يقول الكاتب ياسر الزعاتره في موضوع بعنوان (الحركات الإسلامية والتغيير في ظل المعادلات القائمة):
إن واقع الرؤية الإسلامية لحركة السياسة، إدارة للدولة أو حتى تغييراً لمنطلقاتها إذا كانت قد تغربت أو ظلمت أو والت الأعداء، إنما ينطلق في جوهره من الرؤية العامة لمصلحة الأمة ودينها، وقلما نعثر في هذا السياق على قوالب جامدة أو نصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة يمكن الاستناد إليها في تحديد المواقف، اللهم إلاّ من باب الاستئناس. فحيثما تثبت مصلحة الأمة فثم شرع الله وهديه كما يذهب إليه الإمام ابن القيم رحمه الله.
أما الاستناد إلى التجارب التاريخية القديمة فلا يبدو مقنعاً هو الآخر، إذ يفقد كثيراً من منطقيته وزخمه بسبب الفجوة الهائلة في الظروف الموضوعية المتعلقة بحياة الناس في هذا الزمان قياساً على ما كانت عليه في الأزمنة السابقة، مع أن الخلاف حول وسائل التغيير ومشروعيته من الأصل كان واقعاً حتى في القديم.
وذلك بدليل موقف الحسن بن علي رضي الله عنه مقابل موقف شقيقه الحسين، وبدليل موقف الإمام مالك والإمام أبي حنيفة اللذين ساندا خروج محمد النفس الزكية على أبي جعفر المنصور، مقابل موقف أحمد بن حنبل المشدد على عدم جواز الخروج على الحاكم.
تابع بقية المقال على هذا الرابط
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/3...89AA36FFC4.htm
=============
التعليق:قوله (إن واقع الرؤية الإسلامية لحركة السياسة، إدارة للدولة أو حتى تغييراً لمنطلقاتها إذا كانت قد تغربت أو ظلمت أو والت الأعداء، إنما ينطلق في جوهره من الرؤية العامة لمصلحة الأمة ودينها)
قلت: هذا تقرير خطير يُظهر فساد التفكير عند هولاء القوم المتحزبين على عقولهم هداهم الله وبصرهم بالحق , فالرؤية الإسلامية لحركة السياسة وإدارة الدولة وأسمها الصحيح (السياسة الشرعية) لا يعتمد على المصلحة المزعومة للأمة كما يقول هذا الكاتب
فربنا جل في علاه لم يتركنا ولا دولنا هملاً بل قد شرع لنا من النصوص القطعية والقواعد الكلية ما إن تمسكنا به لم نكن في هذا الذل والهوان اليوم والله المستعان
ولكن المصيبة عندما يحمل هذا الفكر من يدعو إلى إقامة الدولة الإسلامية وهو لا يؤمن بأن الدستور قائم لهذه الدولة منذ أكثر من 1400 عام إلا هو النصوص الشرعية ففيها كل المصالح المبتغاة وما عداها فهي مصالح ملغية.
يقول الكاتب هداه الله (وقلما نعثر في هذا السياق على قوالب جامدة أو نصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة يمكن الاستناد إليها في تحديد المواقف، اللهم إلاّ من باب الاستئناس. فحيثما تثبت مصلحة الأمة فثم شرع الله وهديه كما يذهب إليه الإمام ابن القيم رحمه الله).
قلت: أنظر يا رعاك الله لخطورة ما يقول وليس هذا فحسب ولكن ويستشهد بقول ابن القيم رحمه الله ليتوهم البعض الموافقة له على ما يقول ؟!!
يقول ليس إلا قليل من النصوص القطعية الثبوت والدلالة أو قوالب جامدة للإستناد إليها في ما يريد من رؤية كما سماها.
تعلمون يا من هداكم الله إلى السنة بأن ديننا لم يثبت عندنا بمجرد النصوص القطعية الثبوت والدلالة بل كل نصاً ثابتاً عن الله تعالى بلغه لنا رسوله صلى الله عليه وسلم من طريق صحيح ثابت يجب العمل به.
وأما القوالب الجامدة التي يصفها هذا الكاتب بهذا الوصف ما هي إلا الفهم الحجة الذي أكرم الله به سلف هذه الامة وأكرمنا به من بعدهم إن تمسكنا بفهمهم.
وسيقول قائل قولك بأنه يقصد بالقوالب الجامدة (فهم السلف) ما هو إلا ظن ظننته.
سأقول نعم وليس كل الظن أثم ومن أطلع على حال هذا الرجل وأمثاله هدانا الله وإياهم لأحسن القول وبقية مقاله علم ذلك يقيناً والله تعالى أعلم.
وقد كثرت هذه الشنشنة والطنطنة بقولهم (لابد من النصوص القطعية الثبوت وقطعية الدلالة للتسليم لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم) وتجدهم يسوغوا الإجتهاد فيما عداها مطلقاً من النصوص الظنية بل ويجعلون المصلحة حجة شرعية لوسائلهم وطريقتهم في الوصول لمبتغاهم الشرعي زعموا.
وللتأكيد على ما أقول أنظر لقوله (فحيثما تثبت مصلحة الأمة فثم شرع الله وهديه) فمصلحة الأمة عندهم لا يرجع فيها إلى الكتاب والسنة بل إلى الإستحسان العقلي والأهداف الحزبية وإن كان في ظاهرها شرعي.
يقول الكاتب(أما الاستناد إلى التجارب التاريخية القديمة فلا يبدو مقنعاً هو الآخر).
قلت: من يقرأ هذا الكلام يظن أن المقصود بالتجارب التاريخية القديمة هي تجارب الأمم السابقة ما قبل الإسلام ولكن الكاتب يشير إلى زمن الصحابة الكرام ومن بعدهم من ائمة الإسلام أصحاب الفتوحات والملاحم العظيمة.
فالصحابة الكرام بشر غير معصومين ولكنهم هم أهل الدين وقر في قلوبهم وظهر تصديق ذلك على جوارحهم حتى في الفتنة يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الزبير وهو خصم له: " بشر قاتل ابن صفية بالنار " ومن الطرف الأخر يرسل معاوية إلى علي مستفتياً في شأن من شئوون المسلمين ويبكي عليه عند موته رضي الله عنهم وأرضاهم كما جاءت بذلك الأخبار.
والحق لا يخرج عنهم البتة ومن زعم غير ذلك فهو جاهل أو ضال مضل والعياذ بالله.
فإن أختلفوا على قولين فالحق في أحدهما والأخر مأجور قطعاً فقد اصطفاهم الخبير بما تخفي الصدور سبحانه لصحبة المصطفي سيد المرسلين.
ثم قال (مع أن الخلاف حول وسائل التغيير ومشروعيته من الأصل كان واقعاً حتى في القديم, وذلك بدليل موقف الحسن بن علي رضي الله عنه مقابل موقف شقيقه الحسين)
قلت: هذا تلبيس على المسلمين , وما يشير إليه هذا الكاتب هو ليس خلاف ولكنه اختلاف في الإجتهاد بين السبطين رضي الله عنهما كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا حكمَ الحاكمُ فاجتهدَ ثم أصابَ فله أجران، وإذا حكمَ فاجتهدَ ثم أخطأ فله أجر " فحاشاهما أن يتعمدا مخالفة جديهما صلوات ربي وسلامه عليهم.
غير أنه قد جاءت السنة الصحيحة بمدح فعل الحسن رضي الله عنه لموافقته للصواب من أخبار النبي عليه الصلاة والسلام.
عن إبي بكرة رضي الله عنه قال: «أخرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ الحسنَ فصَعِدَ بهِ على المنبرِ فقال: ابني هذا سيِّد، ولعلَّ الله أن يُصلحَ به بينَ فئتَين منَ المسلمين».
ثم قوله (وبدليل موقف الإمام مالك والإمام أبي حنيفة اللذين ساندا خروج محمد النفس الزكية على أبي جعفر المنصور، مقابل موقف أحمد بن حنبل المشدد على عدم جواز الخروج على الحاكم).
قلت: وهذا غش للمسلمين ولا يجوز إيهام العوام من الناس ولاسيما إن هذا المقال منشور في موقع قناة الفتنة (قناة الجزيرة) بأن ائمة الإسلام أختلفوا في هذه القضية التي نقل الإجماع فيها الإمام النووي وغيره.
قال رحمه الله في شرحه على مسلم:
وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين, وإن كانوا فسقه ظالمين.أهـ[6/314]
وأكد ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى بقوله:
وأما أهل العلم والدين والفضل فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور، وغشهم، والخروج عليهم بوجه من الوجوه، كما قد عُرف من عادات أهل السنة والدين قديماً وحديثاً ومن سيرة غيرهم.أهـ[9/191]
وباقي المقال ما هو إلا هرطقة معاصرة بفكر الجماعات الحزبية التي كانت السبب الرئيس في تأخر عزة الإسلام ونشر الدعوة في العالم بالسيف والسنان والقلم والبيان.
والله المستعان كيف يسمح لمثل هذا الكاتب أن يحوز على ركن أسبوعي لمقالاته ينشر فيها فكره في بلاد العقيدة السلفية والتوحيد الصحيح.
والله تعالى أعلم وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم