يحتج بحديثه.
وقال حماد بن زيد: حدثنا علي بن زيد، وكان يقلب الأحاديث، وفي رواية: كان علي بن زيد يحدثنا اليوم بالحديث، ثم يحدثنا غدًا فكأنه ليس بذاك.
وقال العجلي: يكتب حديثه، وليس بالقوي. وقال في موضع آخر: لا بأس به.
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صالح الحديث، وإلى اللين ما هو.
وقال فيه ابن عدي: لم أرَ أحدًا من البصريين وغيرهم امتنعوا عن الرواية عنه، وكان يغالي في التشيع في جملة أهل البصرة، ومع ضعفه يكتب حديثه.
وقال الحافظ في التقريب (4734): ضعيف. انظر ترجمته في تهذيب الكمال (20/434) وفي الكامل لابن عدي (5/195-201) وميزان الاعتدال (3/127).
الطريق الرابع: عن أبي وائل، عن ابن مسعود:
أخرجه الدارقطني (1/77) من طريق الحسين بن عبيدالله العجلي، نا معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: سمعت ابن مسعود يقول: "كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، فأتاه، فقرأ عليهم القرآن، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الليل: أمعك ماء يا بن مسعود؟ قلت: لا والله يا رسول الله إلا إداوة فيها نبيذ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ثمرة طيبة وماء طهور، فتوضأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
والحديث: موضوع. قال الدارقطني (1/78): الحسين بن عبيدالله يضع الحديث على الثقات.
الطريق الخامس:
ما أخرجه الدارقطني، نا عمر بن أحمد الدقاق، نا محمد بن عيسى بن حيان ثنا الحسن بن قتيبة، نا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق عن عبيدة وأبي أحوص، عن ابن مسعود قال: مر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: خذ معك إداوة من ماء، ثم انطلق وأنا معه - فذكر حديث ليلة الجن - فلما أفرغت عليه من الإداوة فإذا هو نبيذ، فقلت: يا رسول الله، أخطأت بالنبيذ، فقال: تمرة حلوة، وماء عذب.
ومن طريق الدارقطني أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (590).
قال الدارقطني: تفرد به الحسن بن قتيبة، عن يونس عن أبي إسحاق، والحسنُ بن قتيبة ومحمد بن عيسى ضعيفان. اهـ
والصحيح أن الحسن بن قتيبة ليس كما قال الدارقطني: ضعيف؛ بل هو هالك.
فقد نقل الحافظ الذهبي في الميزان (2 / 246) عن الدارقطني بأنه متروك الحديث.
وقال أبو حاتم الرازي: ليس بقوي الحديث، ضعيف الحديث. الجرح والتعديل(3/33).
وقال العقيلي: كثير الوهم. الضعفاء الكبير (1/241).
وقال ابن عدي: وللحسن بن قتيبة هذا أحاديث غرائب حسان، وأرجو أنه لا بأس به. الكامل (2/327).
فتعقبه الحافظ، فقال: بل هو هالك، قال الدارقطني في رواية البرقاني: متروك الحديث، ثم نقل تضعيف أبي حاتم، وقول الأزدي: واهي الحديث، ثم نقل كلام العقيلي. اهـ كلام الحافظ ابن حجر.
وأما محمد بن عيسى بن حيان، فقد نقل الحافظ الذهبي في الميزان (5/333) عن الدارقطني أنه قال: ضعيف متروك. وقال الحاكم: متروك. وقال آخر: كان مغفلاً، وأما البرقاني، فوثقه. اهـ
الطريق السادس: عن ابن غيلان، عن ابن مسعود:
أخرجه الدارقطني (1/78) قال: حدثني محمد بن أحمد بن الحسن، نا إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان، نا هاشم بن خالد الأزرق، ثنا الوليد، نا معاوية بن سلام، عن أخيه زيد عن جده أبي سلام، عن فلان بن غيلان الثقفي أنه سمع عبدالله بن مسعود يقول: دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن... فذكر نحو ما سبق.
ومن طريق الدارقطني رواه ابن الجوزي في التحقيق (1/54) رقم 36.
قال الدارقطني: الرجل الثقفي الذي رواه عن ابن مسعود مجهول، قيل اسمه: عمرو، وقيل: عبدالله بن عمرو بن غيلان.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/44، 45): "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث ابن مسعود في الوضوء بالنبيذ، فقالا: هذا حديث ليس بقوي؛ لأنه لم يروه غير أبي فزارة، عن أبي زيد.
وحماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن ابن مسعود.
وعلي بن زيد ليس بقوي، وأبو زيد شيخ مجهول لا يعرف، وعلقمة يقول: لم يكن عبدالله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن فوددت أنه كان معه. قلت لهما: فإن معاوية بن سلام يحدث عن أخيه، عن جده، عن ابن غيلان، عن ابن مسعود؟ قالا: وهذا أيضًا ليس بشيء؛ ابن غيلان مجهول، ولا يصح في هذا الباب شيء.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/56002/#ixzz3nxNi71tf