أن رجلا كان يتهم بأم ولد رسول الله – اذهب فاضرب عنقه
قال الامام مسلم : " حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ وَلَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: «اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ» فَأَتَاهُ عَلِيٌّ فَإِذَا هُوَ فِي رَكِيٍّ يَتَبَرَّدُ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: اخْرُجْ، فَنَاوَلَهُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ، فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ، فَكَفَّ عَلِيٌّ عَنْهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ لَمَجْبُوبٌ مَا لَهُ ذَكَرٌ " اهـ.[1]
لقد وردت رواية عند الامام احمد في المسند بسند حسن كما قال الامام الضياء المقدسي في المختارة , وفي هذه الرواية التفصيل لما جرى , وكيف ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد جعل عليا رضي الله عنه حاكما على الامر لانه يشهده , قال الامام المقدسي : " 735 - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَذِّنُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِأَصْبَهَانَ قُلْتُ لَهُ أَخْبَرَتْكُمْ أُمُّ الْبَهَاءِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيِّ قِرَاءَةً عَلَيْهِا قِيلَ لَهَا أخْبركُم أَبُو الْفضل عبد الرَّحْمَن بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ الْمُقْرِئُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنا أَبُو الْقَاسِم جَعْفَر بن عبد الله بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ فنَاكِي الرُّويَانِيُّ ثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الرُّويَانِيُّ ثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ الْهَمْدَانِيُّ ثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أُكْثِرَ عَلَى مَارِيَةَ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي قِبْطِيٍّ ابْنِ عَمٍّ لَهَا يَزُورُهَا وَيَخْتَلِفُ إِلَيْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ هَذَا السَّيْفَ فَانْطَلِقْ فَإِنْ وَجَدْتَهُ عِنْدَهَا فَاقْتُلْهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكُونُ فِي أَمْرِكَ إِذَا أَرْسَلْتَنِي كَالسِّكَّةِ الْمُحْمَاةِ لَا يَثْنِينِي شَيْءٌ حَتَّى أَمْضِيَ إِلَى مَا أَمَرْتَنِي أَمِ الشَّاهِدُ يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِبُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلِ الشَّاهِدُ يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِبُ فَأَقْبَلْتُ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ فَوَجَدْتُهُ عِنْدهَا فَاخْتَرَطْتُ السَّيْفَ فَلَمَّا رَآنيِ عَرَفَ أَنَّنِي أُرِيدُهُ فَأَتَى نَخْلَةً فَرَقَى فِيهَا ثُمَّ رَمَى بِنَفْسِهِ عَلَى قَفَاهُ ثُمَّ شَالَ بِرِجْلَيْهِ فَإِذَا بِهِ أَجَبُّ أَمْسَحُ مَالَهُ مِنْ قَلِيلٍ وَلا كَثِيرٍ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَرَفَ عَنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ.
لَهُ شَاهِدٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ من رِوَايَة أنس بِنَحْوِهِ (إِسْنَاده حسن) " اهـ.[2]
فالحديث صريح بتعليق القتل على وجوده عندها , ثم القرائن التي تبين لعلي رضي الله عنه لان يشهد الامر , ففي هذا بيان واضح على ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد حكم في الامر وفق الادلة والقرائن لا بمجرد الهوى والظلم وحاشاه فداه ابي وامي من ذلك.
ومن قال ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد شك بمارية رضي الله عنها فكلامه باطل , وذلك لان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد حكم على الرجل بالقتل وليس عليها رضي الله عنها , وفي هذا دليل واضح على ان النبي صلى الله عليه واله وسلم اراد اظهار برائتها , وبراءة الرجل للناس.
ومن باب الالزام للرافضة اقول انه يلزم من فهمكم السقيم للاحاديث عند اهل السنة ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قد شك بعائشة رضي الله عنها في حادثة الافك , فقد قال المفيد : " حدثنا به أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة عن أبي الحسن علي بن الحسين ابن فضال بإسناده في كتابه المعروف ( بالمبنى ) وهو أشهر أن يدل عليه العلماء عن أبان بن عثمان عن الأجلح عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس قال لما رمى أهل الإفك عائشة استشار رسول الله صلى الله عليه وآله عليا فيها فقال يا رسول الله النساء كثيرة سل الخادمة فسألوا بريرة فقالت ما علمت إلا خيرا فبلغ ذلك عائشة فقالت لا أحب عليا بعد هذا أبدا وكانت تقول لا أحب عليا أبدا أليس هو الذي خلا وصاحبه بجاريتي يسألانه عني وهذا حديث صحيح الإسناد واضح الطريق وهو يتضمن التصريح منها ببغض أمير المؤمنين ( ع ) بنصيحته لرسول الله صلى الله عليه وآله واجتهاده في طاعته ومشورته من غير أن يكون ظلمها بذلك واعتدى عليها فيه إذ لو كان ذلك كذلك وحاشاه ( ع ) لما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله مقالته ولا قبل مشورته ولا انتهى فيه إلى رأيه ولما صار بعد ذلك إلى الإصغاء إليه والاعتماد في ذلك عليه فدل على صوابه وضلال من مقته لأجله وعاداه فيه " اهـ.[3]
فالرواية صريحة باستشارة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لعلي رضي الله عنه في عائشة رضي الله عنها , ثم اشارة علي رضي الله عنه بسؤال الجارية من غير ان يقول لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم يارسول الله انا اشهد ببرائتها , ولا اشك بطهارتها , وتأكد الامر بسؤال الجارية فلما شهدت الجارية لام المؤمنين بالخير قبله رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , فيلزم الرافضة وفق فهمهم السقيم للاحاديث ان يكون رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وعلي رضي الله عنه قد شكوا ببراءة ام المؤمنين عائشة من الفاحشة والعياذ بالله تعالى.
1 - صحيح مسلم - بَابُ بَرَاءَةِ حَرَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرِّيبَةِ – ج 4 ص 2139.
2 - الأحاديث المختارة - ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي – ج 2 ص 253 – 254.
3 - الجمل - المفيد - ص 226.
منقول