هل بن رشد يثبت الارادة لله وما ماهية الارادة عنده وهو يقول بقدم العالم وما وجه اختلافها عن ما يثبته اهل السنه والجماعه بشإن صفة الارادة
عرض للطباعة
هل بن رشد يثبت الارادة لله وما ماهية الارادة عنده وهو يقول بقدم العالم وما وجه اختلافها عن ما يثبته اهل السنه والجماعه بشإن صفة الارادة
السؤال
ما هي عقيدة ابن رشد ، وما حقيقة خلافه مع أبي حامد الغزالي ؟ .
الجواب
الحمد لله.
أولا :
ابن رشد اسم مشترك بين ابن رشد الحفيد ، وابن رشد الجد ، وكلاهما يُكنَى بأبي الوليد ، وكلاهما يحمل اسم : محمد بن أحمد ، كما أن كلا منهما تولى قضاء قرطبة .
والمقصود في السؤال هو ابن رشد الحفيد ، المتوفى سنة (595هـ)، المشهور باشتغاله وتأليفه في الفلسفة ، أما ابن رشد الجد فلم يشتغل بها ، وتوفي سنة (520هـ).
قال الأبار :
لم ينشأ بالأندلس مثله كمالا وعلما وفضلا ، وكان متواضعا ، منخفض الجناح ، يقال عنه : إنه ما ترك الاشتغال مذ عقل سوى ليلتين : ليلة موت أبيه ، وليلة عرسه ، وإنه سود في ما ألف وقيد نحوا من عشرة آلاف ورقة ، ومال إلى علوم الحكماء ، فكانت له فيها الإمامة . وكان يُفزع إلى فتياه في الطب كما يفزع إلى فتياه في الفقه ، مع وفور العربية ، وقيل : كان يحفظ ديوان أبي تمام والمتنبي .
ومن أشهر مصنفاته : ( بداية المجتهد ) في الفقه ، و ( الكليات ) في الطب ، و ( مختصر المستصفى ) في الأصول ، ومؤلفات أخرى كثيرة في الفلسفة ، اهتم فيها بتلخيص فكر فلاسفة اليونان ، فألف : كتاب ( جوامع كتب أرسطوطاليس ) ، وكتاب ( تلخيص الإلهيات ) لنيقولاوس ، كتاب ( تلخيص ما بعد الطبيعة ) لأرسطو ، ولخص له كتبا أخرى كثيرة يطول سردها ، حتى عرف بأنه ناشر فكر أرسطو وحامل رايته ، وذلك ما أدى به في نهاية المطاف إلى العزلة ، فقد هجره أهل عصره لما صدر منه من مقالات غريبة ، وعلوم دخيلة .
قال شيخ الشيوخ ابن حمويه :
لما دخلت البلاد ، سألت عن ابن رشد ، فقيل : إنه مهجور في بيته من جهة الخليفة يعقوب ، لا يدخل إليه أحد ، لأنه رفعت عنه أقوال ردية ، ونسبت إليه العلوم المهجورة ، ومات محبوسا بداره بمراكش .
يمكن مراجعة سيرته في " سير أعلام النبلاء " (21/307-310)
ثانيا :
قد طال الجدل حول حقيقة عقائد ابن رشد ، وكثرت المؤلفات ما بين مؤيد ومعارض ، واضطربت الأفهام في تحديد عقائده ومذاهبه .
ولضيق المقام ههنا عن الدراسة المفصلة لعقائد ابن رشد ، سنكتفي بذكر بعض المآخذ المجملة التي كانت مثار جدل في مؤلفاته :
1- تأويل الشريعة لتوافق الفلسفة الآرسطية :
لعل الاطلاع على ترجمة ابن رشد الموجزة السابقة كاف للدلالة على هذه التوجهات الفكرية لدى ابن رشد ، فقد أُخِذَ بفكر أرسطو ، حتى قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " هو من أتبع الناس لأقوال آرسطو " انتهى. " بيان تلبيس الجهمية " (1/120)، وحاول جاهدا شرحه وبيانه وتقريره للناس بأسلوب عربي جديد ، وهو - خلال ذلك - حين يرى مناقضة فكر أرسطو مع ثوابت الشريعة الإسلامية ، يحاول سلوك مسالك التأويل البعيدة التي تعود على الشريعة بالهدم والنقض ، وكأن فلسفة أرسطو قرين مقابل لشريعة رب العالمين المتمثلة في نصوص الكتاب والسنة ، ولذلك كتب كتابه المشهور : " فصل المقال في تقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال ".
2- اعتقاده بالظاهر والباطن في الشريعة :
يقول ابن رشد :
" الشريعة قسمان : ظاهر ومؤول ، والظاهر منها هو فرض الجمهور ، والمؤول هو فرض العلماء ، وأما الجمهور ففرضهم فيه حمله على ظاهره وترك تأويله ، وأنه لا يحل للعلماء أن يفصحوا بتأويله للجمهور ، كما قال علي رضي الله عنه : حدثوا الناس بما يفهمون ، أتريدون أن يكذب الله ورسوله " انتهى.
" الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/99) طبعة مركز دراسات الوحدة العربية.
وقد استغرق ابن رشد في تقرير هذه الفكرة الباطنية في كتبه ، حتى إنه جعل من أبرز سمات الفرقة الناجية من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أنها هي " التي سلكت ظاهر الشرع ، ولم تؤوله تأويلا صرحت به للناس " انتهى. " الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/150).
ولذلك توسع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الرد على خصوص كلام ابن رشد في هذا الكتاب ، وبيان بطلان التفسير الباطني لنصوص الشريعة ، وذلك في كتابيه العظيمين : " بيان تلبيس الجهمية " ، ودرء تعارض العقل والنقل .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وابن سينا وأمثاله لما عرفوا أن كلام الرسول لا يحتمل هذه التأويلات الفلسفية ؛ بل قد عرفوا أنه أراد مفهوم الخطاب : سلك مسلك التخييل ، وقال : إنه خاطب الجمهور بما يخيل إليهم ؛ مع علمه أن الحق في نفس الأمر ليس كذلك . فهؤلاء يقولون : إن الرسل كذبوا للمصلحة . وهذا طريق ابن رشد الحفيد وأمثاله من الباطنية " انتهى.
" مجموع الفتاوى " (19/157) .
3- مال في باب " البعث والجزاء "، إلى قول الفلاسفة أنه بعث روحاني فقط ، بل وقع هنا في ضلالة أعظم من مجرد اعتقاده مذهب الفلاسفة في البعث الروحاني ؛ حيث جعل هذه المسألة من مسائل الاجتهاد ، وأن فرض كل ناظر فيها هو ما توصل إليه . قال :
" والحق في هذه المسألة أن فرض كل إنسان فيها هو ما أدى إليه نظره فيها " انتهى.
" الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/204)
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وأولئك المتفلسفة أبعد عن معرفة الملة من أهل الكلام :
فمنهم من ظن أن ذلك من الملة .
ومنهم من كان أخبر بالسمعيات من غيره ، فجعلوا يردون من كلام المتكلمين ما لم يكن معهم فيه سمع ، وما كان معهم فيه سمع كانوا فيه على أحد قولين : إما أن يقروه باطنا وظاهرا إن وافق معقولهم ، وإلا ألحقوه بأمثاله ، وقالوا إن الرسل تكلمت به على سبيل التمثيل والتخييل للحاجة ، وابن رشد ونحوه يسلكون هذه الطريقة ، ولهذا كان هؤلاء أقرب إلى الإسلام من ابن سينا وأمثاله ، وكانوا في العمليات أكثر محافظة لحدود الشرع من أولئك الذين يتركون واجبات الإسلام ، ويستحلون محرماته ، وإن كان في كل من هؤلاء من الإلحاد والتحريف بحسب ما خالف به الكتاب والسنة ، ولهم من الصواب والحكمة بحسب ما وافقوا فيه ذلك .
ولهذا كان ابن رشد في مسألة حدوث العالم ومعاد الأبدان مظهرا للوقف ، ومسوغا للقولين ، وإن كان باطنه إلى قول سلفه أميل ، وقد رد على أبي حامد في تهافت التهافت ردا أخطأ في كثير منه ، والصواب مع أبي حامد ، وبعضه جعله من كلام ابن سينا لا من كلام سلفه ، وجعل الخطأ فيه من ابن سينا ، وبعضه استطال فيه على أبي حامد ، ونسبه فيه إلى قلة الإنصاف لكونه بناه على أصول كلامية فاسدة ، مثل كون الرب لا يفعل شيئا بسبب ولا لحكمة ، وكون القادر المختار يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح ، وبعضه حار فيه جميعا لاشتباه المقام " انتهى.
" منهاج السنة " (1/255)
4- ولعل من أبرز سمات منهج ابن رشد في كتبه ، وفي الوقت نفسه من أبرز أسباب أخطائه هو عدم العناية بالسنة النبوية مصدرا من مصادر التشريع .
يقول الدكتور خالد كبير علال حفظه الله :
" ابن رشد لم يُعط للسنة النبوية مكانتها اللائقة بها كمصدر أساسي للشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم ، ولم يتوسع في استخدامها في كتبه الكلامية والفلسفية ، ففاتته أحاديث كثيرة ذات علاقة مباشرة بكثير من المواضيع الفكرية التي تطرق إليها ، كما أن الأحاديث التي استخدمها في تلك المصنفات كثير منها لم يفهمه فهما صحيحا ، وأخضعه للتأويل التحريفي خدمة لفكره وأرسطيته " انتهى.
" نقد فكر الفيلسوف ابن رشد " (ص/97)
هذه بعض الخطوط العريضة التي يمكن أن توضح بعض مآخذ العلماء على عقيدة ابن رشد الحفيد ، وهي في محصلها ترجع إلى إلغاء كثير من موازين الشريعة التي ضبط بها الشارع حدودها ، والدعوة إلى سلوك التأويل والاجتهاد في بعض مسلماتها ، انطلاقا من أفكار دخيلة جاءت من حضارات قديمة بائدة .
ولأجل ذلك احتفى به كثير من المحسوبين على التوجهات العلمانية والليبرالية المتحررة اليوم ، حتى نسبوا ريادة الفكر التنويري للفيلسوف ابن رشد ، وهم يعلمون أن كثيرا من العلوم الواردة في كتبه تعد من العلوم البائدة التي يجزم العلم الحديث بخطئها ، ولكن غرضهم تمجيد كل فكر متحرر من ثوابت الشريعة ، متحرر من حقائق نصوصها إلى المجازات والتأويلات ، وفي الوقت نفسه يلبس لبوس الدين والعلم والفقه ، فرأوا في ابن رشد ضالتهم ، وفي كتبه رائدا لهم ، وإن كنا نحسب أن في كتبه من إظهار التمسك بالشريعة والرجوع إليها ما لا نجده في كتب هؤلاء القوم ، وكان عنده من لزوم الجانب العملي في الشريعة ، وتعظيمها في الفقه والقضاء والفتيا ما لا يعجب القوم ، ولا يبلغون معشاره : قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ !! الاسلام سؤال وجواب
وإن كنت لست من المختصين ولكن سأُدْلى بدلوى
موقف ابن رشد من صفة الإرادة
الجواب
قد اتخذ منها موقفا مُضطربا بين النفي و الإثبات ،
فمن ذلك أنه قال : إن الشرع لم يُصرّح باتصاف الله تعالى بإرادة قديمة و لا حادثة ،و إنما كان ذلك لأن الجمهور لا يفهمون موجودات حادثة عن إرادة قديمة ، بل الحق أن الشرع لم يُصرّح في الإرادة لا بحدوث و لا بقدم )) .
و قوله هذا مخالف للشرع
. تصدى ابن رشد للرد على الغزالى بطريقة غامضة ملتوية ، تتضمن النفي و الإثبات لصفة الإرادة .
لم يكن صريحا في رده على الغزالي ،و لا في إبراز حقيقة موقف الفلاسفة من هذه الصفة .
فجاء رده جامعا بين النفي و الإثبات معا ،
أن ابن رشد ذكر أن المُشاهد في الطبيعة يرى أن الأشياء الفاعلة فيها على نوعين :
نوع يعمل بالطبع ، كالحرارة تُؤثر في غيرها ،
و نوع يعمل بالاختيار ،
و هو المُسمى المريد و المُختار ، كالإنسان الذي يفعل في وقت و يترك في وقت آخر .
لكن الله تعالى مُنزه (( عن الوصف بأحد هذين الفعلين على الجهة التي يُوصف بها الكائن الفاسد عند الفلاسفة، .
