تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: الفرقة الناجية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الفرقة الناجية

    ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
    ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة- يعني كلها في النار إلا واحدة وهم أتباع موسى- وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة- والمعنى أن كلها في النار إلا واحدة وهم التابعون لعيسى عليه السلام- قال وستفترق هذه الأمة- يعني أمة محمد عليه الصلاة والسلام- على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل: يا رسول الله، من هي الفرقة الناجية؟ قال: الجماعة ) وفي لفظ: ( ما أنا عليه وأصحابي ) رواه ابن ماجة (3992) .
    هذه هي الفرقة الناجية ،
    الذين اجتمعوا على الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم واستقاموا عليه،
    وساروا على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم ونهج أصحابه،
    وهم أهل السنة والجماعة،
    وهم أهل الحديث الشريف السلفيون الذين تابعوا السلف الصالح،
    وساروا على نهجهم في العمل بالقرآن والسنة،
    وكل فرقة تخالفهم فهي متوعدة بالنار.
    فعليك أن تنظر في كل فرقة تدعي أنها فرقة ناجية، فتنظر أعمالها ؟ فإن كانت أعمالها مطابقة للشرع فهي من الفرقة الناجية ، وإلا فلا ،
    والمقصود أن الميزان هو القرآن العظيم والسنة المطهرة في حق كل فرقة، فمن كانت أعمالها وأقوالها تسير على كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم فهذه داخلة في الفرقة الناجية، ومن كانت بخلاف ذلك كالجهمية والمعتزلة والرافضة والمرجئة وغير ذلك. وغالب الصوفية الذين يبتدعون في الدين ما لم يأذن به الله، هؤلاء كلهم داخلون في الفرق التي توعدها الرسول صلى الله عليه وسلم بالنار حتى يتوبوا مما يخالف الشرع.
    وكل فرقة عندها شيء يخالف الشرع المطهر فعليها أن تتوب منه، وترجع إلى الصواب وإلى الحق الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وبهذا تنجو من الوعيد، أما إذا بقيت على البدع التي أحدثتها في الدين ولم تستقم على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنها داخلة في الفرق المتوعدة، وليست كلها كافرة، إنما هي متوعدة بالنار، فقد يكون فيها من هو كافر لفعله شيئا من الكفر، وقد يكون فيها من هو ليس بكافر ولكنه متوعد بالنار، بسبب ابتداعه في الدين، وشرعه في الدين ما لم يأذن به الله سبحانه وتعالى. انتهى
    فتاوى نور على الدرب للشيخ عبد العزيز بن باز (1/15) .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الفرقة الناجية

