تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الكفاءة في النسب

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,389

    افتراضي الكفاءة في النسب


    الكفاءة في النسب

    من المعلوم في الشريعة الإسلامية أنّ النّاس جميعًا سواسية كأسنان المشط؛ لأنّهم من أب واحد وأم واحدة، وإنّما يفضل الفاضل منهم بتقوى الله وحده، كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [سورة الحجرات: من الآية 13]، وفي الحديث: «لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلاّ بالتقوى» [رواه أحمد].

    النّاس لآدم وآدم من تراب، ولهذا من المقرر في الشرع تكافؤ النّاس وتساويهم في أنسابهم، ولهذا عمل الصدر الأول من هذه الأمة بقاعدة تكافؤ النّاس في أنسابهم، وفي الحديث: «يا بني بياضة أنْكِحُوا أبا هندٍ وأنْكِحُوا إليه» [رواه أبو داود وصحّحه ابن حجر].

    وأبو هند كان حجّامًا وبنوا بياضة أسرةٍ من أسر الأنصار وهم أزديّون من أشرف العرب، وقد تزوج بلال بن رباح أخت عبد الرحمن بن عوف، وتزوج أسامة بن زيد فاطمة بنت قيس القرشية، ولكن لما بَعُد النّاس عن الشرع وتعلَّقوا بأنسابهم القبلية وانتماءاتهم الأسرية رفض الكثير منهم هذا المبدأ، ووصل الحال إلى الإنكار والاستنكاف حتى إن من يقدم على التزوج من غير طبقته قد يخاطر بنفسه خاصة في المناطق القبلية والعشائر والبوادي، فإذا وصل الحال إلى الإنسان بأن يصبح في خطر من تزوجه من غير طبقته بحيث يتعرض للتهديد أو الضرر أو الإساءة إلى أسرته بالاستهزاء والسخرية والسب والأذى فإنّ درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، وقد عرفنا قضايا لما اكتشف فيها البعض نسب الآخر وقد سبق أنّ صاهره هدّده بالقتل حتى أفتاه بعض العلماء بفراق زوجته، حيث أوشك أن ينشب بين الأسرتين قتال، والشرع لا يأمر بالمخاطرة إلى درجة أن تذهب النفس أو يسفك الدم، أيعيش الإنسان مرعوبًا مهددًا لا يأمن على أسرته ونفسه من أجل تطبيق بعض أفراد الشريعة، ورأيي أن تعم في النّاس ثقافة المساواة والتكافؤ، ويبيّن لهم رأي الإسلام عن طريق العلماء والدعاة ووسائل الإعلام والتعليم، ويُحارب التمييز العنصري في المدارس والجامعات والخطب والندوات والمؤلفات، وينقل النّاس تدريجيًا إلى وعي راشد حتى يصبح لديهم العلم الكافي بهذه المسألة، حينها يصبح الأمر طبيعيًا أن يتزوج الإنسان من غير طبقته في المجتمع المسلم، وقد حصل هذا في بعض الدول الإسلامية.

    أمّا في المناطق التي ما زالت تفتخر بالأنساب والأحساب فرأيي أن لا يغامر الإنسان رجلا أو امرأة بمشروع زواجه لما يترتب على ذلك من أضرار، وقد عشنا قضايا حصل فيها الفراق بعد أن اكتشف أحد الطرفين عدم تكافؤ النسب، وأيَّدت القبيلة هذا الفراق وهو دليل على رسوخ التمييز العنصري، وغياب الوعي الإسلامي وعدم الامتثال للشريعة في هذا الباب، ولهذا نصَّ بعض الأئمة الكبار على اشتراط الكفاءة بالنسب، وهو قول ضعيف لكن بعضهم نظر إلى ما قد يترتب على هذا الأمر من مفاسد، وهذه المسائل الاجتماعية تُحل حلا جماعيا من قِبَل الدولة والمجتمع بحيث يقتنع الجميع في الآخر بمساواة الإنسان للإنسان في نسبه بغض النظر عن لونه وطبقته وحرفته، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوِّجوه»، ولم يُذكر في الحديث النسب فعسى أن يتجه العلماء ورجال الإعلام والتعليم إلى بث الوعي بين النّاس وتأصيل مبدأ المساواة الإنسانية، فإنّ النّاس جميعًا خُلقوا أحرارا، كما قال عمر: "متى استعبدتم النّاس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"، حتى إنّ الميثاق الدولي ينص على هذا، ففي إحدى مواد هيئة الأمم المتحدة ما نصه: "الإنسان وُلد حرًّا ليس لأحد عليه رِقْ"، ولكن من حِكْمة الشريعة الإسلامية أنّها تراعي المصالح وتدفع المفاسد، فإذا كبرت المفسدة وعَظُمَتْ وقلَّت المصلحة وصَغُرَتْ دُفعت المفسدة الكبرى بترك المصلحة الصغرى، وحفظ الإنسان في نفسه وعرضه مقدم على تحصيل مصلحة تقرير زواجه من غير طبقته؛ ليقيم بذلك قاعدة التكافؤ في النسب، إذًا الجهل وقلّة الوعي هو السبب وراء ما حصل من خلاف ومن إنكار في مسألة زواج الإنسان من طبقة غير طبقته، وحلُّ ذلك حملة علمية ودعوية وثقافية تنبذ الكراهية والتمييز العنصري والتعلق بالأخلاق الجاهلية والعصبية القبيلية، ونحن لا نقول للإنسان أن يتحدى الصعاب ويخاطر بنفسه؛ ليحقق التكافؤ بالنسب بزواجه من غير طبقته، وما معنى قولنا له اصبر على القيام بمشروع الزواج إلى آخر قطرة من دمك؟

    نحن أيّها النّاس سواسية من أب وأم، كلنا ذو دم أحمر وليس فينا من له دم أزرق، فأبيضنا وأحمرنا وأسودنا يعودون إلى مادة الطين الأولى التي خُلق منها آدم أبو البشر ولا تفاضل بيننا إلاّ بتحقيق تقوى الله بالعلم النافع والعمل الصالح ولي قصيدة:

    ولا تحسب الأنساب تنجيك من لظى *** ولو كنتَ من قيسٍ وعبد مدانِ
    أبو لهب في النّار وهو ابن هاشــم *** وسلمانُ في الفردوس من خرسانِ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    دار الممر
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: الكفاءة في النسب

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شذى الكتب مشاهدة المشاركة

    فإذا وصل الحال إلى الإنسان بأن يصبح في خطر من تزوجه من غير طبقته بحيث يتعرض للتهديد أو الضرر أو الإساءة إلى أسرته بالاستهزاء والسخرية والسب والأذى فإنّ درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، وقد عرفنا قضايا لما اكتشف فيها البعض نسب الآخر وقد سبق أنّ صاهره هدّده بالقتل حتى أفتاه بعض العلماء بفراق زوجته،
    هذا واقع ملموس في مجتمعنا السعودي ...بل إني أرى أن أثر ذلك يتعدى على الأطفال إذا كبروا .....فأشعر أنهم يتحرجون من ذكر نسب أمهم الغير مكافئ و من ناحية أخرى إذا كان العكس تجدهم يفتخرون بأن أمهم مثلاً من آل فلان و لا يبقى أحد إلا وقد أخبروه ...
    ( عقدة نقص ) الله المستعان ...
    طبعاً ليس الكل ,, لكن حسب مشاهداتي في هذا المجتمع.. و لعل منشأ العقدة يعود أيضاً لنظرة وثفافة المجتمع التي بحاجه ماسة للتوعية ، كما ذكر الشيخ عائض .. وفقه الله ..
    عموماً جزى الله الشيخ عائض خير الجزاء لحديثه عن هذا الموضوع المهم .. و ليته يُنقل للمجلس الشرعي ..

  3. #3

    افتراضي رد: الكفاءة في النسب

    لا أعلم في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم اشتراط كفاءةالنسب في النكاح
    قال ابن حزم في المحلى :
    1871 مسألة
    وأهل الإسلام كلهم أخوة لا يحرم على ابن من زنجية لغية نكاح ابنة الخليفة الهاشمي والفاسق الذى بلغ الغاية من الفسق المسلم مالم يكن زانيا كفؤ للمسلمة الفاضلة، وكذلك الفاضل المسلم كفؤ للمسلمة الفاسقة ما لمتكن زانية والذى نختاره فنكاح الأقارب بعضهم لبعض وقد اختلف الناس في هذا فقالسفيان الثوري.
    وابن جريج.
    والحسن بن حى.
    وابن أبى ليلى.
    والمغيرة بنعبد الرحمن المخزومى صاحب مالك.
    واسحاق بن راهويه: يفسخ نكاح المولى للعربية،وقال أبو حنيفة: ان رضيت القرشية بالمولى ووفاها صداق مثلها أمر الولى أن ينكحهافان أبى أنكحها القاضى، وقال مالك والشافعي وأبو سليمان: كقولنا
    قال أبومحمد: احتج المخالفون بآثار ساقطة والحجة قول الله تعالى: (انما المؤمنون اخوة) وقول تعالى مخاطبا لجميع المسلمين: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) وذكر عزوجل ماحرم علينا من النساء ثم قال تعالى: (وأحل لكم ما وراء ذلكم) وقد انكح رسول الله صلىالله عليه وسلم زينب أم المؤمنين زيدا مولاه وأنكح المقداد ضباعة بنت الزبير بن عبدالمطلب وانما تخيرنا نكاح الاقارب لانه فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكحبناته الامن بنى هاشم وبنى عبد شمس، وقال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله اسوةحسنة) وبالله تعالى التوفيق، وأما قولنا في الفاسق.
    والفاسقة فيلزم من خالفنا أنلا يجيز للفاسق أن ينكح الا فاسقة وأن لا يجيز للفاسقة أن ينكحها الا فاسقوهذا
    لا يقوله أحد، وقد قال الله تعالى: (انما المؤمنون اخوة) وقال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) وبالله تعالى التوفيق .أ.هـ
    • والعجيب أن متأخرى الحنابلة تركوا قول ابن تيمية وابن القيم في هذه المسألة وأخذوا برأى مخالف في المذهب !
    وقد وقعت فيما نشر في الجرائد والشبكة قضايا تم التفرقة فيها بين الزوجين لعدم كفاءة النسب !
    ولا حول ولا قوة إلا بالله

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,389

    افتراضي رد: الكفاءة في النسب

    شكرا لكم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •