تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: لماذا أغلب أهل الأرض كفار ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,944

    افتراضي لماذا أغلب أهل الأرض كفار ؟

    يسأل : لماذا أغلب أهل الأرض كفار ولماذا يرضى الله لهم بدخول جهنم ؟!
    السؤال
    إني أتساءل : لماذا أغلب أهل الأرض غير مسلمين ؟... وهل صحيح أنه لن يدخل الجنة إلا المسلمون ، .... ، فلماذا إذاً يرضى الله لأغلب خلقه أن يدخلوا النار ؟ .
    أما السؤال : " لماذا أغلب أهل الأرض غير مسلمين ؟
    فالجواب عليه :
    لأنهم هم الذين اختاروا الكفر على الإسلام ، ودعنا هنا من المعذورين ممن لم تبلغهم الرسالة ،
    ولنسأل :
    ما بال من قرأوا عن الإسلام وبلغتهم الدعوة ورأوا الآلاف من أهل دينهم قد سبقوهم إلى الإسلام ،
    ورأوا الآيات البينات تدل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وصدق دعوته وصدق القرآن وإعجازه ، وسمعوا المناظرات التي ألجمت خصوم الإسلام ودحرت شبهاتهم ،
    ومع هذا كله – ومعه غيره كثير –
    لم يؤمنوا بالإسلام ولم يرضوه لأنفسهم دِيناً ،
    بل رضي [الغالب] بعبادة صليب صنعوه ،
    أو صنم نحتوه ،
    أو قبرٍ شيدوه ،
    أو بقرة يعبدونها من دون الله ،
    . إن الحقَّ واضح بيِّن ،
    وإن الآيات الدالات على صحة الإسلام أكثر من أن تُحصر ،
    وإن الأدلة على بطلان ما يفعله أولئك الكفار لا يُجادل بها عاقل ،
    وإن الفطرة السليمة والعقل الصريح ليرفضان تلك العبادات واتخاذ أولئك الآلهةَ أرباباً من دون الله الواحد الأحد ،
    فها قد بيَّن الله تعالى الحجة وأقام عليهم المحجة ،
    ومع ذلك أبى أكثر الناس إلا كفوراً ،
    ولا تجد أكثر الناس شاكرين موحدين بل كافرين مشركين .

    أما جواب السؤال : " فلماذا إذاً يرضى الله لأغلب خلقه أن يدخلوا النار ؟ " :
    فهو أن الله تعالى لم يرض كفرَ أولئك ، ولا يحبه منهم
    ، ولكنهم رضوه لأنفسهم ،
    وأما الرب الجليل عز وجل فقد نصَّ في كتابه الكريم على عدم رضاه عن كفر الكافرين
    فقال تعالى ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) الزمر/ 7 ،
    فهذا نصٌّ جلي أن الله تعالى لا يرضى لعباده الكفر ،
    بل يرضى لهم التوحيد والإسلام ،
    لكنَّهم هم الذين ارتضوا الكفر دينا لأنفسهم ، وأبوا الدخول في سلك الموحدين ،
    والله تعالى لا يجبر أحداً على إسلام ولا على كفر ،
    بل هو عز وجل قد بيَّن طريقي الحق والباطل ، والصواب والخطأ ، والإسلام والكفر ،
    ثم جعل للخلْق أن يختاروا ، مع وعده للمسلمين بالثواب ، ووعيده للكفار بالنار ،
    قال تعالى ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ
    إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا . إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً . أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ) الكهف/ 29 – 31 ،
    وقال تعالى ( . إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا .
    وهاك مثالاً على بيان هداية الله تعالى لقومٍ هداية دلالة وإرشاد بإرسال الرسول مع الآيات البينات واختيارهم للكفر على الإسلام ، وهم قوم ثمود ، قال تعالى ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ . وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) فصِّلت/ 17 ، 18 ،وهؤلاء مثال ، ومثلهم كل قوم كفروا بربهم وكذبوا رسولهم ، فرضوا بالكفر في الدنيا والخلود في النار في الآخرة ،
    ولهؤلاء الكفار المعاصرين سلف ، فقد جاءتهم رسل ربهم بالحق ، وجعل الله تعالى رسول كل قوم منهم ، يعرفونه بصدقه وأمانته
    ، وجعل الله تعالى مع كل واحد منهم آية على مثلها يؤمنها البشر ،
    ومع ذلك فإنهم قالوا عن رسلهم ساحر أو مجنون ! وقد طلب كفار قريش من النبي صلى الله عليه وسلم آية ليؤمنوا فأراهم انشقاق القمر فقالوا " سحر "
    فصدق فيهم قول الله تعالى ( وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا ) الأنعام/ 25 ،
    ولم تكتف تلك الأقوام بتكذيب رسل ربهم بل تآمروا عليهم لقتلهم أو نفيهم من ديارهم ،
    قال تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُ م مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ) إبراهيم/ 13 ،
    وقال تعالى – على لسان قوم إبراهيم عليه السلام – ( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) العنكبوت/ 24 ،
    وقال تعالى – عن نبينا عليه السلام - ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ )
    ، فإذا كان هذا هو حال من جاءه الرسول من ربه ممن يعرفه ، ورأى الآيات بعيني رأسه :
    فكيف سيكون حال هؤلاء الهنود والصينيين والأوربيين لو أنه جاءهم النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً ؟! .
    ولما زعم بعض المشركين أن الله تعالى يرضى منهم الكفر ، وأنه لو لم يكن كذلك لصرفهم عنه :
    كذَّبهم ربنا تبارك وتعالى وبيَّن أنهم إنما يتبعون أهواءهم وآباءهم الضالين ،
    قال تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا ) النحل/ 35 ،
    فردَّ الله تعالى عليهم بقوله ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ) النحل/ 36 .
    قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :
    "فأوضح في هذه الآية الكريمة أنه لم يكن راضياً بكفرهم ،
    وأنه بعث في كل أمَّة رسولاً ،
    وأمرهم على لسانه أن يعبدوا الله وحده ويجتنبوا الطاغوت ،
    أي : يتباعدوا عن عبادة كل معبود سواه
    ، وأن الله هدى بعضهم إلى عبادته وحده ، وأن بعضهم حقَّت عليه الضلالة ، أي : ثبت عليه الكفر والشقاء .
    وقال تعالى في آية الأنعام ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأنعام/ 149 ،
    فملكُه تعالى وحده للتوفيق والهداية هو الحجة البالغة على خلقه ، يعني : فمن هديناه وتفضلنا عليه بالتوفيق : فهو فضل منَّا ورحمة ،
    ومَن لم نفعل له ذلك :
    فهو عدل منَّا وحكمة ؛ لأنه لم يكن له ذلك ديْناً علينا ولا واجباً مستَحقّاً يستحقه علينا ، بل إن أعطينا ذلك ففضل ، وإن لم نعطه فعدل " انتهى من " أضواء البيان " ( 7 / 95 ، 96 ) .

    قول السائل : " وهل صحيح أنه لن يدخل الجنة إلا المسلمون ،
    أما بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : فنعم ، لن يدخل الجنة إلا مسلم ؛ لأن الإسلام نسخ الأديان السابقة كلها ، وأوجب الله تعالى على خلْقه كلهم الدخول في هذا الدِّين ، وأخبر أنه لن يقبل من أحدٍ دِيناً غيره ، وأنه مَن لقيه منهم بدين آخر غيره فهو من الخاسرين ، قال تعالى ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/ 85 .
    ولأجل ذلك : أَمَرَ الني صلى الله عليه وسلم بِلاَلًا فَنَادَى بِالنَّاسِ : ( إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ) . رواه البخاري (3062) ومسلم (178) .
    وأمَّا مِن الأمم السابقة : فإن الجنة يدخلها كل من آمن بنبيِّه وصدَّق رسوله ، وهؤلاء هم المسلمون في زمانهم . قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة/ 62 .

