{الحديث الثالث عشر}ومن الخبر الذي لم ينقل على الصحة وأخطأ ناقله في الإسناد والمتن:
أبو سنان(([1] عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة قال: جئت أنا ويحيى بن يعمر.. (([2]
وأبو عوانة، عن عطاء بن السائب، حدثنا محارب بن دِثار وعلقمة وحسين بن الحسن (([3] أن ابن بريدة(([4].
وسفيان عن علقمة (([5].
وشريك، عن الحسين بن الحسن الكندي، عن ابن بريدة. وساقه. (([6]
وقد ذكرنا رواية الكوفيين لحديث ابن عمر في سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام وقد وهموا جميعا في إسناده إذ انتهوا بالحديث إلى ابن عمر حكى ذلك من حضوره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سأله جبريل عليه السلام وإنما روى ابن عمر عن عمر بن الخطاب أنه هو الذي حضر ذلك دون أن يحضره ابن عمر ولو كان ابن عمر عاين ذلك وشاهده لم يجز أن يحكيه عن عمر (([7].
وسنذكر إن شاء الله رواية من أسند هذا الحديث إلى ابن عمر يرويه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وسؤال جبريل عليه السلام إياه ثم نذكر مواضع العلل في متنه ونبينها إن شاء الله.
وذكر(([8]: حديث: كهمس(([9]، ومطر الوراق(([10]، وعثمان بن غياث(([11].
وسليمان التيمي(([12]، عن يحيى عن ابن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذه رواية البصريين لهذا الحديث وهم في روايته أثبت وله أحفظ من أهل الكوفة إذ هم الزائدون في الإسناد عمر بن الخطاب، ولم يحفظ الكوفيون فيه عمر، والحديث للزائد الحافظـ؛ لأنه في معنى الشاهد الذي قد حفظ في شهادته ما لم يحفظ صاحبه، والحفظ غالبٌ على النسيان وقاض عليه لا محالة.
فأما رواية أبي سنان عن علقمة في متن هذا الحديث إذ قال فيه: إن جبريل عليه السلام حيث قال: "جئت أسألك عن شرائع الاسلام" فهذه زيادة مختلقة ليست من الحروف(([13] بسبيل.
وإنما أدخل هذا الحرف في رواية هذا الحديث شرذمة زيادة في الحرف مثل ضرب النعمان بن ثابت (([14] وسعيد بن سنان، ومن نحا في الإرجاء نحوهما وإنما أرادوا بذلك تصويبا في قولهم في الإيمان وتقعيد الإرجاء(([15] ذلك ما لم يزد قولهم إلا وهنا وعن الحق إلا بعدا إذْ زادوا في رواية الأخبار ما كُفي بأهل العلم.
والدليل على ما قلنا من إدخالهم الزيادة في هذا الخبر: أن عطاء بن السائب، وسفيان روياه عن علقمة فقالا: "قال يا رسول الله ما الإسلام" وعلى ذلك رواية الناس بعد مثل سليمان ومطر وكهمس ومحارب وعثمان وحسين بن حسن وغيرهم من الحفاظ كلهم يحكي في روايته أن جبريل عليه السلام قال يا محمد ما الاسلام ولم يقل "ما شرائع الإسلام" كما روت المرجئة(([16]. (([17]
([1]) سعيد بن سنان الشيباني الكوفي.
([2]) أخرجه الطحاوي في أحكام القرآن (1606) قال: وإذا علي بن معبد، قد حدثنا، قال: حدثنا يعلى بن عبيد الطنافسي، قال: حدثنا أبو سنان، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، قال: كنت أنا ويحيى بن يعمر جالسين في المسجد، فجاء ابن عمر، فأنشأ يحدث، قال: بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل حسن الوجه، حسن اللمة، طيب الريح، حسن الثياب، فسلم، فقال: أدنو منك يا رسول الله؟ قال: " ادن "قال: حيث أسألك عن شرائع الإيمان قال: " تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتقوم رمضان، وتحج البيت، وتغتسل من الجنابة " قال: صدقت فعجبنا من قوله: صدقت.
وقد أخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير من طريق عبد العزيز 3/8-9 قال: حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا خلاد بن يحيى قال حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة قال بصر يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن الحميدي بعبد الله بن عمر.. الحديث.. هكذا قال: "شرائع الاسلام" وتابعه على هذه اللفظة أبو حنيفة وجراح بن الضحاك وهؤلاء مرجئة. اهـ
([3]) عطاء ومحارب وعلقمة وحسين كوفيون.
([4]) أخرجه ابن أبي شيبة (14696) قال: حدثنا ابن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن محارب، عن ابن بريدة، وردنا المدينة، فأتينا عبد الله بن عمر فقال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجل جيد الثياب، طيب الريح، حسن الوجه.. الحديث. ولم أجده من طريق عطاء عن علقمة وحسين.
([5]) أخرجه أحمد (374) قال: حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن ابن يعمر، قال: قلت لابن عمر: إنا نسافر في الآفاق، فنلقى قوما يقولون: لا قدر، فقال ابن عمر: إذا لقيتموهم فأخبروهم أن عبد الله بن عمر منهم بريء، وأنهم منه برآء - ثلاثا - ثم أنشأ يحدث: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وساق حديث حبريل.
([6]) أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (8902- 8903) قال: حدثنا محمد بن الصباح البزاز، قال: حدثنا شريك، عن حسين بن حسن الكندي، عن ابن بريدة، قال: حججنا فلقينا ابن عمر، فقلنا :إن قوما يقولون لا قدر؟ قال إن لقيتموهم فأبلغوهم أن عبد الله بن عمر منكم بريء وأنتم منه برءاء، قد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما الإيمان؟ ثم ذكر الحديث.
حدثنا ابن الأصبهاني، قال: أخبرنا شريك، عن حسين بن حسن، عن ابن بريدة، قال: حججت أنا ويحيى بن يعمر، فلقينا ابن عمر.. فذكر نحوه إلى:"وأنتم منه برآء".
([7] ) فقصروا الإسناد إلى ابن عمر، وإنما هو حديث عمر.
([8] ) عن عبد الله بن بريدة عن يحيى.
([9]) أخرجه مسلم 1/36 (8) قال: أبو خيثمة زهير بن حرب. حدثنا وكيع، عن كهمس، عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر. ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري. وهذا حديثه: حدثنا أبي. حدثنا كهمس، عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر؛ قال: كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا: لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر. فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلا المسجد. فاكتنفته أنا وصاحبي. أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله. فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي. فقلت أبا عبد الرحمن! إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم. وذكر من شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر. وأن الأمر أنف. قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني. والذي يحلف به عبد الله بن عمر! لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه، ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر. ثم قال: حدثني أبي عمر بن الخطاب، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب.. الحديث.
([10]) أخرجه مسلم 1/38 (8) قال: حدثني محمد بن عبيد الغبري، وأبو كامل الجحدري، وأحمد بن عبدة. قالوا: حدثنا حماد بن زيد، عن مطر الوراق، عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر؛ قال: لما تكلم معبد بما تكلم به في شأن القدر، أنكرنا ذلك. قال فحججت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حجة. وساقوا الحديث. بمعنى حديث كهمس وإسناده. وفيه بعض زيادة ونقصان أحرف.
([11]) أخرجه مسلم 1/38 (8) قال: وحدثني محمد بن حاتم. حدثنا يحيى بن سعيد القطان. حدثنا عثمان بن غياث. حدثنا عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، وحميد بن عبد الرحمن؛ قالا: لقينا عبد الله بن عمر. فذكرنا القدر وما يقولون فيه. فاقتص الحديث كنحو حديثهم. عن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه شيء من زيادة، وقد نقص منه شيئا.
([12]) أخرجه مسلم 1/38 (8) قال: وحدثني حجاج بن الشاعر. حدثنا يونس بن محمد. حدثنا المعتمر عن أبيه، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحو حديثهم.
([13]) أي ألفاظ الحديث.
([14]) الحديث في مسند أبي حنيفة ص11 (2) عن علقمة عن يحيى بن يعمر قال: بينا مع صاحب لي بمدينة رسول اللهإذْ بصرنا بعبد الله بن عمر...وساقه بذكر لفظة الشرائع.
([15]) يعني أرادوا إخراج الأعمال من مسمى الإيمان.
([16]) مرجئة الفقهاء. قال ابن رجب في شرح علل الترمذي: وفي كلامه ما يدل على أن صاحب الهوى إذا روى ما يعضد هواه فإنه لا يقبل منه، لا سيما إذا انفرد بذلك. 2/543 تحقيق الدكتور همام.
([17]) التلخيص: روى الكوفيون حديث جبريل عن ابن بريدة عن يحيى عن ابن عمر عن النبي، فأسقطوا عمر، ورواه البصريون فاثبتوا عمر، وهم أحفظ له، كما تابع سليمان التميمي ابن بريدة بجعله من مسند عمر، واتفق الناس على لفظ "ما الإسلام" إلا فئة قليلة من أهل الكوفة كأبي سنان والنعمان بن ثابت عن علقمة بن مرشد فزادوا "ما شرائع الإسلام"، وهي زيادة مردودة مخالفة لحديث الناس حتى عامة أهل الكوفة والدليل على ما قلنا من الزيادة في هذا الخبر: أن عطاء بن السائب، وسفيان روياه عن علقمة فقالا في حديثهما: "قال يا رسول الله ما الإسلام".