    طريق النجاة هو التزام ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه،
    هذه الفِرقة هي الناجية من النار، وسائر الفرق كلها في النار،
    ولذلك تسمى الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة هذه هي الفرقة المتميزة عن غيرها باتباع الكتاب والسنة،
    وما عداها فهي فرق ضالة وإن كانت تنتسب إلى هذه الأمة، ومنهجها مخالف لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه،
    وهذا من كمال نصحه صلى الله عليه وسلم ومن كمال بيانه للناس،
    فالطريق واضح والحمد لله اتباع الكتاب والسنة وما عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين إلى آخر القرون المفضلة القرون الثلاثة أو الأربعة،
    كما قال صلى الله عليه وسلم: خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ، قال الراوي: (لا أدري أذكر مع قرنه قرنين أو ثلاثة)
    ثم قال: سيأتي بعدهم قوم يحلفون ولا يستحلفون ويشهدون ولا يُستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون ويظهر فيهم السمن ،
    بعد القرون المفضلة تحصل هذه الأمور، ولكن من صار على منهج القرون المفضلة ولو كان في آخر يوم من الدنيا فإنه ينجو ويسلم من النار،
    والله عز وجل قال: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾،
    فالله جل وعلا ضَمن لمن اتبع المهاجرين والأنصار بهذا الشرط
    (بِإِحْسَانٍ) يعني بإتقان
    لا دعوى أو انتساب من غير تحقيق إما عن جهل أو عن هوى،
    ليس كل من انتسب إلى السلف يكون محقا حتى يكون اتباعه بإحسان هذا شرط شرطه الله عز وجل ،
    والإحسان يعني الاتقان والإتمام وهذا يتطلب من الأتْباع أن يدرسوا منهج السلف وأن يعرفوه ويتمسكوا به،
    أما أن ينتسبوا إليهم وهم لا يعرفون منهجهم ولا مذهبهم فهذا لا يجدي شيئا ولا ينفع شيئا وليسوا من السلف وليسوا سلفيين،
    لأنهم لم يتبعوا السلف بإحسان كما شرط الله عز وجل،..
    منهج السلف الصالح [الاتباع ]بإحسان، لا بالدعوى والتسمِي فقط،
    فكم ممن يدعي السلفية وأنه على منهج السلف وهو على خلاف ذلك، إما لجهله أنه بمنهج السلف وإما لهواه
    يعرف لكن يتبع هواه ولا يتبع منهج السلف، لاسيما وأن من صار على منهج السلف يحتاج إلى
    أمرين [الاول] معرفة منهج السلف، والأمر
    الثاني التمسك به مهما كلفه ذلك
    لأنه سيلقى من المخالفين، سيلقى أذى، يلقى تعنُّتا، يلقى اتهامات يلقى ما يلقى من الألقاب السيئة لكن يصبر على ذلك لأنه مقتنع بما هو عليه
    فلا تهزه الأعاصير
    ولا تغييره الفتن
    فيصبر على ذلك إلى أن يلقى ربه. يتعلم منهج السلف أولا، يتبعه بإحسان،
    يصبر على ما يلقى من الناس،
    ولا يكفي هذا لا بد أن ينشر منهج السلف لا بد أن يدعو إلى الله ويدعو إلى مذهب السلف ويبينه للناس وينشره في الناس هذا هو السلفي حقيقة،
    وأما من يدعي السلفية وهو لا يعرف منهج السلف أو يعرفه ولا يتَّبعه وإنما يتبع ما عليه الناس أو يتبع ما يوافق هواه
    هذا ليس سلفيا وإن تسمى بالسلفية،
    أو لا يصبر على الفتن ويجامل في دينه ويداهن في دينه ويتنازل عن شيء من منهج السلف
    فهذا ليس على منهج السلف،
    فليس العبرة بالدعاوى
    العبرة بالحقيقة
    هذا يستدعي منا الاهتمام لمعرفة منهج السلف ودراسة منهج السلف في العقيدة والأخلاق والعمل في جميع مجالات منهج السلف
    فهو المنهج الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه من اقتدى بهم وسار على منهجهم إلى أن تقوم الساعة
    قال صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي - هؤلاء هم السلف هم السلفيون –
    على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى ،
    فقوله: لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم
    يدل على أنه سيكون من يخالفهم، ويكون من يخذلهم،
    ولكن لا يهمهم ذلك بل يأخذوا طريقهم إلى الله عز وجل ويصبر على ما أصابه،
    كما قال لقمان لابنه وهو يعظه: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ* وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ* وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾،
    هذا منهج السلف هذا سَمْتهم هذه صفتهم
    والله جل وعلا قال:
    ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾،
    (هَذَا صِرَاطِي) نسبه إلى نفسه نسبة تشريف وتكريم له ولمن سار عليه،
    (هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً) يعني معتدلا (فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ
    فدل على أن هناك سبل ولم يحددها سبل كثيرة (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ
    هذه المناهج الفرق المخالفة لمنهج السلف (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾،
    أولا قال: (فَاتَّبِعُوهُ
    ثم قال (وَصَّاكُمْ) تأكيد
    (وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) تتقون الله سبحانه وتتقون الضلالات وتتقون الشبهات وتتقون وتتقون ما يعترضوا طريقكم في سلوككم لهذا الصراط
    دل على أنه سيعترضكم أشياء وانظر كيف وحد سبيله وصراطه وعدد السبل،
    صراط الله واحد لا انقسام فيه ولا تعدد ولا اعوجاج ولا اختلاف
    وأما السُّبل فهي كثيرة لا تُعد،
    كل يبتكر له سبيل طريق يسير عليه كل يبتكر له منهجا يسير عليه هو وأتباعه فهي متعددة السبل (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ)
    فإذا اتبعتم السبل ماذا يحصل؟ (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) تخرجكم عن سبيل الله عز وجل تقعون في التِّيه والضلال والهلاك
    فلا نجاة ولا صلاح ولا فلاح إلا بلزوم الصراط المستقيم الذي هو صراط الله جل وعلا
    ، وما عداه فهو سبل الشياطين على كل سبيل منها شيطان يدعو الناس إليه
    فلنحذر هذا الأمر ولا نغتر بكثرة المخالفين ولا نعبأ بشبهاتهم وتعييرهم وتنقصهم لنا
    ما نلتفت إلى هذا بل نسير إلى الله على بصيرة،
    والله جل وعلا فرض علينا في كل ركعة من صلواتنا أن نقرأ سورة الفاتحة
    وفي آخرها (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)
    الصراط المستقيم الذي هو صراط الله عز وجل، (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً)، (اهْدِنَا الصِّرَاطَ) أي دلنا وأرشدنا وثبتنا على الصراط المستقيم (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، من هم الذين يسيرون عليه (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)، هؤلاء هم رفقاءك على هذا الصراط الذي تسير عليه (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً
    فلا تستوحش وأنت على هذا الصراط،
    لأن صحبك ورفقاءك هم خيار الخلق فلا تستوحش ولو كثرت الطرق كثرت الفرق وكثر المخالفون ما تلتفت إليه،
    لأنك مقتنع بما أنت عليه
    وهو صراط الله عز وجل (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) ، أي غير صراط المغضوب عليهم ولا الضالين،
    المغضوب عليهم هم الذين عندهم علم ولم يعملوا به مثل اليهود عندهم علم ولكنهم لم يعملوا به، والعلم إذا لم يُعمل به صار حجة على صاحبه يوم القيامة.
    والعلم إن كان أقوالا بلا عمل فإن صاحبه بالجهل منغمِرُ
    لا بد من العمل وعلم بلا عمل كشجر بلا ثم، وش الفائدة من شجر بلا ثمر، ولذلك غضب الله عليهم لأنه عندهم علم ولم يعملوا به فاستحقوا غضب الله سبحانه وتعالى ومقته وسخطه عليهم، وإن كانوا يرون أنهم هم الناس وهم أهل التقدم والرقي والحضارة إلى آخر ما يدَّعونه من الرقي فإنهم على ضلالة على غضب من الله سبحانه وتعالى (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) أي غير طريق الضالين وهم الذين يعملون يعبدون الله ويزهدون لكن على غير علم وهدى من الله سبحانه وتعالى فعملهم هباء منثور لا يفيدهم شيئا لأنهم ضالون عن الطريق، ضالون عن الصراط المستقيم فعملهم تعب بلا فائدة ومن هؤلاء النصارى، النصارى عندهم عبادة رهبانية لكنهم على غير علم، فهم ضالون وهم على ضلال على خطأ والعبرة ليست بالجد والاجتهاد من غير إصابة للحق ومن غير طريق الصحيح، الصوفية مثلا عندنا في الاسلام هم على طريق النصارى هم يعبدون ويزهدون ويجتهدون ويعتزلون الناس لكنهم ما عندهم علم ولا يتعلمون يزهدون في العلم يقولون للناس اعملوا أما العلم يشغلكم عن العمل المطلوب منكم العمل، يزهدون الناس في تعلم العلم، ويزهدونهم في الجلوس للعلماء وأخذ العلم من العلماء يقولون هؤلاء مقصرون وهؤلاء وهؤلاء أعاقوكم عن العمل هذه نافذة عندهم،
    النافذة الثانية يقولون العلم ليس بالتعلم العلم يأتيك تلقائيا إذا اجتهدت في العبادة فتح الله عليك،
    ذاك العلم بدون أنك تتعلم هذا ضلال والعياذ بالله،
    فلنحذر من هذا، العلم بالتعلم ما يمكن الحصول على العلم بدون التعلم على أهل العلم وأهل البصيرة
    و تلقي العلم عن العلماء، العلم قبل القول والعمل،
    قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيح البخاري بابٌ: العلم قبل القول والعمل ثم ذكر هذه الآية:
    (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَالْمُؤْمِنَات ِ)، اعلم أنه لا إله إلا الله، تعلم أولا ثم استغفر واعمل بعد ذلك، فلابد من العلم، العلم هو الدليل إلى الله سبحانه وتعالى
    فالله أنزل الكتاب وأرسل الرسول ليدلنا على الطريق الصحيح الذي نسير عليه
    وهو العلم النافع والعمل الصالح، الله جل وعلا قال: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
    الهدى هو العلم الحق،
    ودين الحق هو العمل الصالح،
    فلا بد من جمع الأمرين العلم النافع والعمل الصالح، هذا الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم
    ما جاء بالعلم فقط دون عمل ! ولا جاء بعمل دون علم،
    قرينان متلازمان،
    لابد ان يكون العمل مؤسسا على علمٍ وعلى بصيرة، ولا بد للعالم أن يعمل بعلمه وإلا فالعلم الذي لا يعمل بعلمه والعامل الذي لا يسير على علم كلا منهما هالك، إلا من عنده علم نافع وعمل صالح،
    وهذا هو الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم،
    فهذه هي السلفية الصحيحة
    وهذه سمات السلف الصالح العلم النافع والعمل الصالح،
    هذه سمات السلف الصالح والسلف يعني الذين مضوا (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ
    لما ذكر المهاجرين والأنصار في سورة الحشر قال: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا) اخواننا (الَّذِينَ سَبَقُونَا) بأي شيء (بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ) حقدا وبغضا (لِلَّذِينَ آمَنُوا)، فالذي يبغض السابقين من الصحابة من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان والقرون المفضلة قال الذي يبغضهم هذا قد سخط الله عليه وغضب عليه وعمله هباء منثورا لأنه لم يؤسس على هدى، والعمل إنما يقبل بشرطين:
    الشرط الأول: أن يكون خالصا لوجه الله. الشرط الثاني: أن يكون صوابا على سنة رسول الله.
    (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ
    أسلم وجهه هذا هو الاخلاص البراءة من الشرك وأهله،
    وهو محسن أي متبع للرسول صلى الله عليه وسلم تاركا للبدع والمحدثات، وإنما يعمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم
    (فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ
    فهذا هو منهج السلف وهو مأخوذ من الكتاب والسنة .. الكتاب والسنة هو الذي يعرفك منهج السلف،
    وأيضا ما تأخذ من الكتاب والسنة إلا بواسطة العلماء الراسخين في العلم لا بد من هذا،
    فالذي يريد أن يسير على منهج السلف لا بد أن يلتزم بهذه الضوابط الشرعية،
    وإلا كثير اليوم من يدعون أنهم على منهج السلف وهم على ضلالة وعلى أخطاء كبيرة وينسبونها لمنهج السلف، ..
    يجب أن فرق بين التسمي والحقيقة،
    لأنه فيه من يتسمى من غير حقيقة فهذا ليس سلفيا والسلف برآء منه،
    منهج السلف علم نافع وعمل صالح
    وأخوة في دين الله وتعاون على البر والتقوى
    هذا منهج السلف الصالح الذي من تمسك به نجا من الفتن والشرور وانحاز إلى رضى الله سبحانه وتعالى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ
    قال الإمام مالك رحمه الله: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها
    ما الذي أصلح أولها هو الكتاب والسنة، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بالكتاب والسنة،
    والكتاب والسنة ولله الحمد موجودة لدينا محفوظة بحفظ الله (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
    محفوظة بإذن الله من أرادها بصدق وتعلم تعلما صحيحا وجد هذا،
    وأما من يدعي من غير حقيقة أو يقلد من يدعي السلفية وهو ليس على منهج السلف
    فهذا لا يجزي عليه شيء بل يضره،
    والمشكلة أن هذه ينسب إلى السلف ينسب إلى السلفيين وهذا كذب وافتراء على السلف كذب وافتراء على السلفية هذا تمويه على الناس سواء تعمد هذا أو لم يتعمده إما صاحب هوى وإما جاهل
    والدعاوى إذا لم يقيموا عليها بينات أهلها أدعياء
    فلا بد من يدعي أو ينتسب إلى السلف أن يحقق هذا التسمي والانتساب بأن يتمثل منهج السلف في الاعتقاد وفي القول والعمل والتعامل
    حتى يكون سلفيا حقا ويكون قدوة صالحا يمثل مذهب السلف الصالح،
    فمن أراد هذا المنهج فعليه أن يعرفه،
    أن يتعلمه،
    أن يعمل به في نفسه أولا، أن يدعو إليه، أن يبينه للناس،
    هذا هو طريق النجاة
    وهذا هو طريق الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة
    من كان على مثل ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه،
    وصبر على ذلك وثبت على ذلك ولم ينجرف مع الفتن ولا مع الدعايات المضللة ولم تهزه الأعاصي
    ر بل يثبت على ما هو عليه حتى يلقى الله ربه سبحانه وتعالى،
    [للشيخ صالح الفوزان بتصرف]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: الفرقة الناجية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    والدعاوى إذا لم يقيموا عليها بينات أهلها أدعياء
    فلا بد من يدعي أو ينتسب إلى السلف أن يحقق هذا التسمي والانتساب بأن يتمثل منهج السلف في الاعتقاد وفي القول والعمل والتعامل
    حتى يكون سلفيا حقا ويكون قدوة صالحا يمثل مذهب السلف الصالح،
    نعم
    العبرة ليست في التشدق بأسماء رنانة
    أو التخفي وراء صفات حميدة
    أو رفع لافتة براقة،
    إنما العبرة بحقيقة الأمر في مبناه ومعناه،
    واهم الخصائص المميزة للفرقة الناجية
    الأولوية في دعوة الناس بتعليمهم التوحيد والعقيدة والتمسك بالكتاب والسنة
    الجهر بكلمة الحق وعدم الخشية في الله لومة لائم فالصدع بالحق لا يقدم أجلاً ولا يمنع رزقا.
    و إتباع أثر وطريق السلف الصالح من الصحابة رضوان الله عليهم وتابعيهم وتابعي التابعين وعلماء الأمة الثقات في كل عصر ومصر.
    ******
    أبرز الخصائص للفرقة الناجية هي التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملة هذه الأمور الأربعة تجد الفرقة الناجية بارزة فيها : ففي العقيدة تجدها متمسكة بما دل علبه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , من التوحيد الخالص في ألوهية الله , وربوبيته , وأسمائه وصفاته .
    وفي العبادات تجد هذه الفرقة متميزة في تمسكها التام وتطبيقها لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم , في العبادات في أجناسها , وصفاتها وأقدارها وأزمنتها وأمكنتها وأسبابها , فلا تجد عندهم ابتداعاً في دين الله , بل هم متأدبون غاية الأدب مع الله ورسوله لا يتقدمون بين يدي الله ورسوله في إدخال شيء من العبادات لم يأذن به الله .
    وفي الأخلاق تجدهم كذلك متميزين عن غيرهم بحسن الأخلاق كمحبة الخير للمسلمين , وانشراح الصدر , وطلاقة الوجه , وحسن المنطق والكرم, والشجاعة إلى غير ذلك من مكارم الأخلاق ومحاسنها .
    وفي المعاملات تجدهم يعاملون الناس بالصدق , والبيان اللذين أشار إليهما النبي صلى الله عليه وسلم, في قوله : ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما , وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما ).

