
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس
والحاصل :
أن جفاف بحر الجليل المسمى بـ ( بحيرة طبرية ) ليس علامة على ظهور المهدي، وإنما يكون بعد انقضاء زمن المهدي، ويكون بفعل يأجوج ومأجوج.
المسألة فيها خلاف وأنقل القول الاخر الذى أعتقد ترجيحه
من علامات خروج المسيح الدجال
توقُّف نخيل بيسان عن الإثمار، وجفاف بحيرة طبرية، واستمرار تدفُّق عين زغر، واستمرار زرعها، وظهور النبي صلى الله عليه وسلم على الكفار،
وهذه العلامات كلها جاءت في سياق واحد، في قصة تميم الداري رضي الله عنه في صحيح مسلم،
وفيها:
(فقال يعني: المسيح الدجال): أخبروني عن نخل بيسان، قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها، هل يُثمِر؟ قلنا له: نَعَم، قال: أما إنه يُوشِكُ ألَّا تُثمِر، قال: أخبروني عن بحيرة الطبريَّة، قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟
قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء،
قال: أما إن ماءها يُوشِك أن يذهب،
قال: أخبروني عن عين زُغَر، قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم، هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها، قال: أخبروني عن نبي الأُميِّين ما فعل؟ قالوا: قد خرج من مكة ونزل يثرب، قال: أقاتلَه العرب؟ قلنا: نعم، قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه، قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم، قال: أما إن ذاك خيرٌ لهم أن يُطيعوه، وإني مخبرُكم عني، إني أنا المسيح، رواه مسلم في صحيحه برقم (2942) ، فهو حديث صحيح ، رواه أهل العلم في كتبهم ، من طريقين عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها ، وقال الترمذي رحمه الله "الجامع الصحيح" (2253) : " هذا حديث صحيح غريب " انتهى . وقال ابن عبد البر "الاستذكار" (7/338) : " ثابت صحيح من جهة الإسناد والنقل " انتهى
****************يقول الحافظ ابن حجر: "وقد توهم بعضهم أنه غريب - يقصد حديث الجساسة - فرده، وليس كذلك؛ فقد رواه مع فاطمة بنت قيس أبو هريرة وعائشة وجابر، أما أبو هريرة فأخرجه أحمد من رواية عامر الشعبي عن المحرز بن أبي هريرة عن أبيه بطوله... وأما حديث عائشة فهو في الرواية المذكورة عن الشعبي قال: "ثم لقيت القاسم بن محمد، فقال: أشهد على عائشة حدثتني بما حدثتك فاطمة بنت قيس"، وأما حديث جابر فأخرجه أبو يعلى الموصلي بسنده قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا الوليد بن جميع عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم على المنبر، فقال:... " وذكر الحديث.
وبالإضافة الى ذلك فقد ذكر أهل العلم حديث الجساسة في كتبهم، بل وحكموا عليه بالصحة، ومن ذلك ما يلي:
قال ابن الأثير في "أسد الغابة" عن تميم بن أوس: "حدث عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث الجساسة، وهو حديث صحيح
وقال ابن عبد البر في الاستذكار: "ثابت صحيح من جهة الإسناد والنقل"
ونخلص مما سبق إلى أن حديث الجساسة صحيح لا مطعن فيه ولا مغمز؛ فقد رواه غير الشعبي عن فاطمة بنت قيس - أبو سلمة ويحيى بن يعمر، كما رواه غير فاطمة بنت قيس أبو هريرة وعائشة وجابر رضي الله عنهم، والحديث أخرجه مسلم، وأحمد، وأبو يعلى وأصحاب السنن.
ثانيا. توثيق علماء الحديث للشعبي والثناء عليه:
لقد اتفق جل العلماء - من المحدثين والفقهاء - على توثيق الإمام الشعبي والثناء عليه:
فقد أورد ابن سعد في طبقاته: "عن مكحول قال: ما رأيت أحدا أعلم بسنة ماضية من الشعبي
وذكره أبو نعيم الأصفهاني في "الحلية" فقال:
"حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا منجاب بن الحارث، حدثنا علي بن مسهر عن أشعب بن سوار، عن ابن سيرين، قال: قدمت الكوفة وللشعبي حلقة عظيمة، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ كثير...
وعن عاصم بن سليمان، قال: ما رأيت أحدا أعلم بحديث أهل الكوفة والبصرة والحجاز والآفاق من الشعبي"
وقال الخطيب البغدادي في تاريخه: قال ابن عينية: "علماء الناس ثلاثة: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والثوري في زمانه".
وقد قال الحافظ المزي في تهذيبه: "قال أشعث بن سوار: نعى لنا الحسن الشعبي، فقال: كان والله كبير العلم، عظيم الحلم، قديم السلم، من الإسلام بمكان...
وقال سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول: ما رأيت أفقه من الشعبي.
وقال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين، وأبو زرعة، وغير واحد: الشعبي ثقة.
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: إذا حدث الشعبي عن رجل فسماه، فهو ثقة يحتج بحديثه.
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: سمع من ثمانية وأربعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم... ومرسل الشعبي صحيح، لا يكاد يرسل إلا صحيحا".
وذكره الذهبي في (السير) فقال: الشعبي: عامر بن شراحبيل بن عبد بن ذي كبار؛ قيل من أقيال اليمن، الإمام، علامة العصر.
وقال عنه أيضا: سمع من عدة من كبراء الصحابة، وحدث عن سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وأبي موسى الأشعري، وعدي بن حاتم، وأسامة بن زيد، وأبي مسعود البدري، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وعائشة، وجابر بن سمرة، وابن عمر..." ذكر منهم خمسين، ومنهم فاطمة بنت قيس التي روت حديث الجساسة.
"قال علي بن القاسم عن أبي بكر الهذلي قال لي ابن سيرين: الزم الشعبي، فلقد رأيته يستفتى وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون...
وذكر ابن فضيل، عن ابن شبرمة: سمعت الشعبي يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء إلي يومي هذا، ولا حدثني رجل بحديث قط إلا حفظته، ولا أحببت أن يعيده علي... وقال ابن عيينة، عن داود بن أبي هند، قال: ما جالست أحدا أعلم من الشعبي...
وقال أبو عاصم، عن ابن عون قال: كان الشعبي إذا جاءه شيء اتقاه"، وهذا يدل على مدى تحريه ودقته البالغة.
وقد ساق الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" نقولا كثيرة للعلماء في توثيق الشعبي، منها قول أبي إسحاق الحبال: كان واحد زمانه في فنون العلم.
وعليه فقد تأكد لنا بعد سوق كل هذه الأقوال لأهل العلم والحديث في بيان علم الشعبي ومكانته المرموقة في مجال الرواية وغيرها من فنون العلم المتعددة - بطلان ما يدعيه هؤلاء المغرضون في شأنه.
ثالثا. مكانة تميم الداري - رضي الله عنه - الدينية بين الصحابة:
لقد شهد بفضل تميم الداري - رضي الله عنه - وصلاحه وتقواه الصحابة ومن جاء بعدهم:
فقد ذكر ابن سعد في طبقاته، قال: "أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: أخبرنا عاصم الأحول، قال: حدثنا محمد بن سيرين قال: كان تميم الداري يقرأ القرآن في ركعة".
وقال أيضا: "أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا خالج الحزاء، عن أبي قلابة، قال: كان تميم الداري يختم القرآن في سبع ليال".
وذكر الحافظ المزي في "تهذيب الكمال": "روى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث الجساسة، وهي منقبة شريفة جدا، ويدخل ذلك في رواية الأكابر عن الأصاغر".
قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" في ترجمة تميم رضي الله عنه: "مشهور في الصحابة، كان نصرانيا وقدم المدينة فأسلم، وذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - قصة الجساسة والدجال، فحدث النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه بذلك، وعد ذلك من مناقبه".
ثم نقل عن أبي نعيم أنه قال: كان راهب أهل فلسطين، وعابد أهل فلسطين، وهو أول من أسرج السراج في المسجد... وكان كثير التهجد بالليل، قام ليلة بآية حتى أصبح، وهي قوله تعالى: )أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم( (الجاثية: ٢١).
ومن مناقبه ما ذكره في "الإصابة" أيضا قال: "أخرج البغوي من طريق الجريري، عن أبي العلاء، عن معاوية بن حرمل: قدمت على عمر فقلت: يا أمير المؤمنين، تائب من قبل أن يقدر علي، فقال: من أنت؟ فقلت: معاوية بن حرمل، ختن مسيلمة - أي صهره - قال: اذهب فانزل على خير أهل المدينة، قال: فنزلت على تميم الداري، فبينا نحن نتحدث إذ خرجت نار بالحرة، فجاء عمر إلى تميم فقال: يا تميم اخرج، فقال: وما أنا؟ وما تخشى أن يبلغ من أمري؟ فصغر نفسه، ثم قام فحاشها حتى أدخلها الباب الذي خرجت منه، ثم اقتحم في أثرها، ثم خرج فلم تضره".
ومما لا شك فيه أن لعمر بن الخطاب مكانة عالية ومعرفة بالرجال عظيمة، فهو العبقري الملهم المحدث الذي لا يخفى عليه حال تميم ومنزلته من الصلاح والاستقامة والإخلاص، وهو القائل: "لست بالخب، والخب لا يخدعني"، فكيف تتقبل العقول أن يرمى مثل هذا بالكذب والدس والإفساد في الدين؟!.
وذكر الزركلي في "الأعلام" بعض فضائله، ومنها قوله: "روي له البخاري ومسلم ثمانية عشر حديثا"، وهذا يدل على ثقته عندهما، فلو كان متهما بشيء ما رووا عنه.
ومن ثم فقولهم: إن الحديث من مسيحيات الصحابي تميم الداري قول باطل لا يصح، كما أنه لا يستند إلى دليل يدعمه؛ فضلا عن أن الصحابي تميم الداري قد أسلم وحسن إسلامه، وشهد له كثير من الصحابة بالفضل والصلاح والتقوى.
فهل يعقل بعد هذا كله أن يتهم هذا الصحابي الجليل التقي بالكذب والدس وإثارة الفتن في الدين؟!!
رابعا. حديث الجساسة من أمور الغيب التي عصم النبي - صلى الله عليه وسلم - من تصديق الكاذب فيها:
مما لا شك فيه أن حديث الجساسة والدجال من أمور الدين الغيبية، وليس من أمور الدنيا - كما يدعي مثيرو الشبهة - يقول الدكتور أبو شهبة: "قد حدث به - يعني حديث الجساسة - النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر في جمع من الصحابة، واعتبره موافقا لما كان يحدثهم به عن المسيح الدجال وغيره من أشراط الساعة الكبرى، فكيف يكون هذا من أشراط الساعة ولا يكون من أمور الدين؟!" .
وهم يتساءلون كيف يكون هذا أمرا غيبيا وقد علمه تميم؟!
وللإجابة عن هذا يقول المعلمي اليماني: والحكمة في كشف الله تعالى لتميم وأصحابه عما كشف لهم عنه أن يخبروا بذلك، فيكون موافقا لما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخبر به، فيزداد المسلمون وثوقا به، وهذا بين في الحديث، إذ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذكره لتميم: «وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن المسيح الدجال... ثم قال: ألا هل كنت حدثتكم بذلك؟. فقال الناس: نعم. فقال: فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه، وعن المدينة ومكة»
وفي هذا رد على قولهم: أن هذا الحديث لا يدخل تحت السنة التقريرية.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": " وقد اتفقوا على تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - لما يفعل بحضرته، أو يقال ويطلع عليه بغير إنكار دال على الجواز، لأن العصمة تنفي عنه ما يتحمل في حق غيره مما يترتب عليه الإنكار فلا يقر على باطل".
وبهذا يتبين أن حديث الجساسة أو الدجال من أمور الدين الغيبية، وهذه الأمور يعصم الأنبياء عن تصديق الكاذب فيها، فلو كان هذا الحديث كاذبا لما سكت الوحي عن بيان الحق فيما أخبر به، كما حدث في كثير من الأحيان حينما كان المنافقون وأضرابهم يقولون خلاف ما يبطنون فينزل الوحي فاضحا لهم ومبينا كذبهم.
وهذا يدفعنا إلى أن ننفي عنه - صلى الله عليه وسلم - الافتراء بأنه كثيرا ما كان يصدق المنافقين والكفار في أحاديثهم.
يقول المعلمي اليماني: "لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صدق كاذبا"، ويؤكد هذا قوله تعالى:)ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم (61)((التوبة).
قال الألوسي في تفسيرها: "إن المراد أنه - صلى الله عليه وسلم - يسمع قول المؤمنين الخلص ويصدقهم، ولا يصدق المنافقين وإن سمع قولهم".
وبهذا تدفع شبه المغرضين، وتبقى الأحاديث النبوية الصحيحة نائية عن أي تحريف أو تشكيك.
الخلاصة:
· إن حديث الجساسة حديث صحيح، أجمع على صحته علماء الحديث وأئمته، فقد رواه الإمام مسلم في صحيحه، كما رواه غيره بطرق أخرى غير طريق الإمام الشعبي، كطريق أبي سلمة، ويحيى بن يعمر، كما رواه غير فاطمة بنت قيس أبو هريرة وعائشة وجابر رضي الله عنهم. · الإمام الشعبي ثقة في نفسه، ذو مكانة علمية وفضل عظيم، شهد له بذلك جمع كبير من علماء عصره، أمثال: ابن عمر ويحيى بن معين، وأبي زرعة، وغيرهم. · إن تميم الداري - رضي الله عنه - صحابي جليل عدله الله في كتابه كجميع الصحابة والنبي - صلى الله عليه وسلم - في سننه، وشهد بفضله وصلاحه وتقواه الصحابة - رضي الله عنهم - ومن جاء بعدهم، مما ينفي عنه مظنة الكذب والدس في الدين، وبذلك يبطل قولهم: "إن الحديث من مسيحيات تميم الداري". · إن حديث الجساسة من أمور الغيب التي يجب الإيمان بها؛ لأنها أصل من أصول الدين، ونبينا - صلى الله عليه وسلم - معصوم من تصديق الكاذب في ذلك؛ فهو - صلى الله عليه وسلم - لم يصدق كاذبا قط.[موسوعة بيان الاسلام]