تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: المد بين القدامى والمحدثين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    27

    افتراضي المد بين القدامى والمحدثين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كل مايأتي مجرد نقل
    حروف المدّ بين القُدامى و المحدثين
    الدكتور عبدالله اللحياني
    قبل الخوض في العلاقة التي بين حروف المدّ ، والحركات تجدرُ الإشارة إلى مفهوم كلٍّ من : الحرف ، والحركة ؛ ليُعلم قدرُ التقارب والتباين بينهما .
    مفهوم الحرف :
    قال الزَّجَّاج : " فأمَّا حروف المعجم فهي أصواتٌ غير متوافقةٍ ، و لا مقترنة ، و لا دالَّة على معنًى من معاني الأسماء ، و الأفعال ، والحروف إلا إنها أصل تركيبها " . [1]
    ويُفهم من قول الزَّجَّاج ما يلي :
    1 _ أن كلَّ ما يُصدره جهاز النطق من أصواتٍ ، فإنَّ كلَّ صوت منها يغاير الآخرَ في المخرج ، أو في الصِّفة ، أو في كليهما يسمى حرفا .
    2 _ أنَّ هذه الحروف لا تحمل دلالةً في نفسها و إنمَّا دلالتها بتركيبها مع غيرها .
    3 _ أنَّ قضية الأصل هي التي أخرجت الحركات من أن يُطلقَ عليها حروفا .
    ويقول القَسطلانيّ : " الحروف جمع حرف ، وهو صوتٌ معتمدٌ على مقطع محقَّقٍ " [2] ، وهذا التعريف لا يشمل حروفَ المدّ ؛ لأنَّها ـ كما يذكر الخليل ـ " لا تقع في مدرجٍ من مدارج اللِّسان ، ولا من مدارج الحلق ، و لا من مدرج اللَّهاة ، إنَّما هي هاوية في الهواء ، فلم يكن لها حيِّزٌ تُنسبُ إليه إلا الجوف" . [3]
    ولهذا زاد التهانوي : " أو مقطعٍ مقدَّرٍ ... ؛ إذ الألف لا معتمدَ له في شيء من أجزاء الفمِ بحيث إنَّه يُقطعُ في ذلك الجزء " . [4]
    ويقول ابن يعيش : " الحرف إنَّما هو صوتٌ مقروعٌ في مخرجٍ معلوم " . [5]
    ويقول السُّهَيليّ : " الحروف أصوات " . [6]
    وحروف العربية الأصلية ـ كما هو معلوم ـ تسعة وعشرون حرفا ، منها : ثلاثة صائتة ، وهي حروف المدَّ : ( الألف ، والواو ، والياء ) ، وهي كما يرى ابن جني : " توابع للحركات ، ومنتشئة عنها ، و أنَّ الحركات أوائلُ لها و أجزاءٌ منها ، و أنَّ الألف فتحة مشبعة ، و الياء كسرة مشبعة ، و الواو ضمَّة مشبعة " . [7]
    و أما الباقية ـ إضافة إلى الواو والياء إنْ لم يسبقا بحركة من جنسهما ـ فهي صامتة .
    مفهوم الحركة :
    قال السُّهيلي : " الحركة عبارة عن تحريك العضو الذي هو الشفتان عند النطق بالصوت " . [8]
    وقال في موضع آخرَ عن الضمّ : " صُوَيْت خفيٌّ مقارن للحـرف ، فإن امتدَّ كـان واو ، و إن قَصُر كان ضمّة " . [9]
    ومن هنا فإنَّ الحركة غيرُ الحرف ، و إنَّما هي صُوَيْت مع حركةِ الشفتين يصاحب النطق بالحرف ، و إذا كان التغاير بين الحركة والحروف الصامتة أكثر وضوحا ، فممَّا لاشك فيه أنَّ مقدارَ التقارب بين حروف المدّ والحركات أقرب ، ولهذا " كان متقدمو النحويين يسمُّون الفتحةَ الألف الصغيرة ، والكسرة الياء الصغيرة ، والضمة الواو الصغيرة ، وقد كانوا في ذلك على طريقة مستقيمة ... ، فليست تسمية الحركة حروفا صغارا بأبعدَ في القياس " . [10]
    العلاقة بين حروف المد والحركات الثلاث :
    يتضح مما سبق أنَّ كلا من الحروف والحركات أصوات يتشكل منها اللفظ العربي ، و أنَّ من هذه الأصوات ما هو متَّفِق في المخرج ومتقارب في الصفة ، تلك هي حروف المد والحركات ، حتى صحَّ تسمية أحدها باسم الآخر مُقيَّدا بالصفة ، فـ " حروف المدِّ واللين هي أنفس الحركات إلا أنَّها مُدَّت ، وطُوِّل بها الصوت " [11] ، فالألف فتحة مشبعة ، والفتحة ألف صغيرة ، و الياء كسرة مشبعة ، و الكسرة ياء صغيرة ، و الواو ضمة مشبعة ، و الضمة واو صغيرة ، ولذلك يقول ابن سينا في كتابة أسباب حدوث الحروف : " و أمَّا الألف المصوتة و أختها الفتحة فأظنُّ أنَّ مخرجها مع إطلاق الهواء سلسا غير مزاحم ، والواو المصوتة و أختها الضمة فأظنُّ أنَّ مخرجها مع إطلاق الهواء مع أدنى تضييق للمخرج ، و ميل به سلس إلى فوق ، وأنَّ الياء المصوتة و أختها الكسرة فأظنُّ أنَّ مخرجها مع إطلاق الهواء من أدنى تضييق للمخرج ، و ميل به سلس ‘إلى أسفل " . [12]
    ومما يمكن أنَّ يُذكر من أوجه الاشتراك بين الحركات و حروف المدّ عدا ما ذُكرَ من المخرج والصفة :
    1_ لا يبتدأ بحركة كما لا يبتدأ بمدّ .
    2 _ لا تتلو الحركةُ الحركةَ ، كما لا يتلو المدُّ مدًّا ، وقد طوَّل رجل لأبي إسحاق الصوتَ بالألف مدَّعيًا أنه يمكن الجمع بين ألفَيْن ، فقال أبو إسحاق : " لو مددتها إلى العصر لما كانت إلا ألفًّا واحدا " . [13]
    3 _ أنَّ كلا من الحركة والمدّ لا يوجد إلا بحرف صامت، وقد نصَّ ابن جني على الحركة قائلا : " وكانت الحركة لا توجد إلا عند وجود الحرف " . [14]
    4 _ أنَّ كلا منها علامة للإعراب كما أنَّ حذفها في المضارع صحيحا ومعتلا علامة لجزمه .
    و مع ما بينها من اشتراك ما الذي دفع علماءنا المتقدمين إلى التفريق بينهما ، فأطلقوا على الألف ، والياء ، والواو مدًّا حروفا ، وسمَّوا الفتحة ، والكسرة ، والضمَّة حركات ؟
    لا شكَّ أنَّ المتقدمين قد طرَقَ هذا التساؤل أذهانهم ، ولذلك يقول ابن جني : " وإنَّما سميت هذه الأصوات الناقصة حركات ؛ لأنها تقلق الحرف ، وتجتذبه نحو الحروف التي هي أبعاضها ، فالفتحة تجتذب الحرف نحو الألف ، والكسرة تجتذبه نحو الياء ، والضمة تجتذبه نحو الواو ، و لا يبلغ بها الناطق مدى الحروف التي هي أبعاضها " . [15]
    ويقول ابن يعيش : " و إنَّما رأى النحويون صوتا أعظمَ من صوت ، فسمَّوا العظيم حرفا ، والضعيف حركة ، وإن كانا في الحقيقة شيئا واحدا ". [16]
    وعلى هذا فإن التفريق بينهما مبني على كميّة الصوت ، أو بمعني آخر الزمن الذي يستغرقه النطق بكل منهما ، ولذلك يقول ابن سينا : " ولكنني أعلم يقينا أنَّ الألف الممدودة المصوتة تقع في ضعف أو أضعاف زمان الفتحة ، و أنَّ الفتحة تقع في أصغر الأزمنة التي يصحّ فيها الانتقال من حرف إلى حرف ، و كذلك نسبة الواو المصوتة إلى الضمَّة ، و الياء المصوتة إلى الكسرة " . [17]
    ويرى الدكتور كمال بشر أنَّ السبب في هذا التفريق إنَّما هو نظرية الأصول ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى التأثُّر بالكتابة ، ذلك أنّ الحروف لها رموز مستقلّة ، أمّا الحركات فرموزها متأخرةٌ نسبيّا . [18]
    أمَّا العكبَريّ فيرى أنّ حروف المدّ ليست ناتجة عن إشباع الحركات معلِّلا ذلك بعلّتين :
    1 - أنّ الحركة ليست بعض الحرف ؛ لأن حروف المدّ ساكنة ، ومحال اجتماع ساكن من حركات .
    2- أنّك إذا أشبعت الحركة نشأ منها حرف تامٌّ ، وتبقى الحركة قبله بكمالها ، فلو كان الحرف حركتين لم تبقَ الحركة قبل الحرف . [19]
    و من قبله صحّح القيسيّ هذا الرأي ، يقول : " وقال بعضُ أهل النّظر : ليست الحروف مأخوذةً من الحركات الثلاث ، ولا الحركات مأخوذة من الحروف ، إذ لم يسبق أحد الصّنفين الآخر ... ، وهو قول ٌ صحيحٌ إنْ شاء الله تعالى " . [20]
    و لعل هذا الرأي جديرٌ بالقبول ؛ إذ أنّ من المعلوم أنّه ليس هناك اتّفاق مطلقٌ بين صوتين ، وإلا لعُدّا صوتا واحدا ، و أنَّ أيَّ قدر من التغاير بينهما يجعل منهما صوتين متغايرين ، و لذلك يقول ابن جني : " لولا الإطباق لصارت الطاء دالا ، والصاد سينا ، والظاء ذالا " . [21]
    و في مقدمة العين بقول الليث نقلا عن الخليل : " لولا بحّة في الحاء لأشبهت العين ؛ لقرب مخرجها من العين ... و لولا هتّة في الهاء ، و قال مرة : ههّة ، لأشبهت الحاء ؛ لقرب مخرج الهاء من الحاء " . [22]
    مع ملاحظة أنّ هناك قدرٌ من التغاير لا يخرج به الصوت عن حقيقته كالترقيق ، والتفخيم في اللام ، والراء ، والتفخيم في الألف ، هذا في الحروف ، وكالاختلاس و هذا في الحركات .
    فإن قيل : لِمَ لا يكون الطول ، والقصر بين المتشابهين من أصوات المدّ ، والحركات غيرَ مخرجٍ لكلٍّ منهما عن حقيقته الواحدة ، فيكون في ذلك كالترقيق ، والتفخيم ، والاختلاس ؟
    قيل : إنّ الأصواتَ حروفا ، وحركات لا قيمة لها في أنفسها ، وإنّما قيمتها بعد تركيبها ، و انضمامها إلى غيرها ، و على هذا ، فإنّ التغاير إنْ أخرج الكلمة عن مدلولها فهو تغاير يعتدُّ به ، وإلا فلا ، فـ ( ضَرَب ) بالفتح بعد الضاد غيرُ ( ضارَبَ ) ، و من هنا فالفتح صوت مغاير للألف ، ولكن ( ضرب ، أو ضارب ) بتفخيم الراء ، أو ترقيقها فيهما هي هي ، والخروج عن الصورة الصحيحة فيهما إنّما هو انحراف صوتيّ .
    أمّا ما ذُكر من اشتراكهما في الأحكام السابقة فلا يدلّ بحال على أنهما شيءّ واحد ؛ إذْ قد يأخذ الشيءُ حكم غيره و إن لم يكن منه بسبب ، وإنّما اتّحدا في الحكم والاعتبارات مختلفة :
    أمّا عدم الابتداء بهما فلأنَّ الحركة لابدّ أنْ تصاحب الحرف معه أو بعده _ ولكلّ منهما وجه _ ، لذا لم تقع أولا ، و المدّ لا يكون إلا ساكنا ، و لا يبتدأُ بساكن .
    و أمّا أنّ الحركة لا تتبعها حركة فلأنّ الحرف الواحد لا يكون محلا لحركتين ، يقول ابن جني : " الحرف الواحد لا يتحمل حركتين لا متّفقتين ، و لا مختلفتين " . [23]
    و أمّا أنّ المدّ لا يتبعه مدٌّ فلعدم جواز اجتماع الساكنين على غير حدَّه .
    و أمّا أنّهما لا يوجدان إلا بحرف فالحركة لما تقدّم ، و أمّا المدُّ فلأنه لابدّ أنْ يكون مسبوقا بحركة من جنسه ، و الحركة محلُّها الحرف .
