السؤال
♦ الملخص:
سائل قام بحكاية نكتة فيها استهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم، مع براءته منها، وعدم علمه بأن هذه النكت الكفرية تكفِّر، ويسأل: ما الحكم في ذلك؟
♦ التفاصيل:
عندما كنتُ شابًّا على قدرٍ قليل من الدين والعلم، نقلتُ نكتة كُفْرِيَّةً تستهزئ بالرسول صلى الله عليه وسلم، وقلت حرفيًّا: فلان اتصل وقال لي نكتة كفرية، اللهم إني بريءٌ منها، ونقلت نص النكتة، وكنت أستغفر الله في أثناء النقل، لكني كنت أبتسم، فهل ابتسامي هذا يُعَدُّ استحسانًا ورضاءً بالكفر، رغم استبرائي مما قِيل؟ علمًا بأنني أحبُّ الله ورسوله، وأصابني هَلَعٌ وفزع بعد هذا الكلام؛ خوفًا من الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم، مع العلم أني لم أكن أعلم أن من يستهزئ بالدين يكون كافرًا، فهل هذا استهزاء بالله ورسوله؟ وهل كفرتُ؟ أجيبوني؛ فأنا أعيش في ضنكٍ منذ سبع سنوات، ولم أعُدْ أقْوَى على شيء، وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنت أخطأتَ أخي الكريم من جهتين:
الجهة الأولى: أنك نقلتَ هذا الكلام الذي يحمل استهزاءً بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ وهذا كفر، حتى ولو كان على سبيل المزاح؛ لقوله تعالى: ﴿ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 65، 66].
الجهة الثانية: قولك: "فأنا أعيش في ضنكٍ منذ سبع سنوات، ولم أعُدْ أقْوَى على شيء"؛ لأن باب التوبة مفتوح، وهذا فضل من الله تعالى على عباده، فما دمتَ تُبْتَ واستغفرتَ ونطقتَ الشهادتين، فإن الله تعالى يقبلك، ولا داعيَ لِما ذكرتَه، بل الواجب عليك أن تكون إيجابيًّا وليس سلبيًّا؛ بمعنى أنه ينبغي أن يحملك هذا الأمر على الإقبال على عبادة الله والإكثار من ذلك، لا على اليأس والقنوط، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه لما اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، وشعر أن هذا ذنب، لم يحمله هذا على اليأس والقنوط، وإنما حمله هذا على الإكثار من الطاعات، فيقول عمر رضي الله عنه: ((ما زلتُ أصوم وأتصدق وأصلِّي وأُعتق من الذي صنعتُ؛ مخافةَ كلامي الذي تكلمتُ به يومئذٍ، حتى رجوتُ أن يكون خيرًا))[1].
وأنت كذلك - أخي الكريم - عليك بالإكثار من الطاعات؛ حتى تتحول هذه المعصية إلى خيرٍ لك؛ حيث تحملك على الزيادة في طاعة الله؛ كما قال عمر رضي الله عنه: ((حتى رجوت أن يكون خيرًا)).
والخلاصة أخي الكريم أن عليك الآن التوبة ونطق الشهادتين - إن لم تكن فعلتَ ذلك - وعدم التفكر في هذا الأمر إلا بالإيجاب وفعل الطاعات، ولا تفكر فيه أبدًا بالسلب؛ لأن التفكر فيه بالسلب واليأس من رحمة الله يُعد معصية أخرى.
نسأل الله تعالى لنا ولك الهداية والتوفيق والسداد.
------------
[1] أخرجه أحمد (18910).


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/fatawa_counse...#ixzz6pRikyw8Q