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الفرقة الناجية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    إنما العبرة بحقيقة الأمر في مبناه ومعناه،
    واهم الخصائص المميزة للفرقة الناجية
    الأولوية في دعوة الناس بتعليمهم التوحيد والعقيدة والتمسك بالكتاب والسنة
    نعم
    قال الشيخ صالح ال الشيخ
    تميزت الفرقة الناجية من بين الثلاث وسبعين فرقة بوعد النبى صلى الله عليه وسلم لها بأنها ناجية من النار ، وبأنها منصورة من الله ؛
    لأنه صلى الله عليه وسلم – نظر إلى أن الله – جل وعلا – وعد من استمسك بكتابه وبسنة نبيه – عليه الصلاة والسلام – بالهَدْي الأول بأنه سينصره
    كما قال جل وعلا في كتابه العزيز :
    ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾كما جاء في قوله تعالى في آخر سورة الصافات :
    (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ﴾. وجاء أيضا في قوله تعالى :﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ﴾
    ونحو ذلك مما فيه لفظ النصر والنصرة من الله جل وعلا .

    لهذا هذه كلها أسماء لشيء واحد ولمسمى واحد ولطائفة واحدة ،
    فيقال أهل السنة والجماعة ،
    الطائفة المنصورة ،
    الفرقة الناجية
    وهي أسماء متقاربة متحدة الدلالة ،
    بعضها يدل على الآخر كما سبق أن ذكرنا .

    وإذا تبيَّن ذلك فلا شك أن هذه الفئة والطائفة قد وصفت بأنها الجماعة وأنها ملازمة لطريق النبي صلى الله عليه وسلم –
    وطريق صحابته ،
    وأنها على الحق .
    وهذا يدل على أنها لم تُبدِّل في دينها عما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين .

    وهذه السمة
    هي الأصل العظيم في معرفة السمة الكبرى التي تندرج تحتها جميع السمات والصفات والخصائص في أنهم يلازمون طريقة النبي – صلى الله عليه وسلم – وهَدْيه وسنته وهدي الصحابة وطريقتهم .

    ومعلوم أن الإسلام كما قسَّمه طائفة من العلماء
    ينقسم إلى عقيدة وشريعة .
    ويُراد بالعقيدة يُراد بها ما ليس من أمور الفروع ، أي ما ليس من أمور العبادات والمعاملات …، ولكن يراد بها الأمور الغيبية ، أي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله . . وما يُعتقَد بالقلب ولا يدخله العمل من جهة لفظه .
    وأما الشريعة فيُقصَد بها أنواع العبادات والمعاملات والسلوك إلى آخره .
    وإن كان يمكن أن يُقصًد بالشريعة العقيدة في بعض الاستعمالات .

    ولا شك أن الصحابة رضوان الله عليهم قد أجمعوا على مسائل العقيدة والشريعة
    . ولكنهم اختلفوا في بعض المسائل الفقهية فعذر بعضهم بعضًا فيها ،
    ولم يَعب بعضهم على بعض ؛ لأن في الدليل ما يدل على كل قول من الأقوال . وللمجتهد أجران إن أصاب ، وله أجر إن أخطأ .

    وأما مسائل العقيدة فإنهم لم يختلفوا فيها
    ، وكذلك أجمعوا على طائفة من مسائل الشريعة ، سواء في مسائل ما يجب أو فيما يحرم ،
    فأجمعوا في الواجبات على شيء وأجمعوا في المحرمات على شيء :
    ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾

    لهذا وجب على كل مسلم يريد سلامته ونجاته وخصوصا طلاب العلم الذين ائتمنهم الله جل وعلا لحرصهم على العلم على أن يأخذوا العلم من مصدره وعلى ألا يفرقوا دين الله جل وعلا –
    وجب عليهم جميعًا أن يهتموا بأمور العقيدة وأمور الجماعة أعظم اهتمام ؛
    لأنها السمة العظيمة لهذه الفئة والفرقة الناجية الطائفة المنصورة .

    وإذا نظرنا إلى هذه السمات والخصائص التي ستأتي فإننا سنجد أنها
    منقسمة إلى عدة أقسام ،
    منها :

    القسم الأول : ما يتصل بالأصل الأصيل الذي هو منهج التلقي ومعرفة الأدلة التي يستدل بها المستدل فيما يريده من مسائل .
    والقسم الثاني : فيما يتصل بقواعدهم في العقيدة التي بها تميزوا عن فِرَق الضلال ، من الخوارج والمرجئة والمعتزلة ، وأشباه هذه الفرق التي خالفت طريقة الصحابة رضوان الله عليهم .
    والقسم الثالث : ما يتعلق بمنهج التعامل مع أصناف الخلق ومسائل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعامل مع أصناف المسلمين من طائعين ومبتدعة وعصاة . . إلى غير ذلك .
    القسم الأول : منهج التلقي ومعرفة الأدلة التي يستدل بها في المسائل :
    فإن أهل السنة والجماعة ، والطائفة المنصورة التي هي على الحق ساروا وَفْق ما أمر الله – جل وعلا – في معرفة ما يُستدَل به ؛ لأن الإنسان المسلم إذا أراد أن يبرهن على قضية فلا يجوز له أن يبرهن عليها بأي برهان يأتي على ذهنه ، بل يجب أن يكون له منهج في الاستدلال وفي التلقي ، وأن يكون له ضابط يضبطه في كيفية الاستدلال .
    ولهذا عندما أراد أهل البدع الاستدلال ببعض الأدلة دون بعض خابوا وخسروا . فالخوارج مثلاً أخذوا ببعض أدلة القرآن دون بعض ، وأخذوا ببعض السنة دون بعض . كذلك المرجئة أخذوا ببعض الأدلة دون بعض ، وهكذا أهل الاعتزال أخذوا ببعضٍ دون بعض ، سلَّطوا العقل على الأدلة ، فجعلوا الدليل تابعًا للعقل ، أو استدلوا بالعقل المجرد وجعلوه هو الحق ، وجعلوا الدليل إذا خالف العقل غير صالح للاستدلال به ؛ لأن العقل عندهم قطعي ، وأما الأدلة ولو كانت من الكتاب والسنة وعمل السلف أو أقوالهم فإنها مظنونة كما يزعمون .
    ولهذا قال بعضهم إن العقل هو القاضي المصدَّق ، وإن الشرع هو الشاهد المعدَّل . فجعلوا مرتبة العقل القضاء والقاضي الذي يفصل ، وجعلوا الشرع شاهدًا . وهذا من أعظم السمات التي يتسم بها من لم يأخذ بطريقة الصحابة رضوان الله عليهم .
    لهذا كان الكتاب والسنة والإجماع مصدر التلقي في معرفته تعالى ، في المسائل كلها ، في مسائل الغيب والإيمان والقضاء والقدر ، بل في التوحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات وما سيأتي من مباحث . ولا بد من معرفة كيف نستدل؟ وبم نستدل؟
    فأدلة أهل السنة والجماعة على مسائلهم في الأمور التي تميزوا بها عن غيرهم واتفقوا عليها هي الكتاب والسنة والإجماع . وأما العقل فإنهم يجعلونه تابعًا للنقل ، فإن الشرع دلَّ على العقل ليُفهم به النص ، لا أن يكون العقل معارِضًا لما دل عليه الدليل ؛ لأن العقل اجتهاد فرد ، أما الدليل فهو وحي من الله جل وعلا .
    وإذا قال قائل العقل فإنما هو قول لا حقيقة واحدة له ؛ لأنه إذا قيل : إن العقل يدل على كذا . فعقل من؟ هل هو عقل واحد أو عقل اثنين أو عقل عشرة أو عقل مائة؟ إلى آخره فالعقول تختلف والمدارك تختلف ؛ ولهذا وجدنا من يقولون ويزعمون أنهم أصحاب العقول الكبيرة تغيرت أفكارهم ومذاهبهم في بعض المسائل العظيمة لما كبروا في السن وتغيرت عقولهم ومداركهم ، ورأوا أنهم لم يدركوا الأمر على حقيقته . وذلك لأن عقل الإنسان ينمو مع الزمن ، فعقله وهو ابن ثلاثين يختلف عن عقله وهو ابن أربعين ، ويختلف عن عقله وإدراكه وهو ابن خمسين وهو ابن ستين .
    فإذا كلمة العقل هذه ليس لها دلالة واحدة يُرجع إليها ، لا من جهة الأشخاص بأن يُقال عقل الناس يدل على كذا . وكذلك جهة عقل إنسان معين نفسه فإنه يختلف ما بين فترة وأخرى ، فالعقل يختلف باختلاف السن ، باختلاف المعلومات ، باختلاف أنواع الإدراكات ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾[يوسف : 76] . ولهذا كان العقل في الشرع مُقدَّرًا ولكنه تابع للشرع ؛ لأنه لا يمكن أن يستقل بالإدراك ، بل لا بد أن يكون تابعًا للمصدر الحق .
    فإذًا منهج التلقي عند أهل السنة والجماعة منحصر في الكتاب والسنة والإجماع . والمقصود بالكتاب القرآن الذي يشمل جميع الأحرف السبعة التي أنزلها الله جل وعلا . فتارة يُستدل بقراءة حفظ عن عاصم وتارة يستدل بقراءة أخرى . وقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – بالتواتر برواية أكثر من عشرين صحابيا أنه قال : « إِنَّ القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ، فَاقْرَءُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ »([5]) .
    والقرآن حجة لأنه من الله جل وعلا ؛ لهذا قال الله جل وعلا : ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾[المائدة : 49] . ويكون الحكم في المسائل العلمية والعملية . كما قال جل وعلا : ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ [الأنعام : 115] ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾ أي الشريعة ﴿صِدْقًا﴾ أي فيما أخبر الله – جل وعلا – به في أمور الغيب ﴿وَعَدْلاً﴾ فيما أمر به ونَهَى عنه من أوامر ونواهٍ . وفي قراءة أخرى ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَاتُ رَبِّكَ﴾([6]) .
    وقد أمرنا الله – جل وعلا – باتباع سنة نبيه – عليه الصلاة والسلام – وتحكيمها فيما بيننا فقال جل وعلا : ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ [الحشر : 7] والحظ قوله تعالى في الجملة الأولى ﴿وَمَا آتَاكُمُ﴾ حتى لا يكون ما آتانا النبي – صلى الله عليه وسلم – مُنحصرًا في الأحكام العملية فقط ، بل قال تعالى : ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ أي كل ما آتانا الرسول – صلى الله عليه وسلم – بما يشمل العقائد وأمور الغيب وما يشمل المسائل العملية .
    وأما النهي فهو راجع إلى العمل لا إلى الأخبار ، لأن الأخبار لا مجال فيها للنهي ، بل ما أوتينا منها فإننا نصدقه كما أنزله الله جل وعلا ، وكما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم . وقد صح عنه – عليه الصلاة والسلام – أنه قال : « أَلاَ إِنِّي أُتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ »([7]) .
    وقد أمر الله – جل وعلا – بطاعة نبيه – عليه الصلاة والسلام – في أكثر من ثلاثين موضعًا كما هو معلوم ، وطاعته في الأوامر والنواهي بامتثال الأمر واجتناب النهي ، والاستغفار عن التقصير وطاعته أيضا تشمل طاعته في الأخبار بتصديقها .
    لهذا من المهم أن يكون الاستدلال في مسائل الاعتقاد ، في المسائل الغيبية ، في مسائل المنهج ، في المسائل التي يختلف فيها الناس فيما بين الفِرْق التي انقسمت يكون – يجب أن يكون الاستدلال بكتاب الله – جل وعلا – وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم بالإجماع ؛ لأن الإجماع حجة .
    وقد ذكر الشافعي – رحمه الله تعالى – أنه لما سئل من أين أتيت بأن الإجماع حجة؟ قال فقرأت القرآن ، أريد دليلاً على أن الإجماع حجة ، حتى بلغت قوله تعالى في سورة النساء ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء : 115] ، و﴿غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ﴾ أي غير ما أجمع عليه المؤمنون ، ومن يفعل ذلك يتوعده الله – جل وعلا – بأن يوليه ما تولى ويصليه جهنم وساءت مصيرًا ؛ وذلك لأن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة كما جاء في الحديث الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ أُمَّتِى لاَ تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلاَلَةِ فَإِذَا رَأَيْتُمُ اخْتِلاَفًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ »([8]) .
    فإذًا منهج الاستدلال – وتحت هذه الجملة تفصيلات – يكون بالقرآن ويشمل ذلك جميع الأحرف السبعة والموجود منها الآن القراءات العشرة أو الأربعة عشر ، وهي تدخل أو هي بمجموعها بعض الأحرف السبعة بمجموعها . ولا صلة بين الأحرف السبعة والقراءات السبعة ، القراءات السبعة اصطلاح اصطلحه أبو بكر بن مجاهد في كتابه “السبعة في القراءات” اختار من قُرَّاء المسلمين الذين نقلوا القرآن سبعة قراء وجعلهم في كتابه . وهذا شيء ليس مساويًا للأحرف السبعة وإن اشتركوا في أن هذه سبعة وهذه سبعة .
    أما السُّنَّة فيُستدل عند أهل السنة والجماعة بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ولهذا يعتني أهل السنة والجماعة بما صحَّ من السنة ، وبما لم يصح منها . ولكن لا يُستدل بما لم يصح في مسائل الاعتقاد وفي المسائل العظمى ؛ ولهذا يقول ابن تيمية – رحمه الله – في معرض كلام له : “أهل الحديث لا يستدلون بحديث ضعيف في نقض أصل عظيم من أصول الشريعة ، بل إما في تأييده ، أو في فرع من الفروع”([9]) .
    وذلك لأن السنة الصحيحة حجة فإذا ثبت الحديث بأن كان حديثًا صحيحًا أو كان حديثًا حسنًا ، إما أن يكون حسنًا لذاته أو أن يكون حسنًا لغيره لتقوية الشواهد له ، ولم يكن فيه نكارة ولا شذوذ ، فإنه يحتج به وهذا من التلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    أما الإجماع فإنه إذا نقله جَمْع من العلماء وقالوا : أجمع العلماء على كذا فإنه يُقبل . وأما إذا قال أحد العلماء : أجمع العلماء على كذا ، فإنه قد يكون له اصطلاح في الإجماع كما كان لابن المنذر – رحمه الله تعالى – اصطلاح في الإجماع ، وكما كان لغيره اصطلاح في كلمة أجمع ، وكذلك : اتفقوا على كذا .
    فإذا نقل أكثر من عالم هذا الإجماع ولم يُتَعقَّب فإن هذا يدل على صحته ، وكذلك ما اشتهر من الإجماعات حتى غَدَا معروفًا عند أهل السنة والجماعة بحيث لا يُحتاج فيه إلى إثبات نقل عليه ، مثل تقديم أبي بكر – رضي الله عنه – في الخلافة لتقدُّمه في الفضل ، وكذلك تقديم عمر بعده لتقدُّمه في الفضل ، وكذلك تقديم عثمان بعده على من عداه من الصحابة لتقدمه في الفضل ، وهكذا علي رضي الله عنه ، فإننا نعلم أن الصحابة أجمعوا واتفقوا على هؤلاء الأربعة على ما صاروا إليه بنقل جماهير المسلمين ، بحيث كان فائضًا ومستفيضا ومن المعلوم .
    إذًا نلحظ أنه ليس في منهج الاستدلال عند أهل السنة والجماعة والطائفة المنصورة تقديم للعقل كما هو الأمر عند المعتزلة ، وليس فيه الأخذ ببعض الكتاب دون بعض كما عند الخوارج والمرجئة وفئات أخرى ، وليس فيه تقديم أو الاحتجاج بالمنامات أو بما يسمونه الفيوضات ، كما عند الصوفية وبعض الناس الذي يرون أنه صاروا متعبدين بالمنامات التي ظنوها وحيًا وربما خالفت الشرع .
    ولهذا يُحكى عن أحد العلماء وأظنه عبد القادر الجيلاني وكان سُنِّيا وإن خالف مَن بعده فعظَّموه حتى خرجوا عن طريقة السلف . قال : جاءني الشيطان في المنام فقال : أنا ربك ، وقد أسقطت عنك الصلوات فقال : قلت اخسأ فأنت الشيطان أعوذ بالله منك . قال : فساح ولم أره . وذلك لأن الشريعة لم تُسقط الصلوات عن أحد من عباد الله . فهذا عالم لا يمكن أن يأخذ بكلام أحد يأتيه في المنام ويجعله مقدَّمًا على ما جاء في النصوص وما أوجب الله عليه .
    وقد ضل بهذا الطريق طوائف من الناس فرأوا أن الصلوات والعبادات ربما سقطت عنهم ، وأنهم وصلوا إلى حالة من الإيمان والقوة بحيث إنه إذا عاشر منكرًا أو أنه إذا ترك واجبًا فإن ذلك لن يضره في إيمانه ، ومن هنا أسقطوا عن أنفسهم التكاليف .
    فإذًا الاستدلال بالمنامات ، والاستدلال بأن يقول الشخص : جاءني ما جاءني بالفيوضات ، ورأيت كذا ، كل هذا ليس من منهج أهل السنة والجماعة ولا من طريقة الفرقة الناجية ، بل هو من طرق أهل الضلال .
    فلا يُقدَّم العقل ولا تقدم المنامات ولا الفيوضات ونحو ذلك مما يستدل به من يستدل ممن خالف طريقة الصحابة رضوان الله عليهم . وفي كل هذه المسائل تفصيلات لكن ذكرناها باختصار وإجمال من أجل استيعاب الموضوع .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الفرقة الناجية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    مكانة أهل السنة والجماعة بين فرق الأمة
    بل هم الوسط في فرق الأمة‏.‏ كما أن الأمة هي الوسط في الأمم‏.‏ فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية وغيرهم وفي باب وعيد الله بين المرجئة والعيدية من القدرية وغيرهم‏.‏ وفي باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية، وفي باب أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين الرافضة والخوارج‏.‏

    الشرح‏:‏
    لما بين الشيخ ـ رحمه الله ـ موقف أهل السنة والجماعة من النصوص الواردة في الكتاب والسنة في صفات الله تعالى، أراد أن يبين مكانتهم بين فرق الأمة حتى يعرف قدرهم وفضلهم بمقارنتهم بغيرهم‏.‏
    فإن الضد يظهر حسنه الضد ** وبضدها تتبين الأشياء
    قال ـ رحمه الله ـ‏:‏ ‏(‏بل هم الوسط في فرق الأمة‏)‏ قال في المصباح المنير‏:‏ الوسط بالتحريك‏:‏ المعتدل والمراد بالوسط هنا العدل الخيار‏.‏ قال تعالى في الآية ‏(‏143‏)‏ من سورة البقرة‏:‏ ‏{‏وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ‏}‏‏.‏
    فأهل السنة وسط بمعنى أنهم عدول خيار‏.‏ وبمعنى أنهم متوسطون بين فريقي الإفراط والتفريط، فهم وسط بين الفرق المنتسبة للإسلام، كما أن الأمة الإسلامية وسط بين الأمم‏.‏ فهذه الأمة وسط بين الأمم التي تميل إلى الغلو والإفراط والأمم التي تميل إلى التفريط والتساهل‏.‏ وأهل السنة والجماعة من هذه الأمة وسط بين فرق الأمة المبتدعة التي انحرفت عن الصراط المستقيم فغلا بعضها وتطرف، وتساهل بعضها وانحرف‏.‏
    ثم بين الشيخ ـ رحمه الله ـ تفصيل ذلك فقال‏:‏ ‏(‏فهم‏)‏ أي‏:‏ أهل السنة والجماعة

    أولًا‏:‏
    (‏وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية، وأهل التمثيل‏)‏ فالجهمية ‏(‏نسبة إلى الجهم بن صفوان الترمذي‏)‏ هؤلاء غلوا وأفرطوا في التنزيه حتى نفوا أسماء الله وصفاته حذرًا من التشبيه بزعمهم، وبذلك سموا معطلة‏.‏ لأنهم عطلوا الله من أسمائه وصفاته‏.‏
    ‏(‏وأهل التمثيل المشبهة‏)‏ سموا بذلك لأنهم غلوا وأفرطوا في إثبات الصفات حتى شبهوا الله بخلقه ومثلوا صفاته بصفاتهم ‏(‏تعالى الله عما يقولون‏)‏‏.‏ وأهل السنة توسطوا بين الطرفين فأثبتوا صفات الله على الوجه اللائق بجلاله من غير تشبيه ولا تمثيل، فلم يغلوا في التنزيه ولم يغلوا في الإثبات‏.‏ بل نزهوا الله بلا تعطيل وأثبتوا له الأسماء والصفات بلا تمثيل‏.‏

    ثانيًا‏:‏
    وأهل السنة والجماعة
    ‏(‏وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية‏)‏ فالجبرية‏:‏ ‏(‏نسبة إلى الجبر لأنهم يقولون إن العبد مجبور على فعله‏)‏ فهم غلوا في إثبات أفعال الله حتى نفوا أفعال العباد، وزعموا أنهم لا يفعلون شيئًا وإنما الله هو الفاعل والعبد مجبور على فعله فحركاته وأفعاله كلها اضطرارية كحركات المرتعش، وإضافة الفعل إلى العبد مجاز‏.‏
    ‏(‏والقدرية‏)‏ نسبة إلى القدر غلوا في إثبات أفعال العباد فقالوا‏:‏ إن العبد يخلق فعل نفسه بدون مشيئة الله وإرادته، فأفعال العباد لا تدخل تحت مشيئة الله وإرادته، فالله لم يقدرها ولم يردها وإنما فعلوها هم استقلالًا‏.‏ وأهل السنة توسطوا، وقالوا‏:‏ للعبد اختيار ومشيئة وفعل يصدر منه ولكنه لا يفعل شيئًا بدون إرادة الله ومشيئته وتقديره‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ‏}‏ الآية ‏(‏96‏)‏ من سورة الصافات‏.‏ فأثبت للعباد عملًا هو من خلق الله تعالى وتقديره‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ‏} ‏ الآية ‏(‏29‏)‏ من سورة التكوير فأثبت للعباد تأتي بع مشيئة الله تعالى‏.‏ وسيأتي لهذا مزيد إيضًاح إن شاء الله تعالى في مبحث القدر‏.‏
    ثالثًا‏:‏
    وأهل السنة والجماعة وسط
    ‏(‏في باب وعيد الله‏)‏‏.‏ الوعيد‏:‏ التخويف والتهديد، والمراد هنا النصوص التي فيه توعد للعصاة بالعذاب والنكال‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم‏)‏ المرجئة‏:‏ نسبة إلى الإرجاء وهو التأخير‏.‏ سموا بذلك لأنهم أخروا الأعمال عن مسمى الإيمان حيث زعموا أن مرتكب الكبيرة غير فاسق‏.‏ وقالوا‏:‏ لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة فعندهم أن مرتكب الكبيرة كامل الإيمان غير معرض للوعيد، فهم تساهلوا في الحكم على العاصي وأفرطوا في التساهل حتى زعموا أن المعاصي لا تنقص الإيمان ولا يحكم على مرتكب الكبيرة بالفسق‏.‏
    وأما الوعيدية‏:‏ فهم الذين قالوا بإنفاذ الوعيد على العاصي، وشددوا في ذلك حتى قالوا‏:‏ إن مرتكب الكبيرة إذا مات ولم يتب فهو مخلد في النار‏.‏ وحكموا بخروجه من الإيمان في الدنيا‏.‏
    وأهل السنة والجماعة توسطوا بين الطرفين فقالوا‏:‏ إن مرتكب الكبيرة آثم ومعرض للوعيد وناقص الإيمان ويحكم عليه بالفسق ‏(‏لا كما تقول المرجئة إنه كامل الإيمان وغير معرض للوعيد‏)‏ ولكنه لا يخرج من الإيمان ولا يخلد في النار إن دخلها‏.‏ فهو تحت مشيئة الله‏:‏ إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه بقدر معصيته، ثم يخرج من النار ويدخل الجنة ‏(‏لا كما تقوله الوعيدية بخروجه من الإيمان وتخليده في النار‏)‏ فالمرجئة أخذوا بنصوص الوعد‏.‏ والوعيدية أخذوا بنصوص الوعيد‏.‏ وأهل السنة والجماعة جمعوا بينهما‏.‏
    رابعًا‏:‏
    وأهل السنة والجماعة وسط ‏
    (‏في باب أسماء الإيمان والدين‏)‏ أي‏:‏ الحكم على الإنسان بالكفر أو الإسلام أو الفسق وفي جزاء العصاة في الدنيا والآخرة‏.‏ ‏(‏بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية‏)‏ الحرورية‏:‏ هم الخوارج سموا بذلك نسبة إلى حرورى‏:‏ قرية بالعراق اجتمعوا فيها حين خرجوا على علي ـ رضي الله عنه ـ‏.‏ والمتعزلة‏:‏ هم أتباع واصل بن عطاء الذي اعتزل مجلس الحسن البصري وانحاز إليه أتباعه بسبب خلاف وقع بينهما في حكم مرتكب الكبيرة من المسلمين، فقال الحسن ـ رحمه الله ـ عن واصل هذا‏:‏ إنه قد اعتزلنا، فسموا معتزلة‏.‏
    فمذهب الخوارج والمعتزلة في حكم مرتكب الكبيرة من المسلمين مذهب متشدد حيث حكموا عليه بالخروج من الإسلام‏.‏ ثم قال المعتزلة‏:‏ إنه ليس بمسلم ولا كافر بل هو بالمنزلة بين المنزلتين‏.‏ وقال الخوارج‏:‏ إنه كافر‏.‏ واتفقوا على أنه إذا مات على تلك الحال أنه خالد مخلد في النار‏.‏ وقابلتهم المرجئة والجهمية فتساهلوا في حكم مرتكب الكبيرة وأفرطوا في التساهل معه فقالوا‏:‏ لا يضر مع الإيمان معصية لأن الإيمان عندهم هو تصديق القلب فقط أو مع نطق اللسان على خلاف بينهم، ولا تدخل فيه الأعمال فلا يزيد بالطاعة ولا ينقص بالمعصية‏.‏ فالمعاصي لا تنقص الإيمان ولا يستحق صاحبها النار إذا لم يستحلها‏.‏
    وأهل السنة والجماعة توسطوا بين الفرقتين فقالوا‏:‏ إن العاصي لا يخرج من الإيمان لمجرد المعصية‏.‏ وهو تحت المشيئة إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عذبه في النار، لكنه لا يخلد فيها كما تقول الخوارج والمعتزلة‏.‏ والمعاصي تنقص الإيمان ويستحق صاحبها دخول النار إلا أن يعفوا الله عنه‏.‏ ومرتكب الكبيرة يكون فاسقًا ناقص الإيمان، لا كما تقول المرجئة إنه كامل الإيمان والله تعالى أعلم‏.‏
    خامسًا‏:‏
    وأهل السنة والجماعة وسط في حق
    ‏(‏أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين الرافضة والخوارج‏)‏‏:‏ الصحابي‏:‏ هول من لقي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مؤمنًا به ومات على ذلك‏.‏ والرافضة‏:‏ اسم مأخوذ من الرفض وهو الترك‏.‏ سموا بذلك لأنهم قالوا لزيد بين علي بن الحسين‏:‏ تبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر، فأبى وقال‏:‏ معاذ الله‏.‏ فرفضوه فسموا رافضة‏.‏
    ومذهبهم في صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنهم غلوا في علي ـ رضي الله عنه ـ وأهل البيت وفضلوهم على غيرهم، ونصبوا العداوة لبقية الصحابة خصوصًا الخلفاء الثلاثة أبا بكر وعمر وعثمان ـ رضي الله عنهم ـ وسبوهم ولعنوهم، وربما كفروهم أو كفروا بعضهم‏.‏ وقابلهم الخوارج فكفروا عليا ـ رضي الله عنه ـ وكفروا معه كثيرًا من الصحابة وقاتلوهم واستحلوا دماءهم وأموالهم‏.‏
    وأهل السنة والجماعة خالفوا الجميع فوالوا جميع الصحابة ولم يغلوا في أحد منهم واعترفوا بفضل جميع الصحابة وأنهم أفضل هذه الأمة بعد نبيها‏.‏
    المصدر: العقيدة الواسطية شرح الشيخ .صالح الفوزان
    نعم
    https://majles.alukah.net/t189328/

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •