اللجنة الدائمة
السؤال الأول من الفتوى رقم (19022)
س1: ما الفرق بين من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: القرآن مخلوق؟
ج 1: الفرق بين المقالتين المذكورتين في السؤال: أن من قال: القرآن مخلوق فهو كافر كفرا يخرج عن الملة، يستتاب من جهة ولي الأمر، فإن تاب عن مقالته بعد العلم وإلا قتل، ومن قال بذلك فقد شابه الزنادقة من الحلولية والاتحادية والجهمية والمعتزلة الذين قالوا بخلق القرآن، فالقرآن كلام الله، وهو صفة من صفاته، وهو سبحانه موصوف بصفات الكمال، وصفاته ملازمة لذاته المقدسة،لا يتصور انفصال صفاته عنه، والقول في الصفات كالقول في الذات، وكلام خالق البشر لا يشبه كلام البشر، وقائل هذه المقالة لا شك في كفره، وقد أجمع علماء السلف على تكفيره.
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: من قال القرآن مخلوق فهو عندنا كافر؛ لأن القرآن من علم الله وفيه أسماء الله، فإذا قال الرجل: العلم مخلوق فهو كافر؛ لأنه يزعم أنه لم يكن لله علم حتى خلقه.
وقال سفيان الثوري رحمه الله: من زعم أن قول الله: {يَامُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (1) مخلوق فهو كافر زنديق حلال الدم.
وكذا قال الإمام مالك وابن عيينة ويحيى بن معين وغيرهم بتكفيره.
أما من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو كلام مجمل يحتمل الحق والباطل، فالواجب أن يستفصل منه ويسأل عن قصده، فإن قصد باللفظ الصوت فهو صحيح، أما إن قصد بالملفوظ به وهو القرآن فهو باطل، وهو قول الجهمية والمعتزلة. فالواجب ترك هذا اللفظ المجمل، وأن يعتني المتكلم بالتفصيل، حتى لا يقع فيما وقع فيه أهل البدع.وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
صالح الفوزان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " فتاوي اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية ( 3 / 18 )
العلامة بن باز
القرآن هو كلام الله، البخاري وغيره رحمه الله يقولون: أنه كلام الله منزل غير مخلوق، ولكن إذا قال: لفظي بالقرآن مخلوق، هذا فيه احتمال، فلهذا رأى الأئمة ترك ذلك، وإذا أراد صوته فصوته مخلوق.
أما إذا أراد لفظي يعني: ملفوظي الذي يتكلم به وهو القرآن هذا غلط، ولهذا كره بعض أهل العلم أن يقول هذا الكلام؛ لأنه يوهم.
فإذا قال: صوتي مخلوق، أما القرآن فهو كلام الله وأوضح الأمر فلا حرج، إذا وضح أن مراده صوته، ولهذا كره إطلاق هذه الكلمة بعض أهل العلم: لفظي بالقرآن مخلوق؛ لأنه يوهم، وبعضهم أجاز ذلك على نية الصوت.
أما المتلفظ به وهو القرآن فهو كلام الله منزل غير مخلوق، ولكن المتكلم بهذا يوضح، يقول: صوتي هذا الصوت المسموع هذا صوتي مخلوق، أما الملفوظ والمتكلم به فهو كلام الله، منزل غير مخلوق، كلام الله منزل غير مخلوق، سواء في قلبك، أو تلفظت به، أو كتبته؛ هو كلام الله غير مخلوق. نعم.
المقدم: أحسن الله إليكم سماحة الشيخ. " من موقع الشيخ "
العلامة بن عثيمين
الكلام في هذا الفصل يتعلق بالقرآن فإنه قد سبق أن القرآن كلام الله غير مخلوق، لكن اللفظ بالقرآن هل يصح أن نقول: أنه مخلوق، أو غير مخلوق، أو يجب السكوت؟
فالجواب أن يقال: إن إطلاق القول في هذا نفيا أو إثباتا غير صحيح، وأما عند التفصيل فيقال: إن أريد باللفظ التلفظ الذي هو فعل العبد فهو مخلوق، لأن العبد وفعله مخلوقان، وإن أريد باللفظ الملفوظ به فهو كلام الله غير مخلوق، لأن كلام الله من صفاته، وصفاته غير مخلوقة، ويشير إلى هذا التفصيل قول الإمام أحمد رحمه الله: " من قال لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن فهو جهمي " فقوله: يريد به القرآن يدل على أنه إن أراد به غير القرآن وهو التلفظ الذي هو فعل فليس بجهمي. والله أعلم. " مجموع فتاوي بن عثيمين " ( 4 / 65 )