زعم ابن رشد أن العالَم أزلي بالضرورة و الاضطرار . و زعمه هذا يعني أن الله تعالى لم يكن له فيه إرادة و لا اختيار ،و إنما صدر عنه ضرورة و اضطرارا ،و هو نفي لصفتي الإرادة و الاختيار ، و مناقض لما قرره فى كلامه عن الخلق و الإرادة في الشرع . و هو مُخالف لدين الإسلام مُخالفة صريحة ، لأن الله تعالى ذكر أنه خلق العالم بإرادته وفق حكمته البالغة . فالزعم بأن هذا العالم صدر عن الله بالضرورة و الاضطرار من دون إرادة منه و لا اختيار منه قول على الله بلا علم ، ووصف له بالنقص
*****************************
واذكر لك اخى الفاضل الزليل لربه طرفا من كلام شيخ الاسلام فى رده على ابن رشد فى مسألة الاراده
كلام ابن رشد في تهافت التهافت وتعليق ابن تيمية عليه
قال شيخ الاسلام ابن تيمية فى درء تعارض العقل والنقل
ومنهم من يحكي إثبات الإرادة عنهم مطلقا كما اختاره ابن رشد عنهم فإنه قال في تهافت التهافت : استفتح أبو حامد هذا الفصل بأن حكى عن الفلاسفة شيئا شنيعا وهو أن الباري ليس له إرادة لا في الحادث ولا في الكل لكون فعله صادرا عن ذاته ضرورة كصدور الضوء من الشمس ثم يحكي عنهم أنهم قالوا : من كونه فاعلا يلزم أن يكون عالما
قال : والفلاسفة ليس ينفون الإرادة عن الباري تعالى ولا يثبتون له الإرادة البشرية لأن البشرية إنما هي لوجود نقص في المريد وانفعال عن المراد فإذا وجد المراد له تم النقص وارتفع ذلك الانفعال المسمى إرادة وإنما يثبتون له من معنى الإرادة أن الأفعال الصادرة عنه هي صادرة عن علم وكل ما صدر عن علم وحكمة فهو صادر بإرادة الفاعل لا ضروريا طبيعيا إذ ليس عن طبيعة العلم صدور الفعل عنه كما حكى هو عن الفلاسفة لأنا إذا قلنا : يعلم الضدين لزم أن يصدر عن الضدان معا وذلك محال فصدور أحد الضدين عنه يدل على صفة زائدة على العلم وهي الإرادة
وهكذا ينبغي أن يفهم ثبوت الإرادة في الأول عند الفلاسفة فهو عندهم : عالم مريد عن علمه ضرورة
وقال ابن رشد أيضا : وأما قول أبي حامد : إن الفعل قسمان : إما طبيعي وإما إرادي - فباطل بل فعله عند الفلاسفة : لا طبيعي بوجه من الوجوه ولا إرادي بإطلاق بل إرادي منزه عن النقص الموجود في إرادة الإنسان وكذلك اسم الإرادة مقول عليهما باشتراك الاسم كما أن اسم العلم كذلك على العلمين : القديم والحادث فإن الإرادة في الحيوان والإنسان انفعال لاحق له عن المراد فهي معلولة عنه
هذا هو المفهوم من إرادة الإنسان والباري سبحانه منزه عن أن يكون فيه صفة معلولة فلا يفهم من معنى الإرادة إلا صدور الفعل مقترنا بالعلم وأن العلم كما قلناه يتعلق بالضدين ففي العلم الأول بوجه ما علم بالضدين ففعله أحد الضدين دليل على أن هنا صفة أخرى وهي التي تسمى إرادة
قلت : ابن رشد يتعصب للفلاسفة فحكايته عنهم أنهم يقولون : إنه مريد كحكايته عنهم إنهم يقولون : إنه عالم بالمخلوقات ولا ريب أن كلاهما قول طائفة منهم وأما نقل ذلك عن جملتهم أو المشائين جملة فغلط ظاهر ولكن الذي انتصر لثبوت هذا وهذا انتصارا ظاهرا أبو البركات ونحوه و ابن رشد وهو إثبات ذلك دونه وابن سينا دونهما
ولا ريب أن كلام أرسطو في الإلهيات كلام قليل وفيه خطأ كثير بخلاف كلامه في الطبيعيات فإنه كثير وصوابه فيه كثير
وهؤلاء المتأخرون وسعوا القول في الإلهيات وكان صوابهم فيها أكثر من صواب أوليهم لما اتصل إليهم من كلام أهل الملل وأتباع الرسل وعقول هؤلاء وأنظارهم في الإلهيات فإن بين كلام هؤلاء في الإلهيات وكلام أرسطو وأمثاله تفاوتا كثيرا
والمقصود أن ما ذكره أبو حامد من أنه إنما يلزم العلم بالفعل في الفعل الإرادي فكلام صحيح وهذا يدل على أن الفعل إذا كان إراديا لزم كون الفاعل عالما بفعله فنستدل بكونه مريدا على كونه عالما وهو استدلال صحيح ويقتضي أنه إذا قدر نفي اللازم وهو العلم انتفت الإرادة وهو أيضا صحيح
وكذلك ما ذكره من أن العلم لا يلزم إلا في الفعل الإرادي لا في الفعل الطبيعي الذي ليس بإرادي فإذا قدر فعل ليس بإرادي لم يلزم كون الفاعل عالما هو كلام صحيح
وعلى هذا فإذا قدر أن الفاعل عالم لزم أن يكون الفعل إراديا لأن الفعل الإرادي مستلزم للعلم وغير الإرادي مستلزم لنفيه وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم وإذا ثبت الملزوم ثبت اللازم
فالإرادة ملزومة للعلم والعلم لازم لها ونفي الإرادة ملزوم لنفي العلم ونفي العلم ملزوم لنفي الإرادة
فإذا قدر ثبوت العلم لزم انتفاء نقيضه وهو نفي العلم ولازم نقيضه وهو انتفاء الإرادة وإذا انتفى هذا الانتفاء ثبت نقيضه وهو الإرادة
وإيضاحه أن العلم لازم للإرادة كما ذكروا أن كل مريد فهو عالم فما ليس بعالم ليس بمريد وهذا الذي يسمونه عكس النقيض فإن العلم لازم للإرادة فإذا انتفى هذا اللازم وهو العلم انتفى الملزوم وهو الإرادة
وذكروا أن الفعل الذي ليس بإرادي مستلزم لنفي العلم فإذا انتفت الإرادة في الفعل لزم نفي العلم فإذا انتفى هذا اللازم وهو نفي العلم انتفى ملزومه وهو انتفاء الإرادة فحصلت الإرادة فصار يلزم من ثبوت العلم في الفعل ثبوت الإرادة ومن نفيه نفيها ومن ثبوتها ثبوته ومن انتفائها انتفاؤه
وهذا بين إذ كان كل فعل بالإرادة فمعه العلم ولك فعل ليس بإرادة فلا علم معه فينعكس كل منهما عكس النقيض
فيقال : كل ما ليس معه علم فليس معه إرادة وكل ما معه علم فمعه إرادة فهذا يفيد أنه يلزم في الفعل من ثبوت كل واحد من العلم والإرادة ثبوت الآخر ومن انتفائه انتفاؤه وهذا حق وهو يدل على فساد قول من أثبت العلم ونفى الإرادة وهم بعض الفلاسفة وبعض المعتزلة
ولكن ليس في هذا ما يدل على فساد الطريق التي سلكها ابن سينا في إثبات العلم فإنه إذا استدل على كونه عالما بمخلوقاته : بأن الفاعل يجب أن يكون عالما بفعله وبأن العلم بالعلة التامة يستلزم العلم بمعلولها - كان دليلا صحيحا كما تقدم تقريره وإن لم يذكر في الدليل كونه فاعلا بالإرادة فإن هذا شرط في كونه فاعلا كما أن كونه حيا شرط في كونه فاعلا وكما أن كونه عالما شرط في كونه مريدا
والدليل قد يدل على ثبوت المشروط قبل أن يعلم شرطه ثم بعد ذلك قد يعلم بشرطه وقد لا يعلم كما يدل الدليل على كونه فاعلا بالاختيار وشرط الفاعل بالاختيار أن يكون عالما ثم إذا علم أنه فاعل بالإرادة علم بعد ذلك أنه عالم وقد يعلم العالم أنه مريد ولا يخطر بقلبه أنه عالم فليس كما من علم من البشر شيئا علم لوازمه لقصور علم البشر بخلاف علم الخالق الذي علمه تام فلا يعلم الملزوم إلا ويعلم لازمه كما تقدم
وإذا كان كذلك فالصواب في هذا الباب أن يقرر ما ذكره ابن سينا من الطريق الدال على كونه عالما بالمخلوقات فإنها طريق صحيحة لا تتوقف على ما ذكروه
ولكن يقال له : هذه الطريق تستلزم كونه مريدا فإثباتك لفاعل عالم بمفعولاته بدون الإرادة تناقض وموجب الدليل شيء وفساد الدليل شيء آخر فمطالبته بموجب دليله الصحيح هو الصواب دون القدح في دليله الصحيح
وأما ما ذكره عن إخوانه المنازعين له في العلم حيث قالوا : ذاته ذات يلزم منها وجود الكل بالطبع والاضطرار لا من حيث إنه عالم بها
وقوله : فما المحيل لهذا المذهب مهما وافقهم على نفي الإرادة ؟
فيقال له : المحيل لهذا المذهب ما تقدم من أن علمه بنفسه يوجب علمه بمخلوقاته والكلام في هذا المقام بعد تقرير أنه عالم نفسه فمن قال : إنه عالم بنفسه دون مخلوقاته كان قوله باطلا وأما تقرير كونه عالما بنفسه فهذا مذكور في موضعه
وبهذا يظهر الجواب عن الفاعل بالطبع كالنار والماء فإن ذاك إنما قيل : ليس بعالم بفعله لكونه ليس عالما بنفسه ولم يقل عاقل : إن ذلك الفاعل عالم بنفسه دون فعله كما لم يقل عاقل : إنه عالم بفعله دون نفسه إذ كان العلم بكل منهما يستلزم العلم بالآخر
وأما تمثيل ذلك بنور الشمس فعنه جوابان
أحدهما : أن الشمس علة تامة فاعلة للنور بل هي شرط في فيضانه وفيضانه مشروط بوجود جسم ينعكس عليه شعاعها والأول سبحانه هو وحدة مبدع لكل ما سواه
الثاني : أن الشمس إن قيل : إنها عالمة بنفسها وقيل مع ذلك : إنها مبدعة للشعاع لم نسلم أنها لا تعلم الشعاع لكن الشأن في تينك المقدمتين
وأما قوله : مهما وافقهم لازم له
فيقال : بل الصواب أن يقال : إثباتك العلم مع نفي الإرادة تناقض يلزمه منه خطؤك : إما في إثبات العلم وإما في نفي الإرادة
وحينئذ فيقال : هؤلاء نفوا العلم والإرادة وأنت أثبت العلم دون الإرادة وهما متلازمان فيلزم خطؤك : إما في إثبات العلم وإما في نفي الإرادة
وحينئذ فيقول : أدلتي المذكورة على ثبوت العلم صحيحة توجب ثبوت العلم وإذا كان ذلك مستلزما للإرادة كان خطئي في نفي الإرادة فهذا هو الصواب دون أن يقال : كما وافقتهم على الخطأ في نفي الإرادة فوافقهم على الخطأ في نفي العلم
وأما قوله في الوجه الثاني : إن فعل الله واحد وهو المعلول الأول فينبغي أن لا يكون عالما إلا به
فيقال : إذا ثبت أن علمه بنفسه يستلزم علمه بمفعولاته وجميع الممكنات مفعولة لزم أن يعلمها كلها
وأما قولهم : إنه أول ما أبدع العقل الأول فكلامهم في هذا خطأ في بيان فعله لا خطأ في إثبات وجوب كونه عالما بمفعولاته ولا ريب أن قولهم في صدور الأفعال منه خطأ لكن لا يلزم من الخطأ في ذلك الخطأ فيما به قررت كونه عالما بمفعولاته
ثم يقال : ولا يلزم أيضا على أصلهم أنه لا يعلم إلا العقل الأول بل يلزم علمه بكل شيء وذلك لأنهم تارة يقولون : صدر عنه عقل وبتوسطه عقل ونفس وفلك وتارة يجعلون الثاني صادرا عن الأول وتارة يجعلون الأول شرطا وتارة يجعلونه مبدعا للثاني ومنهم من يقول بلزوم جملة الفلك له
وعلى كل تقدير فلا ريب أن علمه بالملزوم علما تاما يستلزم علمه باللازم وكذلك العلم بالعلة التامة يستلزم العلم بالمعلول كما تقدم
فأقصى ما يقدر أن الأول كان علة للثاني فإذا كان عالما بالأول علما تاما لزم أن يعلم لوازمه التي منها علمه بفعله للثاني كما تقدم
فعلى كل تقدير لا يكون قول من سلبه العلم خيرا من قول من أثبته
وبهذا أجابه ابن رشد فقال : الجواب عن هذا أن الفاعل الذي هو في غاية العلم يعلم ما صدر عما صدر منه وما صدر من ذلك الصادر إلى آخر ما صدر فإن كان الأول في غاية العلم فيجب أن يكون عالما بكل ما صدر عنه بوساطة أو بغير وساطة وليس يلزم منه أن يكون علمه من جنس علمنا لأن علمنا ناقص ومتأخر عن المعلوم ومن فر من شناعة القول بأنه لا يعلم إلا نفسك فهو معذور في هذا الفرار
وقوله : إن هذه الشناعة لازمة في مقال الفلاسفة في نفي الإرادة ونفي حدث العالم فيجب ارتكابهما كما ارتكب سائر الفلاسفة ولا بد من ترك الفلسفة والاعتراف بأن العالم حادث بالإرادة
فيقال : إذا كان هذا لازما لمن نفي الإرادة والحدوث فيجب إثبات الإرادة والحدوث فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل لا يجب إذا ترك بعض الحق أن يترك سائره بل يجب الاعتراف به كله وإلا فالاعتراف ببعضه خير من جحده كله
وقد تقدم تحقيق الأمر في تلازم العلم والإرادة
قال أبو حامد : ثم يقال : بم تنكر على من قال من الفلاسفة : إن ذلك يعني العلم ليس بزيادة شرف فإن العلم إنما احتاج إليه غيره ليستفيد كمالا فإنه في ذاته قاصر فشرف بالمعقولات إما ليطلع على مصالحه في العواقب في الدنيا والآخرة وإما لتكمل ذاته المظلمة الناقضة وكذلك سائر المخلوقات وأما ذات الله فمستغنيه عن التكميل بل لو قدر له علم يكمل به لكانت ذاته من حيث ذاته ناقصة وهذا كما قلت في السمع والبصر وفي العلم بالجزئيات الداخلة تحت الزمان فإنك وافقت سائر الفلاسفة على أن الله منزه عنه وأن المتغيرات الداخلة في الزمان المنقسمة إلى ما كان ويكون لا يعرفها الأول لأن ذلك يوجب تغيرا في ذاته وتأثيرا
ولم يكن في سلب ذلك عنه نقصان بل هو كمال وإنما النقصان من الحواس والحاجة إليها ولولا نقصان الآدمي لما احتاج إلى حواس لتحرسه عما يتعرض للتغير به
وكذلك العلم بالحوادث الجزئية : زعمتم أنه نقصان فإذا كنا نعرف الحوادث كلها وندرك المحسوسات كلها والأول لا يعرف شيئا من الجزئيات ولا يدرك شيئا من المحسوسات ولا يكون ذلك نقصانا فالعلم بالكليات العقلية أيضا يجوز أن يثبت لغيره ولا يثبت له ولا يكون فيه نقصان وهذا لا مخرج عنه
فيقال : هذا الكلام متوجه على سبيل الإلزام والمعارضة يظهر به تناقض من أثبت له علما بمعلوم دون آخر كابن سينا وأمثاله فإنه يلزمه فيما أثبته نظير ما فر منه فيما نفاه فإن كان ذلك حقا فيلزم أن لا يعلم شيئا ولا نفسه وإن لم يكن حقا فيلزم أن يعلم كل شيء
ولا ريب أن هذا هو الصواب فهو يقول لهم : إن العلم : إن كان صفة كمال وشرف فمعلوم أن علمه بكل شيء أكمل من علمه ببعض الأشياء وإن لم يكن صفة كمال فلا يثبت شيء منه
واستشهد على ذلك بأنكم نفيتم عنه السمع والبصر والعلم بالمتغيرات فإن كان نفي ذلك نقصا فقد وصفتموه بالنقص وإن لم يكن نقصا لم يكن نفي غيره نقصا
وابن سينا يفرق بين علمه بالثابتات وبين علمه بالمتغيرات لئلا يلزم تغيره بتغير العلم
وقد بين أبو حامد بعد هذا أنه لا محذور في علمه بالمتغيرات بل يلزمه إثبات العلم بذلك فإثبات العلم مطلقا هو الواجب دون نفيه وكل ما لزم من إثبات العلم فلا محذور فيه أصلا بل غايته ترجع إلى مسألة نفي الصفات والأفعال والاختيارات فليس لهم في نفي العلم إلا ما ينشأ عن هذين السلبين
وقد بين فساد قول النفاة للصفات والأمور القائمة بذاته الاختياريات وإذا كان علمه سبحانه بكل شيء مستلزما لثبوت هذين الأصلين كان ذلك مما يدل على صحتهما كما دل على ذلك سائر الأدلة الشرعية والعقلية فإن ثبوت العلم بكل شيء مما هو معلوم بالاضطرار من دين المرسلين ومما هو ثابت بقواطع البراهين
فإذا كان مستلزما لإبطال هذين الأصلين اللذين هما من البدع التي أحدثها الجهمية كان هذا من الأدلة الدالة على اتفاق الحق وتناسبه وتصديق ما جاء به الرسول وموافقته لصريح العقل وأنه لا اختلاف فيما جاء من عند الله بخلاف الأقوال المخالفة لذلك فإنها كلها متناقضة
وتدبر حجج النفاة فإنها كلها من أسقط الحجج كالقول الذي يقوله بعض الفلاسفة : إن العلم ليس بزيادة شرف فلا يكون من يعلم أشرف ممن لا يعلم ويقول : إنه إذا كان عالما فقد جعل ناقصا بذاته مستكملا بغيره
أما الأول فمن القضايا البديهية المستقرة في الفطر : أن الذي يعلم أكمل من الذي لا يعلم كما أن الذي يقدر أكمل من الذي لا يقدر
ولهذا يذكر سبحانه هذه القضية بخطاب استفهام الإنكار الذي يبين أنها مستقرة في الفطر وأن النافي لها قال قولا منكرا في الفطرة
كقوله تعالى : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } [ الزمر : 9 ] فإنه يدل على أنه لا يستوي الذي يعلم والذي لا يعلم ويدل على أن التسوية منكرة في الفطر تنكر على من سوى بينهما
كقوله تعالى : { قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين } [ الأنعام : 143 ]
وقوله : { قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون } [ يونس : 59 ]
وقوله : { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق } [ الأعراف : 32 ]
وقوله : { قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا } [ الأنعام : 148 ]
وكذلك قوله : { ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون * وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم } [ النحل : 75 - 76 ]
وقوله : { أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون } [ النحل : 17 ]
وقوله : { أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى } [ يونس : 35 ]
وكما أنه سبحانه في القرآن يبين أن العالم القادر الذي يخلق ويأمر بالعدل أكمل من غيره وأن هذا التفضيل مستقر في الفطر والتسوية من منكرات العقول التي تنكرها القلوب بفطرتها وهي من المقدمات البديهية المستقرة فيها فكذلك يبين أن العادم لصفات الكمال ناقص لا يمكن أن يكون ربا ولا معبودا ويبين أن العلم بذلك فطري مستقر في القلوب
كقوله تعالى عن الخليل : { يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا } [ مريم : 42 ]
وقوله تعالى : { واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين } [ الأعراف : 148 ]
وقوله : { أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا } [ طه : 89 ]
وقوله : { والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون * أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون } [ النحل : 20 - 21 ]
وقوله : { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله } [ يونس : 18 ]
وقوله عن الخليل : { أتعبدون ما تنحتون * والله خلقكم وما تعملون } [ الصافات : 95 - 96 ]
وقوله أيضا : { هل يسمعونكم إذ تدعون * أو ينفعونكم أو يضرون } [ الشعراء : 72 - 73 ]
وقوله : { أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم * أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون } [ الأنبياء : 66 - 67 ] وأمثال ذلك كثير
والمقصود هنا أن كون العلم صفة كمال وكون العالم أكمل من الذي لا يعلم كون عدم العلم نقصا - هو من أبين القضايا البديهية المستقرة في فطر بني آدم
وأما قول القائل : إن العلم إنما احتاج إليه غير الله ليستفيد كمالا : إما ليطلع على مصالحه وإما لتكميل ذاته المظلمة
فيقال له : هذا بعينه دليل على أن الذوات لا تكمل إلا بالعلم من جهة أنها لا تقدر أن تفعل ما تصلح إلا به ومن جهة أنها بدونه مظلمة
والرب فاعل لكل شيء وفاعل لكل فاعل فهو أحق بأن يكون عالما من كل فاعل وذاته أكمل الذوات فهي أحق بأن يكون لها غاية الكمال وأن تكون برية من كل نص
وقول القائل : ذات الله مستغنية عن التكميل كلمة حق فإنه مستغنية عن أن يكملها أحد سواها لكن ما هي ذات الله المستغنية عن التكميل : أهي ذات مسلوبة العلم وغيره من صفات الكمال فلا تعلم ولا تسمع ولا تبصر ؟ أم هي الذات المتصفة بهذه الصفات ؟
أما الأول فلا حقيقة لتلك الذات ولا وجود لها فضلا عن أن يقال : ذات الله فإن ذاتا لا تتصف بشيء من الصفات إنما تعقل في الأذهان لا في الأعيان وذاتا لا تتصف بصفات الكمال ليست خالق المخلوقات ولا وجود لها ولو قدر وجودها فهي من أنقص الذوات بل كل حيوان أكمل منها فإنا نعلم بصريح المعقول أن الحي أكمل مما ليس بحي والعالم أكمل مما ليس بعالم والقادر أكمل مما ليس بقادر
وقول القائل : لو قدر له ما يكمل به لكانت ذاته من حيث ذاته ناقصة قول باطل من وجوه
أحدها : أن ذاته المجردة عن الصفات لا حقيقة لها أو نقول : لا نعلم ثبوتها أو نعلم أن الذات المجردة عن الكمال معدومة
ولفظ ذات لفظ مولد وهو تأنيث ذو ومعنى ذات : أي ذات علم وذات قدرة وذات حياة
فتقدير ذات بلا صفات تقدير المضاف المستلزم للإضافة بدون الإضافة
ولهذا أنكر طائفة من أهل العربية كابن برهان والجوليقي النطق بهذا اللفظ وقالوا : هذا مؤنث والرب لا يجري عليه إسم مؤنث ولكن الذين أطلقوه عنوا به نفسا ذات علم أو حقيقة ذات علم
وفي الجملة فتقدير الذات ذاتا مجردة عن الصفات هو الذي أوقعه في هذه الخيالات الفاسدة
وقوله : الذات من حيث ذاته : إن أراد به أن الذات من حيث هي لا صفة لها فهذه لا وجود لها فصلا عن أن تكون كاملة
وإن أراد من حيث حقيقتها الموجودة فهي من تلك الجهة لا تكون إلا متصفة بصفات الكمال
قوله : وهذا كما قلت في السمع والبصر والعلم بالجزئيات الداخلة تحت الزمان فإنك وافقت سائر الفلاسفة على أن الله منزه عنه إلى قوله : وهذا لا مخرج منه
فيقال : لا ريب أنه لا مخرج لابن سينا من هذا الإلزام فإنه إذا لم يكن عنده عدم العلم بالجزئيات نقصا كذلك عدم العلم بالكليات وإن قال : عدم علمه بها كمال أمكن منازعوه أن يقولوا : نفي علمه بالثابتات كمال
وإذا قال : أنا نفيت عنه لأن إثباته يفضي إلى التغير
قالوا له : ونحن نفينا ذاك لأنه يفضي إلى التكثر
فإذا قال : ذاك التكثر ليس بممتنع
قيل له : وهذا التغير ليس بممتنع وذاك أنه جعل التكثر في الإضافات فإن كان هذا حقا أمكن أن يقال بالتغير في نفس الإضافات وذلك أنه إن قال : إن نفس العلم إضافة فالتكثر والتجدد في العلم إضافة
وإن قال : بل هو صفة مضافة والتكثر في المعلوم لا في العلم بل يعلم بعلم واحد جميع المعلومات كما يقوله ابن كلاب والأشعري ومن وافقهما
قيل له : والتغير في المعلوم لا في العلم لأن العلم واحد لا يتعدد فضلا عن أن يتغير
وإن قال : هذا باطل فإن العلم بأن سيكون الشيء ليس هو العلم بأن قال قد كان
قيل له : وكذلك العلم بالسماء ليس هو العلم بالأرض وأنت تقول أبلغ من ذلك تقول : ليس العلم إلا العالم بل تقول : العلم والعالم شيء واحد
ومعلوم أن هذا القول أبعد عن المعقول من قول من قال : العلم بالمعلومات شيء واحد فإن هذا يقول : إن العلم ليس هو العالم ولا هو المعلوم بل هو صفة للعالم
ولا ريب أن ابن سينا يتناقض في هذه المواضع فتارة يجعل العلم زائدا على الذات العالمة وتارة لا يقول بذلك أبت
http://islamport.com/w/tym/Web/3223/1060.htm#
--
--
يقول الشيخ صالح ال الشيخ فى شرح الواسطية
صفة (الإرادة) و (المشيئة) لله جل وعلا الأدلة على إثباتها من الكتاب والسنة أكثر من أن تُحصر ،
بل من الواجب عند أهل الفطر السليمة أن الله جل وعلا (يفعل) ما يشاء و (يفعل) ما يريد ،
لأن ذلك من مقتضيات كونه ربا جل وعلا فإن الربوبية مقتضية لأن يفعل في ملكه ما يريد ،
لأنه لو فُعِل في ملكه ما لا يريده كونا لكان في ذلك منازعة له في الربوبية .
ولهذا فإن صفة (الإرادة) و (المشيئة) هذه لم ينكرها إلا طوائف من الفلاسفة الضلال وهم لا ينكرونها مطلقا وإنما ينكرون بعضها .
والمتكلمون على وجه العموم يثبتونها بالعقل ، ودليلها من العقل عندهم (التخصيص) .
و (الإرادة) عندهم (إرادة) قديمة وتعلقها بما (علم) الله جل وعلا أنه سيكون بـ (الإرادة) القديمة هذا التعلق بما سيحصل تعلقه بـ (القدرة) المحدِثة له يسمونه (تخصيصا) ويسمون (التخصيص) (الإرادة) .
فإذن عندهم أن (الإرادة) هي تخصيص المقدورات بالمقدروات المعلومة أزلا لله جل وعلا بما خصصت به .
ويعنون بـ (التخصيص) أنواعا من التخصيص منها أنها كانت في هذا الزمن دون غيره ، مثلا خلق الله الشيء المعين في هذا الوقت دون غيره لِمَ خلق في هذا الوقت دون غيره ؟-تخصيص المخلوق أو الحادث بما حدث له في زمن دون غيره هذا التخصيص عندهم هو معنى (الإرادة) .
هذا من جهة التعلق بالزمن .
كذلك من جهة الطول والِقصر والضخامة والضآلة ، من جهة تكامل الصفات فيه وغير تكامل الصفات فيه - يعني في المعيّن - طول مدة بقائه وقلة مدة بقائه ، انعدامه أو غير انعدامه ونحو ذلك ، كل هذه تسمى عندهم (تخصيصات) وهذا (التخصيص) في الأشياء هو الدليل العقلي الذي نصبوه على صفة (الإرادة) .
ولا شك أن هذا الدليل من حيث هو استنتاج صحيح فإن التأمل في هذه الأشياء التي خلقها الله جل وعلا على اختلافها لا شك يُنتِجُ أن تلك التخصيصات المختلفة إنما جاءت من جهة (إرادة) الله جل وعلا لهذه الأشياء أن تكون على ما هي عليه .
وقد أثبت شيخ الإسلام رحمه الله هذا الدليل في شرح العقيدة الأصفهانية وأثبته أيضا في تائيته القدرية حيث قال رحمه الله تعالى :
وفي الكون تخصيص كثير يدل من
له نوع عقل أنه بإرادةِ
وهذا ولو كان صحيحا ، لكن القاعدة أن الصفات إنما تثبت بالنصوص ، فإذا جاء العقل مثبتا لصفة فإنما هو تابع لما دل عليه النص .
وهذا هو ما يعتمده أهل السنة في الدلالات العقلية للصفات .
يعني في إثبات الصفات عن طريق الدليل العقلي فإنهم قد يذكرونه وقد لا يذكرونه وذلك لاستغنائهم بالوحيين .
ولا يعني ذلك أن إثبات الصفات لا يكون بطريق عقلي بل منها كثير يكون إثباته بطريق عقلي صحيح ولكن لا يذكر أهل السنة الطرق العقلية لأن الكتاب والسنة عندهم كافيان في إثبات الصفات لأن الله جل وعلا أعلم بنفسه والعقل معرض للخطأ ومعرض للزلل وأما النص فهو الكامل من كل جهاته .-- إرادة الله جل وعلا للأشياء هذه تنقسم إلى :
- إرادة كونية قدرية ، يعني متعلقة بالكون بمخلوقات الله من حيث إيجادها وإعدامها ، من حيث تقلباتها وأحوالها .
- وهناك الإرادة الشرعية الدينية وهذه المتعلقة بالأمر .
فـ (الإرادة الكونية) متعلقة بالخلق و(الإرادة الشرعية الدينية) هذه المتعلقة بالأمر والله جل وعلا له الخلق والأمر .
و (المشيئة) مشيئة الله جل وعلا -هي (الإرادة الكونية) فإذا قلنا (شاء الله كذا) يعني أراده (كونا)
وإذا قلنا (أراد الله كذا) فهذا يحتمل أن يكون المراد من (الكونيات) أو أن يكون المراد من (الشرعيات) .
وأما (المشيئة) فليس ثَم دليل لا في الكتاب ولا في السنة على انقسامها إلى (مشيئة كونية ودينية) وإنما الذي ينقسم (الإرادة) .
فإذن صارت (المشيئة) بعض الإرادة فـ (الإرادة) من أقسامها (المشيئة) ومن أقسامها (الإرادة) .فإذن صارت المشيئة بعض الإرادة فالإرادة من أقسامها المشيئة ومن أقسامها الإرادة الدينية الشرعية.
وقوله جل وعلا ?وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ
فيها إثبات صفة (الإرادة) وفيها إثبات أن الذي (أراده) الله جل وعلا يفعله هذا صفة كمال له جل وعلا لأن كل المخلوقات لا تفعل ما تريده ، ليس كل شيء تريده تفعله بل قد تريد أشياء ولا تستطيع فعلها لتخلف (القدرة) .فإن المقدور المعيّن الذي سيحدث أو الذي يُراد أن يحدث يكون (بإرادة) جازمة و(بقدرة) تامة فإذا حصلت (الإرادة) الجازمة بتحقيقه وحصلت (القدرة) على إيقاعه حصل هذا الشيء وكان .
وهذا يتخلف في المخلوق كثيرا فالمخلوقات فيها من جهة (الإرادة) صفة النقص وهي أنها (تريد) أشياء ولكن لا تحصل المرادات ، والذي يتفرد بأنه يفعل ما يريد وهو فعال لما يريد وما شاءه كان وما لم يشأه لم يكن هو الواحد القهار جل وعلا وهذا من مقتضيات كونه هو (المالك) (الأحد) (الفرد) (الصمد) الذي له هذا الملكوت العظيم جل وعلا وتقدس وتعاظم سبحانه .
وقوله جل وعلا بعد ذلك في الآية الأخيرة في آية المائدة ?إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ
فيها أيضا صفة (الإرادة) و (الحكم) هنا راجع إلى الحكم الشرعي ، و (الإرادة) هنا أيضا فيما يظهر راجعة إلى (الإرادة الشرعية) .
وقوله في الآية الأخيرة وَقَوْلِه فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلام
هذه (الإرادة الكونية) فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ إرادة كونية أن يهديه ، أما (الإرادة الشرعية) فالله جل وعلا مريد أن يهتدي الناس وأن يحصل منهم الإسلام لأنه أمرهم بذلك فمن يرد الله أن يهديه كونا يشرح صدره للاسلام ومن يرد كوناً أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصًعد في السماء .
إذا تبين لك ذلك -فالإرادة -عند أهل السنة والجماعة أو المشيئة صفة قائمة بالله جل وعلا من صفاته جل وعلا الذاتية.
يعني أنه جل وعلا لم يزل مريدا لم يزل شائيا ، فإنه لم تنفك عنه هذه الصفة وهي صفة المشيئة و الإرادة .
وهي مع ذلك متعلقة من جهة الأفراد بكل فرد حصل في ملكوت الله .
فإذن هي من حيث النوع قديمة ، ومن حيث الأفراد متجددة ، فكل شيء يحدث في ملكوت الله هو بإرادته جل وعلا الكونية و بمشيئته جل وعلا .
وهذه الصفة قائمة بالله جل وعلا ومتعلقة بالذي حدث حال حدوثه ،.فالإرادة إذن ، الله جل وعلا لم يزل مريدا وهذا من أوائل اعتقاد أهل السنة والجماعة في ذلك .
أما غير أهل السنة والجماعة فيقولون إن الإرادة قديمة .
هذا قول الأشاعرة والماتريدية ، يقولون الإرادة و المشيئة يعني الإرادة الكونية والمشيئة وحتى الإرادة الشرعية عندهم قديمة .
ما معنى كونها قديمة ؟
عندهم أن الإرادة وهي التوجه بتخصيص بعض المخلوقات بما خصصت به زمانا أو مكانا أو صفات هذا التخصيص أو هذا التوجه للتخصيص قديم من جهة الإرادة قديم ، إرادته قديمة .
الإرادة عندهم لها جهتان :
- جهة يسمونها (صلوحية) يعني راجعة إلى ما يصلح وما لا يصلح ، فيقولون من جهة الصلوحية فالإرادة تابعة للعلم .
- ولها جهة ثانية يسمونها الجهة (التنجيزية) يقولون هي من جهة التنجيز تابعة للقدرة .
يريدون بذلك مخالفة أهل الاعتزال ، لأن المعتزلة - يأتي إن شاء الله كلامهم في ذلك - يخالفون في هذا ويجعلون (الإرادة) راجعة - هم يثبتون صفة الإرادة ويجعلونها راجعة - إلى العلم من جهة القدم ، وأما الذي حدث إذا حدث فإنهم يجعلون (الإرادة) حادثة في ذلك الوقت ، وليس عندهم إرادة التي هي صفة قديمة كما عند الأشاعرة وإذا أثبتوها فإنهم يرجعونها إلى العلم .
الأشاعرة عندهم هذا التفصيل ، وكل الأمرين عندهم قديم ليس بمتجدد الآحاد مثل (الكلام) .
صفة (الكلام) عندهم - صفة قديمة ، ما عندهم كلام يحدث ، الله جل وعلا تكلم عندهم بالقرآن في الأزل ، وكلامه جل وعلا انتهى ، تكلم بما شاء ثم انتهى من الكلام ، كذلك (الإرادة) يقولون أراد ما شاء في الأزل ، ولا تتعلق (الإرادة) بالأشياء تجديدا .
هل معنى ذلك أن لا يريد هذه الأشياء ؟
لا ، يقولون يريدها ولكن (الإرادة) هنا جهتها تنجيزية ، يعني تنجيز وإنفاذ للإرادة القديمة .أهل السنة والجماعة يخالفون في هذا فيقولون إن إرادة الله جل وعلا متجددة ، فما من شيء يحدث في ملكوت الله إلا وقد شاءه الله جل وعلا حال كونه ، كما أنه جل وعلا شاءه في الأزل .
فمشيئته في الأزل بمعنى إرادة إحداثه في الوقت الذي جعل الله جل وعلا ذلك الشيء يحدث فيه .
فإرادته للأشياء جل وعلا القديمة ليست إرادة ومشيئة تنفيذية في وقتها .
فلهذا نقول الإرادة من حيث هي صفة : قديمة ، لكن من حيث تعلقها بالمعين هذه متجددة ، فلا نقول إن الله جل وعلا شاء أن يخلق أحمد - مثلا - شاء أن يخلق أحمد منذ القدم في الأزل شاء أن يخلق أحمد - هذا من الناس - في ذلك الحين ، ولكن لم يخلق إلا بعد كذا وكذا من الزمن .
نقول هو جل وعلا شاء أن يخلق أحمد إذا جاء وقت خلقه ، فإذا شاء الله أن يخلقه خلقه ، وأما الصفة القديمة صفة (الإرادة) فهي متعلقة به جل وعلا يعني مريد لم يزل مريدا ، وتعلق (الإرادة) به بتجدد تعلق الحوادث .
ولهذا نقول إن إرادة الله جل وعلا ومشيئته المعينة للشيء المعين هذه هي التي نعني بها بتجدد الأفراد ، ومن حيث هي صفة فإن الله جل وعلا لم يزل متصف بتلك الصفة .
وسبب هذا الخلاف بينهم أن أهل السنة والجماعة يقولون بأن الله جل وعلا لم يزل حيا فعالا لما يريد ، فلا ينفون عن الله جل وعلا الإحداث والخلق في ما شاء جل وعلا من الزمان .
بخلاف المبتدعة من الأشاعرة والماتريدية والمتكلمة فإنهم يقولون الله جل وعلا متصف بالصفات لكنه لم تظهر آثار تلك الصفات إلا في وقت معين .
نعم متصف بالخلق لكنه لم يخلق زمانا طويلا ثم بعد ذلك خلق ، متصف بالعلم ولا معلوم ، متصف بالقدرة ولم تظهر آثار القدرة إلا بعد أن وجد مقدور وهكذا --.فإذن عند أهل السنة والجماعة أن إرادة الله جل وعلا أزلية لم يزل الله جل وعلا كذلك ، الله جل وعلا هو (الأول) وصفاته كذلك ، لم يزل متصفا بتلك الصفات ، ومقتضى ذلك أن يكون لتلك الصفات آثار في ملكوته .إذن يتضح لنا مما سبق أن هذا البحث واضح بحمد الله ألا وهو صفة (المشيئة) و (الإرادة) لله جل وعلا على مذهب أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح وقولهم فيها واضح سهل ميسورلا يكاد أحد لا يفهمه ممن عنده نوع عقل كما قال شيخ الإسلام ، يعني أي واحد عنده بعض العقل يفهم هذا القول ، المشئية متعلقة بكل شيء و (الإرادة) منها شرعي ديني ومنها كوني قدري وهذا مذهب أهل السنة والجماعة[
اللالئ البهية في شرح العقيدة الواسطية باختصار ]
**************
وعلى هذا الرابط مزيد تفصيل
الإرادة عند أهل السنة والجماعة
https://majles.alukah.net/t162005/
[quote=محمدعبداللطي ف;956384]وإن كنت لست من المختصين ولكن سأُدْلى بدلوى
موقف ابن رشد من صفة الإرادة
الجواب
قد اتخذ منها موقفا مُضطربا بين النفي و الإثبات ،
فمن ذلك أنه قال : إن الشرع لم يُصرّح باتصاف الله تعالى بإرادة قديمة و لا حادثة ،و إنما كان ذلك لأن الجمهور لا يفهمون موجودات حادثة عن إرادة قديمة ، بل الحق أن الشرع لم يُصرّح في الإرادة لا بحدوث و لا بقدم )) .
و قوله هذا مخالف للشرع
. تصدى ابن رشد للرد على الغزالى بطريقة غامضة ملتوية ، تتضمن النفي و الإثبات لصفة الإرادة .
لم يكن صريحا في رده على الغزالي ،و لا في إبراز حقيقة موقف الفلاسفة من هذه الصفة .
فجاء رده جامعا بين النفي و الإثبات معا ،
أن ابن رشد ذكر أن المُشاهد في الطبيعة يرى أن الأشياء الفاعلة فيها على نوعين :
نوع يعمل بالطبع ، كالحرارة تُؤثر في غيرها ،
و نوع يعمل بالاختيار ،
و هو المُسمى المريد و المُختار ، كالإنسان الذي يفعل في وقت و يترك في وقت آخر .
لكن الله تعالى مُنزه (( عن الوصف بأحد هذين الفعلين على الجهة التي يُوصف بها الكائن الفاسد عند الفلاسفة، .
زعم ابن رشد أن العالَم أزلي بالضرورة و الاضطرار . و زعمه هذا يعني أن الله تعالى لم يكن له فيه إرادة و لا اختيار ،و إنما صدر عنه ضرورة و اضطرارا ،و هو نفي لصفتي الإرادة و الاختيار ، و مناقض لما قرره فى كلامه عن الخلق و الإرادة في الشرع . و هو مُخالف لدين الإسلام مُخالفة صريحة ، لأن الله تعالى ذكر أنه خلق العالم بإرادته وفق حكمته البالغة . فالزعم بأن هذا العالم صدر عن الله بالضرورة و الاضطرار من دون إرادة منه و لا اختيار منه قول على الله بلا علم ، ووصف له بالنقص
*****************************
اخي محمد عبداللطيف هل هذا الكلام اجابه فضيلتك ام كلام منقول تتمه مشاركات فضيلتك ولو منقول ممكن تدلني على الاحاله
[quote=محمدعبداللطي ف;956384]وإن كنت لست من المختصين ولكن سأُدْلى بدلوى
موقف ابن رشد من صفة الإرادة
الجواب
قد اتخذ منها موقفا مُضطربا بين النفي و الإثبات ،
فمن ذلك أنه قال : إن الشرع لم يُصرّح باتصاف الله تعالى بإرادة قديمة و لا حادثة ،و إنما كان ذلك لأن الجمهور لا يفهمون موجودات حادثة عن إرادة قديمة ، بل الحق أن الشرع لم يُصرّح في الإرادة لا بحدوث و لا بقدم )) .
و قوله هذا مخالف للشرع
. تصدى ابن رشد للرد على الغزالى بطريقة غامضة ملتوية ، تتضمن النفي و الإثبات لصفة الإرادة .
لم يكن صريحا في رده على الغزالي ،و لا في إبراز حقيقة موقف الفلاسفة من هذه الصفة .
فجاء رده جامعا بين النفي و الإثبات معا ،
أن ابن رشد ذكر أن المُشاهد في الطبيعة يرى أن الأشياء الفاعلة فيها على نوعين :
نوع يعمل بالطبع ، كالحرارة تُؤثر في غيرها ،
و نوع يعمل بالاختيار ،
و هو المُسمى المريد و المُختار ، كالإنسان الذي يفعل في وقت و يترك في وقت آخر .
لكن الله تعالى مُنزه (( عن الوصف بأحد هذين الفعلين على الجهة التي يُوصف بها الكائن الفاسد عند الفلاسفة، .
زعم ابن رشد أن العالَم أزلي بالضرورة و الاضطرار . و زعمه هذا يعني أن الله تعالى لم يكن له فيه إرادة و لا اختيار ،و إنما صدر عنه ضرورة و اضطرارا ،و هو نفي لصفتي الإرادة و الاختيار ، و مناقض لما قرره فى كلامه عن الخلق و الإرادة في الشرع . و هو مُخالف لدين الإسلام مُخالفة صريحة ، لأن الله تعالى ذكر أنه خلق العالم بإرادته وفق حكمته البالغة . فالزعم بأن هذا العالم صدر عن الله بالضرورة و الاضطرار من دون إرادة منه و لا اختيار منه قول على الله بلا علم ، ووصف له بالنقص
*****************************
اخي محمد عبد اللطيف هل هذا الكلام من كلام فضيلتك ام كلام منقول تتمه لمشاركات فضيلتك ولو منقول ارجو الاحاله كيف استفيد وجزاكم الله خيرا
[quote=الذليل لربه;962322]منقول من كتاب
نقد فكر الفيلسوف ابن رشد الحفيد على ضوء الشرع والعقل والعلم
المؤلف: خالد كبير علال
الرابط
https://waqfeya.net/book.php?bid=11823
شيخنا الحبيب محمد عبداللطيف لماذا لم تحيل عليه في تعليقك الاول عندما نقلت كلامه هل المؤلف عليه مؤاخذات ام نسيت الاحاله ولا اظنك نسيت لانك نسبت الكلام لنفسك فلو هناك مؤاخذات علي المؤلف فهل تنصح بغيره في هذا الباب انا أسألك فضيلتك لاني استفيد منك كثيرا
لم احيل فى تعليقى الاول لاننى لم اطلع على كامل الكتاب وقتها -فغالبا عندما لا اعرف مضمون كتاب او مؤلف- او منتدى من المنتديات-ولا اطلع على المنهج -ولم أكن على بيِّنة- فلا احيل خشية ان يقع طالب علم بسبب الاحالة فيما لا تحمد عقباه-لا أحيل الا على ما أطمئن اليه
ولكن الكتاب من حيث الجملة حسب اطلاعى ومرورى على ما انتقده على ابن رشد الحفيد
جيد من حيث الجملة ولا مانع من قرائته
وان كان كلامه فى تسلسل الحوادث ودوام افعال الله يحتاج الى تحرير وخاصة فى التفريق بين التسلسل الواجب والممكن- ولن أخوض فى بيان هذه المسألة هنا