    من رحمة الله تعالى بعباده أنه لا يعذِّب بالنار من لم تصله دعوة الإسلام ، فالذين يعيشون في زماننا أو قبله ولم يصل لهم خبر الإسلام : فإنهم يختبرون يوم القيامة ،
    الاسلام سؤال وجواب بتصرف وإختصار

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: لماذا أغلب أهل الأرض كفار ؟

    .........
    يقول تبارك وتعالى : { وَٱلَّذِىٓ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ٱلْحَقُّ .. وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ }

    ..........
    ويقول تبارك وتعالى : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِى هَٰذَا ٱلْقُرْءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ .. فَأَبَىٰٓ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورًا }
    .........
    ويقول تبارك وتعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا .. وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }
    ..........
    ويقول تبارك وتعالى : { وَلَوْ شِئْنَا لَءَاتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَىٰهَا .. وَلَٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّى لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ }
    *********

    ليس هناك اختبار فى يوم القيامة يا أخى .. يوم القيامة هو يوم حساب ومآب . وليس يوم اختبار أو سؤال وجواب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,944

    افتراضي رد: لماذا أغلب أهل الأرض كفار ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    .........
    يقول تبارك وتعالى : { وَٱلَّذِىٓ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ٱلْحَقُّ .. وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ }

    ..........
    ويقول تبارك وتعالى : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِى هَٰذَا ٱلْقُرْءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ .. فَأَبَىٰٓ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورًا }
    .........
    ويقول تبارك وتعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا .. وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }
    ..........
    ويقول تبارك وتعالى : { وَلَوْ شِئْنَا لَءَاتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَىٰهَا .. وَلَٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّى لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ }
    *********
    نعم
    ليس هناك اختبار فى يوم القيامة يا أخى .. يوم القيامة هو يوم حساب ومآب . وليس يوم اختبار أو سؤال وجواب
    بل يوجود امتحان في القبر ، وفي عرصات القيامة ،
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
    والتكليف إنما ينقطع بدخول دار الجزاء وهي الجنة والنار ، وأما عَرَصات القيامة فيمتحنون فيها كما يمتحنون في البرزخ ،
    فَيُقَالُ لِأَحَدِهِمْ :
    مَنْ رَبُّك ؟
    وَمَا دِينُك ؟
    وَمَنْ نَبِيُّك ؟ ،
    وقال تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) الْآيَةَ ،
    وقد ثبت في الصحاح من غير وجه حديث تجلي الله لعباده في الموقف إذا قيل : ( لِيَتَّبِعْ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ؛ فَيَتَّبِعُ الْمُشْرِكُونَ آلِهَتَهُمْ وَيَبْقَى الْمُؤْمِنُونَ فَيَتَجَلَّى لَهُمْ الرَّبُّ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيُنْكِرُونَهُ ثُمَّ يَتَجَلَّى لَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا فَيَسْجُدُ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَتَبْقَى ظُهُورُ الْمُنَافِقِينَ كَقُرُونِ الْبَقَرِ يُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ،
    وذكر قوله : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) الْآيَةَ .
    " مجموع الفتاوى " ( 4 / 303 ، 304 ) .
    2. وقال الإمام ابن كثير – رحمه الله -
    ثبتت السنَّة في الصحاح وغيرها : أن المؤمنين يسجدون لله يوم القيامة ، وأما المنافق : فلا يستطيع ذلك ، ويعود ظهره طبقاً واحداً ، كلما أراد السجود : خَرَّ لقفاه .
    وفي الصحيحين في الرجل الذي يكون آخر أهل النار خروجاً منها : أن الله يأخذ عهوده ومواثيقه ألا يسأل غير ما هو فيه ، ويتكرر ذلك مراراً ، ويقول الله تعالى : ( يا ابن آدم ، ما أغدرك ! ) ثم يأذن له في دخول الجنة ...........
    وقال فإن الله يأمر العباد يوم القيامة بالجواز على الصراط ، وهو جسر على جهنم أحدّ من السيف ، وأدق من الشعرة ، ويمرُّ المؤمنون عليه بحسب أعمالهم ، كالبرق ، وكالريح ، وكأجاويد الخيل والرِّكاب ، ومنهم الساعي ، ومنهم الماشي ، ومنهم من يحبو حبواً ، ومنهم المكدوش على وجهه في النار ، وليس ما ورد في أولئك بأعظم من هذا ، بل هذا أطم ، وأعظم .
    وقال ابن القيم رحمه الله
    * أن موجب الأحاديث هو الموافق للقرآن وقواعد الشرع ؛ فهي تفصيل لمَا أخبر به القرآن أنه لا يعذَّب أحد إلا بعد قيام الحجة عليه ،
    وهؤلاء لم تُقَم عليهم حجة الله في الدنيا ، فلا بُدَّ أن يقيم حجته عليهم ،
    وأحق المواطن أن تُقام فيه الحجة :
    يوم يقوم الأشهاد
    ، وتُسمع الدعاوى ،
    وتُقام البينات ،
    ويَختصم الناس بين يدي الرب ،
    وينطق كلُّ أحدٍ بحجته ومعذرته ،
    فلا تنفع الظالمين معذرتهم ، وتنفع غيرهم .
    وفى حديث من مات في الفترة فيقول : رب ما أتاني لك رسول ، فيأخذ مواثيقهم ليطيعونه ، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار ، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً ، ومن لم يدخلها يسحب إليها
    قال ابن القبم رحمه الله أن أمرهم بدخول النار ليس عقوبة لهم ، وكيف يعاقبهم على غير ذنب ؟ وإنما هو امتحان واختبار لهم ، هل يطيعونه أو يعصونه ، فلو أطاعوه ودخلوها : لم تضرهم ، وكانت عليهم برداً وسلاماً ، فلما عصوه وامتنعوا من دخولها : استوجبوا عقوبةَ مخالفةِ أمرِه ، والملوك قد تمتحن مَن يُظهر طاعتهم هل هو منطوٍ عليها بباطنه ، فيأمرونه بأمرٍ شاقٍّ عليه في الظاهر ، هل يوطِّن نفسه عليه أم لا ، فإن أقدم عليه ووطن نفسه على فعله : أعفوه منه ، وإن امتنع وعصى : ألزموه به ، أو عاقبوه بما هو أشد منه .
    وقد أمر الله سبحانه الخليل بذبح ولده
    ، ولم يكن مراده سوى توطين نفسه على الامتثال والتسليم ،
    وتقديم محبة الله على محبة الولد ،
    فلما فعل ذلك :
    رَفع عنه الأمر بالذبح .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: لماذا أغلب أهل الأرض كفار ؟

    وفى حديث من مات في الفترة فيقول : رب ما أتاني لك رسول ، فيأخذ مواثيقهم ليطيعونه ، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار ، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً ، ومن لم يدخلها يسحب إليها
    قال ابن القبم رحمه الله أن أمرهم بدخول النار ليس عقوبة لهم ، وكيف يعاقبهم على غير ذنب ؟ وإنما هو امتحان واختبار لهم ، هل يطيعونه أو يعصونه ، فلو أطاعوه ودخلوها : لم تضرهم ، وكانت عليهم برداً وسلاماً ، فلما عصوه وامتنعوا من دخولها : استوجبوا عقوبةَ مخالفةِ أمرِه ، والملوك قد تمتحن مَن يُظهر طاعتهم هل هو منطوٍ عليها بباطنه ، فيأمرونه بأمرٍ شاقٍّ عليه في الظاهر ، هل يوطِّن نفسه عليه أم لا ، فإن أقدم عليه ووطن نفسه على فعله : أعفوه منه ، وإن امتنع وعصى : ألزموه به ، أو عاقبوه بما هو أشد منه .
    ...........
    أهل الفترة يا أخى .. نحن الوسطاء لهم . لا يحتاجون إلى رسل .. نحن المسلمون رسلهم أمرنا الله أن ندعوهم ونبلغهم . ورسول الله صلى الله عليه وسلم شاهداً فى ذلك علينا وعليهم ..
    إن دعوناهم وآمنوا كف عنهم العذاب . وإلا فالعذاب هو مآبهم و موعدهم ..
    وإن لم ندعوهم : فالحجة لهم علينا بعدم بلاغهم .. لاحجة لهم على الله
    .....
    هناك من الناس .. من لم يبلغهم القرآن ومن لم يبلغهم دين الإسلام أو ذكر نبى الله عليه الصلاة والسلام ..
    وهناك .. من هم فى مختلف أقطارهم وفى شتى بلادهم وبلدانهم غافلين أو حيارى تائهين يجهلون ولا يعلمون بأن الله قد أمرهم بالإيمان وأنهم مخاطبون ومكلفون باتباع آخر دين ٍ من الأديان " دين وشريعة الإسلام " .. هؤلاء ما زالوا يعيشون فى جهل وجاهلية ..
    ...
    ولم يكلفنا الله أو يكلف الدعاة والعلماء والفقهاء .. إلا بما كلف الله به نبيه ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو .. البلاغ .
    { إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ } . { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ }
    وذلّل الله لنا فى عصرنا ووقتنا الحاضر كل الصعاب ومهّد لنا كافة السبل والطرق لدعوتهم وبلاغهم من خلال السفر والتنقلات ومن خلال الهواتف والحواسب والمراسلات وعبر الصحف والكتب والتجارة والمؤتمرات وغير ذلك من وسائل الإتصالات ..
    ....

    بدعوتهم وبلاغهم يكون قد تم إرشادهم إلى طريق الحق الذى يهديهم إلى متبوأ الأبرار وتحذيرهم من الباطل الذى يسوقهم إلى جحيم النار وتكون حجة الله أصبحت قائمة عليهم ولا حجة لهم يحتجون بها علينا أمام الله فى يوم القيامة ..
    من آمن وأسلم منهم فقد اهتدى .. ومن لم يؤمن فلسنا بوكلاءٍ عنهم ولا أىٍ منا بحفيظٍ عليهم .. فقد قال الله لنبيه ومصطفاه :
    { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ }
    لا جبر ولا إكراه لهم .. من شاء منهم أن يؤمن فليؤمن ومن شاء منهم أن يكفر فليكفر .. يقول تبارك وتعالى :
    { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ } . { أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }
    من آمن فلنفسه ومن ضلّ فعليها .
    ....

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,944

    افتراضي رد: لماذا أغلب أهل الأرض كفار ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    ...........

    وإن لم ندعوهم : فالحجة لهم علينا بعدم بلاغهم .. لاحجة لهم على الله
    .....

    ....
    ـ عن الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أربعة (يحتجون) يوم القيامة : رجل أصم لا يسمع شيئًا ، ورجل أحمق ، ورجل هرِم ، ورجل مات في فترة ، فأما الأصم فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئًا ، وأما الأحمق فيقول : رب لقد جاء الإسلام والصبيان يقذفوني بالبعر ، وأما الهرِم فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئًا ، وأما الذي مات في الفترة فيقول : رب ما أتاني لك رسول ، فيأخذ مواثيقهم ليطيعونه ، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار ، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً ، ومن لم يدخلها يسحب إليها )
    حسنه محققو المسند ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1434) وله شواهد متعددة ، ذكرها ابن كثير في تفسيره (5/50-53) .
    قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - :
    أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح ، كما قد نص على ذلك غير واحد من أئمة العلماء ، ومنها ما هو حسن ، ومنها ما هو ضعيف يقوَى بالصحيح والحسن ، وإذا كانت أحاديث الباب الواحد متعاضدة على هذا النمط : أفادت الحجة عند الناظر فيها .
    " تفسير ابن كثير " ( 5 / 58 ) .
    وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في سياق بيان الأقوال في المسألة - :
    سابعها : أنهم يُمتحنون في الآخرة بأن ترفع لهم نار ، فمن دخلها : كانت عليه برداً وسلاماً ، ومن أَبَى : عُذِّب ، أخرجه البزار من حديث أنس ، وأبي سعيد ، وأخرجه الطبراني من حديث معاذ بن جبل ، وقد صحت مسألة الامتحان في حق المجنون ، ومن مات في الفترة من طرق صحيحة ، وحكى البيهقي في " كتاب الاعتقاد " أنه المذهب الصحيح .

    قال ابن القيم رحمه الله بعد أن ذكر الأحاديث التي فيها امتحان هؤلاء يوم القيامة :
    " هِيَ الْمُوَافِقَةُ لِلْقُرْآنِ ، وَقَوَاعِدِ الشَّرْعِ ،
    فَهِيَ تَفْصِيلٌ لِمَا أَخْبَرَ بِهِ الْقُرْآنُ أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ أَحَدٌ إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ ،
    وَهَؤُلَاءِ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِمْ حُجَّةُ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا ،
    فَلَا بُدَّ أَنْ يُقِيمَ حُجَّتَهُ عَلَيْهِمْ ، وَأَحَقُّ الْمَوَاطِنِ أَنْ تُقَامَ فِيهِ الْحُجَّةُ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ، وَتُسْمَعُ الدَّعَاوَى ، وَتُقَامُ الْبَيِّنَاتُ،
    وَيَخْتَصِمُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ ،
    وَيَنْطِقُ كُلُّ أَحَدٍ بِحُجَّتِهِ وَمَعْذِرَتِهِ ،
    فَلَا تَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَتَنْفَعُ غَيرهُمْ "
    انتهى من "أحكام أهل الذمة" (2/ 1149) .
    فالمعيار هو قيام الحجة ممن قامت عليه الحجة فلا عذر له ، ومن لم تقم عليه الحجة ، فإنه يكون معذورا .
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    ...........

    ولم يكلفنا الله .. إلا بما كلف الله به نبيه ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو .. البلاغ .
    { إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ } ...
    وذلّل الله لنا فى عصرنا ووقتنا الحاضر كل الصعاب ومهّد لنا كافة السبل والطرق لدعوتهم وبلاغهم من خلال السفر والتنقلات ومن خلال الهواتف والحواسب والمراسلات وعبر الصحف والكتب والتجارة والمؤتمرات وغير ذلك من وسائل الإتصالات ..
    ....

    بدعوتهم وبلاغهم يكون قد تم إرشادهم إلى طريق الحق الذى يهديهم إلى متبوأ الأبرار وتحذيرهم من الباطل الذى يسوقهم إلى جحيم النار وتكون حجة الله أصبحت قائمة عليهم ولا حجة لهم يحتجون بها علينا أمام الله فى يوم القيامة ..
    من آمن وأسلم منهم فقد اهتدى .. ومن لم يؤمن فلسنا بوكلاءٍ عنهم ولا أىٍ منا بحفيظٍ عليهم .. فقد قال الله لنبيه ومصطفاه :
    { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ }
    لا جبر ولا إكراه لهم .. من شاء منهم أن يؤمن فليؤمن ومن شاء منهم أن يكفر فليكفر .
    ....
    قال ابن القيم- رحمه الله- في مدارج السالكين:
    فإن حجة الله قامت على العبد بإرسال الرسل، وإنزال الكتب،
    وبلوغ ذلك إليه،
    وتمكنه من العلم به سواء علم أو جهل.
    فكل من تمكن من معرفة ما أمر الله به ونهى عنه، فقصر عنه ولم يعرفه، فقد قامت عليه الحجة،
    والله سبحانه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه. انتهى.
    و قال ابن القيم- رحمه الله- في طريق الهجرتين:
    قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة، والأمكنة، والأشخاص. فقد تقوم حجة الله على الكفار في زمان دون زمان، وفي بقعة وناحية دون أُخرى، كما أنها تقوم على شخص دون آخر؛ إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون، وإما لعدم فهمه كالذي لا يفهم الخطاب، ولم يحضر ترجمان يترجم له. فهذا بمنزلة الأصم الذي لا يسمع شيئاً، ولا يتمكن من الفهم. انتهى.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,944

    افتراضي رد: لماذا أغلب أهل الأرض كفار ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    ...........
    .. فقد قال الله لنبيه ومصطفاه :
    { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ }

    ....
    قال ابن القيم - رحمه الله -: " كل من أعرض عن الاهتداء بالوحي الذي هو ذكر الله فلابد أنه يقول يوم القيامة ﴿ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴾
    ،فإن قيل: فهل لهذا عذر في ضلاله إذا كان يحسب أنه على هدى، كما قال تعالى ﴿ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾
    قيل: لا عذر لهذا وأمثاله من أهل الضلال الذين منشأ ضلالهم الإعراض عن الوحي الذي جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -،
    ولو ظن أنه مهتد،
    فإنه مفرِّط بإعراضه عن اتباع داعي الهدى،
    فإذا ضل فإنما أُتي من تفريطه وإعراضه
    وهذا بخلاف من كان ضلاله لعدم بلوغ الرسالة وعجزه عن الوصول إليها،
    فذاك له حكم آخر.
    والوعيد في القرآن إنما يتناول الأول،
    وأما الثاني فإن الله لا يعذب أحداً إلا بعد إقامة الحجة عليه " [انظر مفتاح دار السعادة (1/ 43) ]
    ****************
    الْكَلَامُ فِي مَقَامَيْنِ:
    الْمَقَامُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ خَطَأِ الْمُخَالِفِ لِلْحَقِّ وَضَلَالِهِ ؛ وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ ، عَقْلِيَّةٍ وَ سَمْعِيَّةٍ ، بِأَنْوَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الدَّلَائِلِ.
    وَالْمَقَامُ الثَّانِي: الْكَلَامُ فِي كُفْرِهِمْ وَاسْتِحْقَاقِه ِمُ الْوَعِيدَ فِي الْآخِرَةِ.
    فَهَذَا فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلنَّاسِ ،
    مِنْ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ ، مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ،
    لَهُمُ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ :

    قِيلَ: إنَّهُ يُعَذَّبُ فِي النَّارِ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ ، وَإِنْ لَمْ يُرْسَلْ إِلَيْهِ رَسُولٌ ، لِقِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِالْعَقْلِ . وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِمَّنْ يَقُولُ بِالْحُكْمِ الْعَقْلِيِّ ، مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفِقْهِ ، مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ.
    وَقِيلَ: لَا حُجَّةَ عَلَيْهِ بِالْعَقْلِ ؛ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعَذَّبَ مَنْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ ، لَا بِالشَّرْعِ وَلَا بِالْعَقْلِ
    . وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يُجَوِّزُ تَعْذِيبَ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ وَمَجَانِينِهِم ْ . وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ ، كَالْجَهْمِ وَأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ.

    وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ:
    وَعَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ : أنَّهُ لَا يُعَذَّبُ إِلَّا مَنْ بَلَغَتْهُ الرِّسَالَةُ ،

    وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ؛
    فَنَحْنُ فِيمَا نُنَاظِرُ فِيهِ أَهْلَ الْكِتَابِ: مُتَقَدِّمِيهِم ْ وَمُتَأَخِّرِيه ِمْ :

    تَارَةً نَتَكَلَّمُ فِي الْمَقَامِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ بَيَانُ مُخَالَفَتِهِمْ لِلْحَقِّ ، وَجَهْلِهِمْ وَضَلَالِهِمْ ، فَهَذَا تَنْبِيهٌ لِجَمِيعِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّة ِ .
    وَتَارَةً نُبَيِّنُ كُفْرَهُمُ الَّذِي يَسْتَحِقُّونَ بِهِ الْعَذَابَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ،
    وَأما مَنْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ فِي الدُّنْيَا بِالرِّسَالَةِ ، كَالْأَطْفَالِ وَالْمَجَانِينِ وَأَهْلِ الْفَتَرَاتِ : ؛
    فأَظْهَرُ مَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ : أَنَّهُمْ يُمْتَحَنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ،
    فَيَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ مَنْ يَأْمُرُهُمْ بِطَاعَتِهِ، فَإِنْ أَطَاعُوهُ اسْتَحَقُّوا الثَّوَابَ ، وَإِنْ عَصَوْهُ اسْتَحَقُّوا الْعِقَابَ."

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,944

    افتراضي رد: لماذا أغلب أهل الأرض كفار ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    الْمَقَامُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ خَطَأِ الْمُخَالِفِ لِلْحَقِّ وَضَلَالِهِ ؛ وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ ، عَقْلِيَّةٍ وَ سَمْعِيَّةٍ ، بِأَنْوَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الدَّلَائِلِ.
    "
    نعم مزيد بيان لهذا المقام و ذلك لأنى رأيت خلط وتلبيس من الذين يتلمَّسون الاعذار لأهل الشرك
    قال ابن القيم -
    فإذا كان هذا مقتضى العادة والطبيعة، ولم يكن في فطرهم وعقولهم ما يناقض ذلك،
    قالوا: نحن معذورون وآباؤنا الذين أشركوا، ونحن كنا ذرية لهم بعدهم، ولم يكن عندنا ما يبين خطأهم.
    فإذا كان في فطرهم ما شهدوا به من أن الله وحده هو ربهم،
    كان معهم ما يبين بطلان هذا الشرك وهو التوحيد الذي شهدوا به على أنفسهم.
    فإذا احتجوا بالعادة الطبيعية من اتباع الآباء
    كانت الحجة عليهم الفطرة الطبيعية الفعلية السابقة لهذه العادة الطارئة،
    وكانت الفطرة الموجبة للإسلام سابقة للتربية التي يحتجون بها
    ؛
    وهذا يقتضي أن نفس العقل الذي به يعرفون التوحيد حجة في بطلان الشرك لا يحتاج ذلك إلى رسول،
    فإنه جعل ما تقدم حجة عليهم بدون هذا
    ،
    وهذا لا يناقض قوله –تعالى-:
    (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً). فإن الرسول يدعو إلى التوحيد
    ولكن الفطرة دليل عقلي يعلم به إثبات الصانع
    ، والسياق يقتضي وضع "وإلا"
    لم يكن في مجرد الرسالة حجة عليهم
    فهذه الشهادة على أنفسهم التي تتضمن بأن الله ربهم، ومعرفتهم أمر لازم لكل بني آدم به تقوم حجة الله في تصديق رسله
    فلا يمكن أحداً أن يقول يوم القيامة: إني كنت عن هذا غافلاً
    ولا أن الذنب كان لأبي المشرك دوني

    لأنه عارف بأن الله ربه لا شريك له
    فلم يكن معذوراً في التعطيل والإشراك

    بل قام به ما يستحق به العذاب

    ثم إن الله
    سبحانه- لكمال رحمته وإحسانه- لا يعذب أحداً إلا بعد إرسال الرسول إليه
    وإن كان فاعلاً لما يستحق به الذم والعقاب
    فلله على عبده حجتان قد أعدهما عليه لا يعذبه إلا بعد قيامهما:
    إحداهما: ما فطره وخلقه عليه من الإقرار بأنه ربه ومليكه وفاطره وحقه عليه لازم.
    والثاني: إرسال رسله إليه بتفصيل ذلك وتقريره وتكميله
    فيقوم عليه شاهد
    الفطرة والشرعة ويقر على نفسه بأنه كان كافراً كما قال –تعالى-: (وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ)
    ،
    فلم ينفذ عليه الحكم إلا بعد إقرار وشاهدين وهذا غاية العدل ))
    [ أحكام أهل الذمة ج 2 ص 1011 ]
    قال الشيخ صالح ال الشيخ
    فإذن من قام به الشرك فهو مشرك؛
    لأن كل مولود ولد على الفطرة،
    والله جل وعلا أقام الدلائل على وحدانيته في الأنفس وفي الآفاق،
    وهذه الدلائل حجة على المرء في أنه لا يعذر في أحكام الدنيا بارتكاب الكفر والشرك؛

    نعني بأحكام الدنيا ما يتعلق بالمكلف من حيث علاقته بهذا الذي قام به هذا الشرك، من جهة الاستغفار له والأضحية عنه ونحو ذلك.
    أما الأشياء التي مرجعها إلى الإمام مثل استحلال الدم والمال والقتال ونحو ذلك
    فهذه إنما تكون بعد الإعذار وقيام الحجة الرسالية

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •