بارك الله فيكم
بارك الله فيكم
حديث آخر عن أنس لعله سبب خطأ حفص بن غياث في الحديث الأول
رواه عاصم الأحول عن ابن سيرين عن أنس رضي الله عنه أنه كره أن يصلى على الجنازة في المقبرة .
ورواه عن عاصم جماعة
1/ سفيان بن عيينة
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/156) ثنا سفيان عن عاصم به.
سفيان هو ابن عيينة أبو محمد الكوفي شيخ الحرم الإمام الثبت الثقة أحد الرفعاء.
2/ أبو معاوية الضرير.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (37536) ثنا أبو معاوية عن عاصم به.
أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير الكوفي لا بأس به وثقه ابن معين والنسائي والعجلي وزاد ابن معين لكنه يخطئ ولينه بعضهم تليينا خفيفا.
3/ محاضر بن مورع
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (3119) ثنا أبو أحمد ثنا محاضر ثنا عاصم به.
محاضر هو ابن مورع لين القول فيه بعض الأيمة وقال الحافظ: صدوق له أوهام.
والسند إليه صحيح أبو أحمد شيخ ابن المنذر هو محمد بن عبد الوهاب الفراء النيسابوري ثقة قال عنه الذهبي الحافظ العلامة وثقه مسلم
4/ علي بن مسهر 5/ وعبد الواحد بن زياد ذكره الدارقطني في العلل كما سيأتي ولم أقف عليه موصولا
6/ حفص بن غياث
ورواه عن عاصم حفص بن غياث واختلف عنه أيضا فرواه ابن أبي شيبة في المصنف (37536) ثنا حفص[1] عن عاصم عن ابن سيرين عن أنس أنه كره أن يصلى على الجنازة في المقبرة.
وخالف ابن أبي شيبة حسين بن يزيد فرواه عن حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم : " نهى أن يصلى على الجنائز بين القبور ".
أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (2330) نا الفضل
وأخرجه الطبراني في الأوسط (5631) ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي
وأخرجه ابن نصر في الفوائد (58) ثنا أبو عبد الملك هشام بن محمد الكندي ثنا عثمان بن خرزاد ثلاثتهم قالوا ثنا حسين بن يزيد الطحان ثنا حفص بن غياث به
ومن طريق الطبراني رواه الضياء في المختارة (7/164).
حسين بن يزيد هو ابن يحيى الطحان الأنصاري أبو عبد الله وقيل أبو علي الكوفي ذكره ابن حبان في الثقات والسند إليه صحيح
قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن عاصم الأحول إلا حفص تفرد به حسين بن يزيد
أقول : مراد الطبراني ظاهر أنه لم يروه عن عاصم مرفوعا إلا حفص وقوله أيضا تفرد به حسين بن يزيد يريد أنه تفرد برفعه وهو إعلال له بذلك وإلا فقد رواه عن حفص أيضا ابن أبي شيبة موقوفا لكن لما صار مثل هذا يخفى على كثير من المعاصرين فيستدركون على الحافظ الطبراني اقتضى ذلك التتنبيه
تنبيه : وقع في مطبوع معجم ابن الأعرابي " نا الحسين بن يزيد الطحان نا جعفر عن عاصم الأحول "
أقول : لم يعلق محقق المعجم على جعفر هذا وهو عندي مصحف عن حفص فرسمهما واحد وقد روى ابن الأعرابي رواية أشعث عن الحسن المتقدمة بهذا الإسناد وسمى شيخ حسين حفصا ويعين ذلك أيضا أن هذا الحديث المرفوع من أفراد حفص عن عاصم كما نص على ذلك الطبراني
[1] قرن بحفص أبا معاوية
أقول : قد رفع حسين بن يزيد الحديث ووقفه ابن أبي شيبة وحسين هذا الذي تفرد برفع الحديث لو لم يخالف لكانت روايته غير مقبولة لضعفه فقد قال أبو حاتم لين الحديث فكيف إذا خالف حافظ أهل زمانه ابن أبي شيبة الذي قال عنه الفلاس ما رأيت أحفظ من ابن أبي شيبة وقال ابن حبان كان متقنا حافظا دينا ممن كتب وجمع وصنف وكان أحفظ أهل زمانه.
الخلاصة أن تفرد الحسين بزيادة الرفع منكر والمحفوظ عن حفص بن غياث الوقف على أنس وهو الوجه الموافق لرواية الجماعة عن عاصم
أقول : لعل هذا الخبر عن أنس سبب وهم حفص في الحديث الأول لأنه قريب من لفظه والله تعالى أعلم
يتبع إن شاء الله تعالى
بارك الله في شيخنا عدلان وجزاه عنا خيرا
لا ينبغي أن يُفهم من قول شيخنا المقتبس أعلاه: أنّ الرفعَ محفوظٌ عن حفص ..
لأنه قد خلص إلى أن هذا الرفع منكر، إنما تفرد به عنه حسينُ بن يزيد ..والمحفوظ عنه هو الوقف.
والمقصود من قوله هو: أن الحديث المرفوع لم يُرْوَ إلاّ عن حفص عن عاصم كما نص على ذلك الطبراني
بغض النظر هل هو محفوظ عنه أم لا.. ؟ فلا يمكن أن يكون عن جعفر عن عاصم. والله أعلم
فهؤلاء ستة ابن عيينة وأبو معاوية ومحاضر وعلي بن مسهر وعبد الواحد بن زياد وحفص بن غياث في المحفوظ عنه رووه عن عاصم الأحول عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك موقوفا
وخالف هؤلاء عبد الله بن الأجلح فرواه عن عاصم عن أنس قال : نهي عن الصلاة بين القبور.
أخرجه البزار في المسند (6487) ثنا عبد الله بن سعيد ثنا عبد الله بن الأجلح عن عاصم به
عبد الله بن الأجلح هو أبو محمد الكوفي وذكر الترمذي في العلل عن محمد وهو البخاري ليس بحديثه بأس وقال أبو حاتم والدارقطني لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن شاهين في الضعفاء وفي رواية المفضل وإسحاق الكوسج عن ابن معين عبد الله بن الأجلح ضعيف فالرجل لا ينفك عن ضعف ومن نظر في حديه وجده قد وهم في غير حديث
والسند إليه صحيح
قال الدارقطني في الغرائب أطرافه (1/ 203) : حديث " كانوا يكرهون أن يصلوا على الجنائز بين القبور "تفرد به[1] الأجلح عن عاصم عن أنس
أقول : هذا الحديث من أفراد ابن الأجلح وقد خالف الجماعة في إسناد الحديث ومتنه فأسقط ابن سيرين ونحا بالحديث نحو الرفع في رواية البزار وأما فيما حكاه عنه الدارقطني فجعل الكراهة لعموم الصحابة
وهذه الرواية غير محفوظة أخطأ فيها ابن الأجلح على لين فيه إذ خالف من هم أحفظ منه وأثبت وأكثر وفيهم سفيان بن عيينة الإمام.
[1] ذكر له حديثا آخر وقال تفرد بهما والغريب أن هذا الحديث أخطأ فيه أيضا كخطئه في حديثنا سواء
الخلاصة أن المحفوظ ما رواه ابن عيينة وأبو معاوية ومحاضر وعلي بن مسهر وعبد الواحد بن زياد وحفص بن غياث عن عاصم الأحول عن ابن سيرين عن أنس بن مالك " أنه كره أن يصلى على الجنازة في المقبرة ".
وهذا إسناد موقوف صحيح
عاصم هو ابن سليمان الأحول أبو عبد الرحمن البصري قال ابن معين كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه ويستضعفه وخالفه في ذلك غيره من الأيمة فقال ابن مهدي كان من حفاظ أصحابه وقال أحمد شيخ ثقة وقال أيضا من الحفاظ للحديث ثقة وقال المروذي سألت أبا عبد الله عن عاصم الأحول فقال ثقة فقلت إن يحيى – يعني القطان – تكلم عنه فعجب وقال ثقة ووثقه ابن معين وأبو زرعة وابن عمار والعجلي وقال رجل لابن معين قال القطان عاصم الأحول لم يكن بالحافظ فقال ابن معين عاصم الأحول ثقة وقال ابن المديني ثقة ثبت وقال أبو حاتم صالح الحديث وقال ابن عدي لم أر في حديثه منكرا ولا شيئا فيه اضطراب إلا ما ذكرته وهو عندي لا بأس به ووثقه البزار فالرجل ثقة.
وابن سيرين هو محمد أبو بكر البصري إمام وقته وثقه أحمد وابن معين والعجلي وقال ابن سعد كان ثقة مأمونا عاليا رفيعا فقيها إماما كثير العلم ورعا.
أقول : ثم بعد هذا التخريج كله وجدت الحافظ أبا الحسن الدارقطني سئل عن حديث عاصم الأحول عن أنس : " كانوا يكرهون الصلاة على الجنائز في المقـابر"
فقال : يرويه عبد الله بن الأجلح عن عاصم الأحول عن أنس
وخالفه عبد الواحد بن زياد وعلي بن مسهر وأبو معاوية ومحاضر رووه عن عاصم الأحول عن محمد بن سيرين عن أنس أنه كره ذلك وهو الصحيح اهـ.
أقول : كلام الدارقطني هذا وقفت عليه بعد ما أكملت تخريج الحديث وليس هو في المطبوع من العلل[1] لأنه في مسند أنس وهو لا يزال مخطوطا في ما أعلم وقد خرجته من النسخة المخطوطة أعارنيها أخونا وصاحبنا الشيخ أبو نجيد إسماعيل سيد علي شكر الله له وقد كنت قبل مترددا في هذا الحديث - ولم أقف عليه إلا في مسند البزار – أهو حديث مستقل أم هو خلاف وقع على عاصم ؟ لاختلاف لفظ الحديثين فلما وقفت عليه هناك أيقنت أن لفظ حديث عبد الله بن الأجلح عند البزار مختصر أو وقع فيه وهم وليس حديثا مغايرا لحديث الجماعة وقد زاد الدارقطني راويين خالفوا عبد الله بن الأجلح عبد الواحد بن زياد وعلي بن مسهر ولم أقف على روايتيهما ولعل الله ييسر ذلك ففرحت بذلك وحمدت الله الكريم الذي هداني لموافقة هذا الإمام في الحكم على هذا الحديث.[2]
[1] ثم طبع باقي الكتاب وهو فيه (12/99)
[2] كتبت هذا من مدة وقبل وقوفي على كثير من الكتب الحديثية فالحمد لله على فضله وتوفيقه
يتبع إن شاء الله تعالى
الخلاصة :
الألفاظ الواردة عن أنس ثلاثة :
1/ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بين القبور
وهذا حديث ضعيف له إسنادان :
أحدهما مرسل أرسله الحسن ولا يحفظ فيه ذكر أنس.
والثاني منكر تفرد به أبو سفيان السعدي وهو متروك
وقد تقدم أن زيادة صلاة الجنازة في هذا المتن لم ترد إلا بإسناد فيه جماعة لم أعرفهم عن جعفر بن محمد ابن بنت إسحاق الأزرق وقد روي الحديث عنه من وجه آخر موافق لرواية الجماعة عن حفص ليس فيه زيادة صلاة الجنازة
أقول : فعلى فرض أنه ثقة فقد خالف خمسة من الثقات منهم ابن أبي شيبة الإمام الحافظ الثبت ومنهم أبو موسى الزمن أحد الثقات الأثبات ثم يحتاج السند إليه إلى نظر فإني لم أعرف بعض الرواة إليه
وقد زاد في السند أيضا راويا فعلى فرض ثقته تعتبر روايته هذه عند أهل الحديث شاذة فحفص مشهور له أصحاب وحديثه مبسوط بينهم ولم يذكره أحد في الدواوين المشهورة فكيف إذا لم تعلم حاله وقد جزم البخاري بخطأ رواية الحسن عن أنس وهذا وحده يكفي في خطأ رواية جعفر
فالخلاصة أن رواية جعفر هذا منكرة غير محفوظة.
2/ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الجنازة في المقابر
ورفع هذا المتن إلى النبي منكر تفرد به حسين بن يزيد الطحان عن حفص وهو لين الحديث وقد خالف حافظ زمانه ابن أبي شيبة وقد وافق حفصا على المحفوظ عنه جماعة من الثقات
3/ والمحفوظ ما صح عن أنس موقوفا عليه " أنه كره أن يصلى على الجنازة في المقبرة ".
وقد وهم عبد الله بن الأجلح في هذا الخبر أيضا فأسقط من سنده راويا وخالف جماعة من الثقات من أصحاب عاصم في متنه منهم الإمام ابن عيينة إذ نحا به نحو الرفع والصواب وقفه كما تقدم
سبب تخريج هذا الحديث
والذي حدا بي إلى تخريج هذا الحديث كلام أحد إخواننا الأفاضل في درس له ألقاه في مسجدنا التقوى رفعه الله تعالى وأهله ذكر فيه نهي النبي صلى الله عليه عن الصلاة في المقبرة عموما ونهي النبي أيضا عن صلاة الجنازة فيها خصوصا، فراجعته في شأن صلاة الجنازة فذكر أن النهي وارد في حديث وعلمي وقتها أن العلامة الألباني رحمه الله تعالى قد تعرض لهذا في كتابه الفذ أحكام الجنائز فراجعته فوجدت الحديث فيه مصححا إلا أن الشيخ رحمه الله لم يتوسع في تخريجه ثم راجعت باقي كتبه الأخرى رجاء أن أظفر به مخرجا بأوسع من الأول فلم أظفر من ذلكم بشيء ثم إن الذي حملني على تتبع طرق الحديث والتوسع في تخريجه أن زيادة صلاة الجنائز الواردة فيه جاءت في بعض الروايات دون بعض فقذف ذلك في نفسي أن هذه الزيادة قد تكون غير محفوظة لأمرين كما مضى تفرد أصحاب الكتب التي تجمع الغريب بها وأن حكما شرعيا ترتب على ثبوتها وهو النهي عن صلاة الجنازة في المقبرة كما ذهب إلى ذلك العلامة الألباني رحمه الله تعالى فتتبعت الحديث بعد ذلك مستعينا بالله فكان ما ذكر في هذه الرسالة والحمد لله أولا وآخرا
يتبع بفقه أحاديث الباب إن شاء الله تعالى وعلى من عنده شيء أن يدلي به حتى لا نرجع إلى الكلام في هذه الأحاديث والله المسدد
جزاكم الله خيرا شيخنا
ربي يحفظك ويبارك فيك