بسم الله الرحمن الرحيم


1- قال هناد بن السري: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: نَجِدُهُ مَكْتُوبًا: يَا ابْنَ آدَمَ اتَّقِ رَبَّكَ وَابْرَرْ وَالِدَيْكَ وَصِلْ رَحِمَكَ يُمَدَّ لَكَ فِي عُمْرِكَ وَيُيَسَّرْ لَكَ يُسْرُكَ وَيُصْرَفْ عَنْكَ عُسْرُكَ. قَالَ: وَيَجِيءُ الْمُتَكَبِّرُو نَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ يُسْلَكُونَ فِي نَارِ الْأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ. ه
الزهد لهناد بن السري 2/426


2- قال البيهقي: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ أنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلَالٍ نا أَبُو الْأَزْهَرِ نا أَبُو النُّعْمَانِ نا حَمَّادٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ أَنَّ كَعْبًا قَالَ: يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُو نَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِجَالًا فِي صُوَرِ الذَّرِّ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ. ه شعب الايمان 7836


3- قال أبو نعيم: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ثنا جَعْفَرٌ ثنا سُوَيْدٌ ثنا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كَعْبٍ حَلَفَ لَهُ: وَالَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِمُوسَى إِنَّ فِيمَا أَنْزَلَ اللهُ فِي التَّوْرَاةِ: أَنَّهُ يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُو نَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مِثْلَهُ. ه حلية الأولياء 5/369


4- قال البيهقي: أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ أنا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ نا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ نا مِسْعَرٌ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: يَأْتِي الْمُتَكَبِّرُو نَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمْ أَوْ يَأْتِيهِمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ يُسْلَكُونَ فِي نَارِ الْأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ عُصَارَةَ أَهْلِ النَّارِ. ه
شعب الايمان 7835 وتنبيه الغافلين للسمرقندي ص183 وحلية الأولياء 5/369

قلت: أبو مصعب هو نفسه عطاء بن أبي مروان وهو وأبوه من الثقات. (تقريب التهذيب 4598 – 8355)


مقارنة ودراسة:

1- قال الامام أحمد: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُو نَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ النَّاسِ يَعْلُوهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الصَّغَارِ حَتَّى يَدْخُلُوا سِجْنًا فِي جَهَنَّمَ يُقَالُ لَهُ: بُولَسُ فَتَعْلُوَهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ. ه
رواه أحمد (6677) والحميدي (609) وابن المبارك في الزهد (2/52) والبخاري في الأدب المفرد (557) والترمذي (2492) والنسائي في الكبرى (11827) وابن أبي شيبة (26582) والبيهقي في الشعب (7834) والبغوي في شرح السنة (13/168) والأهوال (240) وصفة النار (46) والتواضع والخمول (223) لابن أبي الدنيا والمجالسة وجواهر العلم (1957) والترغيب والترهيب لقوام السنة (626- 2357) ومدح التواضع لابن عساكر (ص37) وابن أبي حاتم من تفسير ابن كثير ط.العلمية (7/100)
كلهم من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وقال ابن عساكر: هذا حديث غريب.
وقال ابنُ رجب في التخويف من النار (ص124): وروي موقوفاً على عبد الله بن عمرو.

قلت: رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده اختلف أهل العلم في توثيقها والاحتجاج بها. وقال أحمد بن حنبل في عمرو بن شعيب: له أشياء مناكير وإنما يكتب حديثه يعتبر به فأما أن يكون حجة فلا.
وقال أيضاً: أصحاب الحديث إذا شاءوا احتجوا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإذا شاءوا تركوه. (تهذيب الكمال 22/68)

قلت: رفع هذا الحديث من مناكيره فقد تفرد برفعه وغيره يرويه من كلام كعب الأحبار نقلاً من التوراة وهو أصح.
وعبد الله بن عمرو نفسه ممن ينقل الأخبار من التوراة لذا فلا يستبعد أن يكون الخبر من كلام عبد الله بن عمرو, ووهم عمرو بن شعيب فرفعه.

والرواية الموقوفة التي ذكرها ابن رجب هي ما رواه ابن وهب في جامعه (538) عن ابن لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي قَبِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ: إنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ: إِنَّ فِي النَّارِ سِجْنًا وَإِنَّ فِي الْجَنَّةِ حِصْنًا مِنْ لُؤْلُؤٍ فَأَمَّا حِصْنُ الْجَنَّةِ فَلَا يَدْخُلُهُ مَنْ كَانَ فِيهِ مِنَ الْكَذِبِ شَيْءٌ وَأَمَّا سِجْنُ النَّارِ فَلَا يَدْخُلُهُ إِلَّا شَرُّ الْأَشْرَارِ قَرَارُهُ نَارٌ وَسَقْفُهُ نَارُ وَجُدْرَانُهُ نَارٌ وَتَلْفَحُ فِيهِ نَارٌ. ه
وهذا اسناد ضعيف

وقال ابن أبي حاتم: سألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ حدَّثنا به حُمَيد بن عَيَّاشٍ الرَّمْلي عَنِ المُؤَمَّل بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حمَّاد بْنِ سَلَمة عَنْ يَعْلى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ نافع بن عاصم بن عبد الله بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنِ جدِّه أَنَّهُ قَالَ: فِي الجَنَّة قَصْرٌ يُقالُ لَهُ: عَدَنٌ حَوْلَهُ البُروجُ والمُروجُ لا يَدخُلُه إلاَّ نَبيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَو شَهيدٌ أَو إِمامٌ عَدْلٌ وَفِي النَّارِ قَصْرٌ يُقال لَهُ: بُولَسُ يَدخُلُه الجَبَّارونَ والمُتَكَبِّرون َ فِيهِ نارُ الأَنْيار وأَشَرُّ الأَشْرار وحُزْنُ الأَحْزان وموتُ الأَموات والشَّرُّ وأَنْيارُ الشَّرِّ. فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا خطأٌ إنما هو: نافع بن عَاصِمِ بْنِ عُروَة بْنِ مَسْعُودٍ عن عبد الله بْنِ عَمْرٍو.
قلتُ: الكلامُ الأخيرُ لا أعلمُهُ فِي شيءٍ مِنَ الحديث. ه العلل (2812)

قلت: الطريق الذي صوَّبَه أبو حاتم رواه الطبري (16/354- 424) من طريق يعلى بن عطاء عن نافع بن عاصم عن عبد الله بن عمرو قال: إن في الجنة قصرًا يقال له عدن حوله البروج والمروج فيه خمسة آلاف باب على كل باب خمسة آلاف حِبَرة لا يدخله إلا نبيٌ أو صديق أو شهيدٌ. ه
فرواه موقوفاً من كلام عبد الله بن عمرو وهو المحفوظ. ولم يذكر فيه نار الأنيار ولا السجن ولا جزاء المتكبرين.

وحديث عبد الله بن عمرو السابق في وصف الجنة رواه أيضاً عبد الله بن مسلم بن هرمز عن ابن سابط عن عبد الله بن عمرو. واختلف عليه في وقفه ورفعه: فرواه الأعمش عن عبد الله بن مسلم به موقوفاً عند ابن أبي شيبة (21919)
ورواه عبد الله بن نمير عند البزار (6/449) وأبو نعيم في فضيلة العادلين من الولاة (ص136) عن عبد الله بن مسلم به مرفوعاً.
وعبد الله بن مسلم نفسه ضعيف لا يحتج به. (ميزان الاعتدال 2/503)

فالمحفوظ في هذا الحديث أنه من كلام عبد الله بن عمرو ولا يصح رفعه. ولعل هذا يؤكد ما ذكرته من وهم عمرو بن شعيب في رفع الحديث وقد ذكروا في ترجمته أن له مناكير يتفرد بها.
(انظر سير أعلام النبلاء 5/165 :180)

والأشبه أنه من كلام عبد الله بن عمرو وهو في أصله من أخبار أهل الكتاب كما رواه كعب الأحبار والله أعلم.


2- قال البزار: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَان الْعُقَيْلِيُّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عمر[و] عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُحْشَرُونَ الْمُتَكَبِّرُو نَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُوَرِ الذَّرِّ.
مسند البزار (14/339)

قلت: في المطبوع (محمد بن عمر) وصوابه ابن عمرو فهو الذي يروي عنه ابن راشد ويروي عن أبي سلمة.
وهذا اسناد ضعيف. محمد بن عثمان صدوق يغرب. ومحمد بن راشد مجهول الحال. ومحمد بن عمرو بن علقمة صدوق له أوهام وهو ضعيف في روايته عن أبي سلمة. (انظر على الترتيب في تقريب التهذيب 6127- 5874 - 6188 وتهذيب الكمال 26/216)

وتابعه عطاء بن مسلم عن ابن علقمة به وزاد: ثُمَّ يُذْهَبُ بِهِمْ إِلَى نَارِ الْأَنْيَارِ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نَارُ الْأَنْيَارِ؟ قَالَ: عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ.
رواه عبد الله بن أحمد في زوائده على الزهد برقم (121)
قلت: عطاء بن مسلم ضعيف مضطرب الحديث. (تحرير التقريب 4599)
وسئل الامام أحمد: تَعْرِفُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ مُسْلِمٍ الْخَفَّافِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُو نَ فِي صُوَرِ الذَّرِّ يَطَؤُهُمُ النَّاسُ. فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ: مَا أَعْرِفُهُ، عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. ه
(العلل رواية المروذي ت.وصي الله عباس 269)


قلت: وللحديث طرق أخرى واهية لا تصح:

فرواه البزار في زوائد مسنده (4/155) من حديث جابر بن عبد الله.
قال الهيثمي: فِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ. (مجمع الزوائد 10/334)

ورواه ابن عدي في الكامل (3/120) وابن الجوزي في الموضوعات (3/246) من حديث عوف بن مالك الأشجعي.
قال ابن القيسراني: وَهَذَا مَدَاره على الخصيب والخصيب كَذَّاب. وَرَوَاهُ عَنهُ الْحسن وَالْحسن أَيْضا مَتْرُوك الحَدِيث. ه (ذخيرة الحفاظ 2/603)


الخلاصة:

الأحاديث المرفوعة في الباب لا تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والرواية المرفوعة من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قد اختلف أهل العلم في الاحتجاج بها. وذكر الامام أحمد وغيره أن في حديثه مناكير وقد تفرد برفع هذا الخبر. وهو معروف من كلام كعب ووقفه على عبد الله بن عمرو أشبه والله أعلم.


كتبه
أحمد فوزي وجيه
13/9/2020