﴿ وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٢٩﴾] وقدم الإيمان على الكفر؛ لأن إيمانهم مرغوب فيه. ابن عاشور:15/307.
﴿ وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٢٩﴾] الله يؤتى الحق من يشاء وإن كان ضعيفا، ويحرمه من يشاء وإن كان قويا غنيا، ولست بطارد المؤمنين لهواكم، فإن شئتم فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا. القرطبي 13/260.
﴿ ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُۥ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمْرُهُۥ فُرُطًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٢٨﴾] ودلت الآية على أن الذي ينبغي أن يُطاع ويكون إماماً للناس من امتلأ قلبه بمحبة الله، وفاض ذلك على لسانه؛ فلهج بذكر الله، واتبع مراضيَ ربه؛ فقدمها على هواه؛ فحفظ بذلك ما حفظ من وقته، وصلحت أحواله، واستقامت أفعاله، ودعا الناس إلى ما مَنَّ الله به عليه، فحقيق بذلك أن يتبع ويجعل إماماً. السعدي:475.
﴿ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٢٨﴾] (تريد زينة الحياة الدنيا): فإن هذا ضار غير نافع، قاطع عن المصالح الدينية؛ فإن ذلك يوجب تعلق القلب بالدنيا، فتصير الأفكار والهواجس فيها، وتزول من القلب الرغبة في الآخرة؛ فإن زينة الدنيا تروق للناظر، وتسحر العقل، فيغفل القلب عن ذكر الله، ويُقْبِل على اللذات والشهوات، فيضيع وقته، وينفرط أمره. السعدي:475.
﴿ وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَوٰةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥ ۖ ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٢٨﴾] في الآية استحباب الذكر والعبادة والدعاء طرفي النهار؛ لأن الله مدحهم بفعله، وكل فعل مدح الله فاعله دل ذلك على أن الله يحبه، وإذا كان يحبه فإنه يأمر به، ويُرَغِّبُ فيه. السعدي:475.
﴿ وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَوٰةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُۥ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمْرُهُۥ فُرُطًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٢٨﴾] (واصبر نفسك) أي: احبسها صابراً (مع الذين يدعون ربهم): هم فقراء المسلمين: كبلال، وخباب، وصهيب. وكان الكفار قد قالوا له: اطرد هؤلاء نجالسك نحن. ابن جزي:1/507.
﴿ وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ ٱلرِّيَٰحُ ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٤٥﴾] قالت الحكماء: إنما شبه تعالى الدنيا بالماء... لأن الماء لا يستقيم على حالة واحدة، كذلك الدنيا، ولأن الماء لا يبقى، ويذهب، كذلك الدنيا تفنى، ولأن الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتل، كذلك الدنيا لا يسلم أحد دخلها من فتنتها وآفتها، ولأن الماء إذا كان بقدر كان نافعا منبتا، وإذا جاوز المقدار كان ضارا مهلكا، وكذلك الدنيا: الكفاف منها ينفع، وفضولها يضر. القرطبي:13/289.
﴿ وَيَقُولُ يَٰلَيْتَنِى لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّىٓ أَحَدًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٤٢﴾] ولا يستبعد من رحمة الله ولطفه أن صاحب هذه الجنة التي أحيط بها تحسنت حاله، ورزقه الله الإنابة إليه، وراجع رشده، وذهب تمرده وطغيانه؛ بدليل أنه أظهر الندم على شركه بربه، وأن الله أذهب عنه ما يطغيه، وعاقبه في الدنيا، وإذا أراد الله بعبد خيراً عجل له العقوبة في الدنيا. السعدي:478.
﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِۦ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَآ أَنفَقَ فِيهَا وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٤٢﴾] وأحاط به هذا العقاب لا لمجرد الكفر؛ لأن الله قد يمتع كافرين كثيرين طول حياتهم، ويملي لهم، ويسْتدرجهم، وإنما أحاط به هذا العقاب جزاء على طغيانه، وجعله ثروته وماله وسيلة إلى احتقار المؤمن الفقير. ابن عاشور:15/328.
﴿ إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا ﴿٣٩﴾ فَعَسَىٰ رَبِّىٓ أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٣٩﴾] أخبره أن نعمة الله عليه بالإيمان والإسلام -ولو مع قلة ماله وولده- أنها هي النعمة الحقيقية، وأن ما عداها مُعَرَّضٌ للزوال، والعقوبة عليه والنكال [السعدي:477].
﴿ وَلَوْلَآ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِ ۚ ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٣٩﴾] أي: ما اجتمع لك من المال فهو بقدرة الله تعالى وقوته، لا بقدرتك وقوتك، ولو شاء لنزع البركة منه فلم يجتمع. القرطبي:13/280.
﴿ وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّى لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٣٦﴾] فأيُّ تلازم بين عطاء الدنيا وعطاء الآخرة حتى يظن بجهله أن من أُعطِيَ في الدنيا أُعْطِيَ في الآخرة، بل الغالب أن الله تعالى يَزوِي الدنيا عن أوليائه وأصفيائه، ويوسعها على أعدائه الذين ليس لهم في الآخرة نصيب. السعدي:477.
﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِۦٓ أَبَدًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٣٥﴾] (وهو ظالم لنفسه): إما بكفره، وإما بمقابلته لأخيه؛ فإنها تتضمن الفخر، والكبر، والاحتقار لأخيه. ابن جزي:1/510.
﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰٓئِكَة ِ ٱسْجُدُوا۟ لِءَادَمَ فَسَجَدُوٓا۟ إِلَّآ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِۦٓ ۗ أَفَتَتَّخِذُون َهُۥ وَذُرِّيَّتَهُۥ ٓ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِى وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّۢ ۚ بِئْسَ لِلظَّٰلِمِينَ بَدَلًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٥٠﴾] يقول تعالى منبهاً بني آدم على عداوة إبليس لهم، ولأبيهم من قبلهم، ومُقَرِّعاً لمن اتبعه منهم، وخالف خالقه ومولاه، وهو الذي أنشأه وابتدأه بألطافه، ورزقه وغذاه، ثم بعد هذا كله والى إبليس وعادى الله، فقال تعالى: (وإذ قلنا للملائكة)... ابن كثير:3/87.
﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰٓئِكَة ِ ٱسْجُدُوا۟ لِءَادَمَ ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٥٠﴾] سجود تشريف، وتكريم، وتعظيم. ابن كثير:3/87.
﴿ يَٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلْكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحْصَىٰهَا ۚ وَوَجَدُوا۟ مَا عَمِلُوا۟ حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٤٩﴾] قال قتادة: اشتكى القوم الإحصاء، وما اشتكى أحد ظلماً، فإياكم ومحقرات الذنوب؛ فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه. القرطبي:15/459.
﴿ لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٤٨﴾] أي: بلا مال، ولا أهل، ولا عشيرة؛ ما معهم إلا الأعمال التي عملوها، والمكاسب في الخير والشر التي كسبوها. السعدي:479.
﴿ وَتَرَى ٱلْأَرْضَ بَارِزَةً ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٤٧﴾] أي: بادية ظاهرة، ليس فيها مَعْلَمٌ لأحد، ولا مكان يواري أحداً، بل الخلق كلهم ضاحون لربهم، لا تخفى عليه منهم خافية. ابن كثير:3/85-86.
﴿ ۖ وَٱلْبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٤٦﴾] الذي يبقى للإنسان وينفعه ويسره: الباقيات الصالحات؛ وهذا يشمل جميع الطاعات الواجبة والمستحبة من حقوق الله وحقوق عباده؛ من: صلاة، وزكاة، وصدقة، وحج، وعمرة، وتسبيح، وتحميد، وتهليل، وتكبير، وقراءة، وطلب علم نافع، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وصلة رحم، وبر والدين، وقيام بحق الزوجات، والمماليك، والبهائم، وجميع وجوه الإحسان إلى الخلق. السعدي:479.
﴿ ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٤٦﴾] (المال والبنون): التي يفتخر بها عتبة وأصحابه الأغنياء (زينة الحياة الدنيا): ليست من زاد الآخرة. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «المال والبنون حرث الدنيا، والأعمال الصالحة حرث الآخرة، وقد يجمعها الله لأقوام». البغوي:3/34.
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَىٰهُ لَآ أَبْرَحُ حَتَّىٰٓ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِىَ حُقُبًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٦٠﴾] في هذا من الفقه: رحلة العالم في طلب الازدياد من العلم، والاستعانة على ذلك بالخادم والصاحب، واغتنام لقاء الفضلاء والعلماء -وإن بعدت أقطارهم- وذلك كان دأب السلف الصالح، وبسبب ذلك وصل المرتحلون إلى الحظ الراجح، وحصلوا على السعي الناجح؛ فرسخت لهم في العلوم أقدام، وصح لهم من الذكر والأجر والفضل أفضل الأقسام، قال البخاري: ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس- رضي الله عنهم- في حديث. القرطبي:13/318.
﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِىَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٥٧﴾] أي: لا أحد أظلم لنفسه ممن وعظ بآيات ربه، فتهاون بها، وأعرض عن قبولها. القرطبي:13/312.
﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِىَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِىٓ ءَاذَانِهِمْ وَقْرًا ۖ وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ فَلَن يَهْتَدُوٓا۟ إِذًا أَبَدًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٥٧﴾] وفي هذه الآية من التخويف لمن ترك الحق بعد علمه أن يحال بينهم وبينه، ولا يتمكن منه بعد ذلك، ما هو أعظم مرهب وزاجر عن ذلك. السعدي:481.
﴿ وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ۚ ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٥٦﴾] (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين) أي: بالجنة لمن آمن، (ومنذرين) أي: مخوفين بالعذاب من كفر. القرطبي:13/311.
﴿ وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ۚ وَيُجَٰدِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بِٱلْبَٰطِلِ لِيُدْحِضُوا۟ بِهِ ٱلْحَقَّ ۖ وَٱتَّخَذُوٓا۟ ءَايَٰتِى وَمَآ أُنذِرُوا۟ هُزُوًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٥٦﴾] ففرق بين الآيات الدالة على العلم التي يعلم بالعقل أنها دلائل للرب، وبين النذر: وهو الإخبار عن المخوف؛ كإخبار الأنبياء بما يستحقه العصاة من العذاب؛ فهذا يعلم بالخبر والنذر. ابن تيمية:4/260.
﴿ وَكَانَ ٱلْإِنسَٰنُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٥٤﴾] كثير من الناس يجادلون في الحق بعد ما تبين، ويجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق؛ ولهذا قال: (وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً) أي: مجادلة ومنازعة فيه، مع أن ذلك غير لائق بهم، ولا عدل منهم، والذي أوجب له ذلك وعدم الإيمان بالله إنما هو الظلم والعناد، لا لقصور في بيانه وحجته، وبرهانه. السعدي:480.
﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِى هَٰذَا ٱلْقُرْءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ ٱلْإِنسَٰنُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٥٤﴾] عن علي: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- طرقه وفاطمةَ ليلاً؛ فقال: (ألاَ تصليان؟!) فقال علي: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثَنا، قال: فانصرف رسول الله حين قلت له ذلك ولم يرجع إليّ شيئاً، ثم سمعته يَضرب فخذه ويقول: (وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً). ابن عاشور:15/348.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٦٧﴾] أي: إنك لا تقدر على مصاحبتي؛ لما ترى مني من الأفعال التي تخالف شريعتك. ابن كثير:3/94.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٦٧﴾] وفي هذا أصل من أصول التعليم: أن ينبِه المعلمُ المتعلمَ بعوارض موضوعات العلوم الملقنة؛ لا سيما إذا كانت في معالجتها مشقة. ابن عاشور:15/372.
﴿ قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٦٦﴾] العلم النافع هو العلم المرشد إلى الخير؛ فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطرق الخير، وتحذير عن طريق الشر، أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع، وما سوى ذلك فإما أن يكون ضاراً، أو ليس فيه فائدة؛ لقوله: (تعلمن مما علمت رشدا). السعدي:484.
﴿ قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٦٦﴾] سؤال تلطف، لا على وجه الإلزام والإجبار، وهكذا ينبغي أن يكون سؤال المتعلم من العالم. ابن كثير:3/94.
﴿ وَمَآ أَنسَىٰنِيهُ إِلَّا ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُۥ ۚ ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٦٣﴾] إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان على وجه التسويل والتزيين، وإن كان الكل بقضاء الله وقدره. السعدي:483.
﴿ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَىٰهُ ءَاتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٦٢﴾] وفي هذا دليل على جواز الإخبار بما يجده الإنسان من الألم والأمراض، وأن ذلك لا يقدح في الرضا، ولا في التسليم للقضاء، لكن إذا لم يصدر ذلك عن ضجر ولا سخط. القرطبي:13/322.
﴿ ءَاتِنَا غَدَآءَنَا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٦٢﴾] استحباب إطعام الإنسان خادمَه من مأكله، وأكلهما جميعاً؛ لأن ظاهر قوله: (آتنا غداءنا) إضافة إلى الجميع، أنه أكل هو وهو جميعاً. السعدي:483.
﴿ وَمَا فَعَلْتُهُۥ عَنْ أَمْرِى ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٨٢﴾] (وما فعلته عن أمري) أي: باختياري ورأيي، بل فعلته بأمر الله. البغوي:3/55.
﴿ فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٨٢﴾] (فأراد ربك): أسند الإرادة هنا إلى الله لأنها في أمر مغيب مستأنف، لا يعلم ما يكون منه إلا الله، وأسند الخضر إلى نفسه في قوله: (فأردت أن أعيبها) لأنها لفظة عيب، فتأدب بأن لا يسندها إلى الله؛ وذلك كقول إبراهيم عليه السلام: (وإذا مرضت فهو يشفين) [الشعراء: 80]. ابن جزي:1/518.
﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَٰلِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٨٢﴾] ففيها ما يدل على أن الله تعالى يحفظ الصالح في نفسه وفي ولده،وإن بعدوا عنه، وقد روي أن الله تعالى يحفظ الصالح في سبعة من ذريته. القرطبي:13/356
﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَٰلِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا ﴾ [سورة الكهف آية:﴿٨٢﴾] فيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة بشفاعته فيهم، ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة لتقر عينه بهم. ابن كثير:3/97.
الكلم الطيب