(3)
براءة هلال ناجي من سرقة المستدرك برمَّته:
عقد الناقد لمشاركته عنوان (التحقيقات المسروقة)، والمقصود بالتحقيقات في هذا السياق هي الكتب الكاملة، وليست تخريج الأحاديث ونسبة الأشعار المجهولة مثلاً! وقال في فاتحة الكلام:
وقد استغلَّ عددٌ من السّراق قِدَم طبعة الكتاب فعمدوا إلى إعادة طبع تلك الكتب بأسمائهم). ثم ضرب أمثلة تؤكّد هذا المعنى، وهي: (سرقة طريفي لدواوين الكميت والنمر بن تولب وطهمان - سرقة المختون لتصحيح الفصيح - سرقة أحمد بسام لديوان الحماسة - سرقة الشعّار لشرح الجمل - سرقة المنصور لحماسة الظرفاء - سرقة شرح القصائد التسع - سرقة خليل لإعراب القرآن - سرقة طالبة سورية لديوان سويد.
وبعض هذه السرقات يحتاج إلى نظر.
والشاهد أنه سرد أحد عشر مثالاً، كلّها سرقة لتحقيق كامل، وفي كلِّها أُخذ الكتاب المسروق بتمامه وطُمس اسم المحقِّق الأول ووُضع اسم السارق على الغلاف! فالذي يسلك الأستاذ هلال ناجي مع هؤلاء اللصوص، إنَّما يتَّهمه بسرقة التحقيقات من الغلاف إلى الغلاف، ,إذا لم يصرِّح بهذه التُّهمة بعد كل هذه العبارات فهذا أمرٌ يُحسب على وضوحه وصراحته ومصداقيَّتهّ والواقع أن الناقد لم يقف عند هذا الحدّ، بل جعل هلال ناجي كبير اللصوص وواسطة عقدهم، ورشِّحه لجائزتي نوبل والأوسكار في هذا الفن الشريف!
وأكَّد معنى سرقة الكتب الكاملة بإشارته إلى سرقة هلال (المزعومة) لثلاثة كتب:
* متخيّر الألفاظ لابن فارس، المسروق في رأيه من تحقيق محمَّد عبد اللطيف جبارة لنفس الكتاب.
* تحقيق حلية المحاضرة للحاتمي، المسروق في رأيه من تحقيق الدكتور جعفر الكتاني لنفس الكتاب.
* المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع، المسروق في رأيه من تعليقات حسن عريبي الخالدي على كتاب صالحيَّة.
ولكنَّه لم يتوسَّع في الكلام عليها، واستند في إثبات سرقة هلال ناجي لها على إشاعات سمعها وصدَّقها، كما قال المتنبِّي:
إِنَّمَا تَنْجَحُ المَقَالَةُ فِي المَرْءِ * إِذَا وَافَقَتْ هَوًى فِي الفُؤَادِ
وجعل الكلام عليها كالتمهيد للكلام على كتاب (المستدرك على صنّاع الدّواوين)، لأنه أسطع دليل على سرقات هلال ناجي!
فهذا الذي مضى كله ليس له إلا معنًى واحد، وهو أن (سعد هلال) يتَّهم هلال ناجي بسرقة كتاب ( المستدرك على صنّاع الدّواوين) من الدكتور نوري القيسي، بمعنى أنه طمس اسم القيسي من الغلاف الذي كان يحمل اسميهما، واستخلص الكتاب لنفسه، كسائر اللصوص المذكورين في نفس السياق وتحت نفس العنوان! وجُلُّ عباراته تؤول إلى هذا المعنى، كقوله (ظهر باسم هلال ناجي في الطّبعة الثّانية ... بعد وفاة القيسي -- وأُعيد نشره في هذا الكتاب ولكن باسم هلال ناجي -- فهذا المقال للدّكتور القيسي ورد في كتاب المستدرك باسم هلال فقط -- أثبت اسمه على حصَّته وحصَّة القيسي بعد وفاته). ولن يخطر للقارئ أن هلال ناجي سرق فصول القيسي وترك اسمه على الغلاف، أو أنه جمع بين الوفاء له على الغلاف والخيانة له في متن الكتاب!
وقد فَزِعتُ لهذا المعنى الذي لم أفهم من السياق غيره، وتناولت الكتاب بطبعتيه، فوجدت أن اسم القيسي مذكور أوَّلاً، في الطبعة التي كانت في حياته وفي الطبعة التي صدرت بعد موته، بل أضاف هلال ناجي ألقابه على الغلاف في الطّبعة الثّانية! وسُرعان ما تراجع الناقد واستنكر أن يكون قد أراد هذا المعنى، فقال (أنا لم أقلّ إن اسمه ورد وحده على غلاف الطّبعة البيروتية، وأرجو انْ لا يقوِّلني أخي ما لم أقله، فكلامي واضح جدًا). والحقيقة أنَّه هو الذي أدرج هلال ناجي في موضوع معقود للكلام على لصوص الغلاف، ولم يصرِّح بوجود اسم القيسي على الغلاف وعلى الفصول المنسوبة إليه! فالبلاء ليس مني بالتأكيد!
طبيعة كتاب (المستدرك على صنّاع الدّواوين):
ينبغي أن يعرف القارئ الكريم طبيعة هذا الكتاب، وهو أنه مجرَّد تجميع لمستدركات الرجلين المنشور أكثرها في الدوريات العلمية، وبعضها لم يُنشر من قبل. وقد نُشر الجزء الأول في بغداد عام 1993، وفيه أربعون فصلاً، مع وعد بصدور الجزء الثاني، ولكن يظهر أنه لم يصدر في العراق، وإنما نُشر الجزءان معاً في الطبعة الثانية (بيروت، عالم الكتب، سنة 2000)، أي بعد وفاة القيسي [وهذا هو تاريخ نسختي، ولكنَّ هلال ناجي يؤرِّخ الطبعة الثانية بسنة 1998]. وضمَّ الأول منهما نفس الأربعين فصلاً، وضمَّ الثاني خمسة عشر فصلاً.
وهذا إحصاء فصول الكتاب كما في الطبعة الثانية:فصول الجزء الأول (40 فصلاً):
27 فصلاً منسوبة إلى ناجي
12 فصلاً منسوبة إلى القيسي
1 فصل واحد مشترك بينهما فصول
الجزء الثاني (14 فصلاً):
13 فصلاً منسوبة إلى ناجي
1 فصل واحد منسوب إلى القيسي
مجموع الجزئين (54 فصلاً):
40 فصلاً منسوبة إلى ناجي
13 فصلاً منسوبة إلى القيسي
1 فصل واحد مشترك بينهما
ويعلم الخبراء بأمور التأليف: أن اشتراكهما في تأليف كتاب تجميعيّ كهذا الكتاب، معناه أن ينفرد كلٌّ منهما بكتابة نصيبه من الفصول، ويتمّ تجميعها وترتيبها بعد ذلك. وربَّما يتَّفقان ابتداءً على خطَّة التأليف، ولكنَّ ذلك غير وارد ههنا لأن أكثر الفصول منشور من قبل.
فهذا أول الإشكال في دعوى السرقة، إذ لا يمكن أن يسطو رجل مشهور من أهل العلم على مقالات منشورة لصديقه، ولا غير منشورة أيضًا، وإن بلغت به الصفاقة إلى هذا المبلغ فمن المستحيل أن يترك اسم ذلك الصديق بعينه على الغلاف ويورده أوَّلاً! والذي غرَّ الناقد وجعله يختار هذا الكتاب لإثبات السَّرقة على هلال ناجي: أن الفصول لم تُنسب إلى كاتبها في الطبعة الأولى، بل في الثانية. والواجب علينا أن نبحث عن تفسير مقبول لهذا الأمر، قبل أن نخوض في الأعراض العلمية. فقلتُ في تفسيره:
الفصول لم تُنسب إلى كاتبها في الطبعة الأولى، وهذا قرار اتَّخذه الرجلان، وعندما نُشرت الطبعة الثانية بعد وفاة القيسي رأى ناجي أن يُنسب كلُّ فصل إلى كاتبه، وهذا من حقِّه بطبيعة الحال، لأنه يستطيع بذلك أن يتصرَّف في فصوله بالتحرير والتنقيح. وإذن فليس لك أن تجعل الإغفال ثم التعيين دليلاً على السطو إلا بدليل مادي ملموس.
وأظنّ أن هذا هو التفسير البديهي، على ضوء ما سبق. ونحن في حقيقة الأمر لا يعنينا لماذا حُذفت النسبة أولاً وأُثبتت ثانياً! ولكن ينبغي أن يقال الآن: أن نصيب هلال ناجي أكثر من تسعة أعشار الكتاب، ومع ذلك ورد اسم القيسي متقدِّمًا عليه في غلاف الطبعتين. وكذلك ورد اسمه متقدِّمًا في (التذكرة الفخرية) مع أن الضامن يزعم أنه لم يكتب المقدِّمة أو بعضها! فالذي أظنّه أنهم كانوا يقدِّمونه لمنزلته العلمية والوظيفية. وإذن فهلال ناجي هو الخاسر إذا لم تنسب الفصول، وليس العكس! بل كان يستطيع إسقاط فصول القيسي ونشر الكتاب خالصًا باسمه، كما فعل الضامن (مع الفارق!)، أو أن ينشر فصوله في كتاب جديد بعنوان جديد، ولكنَّه لم يفعل، وفاءً للصديق الراحل.
وقد رفض هذا التفسير البديهي، لأنه يريد أن يوحي إلى القارئ بأن هذا (المجرم) سرق فصول القيسي بعد موته! فقال (هذا الكلام استنتاجي وليس على أرض الواقع، لإبعاد هلال عن الجريمة التي ارتكبها بحقِّ صاحبه. وأنا أقول لك: إن هلالاً أثبت اسمه على حصّته وحصة القيسي بعد وفاته نهاية سنة 1996م، ولا تستغرب أن أقول: إن هذا كان في بواكير سنة 1998م، والله شاهد على ما أقول).
وأتجاوز ما يشير إليه كلامه من تأكيد المتابعة اللصيقة لهلال ناجي، إلى التأكيد - على مسؤوليَّتي - بأن هلال ناجي لم يسرق جميع (حصة القيسي)، أي إنَّه لم يسرق الكتاب كلَّه.
براءة هلال ناجي من سرقة فصل أو فصول:
قد يقول قائل: لعلَّ الناقد يتَّهم هلال ناجي بسرقة فصل أو فصول، ويسمِّيها (حصَّة القيسي) للغرض البلاغي المعلوم!
فالجواب: إذن كان يجب عليه أن يصرِّح بهذا المعنى منذ البداية، ويعيِّن الفصول المسروقة ومواردها بالعبارة الواضحة، فيقول (المستدرك على ديوان فلان: نشره القيسي في مجلة كذا عدد كذا صفحة كذا، وسرقه هلال ناجي في المستدرك صفحة كذا). ولكنَّه لم يفعل!
فوضعنا إحصاء الفصول بين يديه، وطالناه بالتعيين. ولم نظفر منه بجواب واضح إلى الآن، إلا إنَّه - بعد الإلحاح - حصر التهمة في عشرة فصول، وسمَّاها (الحصص "الفصول" المشتركة لكنها جاءت باسم هلال فقط)، مع أنه لم يبرِّئه من سرقة غيرها!
وهذا الذي ظفرنا به مهمٌّ جدًّا، وهو يذهب بالتهمة أدراج الرياح! فهو لم يستطع أن يدَّعي - بصريح العبارة، وليس بالعبارات المطَّاطة - أن فصلاً من هذه الفصول العشرة قد نُشر باسم القيسي أو كتبه القيسي! وإنَّما عدَّد مقالات منشورة للقيسي وغيره موازية للفصول العشرة، أي إنَّها تتعلَّق بنفس شعراء الفصول العشرة، ونصَّ على أن هلال ناجي أخذ القطعة رقم كذا من مقال كذا، والقطعة رقم كذا من مقال كذا، كقوله مثلاً:
5- عبيد الله بن عبد الله بن طاهر :وردتْ 61 قطعة "بقلم هلال ناجي"، والصحيح أن ستة عشر منها لِلقيسي نشرها في مجلة المجمع العلمي العراقي، الجزء الأول، 1990، ص 96- 102
فالنتيجة المنطقية أن هلال ناجي هو الذي كتب الفصول العشرة، وسائر الفصول الأربعين المنسوبة إليه. ويستوي أن يصرِّح الناقد بهذه الحقيقة أو يتهرَّب من التصريح! ولو أنصف لقال: جميع الفصول الأربعين كتبها هلال ناجي، والقيسي لم يكتب شيئًا منها، ولكنَّني يأخذ أحيانًا مقطوعات من مستدركات غيره! ولكنَّ الناقد لا يستطيع ذلك بعد أن هوَّل في وصف الجريمة وقطع على نفسه خطَّ الرجعة!
وبالطبع لو سرق هلال ناجي ولو مقالاً واحداً لكانت فضيحة بجلاجل! ولما تأخَّر الإعلان عنها إلى أن يكشفها في سنة 2009 كاتب يكتب باسم مستعار!
قاتل اللّه الهوى! ورحم أبا الطّيِّب المتنبّي، القائل في أهل بغداد:
وَلَمْ تَزَلْ قِلَّةُ الإِنْصَافِ قَاطِعَةً * بَيْنَ الرِّجَالِ وَإِنْ كَانُوا ذَوِي رَحِمِ
هلال ناجي يتّهم الضّامن على رؤوس الأشهاد بأنه نقل فصولًا وفقرات بأكملها حرفيًا، ويعدّدها وينصّ على مواردها، فيقول صاحب الاسم المستعار (الكتاب أكاديمي، والنقد غير علمي!)، ويتّهم هلال ناجي بالسّطو على فصول النّاس، فإذا طولب بتعداد الفصول المسلوخة لم يُحِرْ جوابًا، إلا القول بأن القطعة الفلانية مأخوذة من فلان وفلان!
براءة هلال ناجي من سرقة مقال القيسي المنشور عام 1990:
وهذا الذي أثبتناه، ينطبق على مقال القيسي هذا، مع أن الناقد خصَّه بالذكر مرارًا، وقال عنه:
ظهر باسم هلال ناجي في الطبعة الثانية من المستدرك، وقد لاحظتُ أن مقال القيسي ذاك لم يرد في هذا الكتاب، وقد فعل هذا بعد وفاة القيسي في 1 / 11 / 1994م ..... وفيه [أي المستدرك] وضع اسمه على أعمال الدكتور القيسي، وقد فعل هذا بعد وفاته، ويمكن للقارىء الباحث الذي يريد كشف الحقيقة أن يطّلع مثلاً على مجلة المجمع العلمي العراقي ، الجزء الاول، 1990، ففيها نشر القيسي مقالًا له، وأُعيد نشره في هذا الكتاب، ولكن باسم هلال ناجي!!! ..... فهذا المقال للدّكتور القيسي ورد في كتاب المستدرك باسم هلال فقط.
وطبعًا لم يعيَّن الناقد موضع هذا المقال من المستدرك، لمعرفته بأنه لا يوجد في المستدرك أصلاً! والمستفاد من كلامه أن المقال يتضمَّن مستدركات القيسي على عدة دواوين، استنادًا إلى كتاب (الدرّ الفريد). وبما أن هلال ناجي قد أحال في مستدركاته على (الدرّ الفريد) فهو - في نظر الناقد - قد سرق ذلك من مقال القيسي!
وقد فرغنا من بيان أنَّ جميع مستدركات هلال ناجي هي لهلال ناجي فعلاً! والناقد نفسه يقرِّر ذلك بطريقة غير مباشرة، حين يقول عن المستدرك على شعر العتّابي:
ولكنَّه لم يُشِر إليهما [العاني والقيسي] عند صُنعهِ استدراكِهِ [كذا مضبوطًا] في بيروت 1998م ... والخلاصة: أن هلالاً سرق من العاني ونوري القيسي، القطع المرقّمة: 5، 6، 7، 8، 9، 10، 11، 13، 17، 18، 19، 22، 23، 27، 28، 32، 33، 37، 38، 40، 41، 42، 43، 46، 48، 50. ووضع اسمه فقط على المستدرك على هذا الشاعر.
فسبحان الله: يقول مرارًا (المقال للقيسي - أُعيد نشره - ليس لناجي إلا الاسم فقط)، ومرة يقول (المستدرك من صُنع ناجي - سرق القطعة كذا والقطعة كذا)! وإن صحَّت هذه الأرقام فمعناها أن هلال ناجي أولى بمستدرك العتّابي من القيسي والعاني، لأن المستدرك يضمّ 52 قطعة، منها 26 خالصة لناجي و 26 مشتركة بين القيسي والعاني! فأترك للقارئ تقدير مبلغ عبارته (وضع اسمه فقط) من الإنصاف! وهذا طبعًا على سبيل التنزُّل، وإلا فالقطع جميعا لهلال ناجي، كما سيأتي إيضاحه.
ولا أجد مثالاً على اضطراب الناقد في التعبير عن تهمة لا تُوجد إلا في خياله، من التناقض المطلق بين قوله بعبارات شتَّى (المقال للقيسي)، وقوله ههنا (سرق [هلال] من العاني ونوري القيسي)؛ فالمقال المسروق من العاني والقيسي لا يمكن أن يكون للقيسي! إلا أن يخترع الناقد رياضيَّات جديدة! وقد لفتُّ نظره إلى هذا الاضطراب، فأنكر كالعادة، وألقى باللائمة عليَّ كالعادة:
أنا لمْ أجعل القيسي شريكاً لهلال في السرقة من العاني في شعر العتابي، فمصدر القيسي هو (الدر الفريد) فقط، ومصادر العاني ذكرتها، والقيسي لا يعلم ولا يراجع عمل هلال، ولم يرهُ وهو يقدمه للنشر ببيروت، لعلاقاته بدور النشر.
أقول له: لا يمكن أن يكون الفصل المذكور خالصًا للقيسي، بل يجب - بمعاييرك أنت - أن يكون العاني شريكًا فيه! فيقول: لم أقل إن القيسي سرق من العاني!
فالحاصل أن مقال القيسي المنشور بمجلة المجمع العراقي لعام 1990، لم ينشر في الجزء الثاني منسوباً إلى هلال ناجي! والذي نُشر هو فصل كتبه هلال ناجي فعلاً، حتَّى على افتراض أن بعض المقطوعات الواردة منقولة من مقال القيسي، وهذا ما سنناقشه في لاحقًا.
براءة هلال ناجي من سرقة أعمال القيسي بعد موته:
وأما ما صرَّح به الناقد مرارًا من أن هلال ناجي سرق حصَّة صديقه القيسي (بعد وفاة القيسي)، فهذه أيضًا تهمة ظالمة، وهلال ناجي أكبر عند نفسه وعند الناس من أن ينحطَّ إلى هذه الدَّركة!
ولا نحتاج في إثبات ذلك إلى أكثر من قراءة كلام الناقد نفسه! فهو صريح بأن هلال ناجي يستخدم نفس الحيل والأساليب منذ عشرات السنين، وأنه بنى شهرته على أكتاف الآخرين! أي إنه قد سلك في الجزء المنشور في حياة القيسي نفس سلوكه في الجزء المنشور بعد موته!
سرُّ شهرة هلال ناجي!
لا أدري ما الذي جعل الأخ (سعد هلال) يعتقد أن ضعف توزيع المجلات العراقية في الوطن العربي يصلح دليلاً على سرقات هلال ناجي:
لقد أدركتُ الآن سبب شهرة هلال ناجي واحترام الناس له، وتلك السمعة الطيبة من كثرة تحقيقاته، وهو عدم معرفتهم بالمجلات التي كان ينشر فيها، وإذا عرفوها فلا يمتلكونها، وأنت رعاك الله لا تملك مجلة المورد ولا مجلة المجمع العلمي العراقي، فما بالكَ بمجلة (الكتاب) الصادرة ببغداد، وغيرها، لذا فهو يعرف صعوبة الحصول عليها، فبادرَ بنشر كتبه في بيروت والقاهرة وفي السعودية وقطر والمغرب، وإلاَّ فانه معروف في الساحة العراقية جيداً، يعتاشُ على موائد الآخرين. وأنا لا أقول هذا جزافاً معاذ الله وقد تبيَّن لك صدق قولي.
فسبحان الذي أضاق المسالك على هذا الفاضل، فأذهله وأجرى الحقّ على قلمه! وصدق القائل: من زاغ عن الحقّ ضاقت عليه المسالك!
قلَّبتُ هذا الكلام على كل وجه، فلم أعرف: كيف يستفيد هلال ناجي إذا نشر مسروقاته في العالم العربي بعد نشره لها في مجلات عراقية مغمورة؟! والمقالات هي المقالات؟! ولم أعرف: كيف يُعتبر إخراج المقالات من دائرة ضيِّقة إلى دائرة واسعة دليلاً على السرقة؟! مع أن الأمر على العكس! لقد كان الواجب على هلال ناجي - في نظر الناقد المحترم - أن يترك مقالاته في زواياها المظلمة، ولكنَّه ارتكب جريمةً لا تُغتفر، بأن نشرها في الفضاء العربي الفسيح، فنال شهرةً لا يستحقّها، كعضوية المجامع اللغوية مثلاً! وأنا بالطبع لا أعتبر المجلات العراقية مغمورة إلى هذا الحدّ، ولكن هكذا شاء الناقد!
فأنا أؤكّد له وللقرّاء الكرام: أن احتراف السطو لم يرفع يومًا رجلاً إلى مرتبة الرِّيادة! وأن أهل مصر والشام وجزيرة العرب، يعرفون الهجان من الهجين، والضالع من الضليع، والخائن من الأمين! وإذا قرَّر أهل الاختصاص في العالم العربي - باعتراف الناقد - أن هلال ناجي (مشهور ومحترم وذو سمعة طيبة لكثرة تحقيقاته ويعتبر من روَّاد التحقيق في الوطن العربي)، فلا كلام للخصم!
وأما قوله (وأنت رعاك الله لا تملك مجلة المورد ... إلخ)، فهو رجمٌ بالغيب، وصرفٌ للأنظار عن المهمّ! فأنا - بصرف النظر عما أملك ولا أملك من المجلات العراقية - أستطيع أن أعرف أين نُشر المقال في أي مجلة عراقية أو غير عراقية، والفضل للجنود المجهولين من المفهرسين، وإن لزم الأمر فالهاتف والناسوخ! وليس مناط الخلاف بيننا أن المجلة مشهورة أو مغمورة، بل مناط الخلاف أن المقال أصيل أو مسروق!
والمهمّ على أي حال أن الناقد قرَّر بطوعه واختياره، بناء على معرفته بالمجلات العراقية: أن الفصول التي جعلت هلال ناجي مشهورًا في العالم العربي قد نشرها هلال ناجي قبل ذلك باسمه في المجلات العراقية!
أي في حياة القيسي!!
.......................... يتبع إن شاء الله