    و أمّا استعمالهما علامة للإعراب فلخفّتهما ، و استمرار الصوت بهما ، و لذا لا تخلو كلمةٌ منهما .
    أثر جعل حروف المدّ حركة طويلة في الدرس اللغويّ :
    من المسّلم به أنّ للأمَّة الإسلامية من التراث الديني , واللغوي ما يتصف بالقداسة ، والاستمرار ، و إذا كان لتغيير مصطلح لا يغير في حقيقة المسمّى به أثره العظيم على هذا التراث مّما يقطع الصلة بين السابق ، واللاحق ، فما بالك بالقضايا الكليّة التي تغير حقائق العلوم ، وإذا أردنا تتبع المسائل الجزئية لأثرِ اعتبار حروف المدّ حركات طويلة ، و مدى خطورة القول بها فسيطول الحديث ، و حسبي أنْ أضمّ ما وقفت عليه في مسائل كليّة منها :
    1_ سيُلغى تقسيم الحروف إلى حروف صحيحة ، و أخرى معتلَّة ؛ إذ ليست حروف المدّ إلا حركات طويلة .
    2_ استعمال مصطلحات غير تلك المصطلحات التي شاعت عن المتقدمين ، أو تسمية الظواهر اللغوية بغير أسمائها ، و من ذلك :
    أ _ إطلاق القصر على الحذف ، ففي قول العرب مثلا : ( لا يألُ ، و لا أدرِ ) ، الأصل ( لا يألو ، و لا أدري ) ، فحُذف الواو ، والياء ، أمّا الدكتور سلمان السُحيْميّ _ و هو أكثر من توسع في تطبيق هذا المفهوم فيما أعلم _ فيقول : " و الحاصل أنّه لم يُحذف بمعنى أسقط الضمّة الطويلة ، و إنّما الذي حصل قصْرُها ، أي : جعلها حركة قصيرةً ، و كثيرًا ما يعبر النحويون عن قصر المدِّ بالحذف " [24] ، ويزعم أنّ السبب في ذلك النظر إلى الحروف المكتوبة . [25]
    و بهذا يُقاس على ما تقدّم كلُّ ما فيه حذف من مثل : ( لم يقُلْ ، و لم يبِعْ ) ، , ( الذِ ، و التِ ) ، و ( مفاتيح ) ، و ( يا عبادِ ) ، و ( ممَّ ) ، ... إلى آخر ذلك .
    ب _ إطلاق الحذف على قلب الهمزة الساكنة حرفا من جنس الحركة التي قبلها للتخفيف ، فيقال : ( راس ، و ذيب ، و بوس ) في ( رأس ، و ذئب ، و بؤس ) ؛ إذ يرى الدكتور السحيميّ أنّ الهمزة حُذفت رأسا ، ثُمّ مُدّت الحركة التي قبلها عوضا عنها . [26]
    ج _ إطلاق الحذف و التعويض على ما سمّاه القدماء البدل ، وذلك فيما إذا أبدل حرفُ علّة بحرف صحيح ؛ لأنّ الحركة الطويلة لا تكون أصلا ، و لا بدلا من أصل ، ففي ( الأراني ، و الثّعالي ) حذفت الياء منهما ، ثم مُدّت الحركة قبلها عوضا عنها ، و كذا يقال في ( الخامي ، و السادي ، و تسنَّى ، و تسرَّى ، و تقضَّى ، و دسّاها ) ... إلى آخره .
    3 _ إلغاء كثير من صور التقاء الساكنين ، و عدم الاعتداد به علة للحذف ، فإذا أُكّد الفعل ( لا تكتبوا ) بالنون حُذفت الواو ؛ لالتقائها ساكنة بنون التوكيد ، و جعلت ضمّة الباء دليلا عليها ، أما عند من يجعل الواو حركة طويلة فالواو حذفت بلا علّة ، وبهذا يعلل لكثير من ظواهر الحذف ، فما هو إلا عشوائية و اعتباط .
    4 _ اختلال كلّ الأوزان التي اشتملت أصول موزوناتها على حرف من حروف المدّ ذلك ؛ لأنّ الحركة الطويلة لا تكون أصلا ، فـ ( قال ) على هذا ، و زنها ( فال ) ، و إذا كان من أوزان التصغير ( فُعَيْل ) ، فإنه لا يصلح أنْ يكون وزنا لـ ( جار ) _ مثلا _ إذا ما صُغِّر ...و هكذا .
    و في ( استصاب ) من استصوب حذفت الواو التي هي عين الفعل ، و مدّت الحركة التي بعدها ، فوزنها ( استفال ) [27] ، لا كما يدّعي الصرفيّون من أنّ حركة الواو نقلت إلى ماقبلها ، فتحركت بحسب الأصل ، و انفتح ما قبلها بحسب الآن ، فقلبت ألفا ، و وزنها ( استفعل ) .
    و بهذا سيُعاد النظر في كلِّ أبنية اللغة العربية التي حصرها العلماء بعد استقراء ألفاظها ، و سينشأ عن ذلك أوزان جديدة غيرها لكثير من الأبواب كجموع التكسير بأنواعها ، و أوزان التصغير ، و المشتقات بأنواعها ...إلى آخره .
    5 _ اختلال بعض ما أرساه المتقدمون مما يتعلق بعلامات الإعراب الظَّاهرة ، أو المقدرة ، و من ذلك أنّ الفعل ( يقضي ) _ مثلا _ ليس مرفوعا بضمة مقدرة كما يزعم المتقدمون ، و لكنّه على هذه الصورة لا إعراب له ، و جمع المذكر السالم و كذا الأسماء الستة ليسا معربين بالحروف بل بحركات طويلة ، بل من عجيب ذلك أن الفتحة لم يدُرْ في خلدها يوما أن تكون علامة للرفع ، و لكنها بهذا القول تتبوأ تلك المنزلة ، و ذلك في المثنى ، فهو في حالة الرفع يكون مرفوعا بفتحة طويلة ، بل قد تستبدّ ، فتكون علامة للرّفع ، و النّصب ، و الجرّ ، و ذلك فيما يقصر من الأسماء الستّة .
    6 _ الجنوح إلى توهُّم أمور ، و إلباسها ثوبا من الحقيقة ، و من ذلك :
    أ _ رأي السُّحيميّ في حروف المدّ الأصول ، و أنّ الأصل فيها الهمز ، فـ ( قال ، و باع ، و قضى ، و فتى ) ، و نحوها الأصل فيها : ( قأل ، و بأع ، و قضأ ، و فتأ ) بدليل : ( قائل ، و بائع ، و القضاء ، و الفتاء ) منكرًا على القدماء قولهم : إنّ وقوع حرف العلة بعد مدّ زائد موجب لقلبها همزة ، أمّا ( قال ، و باع ، و قضى ، و فتى ) فجاءت بعد حذف حرف الهمزة ، و تطويل الحركة قبلها . [28]
    ب _ رأي السُّحيمي في ياء المتكلم الساكن ، إذ يرى أنّ الأصل فيه الفتح ، فالأصل في نحو ( غلامي ) : ( غلاميَ ) ثمّ حذفت الياء مع الفتحة بعدها ، و مُدّت حركة الميم قبلها عوضا عن الياء المحذوفة . [29]
    و إذا كان قد نُقلَ الخلاف في أصل ياء المتكلم الفتح ، أو السكون فقد كان الأقرب مأخذا ، و الأبعد عن التكلف أنْ يَدّعي حذف الفتحة !
    و على هذا فإنّ واو الجماعة ، و ألف الاثنين ، و ياء المخاطبة التي عدّها المتقدمون كلمات مستقلّة ، و أنّها ضمائر ، فهي من قبيل الأسماء تكون خارجة عن أقسام الكلم الثلاثة ، فما هي إلا حركات مشبعة ، أو طويلة مع ما لها من دلالة بقية الضمائر [30] ، و في هذا تقسيم للباب الواحد ، بل أنّ ياء المتكلم تكون تارة اسما ، و ذلك إذا فتحت ، و تكون تارة أخرى حركة طويلة إذا سكنت !
    7 _ الحكم على ألفاظ العربية أسماء ، و أفعال ، و حروف في عدد حروفها بغير حكم المتقدّمين ، فكلمة ( دعا ، و فتى ، و إلى ) ثنائية ، و ذلك و إنْ لم يكن مستنكرا في الحرف ، لأنّ منه ما هو أحاديّ إلا أنّ الأسماء ، و الأفعال أقلّ أصولها ثلاثة .
    8 _ الاختلاف في عدد حروف الكلمة الواحدة في أحوالها المختلفة فـ ( قضى ، و يقضي ، و قال ) ـ كما ـ زعموا ثنائّية ، بينهما هي في ( لن يقضيَ ، و قائل ) ثلاثّية ، و الفعل ( رمى ) يخالف مصدره ( الرمي ) مع أنّ أحدّهما أصلٌ للآخر . [31]
    9 _ اختلال أوزان الشعر [32] ، فمن المعروف أنّ هذه الأوزان تقوم على الحركة ، والسكون ، فكلمة ( لا ) مثلا سبب خفيف يتكون من حركة فسكون ( /5 ) في حين يصبح بالمفهوم الجديد لحروف المدّ حركة واحدة .
    10 _ اختلال النظر إلى الحذف و الإشباع ، وأيّهما الأصل ، ففي ( صيارف ، و صياريف ) _ مثلا _ هل الأصل الأولى ، و الثانية ناتجة عن تطويل حركة الراء أم الأصل الثانية ، و الأولى نتجت عن تقصير حركة الراء ؟ و كذا في ( مفاتيح ، و مفتاح ) ، و هي عكسها .
    ـــــــــــــــ ـــ
    [1] ينظر : الإيضاح في علل النحو 54 .
    [2] ينظر : لطائف الإشارات 2 / 183 .
    [3] ينظر : العين 1 / 75 .
    [4] ينظر : كشاف اصطلاحات الفنون 1 / 437 .
    [5] ينظر شرح المفصل لابن يعيش 10 / 124 .
    [6] ينظر نتائج الفكر : 112 .
    [7] ينظر سرّ صناعة الإعراب 1 / 23 .
    [8] ينظر : نتائج الفكر 83 .
    [9] ينظر المصدر السابق 84 ، و بمثل ذلك أشار إلى الفتحة و الكسرة .
    [10] ينظر : سرّ صناعة الإعراب 1 / 19 .
    [11] ينظر نتائج الفكر 88 .
    [12] ينظر صفحة ( 16 ) .
    [13] ينظر الخصائص 2 / 493 .
    [14] أشار إلى أوجه الاشتراك الثلاثة الدكتور سلمان السحيميّ في كتابه الحذف و التعويض 98 .
    [15] ينظر سرّ صناعة الإعراب 1 / 26 ـ 27 .
    [16] ينظر شرح المفصل لابن يعيش 9 / 64 .
    [17] ينظر أسباب حدوث الحرف 16 .
    [18] ينظر : علم اللغة العام الأصوات 76 ، و أنظر الهامش .
    [19] ينظر : اللباب في علل البناء و الإعراب 1 / 63 ـ 64 .
    [20] ينظر : الرعاية 106 .
    [21] ينظر سرّ صناعة الإعراب 1 / 61 .
    [22] ينظر العين 1 / 57 .
    [23] ينظر : سرّ صناعة الإعراب 1 / 27 .
    [24] ينظر : الحذف و التعويض 196 .
    [25] ينظر المرجع السابق 201 .
    [26] ينظر المرجع السابق 301 ، و ما بعدها .
    [27] ينظر المرجع السابق 355 .
    [28] ينظر المرجع السابق 342 ـ 345 .
    [29] ينظر المرجع السابق 361 .
    [30] أشار إلى ذلك محمد عرفة في كتابه النحو و النحاة بين الأزهر و الجامعة 183 ـ 184 .
    [31] ينظر المرجع السابق 185 .
    [32] ينظر المرجع السابق 184 .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2013
    المشاركات
    13

    افتراضي رد: المد بين القدامى والمحدثين

    السلام عليكم

    بعد هذا العرض الماتع , فهل الحركات اصوات لغويية ام موضوع آخر ؟

    تحية طيبة

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2013
    المشاركات
    13

    افتراضي رد: المد بين القدامى والمحدثين

    هل من مجيب على سؤالي ؟ هل الحركات اصوات لغوية ام هي شيء اخر ؟ والسؤال الثاني ماهو المصدر الذي اخذ منه المؤلف او الكاتب لهذا الموضوع الاحالة رقم 12 ؟ ارجو كتابة المصدر هنا ؟ فانا عدت الى كتاب ابن سينا ( اسباب الحروف ) ولم اجد هذا الكلام في الصفحة رقم 16 من الكتاب ؟

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •