السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كنت أبحث في مسألة معينة ..فوجدت الحافظ ابن عبد البر _رحمه الله _يضعف حديثا في الصحيحين وهو مارواه عمران ابن حصين _ رضي الله عنه _قال:قال النبي صلى الله عليه وسلم
"خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم _قال عمران :لاأدري أذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعد قرنين أوثلاثة _ثم قال:إن بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمنون,ويشهدون ولايستشهدون ,وينذرون ولايفون,ويظهر السمن"
هذا الحديث له روايات متعددة ,وهو من قبيل المتفق عليه عند البخاري ومسلم ,وقد رواه غيرهم
وقد اطلعت على هذا الكلام _الآتي_في التمهيد ,عندشرحه لحديث "ألا أخبركم بخيرالشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل ان يسألها" رواه زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه
وهو في ظاهره يخالف حديث عمران بن حصين المتقدم
ولأجل هذا التعارض ,انظر ماذا قال الحافظ ابن عبد البر _رحمه الله_حول حديث عمران بن حصين
"وقد روى ابن إدريس عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبدالله بن عمرو بن عثمان عن زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ألا أنبئكم بخير الشهداء هم الذين يبدرون بشهادتهم قبل أن يسألوا عنها هكذا قال في إسناده لم يذكر أبا عمرة ولا ابن أبي عمرة ذكره ابن أبي شيبة عن ابن إدريس ورواه حاتم بن إسماعيل عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد عن زيد بن خالد فأفسد إسناده وأما لفظه فل يختلف في معناه وهو معنى صحيح لأن أداء الشهادة فعل خير ومعلوم أن من بدر إلى فعل الخير حمد له ذلك ومدح له وفضل والله يوفق من يشاء لا شريك له
وقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم من حديث العراقيين حديث يعارض ظاهر هذا الحديث وليس كذلك حدثنا عبدالوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا أبي حدثنا وكيع حدثنا الأعمش حدثنا هلال بن يساف عن عمران بن حصين قال, قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم يتسمنون ويحيون يعطون الشهادة قبل أن يسألوها حدثنا عبدالوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا ابن فضيل عن الأعمش عن علي بن مدرك عن هلال بن يساف عن عمران عن النبي صلى الله عليه و سلم ( بنحوه ) قال أبو عمر: أدخل ابن فضيل بين الأعمش وبين هلال في هذا الحديث علي بن مدرك وتابعه على ذلك عبدالله بن إدريس ومنصور بن أبي الأسود وهو الصواب وهذا عندي والله أعلم إنما جاء من قبل الأعمش لأنه كان يدلس أحيانا وقد يمكن أن يكون من قبل حفظ وكيع لذلك وإن كان حافظا أو من قبل أبي خيثمة لأن فيه حدثنا هلال بن يساف وليس بشيء وإنما الحديث للأعمش عن علي بن مدرك عن هلال والله أعلم وقد روى الأعمش عن هلال بن يساف غير ما حديث وقد روى هذا الحديث شعبة عن علي بن مدرك عن هلال بن يساف عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم لم يقل عن عمران بن حصين أخبرناه محمد ابن إبراهيم أخبرنا محمد بن معاوية أخبرنا أحمد بن شعيب حدثنا محمد بن بشار حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن علي بن مدرك عن هلال بن يساف قال قدمت البصرة فإذا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ليس أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم سمان يعطون الشهادة ولا يسألوها قال أبو عمر: هذا الحديث في إسناده اضطراب وليس مثله يعارض به حديث مالك لأنه من نقل ثقات أهل المدينة وهذا حديث كوفي لا أصل له ولو صح كان معناه كمعنى حديث ابن مسعود على ما فسره إبراهيم النخعي فقيه الكوفة حدثنا عبدالوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا أبي حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة السلماني عن عبدالله قال سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم أي الناس خير قال قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تبدر شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته قال إبراهيم كانوا ينهوننا ونحن صبيان عن العهد والشهادات
قال أبو عمر: معنى هذا عندهم النهي عن قول الرجل أشهد بالله وعلي عهد الله ونحو ذلك والبدار إلى ذلك وإلى اليمين في كل ما لا يصلح وما يصلح والله أعلم وليس هذا الحديث من باب أداء الشهادة في شيء وقد سمى الله عز و جل أيمان اللعان شهادات فقال فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله وهذا واضح يغني عن الإكثار فيه وحديث أهل المدينة في هذا الباب حديث صحيح مستعمل لا يدفعه نظر ولا خبر والله المستعان وذكر عبدالرزاق قال أخبرنا محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال إذا كان عندك لأحد شهادة فسألك عنها فأخبره بها ولا تقل لا أخبرك إلا عند الأمير أخبره بها لعله أن يرجع أو يرعوي قال وأخبرنا محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال خير الشهداء من أدى شهادته قبل أن يسأل عنها قال أبو عمر أبو عمرة الأنصاري والد عبدالرحمن بن أبي عمرة هذا اسمه ثعلبة بن عمرو بن محصن .."التمهيد(ج17_ص298إ لى301)
قال الحافظ ابن حجر _رحمه الله_عند شرحه حديث عمران بن حصين المتقدم:
"..ويعارضه مارواه مسلم من حديث من حديث زيد بن خالد مرفوعا(ألاأخبرك بخير الشهداء؟الذي يأتي بالشهادة قبل ان يسألها) واختلف العلماء في ترجيحها ,فجنح ابن عبد البر إلى ترجيح حديث زيد بن خالد لكونه من رواية اهل المدينة, فقدمه على رواية أهل العراق وبالغ فزعم أن حديث عمران هذا لا أصل له.."فتح الباري(5ج_320ص)
نريد مشاركة الأخوة الكرام