...قال صلى الله عليه وسلم ( لا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ ، ). والمعنى :أي لا تمتنع عن القيام بالحق للوم لائم لك عليه …
أوصاني خليلي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بخصالٍ مِن الخيرِ: ( أوصاني بألَّا أنظُرَ إلى مَن هو فوقي وأنْ أنظُرَ إلى مَن هو دوني وأوصاني بحبِّ المساكينِ والدُّنوِّ منهم وأوصاني أنْ أصِلَ رحِمي وإنْ أدبَرتْ وأوصاني ألَّا أخافَ في اللهِ لومةَ لائمٍ وأوصاني أنْ أقولَ الحقَّ وإنْ كان مُرًّا - المصدر : صحيح ابن حبان
فكن صلبا في دينك ، إذا شرعت في إنكار منكر وأمر بمعروف ، لا يرعك ولا يخيفك قول قائل ولا اعتراض معترض
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (المائدة : 54 )
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : قوله تعالى :
( وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ) ، أي: لا يردهم عما هم فيه من طاعة الله، وقتال أعدائه، وإقامة الحدود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يردهم عن ذلك راد، ولا يصدهم عنه صاد، ولا يحيك فيهم لوم لائم ولا عذل عاذل.
وقال السعدي رحمه الله في تفسيره : { وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ }
يقدمون رضا ربهم والخوف من لومه على لوم المخلوقين،
وهذا يدل على قوة هممهم وعزائمهم، فإن ضعيف القلب ضعيف الهمة، تنتقض عزيمته عند لوم اللائمين، وتفتر قوته عند عذل العاذلين. وفي قلوبهم تعبد لغير الله، بحسب ما فيها من مراعاة الخلق وتقديم رضاهم ولومهم على أمر الله، فلا يسلم القلب من التعبد لغير الله حتى لا يخاف في الله لومة لائم…
وقال النووي رحمه الله مَعْنَاهُ :
نَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ وَنَنْهَى عَنْ الْمُنْكَر فِي كُلّ زَمَان وَمَكَان ، الْكِبَار وَالصِّغَار ، لَا نُدَاهِن فِيهِ أَحَدًا
قال تعالى -: ﴿ لَتُبَيِّنُنَّه ُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾
ومخافة من قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 159، 160].

يجب ان يتصف الدُّعاة إلى الله بقول الحقيقةَ التي وردتْ عن الله كما جاءت في الكتاب والسُّنَّة، لا يخافون في الله لومةَ لائم، مع التلطُّف في القول، والحكمة في التصرُّف، يقولونها دون إخفاء شيءٍ منها، هذا الشيء الذي لا يستريح إليه الآخرون، يقولونها بكل صراحة ووضوح.
ويجب أن يَحذروا لَيَّ النصوصِ أو تمييعَها؛ لكيلا يقعوا في تحريف الكلِمِ عن مواضعه،وعليهم الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة،
علينا أن نُبلِّغ الناسَ وأن نعرِضَ لهم دينَ الله كما أنزله الله ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29].

واصدع بما قال الرسول ولا تخف*** من قلة الأنصار والأعوان
فالله ناصر دينه وكتابه*** والله كاف عبده بأمان
ولا تخش من كيد العدو ومكرهم*** فقتالهم بالكذب والبهتان
فجنود أتباع الرسول ملائك*** وجنودهم فعساكر الشيطان
شتان بين العسكرين فمن يكن*** متحيرا فلينظر الفئتان
وأثبت وقاتل تحت رايات الهدى*** واصبر فنصر الله ربك دان
واذكر مقاتلهم لفرسان الهدى*** للد رد مقاتل الفرسان
وادرأ بلفظ النص في محر العدا*** وارجمهم بثواقب الشهبان
لا تخش كثرتهم فهم همج الورى*** وذبابه أتخاف من ذبان
واشغلهم عند الجدال ببعضهم*** بعضا فذاك الحزم للفرسان
وإذا هم حملوا عليك فلا تكن*** فزعا لحملتهم ولا بجبان
واثبت ولا تحمل بلا جند فما*** هذا بمحمود لدى الشجعان
فاذا رأيت عصابة الاسلام قد*** وافت عساكرها مع السلطان
فهناك فاخترق الصفوف ولا تكن*** بالعاجز الواني ولا الفزعان
وتعر من ثوبين من يلبسهما*** يلقى الردى بمذمة وهوان
ثوب من الجهل المركب فوقه*** ثوب التعصب بئست الثوبان
وتحل بالانصاف أفخر حلة*** زينت بها الأعطاف والكتفان
واجعل شعارك خشية الرحمن مع*** نصح الرسول فحبذا الأمران
وتمسكن بحبله وبوحيه*** وتوكلن حقيقة التكلان
فالحق وصف الرب وهو صراطه الـ***هادي اليه لصاحب الايمان
وهو الصراط عليه رب العرش أيـ***ضا وذا قد جاء في القرآن
والحق منصور وممتحن فلا*** تعجب فهذي سنة الرحمن
وبذاك يظهر حزبه من حزبه*** ولأجل ذاك الناس طائفتان
ولأجل ذاك الحرب بين الرسل والـ*** كفار مذ قام الورى سجلان
لكنما العقبى لأهل الحق أن *** فأتت هنا كان لدى الديان
فاجعل لقلبك هجرتين ولا تنم*** فهما على كل امرئ فرضان
فالهجرة الأولى الى الرحمن بالـ*** اخلاص في سر وفي اعلان
فالقصد وجه الله بالأقوال وال*** اعمال والطاعات والشكران
فبذاك ينجو العبد من أشراكه*** ويصير حقا عابد الرحمن
والهجرة الأخرى الى المبعوث بالـ*** حق المبين وواضح البرهان
فيدور مع قول الرسول وفعله*** نفيا وإثباتا بلا روغان
ويحتكم الوحي المبين على الذي*** قال الشيوخ فعنده حكمان
لا يحكمان بباطل أبدا وكل*** العدل قد جاءت به الحكمان
وهما كتاب الله أعدل حاكم*** فيه الشفا وهداية الحيان
والحاكم الثاني كلام رسوله*** ما ثم غيرهما لذي ايمان
فاذا دعوك لغير حكمهما فلا*** سمعا لداعي الكفر والعصيان
قل لا كرامة لا ولا نعمى ولا***طوعا لمن يدعو الى طغيان
وإذا دعيت الى الرسول فقل لهم*** سمعا وطوعا لست ذا عصيان
وإذا تكاثرت الخصوم وصيحوا*** فأثبت فصيحتهم كمثل دخان
يرقى الى الأوج الرفيع وبعده*** يهوي الى قعر الحضيض الداني
هذا وإن قتال حزب الله بالـ*** أعمال لا بكتائب الشجعان
والله ما فتحوا البلاد بكثرة*** أنى وأعداءهم بلا حسبان
وكذاك ما فتحوا القلوب بهذه الـ*** آراء بل بالعلم والايمان
وشجاعة الفرسان نفس الزهد في*** نفس وذا محذور كل جبان
وشجاعة الحكام والعلماء زهـ***ـد في الثناء من كل ذي بطلان
فإذا هما اجتمعا لقلب صادق*** شدت ركائبه الى الرحمن
واقصد الى الأقران لا أطرافها*** فالعز تحت مقاتل الأقران
واسمع نصيحة من له خبر بما*** عند الورى من كثرة الجولان
ما عندهم والله خير غير ما*** أخذوه عمن جاء بالقرآن
والكل بعد فبدعة أو فرية*** أو بحث تشكيك ورأي فلان
فاصدع بأمر الله لا تخش الورى*** في الله واخشاه تفز بأمان
واهجر ولو كل الورى في ذاته*** لا في هواك ونخوة الشيطان
واصبر بغير تسخط وشكاية*** واصفح بغير عتاب من هو جان
واهجرهم الهجر الجميل بلا أذى*** أن لم يكن بد من الهجران
وانظر الى الأقدار جارية بما*** قد شاء من غي ومن ايمان
واجعل لقلبك مقلتين كلاهما*** بالحق في ذا الخلق ناظرتان
فانظر بعين الحكم وارحمهم بها*** اذ لا ترد مشيئة الديان
وانظر بعين الأمر واحملهم على*** أحكامه فهما اذا نظران
واجعل لوجهك مقلتين كلاهما*** من خشية الرحمن باكيتان
لو شاء ربك كنت أيضا مثلهم*** فالقلب بين أصابع الرحمن
واحذر كمائن نفسك اللاتي متى*** خرجت عليك كسرت كسر مهان
واذا انتصرت لها فأنت كمن بغى*** طفي الدخان بموقد النيران
والله أخبر وهو أصدق قائل*** ان سوف ينصر عبده بأمان
من يعمل السوءى سيجزى مثلها*** أو يعمل الحسنى يفز بجنان
هذي وصية ناصح ولنفسه*** وصي وبعد سائر الاخوان