بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه فائدةٌ ذكرها شيخُ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله
وهي تُزِيلُ إشكالاً عند كثير من طلاب العلم
قال العلامة ابن مفلح رحمه الله في كتابه الجليل (الفروع2/340) عقب ذكره تفضيلَ
العلم على غيره من نوافل الطاعات؛ ناقلاً عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله-:
(قال شيخنا: مَنْ فعلَ هذا أو غيرَه مما هو خيرٌ في نفسه؛ لما فيه من المحبة له؛ لا لله ولا لغيره من الشركاء= فليس مذموماً
بل قد يُثاب بأنواعٍ من الثواب: إما بزيادةٍ فيها وفي أمثالها، فيَتَنعَّمُ بذلك في الدنيا
ولو كان كلُّ فِعْلٍ حَسَنٍ لم يُفْعَلْ لله مذموماً لما أطعمَ الكافرَ بحسناته في الدنيا، لأنها تكون سيئاتٍ.
وقد يكون من فوائد ذلك وثوابه في الدنيا أن يهديَه الله إلى أن يتقرَّبَ بها إليه
وهذا معنى قول بعضهم: طلبنا العلمَ لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله
وقول الآخر: طلبُهم له نيةٌ، يعني نفس طَلَبه حَسَنةٌ تنفعُهم، وهذا قيلَ في العلم لأنه الدليلُ المرشِدُ
فإذا طلبَه بالمحبة وحَصَّلَه عَرَّفَه الإخلاصَ، فالإخلاصُ لا يقعُ إلا بالعلم
فلو كان طَلَبُه لا يكونُ إلا بالإخلاص لَزِمَ الدَّوْر، وعلى هذا ما حكاه أحمد (قال ابن قُندُس: الذي حكاه هو قولُه "حُبِّبَ إليَّ فَجَمَعْتُه") وهو حالُ النفوس المحمودة.
ومن هذا قولُ خديجة للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: "كلا والله لا يخزيك الله أبداً"
فعَلِمَتْ أنَّ النفسَ المطبوعةَ على محبة الأمر المحمود وفِعْلِه لا يوقِعُها اللهُ فيما يُضَادُّ ذلك).