بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذه هي الحلقة الرابعة من سلسلة المتون العلمية ومناهج شرحها، وسأكتب - إن شاء الله - عن كشف الشبهات للإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -.
رابط التعريف بالمتون العلمية: http://majles.alukah.net/showthread.php?111593
رابط التعريف بثلاثة الأصول: http://majles.alukah.net/showthread.php?113084
رابط التعريف بكتاب التوحيد: http://majles.alukah.net/showthread.php?113086
• أولاً: التعريف بالمؤلف:
هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي، ولد في عام 1115هـ ببلدة العُيَينةِ من نجد في الجزيرة العربية، له العديد من المؤلفات، وقد شهد له العلماء المنصفون بالعلم والديانة والاستقامة، وقد توفى - رحمه الله - سنة 1206هـ عن إحدى وتسعين سنة.
• ثانيًا: اسم المتن:
عُنونت هذه الرسالة بعناوين مختلفة، منها: «كشف الشبهات»، و«كشف الشبه»، و«كشف شبه المرتاب»، و«كشف الشبهات وادحاض الضلالات»، وأشهر هذه الأسماء هو الأول حيث ذكره بهذا العنوان عبد الرحمن بن حسن كما في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية, وابن غنام في روضة الأفكار، وابن بشر في عنوان المجد، وابن سمحان في الضياء الشارق.
وأما «كشف شبه المرتاب» فقد ذكره بهذا الاسم صاحب كتاب «التوضيح عن توحيد الخلاق بجواب أهل العراق». وأما «كشف الشبه» فقد نُقل عن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن.
• ثالثًا، موضوع المتن:
تقرير معنى التوحيد مع بيان نقيضه على وجه الإجمال، مع ذكر أشهر الشبه التي استند إليها الذين تلبسوا بالشرك الأكبر وردها ردًا إجماليًا، ثم تفصيليًّا.
- بتصرف -: " هذه الرسالة تمثل خلاصة متميزة جدًا، وفيها شبه كبير برسالة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية، مع اختلاف موضوع الكتاب، فالتدمرية: تمثل خلاصة كتب ابن تيمية ويدل على ذلك سبب تأليفها أن بعض كبار تلاميذه طلبوا منه أن يكتب لهم مضمون ما سمعوه منه في بعض المجالس حول التوحيد والصفات والشرع والقدر، أما «كشف الشبهات» فتمثل خلاصة ومناقشات وقواعد المؤلف، وجواب شبهات المخالفين في باب التوحيد، وما يضاده من الشرك، فقد حوى الكثير مما قاله واحتج به دعاة الشرك في الأولياء والأضرحة وغيرها وناقشها بأسلوب قوي متين يقطع دابر الشبهة من أساسها لمن رزقه الله فهما سليمًا، وعقلاً صحيحًا، وتجرد عن اتباع الهوى والتقليد الأعمى".
• رابعًا، وصف عام للرسالة:
هذه الرسالة على صغر حجمها اشتملت على تمهيد، وموضوع الكتاب، وخاتمة:
فأما التمهيد: فقد بَيَّنَ فيها حقيقة دين المرسلين وما دعوا إليه، وحقيقة دين المشركين وما كانوا عليه, ليعلم الإنسان حقيقة دين المرسلين عند ورود الشبهة، ويعلم من هو أولى بدين المرسلين من دين المشركين، وهذه المقدمة هي أهم ما يعتنى به لضبط الشبه، لأنه أَصَّلَ فيها أصولاً وقَعَّدَ فيها قواعد تُرَدُّ الشبه إليها.
وأما القسم الثاني: فهو موضوع الكتاب وذكر فيه الشبه التي يتعلق بها المشركون والرد عليها، وقد سار فيها على مسلكين: 1- الرد الإجمالي. 2- الرد التفصيلي.
والرد الإجمالي يفيد القارئ الذي لن يتمكن من المناقشات الموسعة مع صاحب الشبهة.
وأما القسم الثالث: فخاتمة الكتاب، وبين فيها أهمية التوحيد، ووجوب العمل به ظاهرًا وباطنًا، وتحدث عن بعض الأعذار الواهية التي لا تمنع من العمل بالتوحيد.
قال الشيخ محمد الهبدان - بتصرف - : " جعل المؤلف كتابه على قسمين:
القسم الأول: التمهيد: وذكر فيه قواعد أساسية لمجادلة المشرك، وهي كالتالي:
القاعدة الأولى: بيان معنى التوحيد.
الثانية: أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صصص مُقرون بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر الضار النافع، ولم ينفعهم إقرارهم إذ لم يخلصوا الدعاء لله وحده، والدليل على ذلك قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون [ يونس : 31].
الثالثة: أنهم يعرفون الله - عز وجل - ويعظونه ويحجون ويعتمرون.
الرابعة: أنهم يعتقدون في الملائكة والأنبياء والأولياء لأجل قربهم من الله - عز وجل -.
الخامسة: أنهم ما قصدوا من قصدوا بعباداتهم إلا لأجل التقرب والشفاعة منهم إلى الله - عز وجل -؛ والدليل على ذلك قوله تعالى: والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار [ الزمر: 3].
السادسة: أن النبي صصص ظهر على أناس متفرقين في عباداتهم: منهم من يعبد الشمس والقمر، ومنهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، وقاتلهم رسول الله صصص ولم يفرق بينهم.
السابعة: إذا دخل الشرك في عبادتك بطلت، وأن كل ذنب يرجى له العفو إلا الشرك.
الثامنة: المشركون في زماننا أضل من الكفار الذين في زمن رسول الله صصص من وجهين:
أحدهما: أن مشركي زماننا أغلظ شركاً من الأولين؛ لأن الأولين يخلصون لله في الشدة، ويشركون في الرخاء، ومشركي زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة ، والدليل قوله تعالى: فإذا ركبوا في الفلك دعوا لله مخلصين له الدين فلما نجّاهم إلى البر إذا هم يشركون [ العنكبوت : 65].
الثاني: أن مشركي زماننا يدعون أناساً لا يوازون عيسى والملائكة.
من خلال هذه المقدمات توصل المؤلف إلى أنه لا فرق بين شرك المعاصرين وشرك الأولين، وإن كان المشرك في زماننا يريد الحق فإنه يستجيب له وينقاد، وإلا سيحاول أن ينفي الشرك عن نفسه ويفرق بين شرك الأولين وشركه بفروق، لذا قام المؤلف بجمع بعضها والرد عليها في القسم الثاني من الكتاب، وهي كالتالي:
1- ادعاء الفرق بينهم وبين المشركين الأولين في اعتقاد الربوبية، وقد أجاب عنها المؤلف بجواب واحد.
2- ادعاء الفرق بين من يعبد الأصنام ومن يعبد الصالحين، أجاب عنها بجوابين.
3- الكفار يريدون المنفعة والمضرة ممن يعبدونهم ونحن نريد الشفاعة فقط، وأجاب عنها بجواب واحد.
4- ادعاء أن الالتجاء إلى الصالحين ليس بعبادة، أجاب عنها بجواب واحد.
5- الخلط بين الشفاعة الشرعية والشفاعة الشركية، أجاب عنها بجواب واحد.
6- أن الله ملك نبيه الشفاعة ونحن نطلب منه مما أعطاه الله تعالى، أجاب عنها بجوابين.
7- ادعاء أن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك، أجاب عنها بجواب واحد.
8- ادعاء أن الشرك خاص بعبادة الأصنام، أجاب عنها بجوابين.
9- ادعاء أن الكفر خاص بمن نسب الولد إلى الله، أجاب عنها بأربعة أجوبة.
10- أولياء الله لهم جاه عند الله ونحن نسأل الله بجاههم، أجاب عنها بجواب واحد.
11- ادعاء أن من أدى بعض واجبات الدين لا يكون كافرًا ولو أتى بما ينافي التوحيد، وأجاب عنها بتسعة أجوبة، وذلك لأهمية هذه الشبهة وعظم خطرها وشدة الفتنة بها.
12- أن بعض أصحاب موسى وأصحاب رسول الله صصص لم يكفروا على شناعة طلبهم.
13- ادعاء أن من أتى بالتوحيد فإنه لا يكفر ولو فعل ما فعل، أجاب عنها بجوابين: مجمل ومفصل.
14- إذا جازت الاستغاثة بالأنبياء في الآخرة، فمن باب أولى أن تجوز في الدنيا، أجاب عنها بجوابين.
15- عرض جبريل على إبراهيم أن يغيثه، فلو كان ذلك شركًا لما فعله، أجاب عنها بجواب واحد.
• خامسًا، زمن تأليفه:
قال الشيخ عبد الله العثيمين بتصرف: " لا تعطي المصادر تاريخًا معينًا لتأليف الشيخ لهذا الكتاب, لكن قارئه يرى أنه ما أثاره الخصوم من شبه حول آراء مؤلفه في التوحيد وما يناقضه, وعلى هذا فإنه لم يؤلف إلا بعد ظهور ردود الفعل الأولى لما دعا إليه الشيخ, وأقرب الاحتمالات أن تأليفه له حدث أواخر إقامته في العيينة, أو بعد انتقاله إلى الدرعية ".
وكان انتقال الشيخ إلى الدرعية سنة 1157, أو 1158هـ كما ذكره ابن غنام، وابن بشر، وغيرهما.
• سادسًا: طبعاته:
طُبع طبعات عديدة، ومن أصحها طبعة دار الصميعي بتحقيق عبد الله بن عايض القحطاني، والطبعة التي أشرف عليها الشيخ صالح بن عبد الله العصيمي.
ومن الطبعات القديمة طبعة الشيخ: عبد الله بن محمد بن حميد، محب الدين الخطيب، محمد بن إبراهيم آل الشيخ، محمد حامد الفقي، محمد بن عبدالعزيز بن مانع، محمد منير الدمشقي – رحمهم الله -.
• سابعًا، عناية العلماء به: اعتنى أهل العلم بهذا المتن عناية كبيرة، وهذه بعض مظاهر عنايتهم بها:
أولاً: تصدى لشرحه غير واحد، منهم:
1- محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ت1389هـ)، جمعه ورتبه الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم.
2- عبد الله بن حميد (ت1402هـ)، وطُبع بعنوان: «شرح كشف الشبهات» بدار كنوز إشبيليا.
3- علي بن حمد الصالحي (ت1415هـ)، بعنوان: «تعليقات على كشف الشبهات».
4- محمد بن صالح العثيمين (ت1421هـ)، وطُبع بعنوان: «شرح كشف الشبهات» بدار الثريا.
5- عبد الرحمن بن ناصر البراك، وطُبع بعنوان: «شرح كشف الشبهات» بالمكتبة التدمرية.
6- صالح بن فوزان الفوزان، وطُبع بعنوان: «شرح كشف الشبهات» بمؤسسة الرسالة.
7- طُبع بعنوان: «التعليقات المباركات على كشف الشبهات» بدار المنهاج بالقاهرة.
8- عبد الله بن صالح القصير، وسماه: «التعليقات على كشف الشبهات»، وطُبع بدار الحلية بالرياض.
9- صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، وطُبع بعنوان: «شرح كشف الشبهات» بدار الحجاز.
10- محمد بن عبد الرحمن الخميس، وطُبع ضمن كتابه «المجموع المفيد في نقض القبورية ونصرة التوحيد» بدار أطلس.
11- سماه: «تعليقات على كشف الشبهات » وطُبع بدار الوطن.
12- حمد بن عبد الله الحمد، وطُبع بعنوان: «شرح كشف الشبهات».
13- خالد بن عبد الله باحميد الأنصاري، وسماه: «تعليقات على كشف الشبهات ».
14- محمد بن عبد الله الهبدان، وسماه: «التوضيحات الكاشفات على كشف الشبهات». وطُبع بدار طيبة، وقدم له: الشيخ عبد الله بن عقيل، والشيخ عبد الله السعد.
15- طلعت مرزوق عبد العزيز، وسماه: «التعليقات على كشف الشبهات»، وطُبع بدار الإيمان بالإسكندرية.
ومن الشروح المخطوطة:
16- علي بن خضير الخضير، وسماه: «التوضيح والتتمات على كشف الشبهات» وهو متوفر على الشبكة العنكبوتية.
17- عبد الله بن محمد الجهني، وسماه: «التنبيهات في شرح كتاب كشف الشبهات» وهو متوفر.
فضلاً عن الشروح الصوتية، وهي كثيرة جدًا، ويصعب حصرها، وقد فُرغ بعضها، منها شرح الشيخ: أحمد بن عمر الحازمي، خالد بن عبد الله المصلح، صالح بن عبد الله العصيمي، عبد العزيز بن عبد الله الراجحي، عبد الله بن عبد العزيز العنقري.
ثانياً: نظمه شعرًا أكثر من واحد، منهم:
محمد الطيب الأنصاري(ت1363هـ)، بإشارة من الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ(ت1378هـ)، وقد طُبع عدة مرات.
ثالثًا: مؤلفات أخرى متعلقة بكشف الشبهات، ومنها:
1- الإبطال والرفض لعدوان من تجرأ على كشف الشبهات، لعبد الكريم بن صالح الحميد.
2- زوائد كشف الشبهات للشيخ سليمان بن عبد الله، وهي في الأصل استطراد أثناء شرحه لباب: من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره، من كتاب التوحيد، فقد قال عندها: "ولكن لعباد القبور على هذا شبهات ذكر المصنف كثيرا منها في كشف الشبهات ونحن نذكر هنا ما لم يذكره" ثم أورد بعض الشبهات وأجاب عنها.
3- تذييل الشيخ عبدالرحمن الدوسري، ويشمل الحديث عن ضروب من الشرك حصلت بعد عصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وطُبع ملحقًا ببعض الشروح، مثل شرح الصالحي، والهبدان وغيرهما.
رابعًا: مظاهر أخرى تبين العناية بهذا الكتاب:
1- يوجد العديد من التسجيلات لقراءة الرسالة، وهي متوفرة على الشبكة العنكبوتية.
2- تم ترجمتها إلى عدة لغات عالمية، وهي متوفرة عبر موقع islamhouse.com.
3- حرصهم على روايته بالإسناد المتصل، ومن أعلى أسانيده: الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن إسحاق آل الشيخ – حفظه الله -، والذي يروي عن الشيخ سعد بن حمد بن عتيق (1267-1349هـ).
• ثامنًا، المنهج المقترح لدراسة المتن:
1- قراءة الرسالة أو الاستماع إلى قراءتها.
2- الاستماع إلى شرح صوتي. وأرشح شرح الشيخ صالح العصيمي أو الشيخ صالح آل الشيخ.
3- مذاكرة شرح مكتوب. وأرشح شرح الشيخ ابن عثيمين أو شرح الشيخ صالح آل الشيخ.
هذا، وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ. (1)
****(1) هذه المقالة ليس لي فيها من عمل إلا الجمع ثم الترتيب ثم التلخيص. وقد استفدت ونقلت من بعض المصادر المذكورة في المقالة هنا أو من مؤلفيها.