تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 37 من 37

الموضوع: مراحل جمع القرآن

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    26

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    وإذا كان صحيح الإسناد تبقى الأسئلة التالية

    أ- هل هذا النسخ محل إجماع؟
    ب-إذا كان ابن مسعود بنص ابن عباس قد شهد العرضة الأخيرة فهو يعلم ما نسخ وما بدل فكيف يقرأ بأشياء غير موجودة في المصحف العثماني؟
    ج-وما الدليل على أن النسخ في هذا الأثر كان نسخاً للأحرف؟
    د-هل تقول إن الأحرف المتروكة شرط تركها هو النسخ .يعني العلة الوحيدة لترك حرف وإخراجه عن مصحف عثمان هي أن يكون هذا الحرف منسوخا؟
    الناس معادن

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد بن مهاجر مشاهدة المشاركة
    وإذا كان صحيح الإسناد تبقى الأسئلة التالية
    أ- هل هذا النسخ محل إجماع؟
    ب-إذا كان ابن مسعود بنص ابن عباس قد شهد العرضة الأخيرة فهو يعلم ما نسخ وما بدل فكيف يقرأ بأشياء غير موجودة في المصحف العثماني؟
    ج-هل تقول إن الأحرف المتروكة شرط تركها هو النسخ .يعني العلة الوحيدة لترك حرف وإخراجه عن مصحف عثمان هي أن يكون هذا الحرف منسوخا؟

    النسخ محل اجماع لاجماع الصحابة هذا كاف لاثبات النسخ

    اما الاحرف السبعة فلم نقل انها متروكة انما قلنا ان بعضها نسخ في العرضة الاخيرة و هذه ليست علة لترك قراءتها فبعضها موجود في الاحاديث متناثر هنا و هناك ، لكن لا يصلى بها فانتبه للفرق

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد بن مهاجر مشاهدة المشاركة
    وإذا كان صحيح الإسناد تبقى الأسئلة التالية
    أ- هل هذا النسخ محل إجماع؟
    ب-إذا كان ابن مسعود بنص ابن عباس قد شهد العرضة الأخيرة فهو يعلم ما نسخ وما بدل فكيف يقرأ بأشياء غير موجودة في المصحف العثماني؟
    ج-وما الدليل على أن النسخ في هذا الأثر كان نسخاً للأحرف؟
    د-هل تقول إن الأحرف المتروكة شرط تركها هو النسخ .يعني العلة الوحيدة لترك حرف وإخراجه عن مصحف عثمان هي أن يكون هذا الحرف منسوخا؟
    ان لم يكن نسخا للاحرف فهو نسخ لماذا ؟

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    26

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    اما الاحرف السبعة فلم نقل انها متروكة انما قلنا ان بعضها نسخ في العرضة الاخيرة و هذه ليست علة لترك قراءتها فبعضها موجود في الاحاديث متناثر هنا و هناك ، لكن لا يصلى بها فانتبه للفرق
    1- يعني هناك قرآن يقرأ ولا يصلى به وهذا القرآن خارج مصحف عثمان وهذا القرآن منسوخ وأن هذا النسخ لا يمنع من القراءة به؟
    2-ما الذي يمنع أن يكون نسخاً للتلاوة كالمعهود في الشرع ما هو الدليل المعين أن هذا النسخ وقع على الأحرف التي نزلت للتيسير (؟؟)
    3-كيف يكون نسخ الأحرف إجماع وهناك من أهل العلم من قال إن المصحف العثماني قد احتوى على جميع الأحرف لم يغادر منها شيئاً وقد قال صاحب البحث الذي تنقل عنه : (( فخلافهم إذن هو في حصول ذلك النسخ أو عدم حصوله)).
    4-لم تجبني:هل المتروك لم يجعل في المصحف العثماني هو فقط المنسوخ أم أن هناك شرطاً آخر؟
    5-لم تجبني:إذا كان ابن مسعود بنص ابن عباس قد شهد العرضة الأخيرة فهو يعلم ما نسخ وما بدل فكيف يقرأ بأشياء غير موجودة في المصحف العثماني؟
    الناس معادن

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد بن مهاجر مشاهدة المشاركة
    1- يعني هناك قرآن يقرأ ولا يصلى به وهذا القرآن خارج مصحف عثمان وهذا القرآن منسوخ وأن هذا النسخ لا يمنع من القراءة به؟
    2-ما الذي يمنع أن يكون نسخاً للتلاوة كالمعهود في الشرع ما هو الدليل المعين أن هذا النسخ وقع على الأحرف التي نزلت للتيسير (؟؟)
    3-كيف يكون نسخ الأحرف إجماع وهناك من أهل العلم من قال إن المصحف العثماني قد احتوى على جميع الأحرف لم يغادر منها شيئاً وقد قال صاحب البحث الذي تنقل عنه : (( فخلافهم إذن هو في حصول ذلك النسخ أو عدم حصوله)).
    4-لم تجبني:هل المتروك لم يجعل في المصحف العثماني هو فقط المنسوخ أم أن هناك شرطاً آخر؟
    5-لم تجبني:إذا كان ابن مسعود بنص ابن عباس قد شهد العرضة الأخيرة فهو يعلم ما نسخ وما بدل فكيف يقرأ بأشياء غير موجودة في المصحف العثماني؟
    قد اجبتك اخي فاعد قراءة ما كتبته جيدا , ارجوا ان تدرس اولا ما هي شروط القراء ا ت العشر فقد اوقعت نفسك في خلط في القرآن الذي لا يقرأ به و ما شابه مما لم اقله بتاتا انما ما فهمته انت.


    ارجع اولا لشروط القراء ات الصحيحة و افهمها جيدا ثم نواصل ان شاء الله

    ثانيا راجع النسخ و معناه عند السلف

    ثالثا راجع معنى الاجماع و متى يعني الاجماع نسخا و لماذا نعتبر اجماع الصحابة في جمع القرآن نسخا للقراأت التي تخالف المصحف العثماني (المبحت اصولي لا بد لك من الرجوع لدراسات الاصول لفهم ذلك)

    رابعا راجع معنى القراأت الشاذة و الفرق بين اعتبار اية قرآنا و ان نسخت و بين تلاوتها

    خامسا راجع معنى قراءة عبد الله بن مسعود و هل كان يقرأ بخلاف المصحف في الصلاة ؟ اثبت ذلك

    سادسا لم اقل انه ترك شيئ من القرآن حاشا لله




    بعد ان تضبط كل هذا نواصل ان شاء الله

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    26

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    لا علاقة لأسئلتي بشروط القراءة ولا غيرها أرجو الإجابة وعدم الهروب
    أنت قلت
    اما الاحرف السبعة فلم نقل انها متروكة انما قلنا ان بعضها نسخ في العرضة الاخيرة و هذه ليست علة لترك قراءتها فبعضها موجود في الاحاديث متناثر هنا و هناك ، لكن لا يصلى بها فانتبه للفرق
    وهذا نص في أن الأحرف المنسوخة لا يمنع كونها منسوخة من قراءتها وأن هذه الأحرف المتناثرة يجوز قراءتها ولكن لا تجوز الصلاة بها

    أ-من قال من أهل العلم أن هذه الأحرف المنسوخة لا يمنع نسخها من قراءتها؟
    ب-هل يثاب قارئها ثواب قاريء القرآن؟
    ج-لا يجوز العمل بالحكم بعد معرفة نسخه فكيف تجوز قراءة الحرف بعد معرفة نسخه؟

    ثم أجب بقية الأسئلة التي لا علاقة لها بالقراءة

    2-ما الذي يمنع أن يكون نسخاً للتلاوة كالمعهود في الشرع ما هو الدليل المعين أن هذا النسخ وقع على الأحرف التي نزلت للتيسير (؟؟)
    3-كيف يكون نسخ الأحرف إجماع وهناك من أهل العلم من قال إن المصحف العثماني قد احتوى على جميع الأحرف لم يغادر منها شيئاً وقد قال صاحب البحث الذي تنقل عنه : (( فخلافهم إذن هو في حصول ذلك النسخ أو عدم حصوله)).
    4-لم تجبني:هل المتروك لم يجعل في المصحف العثماني هو فقط المنسوخ أم أن هناك شرطاً آخر؟
    5-لم تجبني:إذا كان ابن مسعود بنص ابن عباس قد شهد العرضة الأخيرة فهو يعلم ما نسخ وما بدل فكيف يقرأ بأشياء غير موجودة في المصحف العثماني؟
    الناس معادن

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    26

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    أرجو جواب الأسئلة وعدم الهروب وأنا منذ البداية سألتك عن قصدك بالقراءة أنت الذي تهربت ولم تجب والآن تجيب أنك تقصد مطلق القراءة وهذا عجيب فأنت قلت في بداية جوابك الذي استشكلته أنا: ((لم نقل إنها متروكة ))ثم ذكرتَ تعليلاً لعدم الترك: أنها تُقرأ فلو كنت تريد مطلق القراءة لكان هذا هو عينه الترك فمعنى أنها في الأحاديث وأنها تقرأ كقراءة الشيخ والشيخة معنى هذا أنها أحرف متروكة فلم صدرت جوابك بقولك: لم نقل إنها متروكة؟
    والكتاب الذي تنقل عنه حملته وقرأته منذ زمن بعيد ويمكنك أن تعتذر بأنك نقلت ولست محررا لما نقلت فلا بأس عليك وهذه هي الأسئلة ثانية فنرجو الجواب أو الاعتذار بعدم التحرير أما الهروب فقبيح:
    2-ما الذي يمنع أن يكون نسخاً للتلاوة كالمعهود في الشرع ما هو الدليل المعين أن هذا النسخ وقع على الأحرف التي نزلت للتيسير (؟؟)
    3-كيف يكون نسخ الأحرف إجماع وهناك من أهل العلم من قال إن المصحف العثماني قد احتوى على جميع الأحرف لم يغادر منها شيئاً وقد قال صاحب البحث الذي تنقل عنه : (( فخلافهم إذن هو في حصول ذلك النسخ أو عدم حصوله)).
    4-لم تجبني:هل المتروك لم يجعل في المصحف العثماني هو فقط المنسوخ أم أن هناك شرطاً آخر؟
    5-لم تجبني:إذا كان ابن مسعود بنص ابن عباس قد شهد العرضة الأخيرة فهو يعلم ما نسخ وما بدل فكيف يقرأ بأشياء غير موجودة في المصحف العثماني؟
    الناس معادن

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    26

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    ولم لا تجيب أنت ألست مستوعبا لهذا الذي نقلته؟
    ألست محررا له؟
    الناس معادن

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    دفع الاعتراض على عثمان  في جمع القرآن
    ورد الشبهات المثارة حول هذا الجمع
    المبحث الأول: اعتراض ابن مسعود t على عدم توليه الجمع
    مصحف ابن مسعود t يوافق مصاحف الجماعة
    المبحث الأول: اعتراض ابن مسعود  على عدم توليه الجمع
    كان عبد الله بن مسعود  أحد أئمة القراءة من أصحاب النَّبِيّ ،ـ(1) وكان أول من جهر بالقرآن بين المشركين في مكة،(2) وكان أحد الأربعة الذين أمر النَّبِيّ  بأخذ القرآن عنهم.
    فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنُ عَمْرٍو أنه ذَكَرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: لاَ أَزَالُ أُحبُّهُ؛ سَمِعْتُ النَّبِيَّ  يَقُولُ: خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.(3)
    فلمَّا جمع عثمان  القرآن، ونسخه في المصاحف، وأرسلها إلى الأمصار، كَرِه ذلك ابن مسعودٍ ، فقد كان يكره أن يُمنع أحدٌ من قراءة شيء سمعه من رَسُول اللهِ .
    عن أبي الشعثاء قال: كنا جلوسًا في المسجد، وعبد الله يقرأ، فجاء حذيفة، فقال: قراءة ابن أم عبدٍ، وقراءة أبي موسى الأشعري! والله إن بقِيتُ حتى آتِيَ أمير المؤمنين (يعني عثمان) لأمرتُهُ أن يجعلها قراءةً واحدةً. قال: فغضب عبد الله، فقال لحذيفة كلمةً شديدةً. قال: فسكت حذيفة.(4)
    ولَمَّا أرسل عثمان  المصحف إلى الكوفة مع حذيفة بن اليمان كره ذلك ابن مسعود،(5) وكان يرى أنه أحق بأن يقوم بجمع القرآن، لِما له من المكانة في القراءة، والتلقِّي عن رَسُول اللهِ  .
    عن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أنه قَالَ: عَلَى قِرَاءةِ مَنْ تَأْمُرُونِّي أَقْرَأُ؟ لَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ  بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَإِنَّ زَيْدًا لَصَاحِبُ ذُؤَابَتَيْنِ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ.(6)
    ولَمَّا أمر عثمان  بانتزاع المصاحف المخالفة وإحراقها، رفض ذلك ابن مسعودٍ ، وأمر الناس بأن يغلُّوا المصاحف.
    فعَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ: } وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {،(7) ثُمَّ قَالَ: عَلَى قِرَاءةِ مَنْ تَأْمُرُونِي أَنْ أَقْرَأَ؟ فَلَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ  بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ  أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا أَعْلَمُ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ. قَالَ شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ فِي حَلَقِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ  فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلاَ يَعِيبُهُ.(8)
    وقَالَ الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَرِهَ لِزَيْدِ ابْنِ ثَابِتٍ نَسْخَ الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أُعْزَلُ عَنْ نَسْخِ كِتَابَةِ الْمُصْحَفِ، وَيَتَوَلاَّهَا رَجُلٌ، وَاللهِ، لَقَدْ أَسْلَمْتُ وَإِنَّهُ لَفِي صُلْبِ رَجُلٍ كَافِرٍ، يُرِيدُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ اكْتُمُوا الْمَصَاحِفَ الَّتِي عِنْدَكُمْ وَغُلُّوهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ:} وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {، فَالْقُوا اللهَ بِالْمَصَاحِفِ.
    قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَبَلَغَنِي أَنَّ ذَلِكَ كَرِهَهُ مِنْ مَقَالَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ رِجَالٌ مِنْ أَفَاضِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ .ـ(9)
    كان هذا هو مجمل اعتراض عبد الله بن مسعودٍ  على عثمان في تولية زيدٍ نسخ المصاحف.
    ولا شك أن اختيار عثمان  زيدًا لنسخ المصاحف كان نظرًا منه لمصلحة الإسلام والمسلمين، لِما يرى من أهليته دون غيره لذلك العمل الجليل، ولو أنه  ظنَّ بعبد الله بن مسعودٍ مثل ذلك وعلمه منه، لترتَّب عليه فَرْضُ توليته دون غيره.
    ولو حدث ذلك لساغ لآخر أن يقول: ولم اختار ابن مسعود دون غيره؟ ولمَ عدل عن أبيِّ بن كعبٍ مع ما فيه من الفضائل؟ ولمَ ترك زيد بن ثابت، وهو كاتب النَّبِيّ ؟ وهذا باب لا طريق إلى سدِّه.(10)
    فاختيار زيد لِهَذِهِ المهمة كان اجتهادًا من الخليفة الراشد عثمان ، وكان نظرًا منه لِمصلحة الأمة، وقد وافقه على هذا الاجتهاد كل من شهده، إلا ما ورد عن ابن مسعود من كراهية ذلك.
    ولقد صوَّب العلماء اختيار عثمان زيدَ بن ثابتٍ لِهذا العمل، وعللوا ذلك بأمور، منها:
    الأول: أن زيدًا كان هو الذي قام بجمع القرآن في عهد أبي بكر، لكونه كاتبَ الوحي، ولَمَّا كانت المهمة الجديدة، وهي نسخ المصاحف، مرتبطة بالمهمة الأولى -كان اختار زيد أولى من اختيار ابن مسعودٍ، فقد كان لزيد في ذلك أوليةً ليست لغيره.(11)
    وقد روى ثعلبة بن مالك عن عثمان  أنه قال: من يعْذِرُني من ابن مسعودٍ، يدعو الناس إلى الخلاف والشبهة والتعصب عليَّ إذ لم أوَلِّه نسخ القرآن، فهلاَّ عتب على أبي بكر وعمر، هما عزلاه عن نسخ القرآن وولياه زيدَ بن ثابت، واتَّبعت أثرهما فيما بقيَ من أصحاب النَّبِيّ .ـ(12)
    الثاني: أن جمع القرآن في زمن عثمان كان بالمدينة، وكان ابن مسعودٍ إذ ذاك بالكوفة، ولم يؤخر عثمان ما عزم إليه من ذلك إلى أن يرسل إليه ويحضر، فقد كانت الفتنة تدق الأبواب بعنفٍ، وكان لا بد من معاجلتها قبل أن تستشري.(13)
    الثالث: أن فضل ابن مسعود على زيد بن ثابت لا يسوِّغ تقديـمه عليه في نسخ المصاحف، فقد كان ابن مسعود إمامًا في الأداء، وكان زيدٌ إمامًا في الخط والكتابة، مع كونه في المحل الشريف في حفظ القرآن، وحسن الخط والضبط، وكان من خواص كتبة النَّبِيّ ، فكان اختيار الأعلم بالكتابة والخط والضبط أولى من اختيار الأقدم في التلقي والحفظ.
    فلو أن أحدنا أراد أن يكتب اليوم مصحفًا، فلن يلتمس له أقدم أهل عصره حفظًا، أو أقواهم أو أشجعهم، وإنَّما يلتمس أحسنهم ضبطًا وخطًّا، وأحضرهم فهمًا.(14)
    وقد ورد أن عبد الله بن مسعود لم يكن قد حفظ كل القرآن في حياة النَّبِيّ ، بل ورد أيضًا أنه مات ولم يختمه، فكان زيدٌ بذلك أولى منه، إذ قد كان حفظ القرآن كله في حياة النَّبِيّ .
    قال القرطبي: فالشائع الذائع الْمتَعالَم عند أهل الرواية والنقل أن عبد الله بن مسعود تعلَّم بقية القرآن بعد وفاة رَسُول اللهِ ، وقد قال بعض الأئمة: مات عبد الله بن مسعود قبل أن يختم القرآن.(15)
    ويضاف إلى هذا ما كان لزيد بن ثابت من الخصال التي أهلته لجمع القرآن على عهد الصدِّيق، كما مرَّ بنا.(16)
    وقد كان يكفي لاختياره لِهذا العمل ثقة النَّبِيّ  فيه، إذ أمره أن يتعلم كتاب يهودٍ، فتعلمه في سبعةَ عشرَ يومًا، فضرب بذلك أروع مثلٍ في الفطنة والذكاء، مع حداثة سِنِّه .
    عن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ ، فَتَعَلَّمْتُ لَهُ كِتَابَ يَهُودَ، وَقَالَ: إِنِّي وَاللهِ مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي، فَتَعَلَّمْتُهُ ، فَلَمْ يَمُرَّ بِي إِلاَّ نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى حَذَقْتُهُ، فَكُنْتُ أَكْتُبُ لَهُ إِذَا كَتَبَ، وَأَقْرَأُ لَهُ إِذَا كُتِبَ إِلَيْهِ.(17)
    وفي رواية أنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ : تُحْسِنُ السُّرْيَانِيَّ ةَ؟ إِنَّهَا تَأْتِينِي كُتُبٌ. قَالَ: قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَتَعَلَّمْهَا. فَتَعَلَّمْتُهَ ا فِي سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا.(18)
    وقد أنكر الصحابة على ابن مسعود ما فعله من منافرة الجماعة فيما رأوا من نسخ المصاحف واختيار زيد لذلك العمل، ومن تحريضه الناس على عدم تحريق مصاحفهم، كما مرَّ قريبًا في حديث الزهري، وفيه:
    قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَبَلَغَنِي أَنَّ ذَلِكَ كَرِهَهُ مِنْ مَقَالَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ رِجَالٌ مِنْ أَفَاضِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ .ـ(19)
    على أن ما جاء عن ابن مسعود من كراهة ذلك إنما كان ظنًّا منه أنه يَمنع من قراءة القرآن على وجه مما صحَّ عن النَّبِيّ  أنه قرآن منَزل، مستقرٌّ في العرضة الأخيرة، فلمَّا تبين له عدم المنع مِمَّا صح من القراءة رجع عن رأيه إلى رأي الجماعة.
    قال الباقلاني: وقد وردت الروايات أن عثمان وعظه، وحذَّره الفُرقة، فرجع واستجاب إلى الجماعة، وحثَّ أصحابه على ذلك، فروي عنه في حديث طويل، أنه قال: … فمن قرأ على قراءتي، فلا يدعها رغبةً عنها، ومن قرأ عليَّ شيئًا من هذه الحروف، فلا يدعَنْه رغبةً عنه؛ فإنه من جحد بحرف منه فقد جحده كله.(20)
    مصحف ابن مسعود يوافق مصاحف الجماعة
    ومِمَّا يدل على أن ابن مسعودٍ  قد رجع إلى رأي الجماعة أن قراءته قد رواها عاصم وحمزة والكسائي، وغيرهم، كما مرَّ بنا،(21) وقراءة هؤلاء الأئمة موافقة للمصاحف العثمانية -بلا شكٍّ.
    ولا شك أيضًا أن قراءة ابن مسعود كانت موافقة لِمصحفه، فدل ذلك على أنه رجع إلى ما اتفقت عليه جماعة المسلمين، بعد أن ظهر له صوابُهم في ذلك.
    قال أبو محمد بن حزم: وأما قولُهم إن مصحف عبد الله بن مسعود  خلاف مصحفنا فباطلٌ وكذبٌ وإفكٌ. مصحف عبد الله بن مسعود إنَّما فيه قراءته بلا شكٍّ، وقراءتُه هي قراءة عاصمٍ المشهورة عند جميع أهل الإسلام في شرق الأرض وغربِها، نقرأ بِها كما ذكرنا، كما نقرأ بغيرها مما صحَّ أنه كل منَزلٌ من عند الله تعالى.(22)
    قال البلاقلاني: ولو كان في قراءة ابن مسعود ما يُخالف مصحف عثمان لظهر ذلك في قراءة حمزة خاصةً … إلى أن قال: ولو لقي أحدٌ من أصحاب عبد الله أحدًا مِمَّن قرأ عليه خلاف قراءة الجماعة، لوجب أن ينقل ذلك نقلاً ظاهرًا مشهورًا، وفي عدم ذلك دليلٌ على فساد هذا.(23)
    (1) مرَّ ذكره في المبحث الرابع من الفصل الأول من الباب الأول (الحفاظ من الصحابة).
    (2) السيرة النبوية لابن هشام (1/275).
    (3) رواه البخاري في فضائل القرآن باب القراء من أصحاب النبي  ح 4999.انظر الصحيح مع فتح الباري (8/662).
    (4) رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب كراهية عبد الله بن مسعود ذلك ص 20.
    (5) انظر المصاحف لابن أبي داود ص 44.
    (6) رواه النسائي في سننه، كتاب الزينة، باب الذؤابة (8/134) ح 5063، وابن أبي داود في كتاب المصاحف باب كراهية عبد الله بن مسعود ذلك ص 21،22.
    (7) سورة آل عمران، من الآية 161.
    (8) رواه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، بَاب مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ (16/16) ح 2462، وابن أبي داود في كتاب المصاحف باب كراهية عبد الله بن مسعود ذلك ص 23.
    (9) رواه الترمذي في جامعه،كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة التوبة (4/348-349) ح 3104، وابن أبي داود في كتاب المصاحف باب كراهية عبد الله بن مسعود ذلك ص 24-25.
    (10) انظر نكت الانتصار لنقل القرآن ص 369-370.
    (11) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 363، و ص 368، وفتح الباري (8/635).
    (12) ذكر هذا الخبر القاضي الباقلاني في الانتصار، انظر: نكت الانتصار لنقل القرآن ص 363.
    (13) فتح الباري (8/635)، ونكت الانتصار لنقل القرآن ص 372.
    (14) انظر نكت الانتصار لنقل القرآن ص 368-369.
    (15) الجامع لأحكام القرآن (1/39).
    (16) انظر : من قام بالجمع في عهد أبي بكر، وهو الفصل الثالث من الباب الثاني.
    (17) رواه أبو داود في سننه، كتاب العلم باب رواية حديث أهل الكتاب (3/318) ح 3645.
    (18) رواه أحمد في مسنده، مسند الأنصار (6/223) ح 21077.
    (19) رواه الترمذي في جامعه،كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة التوبة (4/348-349) ح 3104، وابن أبي داود في كتاب المصاحف باب كراهية عبد الله بن مسعود ذلك ص 24-25.
    (20) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 264، وروى نحوه الإمام أحمد في مسنده: مسند المكثرين من الصحابة، (1/669) ح 3835.
    (21) انظر مبحث الحفاظ من الصحابة، وهو المبحث الرابع من الفصل الأول من الباب الأول.
    (22) الفصل في الملل والأهواء والنحل (2/212).
    (23) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 380-382.
    المبحث الثاني: رد الشبهات التي أثيرت حول الجمع العثماني
    الشبهة الأولى: الطعن باستنكار ابن مسعود  تولي زيد الجمع
    وقد طعن بعض الطاعنين على كتاب الله في جمع القرآن في زمن عثمان  بِما ورد عن ابن مسعودٍ من استنكار تولي زيدٍ هذا الجمع، وعدم توليه إياه، مع كونه أعلم أصحاب النَّبِيّ  بكتاب الله، واستدلوا على ذلك بالأحاديث السابقة في اعتراض ابن مسعود على عثمان، ومنها:
    عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ: } وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {،(1) ثُمَّ قَالَ: عَلَى قِرَاءةِ مَنْ تَأْمُرُونِي أَنْ أَقْرَأَ؟ فَلَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ  بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ  أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا أَعْلَمُ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ. قَالَ شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ فِي حَلَقِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ  فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلاَ يَعِيبُهُ.(2)
    وقالوا: إن استنكار ابن مسعودٍ طعنٌ في جمع القرآن، وهو دليلٌ على أن القرآن الذي بين أيدينا ليس موثوقًا، وهو أيضًا طعنٌ في تواتر القرآن، إذ لو كان ما كتبه عثمان متواترًا لَما وسع ابن مسعود استنكاره.(3)
    والجواب عن هذه الشبهة:
    أولاً: أن الاستنكار المروي عن ابن مسعودٍ لم يكن طعنًا في جمع القرآن، ولا استنكارًا لفعل الصحابة، وإنَّما كان استنكارًا لاختيار من يقوم بِهذا الجمع، إذ كان يرى في نفسه أنه الأولى أن يسند إليه هذا الجمع، مع كمال ثقته في زيدٍ وأهليتِه للنهوض بِما أسند إليه.
    ومسألة اختيار من يقوم بجمع القرآن تقديرية، ولا شكَّ أن تقدير عثمان، ومن قبله أبو بكر وعمر أن زيدًا أكفأ من غيره للقيام بِهذا العمل -أصدق من تقدير ابن مسعودٍ له، كما مرَّ بنا قريبًا في تصويب اختيار عثمان زيدًا على غيره لجمع القرآن.(4)
    وأما حداثة سِنِّ زيدٍ ، فليست مطعنًا، فكم من صغيرٍ فاق من هو أكبر منه، وقد كان في ثقة النَّبِيّ  بزيد -كما مرَّ قريبًا- ما يدل على أهليته وكفايته، وقد قدَّم النَّبِيّ  بعض صغار السِنِّ على من هم أكبر منهم لَمَّا رأى من كفايتهم وأهليتهم فيما قدَّمهم فيه، كما قدَّم أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه كبار المهاجرين والأنصار، وهو ابن ست عشرة سنة، رغم طعن بعض الناس في إمارته، وأنفذ هذا الجيش أبو بكر ، ولم يأبه لاستنكار بعض ذوي السن من الصحابة، محتجًّا في ذلك بتقديم الرَّسُول  إياه.
    عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ  سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ الْبُعُوثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، مَرَّةً عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ وَمَرَّةً عَلَيْنَا أُسَامَةُ.(5)
    وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِي الله عَنْهمَا، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ  بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ : إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللهِ، إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ.(6)
    ولما طلب الناس تأمير من هو أسنُّ من أسامة بعد وفاة النَّبِيّ ، قال أبو بكر  لعمر لما كلمه في ذلك: ثكلتك أمُّك يا ابن الخطاب! استعمله رَسُول اللهِ ، وتأمرني أن أنزعه.(7)
    ثانيًا: أن استنكار ابن مسعود أن يترك حرفه، هو شهادة لحرفه بالصحة، لأنه أخذه عن رَسُول اللهِ ، وليس في ذلك طعنٌ على حرف زيد من حيث هو، وإنَّما غاية ما هنالك أنه لا يرى ترك حرفه لحرف أحدٍ غيره.
    قال الباقلاني: ليست شهادة عبد الله لحرفه وأنه أخذه من فم رَسُول اللهِ  طعنًا على حرف غيره، ولكنه عنده حجةٌ في أنه لا يَجِب عليه تركه، وتحريق مصحف هو فيه.(8)
    ثالثًا: أنه على فرض كون استنكار ابن مسعودٍ طعنًا في صحة جمع القرآن وتواتره، فقد ثبت بِما لا مجال للشك معه أنه قد رجع عن ذلك -كما مرَّ قريبًا.(9)
    رابعًا: أننا لو سلَّمنا أن ابن مسعود استمرَّ على استنكاره، وأن استنكاره كان طعنًا في تواتر القرآن وصحة جمعه في زمن عثمان، فإننا نجيب بأن طعن ابن مسعود في التواتر لا يقدح فيه، فإن التواتر حجة قاطعة بصحة ما روي متواترًا، وإذا كان الجماعة الذين اتفقوا على صحة جمع القرآن في زمن عثمان قد بلغوا حدَّ التواتر وأكثر، فإن إنكار الواحد أو الاثنين لا يقدح في ذلك التواتر، فإن من شهد حجةٌ على من لم يشهد.
    خامسًا: أن قول ابن مسعود: وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ  أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا أَعْلَمُ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ. ليس قطعًا على أنه ليس فيهم من هو أعلم منه بكتاب الله، وإنما هو اعتقاد ابن مسعود، وهو غير معصوم في هذا الاعتقاد.(10)
    (1) سورة آل عمران، من الآية 161.
    (2) رواه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، بَاب مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ (16/16) ح 2462، وابن أبي داود في كتاب المصاحف باب كراهية عبد الله بن مسعود ذلك ص 23.
    (3) مناهل العرفان (1/283).
    (4) انظر مناهل العرفان (1/283).
    (5) رواه البخاري في صحيحه كتاب المغازي باب بعث النَّبِيّ  أسامة إلى الحرقات (7/590) ح 4271.
    (6) رواه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة باب مناقب زيد بن حارثة (7/108-109) ح 3730.
    (7) تاريخ الطبري (2/246)، وانظر فتح الباري (7/759).
    (8) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 364.
    (9) انظر المبحث السابق، ومناهل العرفان (1/284).
    (10) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 364.
    تابع المبحث الثاني: رد الشبهات التي أثيرت حول الجمع العثماني
    الشبهة الثانية: الفاتحة والمعوذتان عند ابن مسعود .
    طعن بعض الطاعنين على جمع القرآن بأن عبد الله بن مسعود  أنكر أن المعوذتين من القرآن، وكان يَمحوهما من المصحف، وأنه لم يكتب فاتحة الكتاب في مصحفه، وزعموا أن في ذلك قدحًا في تواتر القرآن.(1)
    وقد ثبت أن عبد الله بن مسعودٍ  كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه، وروي عنه أنه كان لا يكتب فاتحة الكتاب كذلك.
    فعَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، قُلْتُ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا،(2) فَقَالَ أُبَيٌّ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ لِي: قِيلَ لِي فَقُلْتُ. قَالَ: فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ .ـ(3)
    وَعَنْه أيضًا أنه قَالَ: قُلْتُ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ لاَ يَكْتُبُ الْمُعَوِّذَتَي ْنِ فِي مُصْحَفِهِ. فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ  أَخْبَرَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ  قَالَ لَهُ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، فَقُلْتُهَا، فَقَالَ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فَقُلْتُهَا، فَنَحْنُ نَقُولُ مَا قَالَ النَّبِيُّ .ـ(4)
    وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللهِ يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَي ْنِ مِنْ مَصَاحِفِهِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى.(5)
    وروى الأعمش عن إبراهيم قال: قيل لابن مسعودٍ لِمَ لَمْ تكتب الفاتحة في مصحفك؟ فقال: لو كتبتها لكتبتها في أول كل سورة.(6)
    وعن ابن سيرين أن أُبَيَّ بن كعبٍ وعثمانَ كانا يكتبان فاتحة الكتاب والمعوذتين، ولم يكتب ابن مسعودٍ شيئًا منهن.(7)
    الجواب عن هذه الشبهة:
    أمَّا فاتحة الكتاب، فإن عدم كتابتها في مصحف ابن مسعود مشكوكٌ فيه، غير مسلم بصحته.
    والخبر الذي تعلَّق به أصحاب هذه الشبهة ليس فيه إنكار قرآنية الفاتحة، وإنَّما قصارى ما فيه أن ابن مسعود لم يكن يكتبها، وليس في ذلك جحدٌ بأنَّها من القرآن.
    ولو صحَّ عن ابن مسعود هذا الخبر، فإنه لا يجوز لمسلمٍ أن يَظُن خفاء قرآنية الفاتحة على ابن مسعود، فضلاً عن أن يَظُنَّ به إنكار قرآنيتها، وكيف يُظَن به ذلك، وهو من أشد الصحابة عناية بالقرآن، وقد أوصى النَّبِيّ  بقراءة القرآن على قراءته.(8)
    فَعَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَشَّرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ  قَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ.(9)
    كما أن ابن مسعود  من السابقين إلى الإسلام، ولم يزل يسمع النَّبِيّ  يقرأ بالفاتحة في الصلاة، ويقول: لا صَلاَةَ إِلاَّ بِقِرَاءةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ.(10)
    فلو صحَّ عنه هذا النقل، وجب أن يُحمل على أكمل أحواله ، وذلك بأن يُقال: إنه كان يرى أن القرآن كتب في المصاحف مخافة الشك والنسيان، أو الزيادة والنقصان، فلمَّا رأى ذلك مأمونًا في فاتحة الكتاب؛ لأنَّها تثنى في الصلاة، ولأنه لا يجوز لأحد من المسلمين ترك تعلمها -ترك كتابتها، وهو يعلم أنَّها من القرآن، وذلك لانتفاء علة الكتابة -وهي خوف النسيان- في شأنِها.
    فكان سبب عدم كتابتها في مصحفه وضوح أنَّها من القرآن، وعدم الخوف عليها من الشك والنسيان، والزيادة والنقصان.(11)
    قال أبو بكر الأنباري تعليقًا على قول ابن مسعود: "لو كتبتها لكتبتها في أول كل سورة" قال: يعني أن كلَّ ركعةٍ سبيلُها أن تفتتح بأم القرآن، قبل السورة المتلوَّة بعدها، فقال: اختصرت بإسقاطها، ووثقت بحفظ المسلمين لَهَا، ولم أثبتها في موضعٍ فيلزمني أن أكتبها مع كل سورةٍ، إذ كانت تتقدمها في الصلاة.(12)
    ويدل على ذلك أيضًا أنه قد صحَّ عن ابن مسعود قراءة عاصم وغيره، وفيها الفاتحة، وهذا نقلٌ متواتر يوجب العلم.
    وأما المعوذتان، فقد ثبت بِما لا مجال للشك معه أنَّهما قرآنٌ منَزَّلٌ.
    فقد ورد التصريح بقرآنيتهما عن النَّبِيّ .
    كما جاء عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : أُنْزِلَتْ عَلَيَّ سُورَتَانِ، فَتَعَوَّذُوا بِهِنَّ فَإِنَّهُ لَمْ يُتَعَوَّذْ بِمِثْلِهِنَّ، يَعْنِي الْمُعَوِّذَتَي ْنِ.(13)
    وعَنْه أيضًا أنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ : أُنْزِلَ أَوْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ، الْمُعَوِّذَتَي ْنِ.(14)
    كما ورد أنه  صلى بِهما صلاة الصبح، وفي قراءتِهما في الصلاة دليلٌ صريح على كونِهما من القرآن العظيم.
    عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: بَيْنَا أَقُودُ بِرَسُولِ اللهِ  فِي نَقَبٍ مِنْ تِلْكَ النِّقَابِ، إِذْ قَالَ: أَلاَ تَرْكَبُ يَا عُقْبَةُ؟ فَأَجْلَلْتُ رَسُولَ اللهِ  أَنْ أَرْكَبْ مَرْكَبَ رَسُولِ اللهِ ، ثُمَّ قَالَ: أَلاَ تَرْكَبُ يَا عُقْبَةُ؟ فَأَشْفَقْتُ أَنْ يَكُونَ مَعْصِيَةً، فَنَزَلَ وَرَكِبْتُ هُنَيْهَةً، وَنَزَلْتُ وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ ، ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أُعَلِّمُكَ سُورَتَيْنِ مِنْ خَيْرِ سُورَتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا النَّاسُ؟ فَأَقْرَأَنِي: } قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ {، وَ} قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ {، فَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَتَقَدَّمَ فَقَرَأَ بِهِمَا، ثُمَّ مَرَّ بِي فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتَ يَا عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ؟ اقْرَأْ بِهِمَا كُلَّمَا نِمْتَ وَقُمْتَ.(15)
    وقد أنكر كثيرٌ من أهل العلم صحة النقل عن ابن مسعود في إنكاره قرآنية المعوذتين، وفي عدم إثباتِهما في مصحفه.
    قال الباقلاني: وأما المعوذتان، فكل من ادَّعى أن عبد الله بن مسعودٍ أنكر أن تكونا من القرآن، فقد جهل، وبعُد عن التحصيل.(16)
    وقال ابن حزم: وكل ما روي عن ابن مسعود من أن المعوذتين وأم القرآن لم تكن في مصحفه فكذبٌ موضوع، لا يصح، وإنَّما صحَّت عنه قراءة عاصمٍ عن زِرِّ ابن حبيش عن ابن مسعود، وفيها أم القرآن والمعوذتان.(17)
    وقال النووي: أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة وسائر السور المكتوبة في المصحف قرآن، وأن من جحد شيئًا منه كفر، وما نُقِل عن ابن مسعودٍ في الفاتحة والمعوذتين باطلٌ، ليس بصحيح عنه.(18)
    وقد فنَّد هؤلاء العلماء ما ورد عن ابن مسعود من الإنكار أو الْمَحْوِ من المصاحف، وتطلبوا لذلك وجوهًا كثيرةً في الردِّ، منها:
    1. أن سبيلَ نقل المعوذتين سبيلُ نقل القرآن، وهو ظاهرٌ مشهورٌ، وأن فيهما من الإعجاز الذي لا خفاء لذي فهمٍ عنه، فكيف يحمل على ابن مسعودٍ إنكار كونِهما قرآنًا، مع ما ذكر من النقل والإعجاز؟
    2. أن ابن مسعودٍ لو أنكر أن المعوذتين من القرآن لأنكر عليه الصحابة، ولنقل إلينا نقلاً مستفيضًا، كما أنكروا عليه ما هو أقل من ذلك، وهو اعتراضه على اختيار زيد لجمع القرآن.(19)
    3. أن ابن مسعود كان مشهورًا بإتقان القراءة، منتصبًا للإقراء، وقد صحَّ عنه قراءة عاصم وغيره، وفيها المعوذتان، ولو كان أقرأ تلاميذه القرآن دون المعوذتين لنُقل إلينا، فلمَّا لم يروَ عنه، ولا نُقل مع جريان العادة، دلَّ على بطلانه وفساده.(20)
    4. أنه لو صحَّ أنه أسقط المعوذتين من مصحفه، فإن ذلك لا يدل على إنكاره كونَهما من القرآن، بل لعله أن يكون أسقطهما لعدم خوف النسيان عليهما، وظن من رأى ذلك مِمن لم يعرف ما دعاه إليه أنه أسقطهما لأنَّهما ليستا عنده بقرآن.(21)
    5. ويحتمل أن يكون سمع جواب النَّبِيّ  لأُبيٍّ لما سأله عنها، وأنه قال: قيل لي، فقلت، فلما سمع هذا أو أخبر به اعتقد أنَّهما من كلام الله ، غير أنه لا يجب أن تسميا قرآنًا؛ لأنه  لم يسمهما بذلك، أو أنه سمع جواب النَّبِيّ  لعقبة لما سأله: أقرآنٌ هما؟ فلم يجبه، وأصبح فصلَّى الصبح بِهما، فاعتقد أنَّهما كلام الله تعالى، ولم يسمهما قرآنًا لما لم يسمهما النَّبِيّ  بذلك.
    6. ويحتمل أن يكون لم ير النَّبِيّ  يقرأ بِهما في الصلاة قطُّ، فظن به لأجل ذلك أنه يعتقد أنَّهما ليستا من القرآن.(22)
    7. وأنه يُمكن أن يكون سئل عن عوذة من العوذ رواها عن النَّبِيّ ، وظن السائل عنها أنَّها من القرآن، فقال عبد الله: إن تلك العوذة ليست من القرآن، وظن سامع ذلك أو راويه أنه أراد المعوذتين، ويُمكن أن يحمل على ذلك أيضًا جوابه لِمن قال له في المعوذتين: أهي من القرآن؟ فقال بأنها ليست من القرآن، فإنه يحتمل أن يكون سأله عن معوذتين أخريين غير سورة الفلق وسورة الناس.(23)
    8. وأما ما روي من حكِّه إياهما من المصحف فذلك بعيدٌ، لأنه لا يَخلو أن يكون حكَّهما من مصحفه، أو من مصاحف أصحابه الذين أخذوا عنه، أو من مصحف عثمان، وما كُتِب منه.
    فمحالٌ أن يكون حكَّهما من مصحفه؛ لأنَّهما لم يكونا فيه، لأنه لم يكتبهما.
    وكذلك مصاحف من أخذ عنه من أصحابه، فهي بالضرورة موافقة لمصحفه، فلا يُتَصَوَّرُ أن يكون فيها المعوذتان.
    وإن كان من مصحف عثمان ، فذلك بعيدٌ، لأنه شقُّ العصا، وخلافٌ شديدٌ يطول فيه الخطب بينهما، ولو حصل ذلك لنقل إلينا، وفي عدم العلم بذلك دليلٌ على بطلانه.
    9. وأما قول الراوي: إنه كان يَحكهما، ويقول: لا تخلطوا به ما ليس منه. يعني المعوذتين، فهذا تفسير من الراوي، ويحتمل أنه كان يَحكُّ الفواتح والفواصل.(24)
    ويدل على ذلك ما رواه ابن أبي داود عن أبي جمرة قال: أتيت إبراهيم بمصحفٍ لي مكتوبٍ فيه: سورة كذا، وكذا آية، قال إبراهيم: امحُ هذا، فإن ابن مسعودٍ كان يكره هذا، ويقول: لا تخلطوا بكتاب الله ما ليس منه.(25)
    10. ولو ثبت عنه بنصٍّ لا يحتمل الرد أنه حكَّهما، فإن ذلك يَحتمل وجوهًا من التأويل، منها:
    أ- أن يكون رآها مكتوبةً في غير موضعها الذي يجب أن تكتب فيه، وأراد بقوله: لا تخلطوا به ما ليس منه: التأليف الفاسد.
    ب- أو أنه رآها كتبت مغيَّرةً بضرْبٍ من التغيير، فحكَّها، وقال: لا تخلطوا به ما ليس منه. يعني فساد النظم.(26)
    وهذه التأويلات التي ذكروها حسنةٌ، ولكن الرواية بإنكار ابن مسعودٍ قرآنية المعوذتين ومحوهما من المصاحف صحيحة، فلا ينبغي أن تُرَدَّ بغير مستندٍ، ولا محظور حينئذٍ، فتأويل فعل ابن مسعود مُمكن مع صحة هذه الروايات عنه.
    قال الحافظ: وأما قول النووي: أجمع المسلمون… ففيه نظر، وقد سبقه لنحو ذلك أبو محمد بن حزم… ثم قال: والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستندٍ لا يقبل، بل الرواية صحيحة، والتأويل مُحتملٌ، والإجماع الذي نقله إن أراد شموله لكل عصر، فهو مخدوش، وإن أراد استقراره، فهو مقبول.(27)
    وقال ابن كثير: وهذا مشهور عند كثير من القراء والفقهاء أن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه، فلعله لم يسمعهما من النَّبِيّ ، ولم يتواتر عنده، ثم قد رجع عن قوله ذلك إلى قول الجماعة، فإن الصحابة  أثبتوهما في المصاحف الأئمة، ونفذوها إلى سائر الآفاق كذلك، ولله الحمد والمنَّة.(28)
    وعلى صحة هذا النقل يكون الجواب عن هذه الشبهة بوجوه، منها -إضافةً إلى ما سبق:
    1- أن ترك كتابة ابن مسعودٍ المعوذتين في مصحفه ليس بالضرورة إنكارًا لقرآنيتهما، إذ ليس يجب على الإنسان أن يكتب جميع القرآن، فلو أنه كتب بعضًا وترك بعضًا، فليس عليه عيب ولا إثم.(29)
    2- أنه يحتمل أن يكون ابن مسعودٍ  لم يسمع المعوذتين من النَّبِيّ ، ولم تتواترا عنده، فتوقف في أمرهما.
    فإن قيل: ولِمَ لَمْ ينكر عليه الصحابة، يجاب بأنَّهم لم ينكروا عليه لأنه كان بصدد البحث والتثبت في هذا الأمر.(30)
    3- أنه يَحتمل أنه كان يسمعهما من النَّبِيّ ، وكان يراه  يعوِّذ الحسن والحسين بِهما، فظن أنَّهما ليستا من القرآن، وأقام على ظنه ومخالفة الصحابة جميعًا، ثم لَمَّا تيقن قرآنيتهما رجع إلى قول الجماعة.(31)
    عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: … وَلَيْسَا فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ،(32) كَانَ يَرَى رَسُولَ اللهِ  يُعَوِّذُ بِهِمَا الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ يَقْرَؤُهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ صَلاَتِهِ، فَظَنَّ أَنَّهُمَا عُوذَتَانِ، وَأَصَرَّ عَلَى ظَنِّهِ، وَتَحَقَّقَ الْبَاقُونَ كَوْنَهُمَا مِنَ الْقُرْآنِ فَأَوْدَعُوهُمَ ا إِيَّاهُ.(33)
    ومِمَّا يؤيد أنه رجع إلى قول الجماعة، ما ذكرناه آنفًا من صحة قراءة عاصم وغيره عنه، وأن فيها المعوذتين.
    4- أنه على فرض استمرار عبد الله بن مسعودٍ على إنكار قرآنية المعوذتين، ومَحوهما من المصاحف، يُجاب بأنه  انفرد بِهذا الإنكار، ولم يتابعه عليه أحدٌ من الصحابة ولا غيرهم، وانفراده على فرض استمراره عليه لا يطعن في تواتر القرآن، فإنه ليس من شرط التواتر ألاَّ يُخالف فيه مخالفٌ، وإلا لأمكن هدم كل تواتر، وإبطال كل علم قام عليه بمجرد أن يُخالف فيه مخالفٌ.
    فلو أنه ثبت أن ابن مسعود  أنكر المعوذتين، بل أنكر القرآن كله، واستمر على ذلك، فإن إنكاره لا يقدح في تواتر القرآن.
    قال البزار: لم يتابع عبدَ الله أحدٌ من الصحابة.(34)
    ولا شكَّ أن إجماع الصحابة على قرآنيتهما كافٍ في الردِّ على هذا الطعن، ولا يضرُّ ذلك الإجماع مخالفة ابن مسعود، فإنه لا يُعقل تصويب رأي ابن مسعودٍ وتخطئة الصحابة كلهم، بل الأمة كلها.(35)
    وقد استشكل الفخر الرازي على فرض صحة النقل عن ابن مسعودٍ في إنكاره قرآنية المعوذتين أنه إن قيل إن قرآنية المعوذتين كانت متواترةً في عصر ابن مسعودٍ، لزم تكفير من أنكرهما، وإن قيل إن قرآنيتهما لم تكن متواترةً في عصره، لزم أن بعض القرآن لم يتواتر في بعض الزمان، قال: وهذه عقدة صعبة.(36)
    ويجاب عن هذا الاستشكال بأن تواتر قرآنية المعوذتين في عصر ابن مسعودٍ لا شكَّ فيه، ولا يلزم من ذلك تكفيره ، إذ إن التواتر -وإن كان يفيد العلم الضروري- فإنه نفسه ليس علمًا ضروريًّا -أي أنه قد يخفى على بعض الناس، فليس من الضروري أن يعلم كلُّ واحدٍ من أهل العصر بتواتر الشيء، فإن خفي عليه هذا التواتر كان معذورًا، فلا يُكَفَّر.
    قال ابن حجر: وأجيب باحتمال أنه كان متواترًا في عصر ابن مسعودٍ، لكن لم يتواتر عند ابن مسعود، فانحلَّت العقدة بعون الله تعالى.(37)
    (1) مناهل العرفان (1/275).
    (2) قال الحافظ ابن حجر: هكذا وقع هذا اللفظ مبهمًا، وكأن بعض الرواة أبْهمه استعظامًا له، وأظن ذلك سفيان، فإن الإسماعيلي أخرجه من طريق عبد الجبار بن العلاء عن سفيان كذلك على الإبْهام. فتح الباري (8/615).
    (3) رواه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب سورة (قل أعوذ برب الناس) (8/614) ح 4977.
    (4) رواه أحمد في مسنده، مسند الأنصار (6/154) ح 20682.
    (5) رواه أحمد في مسنده، مسند الأنصار (6/154) ح 20683. قال الهيثمي: رواه عبد الله بن أحمد والطبراني، ورجال عبد الله رجال الصحيح، ورجال الطبراني ثقات. مجمع الزوائد (7/152).
    (6) رواه عبد بن حميد في مسنده، انظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/9)، وفتح القدير للشوكاني (1/62)، ورواه أبو بكر الأنباري، انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(1/81).
    (7) رواه عبد بن حميد في مسنده، ومحمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة، انظر فتح القدير (1/62).
    (8) انظر مناهل العرفان (1/276).
    (9) رواه ابن ماجه في سننه كتاب المقدمة، باب فضل عبد الله بن مسعود (1/49) ح 138، وابن أبي داود في كتاب المصاحف، باب كتابة المصاحف حفظًا ص 152-153.
    (10) رواه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب (1/216) ح 820.
    (11) انظر تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص 47-49، ومناهل العرفان (1/276).
    (12) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(1/81)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/9).
    (13) رواه أحمد في مسنده، مسند الشاميين (5/137) ح 16848.
    (14) رواه مسلم في صحيحه كتاب صلاة المسافرين باب فضل قراءة المعوذتين (6/96) ح 814.
    (15) رواه النسائي في سننه، كتاب الاستعاذة، (8/253) ح 5437، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في المعوذتين (2/73) ح 1462.
    (16) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 90.
    (17) المحلى (1/13).
    (18) المجموع شرح المهذب (3/363).
    (19) كما مرَّ في المبحث السابق.
    (20) انظر المحلى (1/13)، ونكت الانتصار لنقل القرآن ص 90-91، والفصل في الملل والأهواء و النحل (2/212).
    (21) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 91.
    (22) انظر نكت الانتصار لنقل القرآن ص 92، وتأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص 43.
    (23) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 92-93.
    (24) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 93.
    (25) رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف، باب كتابة الفواتح والعدد في المصاحف ص 154.
    (26) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 93-94.
    (27) فتح الباري (8/615).
    (28) تفسير القرآن العظيم للحافظ عماد الدين بن كثير (4/571).
    (29) انظر تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص 49.
    (30) انظر مناهل العرفان (1/276)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (4/571).
    (31) تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص 43.
    (32) يعني المعوذتين.
    (33) رواه أحمد في مسنده، مسند الأنصار (6/154) ح 20684.
    (34) مجمع الزوائد (7/152)، وفتح الباري (8/615).
    (35) مناهل العرفان (1/276-277).
    (36) فتح الباري (8/616).
    (37) فتح الباري (8/616).
    تابع المبحث الثاني: رد الشبهات التي أثيرت حول الجمع العثماني
    الشبهة الثالثة: سورتا الخلع والحفد عند أُبَيِّ بنِ كعبٍ
    وردت بعض الآثار التي توحي بأن أُبَيَّ بنَ كعبٍ كان يقرأ دعاء القنوت المعروف بسورتي أُبَيِّ بن كعبٍ على أنه من القرآن:
    فعن الأعمش أنه قال: في قراءة أُبَيِّ بن كعبٍ: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك. ونثني عليك ولا نكفرك. ونخلع ونترك من يفجرك.(1) اللهم إياك نعبد. ولك نصلي ونسجد. وإليك نسعى ونحفد. نرجو رحمتك ونخشى عذابك. إن عذابك بالكفار ملحِق.(2)
    كما ورد أنه كان يكتبهما في مصحفه:
    فعن ابن سيرين قال: كتب أُبَيُّ بن كعبٍ في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوذتين، واللهم إنا نستعينك، واللهم إياك نعبد، وتركهن ابن مسعودٍ، وكتب عثمان منهن فاتحة الكتاب والمعوذتين.(3)
    وعن أُبَيِّ بن كعبٍ أنه كان يقنت بالسورتين، فذكرهما، وأنه كان يكتبهما في مصحفه.(4)
    وعن عبد الرحمن بن أبزى أنه قال: في مصحف ابن عباس قراءةُ أُبَيِّ بن كعبٍ وأبي موسى: بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك. ونثني عليك الخير ولا نكفرك. ونخلع ونترك من يفجرك. وفيه: اللهم إياك نعبد. ولك نصلي ونسجد. وإليك نسعى ونحفِد. نخشى عذابك ونرجو رحمتك . إن عذابك بالكفار ملحِق.(5)
    كما ورد أن بعض الصحابة كان يقنت بِهاتين السورتين:
    فعن عمر بن الخطاب أنه قنت بعد الركوع، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك. ونثني عليك ولا نكفرك. ونخلع ونترك من يفجرك. بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إياك نعبد. ولك نصلي ونسجد. وإليك نسعى ونحفد. نرجو رحمتك ونخشى عذابك. إن عذابك الجد بالكافرين ملحِق.(6)
    قال ابن جريج: حكمة البسملة أنَّهما سورتان في مصحف بعض الصحابة.(7)
    فزعم بعض الطاعنين أن ما روي من إثبات أُبَيٍّ القنوت في مصحفه يطعن على جمع الصحابة للقرآن، ويدل على أنَّهم نقصوا منه، وزعموا أن اشتباه القنوت بالقرآن عند أُبَيٍّ دليلٌ على عدم اشتهار أمر القرآن وعدم انتشاره، وإمكانية التباسه بغيره من الكلام، إذ قد التبس على أُبَيِّ بن كعبٍ، مع كونه من أعلم الناس به، وأحفظهم له.(8)
    ويجاب عن هذه الشبهة بوجوه:
    الأول: أن الروايات التي وردت عن أُبَيٍّ في أمر القنوت غير مسلَّم بصحتها، وهي معارَضة بِما عُرِف من فضل أُبَيٍّ، وعقله، وحسن هديه، وكثرة علمه، ومعرفته بنظم القرآن.(9)
    الثاني: أن القنوت ليس من القرآن، لأنه لو كان منه لأثبته الرَّسُول  وأظهره. ولأن نظمه قاصر عن نظم القرآن، يعلم ذلك أهل البلاغة والفصاحة، فلعل أبيًّا إن كان قال ذلك أو كتبه في مصحفه، إنَّما قاله أو كتبه سهوًا، ثم استدرك وأثبت أنه ليس من القرآن.
    وقد يعترض على هذا بأن يقال كيف يُشْكِل على أُبَيٍّ أمر هذا الدعاء، وبأنه يلزم من ذلك أنه  لم يكن على معرفةٍ بوزن القرآن من غيره من الكلام.
    ويجاب عن ذلك بأنه قد يكون قد ظنَّ أن القنوت -وإن قصر عن رتبة باقي السور في الجزالة والفصاحة، إلا أنه يجوز أن يكون قرآنًا، وأنه يبعد أن يُؤتى بمثله، وإن كان غيره من القرآن أبلغ منه، كما قيل: قد يكون بعض القرآن أفصح من بعضٍ.(10)
    الثالث: أنه مِمَّا يدل على ضعف هذا الخبر عن أُبَيٍّ ما عُلِم من أن عثمان  تشدد في قبض المصاحف المخالفة لمصحفه، وتحريقها، والعادة توجب أن مصحف أُبَيٍّ كان من أول ما يُقبض، وأن تكون سرعة عثمان إلى مطالبته به أشدَّ من سرعته إلى مطالبة غيره بِمصحفه؛لأنه كان مِمَّن شارك في ذلك الجمع.(11)
    وقد صحت الرواية بِما يدل على أن عثمان قد قبض مصحف أُبَيٍّ .
    فعن محمد بن أُبَيٍّ أن ناسًا من أهل العراق قدموا إليه، فقالوا: إنَّما تحمَّلْنا إليك من العراق، فأخْرِجْ لنا مصحفَ أُبَيٍّ. قال محمدٌ: قد قبضَه عثمان. قالوا: سبحان الله! أخْرِجْه لنا. قال: قد قبضَه عثمان.(12)
    الرابع: أن ما روي عن أُبَيٍّ ليس فيه أن دعاء القنوت قرآنٌ منَزَّل، وإنَّما غاية ما فيه أنه أثبته في مصحفه.
    فإن صحَّ أنه أثبته في مصحفه، فلعله أثبته لأنه دعاءٌ لا استغناء عنه، وهو سنة مؤكدة يجب المواظبة عليه، وأثبته في آخر مصحفه أو تضاعيفه لأجل ذلك، لا على أنه قرآن منَزل قامت به الحجة، وقد كان الصحابة يثبتون في مصاحفهم ما ليس بقرآن من التأويل والمعاني والأدعية، اعتمادًا على أنه لا يُشكل عليهم أنَّها ليست بقرآن.(13)
    الخامس: أنه يحتمل أن يكون بعض هذا الدعاء كان قرآنًا منَزلاً، ثم نُسخ، وأُبيح الدعاء به، وخُلط به ما ليس بقرآنٍ، فكان إثبات أُبَيٍّ هذا الدعاء أولاً فنُقِل عنه.(14)
    السادس: أنه على فرض التسليم بأن أُبَيًّا كان يرى أن القنوت من القرآن، وأنه استمر على ذلك الرأي، فليس ذلك بِمطعنٍ في صحة نقل القرآن، فإنه على هذا الفرض كان منفردًا بذلك الرأي، ويدل على ذلك عدم إثباته في صحف أبي بكر ، ولا في مصاحف عثمان، إذ كانت كتابة القرآن في عهد أبي بكر في غاية الدقة والالتزام، بحيث لم تقبل قراءة إلا بشاهدين، فلما كانت قراءته  فردية لم تقبلْ، كما رُدَّت قراءة عمر في آية الرجم.(15)
    فلو سلَّمنا أن أُبَيًّا ظنَّ دعاء القنوت قرآنًا، فأثبته في مصحفه، فإن ذلك لا يطعن في تواتر القرآن، لأنه انفرد به، وقد حصل الإجماع على ما بين الدفتين وتواتره، فلا يضر بعد ذلك مخالفة من خالف.
    السابع: أننا لو سلَّمنا أن أُبَيًّا كان يعتقد أن القنوت من القرآن، فقد ثبت أنه رجع إلى حرف الجماعة، واتفق معهم، والدليل على ذلك قراءته التي رواها نافع وابن كثير وأبو عمرو، وغيرهم، وليس فيها سورتا الحفد والخلع -كما هو معلوم،(16) كما أن مصحفه كان موافقًا لمصحف الجماعة.
    قال أبو الحسن الأشعري: قد رأيت أنا مصحف أنسٍ بالبصرة، عند قومٍ من ولدِه، فوجدتُه مساويًا لمصحف الجماعة، وكان ولد أنسٍ يروي أنه خطُّ أنسٍ وإملاء أُبَيٍّ.(17)
    الشبهة الرابعة: دعوى تصرف مروان في قراءة الفاتحة(18)
    جاء في بعض الآثار أن مروان بن الحكم(19) كان أول من قرأ قوله تعالى: } مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ { بدون ألف.(20)
    فعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ  وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَقْرَؤُونَ: } مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ { وَأَوَّلُ مَنْ قَرَأَهَا: } مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ { مَرْوَانُ.(21)
    وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أيضًا أنه بلغه أنَّ النَّبِيَّ  وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ ومعاوية وابنه يزيد كانوا يَقْرَؤُونَ: } مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ { قال الزُّهْرِيُّ: وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ: } مَلِكِ { مَرْوَانُ.(22)
    فزعم بعض الطاعنين على نقل القرآن أن مروان قد فعل ذلك من تلقاء نفسه، وأنه حذف الألف دون أن يَرِدَ ذلك عن النَّبِيّ ، فضلاً عن أن يتواتر عنه.
    ويجاب عن هذه الشبهة بوجوه:
    الأول : أن هذا كذب فاضح، لا حجة عليه، فإن الآثار الواردة في هذا ليس فيها أن مروان قد فعل من تلقاء نفسه دون ورود القراءة به عن النَّبِيّ ، وإنما غاية ما فيها أنه كان يقرأ دون ألفٍ.
    الثاني: أن قول الزهري إن مروان كان أول من قرأ } مَلِكِ {، لا يعدو أن يكون خبرًا شخصيًّا لم يسنده إلى من قبله من الصحابة ، وعدم علم الزهري بِهذه القراءة -على فرض التسليم به- لا يجعلها غير متواترة.
    قال ابن كثير: مروان عنده علم بصحة ما قرأه، لم يطلع عليه ابن شهاب، والله أعلم.(23)
    الثالث: أنه قد انعقد الإجماع على صحة نقل القرآن، وتم له التواتر، ومنه هذه القراءة، حيث قد قرأ بِها أبو الدرداء، وابن عباس، وابن عمر، وهؤلاء قرؤوا ونقلت عنهم تلك القراءة(24) قبل أن يقرأ مروان، وإخبار الزهري أن مروان أول من قرأ بِها لا يُردُّ به الثابت القطعي من القرآن الكريم.(25)
    الرابع: أن المراد أن مروان كان أول من قرأ بِهذه القراءة من الأمراء في الصلاة بجماعة، وليس في ذلك أن الزهري لم يعلم قراءة: } ملك يوم الدين { قبل مروان مطلقًا، فمن البعيد عن الزهري مع جلالته أن تخفى عنه تلك القراءة المتواترة.(26)
    الخامس: أنه قد وردت الروايات أيضًا عند من أخرج خبر الزهري بأن النَّبِيّ  كان يقرأ: } مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ { بدون ألف:
    فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ قِرَاءةَ رَسُولِ اللهِ: } بِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ! الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ! الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ! مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ { ، يُقَطِّعُ قِرَاءتَهُ آيَةً آيَةً.(27)
    وعَنْها أيضًا أنَّها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ  يُقَطِّعُ قِرَاءتَهُ، يَقُولُ: } الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {، ثُمَّ يَقِفُ، } الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {، ثُمَّ يَقِفُ، وَكَانَ يَقْرَؤُهَا: } مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ {.(28)
    السادس: أن المصاحف العثمانية اتفقت جميعها على رسم (ملك) هكذا دون ألف، وهذا الرسم محتمل للقراءتين بالمد والقصر جميعًا.(29)
    دعوى أن الصحابة تصرفوا واختاروا ما شاءوا في كتابة القرآن.
    وقريب من الشبهة السابقة ما تُوُهِّم من تصرف بعض الصحابة في اختيار وجه القراءة.
    وتعلقوا في ذلك بما روي عن خارجة بن زيد بن ثابت أنه قال: قالوا لزيدٍ: يا أبا سعيد أوْهَمْتَ! إنَّما هي (ثمانية أزواجٍ من الضأن اثنين اثنين ومن المعز اثنين اثنين ومن الإبل اثنين اثنين ومن البقر اثنين اثنين)، فقال: لا، إن الله تعالى يقول: } فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى{، فهما زوجان، كل واحدٍ منهما زوج: الذكر زوجٌ، والأنثى زوجٌ.(30)
    قيل: فهذه الرواية تدل على تصرُّف النُّسَّاخ في المصاحف، واختيارهم ما شاءوا في تلاوة القرآن وكتابته.
    والجواب أن كلام زيدٍ في هذا الأثر لا يدل على تصرُّفٍ في اختيار القراءة، وإنَّما بيانٌ لوجه القراءة التي قرأ بِها بعد سماعها من النَّبِيّ ، وكتابتها بين يديه.(31)
    (1) قال ابن الأثير: أي: يعصيكَ ويُخالِفكَ. النهاية في غريب الحديث والأثر (3/414).
    (2) رواه ابن أبي شيبة في المصنف، باب ما يدعو به في قنوت الفجر (2/106) ح 7030.
    (3) رواه أبو عبيد، انظر الإتقان في علوم القرآن (1/184).
    (4) أخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، انظر الإتقان في علوم القرآن (1/185).
    (5) رواه ابن الضريس، انظر الإتقان في علوم القرآن (1/185).
    (6) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب دعاء القنوت (2/211)، وابن أبي شيبة في المصنف باب ما يدعو به في قنوت الفجر (2/106) ح 7031، وفيه أيضًا عن عبد الملك بن سويد الكاهلي أن عليًّا  قنت في الفجر بِهاتين السورتين، فذكرهما، ح 7029.
    (7) انظر الإتقان في علوم القرآن (1/185).
    (8) انظر نكت الانتصار لنقل القرآن ص 79، ومناهل العرفان (1/264).
    (9) انظر: نكت الانتصار لنقل القرآن ص 80.
    (10) تأويل مشكل القرآن ص 47، ونكت الانتصار لنقل القرآن ص 79-81، ومناهل العرفان (1/271).
    (11) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 80.
    (12) رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع عثمان المصاحف ص 32-33.
    (13) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 80، مناهل العرفان (1/271)، وتأويل مشكل القرآن ص 47، والبرهان في علوم القرآن (1/251).
    (14) مناهل العرفان (1/271)، ومعجم القراءات القرآنية (1/25).
    (15) انظر الإتقان في علوم القرآن (1/167-168)، ومعجم القراءات القرآنية (1/25).
    (16) انظر مبحث الحفاظ من الصحابة، وهو المبحث الرابع من الفصل الأول من الباب الأول.
    (17) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 81.
    (18) هذه الشبهة، وإن لم تكن متعلقة مباشرة بجمع القرآن، إلا أنَّها تتعلق بنقل القرآن، وهو مقصود الجمع، فرأيت أنه من الحسن إثباتها هنا؛ لأن في الرد عليها ردًّا على من زعم أن القرآن لم ينقل إلينا على الوجه الذي جمع الصحابة، وقرأ به النَّبِيّ  من قبلهم.
    (19) هو مروان بن الحكم بن أبي العاص، مرت ترجمته في (حرق المصاحف المخالفة).
    (20) اختلف القراء في هذا اللفظ، فقرأه نافع وأبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة (ملك) بدون ألف، وقرأه عاصم والكسائي ويعقوب وخلف في اختياره (مالك) بالألف. انظر النشر في القراءات العشر (1/271).
    (21) رواه أبو داود في سننه، كتاب الحروف والقراءات (4/37) ح 4000، ورواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب ما روي عن رَسُول اللهِ  من القرآن فهو كمصحفه ص 103، وانظر الدر المنثور في التفسير المأثور (1/35-36).
    (22) رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب ما روي عن رَسُول اللهِ  من القرآن فهو كمصحفه ص 104، وانظر الدر المنثور في التفسير المأثور (1/36).
    (23) تفسير القرآن العظيم (1/24).
    (24) وقد قرأ بِها جمهور القراء، كما مر، انظر النشر في القراءات العشر (1/271).
    (25) مناهل العرفان (1/396).
    (26) بذل المجهود في حل سنن أبي داود (16/328).
    (27) رواه أبو داود في سننه، كتاب الحروف والقراءات (4/37) ح 4001، ورواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب ما روي عن رَسُول اللهِ  من القرآن فهو كمصحفه ص 105.
    (28) رواه الترمذي في جامعه، كتاب القراءات باب في فاتحة الكتاب (5/185) ح 2927.
    (29) انظر: كتاب المصاحف لابن أبي داود باب ما اجتمع عليه كُتَّاب المصاحف، ص 117-118، ومناهل العرفان (1/396).
    (30) رواه ابن أشتة في كتاب المصاحف، انظر الإتقان في علوم القرآن (2/277).
    (31) مناهل العرفان (1/395).
    تابع المبحث الثاني: رد الشبهات التي أثيرت حول الجمع العثماني
    الشبهة الخامسة: دعوى أن في المصاحف العثمانية لحنًا
    وردت آثار عن بعض الصحابة والتابعين فيها أن القرآن العظيم قد وقع فيه لحنٌ عند جمعه في زمن عثمان .
    فعن عكرمة الطائي قال: لَمَّا كتبت المصاحف عُرِضَتْ على عثمانَ، فوجدَ فيها حروفًا من اللَّحْن، فقال: لا تُغَيِّرُوها؛ فإن العرب ستُغَيِّرُها- أو قال ستعربُها- بألسنتها، لو كان الكاتب من ثقيفٍ، والمملي من هذيلٍ لم توجد فيه هذه الحروف.(1)
    وعن سعيد بن جبيرٍ، قال: في القرآن أربعة أحـرفٍ لحـنٌ: } وَالصَّابِئُونَ {،(2) } وَالْمُقِيمِينَ {،(3) } فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ {،(4) و} إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ {.(5)
    قال السيوطي: وهذه الآثار مشكلة جدًّا.(6)
    وقد تعلَّق بِها بعض الطاعنين على القرآن ونقله، وزعموا أنَّها تدل على أن جمع الصحابة للقرآن لا يوثق به.
    والجواب عن هذه الشبهة من وجوه:
    الأول: أن ذلك لا يصح عن عثمان، فإن إسناده ضعيف مضطرب منقطع.(7)
    الثاني: مِمَّا يدل على ضعف هذه الآثار أن وقوع اللحن في القرآن وسكوت الصحابة عنه مِمَّا يستحيل عقلاً وشرعًا وعادةً، لوجوه:
    1. أنه لا يُظَنُّ بالصحابة أنَّهم يلحنون في الكلام، فضلاً عن القرآن، فقد كانوا أهل الفصاحة والبيان.
    2. أنه لا يُظَنُّ بِهم اللحن في القرآن الذي تلقوه من النَّبِيّ  كما أنزل، وحفظوه وضبطوه وأتقنوه.
    3. أن افتراض صحة هذا النقل يعني أن الصحابة اجتمعوا على الخطأ وكتابته، وهذا مما لا يُظَنُّ بِهم.
    4. أنه لا يُظَنُّ بِهم عدم تنبههم للخطأ ورجوعهم عنه، مع كثرتهم، وحرصهم، وتوافر الدواعي إلى حفظ الكتاب الكريم.
    5. أنه لا يُظَنُّ بعثمان أنه ينهى عن تغيير الخطأ، ولو فعل ذلك لَما سكت عنه الصحابة .
    6. أنه لا يُظَنُّ أن القراءة استمرت على مقتضى ذلك الخطأ، وهي مروية بالتواتر خلفًا عن سلفٍ.(8)
    فقد جَعَلَ عثمانُ للناسِ إمامًا يقتدون به، فكيف يرى فيه لحنًا ويتركه تقيمه العرب بألسنتها؟ فإذا كان الذين تولَّوا جمعه لم يقيموا ذلك -وهم الخيار- فكيف يقيمه غيرهم؟ فهذه الأوجه مِما يدل على أن هذه الآثار غير صحيحة.
    قال ابن الأنباري(9) في الأحاديث المروية في ذلك عن عثمان : لا تقوم بِها حجةٌ؛ لأنَّها منقطعةٌ غير متصلة، وما يشهد عقلٌ بأن عثمان -وهو إمام الأمة الذي هو إمام الناس في وقته، وقدوتُهم- يجمعهم على المصحف الذي هو الإمام، فيتبينُ فيه خللاً، ويشاهد في خطه زللاً، فلا يصلحه، كلاَّ والله، ما يَتَوَهَّم عليه هذا ذو إنصافٍ وتمييزٍ، ولا يعتقد أنه أخَّر الخطأ في الكتاب ليصلحه من بعده، وسبيل الجائين من بعده البناء على رسمه، والوقوف عند حكمه.
    ومن زعم أن عثمان أراد بقوله: "أرى فيه لحنًا": أرى في خطه لحنًا، إذا أقمناه بألسنتنا كان لحن الخط غير مفسدٍ ولا محرِّفٍ، من جهة تحريف الألفاظ وفساد الإعراب -فقد أبطل ولم يُصِبْ؛ لأن الخط منبئ عن النطق، فمن لحن في كتبه، فهو لاحنٌ في نطقه، ولم يكن عثمان ليؤخر فسادًا في هجاء ألفاظ القرآن من جهة كتبٍ ولا نطقٍ، ومعلومٌ أنه كان مواصلاً لدرس القرآن، متقنًا لألفاظه، موافقًا على ما رسم في المصاحف المنفذة إلى الأمصار والنواحي.(10)
    ثم أيد ذلك بما أخرجه أبو عبيد عن هانئ البربري مولى عثمان، قال: كنت عند عثمان وهم يعرضون المصاحف، فأرسلني بكتف شاةٍ إلى أُبَيِّ بن كعبٍ، فيها: (لَمْ يَتَسَنَّ)، وفيها: (لاَتَبْدِيلَ لِلْخَلْقِ)، وفيها: (فَأَمْهٍلِ الْكَافِرِينَ)، قال: فدعا بالدواة، فمحا أحد اللامين، فكتب: } لِخَلْقِ اللهِ {،(11) ومحا (فَأَمْهٍلِ) وكتب: } فَمَهِّلِ {،(12) وكتب: } لَمْ يَتَسَنَّهْ {،(13) ألحق فيها الهاء.(14)
    قال ابن الأنباري: فكيف يُدَّعى عليه أنه رأى فسادًا فأمضاه، وهو يوقَف على ما كُتِب، ويُرْفع الخلافُ إليه الواقع من الناسخين، ليحكم بالحق، ويُلزمهم إثبات الصواب وتخليده.(15)
    قال السيوطي: ويؤيد ذلك أيضًا ما رواه ابن أشتة في كتاب المصاحف عن عبد الله بن الزبير أنه قال: فجمع عثمان المصاحف، ثم بعثني إلى عائشة، فجئت بالصحف، فعرضناها عليها، حتى قوَّمناها، ثم أمر بسائرها فشققت.
    فهذا يدل على أنَّهم ضبطوها وأتقنوها، ولم يتركوا فيها ما يحتاج إلى إصلاح ولا تقويم.(16)
    الثالث: أن عثمان لَم يكتب مصحفًا واحدًا، بل كتب عدة مصاحف، فإن قيل: إن اللحن وقع في جميعها، فبعيد اتفاقها على ذلك، أو في بعضها، فهو اعترافٌ بصحة البعض، ولم يذكر أحدٌ من الناس أن اللحن كان في مصحفٍ دون مصحفٍ، ولم تأت المصاحف قطُّ مختلفة إلا فيما هو من وجوه القراءة، وليس ذلك بلحنٍ.(17)
    الرابع: على تقدير صحة الرواية أن ذلك محمولٌ على الرَّمْز والإشارة، ومواضع الحذف، نحو (الصـبرين)، و(الكتـب) وما أشبه ذلك.
    الخامس: أن المراد به أن فيه لحنًا عند من تَوَهَّم ذلك، وخفي عليه وجه إعرابه، وأنه أراد بقوله: "وستقيمه العرب بألسنتها"، أي: محتجين عليه، مظهرين لوجهه.(18)
    السادس: أن المراد باللحن ليس الخطأ، بل هو مؤول على أشياء خالف لفظها رسمها، كما كتبوا: } لاأذبحنه {،(19) بألفٍ بعد (لا)، و} جزاؤا الظالمين {،(20) بواو وألف، و} بأييدٍ {،(21) بيائين، فلو قرئ بظاهر الخط كان لحنًا، وبِهذا الجواب وما قبله جزم ابن أشتة في كتاب المصاحف.(22)
    السابع: أن المراد باللحن القراءة واللغة، وليس المراد به الخطأ، فيكون المراد بكلمة (لحن) في الروايات المذكورة: قراءة، ولغة، كقوله تعالى: } وَلَتَعْرِفَنَّ هُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ {.(23)
    والمعنى أن في القرآن ورسم مصحفه وجهًا في القراءة لا تلين به ألسنة جميع العرب، ولكنها لا تلبث أن تلين بالمران وكثرة تلاوة القرآن بِهذا الوجه.
    ويكون قول سعيد ابن جبير: "لحن"، بمعنى أنَّها لغة الذي كتبها وقراءته، وأن فيها قراءةً أخرى.(24)
    ويدل على ذلك الوجه قول عمر  في الحديث عن قراءة أُبَيٍّ:
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ : عَلِيٌّ أَقْضَانَا، وَأُبَيٌّ أَقْرَؤُنَا، وَإِنَّا لَنَدَعُ كَثِيرًا مِنْ لَحْنِ أُبَيٍّ … الحديث.(25)
    وقد روى أثر عثمان هذا ابن أشتة في كتاب المصاحف بلفظ خالٍ من هذا الإشكال.
    فعن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر، قال: لَمَّا فُرِغ من المصحف، أُتِي به عثمانُ، فنظر فيه، فقال: أحسنتم وأجملتم! أرى شيئًا سنقيمه بألسنتنا.
    قال السيوطي: فهذا الأثر لا إشكال فيه، وبه يتضح معنى ما تقدم، فكأنه عرض عليه عقب الفراغ من كتابته ، فرأى فيه شيئًا كُتِب على غير لسان قريشٍ، كما وقع لهم في (التابوة) و(التابوت)، فوعد بأنه سيقيمه على لسان قريشٍ، ثم وفَّى بذلك عند العرض والتقويم، ولم يترك فيه شيئًا، ولعل من روى تلك الآثار السابقة عنه حرَّفها، ولم يتقن اللفظ الذي صدر عن عثمان، فلزم منه ما لزم من الإشكال، فهذا أقوى ما يجاب عن ذلك، ولله الحمد.(26)
    (1) رواه أبو عبيد في فضائل القرآن، وابن الأنباري في كتاب الردِّ على من خالف عثمان وابن أشتة في كتاب المصاحف، انظر الإتقان في علوم القرآن (2/269-270)، ورواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف، باب اختلاف ألحان العرب في المصاحف، عن يحيى ابن يعمر وقتادة وعكرمة. ص 41-42.
    (2) من الآية 69 من سورة المائدة.
    (3) من الآية 162 من سورة النساء.
    (4) من الآية 10 من سورة المنافقون.
    (5) من الآية 63 من سورة طه. أخرجه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب اختلاف ألحان العرب في المصاحف ص 42، ورواه ابن الأنباري أيضًا، انظر الإتقان في علوم القرآن (2/270).
    (6) الإتقان في علوم القرآن (2/270).
    (7) فقد رواه قتادة عن عثمان مرسلاً، ورواه نصر بن عاصم عنه مسندًا، ولكن فيه عبد الله بن فطيمة، وهو مجهول، لا يُقبل خبره. انظر نكت الانتصار لنقل القرآن ص 125، والإتقان في علوم القرآن (2/270).
    (8) الإتقان في علوم القرآن (2/270).
    (9) في كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان.
    (10) انظر الإتقان في علوم القرآن (2/271).
    (11) من الآية 30 من سورة الروم.
    (12) من الآية 17 من سورة الطارق.
    (13) من الآية 209 من سورة البقرة.
    (14) رواه أبو عبيد، انظر الإتقان في علوم القرآن (2/271).
    (15) انظر الإتقان في علوم القرآن (2/272).
    (16) انظر الإتقان في علوم القرآن (2/272).
    (17) الإتقان في علوم القرآن (2/270)، وجامع البيان عن تأويل آي القرآن (تفسير الطبري) (6/26-27).
    (18) انظر نكت الانتصار لنقل القرآن ص 128.
    (19) سورة النمل من الآية 21.
    (20) سورة المائدة من الآية 29.
    (21) سورة الذاريات من الآية 47.
    (22) نكت الانتصار لنق القرآن ص 128-129، والإتقان في علوم القرآن (2/270)، وانظر تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص 51.
    (23) من الآية 30 من سورة محمد .
    (24) انظر نكت الانتصار لنقل القرآن ص 125، ومناهل العرفان (1/387-388)، والإتقان في علوم القرآن (2/273).
    (25) رواه أحمد في مسنده، مسند الأنصار (6/131) ح 20581.
    (26) انظر الإتقان في علوم القرآن (2/272).

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    تابع المبحث الثاني: رد الشبهات التي أثيرت حول الجمع العثماني
    الشبهة السادسة: دعوى الخطأ على الكُتَّاب في المصاحف العثمانية
    ادَّعى بعض الطاعنين على نقل القرآن الكريم أن هذا النقل قد حصل فيه خطأ من الكُتَّاب والقراء عند كتب المصاحف العثمانية، وتعلَّقوا في ذلك بآثارٍ رويت عن بعض الصحابة في ذلك، منها:
    1. عن عروة بن الزبير أنه سأل(1) عائشة عن قوله تعالى: } وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ {،(2) وعن قوله: } إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ {،(3) وعن قوله: } إنَّ هـَذَانِ لَسَاحِرَانِ {،(4) فقالت: يا ابن أختي، هذا عمل الكُتَّاب، أخطؤوا في الكتاب.(5)
    2. عن أَبي عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أنَّه دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: جِئْتُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ  كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ  يَقْرَؤُهَا. فَقَالَتْ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ فَقَالَ: } الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءَاتَوْا {،(6) أَوِ (الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا)؟ فَقَالَتْ: أَيَّتُهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لإِحْدَاهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا، أَوِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. قَالَتْ: أَيَّتُهُمَا؟ قُلْتُ: (الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا). قَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ  كَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا، وَكَذَلِكَ أُنْزِلَتْ. أَوْ قَالَتْ: أَشْهَدُ لَكَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، وَكَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللهِ  يَقْرَؤُهَا، وَلَكِنَّ الْهِجَاءَ حُرِّفَ.(7)
    3. عن ابن عباس أنه كان يقرأ: } لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا {،(8) قال: وإنَّما (تستأنسوا) وهم من الكُتَّاب.(9)
    4. عن ابن عباس أنه قرأ: (أَفَلَمْ يتبيَّن الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعًا)، فقيل له: إنَّها في المصحف: } أَفَلَمْ يَيْأَس {،(10) فقال: أظن الكاتب كتبها وهو ناعس.(11)
    5. عن ابن عباس أنه كان يقول في قوله تعالى: } وَقَضَى رَبُّكَ {:(12) إنَّما هي (ووصى ربُّك)، التزقت الواو بالصاد.(13)
    6. عن ابن عباس، أنه كان يقرأ: (ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ضياءً)،(14) ويقول: خذوا هذا الواو واجعلوها هنا: (والذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم).(15)
    7. عن ابن عباس في قوله تعالى: } مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ {،(16) قال: هي خطأ من الكاتب، هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة، إنَّما هي: (مثل نور المؤمن كمشكاة).(17)
    فزعموا أن هذه الآثار دلت على أن كتاب المصاحف قد أخطؤوا وجه الصواب في كتابة المصاحف، وانبنى على تلك الأخطاء قراءة القراء بعد ذلك.
    ويُجاب عن هذه الشبهة بطريقين:
    أولاً: الأجوبة العامة:
    فقد أجاب العلماء عن هذه الأحاديث في الجملة بوجوه عامة، منها:
    1 - جنح ابن الأنباري وغيره إلى تضعيف هذه الروايات، ومعارضتها بروايات أخرى عن ابن عباس وغيره بثبوت هذه الأحرف في القراءة.(18)
    ويدل على ضعف هذه الروايات كما سبق في الشبهة السابقة إحالة العادة خفاءَ الخطأ في مثل القرآن، الذي توافرت الْهمم على نقله وحفظه، وعدمَ انتباه الصحابة إليه، وتركَه إذا انتبهوا إليه دون تصحيح لِما زُعم فيه من الخطأ.
    قال الزمخشري: وهذا ونحوه مِمَّا لا يصدق في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وكيف يخفى مثل هذا حتى يبقى ثابتًا بين دفتي الإمام، وكان متقلبًا في أيدي أولئك الأعلام المحتاطين في دين الله، المهتمين عليه، لا يغفلون عن جلائله ودقائقه، خصوصًا عن القانون الذي إليه المرجع، والقاعدة التي عليها البناء، هذه -والله- فريةٌ ما فيها مريةٌ.(19)
    2 - ما سبق في ردود الشبهة السابقة من أن الصحابة لم يكتبوا مصحفًا واحدًا، بل كتبوا عدة مصاحف، وأن أحدًا لم يذكر أي المصاحف الذي كان فيه الخطأ، ويبعد اتفاق جميع المصاحف على ذلك الخطأ المزعوم.(20)
    قال الطبري: فلو كان ذلك خطأً من الكاتب لكان الواجب أن يكون في كل المصاحف -غير مصحفنا الذي كتبه لنا الكاتب الذي أخطأ في كتابه- بخلاف ما هو في مصحفنا، وفي اتفاق مصحفنا ومصحف أُبَيٍّ في ذلك ما يدل على أن الذي في مصحفنا من ذلك صوابٌ غير خطأٍ، مع أن ذلك لو كان خطأً من جهة الخط، لم يكن الذين أخذ عنهم القرآن من أصحاب رَسُول اللهِ  يُعَلِّمون من علَّموا ذلك من المسلمين على وجه اللحن، ولأصلحوه بألسنتهم، ولقَّنُوه للأمة على وجه الصواب، وفي نقل المسلمين جميعًا ذلك قراءةً على ما هو به في الخط مرسومًا أدلُّ الدليل على صحة ذلك وصوابه، وأن لا صنع في ذلك للكاتب.(21)
    3 - إذا سلمنا صحة تلك الروايات، فإننا نردُّها برغم دعوى صحتها، لأنَّها معارضةٌ للقاطع المتواتر من القرآن الكريم، ومعارض القاطع ساقط، لا يلتفت إليه، والقراءة التي تخالف رسم المصحف شاذَّةٌ لا يلتفت إليها، ولا يُعوَّل عليها.(22)
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن زعم أن الكاتب غلط، فهو الغالط غلطًا منكرًا؛ فإن المصحف منقولٌ بالتواتر، وقد كتبت عدة مصاحف، فكيف يُتَصَوَّرُ في هذا غلطٌ.(23)
    4 - وتُدفع الروايات الواردة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- بوجهٍ عامٍّ بأنه  قد أخذ القرآن عن زيد بن ثابت وأُبَيِّ بن كعبٍ، وهما كان في جمع المصاحف في زمن عثمان ، وكان زيدٌ هو الذي جمع القرآن بأمر أبي بكر  أيضًا، وكان كاتبَ الوحي، وكان يكتب بأمر النَّبِيّ  وإقراره، وابن عباس كان يعرف له ذلك، فمن غير المعقول أن يأخذ عنهما القرآن، ويطعن في ما كتباه في المصاحف.(24)
    ويدل على ذلك أن عبد الله بن عباس كان من صغار الصحابة، وقد قرأ القرآن على أبي بن كعب ، وزيد ابن ثابت ،ـ(25) وقد روى القراءة عن عبد الله بن عباس أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو وغيرهم من القراء، وليس في قراءتِهم شيءٌ مِمَّا تعلق به هؤلاء، بلقراءته موافقة لقراءة الجماعة.(26)
    ثانيًا: الجواب عن كل أثرٍ على حدة:
    الأثر الأول:
    أن الرواية الواردة عن عائشة في ذلك ضعيفة لا تثبت.(27)
    قال أبو حيان في قوله تعالى: } وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ {: وذُكِر عن عائشة وأبان ابن عثمان أن كتبها بالياء من خطأ كاتب المصحف، ولا يصح عنهما ذلك؛ لأنَّهما عربيان فصيحان، وقطع النعوت مشهورٌ في لسان العرب.(28)
    وقال الزمخشري: ولا نلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحنًا في خط المصحف، وربَّما التفت إليه من لم ينظر في الكتاب،(29) ولم يعرف مذاهب العرب، وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتنان، وخفي عليه أن السابقين الأولين، الذين مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل، كانوا أبعد همةً في الغيرة على الإسلام، وذبِّ الْمطاعن عنه، من أن يتركوا في كتاب الله ثُلمةً يسدها من بعدهم، وخرقًا يَرْفُوهُ من يلحق بِهم.(30)
    أنه مِمَّا يدل على ضعف الرواية عن عائشة -رضي الله عنها- في تخطئة الكاتب في رسم } إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ {،(31) أن المصاحف العثمانية اتفقت على رسم (هذان) بغير ألف، ولا ياء،(32) ليحتمل أوجه القراءة المختلفة فيها، وإذن فلا يُعقل أن يُقال أخطأ الكاتب، فإن الكاتب لم يكتب ألفًا ولا ياءً.
    ولو كان هناك خطأٌ تعتقده عائشة ما كانت لتنسبه إلى الكاتب، بل كانت تنسبه إلى من قرأ بالتشديد في (إنَّ) مع القراءة بالألف في (هذان).(33)
    أنه لم ينقل عن عائشة تخطئة من قرأ: } وَالصَّابِئُونَ {،(34) بالواو، ولم ينقل عنها أنَّها كانت تقرؤها بالياء، فلا يعقل أن تكون خطَّأت من كتبها بالواو.(35)
    أننا إذا سلَّمنا بصحة هذا الخبر، فإنه يحتمل أن سؤال عروة لعائشة لم يكن عن اللحن(36) في الكتاب الذي هو الخطأ والزلل والوهم، وإنما سألها عن الحروف المختلفة الألفاظ، المحتملة للوجوه على اختلاف اللغات، وإنما سمَّى عروة ذلك لحنًا، وأطلقت عليه عائشة الخطأ على جهة الاتساع في الأخبار، وطريق المجاز في العبارة، إذ كان ذلك مخالفًا لمذهبهما، وخارجًا عن اختيارهما، وكان خلافه هو الأولى عندهما.(37)
    أنه يحتمل أيضًا أن قول عائشة: " أخطؤوا في الكتاب" أي في اختيار الأولى من الأحرف السبعة لجمع الناس عليه.
    أي أن الوجه الظاهر المعروف في هذه الحروف غير ما جاء به المصحف، وأن استعماله على ذلك الوجه غامضٌ أو غلطٌ عند كثير من الناس، ولحن عند من لا يعرف الوجه فيه، لا أن الذي كتبوه من ذلك خطأٌ خارج عن القرآن، والدليل على ذلك أن غير الجائز من كلِّ شيءٍ مردودٌ بإجماع، وإن طالت مدة وقوعه.(38)
    الأثر الثاني:
    أن كلام عائشة في قوله تعالى: } يُؤْتُونَ مَا ءَاتَوْا {،(39) ليس فيه إنكار هذه القراءة المتواترة، وإنما غاية ما فيه أن ما قرأت هي به كان مسموعًا عن رَسُول اللهِ  منَزَّلاً من عند الله.
    أن قولَها: "وَلَكِنَّ الْهِجَاءَ حُرِّفَ" يحتمل أن يكون المراد به أنه ألقي إلى الكاتب هجاءٌ غيرُ ما كان الأولى أن يُلْقَى إليه من الأحرف السبعة.
    أنه يحتمل أيضًا أن يكون مأخوذًا من الحرف، الذي هو بمعنى القراءة واللغة، وأنَّها أرادت أن هذه القراءة المتواترة التي رُسم بِها المصحف لغةٌ ووجهٌ من وجوه أداء القرآن الكريم.(40)
    الأثر الثالث:
    أن هذه الرواية غير ثابتة عن ابن عباس.
    قال أبو حيان: ومن روى عن ابن عباس أن قوله: (تستأنسوا) خطأ، أو وهم من الكاتب، وأنه قرأ: (حتى تستأذنوا)، فهو طاعنٌ في الإسلام، ملحدٌ في الدين، وابن عباسٍ بريءٌ من هذا القول، وتستأنسوا متمكنةٌ في المعنى، بيِّنَةٌ الوجه في كلام العرب.(41)
    أن ابن عباس قرأها } تستأنسوا { وفسرها بالاستئذان.
    فعن ابن عباس في قوله: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا {،(42) قال: الاستئناسُ: الاستئذانُ.(43)
    الأثر الرابع:
    أن الرواية بذلك عن ابن عباس غير ثابتة.
    قال أبو حيان: وأما قول من قال: إنَّما كتبه الكاتب وهو ناعسٌ، فسوَّى أسنان السين، فقول زنديقٍ ملحدٍ.(44)
    أنه يحتمل أن قول ابن عباس: "كتبها وهو ناعس"، بِمعنى أنه لم يتدبر الوجه الذي هو أولى من الآخر، وهذا الرد محتمل في كثير من تلك الروايات.
    الأثر الخامس:
    أنه قد استفاض عن ابن عباس أنه قرأ } وقضى {،(45) وذلك دليل على أن ما نسب إليه في تلك الروايات من الدسائس التي لفَّقها أعداء الإسلام.(46)
    قال أبو حيان: والمتواتر هو: } وقضى {، وهو المستفيض عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهم في أسانيد القراء السبعة.(47)
    الأثر السادس:
    في قوله تعالى: } ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياءً {،(48) فالرواية الواردة عن ابن عباس في تغيير موضع الواو ضعيفة، لا تصح.(49)
    الأثر السابع:
    أنه لم ينقل أحدٌ من رواة القراءة أن ابن عباس كان يقرأ: (مثل نور المؤمن)، وهذا يدل على عدم صحة هذا النقل عنه، إذ كيف يقرأ ما يعتقد أنه خطأ ويترك ما يعتقد أنه الصواب.
    على أنه قد روي أن أُبَيًّا  كان يقرأ: (مثل نور المؤمن)، وهي قراءة شاذة مخالفة لرسم المصاحف، وينبغي أن تحمل على أنه  أراد تفسير الضمير في القراءة المتواترة، أو على أنَّها قراءة منسوخة.(50)
    (1) وفي بعض الروايات سألت عائشة عن لحن القرآن، عن قول الله … الحديث.
    (2) من الآية 162 من سورة النساء.
    (3) من الآية 69 من سورة المائدة.
    (4) من الآية 63 من سورة طه.
    (5) رواه الطبري في تفسيره (6/25)، وابن أبي داود في كتاب المصاحف، باب اختلاف ألحان العرب في المصاحف ص 43، وذكره السيوطي في الإتقان (2/269)، وقال: صحيحٌ على شرط الشيخين.
    (6) من الآية 60 من سورة المؤمنون.
    (7) رواه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار (7/138) ح 24120، (7/208) 24591، وفيه أبو خلف مولى بني جُمَحٍ، وهو مجهول. انظر الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (9/366).
    (8) سورة النور، من الآية 27.
    (9) رواه الطبري في تفسيره (18/109-110).
    (10) سورة الرعد من الآية 31.
    (11) أخرجه ابن الأنباري، انظر الإتقان في علوم القرآن (2/275)، ورواه الطبري أيضًا في التفسير (13/154) بنحوه.
    (12) سورة الإسراء من الآية 23.
    (13) رواه سعيد بن منصور، انظر الإتقان في علوم القرآن (2/275)، وروى نحوه الطبري في التفسير عن الضحاك بن مزاحم (15/63).
    (14) والآية في المصحف: } ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياءً { ، من الآية 48 من سورة الأنبياء.
    (15) رواه سعيد بن منصور وغيره، انظر الإتقان في علوم القرآن (2/276)، والآية في المصحف: } الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم { ، من الآية 173 من سورة آل عمران.
    (16) من الآية 35 من سورة النور.
    (17) أخرجه ابن أشتة وابن أبي حاتم، انظر الإتقان في علوم القرآن (2/276).
    (18) الإتقان في علوم القرآن (2/276).
    (19) تفسير البحر المحيط (5/383-384).
    (20) راجع الرد الثالث على الشبهة السابقة، وانظر الإتقان في علوم القرآن (2/270).
    (21) جامع البيان عن تأويل آي القرآن (تفسير الطبري) (6/26-27).
    (22) انظر مناهل العرفان (1/389).
    (23) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (15/255).
    (24) مناهل العرفان (1/392).
    (25) انظر النشر في القراءات العشر (1/112،178)، ومعرفة القراء الكبار (1/45،57).
    (26) راجع مبحث الحفاظ من الصحابة، وهو المبحث الرابع من الفصل الأول من الباب الأول.
    (27) مرَّ بنا أن السيوطي -رحمه الله- قال في الإتقان (2/269): صحيحٌ على شرط الشيخين. ولا يخفى أن صحة السند لا تكفي ليصح الحديث، إذ يشترط إلى ذلك سلامة الحديث متنًا وسندًا من العلة القادحة، انظر نزهة النظر في شرح نخبة الفكر ص 29، ولا يخفى أن متن هذه الرواية فيه عدد من العلل، منها هذه، وهي الطعن في فصاحة الصحابة ومعرفتهم بوجوه كلام العرب، والعلة الثانية التي تأتي في الجواب التالي، وهي أنه في قوله تعالى: } إن هذان { لم يكتب الكاتب ألفًا ولا ياءً حتى ينسب إليه خطأٌ في ذلك، وهذا كافٍ -إن شاء الله- في إثبات ضعف هذه الرواية.
    (28) تفسير البحر المحيط (3/411).
    (29) قال أبو حيان: يريد كتاب سيبويه -رحمه الله. البحر المحيط (3/412).
    (30) الكشاف (1/590)، وانظر تفسير البحر المحيط (3/411-412).
    (31) من الآية 63 من سورة طه.
    (32) انظر المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار ص 15، وإتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر ص 304.
    (33) مناهل العرفان (1/393).
    (34) من الآية 69 من سورة المائدة.
    (35) مناهل العرفان (1/394).
    (36) كما جاء في بعض الروايات: سألت عائشة عن لحن القرآن، عن قوله … الأثر، كما مرَّ.
    (37) انظر المقنع في معرفة مرسوم مصاحف الأمصار ص 121-122.
    (38) الإتقان في علوم القرآن (1/273)، ونكت الانتصار لنقل القرآن ص 129-130.
    (39) من الآية 60 من سورة المؤمنون.
    (40) مناهل العرفان (1/395).
    (41) تفسير البحر المحيط (6/410)، وانظر الإتقان في علوم القرآن (2/276).
    (42) سورة النور، من الآية 27.
    (43) رواه الطبري في تفسيره (18/110).
    (44) تفسير البحر المحيط (5/383-384)، وانظر الإتقان في علوم القرآن (2/276).
    (45) سورة الإسراء من الآية 23.
    (46) مناهل العرفان (1/391).
    (47) تفسير البحر المحيط (6/23).
    (48) من الآية 48 من سورة الأنبياء.
    (49) انظر الإتقان في علوم القرآن (2/276).
    (50) انظر البحر المحيط (6/418)، ومناهل العرفان (1/392).
    تابع المبحث الثاني: رد الشبهات التي أثيرت حول الجمع العثماني
    الشبهة السابعة: دعوى تغيير الحجاج بن يوسف مصحف عثمان
    ادعى بعض الطاعنين في القرآن الكريم أن الحجاج بن يوسف الثقفي غيَّر حروفًا من مصحف عثمان، وأسقط حروفًا كانت فيه، وأنه كتب ستة مصاحف وجه بِها إلى الأمصار، وجمع المصاحف المتقدمة، وأغلى لَها الخل حتى تقطعت، وأنه قصد بذلك التزلف إلى بني أمية بإثبات خلافتهم، وإبطال خلافة ولد عليٍّ والعباس.(1)
    وتعلقوا في ذلك بنحو ما روي عن عوف بن أبي جميلة أن الحجاج بن يوسف غيَّر في مصحف عثمان أحد عشر حرفًا، قال:
    كانت في البقرة: (لم يتسنَّ وانظر)، بغير هاء، فغيَّرها: } لَمْ يَتَسَنَّهْ {،(2) بالهاء.(3)
    وكانت في المائدة: (شريعة ومنهاجًا)، فغيَّرها: } شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا {.(4)
    وكانت في يونس: } يَنْشُرُكُمْ { ، فغيَّرها: } يُسَيِّرُكُمْ {.(5)
    وكانت في يوسف: (أَنَا آتِيكُم بِتَأْوِيلِهِ)، فغيَّرها: } أَنَا أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ {.(6)
    وكانت في المؤمنين: (سيقولون لله، لله، لله)، ثلاثتهن، فجعل الأخريين: (الله ، الله).(7)
    وكانت في الشعراء، في قصة نوح : (مِنَ الْمُخْرَجِينَ) وفي قصة لوط : (مِنَ الْمَرْجُومِينَ )، فغيَّر قصة نوح: } مِنَ الْمَرْجُومِينَ {،(8) وقصة لوط: } مِنَ الْمُخْرَجِينَ {.(9)
    وكانت في الزخرف: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَعَايِشَهُم)، فغيَّرها: } مَعِيشَتَهُمْ {.(10)
    وكانت في الذين كفروا: (مِن مَاءٍ غَيْرِ يَاسِنٍ)، فغيَّرها: } مِن مَاءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ{.(11)
    وكـانت في الحـديد: (فالذين منكم واتقـوا لهـم أجرٌ كبير)، فغيـَّرهـا: } وَأَنْفَقُوا {.(12)
    وكانت في إذا الشمس كُوِّرَتْ: } وَمَـا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِـينٍ {،(13) فغيـَّرها: } بِضَنِينٍ {.(14)
    وهذه شبهة باردة لا تستحق الردَّ؛ فإنَّها تحمل في طيَّاتِها أمارات بطلانِها وردها، ولكن نذكر ما أجاب به أهل العلم عن هذه الكذبة، وهي أجوبة كثيرة، منها:
    1. أن الروايات التي تعلقوا بِها في هذه الشبهة في غاية الضعف، ولا تقوم بمثلها حجة، فهذا الأثر المروي عن عوف بن أبي جميلة ضعيف جدًّا، ففيه عبّاد بن صهيب، وهو متروكٌ، ضعيف الحديث، وكان قدريًّا داعيةً،(15) وكذلك عوف بن أبي جميلة، وإن كان ثقةً، إلا أنه متهم بالقدر والتشيع، وهذا الأثر -إن ثبت عنه- مما يؤيد دعوى الشيعة وقوع التحريف في القرآن، فهو متهم فيه.(16)
    2. أنه لو حصل مثل ذلك لنقل إلينا نقلاً متواترًا، لأنه مِمَّا تتوافر الدواعي على نقله وتواتره. فلما لم ينقل إلينا بالنقل الصحيح، علم أنه كذب لا أصل له.
    3. أنه من الْمحال عقلا وعادةً سكوت جميع الأمة عن تغيير شخص لكتابِها الذين تدين الله به، وأئمة الدين والحكم إذ ذاك متوافرون، فكيف لا ينكرون، ولا يدافعون عن كتاب ربِهم؟
    4. أن الحجاج لم يكن إلا عاملاً على بعض أقطار الإسلام، ومن المحال أن يقدر على جمع المصاحف التي انتشرت في بلاد المسلمين شرقها وغربِها، فذلك مِمَّا لا يقدر عليه أحدٌ لو أراده.
    5. أن الحجاج لو فرض أنه استطاع جمع كل المصاحف وإحراقها، فإنه من المحال أيضًا أن يتحكم في قلوب الآلاف المؤلفة من الحفاظ، فيمحو منها ما حفظته من كتاب الله.(17)
    ويدل على ذلك أن أكثر المواضع التي ادُّعي أن الحجاج غيَّرها هي في جميع المصاحف على تلك الصورة التي زعموا أن الحجاج غيرها إليها، وقرأها القراء بِهذا الوجه، وبعضها رسم على الصورتين في المصاحف وقرئ بقراءتين، كما نقله إلينا القراء وعلماء الرسم العثماني، كما أن جل هذه المواضع لم ينقل إلينا نقلاً متواترًا قراءة أحد من القراء بِما يوافق الوجه الذي يزعمون أنه كان ثم غُيِّر، مثل: (شريعة ومنهاجًا)، و(أَنَا آتِيكُم بِتَأْوِيلِهِ)، و(مِنَ الْمُخْرَجِينَ) في قصة نوح ، و(مِنَ الْمَرْجُومِينَ ) في قصة لوط ، و(نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَعَايِشَهُم)، فلو صحَّ هذا النقل لنُقِل إلينا من القراءات في هذه المواضع ما يوافق ما كانت مكتوبةً به أوَّلاً.
    6. أنه بفرض أن الحجاج كان له من الشوكة والمنعة ما أسكت به جميع الأمة على ذلك التعدي المزعوم على الكتاب الكريم، فما الذي أسكت المسلمين بعد انقضاء عهده.(18)
    7. أنه يحتمل أن الحجاج إنَّما غيَّر حروفًا من بعض المصاحف التي تخالف مصحف عثمان، فقد روي أنه لَمَّا قدم العراق وجد الناس يكتبون في مصاحفهم أشياء، كانوا يكتبون : (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما)، و(ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج) وأشياء غير هذا، فبعث إلى حفاظ البصرة وخطاطها، فأمر نصر بن عاصم وأبا العالية وعليَّ بن أصمعَ ومالك بن دينار والحسن البصري وأمرهم أن يكتبوا مصاحف ويعرضوها على مصحف عثمان.(19)
    وقد كان -فيما روي- من أشد الأمراء نظرًا في المصاحف، وكان شديد الحرص على أن يتَّبع الناس مصحف عثمان، فوكَّلَ عاصمًا الجحدري وناجية ابن رُمْحٍ وعليَّ بن أصمعَ بتتَبُّع المصاحفِ، وأمرهم أن يقطعوا كل مصحفٍ وجدوه مخالفًا لمصحف عثمان، ويعطوا صاحبه ستين درهمًا.(20)
    8. أن الحروف التي زعموا أن الحجاج غيَّرها ليس فيها حرفٌ واحد في إثبات خلافة بني أمية وإبطال خلافة بني العباس.(21)
    (1) مناهل العرفان (1/264).
    (2) سورة البقرة من الآية 259.
    (3) وقد قرأ حمزة والكسائي ويعقوب وخلف بحذف الهاء في الوصل، ولا خلاف في إثباتها وقفًا لثبوتها في الخط. انظر النشر في القراءات العشر (2/142)، وإتحاف فضلاء البشر ص 163.
    (4) سورة المائدة من الآية 48، ولم يقرأ أحدٌ من القراء (شريعة) بالياء، ولو شاذًّا!
    (5) سورة يونس من الآية 22، وقد قرأها أبو جعفر وابن عامر } يَنْشُرُكُمْ { ، من النشر، قال ابن الجزري: وكذلك هي في مصاحف أهل الشام وغيرها، وقرأ بقية القراء: } يُسَيِّرُكُمْ { ، من التسيير، قال ابن الجزري: وكذلك هي في مصاحفهم، وكذلك روى أبو عمرو الداني في المقنع، في باب ذكر ما اختلفت فيه مصاحف أهل الحجاز والعراق والشام. والذي يظهر -والله إأعلم- أنه لا فرق في الخط بين القراءتين، ففيها أربع أسنان، فتكون عند أبي جعفر وابن عامر واحدة للنون وثلاث للشين، وعند الباقين ثلاث للسين وواحدة للياء. انظر النشر في القراءات العشر (2/282) ، وإتحاف فضلاء البشر ص 248، والمقنع في معرفة مرسوم مصاحف الأمصار ص 108، وانظر تنبيه الخلان إلى شرح الإعلان بتكميل مورد الظمآن ص 448.
    (6) سورة يوسف من الآية 45، وفي مصحف أبي بن كعب ( أنا آتيكم بتأويله) ، وهي قراءة شاذة، وقد قرأ بها الحسن. انظر تفسير البحر المحيط (5/314)
    (7) سورة المؤمنين من الآية 85، ومن الآية 87، ومن الآية 89. وقد اتفق القراء على قراءة الموضع الأول (لله) بغير ألف؛ لأن قبله } لمن الأرض ومن فيها { ، فجاء الجواب على لفظ السؤال، وقرأ أبو عمرو ويعقوب البصريان في الموضعين الأخيرين (الله) بالألف، وهكذا رسما في المصاحف البصرية، نص على ذلك الحافظ أبو عمرو، وقرأ باقي القراء (لله) بغير ألف، وكذا رسما في مصاحف الشام والعراق. انظر النشر في القراءات العشر (2/329). فأي تغيير ذلك الذي فعله للحجاج في هذه الآيات، وقد رسمتا على الوجهين كليهما؟
    (8) سورة الشعراء من الآية 116.
    (9) سورة الشعراء من الآية 167.
    (10) سورة الزخرف من الآية 32، وقرأ ابن مسعود وابن عباس والأعمش (معايشهم)، وهي قراءة شاذة. انظر تفسير البحر المحيط (8/14).
    (11) سورة محمد  من الآية 15، وذكر فيها أبو حيان قراءة شاذة (ياسن) بالياء، ولم ينسبها لأحد. انظر تفسير البحر المحيط (8/79).
    (12) سورة الحديد من الآية 7.
    (13) سورة التكوير من الآية 24، وقد قرأ أبو عمرو وابن كثير بالظاء المشالة، وقرأ الباقون بالضاد، ولا فرق بينهما في الرسم، إذ لا مخالفة بين الضاد والظاء إلا تطويل رأس الظاء على الضاد، وهي في جميع المصاحف العثمانية بالضاد، وفي مصحف ابن مسعود بالظاء. انظر النشر في القراءات العشر (2/398-399)، وإتحاف فضلاء البشر ص 434.
    (14) رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف، باب ما كتب الحجاج بن يوسف في المصحف ص 59، وباب ما غيَّر الحجاج في مصحف عثمان ص 129.
    (15) انظر لسان الميزان (3/279-280).
    (16) وقد أخرج له البخاري في الصحيح. انظر تقريب التهذيب (2/89)، وهدي الساري مقدمة فتح الباري ص 455.
    (17) انظر نكت الانتصار لنقل القرآن ص 399.
    (18) مناهل العرفان (1/273-274).
    (19) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 396.
    (20) انظر تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص 51-52، ونكت الانتصار لنقل القرآن ص 397.
    (21) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 399.

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    26

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    أنا لا أجادلك إنما يجادل الإنسان من يفهم عما يتكلم أما أنت أخ تقرتي فواضح أنك مبتديء من عوام طلبة العلم أعجبك القص واللصق ثم لم تنتبه إلى أنه قص ولصق فأخذت ترد على الناس وتخبط خبط عشواء كنت أتابع الحوار الآخر حتى دخلت أنت فلوثته وقلت إنك ستفتح موضوعا فلما رأيت موضوعك رأيت قص ولصق طويل من كتاب موجود كانت تكفيك الإحالة عليه فقلت فلأشارك-على قلة ما أفعل-لأنظر هل يعقل هذا الأخ التقرتي ما ينقله وأوردت لك إشكالات مشهورة جدا عند دارسي هذه المسألة فلم تحسن الإجابة بل وصرت تخترع أشياء
    عموما أخ تقرتي المبتديء في الطلب مثلك الأولى به أن يكثر من السماع والقراءة لأهل العلم ويصبر حتى يريش ولا يشتغل بالمحاورة والمناظرة ويحشر نفسه مع الباحثين فيكون كالفروج يصيح بين الديكة
    فلا أنت ستتعلم ولا أنت ستعلم ولا أنت ستسلم من الإثم والعدوان
    وشغل الأطفال الذي تعمله الآن من إعادة قص الموضوع ولصقه هو شيء لا يفعله إلا مغبون الفراغ فاتق الله في وقتك واحفظ متون العلم وادرس شروحه وسل الله التوفيق.

    أخوك المحب الناصح أبو خالد
    الناس معادن

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    نرجو من المشرفين تطهير الموضوع من الجدال العقيم و كلمات بعضهم التي لا تليق بطالب علم و شكرا

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    الفوائد المستقاة من الكتاب:


    الاحرف السبعه نسخ بعضها او اثبت نسخها في العرضة الاخيرة للرسول عليه الصلاة و السلم

    جمع عثمان بن عفان للمصحف كان باجماع الصحابة

    مصحف عبد الله بن مسعود لم يخالف محتواه المصحف العثماني

    عبد الله بن مسعود كان عليم بالقراء ات و اختلافاتها

    مصحف عثمان بن عفان اثبت كل ما في العرضة الاخيرة للرسول عليه الصلاة و السلام

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    الذي يجب معرفته ان القرآن نقل الينا متواترا مشافهة فسلسلة السند تصل إلى الرسول عليه الصلاة و السلام عن جبريل عن رب العزة


    اخدها منه مشافهة الصحابة و عنهم التابعين إلى ان وصلت الينا تواترا.


    اما جمع عثمان بن عفان رضي الله عنه للمصحف كان خشية ان يدخل الزنادقة فيه ما ليس منه فجعل لهم اماما يرجعون اليه للفصل.


    فلا يتصور احد انه ضاع من القرآن شيئ و ان كان قوله تعالى نَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ. كافيا لاثبات ذلك إلا اننا نسوق البحث للرد على شبهات الطاعنين في القرآن


    فها هي القراء ات العشرة متاوترة من اربعة عشر قرنا لم يضع منها شيئ و سنورد تعريفا موجزا للقرا ء ات العشرة ان شاء الله لتعميم الفائدة، فنرجوا من الاخوة الذين يشاركنا اخلاص النية للاستفادة و الابتعاد عن الأسئلة الجدلية التي لا هدف منها الا التعالم و حب الظهور.


    فكفى بالمرء سوء ا ان يطرح الاسئلة للامتحان ، هذا ليس من هدي السلف في شيئ انما يفعله مريض القلب و الله المستعان

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: مراحل جمع القرآن

    نشأ علم القراءات أول ما نشأ منذ اللحظات الأولى لتلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم لكلام ربه بواسطة جبريل الأمين عليه السلام. فكان عليه الصلاة والسلام يقرؤه مرتّلاً مجوَّداً على أصحابه‘ مصداق قول الله سبحانه { ورتل القرآن ترتيلا } (المزمل/4) وقوله عز وجل { وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}(الإسراء/106).



    وقد أتقن الصحابة رضوان الله عليهم تلاوته من واقع عربيتهم الفصيحة السليمة من كل شائبة، ومن واقع تلقيهم للقرآن غضاً طرياً من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن ثم قاموا هم بتعليمه لمن وراءهم على النحو الذي سمعوه وتلقوه.



    وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراعي لهجات القبائل العربية في النطق واللفظ، وذلك من فضل الله على الأمة ومن توسعته لها، حيث أنزل الله سبحانه القرآن الكريم على سبعة أحرف.

    وقد احتفى المسلمون بقراءة القرآن وضبطه في كل العصور، واشتهر في كل زمن من الأزمنة وجيل من الناس وبلد من البلدان أناس عرفوا باسم القُرّاء.



    كان أشهرهم في عهد الصحابة: الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم، الذين كان لأبي بكر منهم شرف جمع القرآن في مصحف واحد لأول مرة، بعد أن كان متفرقاً في العظام والألواح والرقاع، كما كان لعثمان شرف الجمع الثاني الذي أخرج فيه من القرآن كل ما هو ليس منه من شرح أو منسوخ أو تعليق، وضبط القراءة على لغة قريش، وعمم مصحفه على سائل الأمصار..



    وإضافة إلى الخلفاء الأربعة فقد اشتهر من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين بالقراءة أبيُّ بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود وابن عباس وأبو موسى الأشعري وغيرهم. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى سبق هؤلاء غيرَهم في القراءة بمثل قوله " أقرؤكم أبيّ"(رواه الترمذي والدارقطني) وقوله لأبي موسى بعد أن استمع إليه " لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود". وقوله لابن مسعود: " اقرأْ علي القرآن".(رواه البخاري وغيره) .



    وفي عهد التابعين اشتهر كثير من الفضلاء ووجوه المسلمين بالقراءة، وكانوا منتشرين في المدن والأمصار. ففي المدينة ظهر سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وابن شهاب وعمر بن عبد العزيز، وفي مكة مجاهد وعطاء وطاووس، وفي الكوفة علقمة والأسود بن يزيد وأبو عبد الرحمن السلمي وسعيد بن جبير وفي البصرة الحسن البصري وابن سيرين وقتادة، وفي الشام المغيرة بن أبي شهاب وخليفة بن سعد.

    ثم ظهر متخصصون في القراآت :

    "أسماء أئمة القراءة ورواتهم"


    1- نافع: "المدنى" ابن عبد الرحمن بن أبى نعيم (70-169 هـ ) أحد الأعلام ثقة صالح أصله من أصبهان وروى عنه:-
    قالون: أبو موسى عيسى بن مينا الرزقى مولى بنى زهرة (120-220 ه) قارئ المدينة ونحويها.
    ورش: عثمان بن سعيد القبطي المصري مولى قريش (197-110 هـ) شيخ القراء المحققين
    2- إبن كثير: "المكى" عبدالله أبو معبد العطار الدارى الفارسي الأصل " " إمام اهل مكة في القراءة وروى عنه :-
    البزى :أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدالله (170-250 هـ) مقرئ مكة ومؤذن المسجد الحرام.
    قنبل: أبو عمرو محمد بن عبد الرحمن المخزومى بالولاء (165-291 هـ) شيخ القراء بالحجاز.
    3- أبو عمرو بن علاء: زبان بن العلاء المازني البصرى (68-154 هـ) إمام العربية والأقراء- وروى عنه:-
    حفص الدورى: ابن عمر بن عبد العزيز أبو عمرو الأزدى البغدادي "توفي سنة 246 هـ" إمام القراء وشيخ الناس في زمانه.
    السوسى: صالح بن زياد، أبو شعيب السوسى توفي سنة "261 هـ" مقرئ ضابط محرر ثقة
    4- ابن عامر الدمشقى: أبو عمران عبدالله اليحصبى "توفي سنة 118 هـ" إمام أهل الشام ومقرئهم وروى عنه:-
    هشام بن عمار: أبو الوليد السلمى الدمشقى "توفي سنة 245 هـ" إمام أهل دمشق وخطيبهم.
    ابن ذكوان: أبو عمرو عبدالله بن أحمد الفهدى الدمشقي "توفي سنة 242 هـ"
    5- عاصم بن أبي النجود الكوفي: أبوبكر مولى بني أسد "توفي سنة 127 هـ" الإمام الراوى الثقة وروى عنه:-
    شعبة: أبو بكر بن عياش الأسدي الكوفي "95-193 هـ" إمام علم من أئمة أهل السنة.
    حفص بن سليمان: أبو عمرو الأسدى الكوفي "90-180 هـ" شيخ الإقراء بالكوفة
    6- حمزة بن حبيب الزيات: أبو عمارة الكوفي التميمي بالولاء "80-165 هـ" حبر القرآن زاهد عابد وروى عنه:-
    خلف بن هشام: أبو محمد الأسدى البغدادى "150-229 هـ" الإمام العلم الثقة كبير زاهد عابد.
    خلاد: أبو عيسى بن خالد الشيباني بالولاد الكوفي "توفي سنة 220 هـ" وهو إمام في القراءة ثقة محقق.
    7- الكسائى: أبو الحسن على بن حمزة، فارسي الأصل أسدي الولاد "119-189 هـ" إنتهت إليه رياسة الأقراء بعد حمزة وروى عنه:-
    أبو الحارث: الليث بن خالد البغدادى "توفي سنة 240هـ" وهو ثقة معروف حاذق ضابط.
    حفص الدورى: وهو راوى أبى عمرو بن العلاء أيضاً كما تقدم.

    فهؤلاء هم السبعة المشهورون أصحاب القراءات المتواترة ولهم ثلاثة متممون لهم حتى تكتمل القراءات إلى عشر وهم:

    8- او جعفر يزيد بن القعقاع: المخزومى المدنى توفي سنة 130هـ وهو إمام تابعي مشهور وروى عنه:-
    عيسى بن وردان: أبو الحارث المدنى توفى سنة 160 هـ.
    ابن جماز: أبو الربيع سليمان بن مسلم بن جماز الزهري المدني توفى سنة 171 هـ وهو مقرئ جليل.
    9- يعقوب الحضرمى: ابن اسحاق بن يزيد أبو محمد "117-205 هـ" إمام أهل البصرة ومقرئها ثقة صالح وروى عنه:-
    رويس: أبو عبدالله محمد بن المتوكل البصرى "توفي سنة 238 هـ" مقرئ حاذق ضابط.
    روح بن عبد المؤمن: أبو الحسن البصرى النحوي الهندلى "توفي سنة 234 هـ" مقرئ ضابط.
    10- خلف بن هشام البزار: وهو راوى حمزة المتقدم وروى عنه:-
    إسحاق الوراق: أبو يعقوب المروزى البغدادى "توفي سنة 286 هـ" إمام ضابط متقن ثقة.
    إدريس الحداد: أبوالحسن بن عبد الكريم البغدادى "توفي سنة 292 هـ" وهو إمام ثقة ضابط متقن.

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    2,225

    افتراضي عفوا أخي التقرتي

    الأخ الفاضل/ التقرتي
    وفقه الله
    نحن نحب طرح موضوعات في علم القراءات، بل وطالبنا المشرفين بفتح مجلس خاص بهذا العلم.
    لكن سرد موضوع طويل كهذا بطريقة النسخ واللصق لن يفتح الباب للنقاش العلمي الجاد والمفيد.
    أولا: ينبغي الاقتصار في النقل على كتب الفن الأصيلة، لا من هذه الأبحاث التي تجمع من هنا وهنا.
    ثانيا: لا داعي لسرد الشبهات والرد عليها، بل الذي يطلبه الجميع هو تعلُّم هذا الفن أولاً.
    ثالثا: نُجِلُّ هذا العلم الشريف عن أسلوب غير راقٍ في المحاورة، قد ينتج هذا عن عدم الاتفاق على أساسيات العلم ومبادئه.
    والله ولي التوفيق.
    صورة إجازتي في القراءات العشر من الشيخ مصباح الدسوقي

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: عفوا أخي التقرتي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القارئ المليجي مشاهدة المشاركة
    الأخ الفاضل/ التقرتي
    وفقه الله
    نحن نحب طرح موضوعات في علم القراءات، بل وطالبنا المشرفين بفتح مجلس خاص بهذا العلم.
    لكن سرد موضوع طويل كهذا بطريقة النسخ واللصق لن يفتح الباب للنقاش العلمي الجاد والمفيد.
    أولا: ينبغي الاقتصار في النقل على كتب الفن الأصيلة، لا من هذه الأبحاث التي تجمع من هنا وهنا.
    ثانيا: لا داعي لسرد الشبهات والرد عليها، بل الذي يطلبه الجميع هو تعلُّم هذا الفن أولاً.
    ثالثا: نُجِلُّ هذا العلم الشريف عن أسلوب غير راقٍ في المحاورة، قد ينتج هذا عن عدم الاتفاق على أساسيات العلم ومبادئه.
    والله ولي التوفيق.

    الغرض من هذا الموضوع هو جمع نظرة شاملة له ، فلم يكن في غرضي فتحه للنقاش انما لجمع تعريف كامل له و ذلك لأن بعضهم طرح شبهات في مواضيع اخرى. فأردت جمع اغلب ما ذكر هنا للتوضيح


    اعتمدت النقل و ان كان طويلا لأن الموضوع حساس فالافضل توثيقه من مصادره و النقل من رسالة جامعية اشرف عليها اهل الاختصاص .و قد ابقيت على ذكر المصادر لمن اراد الرجوع اليها ، فعلت ذلك ظنا مني اني ساجتنب جدال المفسدين لأن النقل عندما يكون من مصادره يثبط بعض الاخوة المجادلين هداهم الله الذين همهم الجدال فقط إلا اني لم اوفق لذلك فكما ترى دخل الاخ فاخد يفسد في الموضوع. و يعلم الله اني احسنت النية معه فحاولت جاهدا مساعدته ظنا مني انه يبحث عن ذلك فاذا به يشهد على نفسه بغير ذلك بل كان جزائي جزاء سنيمار و لن احله في ذلك ليوم القيامة فما هذه باخلاق مسلم.

    كنت احسن الظن بالاخوة هنا فربما لا اتفق مع بعضهم إلا اني لم اشك يوما في صدق نيتهم حتى هذا اليوم تبين لي وجود بعض اصحاب النوايا السوداء عافانا الله منهم.


    الذي احاول ذكره هنا هو خلاصة لاهم ما قيل في المسألة و ان كان الموضوع طويل و مليئ بالنقل الا انه سيكون مرجعا لأهم ما ذكر لمن اراد ان تكون له نظرة عامة لجمع القرآن و القراآت العشر.

    و ارجوا من الله ان تكون مبادرة طيبة يقتدي بها غيري في المنتدى لطرح مواضيع في علم القرا ء ات و بارك الله في الجميع

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •