تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 67

الموضوع: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    وعلى قولك هذا: إن قلت في مسألة خلافية أن الصواب والحق معك، فقد جعلت مخالفك مخطئا مبطلا، والعكس بالعكس، فعلى هذا قد وصلنا لخطأ وبطلان في الطرفين، فتأمل!
    هذا الذي اردت ان اقوله لكن الخطأ اقل وقعا من البدعة !!!
    لأن المسائل الخلافية فيها ما تنكر فيه على المخالف و فيها ما لا تنكر فيه لكن ان قلت ان الامر بدعة فلا مجال للشك هنا لابد ان تنكر على المخالف و من هنا يتضح الفرق بين الأمرين لذلك قلت ان مسألتنا فرع من مسألة الإنكار على المخالف لكنها اشد

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,277

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    مهلا يا أخي الكريم .. ما هو الذي أردتَ قوله؟؟ أن الخطأ واقع في الطرفين والبدعة واقعة في الطرفين؟؟ ما معنى هذا؟؟؟ الأصوليون تكلموا في المجتهد على قولين، قوم قالوا كل مجتهد مصيب، وقوم قالوا لكل مجتهد نصيب، فإما أصاب وإما أخطأ وهو مأجور في الحالتين! فهل قال أحدهم أن كل مجتهد مبطل مخطئ، لزوما من كون كل من الفريقين يخطئ الآخر ويرى بطلان مذهبه؟؟؟
    البدعة منها ما هو شديد غليظ ومنها ما دون ذلك، وكذا الخطأ والبطلان في الاجتهاد على عمومه، (وكلاهما قد يطلق ويراد به الآخر) وربما يقال أن كل بدعة باطل، وليس كل باطل بدعة.. ونحتاج إلى استقراء أيضا - فضلا عن سلف - لنقول بمثل هذا .. ولكن بأي دليل جعلت البدعة بإطلاقها أشد من القول الباطل بإطلاقه؟ ما دليلك على هذا التفريق؟.. بارك الله فيك وسددك.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,443

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    كلامي أن الفعل التعبدي - أيا كان نوع الدلالة على إثباتة - لا ينفك عن حال من اثنتين: إما أن يكون مشروعا أو خلاف ذلك.. فإن كان عند أحد المجتهدين "غير مشروع" فما صفته عنده إذن؟ صفته أنه بدعة، ومن يقول به يقول ببدعة وإن كان مجتهدا مأجورا.. ومخالفه يصفه بذلك لأنه لا يرى دليلا - مهما كان الخلاف عند مخالفه قويا ومعتبرا - يرقى للقول بمشروعيته أصلا!
    أصبتَ وأحسنتَ أبا الفداء..
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    مهلا يا أخي الكريم .. ما هو الذي أردتَ قوله؟؟ أن الخطأ واقع في الطرفين والبدعة واقعة في الطرفين؟؟ ما معنى هذا؟؟؟ الأصوليون تكلموا في المجتهد على قولين، قوم قالوا كل مجتهد مصيب، وقوم قالوا لكل مجتهد نصيب، فإما أصاب وإما أخطأ وهو مأجور في الحالتين! فهل قال أحدهم أن كل مجتهد مبطل مخطئ، لزوما من كون كل من الفريقين يخطئ الآخر ويرى بطلان مذهبه؟؟؟

    لا بد ان احدهما اصاب او ان الحق منقسم بين قوليهما و في كل الأحوال الحق لا يتعدد و انما ان نظرنا من ناحية المقلد فهو لا يدري اين هو الحق فهو يرى ان كل واحد من الاثنين يقول عن الآخر انه وقع في بدعة!!

    البدعة منها ما هو شديد غليظ ومنها ما دون ذلك، وكذا الخطأ والبطلان في الاجتهاد على عمومه، (وكلاهما قد يطلق ويراد به الآخر) وربما يقال أن كل بدعة باطل، وليس كل باطل بدعة.. ونحتاج إلى استقراء أيضا - فضلا عن سلف - لنقول بمثل هذا ..

    اما قولك بدعة منها ما هو غليظ ومنها ما دون ذلك، فارجوا ان توضحه اكثر فالذي اعرفه ان كل بدعة ضلالة و كيف تكون ضلالة غير مغلظة ؟.

    الأكيد انه في عصرنا هذا ان اطلق لفظ البدعة فيحمل مباشرة على بدعة غليظة.


    ربما ايضا مسألتنا فيه اشكال من ناحية معنى اطلاق لفظ البدعة عند السلف


    ولكن بأي دليل جعلت البدعة بإطلاقها أشد من القول الباطل بإطلاقه؟ ما دليلك على هذا التفريق؟.. بارك الله فيك وسددك.
    لم افهم قصدك فلم افرق بين الأمرين انما قلت ان المسائل الخلافية القوية الأدلة لا ننكر فيها على المخالف لكن البدعة المتعارف عليه في عصرنا اننا ننكرها و الله اعلم

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,277

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    من ناحية المقلد فهو لا يدري اين هو الحق فهو يرى ان كل واحد من الاثنين يقول عن الآخر انه وقع في بدعة!!
    المقلد لا حكم له ولا عبرة بفهمه ولا أثر له في توجيه الاصطلاح عند أهل العلم يا أخي الكريم! الجاهل يُعَلّم! وأما فقه الدعوة وما يصح قوله أمام العوام وما لا يصح مخافة فتنتهم وما إلى ذلك فقضية أخرى لا تأثير لها على كلامنا إلا أن نقول أن الأفضل اجتناب هذا الوصف لقول المخالف "أنه بدعة" أمام المقلدة الجهلاء مخافة أن يحملوه على غير وجهه .. وقد تقدم قولنا بهذا!
    اما قولك بدعة منها ما هو غليظ ومنها ما دون ذلك، فارجوا ان توضحه اكثر فالذي اعرفه ان كل بدعة ضلالة و كيف تكون ضلالة غير مغلظة ؟
    فهل البدع عندك كلها على درجة واحدة؟ لا أظنك تقول بهذا.
    وهل كل ما وصفه بعض العلماء بأنه بدعة، تحقق الإجماع ولابد على بدعيته؟
    أما حديث "كل بدعة ضلالة" فهذا اللفظ لا يلزم منه أن كل البدع على درجة واحدة! كل مخالفة للحق في شيء صغر أو كبر يصح وصفها بأنها ضلالة وكل من تعمدها مع قيام الحجة عليه ببطلانها فهو داخل في الوعيد كما نص الحديث (وكل ضلالة في النار)!
    لو أني قلت في مخالفي أنه على بدعة، فهو كقولي أنه على ضلالة، سواء بسواء، وقد يكون غاية ما أقصده أنه باجتهاده هذا على قول لا يوافقه الدليل عندي، فقد ضل عن الصواب في ذلك، فهل يلزم أن يكون تبديعي هذا إخراجا له من أهل السنة مثلا أو إهلاكا له؟ ليس بلازم.. وهل يلزم أن يكون وصفي إياه بالبدعة قاصرا على إذا ما رأيته يخالف إجماعا أو أصلا من أصول الدين مثلا؟ كلا لا يلزم! لا من جهة اللغة ولا من جهة الاصطلاح الشرعي على كلمة "بدعة" وما يراد بها! (هذا وأقرر لك أني لا أستعمل هذه الكلمة مع مخالفي في المسائل التي تقرر فيها الخلاف، لا لأنه ليس لي أن أصفه بها، ولكن لتغير نظر الناس لمدلولها في زماننا وحملهم إياها على الطعن في ديانة من تنسب إليه كما ذكرت أنت)
    فمن ضوابط وصف الفعل التعبدي بأنه بدعة ألا يستند إلى أصل شرعي صحيح؛ بطريق خاص أو عام. فلو أن رجلين اختلفا في ثبوت الأصل الشرعي، فماذا يكون المثبت عند النافي إلا قائلا ببدعة؟ مخالفي قد أخطأ عندي في اجتهاده فأثبت فعلا لا أراه هو وسلفه ممن أثبته كذلك لنفس الدليل - خلافا لمن لم يثبت -، إلا محدثا أمرا ليس من أمر الدين.. فماذا يكون وصف هذا القول في اعتباري؟ هو تشريع لعبادة غير مشروعة، فهو بدعة!
    فهل يستوي حكم هذا المجتهد بصنيعه هذا عندي في المسألة الخلافية مع من يقول - مثلا - بأن الاستواء معناه الاستيلاء؟؟ هل هذه كتلك؟؟ كلا ولا شك! مخالفي في الاجتهاد قد ضل - عندي - عن الصواب في المسألة محل الخلاف واهتديت أنا إليه.. فإن وجد له سلفا فقد وسعه ما وسعه ووسعني أنا ما وسع سلفي، ولكن لا يمنع أنه عندي على شيء غير مشروع، هو وسلفه، وإلا لو اعتقدت مشروعيته لم يجز لي أن أخالفه! أما مخالف عموم السلف والأئمة وسائر الأمة بلا سلف ولا سند فقد ضل عن سبيل المؤمنين جميعا، فليست كل الضلالات - لغة ولا شرعا - على درجة واحدة.. ولا يحتج على هذا بقوله عليه السلام "وكل ضلالة في النار" لأن الواقع في الضلالة قد يكون معذورا بل قد يكون مأجورا إن كان مجتهدا أفرغ وسعه وقال بما أداه إليه اجتهاده!
    لم افهم قصدك فلم افرق بين الأمرين انما قلت ان المسائل الخلافية القوية الأدلة لا ننكر فيها على المخالف لكن البدعة المتعارف عليه في عصرنا اننا ننكرها و الله اعلم
    الإنكار على المخالف باب الكلام فيه يطول فأرجو ألا نتشعب إليه هنا، بارك الله فيك، منعا للخروج عن الموضوع.. وليس القيد في وصف الشيء بأنه بدعة مبنيا على معرفة هل يشرع الإنكار على فاعله أو القائل به أم لا! ولكن على معرفة هل يوافق الدليل أم لا (وهذا ما لا يسلم من وقوع الخلاف فيه بالأساس) أما الإنكار ومشروعيته فهذه نتيجة تنبني على معرفة الحكم، وليس العكس..
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    الشكر الجزيل للفاضل أبي الفداء على "إحيائه" للموضوع، و"من أحيا أرضًا ميتة فهي له"، بيد أنها "لأحد"...
    الموضوع يحتاج إلى سعة من الوقت، لجمع المسائل المتعلقة به، والنظر في مآلات نتائجه وتطبيقاتها، وتحريرها بكلام منضبط يدرأ عنه سوء الفهم ويسد عنها باب الاعتراض.
    لكن ريثما يتسنى ذلك لمن تتيسر له مؤهلات الاضطلاع به، لا بأس من مقاربة بعض المسائل المتعلقة به؛ على أن تؤخذ مأخذ الممهدات للموضوع، لا غير... وها هي ذي على شكل "رؤوس أقلام"، كما يقال في لغة الصحافة:
    * قادني نظري –المتواضع- (وأنا في عجلة من أمري) إلى أنه لا بد من التمييز بين أمرين اثنين:
    _ ما حكم عليه بعض السلف بأنه بدعة، ومع ذلك خولفوا فيه أو استمر الخلاف بعدهم.
    2_ ما وقع في عصر السلف، واختلفوا حوله، ولم يحكم عليه أحد منهم بالبدعية؛ لكن جاء بعدهم من أطلق هذا الحكم.
    _ المسألة الأولى تحتاج ابتداءً إلى استقراء وتتبُّع للأقوال؛ ثم النظر إلى سياق تلك الإطلاقات؛ ثم تصنيفها إلى ما هو من باب البدع المحضة، وما هو من باب المختلَف فيه لغياب الدليل عن القائل، أو لتعارض ظاهر الأدلة، أو لتأويل سائغ تقتضيه النصوص وتختلف فيه الأفهام...
    _ المسألة الثانية هي محور النقاش. ورأيي أنها متوقفة إلى حد بعيد على تحرير المسألة الأولى. فإذا تبيَّن لنا أنّ الحكم ببدعية عمل ما كان صريحًا، مجرَّدًا عن ملابسات تخصِّص دلالاته؛ أي: أنه صدر عن النظر المحض إلى الأدلة، بعيدا عن ملابسات القيام بذلك الفعل، صح القول بجواز الحكم على المخالف بأنَّ قوله بدعة، وإن استند إلى دليل، طالمًا المبدِّع يعتقد قوة دليله. ومع ذلك، فإنَّ القول بجواز إطلاق التبديع على المخالف في مسألة ما لا يعني بالضرورة أنه هو الأصوب، أو الأفضل، أو الأكثر دقة من الناحية العلمية. فقد قالت أمّ المؤمنين عائشة –رضي الله عنها: "مَن زعَم أنَّ محمَّدًا (صلَّى الله عليه وسلَّم) رأى ربَّه فقد أعظم على الله الفرية". والمسألة –مع تعلقها بباب الاعتقاد- اختلف فيها الصحابة... ومع ذلك، ليس قولها مبرِّرًا لمن يأتي بعدها ليحكم على القول أو قائليه بالافتراء على الله. والله أعلم.

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    ... تابع
    * قول شيخ الإسلام ابن تيمية:
    "كثيرٌ مِن مجتهديالسلف والخلف قدقالوا وفعلواما هو بدعة، ولم يعلموا أنه بدعة؛ إمَّالأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وإما لآياتٍ فهموا منها ما لم يرد منها، وإما لرأي رأوهوفي المسألة نصوص لم تبلغهم".
    هذا القول مشكل، لا سيما وقد تكلّم فيه عن مجتهدي السلف. وظاهره التناقض مع المرجعية المعيارية التي تبنّاها شيخ الإسلام في تقرير مسائل الاعتقاد وغيرها، أي: فهم السلف من القرون الثلاثة الأولى. هذا من ناحية...
    من ناحية أخرى: إن فحوى كلام الشيخ ومآل تقريره أنّ العبرة بما صحَّ لدينا نحن من نصوص. والسلف إذا لم يتطابق قولهم مع ما ترجَّح لدينا، بناءً على الأدلة الصحيحة المتوفرة لدينا، وإن كانت لهم أعذارهم ومبرِّراتهم، يمكننا الحكم عليه بأنه بدعة. وقوله "وإمّا لآيات فهموا منها ما لم يُرَد منها" فيه ما ما فيه.. لأنّ مدلوله نخطئة فهم بعض السلف ثم جواز تبديع قوله، بناءً على فهمنا نحن للآيات نفسها...

    يتبع...

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    ... تابع

    رجوعًا إلى كلام ابن تيمية، رحمه الله. فقد برَّر وقوع جواز وقوع السلف (والخلف) في البدعة بما يلي:
    _ تصحيح بعضهم لأحاديث ضعيفة.
    _ فهمه بعضهم الخاطئ لبعض النصوص.
    _ قولهم بالرأي لأنّ بعض النصوص لم تبلغ بعضهم.
    لكن قد يقال: لماذا لا يكون العكس؟ أي لماذا لا ندرج في باب الاحتمالات كون بعض النصوص لم يصلنا؟ وإذا سلَّمنا باحتمال أنّ بعض النصوص لم يصلنا، فإنه لا يصح لنا بوجهٍ الحكم على بعض ما قالوا به بأنه بدعة، بناءً على ما تبقَّى لدينا من نصوص.
    فإن قيل: لكنّنا متعبَّدون بما وصلنا إلينا من أدلة، لا بما غاب عنَّا.
    يجاب: وكذلك بعض أولئك السلف، إنّما اجتهدوا بناءً على ما بلغهم. ثم إنّ الأمر يقود إلى تساوي الحالتين، لأنّ احتمال غياب الأدلة وارد لدى الطرفين. وما دام الأمر كذلك، لم يصح الجزم من أحدهما بأنّ ما ذهب إليه الآخر بدعة.

    يتبع...

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    214

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التقرتي مشاهدة المشاركة
    و بما ان المجتهد الاخر عنده دليل ايضا سيقول عن الآخر انه افتى ببدعة فنصل لتبديع الأمرين !!!!
    هناك مسائل اتفقوا على أنها بدعة ومسائل اختلفوا في بدعيتها فالمرجع فيها الدليل وهذا كسائر مسائل الفقه يختلفون في حكم المسألة والمرجع الدليل ويطلب من الجميع الرجوع إلى الدليل وإنما يحكم العالم على المسألة بحسب اجتهاده ولا يلزمه اجتهاد غيره ولا يؤثر في نفس الأمر لكون الحجة لا تقوم برأي عالم إنما بالنص أو الإجماع أو قول الصحابي الذي ليس له مخالف ونحن نجد إطلاقات كثيرة من العلماء على أمور بأنها بدعة مع كونها مسائل فقهية مختلفا فيها فلا ينبغي للخلاف أن يطغى على الدليل ويغلق بابه فالبدعة بدعة وإن أفتوك وأفتوك .
    وقد يكون الأمر واضحا أحيانا في كونها بدعة وأحيانا يكون الأمر فيه مجال للاجتهاد لأسباب يعلمها طلبة العلم المهم لا ينبغي أن يكون قول العالم الذي قوله ليس حجة شرعية هادما لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حكم بأن كل محدثة بدعة وبين أن ذلك في الدين لا في الدنيا فنبقى على هذا الأصل ونتمسك به ونحكم على كل ما ينطبق عليه بذلك فإن خالف مخالف باجتهاد سائغ منه ولم نقتنع باجتهاده عذرناه دون أن نترك ما يظهر لنا من الصواب بحسب تعريف رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    فالمقصود التعريف الذي عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم للبدعة يجب التمسك به فهو قال كل محدثة بدعة فنقول كما قال .
    وممكن التوقف في بعض المسائل لطالب العلم هل هي بدعة أم لا حين يعلم قوة وجهة نظر الطرفين ولا يترجح لديه شيء .
    والله أعلم

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    ... تابع

    * قال النووي في "المجموع":
    "وأمَّا قولهم: "قال بعض التابعين: الجهر بالبسملة بدعة"، فلا حجة فيه؛ لأنه يخبر عن اعتقاده ومذهبه. كما قال أبو حنيفة: العقيقة بدعة وصلاة الاستسقاء بدعة؛ وهما سُنَّة عند جماهير العلماء، للأحاديث الصحيحة فيهما. ومذهب واحد من الناس لا يكون حجة على مجتهد آخر، فكيف يكون حجة على الأكثرين، مع مخالفته للأحاديث الصحيحة السابقة".
    والذي استوقفني من كلامه هو قوله: "فلا حجة فيه، لأنه يخبر عن اعتقاده ومذهبه". ومفاده أنّ ثبوت لفظ التبديع عن بعض السلف لا يعني ضرورةً صحةَ ذلك الحكم، فهُمْ إنما ذهبوا إلى ما ذهبوا إليه لعدّة اعتبارات. وهذه الاعتبارات هي نفسها التي تنتاب الاجتهاد في كل عصر ومصر، وهي مرتبطة تحديدًا ببشرية المجتهد وحدودها. وبالتالي، يضاف إلى القول بجواز الحكم على عمل ما بأنه بدعة، مع قول المخالف بعكسه: ضرورة أن يصدر هذا الحكم عن مجتهد مستكمل لشرائط الاجتهاد.
    ومع ذلك، فإنّ ورع العالم من شأنه أن يصدّه عن الحكم بالبدعة على قول مستند إلى دليل يرى هو مرجوحيته أو ضعفه. فالإمام مالك –مثلا- لم أره في "المدونة" يحكم بالبدعة على ما اختُلِف فيه استنادًا إلى دليل، بل على البدع المحضة التي لا أصل خاص أو عام يدل على مشروعيتها. والله أعلم.

    يتبع...

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,443

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    والذي استوقفني من كلامه هو قوله: "فلا حجة فيه، لأنه يخبر عن اعتقاده ومذهبه". ومفاده أنّ ثبوت لفظ التبديع عن بعض السلف لا يعني ضرورةً صحةَ ذلك الحكم،
    هذا لا نزاع فيه ...ولا فرق في ذا بين : التبديع والسنية والتحريم بل وحتى الإباحة...فثبوت أي من ذلك عن بعض السلف لا يعني ضرورة صحة ذلك الحكم..

    إنما البحث : هل يجوز إطلاق لفظ التبديع على المسألة بحسب ما يظهر للمجتهد (؟؟)

    و هذا النقل من النووي نص في جواز إطلاق البدعية على المسائل بحسب ما يظهر للمجتهد..وأن هذا في الجملة ليس منكراً عند أهل العلم..
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,277

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    الشكر الجزيل للفاضل أبي الفداء على "إحيائه" للموضوع، و"من أحيا أرضًا ميتة فهي له"، بيد أنها "لأحد"...
    .
    بخ بخ أيها الواحدي .. ها قد أقبلت الفوائد التي ننتظرها .. (ابتسامة)
    أحسن الله إليك ونفع بك.
    لي تعقيب على ما تعقبت به، أو بالأحرى استشكلته على كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
    تقول حفظك الله وسددك:
    وظاهره التناقض مع المرجعية المعيارية التي تبنّاها شيخ الإسلام في تقرير مسائل الاعتقاد وغيرها، أي: فهم السلف من القرون الثلاثة الأول
    قلت لا أرى هذا التناقض بارك الله فيك، فكلامه رحمه الله عما هو بدعة وما ليس كذلك، مرجعيته في جميع الأحوال إنما هي أقوال السلف لا غيرهم.. فلم أر في كلامه هنا ما يلزم منه جعل الخلف حاكمين على اجتهادات السلف! وأنت إن أردت أن تخالف بعض السلف في مذهبهم فليس لك ذلك ما لم يكن لك سلف في مذهبك يناظر من خالفتهم أو يعلو فوقهم في الرتبة.. والشيخ لم يفصل في هذا المعنى لعدم الحاجة إلى بيان ذلك التفصيل في هذا المقام، فهو المعوم من منهجه رحمه الله. فقول القائل بأن من السلف من وقع في البدعة لكذا وكذا من الأسباب، هذا بم يقول القائل منا به؟ إنما يقول به باستقراء أقوال السلف ومذاهبهم في الاستدلال وما وقف عليه بعضهم وخفي عن البعض الآخر منهم ونحو هذا مما يعتذر به لهم، لا بغير ذلك.
    وقولك - أعزك الله:
    إن فحوى كلام الشيخ ومآل تقريره أنّ العبرة بما صحَّ لدينا نحن من نصوص. والسلف إذا لم يتطابق قولهم مع ما ترجَّح لدينا، بناءً على الأدلة الصحيحة المتوفرة لدينا، وإن كانت لهم أعذارهم ومبرِّراتهم، يمكننا الحكم عليه بأنه بدعة. وقوله "وإمّا لآيات فهموا منها ما لم يُرَد منها" فيه ما ما فيه.. لأنّ مدلوله نخطئة فهم بعض السلف ثم جواز تبديع قوله، بناءً على فهمنا نحن للآيات نفسها
    هو امتداد لقولك السابق، وتعقيبي عليه - بالتبعية - امتداد لتعقيبي على سابقه.. فما صح لدينا هذا، من رواية ودراية، من أين لنا به إن لم يكن من طريق السلف أنفسهم؟ وإن وافقنا قول بعضهم وخالفنا قول البعض الآخر، فرأينا عدم مشروعية فعل رأى مخالفونا أنه مشروع، ألا يسعنا ما وسعهم من أوصاف أطلقها بعضهم على مخالفيهم في ذلك من التكذيب والتبديع ونحو ذلك، على هذا الفهم الدقيق للمراد من تلك الألفاظ؟ فنحن لا ننسب قول واحد من السلف إلى البدعة إلا اعتضادا على قول غيره من السلف في ذات الأمر، بالضوابط المعروفة في استقراء أقوالهم ومذاهبهم جميعا، لا بناءا على فهمنا نحن، بارك الله فيك.
    أما قولك هذا:
    لكن قد يقال: لماذا لا يكون العكس؟ أي لماذا لا ندرج في باب الاحتمالات كون بعض النصوص لم يصلنا؟ وإذا سلَّمنا باحتمال أنّ بعض النصوص لم يصلنا، فإنه لا يصح لنا بوجهٍ الحكم على بعض ما قالوا به بأنه بدعة، بناءً على ما تبقَّى لدينا من نصوص.
    فملاحظة نفيسة، بارك الله فيك، وهي تحتاج إلى تأمل كثير.. وهذا الاحتمال وارد ولا ريب، - أعني احتمال ألا تكون بعض النصوص قد وصلت إلينا - ولهذا نقول بأنه ما دمنا نتحرك باختياراتنا في إطار ما وسعهم رحمهم الله من الأقوال وأثر عنهم - وهم أحظى منا بالأدلة والنصوص ولا شك - فإنه يسعنا أن نعتضد بالقدر الذي بلغنا من الأدلة والنصوص لنوافق به مذهبا من المذاهب المأثورة عنهم، (ولن نعدم الحق في ذلك لاستقرار الحكم الكوني بألا تجمع الأمة على ضلالة في أي عصر من عصورها) وإن خالفنا بذلك من خالفناه منهم ووصفنا قوله بالبدعة لغياب الدليل عندنا كما غاب عمن اتخذناه سلفا، وهذا ما ينتهي إليه غلبة ظن المجتهد منا على كل حال، وليس عليه كلفة بأكثر من غلبة الظن التي مبناها ما يصل إليه بعد إفراغه وسعه! المهم أن ينضبط بأقوال السلف في ذلك كله فلا يخرج عنها.. والله أعلم.
    وهذا ينقلنا إلى وقلك وفقك الله:
    وكذلك بعض أولئك السلف، إنّما اجتهدوا بناءً على ما بلغهم. ثم إنّ الأمر يقود إلى تساوي الحالتين، لأنّ احتمال غياب الأدلة وارد لدى الطرفين. وما دام الأمر كذلك، لم يصح الجزم من أحدهما بأنّ ما ذهب إليه الآخر بدعة
    قلت فلنستصحب ما تقدم الجواب به عن أصل هذه المداخلة الكريمة منك بارك الله فيك، وهو قولك بأن كلام شيخ الإسلام قد يفهم منه تسليط فهم الخلف على فهم السلف، فليس الأمر كذلك. وما دمنا قد تساوينا في احتمال غياب النصوص عن المجتهد منا نحن وهم، فيحكمنا عند الترجيح التقيد بجملة أقوالهم وما ذهبوا إليه، فإن وافقنا من قال منهم بعدم مشروعية فعل من الأفعال فقد وافقناه كذلك بالتبعية في تبديع - أو تخطئة - مخالفه الذي أثبت مشروعيته.. والتابع تابع في ذلك وله حكم المتبوع. فلا إشكال إن شاء الله، والله أعلى وأعلم.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    و نقل النووي عن الامام مالك نص في عدم جواز اطلاق لفظ البدعة على ما اختُلِف فيه استنادًا إلى دليل و الله اعلم

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    ... تابع

    * البدعة قد تُطلَق، ويراد بها مدلولها اللغوي. وقد تُطلَق ويراد بها أنّها لم تكن على عهد الرسول صلّى الله عليه وسلَّم، أو بلفظ أدق: لم يتعهَّدها الرسول صلّى الله عليه وسلّم بشكل منتظم. ومن هنا وجب التحري في الفهم والنقل. ومن أمثلة ذلك: قول عمر رضي الله عنه عن صلاة التراويح: "نعمت البدعة".
    والأصرح من ذلك: ما ثبت عن ابن عمر –رضي الله عنهما- من قوله عن صلاة الضحى بأنها بدعة. لكن ثبت عنه أيضًا أنّه قال: "إنّها محدَثةٌ، وإنَّها لمِن أحسن ما أحدَثوا". وقال أيضًا: "لقد قُتِل عثمان وما أحَد يسبِّحها، وما أحدَثَ الناس شيئا أحَبَّ إليَّ منها". ولعلّه حكم بالبدعية على المداومة عليها أو أدائها في المسجد...

    * عندما نذكر الدليل، ينصرف الذهن إلى الكتاب والسنَّة حصرًا. والدليل أعم من ذلك، وقد يكون من الأدلة العامّة التي يأخذ بها كل مجتهد، كما قد يكون من الأدلة الخاصة بذلك المجتهد ومنهجه في الاستنباط والترجيح. ومن هنا فإنّ حكمنا على قول مجتهد ما أنه بناءً على ما صح لدينا من حديث فحسب لا يستقيم؛ بل لا بد من البحث عن أدلة القائل ومستنده. فقد ينصرف المجتهد عن حديث إلى حديث آخر يراه أصح منه، وقد يرى في المسألة نسخا، أو تخصيصا؛ كما قد يلتفت إلى أصل عام أو إلى أصل من الأصول التي بنى عليها مذهبه وما إلى إلى ذلك...
    ومن هنا وجب التحري في إطلاق وصف البدعة على مَن كان اجتهاده معتبَرًا، وثبت بالاستقراء أنه لا يُصدِر قولاً إلا بدليل، سواء كان الدليل خاصًّا أو عامًّا.
    بمعنى آخر: إنّ المتأخرين والمعاصرين هم أحرى الناس بالتورع في هذا الباب، لما توفَّر لديهم من أقوال مجموع ومصنفات السلف. وإذا كان بعض السلف معذورًا في إطلاقه هذا الحكم على من خالفه، فإنّ هذا العذر تتقلص دائرته في حق المتأخر، لأنّ إمكانية اطلاعه على أدلة المخالف أوسع. والله أعلم.

    * إنّ ثنائية "صواب/خطأ" أو "مسنون/مبتدع" لا يمكن تطبيقها بشكل صارم وشامل على كافة الأحكام، وذلك لاعتبارات أسباب الخلاف نفسها التي ذكرها ابن تيمية في قوله الذي نقله الإخوة الأفاضل. وذلك لأن بعض الأحكام أو الأفعال لم يصرِّح الشارع بالحكمة منها أو بعلّة مشروعيتها، فكان الاختلاف حولها لهذا الاعتبار، وسيستمر ولا يمكن حسمه إلا بدليل يتضمَّن التصريح.
    وللتوضيح: مسألة الاضطجاع بعد ركعتي الفجر. فقد أنكرها عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر، رضي الله عنهما؛ بل صرّح ابن عمر أنها بدعة، مع أنه كان من أكثر الصحابة تشدُّدًا في مسائل الاقتداء. وهذا يرجع إلى الحكمة من هذه الضجعة، هل كانت للفصل؟ أم كانت مقصودة لذاتها؟ ولم يرد عن الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم تصريح بأحد الأمرين. والله أعلم.

    * يبدو لي أنّ تصنيف اجتهادات الفقهاء إلى "مشروع" و"مبتدع"، تبعًا لثنائية الصواب والخطأ، فيه شيء من المجازفة. نعم؛ إنّ من أقل مواصفات صوابية المجتهد أن يكون هو مقتنعًا بأنّ اجتهاده صواب وأنَّ غيره مخطئ. ولكن هذه القناعة ينبغي أن تكون مشفوعة بقناعة أخرى، وهي أنّه توصَّل إلى ما توصَّل إليه بناءً على ما توصّل إليه علمه هو، وأنَّ علمه محدود ومعرَّض للخطأ، لارتفاع العصمة عنه.
    وبالتالي يمكننا القول ابتداءً أنَّ جواز إطلاق التبديع في المسائل المختلف فيها، إذا كان الاختلاف مؤسسا على أدلة معتبرة، لا يمكن أن يصح اعتباره إلا فيما استقر عليه الإجماع، لارتباط هذا الأخير بالعصمة. أقول "يمكننا"، لأنّ المسألة مطروحة للمناقشة...

    * تنبيه: يخرج عن موضوعنا ما كان بدعة محضة، ولم يكن له أصل، ولم يقل به أحد من السلف.

    * السؤال الذي يفرض نفسه في هذا الباب: ما هي الثمرة من إطلاق لفظ البدعة على رأي المخالف، في المسائل التي تعنينا، بدل لفظ الخطأ؟
    والله أعلم.

    انتهى. مؤقتا... (ابتسامة)

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    الشكر الموصول إلى الأخوين الفاضلين: أبي الفداء وأبي فهر على ما تقدّما به من تعقيبات نفيسة.
    وأذكِّر نفسي وجميع إخواني أن هذا المجلس مجلس علمي، والمساهم فيه لا يخلو من أحد أحوال ثلاثة: فائدة يجود بها على إخوانه، أو استفسار يتقدم به، أو مذاكرة. ومن أهم مواصفات المذاكرة أنّ المشترك فيها لا ينطلق من أفكار يعتبرها مسلّمات لا تقبل الرد أو النقض أو التصويب، بل يحاول من خلال المحاورة والأخذ والرد مع غيره التوصل إلى حل الإشكال الذي بسببه كانت تلك المذاكرة. وهي أشبه بالبحث الذي يقوم به الشخص منفردًا من أجل التوصل إلى حكم في مسألة ما. فهو خلال بحث قد يبدو له وجه صواب، ثم إذا تقدم في البحث قد يبدو له وجه آخر، وهكذا... فقد يدخل أخ ما ما في مذاكرة وفي ذهنه مسلَّمة ما، وهذا أمر مقبول بل مطلوب، لكن شرط أن يكون مستعدًّا نظريا ونفسيا للتخلي عن تلك القناعة إذا ما تبيَّن له أنّ الصواب غيرها؛ وذلك لا يتم إلا بالتأمل المنصف لما يقوله إخوانه وكأنه هو الذي فكَّر فيه وأخضعه لميزان النقد...
    ومن هنا فالمذاكرة "مشروع مفتوح" إلى أن يرسو النقاش على نتيجة يترجّح لدى المتحاورين (أو معظمهم) أنها الصواب أو الأقرب للصواب.
    والمسألة التي نحن بصدد الخوض فيها تحتاج إلى استحضار ما كُتِب في الباب، واستقراء ما تعلَّق به، ثم محاولة التأصيل بشكل منهجي استقصائي... كان الله في عون الجميع.
    وسأكتفي فقط بالتعقيب على أخي المفضال أبي الفداء فيما يخص قوله:

    "قلت لا أرى هذا التناقض بارك الله فيك، فكلامه رحمه الله عما هو بدعة وما ليس كذلك،مرجعيته في جميع الأحوال إنما هي أقوال السلف لا غيرهم.. فلم أر في كلامه هنا مايلزم منه جعل الخلف حاكمين على اجتهادات السلف! وأنت إن أردت أن تخالف بعض السلف فيمذهبهم فليس لك ذلك ما لم يكن لك سلف في مذهبك يناظر من خالفتهم أو يعلو فوقهم فيالرتبة".

    وممّا يورد على هذا الكلام: قولنا "مرجعيته إنما هي أقوال السلف" يعني أنّ بين السلف خلافا في المسألة. وترجيح قول بعض السلف على بعض هو نفسه اجتهاد منّا. وما دام اجتهادًا، فهو قابل للصواب والخطأ. فمخالفة بعض السلف استنادًا إلى سلف آخر يجعل قول مخالفنا مستندا هو أيضا إلى السلف.
    والله أعلم.

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    حبذا لو نقلتم امثلة عن السلف و المعاصرين ممن اطلق لفظ البدعة على مسائل خلافية قوية الأدلة

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,277

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    فمخالفة بعض السلف استنادًا إلى سلف آخر يجعل قول مخالفنا مستندا هو أيضا إلى السلف.
    صحيح .. بارك الله فيك..
    وأقول كما خَطَّأَ من وافقتَه من السلف من خالفه من السلف، فأنت تتابعه على ذلك، - مع استصحاب منزلة من خالفت من مجتهدي السلف وحفظ قدرهم والتأدب معهم ولا شك - فأين الإشكال؟
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,443

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    للفائدة




    1- إطلاق اسم البدعة على بعض مسائل الاجتهاد المتنازع فيها = ثابت مستفيض جوازه عن السلف ولا سبيل لدفعه.



    2- الحكم العام يجوز إطلاقه في مسائل الاجتهاد وغيرها فيقال من فعل كذا (مما هو من مسائل الاجتهاد) فهو مبتدع.




    يقول شيخ الإسلام لما تكلم عن حكم إلحاق الوعيد إذا صادف محلاً مختلفاً فيه ،كمن يفتي بجواز الوصل مع قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لعن الله الواصلة...): ((وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْوَعِيدَ مِنْ الْأُمُورِ الْعِلْمِيَّةِ ؛ فَلَا تَثْبُتُ إلَّا بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْفِعْلَ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا فِي حُكْمِهِ لَمْ يَلْحَقْ فَاعِلَهُ الْوَعِيدُ . فَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ يُحْتَجُّ بِأَحَادِيثِ الْوَعِيدِ فِي تَحْرِيمِ الْأَفْعَالِ مُطْلَقًا وَلَا يَثْبُتُ بِهَا الْوَعِيدُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الدَّلَالَةُ قَطْعِيَّةً ... وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ السَّلَفِ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ حُجَّةٌ فِي جَمِيعِ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ الْوَعِيدِ ؛ فَإِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ بَعْدَهُمْ مَا زَالُوا يُثْبِتُونَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْوَعِيدَ كَمَا يُثْبِتُونَ بِهَا الْعَمَلَ وَيُصَرِّحُونَ بِلُحُوقِ الْوَعِيدِ الَّذِي فِيهَا لِلْفَاعِلِ فِي الْجُمْلَةِ وَهَذَا مُنْتَشِرٌ عَنْهُمْ فِي أَحَادِيثِهِمْ وَفَتَاوِيهِمْ )).وإطلاق اسم المبتدع أخف بكثير من إطلاق الوعيد.




    2- أما عن أحكام المبتدع ، فاسم المبتدع يثبت في الجملة لمن وقع في مثل ذلك من مسائل الاجتهاد ثم ينظر إلى حال المعين عند الحكم عليه :




    فإن استبانت له الحجة فأعرض عنها بعد التبين فهو مبتدع اسماً وحكماً.



    ومن خرج عن هذه الحجة بتأويل غير سائغ فهو مبتدع اسماً وحكماً.




    وهذا لا نزاع فيه ؛إذ لا عذر له يمنع إيقاع حكم المبتدع عليه.



    3- يبقى النظر الآن فيمن وقع في البدعة في المسائل الاجتهادية بتأويل سائغ ...



    يقول شيخ الإسلام بعد كلامه عن الحكم العام بالوعيد مانعاً تعيين المعين الجتهد به :(( وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ ؛ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ الْأُمُورِ الْمُحَرَّمَةِ بِكِتَابِ أَوْ سُنَّةٍ إذَا كَانَ بَعْضُ الْأُمَّةِ لَمْ يَبْلُغْهُمْ أَدِلَّةُ التَّحْرِيمِ فَاسْتَحَلُّوهَ ا أَوْ عَارَضَ تِلْكَ الْأَدِلَّةَ عِنْدَهُمْ أَدِلَّةٌ أُخْرَى رَأَوْا رُجْحَانَهَا عَلَيْهَا مُجْتَهِدِينَ فِي ذَلِكَ التَّرْجِيحِ بِحَسَبِ عَقْلِهِمْ وَعِلْمِهِمْ ؛ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ لَهُ أَحْكَامٌ مِنْ التَّأْثِيمِ وَالذَّمِّ وَالْعُقُوبَةِ وَالْفِسْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَكِنْ لَهَا شُرُوطٌ وَمَوَانِعُ فَقَدْ يَكُونُ التَّحْرِيمُ ثَابِتًا وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ مُنْتَفِيَةٌ لِفَوَاتِ شَرْطِهَا أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ ؛ أَوْ يَكُونُ التَّحْرِيمُ مُنْتَفِيًا فِي حَقِّ ذَلِكَ الشَّخْصِ مَعَ ثُبُوتِهِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ . وَإِنَّمَا رَدَدْنَا الْكَلَامَ لِأَنَّ لِلنَّاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ :
    أَحَدُهُمَا - وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ - : أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ وَاحِدٌ وَأَنَّ مَنْ خَالَفَهُ بِاجْتِهَادِ سَائِغٍ مُخْطِئٌ مَعْذُورٌ مَأْجُورٌ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذَلِكَ الْفِعْلُ الَّذِي فَعَلَهُ الْمُتَأَوِّلُ بِعَيْنِهِ حَرَامًا لَكِنْ لَا يَتَرَتَّبُ أَثَرُ التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ لِعَفْوِ اللَّهِ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا .


    وَالثَّانِي : فِي حَقِّهِ لَيْسَ بِحَرَامِ لِعَدَمِ بُلُوغِ دَلِيلِ التَّحْرِيمِ لَهُ ؛ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَتَكُونُ نَفْسُ حَرَكَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَيْسَتْ حَرَامًا . وَالْخِلَافُ مُتَقَارِبٌ وَهُوَ شَبِيهٌ بِالِاخْتِلَافِ فِي الْعِبَارَةِ . فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي أَحَادِيثِ الْوَعِيدِ إذَا صَادَفَتْ مَحَلَّ خِلَافٍ)).




    فهما إذاً قولان قريبان :




    1- إما أن يُقال جهر فلان بالتسمية بدعة ولكن لا يترتب عليه آثار البدعة لكونه مجتهداً متأولاً.



    2- وإما أن يقال : جهر فلان بالتسمية ليس بدعة في حقه وهو بدعة في حق فلان الذي لا تأويل له.
    ولا فرق بينهما كما قال الشيخ



    يبقى النظر في مسألة أخيرة وهي :




    سلمنا أن المجتهد في المسائل الاجتهادية يُرفع عنه حكم المبتدع فهل يثبت له الاسم دون الحكم (؟؟)



    قلتُ : في الجملة يجوز ثبوت اسم المبتدع دون حكمه ..يقول شيخ الإسلام : ((َلَيْسَ كُلُّ مُخْطِئٍ وَلَا مُبْتَدَعٍ وَلَا جَاهِلٍ وَلَا ضَالٍّ يَكُونُ كَافِرًا ؛ بَلْ وَلَا فَاسِقًا بَلْ وَلَا عَاصِيًا)).
    فسماه مبتدعاً رغم كونه معذوراً..


    ويقول الشيخ العثيمين وسياق كلامه عمن تأول الصفات بتأويل سائغ : ((يجب التفريق بين حكم القول وقائله، والفعل وفاعله، فالقول الخطأ إذا كان صادرا عن اجتهاد وحسن قصد لا يذم عليه قائله، بل يكون له أجر على اجتهاده، لقول النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر » . متفق عليه، وأما وصفه بالضلال فإن أريد بالضلال الضلال المطلق الذي يذم به الموصوف، ويمقت عليه، فهذا لا يتوجه في مثل هذا المجتهد الذي علم منه حسن النية، وكان له قدم صدق في الدين واتباع السنة، وإن أريد بالضلال مخالفة قوله للصواب من غير إشعار بذم القائل فلا بأس بذلك؛ لأن مثل هذا ليس ضلالا مطلقا، لأنه من حيث الوسيلة صواب، حيث بذل جهده في الوصول إلى الحق، لكنه باعتبار النتيجة ضلال حيث كان خلاف الحق.
    وبهذا التفصيل يزول الإشكال والتهويل، والله المستعان.)).


    قلتُ : لكن الذي عندي والله أعلم أن اسم المبتدع لا يمكن تخليصه من الذم ..وحال المسائل الاجتهادية يختلف عن حال المسائل التي فيها خلاف غير سائغ ..فالمسائل الاجتهادية أخف بكثير جداً..بينما في مسائل الخلاف غير السائغ ورغم كون الواقع فيها قد يكون معذوراً إلا أن اسم المبتدع نافع في التنفير عن بدعته ،ونحن لا نقصد لتنفير الناس عن الاطمئنان لقول من قال بالجهر بالتسمية بل اتباع القائل به جائز في الجملة ..فلا يتضمن الاسم حينها أي حكم بل يكون علماً مجرداً فالأصح رفع الاسم عن المجتهد في المسائل الاجتهادية.


    يقول شيخ الإسلام : ((وَهَذَا كَسَائِرِ الْأُمُورِ الْمَعْلُومَةِ بِالِاضْطِرَارِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ يَشُكُّ فِيهَا أَوْ يَنْفِيهَا : كَالْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَة ِ عِنْدَهُمْ فِي شَفَاعَتِهِ وَحَوْضِهِ وَخُرُوجِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ النَّارِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَة ِ عِنْدَهُمْ : فِي الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ وَالْعُلُوِّ وَالرُّؤْيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُصُولِ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِسُنَّتِهِ كَمَا تَوَاتَرَتْ عِنْدَهُمْ عَنْهُ ؛ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ كَمَا تَوَاتَرَ عِنْدَ الْخَاصَّةِ - مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْهُ - الْحُكْمُ بِالشُّفْعَةِ وَتَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَرَجْمُ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَاعْتِبَارُ النِّصَابِ فِي السَّرِقَةِ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي يُنَازِعُهُمْ فِيهَا بَعْضُ أَهْلِ الْبِدَعِ . وَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ مُتَّفِقِينَ عَلَى تَبْدِيعِ مَنْ خَالَفَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأُصُولِ ؛ بِخِلَافِ مَنْ نَازَعَ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ هَذَا الْمَبْلَغَ فِي تَوَاتُرِ السُّنَنِ عَنْهُ : كَالتَّنَازُعِ بَيْنَهُمْ فِي الْحُكْمِ بِشَاهِدِ وَيَمِينٍ وَفِي الْقُسَامَةِ وَالْقُرْعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ هَذَا الْمَبْلَغَ)).


    فإن قال قائل : هذه لنا فهو يرفع اسم البدعة عن تلك المسائل .
    قيل له: لا ؛ لأن كلامه صريح في أنه يمنع إطلاق اسم المبتدع على المجتهد ولم يتطرق للمسألة وحكمها؛ ولأنه قد ثبت عن بعض السلف إطلاق اسم البدعة في مسألة الشاهد واليمين التي ذكرها هو-مثلاً- ولا يخفى عليه ذلك.


    وإن قال قائل : ولم استدللت بهذا النقل على رفع اسم المبتدع عن المخالف في المسائل الاجتهادية ولم تجعل هذا النقل في رفع الحكم مع بقاء الاسم (؟؟)


    قلنا : لأن رفع الحكم لا فرق فيه بين المسائل الاجتهادية وغيرها كما هو معروف من مذهب شيخ الإسلام فلم يبق إلا أنه يقصد رفع الاسم واستعماله في مخاطبة المجتهدين في محال النزاع.


    والحمد لله وحده..
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فهر السلفي مشاهدة المشاركة
    للفائدة






    1- إطلاق اسم البدعة على بعض مسائل الاجتهاد المتنازع فيها = ثابت مستفيض جوازه عن السلف ولا سبيل لدفعه.



    2- الحكم العام يجوز إطلاقه في مسائل الاجتهاد وغيرها فيقال من فعل كذا (مما هو من مسائل الاجتهاد) فهو مبتدع.




    يقول شيخ الإسلام لما تكلم عن حكم إلحاق الوعيد إذا صادف محلاً مختلفاً فيه ،كمن يفتي بجواز الوصل مع قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لعن الله الواصلة...): ((وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْوَعِيدَ مِنْ الْأُمُورِ الْعِلْمِيَّةِ ؛ فَلَا تَثْبُتُ إلَّا بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْفِعْلَ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا فِي حُكْمِهِ لَمْ يَلْحَقْ فَاعِلَهُ الْوَعِيدُ . فَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ يُحْتَجُّ بِأَحَادِيثِ الْوَعِيدِ فِي تَحْرِيمِ الْأَفْعَالِ مُطْلَقًا وَلَا يَثْبُتُ بِهَا الْوَعِيدُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الدَّلَالَةُ قَطْعِيَّةً ... وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ السَّلَفِ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ حُجَّةٌ فِي جَمِيعِ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ الْوَعِيدِ ؛ فَإِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ بَعْدَهُمْ مَا زَالُوا يُثْبِتُونَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْوَعِيدَ كَمَا يُثْبِتُونَ بِهَا الْعَمَلَ وَيُصَرِّحُونَ بِلُحُوقِ الْوَعِيدِ الَّذِي فِيهَا لِلْفَاعِلِ فِي الْجُمْلَةِ وَهَذَا مُنْتَشِرٌ عَنْهُمْ فِي أَحَادِيثِهِمْ وَفَتَاوِيهِمْ )).وإطلاق اسم المبتدع أخف بكثير من إطلاق الوعيد.




    2- أما عن أحكام المبتدع ، فاسم المبتدع يثبت في الجملة لمن وقع في مثل ذلك من مسائل الاجتهاد ثم ينظر إلى حال المعين عند الحكم عليه :




    فإن استبانت له الحجة فأعرض عنها بعد التبين فهو مبتدع اسماً وحكماً.



    ومن خرج عن هذه الحجة بتأويل غير سائغ فهو مبتدع اسماً وحكماً.




    وهذا لا نزاع فيه ؛إذ لا عذر له يمنع إيقاع حكم المبتدع عليه.



    3- يبقى النظر الآن فيمن وقع في البدعة في المسائل الاجتهادية بتأويل سائغ ...



    يقول شيخ الإسلام بعد كلامه عن الحكم العام بالوعيد مانعاً تعيين المعين الجتهد به :(( وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ ؛ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ الْأُمُورِ الْمُحَرَّمَةِ بِكِتَابِ أَوْ سُنَّةٍ إذَا كَانَ بَعْضُ الْأُمَّةِ لَمْ يَبْلُغْهُمْ أَدِلَّةُ التَّحْرِيمِ فَاسْتَحَلُّوهَ ا أَوْ عَارَضَ تِلْكَ الْأَدِلَّةَ عِنْدَهُمْ أَدِلَّةٌ أُخْرَى رَأَوْا رُجْحَانَهَا عَلَيْهَا مُجْتَهِدِينَ فِي ذَلِكَ التَّرْجِيحِ بِحَسَبِ عَقْلِهِمْ وَعِلْمِهِمْ ؛ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ لَهُ أَحْكَامٌ مِنْ التَّأْثِيمِ وَالذَّمِّ وَالْعُقُوبَةِ وَالْفِسْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَكِنْ لَهَا شُرُوطٌ وَمَوَانِعُ فَقَدْ يَكُونُ التَّحْرِيمُ ثَابِتًا وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ مُنْتَفِيَةٌ لِفَوَاتِ شَرْطِهَا أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ ؛ أَوْ يَكُونُ التَّحْرِيمُ مُنْتَفِيًا فِي حَقِّ ذَلِكَ الشَّخْصِ مَعَ ثُبُوتِهِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ . وَإِنَّمَا رَدَدْنَا الْكَلَامَ لِأَنَّ لِلنَّاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ :
    أَحَدُهُمَا - وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ - : أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ وَاحِدٌ وَأَنَّ مَنْ خَالَفَهُ بِاجْتِهَادِ سَائِغٍ مُخْطِئٌ مَعْذُورٌ مَأْجُورٌ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذَلِكَ الْفِعْلُ الَّذِي فَعَلَهُ الْمُتَأَوِّلُ بِعَيْنِهِ حَرَامًا لَكِنْ لَا يَتَرَتَّبُ أَثَرُ التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ لِعَفْوِ اللَّهِ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا .


    وَالثَّانِي : فِي حَقِّهِ لَيْسَ بِحَرَامِ لِعَدَمِ بُلُوغِ دَلِيلِ التَّحْرِيمِ لَهُ ؛ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَتَكُونُ نَفْسُ حَرَكَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَيْسَتْ حَرَامًا . وَالْخِلَافُ مُتَقَارِبٌ وَهُوَ شَبِيهٌ بِالِاخْتِلَافِ فِي الْعِبَارَةِ . فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي أَحَادِيثِ الْوَعِيدِ إذَا صَادَفَتْ مَحَلَّ خِلَافٍ)).




    فهما إذاً قولان قريبان :




    1- إما أن يُقال جهر فلان بالتسمية بدعة ولكن لا يترتب عليه آثار البدعة لكونه مجتهداً متأولاً.



    2- وإما أن يقال : جهر فلان بالتسمية ليس بدعة في حقه وهو بدعة في حق فلان الذي لا تأويل له.
    ولا فرق بينهما كما قال الشيخ



    يبقى النظر في مسألة أخيرة وهي :




    سلمنا أن المجتهد في المسائل الاجتهادية يُرفع عنه حكم المبتدع فهل يثبت له الاسم دون الحكم (؟؟)



    قلتُ : في الجملة يجوز ثبوت اسم المبتدع دون حكمه ..يقول شيخ الإسلام : ((َلَيْسَ كُلُّ مُخْطِئٍ وَلَا مُبْتَدَعٍ وَلَا جَاهِلٍ وَلَا ضَالٍّ يَكُونُ كَافِرًا ؛ بَلْ وَلَا فَاسِقًا بَلْ وَلَا عَاصِيًا)).
    فسماه مبتدعاً رغم كونه معذوراً..


    ويقول الشيخ العثيمين وسياق كلامه عمن تأول الصفات بتأويل سائغ : ((يجب التفريق بين حكم القول وقائله، والفعل وفاعله، فالقول الخطأ إذا كان صادرا عن اجتهاد وحسن قصد لا يذم عليه قائله، بل يكون له أجر على اجتهاده، لقول النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر » . متفق عليه، وأما وصفه بالضلال فإن أريد بالضلال الضلال المطلق الذي يذم به الموصوف، ويمقت عليه، فهذا لا يتوجه في مثل هذا المجتهد الذي علم منه حسن النية، وكان له قدم صدق في الدين واتباع السنة، وإن أريد بالضلال مخالفة قوله للصواب من غير إشعار بذم القائل فلا بأس بذلك؛ لأن مثل هذا ليس ضلالا مطلقا، لأنه من حيث الوسيلة صواب، حيث بذل جهده في الوصول إلى الحق، لكنه باعتبار النتيجة ضلال حيث كان خلاف الحق.
    وبهذا التفصيل يزول الإشكال والتهويل، والله المستعان.)).


    قلتُ : لكن الذي عندي والله أعلم أن اسم المبتدع لا يمكن تخليصه من الذم ..وحال المسائل الاجتهادية يختلف عن حال المسائل التي فيها خلاف غير سائغ ..فالمسائل الاجتهادية أخف بكثير جداً..بينما في مسائل الخلاف غير السائغ ورغم كون الواقع فيها قد يكون معذوراً إلا أن اسم المبتدع نافع في التنفير عن بدعته ،ونحن لا نقصد لتنفير الناس عن الاطمئنان لقول من قال بالجهر بالتسمية بل اتباع القائل به جائز في الجملة ..فلا يتضمن الاسم حينها أي حكم بل يكون علماً مجرداً فالأصح رفع الاسم عن المجتهد في المسائل الاجتهادية.


    يقول شيخ الإسلام : ((وَهَذَا كَسَائِرِ الْأُمُورِ الْمَعْلُومَةِ بِالِاضْطِرَارِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ يَشُكُّ فِيهَا أَوْ يَنْفِيهَا : كَالْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَة ِ عِنْدَهُمْ فِي شَفَاعَتِهِ وَحَوْضِهِ وَخُرُوجِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ النَّارِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَة ِ عِنْدَهُمْ : فِي الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ وَالْعُلُوِّ وَالرُّؤْيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُصُولِ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِسُنَّتِهِ كَمَا تَوَاتَرَتْ عِنْدَهُمْ عَنْهُ ؛ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ كَمَا تَوَاتَرَ عِنْدَ الْخَاصَّةِ - مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْهُ - الْحُكْمُ بِالشُّفْعَةِ وَتَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَرَجْمُ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَاعْتِبَارُ النِّصَابِ فِي السَّرِقَةِ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي يُنَازِعُهُمْ فِيهَا بَعْضُ أَهْلِ الْبِدَعِ . وَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ مُتَّفِقِينَ عَلَى تَبْدِيعِ مَنْ خَالَفَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأُصُولِ ؛ بِخِلَافِ مَنْ نَازَعَ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ هَذَا الْمَبْلَغَ فِي تَوَاتُرِ السُّنَنِ عَنْهُ : كَالتَّنَازُعِ بَيْنَهُمْ فِي الْحُكْمِ بِشَاهِدِ وَيَمِينٍ وَفِي الْقُسَامَةِ وَالْقُرْعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ هَذَا الْمَبْلَغَ)).


    فإن قال قائل : هذه لنا فهو يرفع اسم البدعة عن تلك المسائل .
    قيل له: لا ؛ لأن كلامه صريح في أنه يمنع إطلاق اسم المبتدع على المجتهد ولم يتطرق للمسألة وحكمها؛ ولأنه قد ثبت عن بعض السلف إطلاق اسم البدعة في مسألة الشاهد واليمين التي ذكرها هو-مثلاً- ولا يخفى عليه ذلك.


    وإن قال قائل : ولم استدللت بهذا النقل على رفع اسم المبتدع عن المخالف في المسائل الاجتهادية ولم تجعل هذا النقل في رفع الحكم مع بقاء الاسم (؟؟)


    قلنا : لأن رفع الحكم لا فرق فيه بين المسائل الاجتهادية وغيرها كما هو معروف من مذهب شيخ الإسلام فلم يبق إلا أنه يقصد رفع الاسم واستعماله في مخاطبة المجتهدين في محال النزاع.



    والحمد لله وحده..

    قد نبهناك ونبهك الإخوان إلى عدم صحة مثل هذه التنزيلات، وأنها كما قال الإمام النووي رحمه الله: (هذه دعوى مجردة؛ فإن لم يصح لها مستند؛ فهي مردودة).



    النظر في المسائل والنصوص وكلام أهل العلم بعين البصيرة والتثبت والإستقراء مظنة السلامة بإذن الله.

    تريث بارك الله فيك فليس مجال التبديع بابه مفتوح على مصراعيه الكل يلج فيه أو يولّج فيه.



    بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: هل قوة دليل القول واختيار بعض السلف له يمنع من إطلاق البدعة عليه؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة
    ... تابع




    * قال النووي في "المجموع":
    "وأمَّا قولهم: "قال بعض التابعين: الجهر بالبسملة بدعة"، فلا حجة فيه؛ لأنه يخبر عن اعتقاده ومذهبه. كما قال أبو حنيفة: العقيقة بدعة وصلاة الاستسقاء بدعة؛ وهما سُنَّة عند جماهير العلماء، للأحاديث الصحيحة فيهما. ومذهب واحد من الناس لا يكون حجة على مجتهد آخر، فكيف يكون حجة على الأكثرين، مع مخالفته للأحاديث الصحيحة السابقة".
    والذي استوقفني من كلامه هو قوله: "فلا حجة فيه، لأنه يخبر عن اعتقاده ومذهبه". ومفاده أنّ ثبوت لفظ التبديع عن بعض السلف لا يعني ضرورةً صحةَ ذلك الحكم، فهُمْ إنما ذهبوا إلى ما ذهبوا إليه لعدّة اعتبارات. وهذه الاعتبارات هي نفسها التي تنتاب الاجتهاد في كل عصر ومصر، وهي مرتبطة تحديدًا ببشرية المجتهد وحدودها. وبالتالي، يضاف إلى القول بجواز الحكم على عمل ما بأنه بدعة، مع قول المخالف بعكسه: ضرورة أن يصدر هذا الحكم عن مجتهد مستكمل لشرائط الاجتهاد.
    ومع ذلك، فإنّ ورع العالم من شأنه أن يصدّه عن الحكم بالبدعة على قول مستند إلى دليل يرى هو مرجوحيته أو ضعفه. فالإمام مالك –مثلا- لم أره في "المدونة" يحكم بالبدعة على ما اختُلِف فيه استنادًا إلى دليل، بل على البدع المحضة التي لا أصل خاص أو عام يدل على مشروعيتها. والله أعلم.

    يتبع...
    كلام جميل موزون متثبت فيه




    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •