تمايز مستوى نظم التراكيب في إطار الصيغة
مستويات اتصال الضمير وانفصاله
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في اتصال وانفصال الضمائر، فمن المعروف أن الضمير موجود في الكلام من أجل الاختصار أو بالضابط اللفظي ، والمطلوب في العملية الاتصالية هو الجهد الأقل مع أقصى معنى ، ولكن إن دعت الحاجة المعنوية إلى وضع المنفصل مكان المتصل عُدل عن الأصل بحسب الأهمية المعنوية ، كما هو الحال في هذه التراكيب التي تتمايز من حيث مستوى النظم في إطار الصيغة نظرا لاختلاف منزلة المعنى بين أجزاء التراكيب : العرب تقول: سلنيـــــه – راجح
ويقولـون : سلني إيــَّــاه - مرجوح
ويقـولون: عجبت من حبِّي إياه - راجح
ويقولون: عجبت من حبِّيــه – مرجوح
ويقولون: خلتني إيـــــاه - راجح
ويقولون: خلتنيــــــه – مرجوح
ويقولون: الصديقُ كنت إيَّـاه - راجح
ويقولون: الصديقُ كنتـــه – مرجوح
ويقولون: ظننتك إيـــَّـاه – حسن
ويقولون : ظننتُكَـــــه – قبيح
ويقولون : أعطيتك إيــَّـاه – حسن
ويقولون : أعطيتكــــه – قبيح
ومنزلة المعنى بين أجزاء التركيب تتحكم في مستويات التراكيب ،فإن كان المبني عليه فعلا ناسخا أوشبيها به أو اسما فالأرجح الانفصال ،أما إن كان المبني عليه فعلا غير ناسخ فالأرجح هو الاتصال ،والمتكلم يختار هذا أو ذاك بحسب منزلة المعنى ،والذي يبدو لي أن الضمير المنفصل أفخم وأعظم ،والقرآن الكريم والعرب يعدلون عن الضمير إلى الاسم لأنه أعظم وأفخم وآكد للكلام ،قال تعالى "القارعة ما القارعة " والأصل:القارعة ما هي ؟ ويقول العرب:زيدٌ ضرب زيدٌ عمرا ،بدلا من "زيدٌ ضرب عمرا " فيأتون بالاسم بدلا من الضمير من أجل تعظيم وتفخيم وتأكيد الفاعل ، لأن الاسم أفخم وأعظم وأهول من الضمير ،وكذلك الحال هنا حيث نعدل عن المتصل إلى المنفصل بحسب الأهمية المعنوية لأن المنفصل أقوى وأبلغ وأعظم وأفخم . وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز معنى وإعراب ونظم التراكيب ، وباختصار: الإنسان يتحدث تحت رعاية الأهمية المعنوية وعلامات أمن اللبس، ويكفي المتكلم أن يقول كلاما مفهوما بعيدا عن اللبس والتناقض .