تعقيبا على بيان الرقية توقيفية ولا يجوز الاجتهاد فيها
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين أما بعد
أولاً إخواني في الله وبعد قراءة موضوع ((بيان الرقية توقيفية ولا يجوز الاجتهاد فيها))
عدة مرات ومتابعة الموضوع وردود الإخوان فيما بينهم عدة شهور تبين لي مؤاخذات على الموضوع
ومن أهم الدوافع التي جعلتني أبدي هذه المؤاخذات :-
1-بيان أن كلام الله كله خير وبركة وما يليق بكلام الله غير ذلك ومنها بيان حول من في قوله تعالى((وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)) أنها هاهنا لبيان الجنس لا للتبعيض
2-حتى لا يأتي أحد من أعداء الدين ثم يجد هذه الثغرة فيقدح في كلام الله وأن بعض كلام الله يستفاد منه وبعضه لا يستفاد منه والسبب يكون فيه نحن أبناء الإسلام بإستشهادات مخالفة للصواب من أجل إثبات رأي أو غلطة غير مقصودة
3-جعل صاحب الموضوع الرقية الشرعية نوع واحد توقيفي فقط
4-أهمل صاحب الموضوع الجانب الآخر وهو الاجتهادي –أي ماكان من قول الراقي- الذي لا شرك فيه
وهذا ليس معناه أني أقول أن الرقى الاجتهادية أفضل من القرآن والأدعية النبوية لا ولكن تحريم ومنع شيء مباح أباحه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هو الذي لا يجوز لأي كائنٍ كان
والله الهادي إلى سواء السبيل
وقبل التعقيب على بعض ما ورد في بيان أن الرقية توقيفية ولا يجوز الاجتهاد فيها
أود أن أعرض تعريف الرقية وأنواع الرقى :-
1-تعريف الرقية
قال بن منظور ((والرقية / العوذه، معروفه، والجمع رقى، وتقول / إسترقيته فرقاني رقيه، فهو راق، وقد رقاه رقياً، ورجل رقاء / صاحب رقى 0 يقال/ رقى الراقي رقياً ورقياً إذا عوذ ونفث في عوذته)) لسان العرب 14/332
وقال شمس الحق العظيم أبادي ((الرقيه/ هي العوذه بضم العين أي ما يرقى به من الدعاء لطلب الشفاء)) عون المعبود ، شرح سنن أبي داود (10/370)-
إذاً الرقية العوذة وهي من الدعاء ولهذا حذر النبي عن الشرك في قوله صلى الله عليه وسلم (( لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك))
لأن الإحتمال الأكبر هو دخول الشرك في الأقوال والاستعاذة بغير الله لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يكن فيه شرك
-يعني لا بأس بالاستعاذة والدعاء من غير شرك-:
أنواع الرقى لا بد من أن يعرف القارئ أن الرقى أنواع وليست نوعاً واحداً
1-رقى شرعية وهي قسمين
2-رقى منهي عنها وهي قسمين
وسيكون الحديث عن الرقى الشرعية ومن ثم المنهي عنها0
1-الرقية الشرعية
أ- رقية توقيفية بكتاب الله يقرأ مايشاء من كتاب الله لقوله تعالى ((وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة) الآية وما ورد من المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من أفضل الرقى وهي مشروعة مستحبة وهذه توقيفية لا جدال فيها
أي ليس لأحد أن يخصص أعداد وأوقات ويلزم نفسه أو المريض بها
لم ترد وهكذا تحديد لا يؤخذ إلا عن طريق الشرع
وهذا النوع من الرقى في نظر صاحب الموضوع ليست توقيفية لأن ((من)) التي
في الآية ((وننزل من القرآن ماهو شفاء)) عنده للتبعيض وعندما أقول اقرأ
ماشئت من كلام الله لم ألتزم بالتبعيض فهي رقية غير صحيحه في نظره!!
وسيأتي البيان في عدم صحة قوله
ب-رقية إجتهادية-أي من قول الراقي- مما لا شرك فيه ولا بدعة ولا محرم وهذه جائزة
لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ((لابأس بالرقى مالم يكن فيه شرك))
وفي الحديث ((عباد الله تداووا، ولا تتداوا بحرام))0 رواه أبو داود
كأن يقول الراقي في رقيتة على سبيل المثال لا الحصر(أعوذ بالله من سحر الساحرين ومن حسد الحاسدين))أو
(أعيذكم بالله العظيم من سحر الساحرين وحسد الحاسدين)
(اللهم إنا نعوذ بك من السحر والعين والمس ونعوذبك من الأمراض ما علمنا ومالم نعلم)
-فهي استعاذه بالله خالية من الشرك لا بأس بها-
وهذه الرقية أو الدعاء لأن الرقية من الدعاء في نظر كاتب الموضوع باطلة على حد قوله واستشهاداته وقائلها مبتدع!!!
لأنها لم تعرض على النبي صلى الله عليه وسلم ولأن العرض على النبي صلى الله عليه وسلم قيد وشرط من شروط جواز الرقية على حد قوله وهذا توهم مجرد شك وتوهم من صاحب الموضوع ولّد هذا الشك والوهم بعض الأحداث التي عرض الصحابة فيها بعض الرقى الجاهلية على النبي صلى الله عليه وسلم ليطلع على صحتها وعدم الألفاظ الشركية فيها التي كانت منتشرة عندهم في الجاهلية وهنا وقع صاحب الموضوع في الشك بل الوهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم يطلع حتى يرى هل فيها شيء آخر غير الشرك ماهو ياترى قد يقول يطلع ليرى هل فيها سر أو أن العرض قيد !!!
والجواب نعم فيها سر كانوا ينتفعون منه وهو خلوها من الشرك فإنتفعوا بها دون سواها من التي تتضمن الشرك ولكن ذهب صاحب الموضوع إلى أن العرض قيد لكي يقول أن أي رقية لم تعرضعلى النبي صلى الله عليه وسلم ويوافق عليها هي باطلة حتى لوكانت من القرآن وهذا على حد قوله أن ((من)) في الأية ((وننزل من القرآن ماهو شفاء)) للتبعيض وهذا الكلام مجانب للصواب لم يقل به لا المتقدمين ولا المتأخرين لأن الرقية بكلام الله عموماً ليست بباطل تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا وسيأتي معنا شروط الرقية التي هي بالإجماع والتي جعلها كشروط الصلاة وسنرى هل العرض قيد من ضمن الشروط وهل قال به أحد من العلماء وسأبين الحجة بإذن الله
وسأبين لماذا إلتزم بعض الصحابة بالعرض على النبي صلى الله عليه وسلم خاصةً ماكان من الرقى الجاهلية وهو الذي جعل صاحب الموضوع يعتقد أن عرض الرقية على النبي صلى الله عليه وسلم
قيد وشرط من شروط الرقية !!
ثانيا :
قول صاحب الموضوع /مناقشة أحاديث استئذان الصحابة للنبي عليه الصلاة والسلام للرقية برقاهم في الجاهلية وأمر النبي لهم بعرضها عليه
2 : وحينما أراد بعض الصحابة الرقية بما كان قد جربوه من الرقى وانتفعوا به في الجاهلية لم يرقوا به إلا أن جاءوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام واستأذنوه في أن يرقوا برقاهم لأنهم علموا أن كل الرقى التي هي ليست من الإسلام منهيٌّ عنها وحرام فما الذي اشترطه عليهم النبي .
هل بين لهم أن العلة والمحذور الشرعي الوحيد الذي من أجله نهى عن الرقى هو خشية أن يكون فيها شرك .
الجواب هو جواب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهم عندما استأذنوه .
فعن عوف بن مالك الأشجعي ، قال :
" كنا نرقي في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك فقال : " اعرضوا علي رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " [ مسلم ]
وعن جابر قال ( كان أهل بيت من الأنصار يقال لهم آل عمرو بن حزم يرقون من الحمة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الرقي فأتوه فقالوا يا رسول الله إنك قد نهيت عن الرقي وإنا نرقي من الحمة فقال لهم " اعرضوا على فعرضوها عليه فقال لا بأس بهذه هذه مواثيق ")
قال الشيخ الألباني : صحيح [ابن ماجة
فالأحاديث فيها قيدان .
الأول هو العرض عليه من أجل أن يرخص لهم فيها لأن الأصل أنها منهي عنها كلها .
والثاني هو خلو الرقية المعروضة عليه من الشرك
قلت /وهناجعل صاحب الموضوع العرض على الرسول صلى الله عليه وسلم قيد حتى يقول أي رقية لم تعرض على النبي صلى الله عليه وسلم
ويسمح بها باطلة وأن الرقية توقيفية لا اجتهاد فيها يعني أي استعاذة بالله خالية من الشرك لا تجوز أثناء الرقية وهذا لم يقل به لا المتقدمين ولا المتأخرينولم نرى أنه قوى كلامه ولو بقول عالم واحد يؤيد ماقاله-أن العرض قيد بصريح العبارة - وإنما هو شك منه أو توهم وسيأتي تعريف الشك والتوهم وهل يؤخذ قول صاحبه في الأحكام أو لايؤخذ0
أيضاً يوجد مناقضات لمن تمعن فكيف يكون الذي عُرض على النبي صلى الله عليه وسلم وأقره هل هو توقيفي فما هو لنقول به في الرقية لأن اقراره سنة أم اجتهادية وماهو نص الرقية وإن قال من الرقى الإجتهادية إذاً يوجد رقى اجتهادية واكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بالإطلاع عليها والسماح بها لكن لماذا هذا الغموض لماذا لم نعرف نص الرقية التي استفادوا منها حتى نعمل بها
الجواب واضح في قوله (مالم يكن فيه شرك) استفادوا منها الصحابة رضي الله عنهم لأنها لم يخالطها شرك
أيضاً أريد أن أنبه لمسألة مهمة بأن قول النبي صلوات ربي وسلامه عليه اعرضوا علي رقاكم كما هو في الحديث
فعن عوف بن مالك الأشجعي ، قال :
" كنا نرقي في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك فقال : " اعرضوا علي رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك "
هو عرض خاص برقى الجاهلية فقط
وهي التي عنها سؤال الصحابة وقوله صلى الله عليه وسلم((لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك))
إيماء واضح للصحابة بأن من رقى بغير شرك فلا حرج عليه لذلك رقى الصحابة بسورة الفاتحة قبل العرض ولم يتقيدوا بالعرض عليه لأن قوله صلى الله عليه وسلم سنة فمن أراد عرض عليه شيء من رقى الجاهلية ((لأن العرض خاص بما كان يُرقى به في الجاهلية)) ومن فهم وعقل الرقية بأنها ليست شركية فلا حرج عليه وإن لم يعرض كما فعل الصحابي في مسألة الرقية بالفاتحة قبل العرض وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ((لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك))
ولكن إلتزم الصحابة بالعرض خاصةً ما كان من رقى الجاهلية حتى لوقت متأخر من الزمن وذلك
لحبهم لتطبيق السنة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ((اعرضوا علي رقاكم))
فالعرض بالنسبة للصحابة للرقاهم الجاهلية التي كانوا يرقون بها هو سنة لأن المقصود بالعرض هو ما كان من رقى الجاهلية فقط
وهذا ليكون هناك حد ومراقبة عليها لأنها من مصدر مشبوه وهي الجاهلية
أيضاً مسألة مهمة تقييد النبي صلى الله عليه وسلم لكل رقية حتى من القرآن فيه تشبيه ومساواة بين القرآن ورقى الجاهلية
وهذا قول مجانب للصواب لا يؤخذ به والدليل أن الصحابة باشروا الرقية بالقرآن قبل العرض
ولو كان العرض على النبي صلى الله عليه وسلم قيد لما كان هناك اجماع على شروط الرقية
ويكتفي الإجماع بشرط هوأن عرض الرقية على النبي صلى الله عليه وسلم قيد وما لأحد أن يطلع غيره
وما لأحد أن يضع شروط وأي رقية لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى لو كانت من آيات القرآن
لا يؤخذ بها وهي بدعة !!!! وهذا الكلام غير صحيح وغير دقيق ومجانب للصواب
أيضا لم يقيد النبي صلى الله عليه وسلم استنباط الأحكام الشرعية في مسألة بالعرض عليه نهائياً ولم يقل بهذا القول
أحد من العلماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم بشر ويعلم أنه سيموتوتبقى الأحكام مأخوذة من الوحيين القرآن والسنة وعرض أي مسألة على الشرع وأهل العلم والإختصاص من العلماء المعتبرين
وقد وضع العلماء شروط للرقية ولم يكن فيها شرط العرض على النبي صلى الله عليه وسلم فهل هو غفلة منهم أم قلة علم عندهم!!!!
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ج10/ص195 :
" وقد أجمع العلماء على جواز الرقي عند اجتماع ثلاثة شروط .
1 : أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته .
2 : وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره .
3 : وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى
قول صاحب الموضوع/ومما يستدل به على أن الرقية توقيفية هو الإجماع الذي نقله أئمة الإسلام على شروط جواز الرقية
قلت/وهنا تقدم مني بيان بتعريف الرقية التوقيفية والرقية الإجتهادية
قول صاحب الموضوع/لأن وضع العلماء الشروط على عبادة أو معاملة لا يمكن أن يكون اجتهادا منهم من غير دليل شرعي .
بل ما يذكره العلماء من شروط للعبادات أو المعاملات هي مأخوذة من أدلة الكتاب والسنة .
فشروط الصلاة والصيام والبيوع والزواج ونحوها من العبادات والمعاملات مستنبطة من الأدلة الشرعية
قلت/وهنا مقارنة بين شروط الصلاة وشروط الرقية
شروط الصلاة
1-الإسلام
2-العقل
3-التمييز
4-رفع الحدث
5-إزالة النجاسة من البدن والثوب والبقعة
6--ستر العورة
7-دخول الوقت
8- استقبال القبلة
9-النية
ولنتمعن في الشروط أعلاه وفي ارتباطها ببعضها البعض فلم نرى مثلاً الإسلام أو العقل نهائياً فلا مقارنة بينها وبين شروط الرقية
ففي شروط الرقية التي أخذها العلماء من أدلة الكتاب والسنة كان حديث ((مالم يكن فيه شرك)) له اعتبار بخلاف صاحب الموضوع الذي لم يجعل لهذه الكلمات اعتباراً وجعل جميع الرقى من القرآن أوغير القرآن مقيدة بالعرض على النبي صلى الله عليه وسلم إما شكاً منه وإما توهماً
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ج10/ص195 :
" وقد أجمع العلماء على جواز الرقي عند اجتماع ثلاثة شروط .
1 : أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته0
(( أو ماذا تعني للقاريء يعني حصول أحد الأمرين مع بقاء الشرطين 2و3))
2 : وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره .
3 : وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى
قال الدكتور إبراهيم بن محمد البريكان – رحمه الله - : ( ويشترط للرقى المباحة عدة شروط هي :
أولا : أن تكون بكلام الله ، أو بأسمائه ، أو صفاته ، أو بالأدعية النبوية المأثورة عنه في ذلك 0
ثانيا : أن تكون باللسان العربي 0
ثالثا : أن تكون مفهومة المعنى 0
رابعا : ألا تشتمل على شيء غير مباح ، كالاستغاثة بغير الله أو دعاء غيره ، أو اسم للجن ، أو ملوكهم ونحو ذلك 0
خامسا : ألا يعتمد عليها 0
سادسا : أن يعتقد أنها لا تؤثر بذاتها ، بل بإذن الله القدري 0(( المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية – ص152))
((وهنا يفهم من الشرط الأول أن الرقية بأي من المذكور مباح -بكلام الله أو بأسمائه أو صفاته أوبالأدعية النبوية - مع بقاء الشروط المذكور 2و3و4و5و6))فكيف تكون هذه الشروط كشروط الصلاة
قال بن حجر في الفتح : ( قال القرطبي : الرقى ثلاثة أقسام :
1- ما كان يرقى به في الجاهلية وما لا يعقل معناه فيجب اجتنابه لئلا يكون فيه شرك أو يؤدي إلى شرك 0
2- ما كان بكلام الله أو أسمائه أو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو مستحب وجائز 0
3- ما كان بأسماء غير الله من ملك أو صالح أو معظم ، فتركه أولى ) ( فتح الباري – 10 / 196
((وهنا في الشرط الثاني المتقدم نلاحظ أن ما كان بكلام الله أو أسمائه أو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم مستحب وجائز يعني حصول أي من المذكور جائز مع بقاء الشروط الأخرى))
((وفي الشرط الثالث نلاحظ دخول أي نوع من المذكور من اسم ملك أو صالح أو معظم يجعل الرقية باطلة وليس شرط اجتماع اسم ملك وصالح ومعظم حتى تصبح الرقية باطلة)) هذا للتوضيح-في وجود أو- أما الحكم والتعقيب على قوله فتركه أولى فلست بصدده فما كان بإسم ملك أو معظم أو صالح أو بها جميعا يجعل الرقية باطلة
وقد اكتفيت في بعض المواقع بكلمة هذا للتوضيح -أي في أو-
قال المناوي: "قال ابن حجر: وهذا لا يدلُّ على المنع من التعوُّذ بغير هاتين السُّورتين؛بل يدلُّ على الأولويَّة،سيِّما مع ثبوتِ التعوُّذ بغيرهما، وإنَّما اكتفى بهما؛ لِمَا اشتملتَا عليه من جوامعِ الكَلم، والاستعاذة من كلِّ مكروه جملةً وتفصيلاً "؛ فيض القدير (5/202).
أليس ابن حجر هو من قال وقد أجمع العلماء على جواز الرقي عند اجتماع ثلاثة شروط
وقال الشوكاني:
»َقَالَ الْقُرْطُبِيُّ : الرُّقَى ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ :
أَحَدُهَا : مَا كَانَ يُرْقَى بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ فَيَجِبُ اجْتِنَابُهُ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ شِرْكٌ أَوْ يُودِي إلَى الشِّرْكِ .
الثَّانِي : مَا كَانَ بِكَلَامِ اللَّهِ أَوْ بِأَسْمَائِهِ فَيَجُوزُ ، فَإِنْ كَانَ مَأْثُورًا فَيُسْتَحَبُّ .
الثَّالِثُ : مَا كَانَ بِأَسْمَاءِ غَيْرِ اللَّهِ مِنْ مَلَكٍ أَوْ صَالِحٍ أَوْ مُعَظَّمٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ كَالْعَرْشِ ، قَالَ : فَهَذَا لَيْسَ مِنْ الْوَاجِبِ اجْتِنَابُهُ وَلَا مِنْ الْمَشْرُوعِ الَّذِي يَتَضَمَّنُ الِالْتِجَاءَ إلَى اللَّهِ وَالتَّبَرُّكَ بِأَسْمَائِهِ فَيَكُونُ تَرْكُهُ أَوْلَى إلَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ تَعْظِيمَ الْمَرْقِيِّ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَبَ كَالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ«. نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار - (13 /
189)
((ويتضح لنا من الشرط الثاني وفي قوله فإن كان مأثوراً فيستحب أنه لا مانع من الغير المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم كقراءة آيات لم ترد أو استعاذة بالله مباشرة من غير شرك لم ترد وإنما الأولوية للمأثور ))
قول صاحب الموضوع/ثالثا :
مناقشة حديث رقية الصحابي للَّديغ بالفاتحة وقول النبي له
" وما يدريك أنها رقية "
هل تعجب النبي من فعل الصحابي لأنه اجتهد ورقى بسورة ما من سور القرآن والله تعالى يقول{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين َ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } ؟ !!!.
الجواب :
واضح جدا ومن نص الحديث ومن صريح كلام النبي عليه الصلاة والسلام "وما يدريك أنها رقية " و " ما أدراك أنها رقية" و " من أين علمتم أنها رقية "
وهو أحد الأدلة الظاهرة على أن المقصود بمن في قوله تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين َ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً }
أنها للتبعيض وسآتي على نقاش هذه المسألة في حينها بإذن الله تعالى
قلت/وهنا استشهد صاحب الموضوع بحديث رقية الصحابي للديغ على أنه من الأدلة الظاهرة على أن(( من)) في الأية ((وننزل من القرآن)) للتبعيض وهذا فيه مجانبة للصواب
ولم أجد أحد من العلماء استشهد بهذا الحديث في هكذا حكم على حد اطلاعي والحجة عليه غير حجة
وسأعرض أقوال بعض أهل العلم ومن ثم أعرض الدليل الظاهر لدي على أن كلام الله كله شفاء ورحمة وهدى من الكتاب والسنة
قال ابن القيم ((ومن المعلوم أنَّ بعض الكلام له خواصُّ ومنافعُ مجرَّبة،فما الظنُّ بكلام ربِّ العالَمين،الذي فَضْلُه على كلِّ كرم كفَضل الله على خلقه، الذي هو الشِّفاء التام، والعِصمة النافعة، والنُّور الهادي، والرحمة العامَّة، الذي لو أنزل على جبل لتصدَّع من عظمته وجلاله؟! قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } [الإسراء: 82]، و {مِن} هنا لبيان الجِنس، لا للتبعيض، هذا أصح القولين"؛ زاد المعاد (4/177).انتهى
((قال الشيخ عبدالرحمن السحيم حفظه الله حول هذا الكلام ما مضمونه))
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
قال الإمام السمعاني في تفسيره : قوله تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ) الآية . قيل : إن (مِن) ها هنا للتجنيس لا للتبعيض ، ومعناه : ونُنَزِّل القرآن الذي منه الشفاء . وقيل : ونُنَزِّل مِن القرآن ما هو شفاء ورحمة ، أي : ما كله شفاء ؛ فيكون المراد من البعض هو الكل . اهـ .
فالقرآن كله شِفاء ، كما أن القرآن كله حَسَن ، وقد قال الله تبارك وتعالى : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) .
قال البغوي في تفسيره : يعني القرآن ، والقرآن كله حسن . وقال ابن جُزيّ في تفسيره : يعني : اتَّبِعُوا القرآن ، وليس المعنى أن بعض القرآن أحسن من بعض ؛ لأنه حسن كله . اهـ .
وأما رُقية الصحابي للّدِيغ بسورة الفاتحة ، فهذا ليس فيه ما يدلّ على أن مِن القرآن ما لا يكون رُقية ، ولا يكون شِفاء ، وإنما يَدلّ على أن الشفاء يحصل ببعض القرآن ، وان منه ما يُخصص للرقية ، كالعين والسحر وغير ذلك . وإلا فإن القرآن كله شِفاء ؛ شِفاء لِمَا في الصدور ، وشِفاء للأبدان 0
والله تعالى أعلم انتهى
المصدر
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=59054
قلت/وقد ذكر الله ذلك في مواضع عديدة
وقال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {يونس: 57 }.
وقال تعالى((قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ)) فصلت 44
وفي الحديث/
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثناابن وهب ، أخبرني معاوية بن صالح ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن عوف بن مالك الأشجعي ، قال : كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(اعرضوا علي رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك (( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام " 64 " – برقم 2200
وهنا يتضح لنا اخواني المسلمين أن الرقى كانت من رقى الجاهلية ولم تكن من القرآن ولا من الأدعية النبوية وأجازها الرسول صلى الله عليه وسلم لمنفعتها وهي من كلام البشر وسماها رقى فما بالك بكلام الله هل سيكون مثل كلام البشربعضه له منفعة وبعضه ليس له منفعة وهل يساوى بكلام البشر عند الرسول صلى الله عليه وسلم فَيُقَيده بالعرض عليه ليقر بعضه وينكر بعضه!! وهذا مما لا يُتَصَورقال تعالى:-
((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) الآية 11 الشورى
ومما يؤكد ذلك رقية الصحابي بالفاتحة قبل العرض على النبي صلى الله عليه وسلم
قلت وبكل يقين : القرآن كله شفاء ورحمة وهدى وأن(( من)) ليست للتبعيض جزماً ودليله هو أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في بعض رقى الصحابه التي كانت من الجاهلية لخلوها من الشرك ومنفعتها وهي من كلام البشر فكيف سيكون بعض
كلام الله شفاء للأمراض وبعضه لا يكون مثله مثل كلام البشر
وقد قال تعالى:-
((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) الآية 11
وهذا دليل ظاهر من القرآن على أن من ليست للتبعيض وأن كلامه لايماثل ولا يساوى بكلام البشر
وإنما الشك والوهم عند صاحب الموضوع هو الذي بنى عليه الأحكام وسيأتي دليل آخر بالإضافة إلى هذا الدليل إن شاء الله مع أني أرىأنه كافي للإستدلال عند كل لبيب
قول صاحب الموضوع/رابعا :
مناقشة حديث رقية المعتوه الذي في القيود بالفاتحة :
عن خارجة بن الصلت ، عن عمه ،
" أنه مر بقوم فأتوه ، فقالوا : إنك جئت من عند هذا الرجل بخير ، فارق لنا هذا الرجل فأتوه برجل معتوه في القيود ،فرقاه بأم القرآن ثلاثة أيام غدوة وعشية ، وكلما ختمها جمع بزاقه ، ثم تفل فكأنما أنشط من عقال فأعطوه شيئا ،
فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره له ،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل فلعمري لمن أكل برقية باطل، لقد أكلت برقية حق "
قال الشيخ علي القارئ في مرقاة المفاتيح ج1/ص276 :
" قال في النهاية جاء في بعض الأحاديث جواز الرقية كقوله عليه الصلاة والسلام ( استرقوا لها فإن بها النظرة ) أي اطلبوا لها من يرقيها وفي بعضها النهي عنها كقوله عليه الصلاة والسلام في باب التوكل ( الذين لا يسترقون ولا يكتوون )
والأحاديث في القسمين كثيرة .
ووجه الجمع .
أن ما كان من الرقية بغير أسماء الله تعالى وصفاته وكلامه في كتبه المنزلة أو بغير اللسان العربي وما يعتقد منها أنها نافعة لا محالة فيتكل عليها فإنها منهية .
وإياها أراد عليه الصلاة والسلام بقوله ( ما توكل من استرقى ) .
وما كان على خلاف ذلك كالتعوّذ بالقرآن وأسماء الله تعالى والرقي المروية فليست بمنهية .
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام للذي رقى بالقرآن وأخذ عليه أجراً من أخذ برقية باطل فقد أخذت برقية حق "
انظر أيها المبارك كيف استدل الشيخ علي القارئ رحمه الله تعالى على أن الرقية بغير القرآن والرقى المروية منهيٌ عنها وأنها باطلة من هذا الحديث الذي اجتهد فيه الصحابي بالرقية بالفاتحة ولكنه لم يكتف بذلك بل عرض الأمر على رسول الله عليه الصلاة والسلام فجاء التصويب من المشرع عن الله . رسول الله عليه الصلاة والسلام .
وجاء حكم الله على اجتهاد الصحابي في اختيار الفاتحة رقية لرقية المعتوه ( المجنون ) الذي في القيود .
فكان الحكم أنها رقية حق .
فمن رقى بغير القرآن والسنة فرقيته باطلة
قلت/وهنا استوقفتني هذه العبارة وما بعدها خاصة((فكان الحكم أنها رقية حق ))ولا حول ولاقوة إلا بالله أليس اخواني المسلمين ما سواها-أي الفاتحة- من السور حق أيضاً أم أنها باطلة؟!
ثم قوله فمن رقى بغير القرآن والسنة فرقيته باطلة
وهل الرقية بآيات من آيات القرآن لم ترد الرقية بها في السنة رقية باطلة ؟!!
لأن صاحب الموضوع يقول أن ((من)) للتبعيض
أرى أن هناك تناقض عند صاحب الموضوع أو أنه يريد أن يقول ((من رقي بغير السنة فرقيته باطلة))
وكلا القولين له يدخل فيه الآيا ت التي لم ترد لأن ((من)) للتبعيض عند صاحب الموضوع
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ((فقد أخذت برقية حق))
أليس القرآن كله حق وينطبق عليه هذا القول أم أن ((من)) كما يقول صاحب الموضوع للتبعيض فبعضه حق وبعضه لا سبحان الله عما يصفون0
يا اخواني لابد للإنسان أن يحتاط لكي لا يقع في مثل هذه التلبيسات الشيطانية وأن يتأدب مع كلام رب العالمين وهذا دليل على أن الرقية بالقرآن عامة حق تندرج تحت هذا المسمى
والدليل
قال تعالى((المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْـزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ )) الآية 1 سورة الرعد
انظر أخي المسلم ((والذي أنزل إليك من ربك الحق)) والمقصود هو القرآن وليس سورة دون سورة فالقرآن كله حق وهناك قال النبي صلى الله عليه وسلم للفاتحة رقية حق فلو كانت ((من )) للتبعيض كما يقول صاحب الموضوع للزم أن هناك رقية حق من القرآن وهناك خلاف ذلك والعياذ بالله وهذا الكلام مجانب للصواب
وهذا مما يؤكد أن ((من)) في قوله تعالى ((وننزل من القرآن ماهو شفاء)) لبيان الجنس لا للتبعيض فالقرآن كله حق
قال تعالى : { وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك مِنَ الْكِتَاب هُوَ الْحَقّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِير بَصِير }
((هو الحق )) المقصود القرآن وإنما أريد بالتبعيض نزول القرآن فالقرآن لم ينزل جملةً واحدة وإنما نزل مبعض ((وننزل من القرآن))
وهنا يقع صاحب الموضوع في الشك والوهم مع كلام الشيخ أعلاه فكلام الشيخ علي القارىء واضح لا يحتمل التأويل
فهو يقول أن ما كان من الرقية بغير أسماء الله تعالى وصفاته وكلامه في كتبه المنزلة أو بغير اللسان العربي وما يعتقد منها أنها نافعة لا محالة فيتكل عليها فإنها منهية وإياها أراد عليه الصلاة والسلام بقوله)
قلت/ أي ماكان بغير ماذكره الشيخ وهو الشرك وإياها أراد عليه الصلاة والسلام في قوله ماتوكل من استرقى أي ماتوكل على الله أي أشرك بالله من استرقى بغير الرقى المشروعة
أيضاً وقفة مع قول الشيخ ((وكلامه في كتبه المنزلة)) والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا يقصد الشيخ بقوله كتبه المنزلة هل كتبه المنزله القرآن فقط !!!
وقول الشيخ ((وما كان على خلاف ذلك كالتعوّذ بالقرآن وأسماء الله تعالى والرقي المروية فليست بمنهية .
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام للذي رقى بالقرآن وأخذ عليه أجراً من أخذ برقية باطل فقد أخذت برقية حق "
قلت/كلامه واضح جداً وأيضاً تأدبه مع كلام الله انظر إلى كلامه ((ولذلك قال عليه الصلاة والسلام للذي رقى بالقرآن)) ولم يقل بسورة الفاتحة لأن القرآن كله حق لا محالة
اخواني الكرام
يحدد الفقهاء والأصوليون للعلم مراتب أربعة هي: القطع أو اليقين، والظن، والشك، والوهم.
فالقطع واليقين: ما كان العلم فيه جازماً لا احتمال معه للنقيض مطلقاً.
والظن: ما كان جانب الإيجاب فيه راجحا على جانب السلب، أي إن احتماله للنقيض مرجوح لا راجح.
والشك: ما تساوى فيه جانب الإيجاب مع جانب السلب، أي تساوى فيه احتمال الشيء ونقيضه.
والوهم: ما كان جانب السلب فيه راجحاً على جانب الإيجاب، وكان احتمال النقيض فيه غالباً.
هذا مذهب الجمهور، أما الحنفية فيضيفون إلى ذلك مرتبة خامسة وسطاً بين اليقين والظن هي مرتبة طمأنينة الظن، وهي ما كان جانب الإيجاب فيها راجحاً رجحانا كبيراً يقربه من اليقين.
هذا والأصوليون متفقون على أن الأحكام الشرعيةلا تثبت إلا بطريق القطع أو الظن، فقط، أما الشك والوهم فلا يجوز أن تدار الأحكام عليهما بحال
هذا والله أعلى أعلم
وكتبه الروقي وللموضوع بقية إن شاء الله
رد: تعقيبا على بيان الرقية توقيفية ولا يجوز الاجتهاد فيها
تتمة وإلحاقاً لما سبق عن أنواع الرقى
1-أنواع الرقى الشرعية
أ*-رقية توقيفية بكتاب الله يقرأ ما يشاء من كتاب الله وما ورد من المأثورعن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من أفضل الرقى وهي مشروعة مستحبة
فالقرآن الكريم شفاء، كما أخبر الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء: 82 }
ومن هاهنا لبيان الجنس لا للتبعيض كما تقدم معنا
فقد ورد في صحيح ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وامرأة تعالجها أو ترقيها , فقال: عالجيها بكتاب الله((صححه الألباني)) وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها. وفي رواية لمسلم أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات.
و ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالرقية وفعلها وأقر عليها
والأدلة على ذلك كثيرة منها:-
1-قوله صلى الله عليه وسلم للجارية التي كان في وجهها سفعة((استرقوا لها فإن بها النظرة)) رواه البخاري
2- وقول عائشة رضي الله عنها ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني أن استرقي من العين) رواه مسلم
3- رقية جبريل(عليه السلام) عندما أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال (يا محمد اشتكيت؟ فقال :نعم، قال: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك،من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بإسم الله أرقيك) رواه مسلم
4-حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم (كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبْ الْبَاسَ ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي ، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا) [رواه البخاري]
4-وعن عبدالرحمن بن خنبش - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتاني جبريل ، فقال : يا محمد ! قل قلت : وما أقول؟ قال : قل : أعوذ بكلمات الله التامات ، التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر ، من شر ما خلق ، وذرأ ، وبرأ ، ومن شر ما ينزل من السماء ، ومن شر ما يعرج فيها ، ومن شر ما ذرأ في الأرض ، وبرأ ومن شر ما يخرج منها ، ومن شر فتن الليل والنهار ، ومن شر كل طارق يطرق ، إلا طارقا يطرق بخير، يا رحمن ! ) ( أخرجه الإمام أحمد والطبراني والنسائي والهيثمي وصححه الألباني )
وهذا النوع توقيفي كما مر معنا شرحه وأضرب مثالاً على ذلك الأذكار المقيدة والأذكار المطلقة0
كتقييد مطلق السنة، كمن يأتي إلى الأذكارالواردة مطلقة فيقيدها بعدد معين. أو إطلاق مقيدالسنة، كمن يأتي إلى الأذكار الميقدة بعدد فيطلقها!
ب-رقية اجتهادية –أي من قول الراقي- مما لا شرك فيه ولا بدعة ولا اعتقاد بمنفعتها في حد ذاتها من دون الله وهذه جائزة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ((لابأس بالرقى مالم يكن فيه شرك))
وفي الحديث)) عباد الله تداووا، ولا تتداوا بحرام))0 رواه أبو داود
كأن يقول الراقي في رقيتة على سبيل المثال لا الحصر(أعوذ بالله من سحر الساحرين ومن حسد الحاسدين))
أو
(أعيذكم بالله العظيم من سحر الساحرين وحسد الحاسدين )
-فهي استعاذة بالله خالية من الشرك لا بأس بها-
وقد تتحول الرقية الاجتهادية المباحة إلى بدعة ومثاله أن يقول الراقي(( أعوذ بالله من سحر الساحرين ومن حسد الحاسدين)) ويخصص عدد معين ووقت معين ويلزم نفسه أو المريض بها وهكذا تخصيص لا يؤخذ إلا من الشرع وفي الحديث)) عباد الله تداووا، ولا تتداوا بحرام))0 رواه أبو داود ودخول البدعة هو دخول للحرام
2-أنواع الرقى المنهي عنها
أ-الرقية الشركية هي كل رقية يكون فيها شرك أو استعانة وإستعاذه بغير الله ودعاء غير الله أو ألفاظ مجهولة لا يعرف معناها فتكون مظنة الشرك وهذه محرمة منهي عنها لأنها من رقى الجاهلية والأصل في رقى الجاهلية المنع عموماً بسبب ما يخالطها من الشرك ولكن عندما أخبر الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ينتفعون ببعض الرقى الجاهلية أجاز لهم النبي صلى الله عليه وسلم بعض رقى الجاهلية التي كانت خالية من الشرك فأجاز مالم يكن فيه شرك وبقي المنع على الرقى الشركية كما هو
في قوله((لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك))
فكان قوله إجازة في الرقى الخالية من الشرك ومبقياً المنع على الرقى الشركية التي كانت سبباً في بداية المنع من رقى الجاهلية
في قوله (( ما لم يكن فيه شرك))0
ب- الرقية البدعية مثل تقييد مطلق السنة،ومثال ذلك كمن يأتي إلى الأذكارالواردة مطلقة فيقيدها بعدد معين أو إطلاق مقيد السنة، كمن يأتي إلى الأذكار الميقدة بعدد فيطلقها أو أن يداوم على عبادة لم تشرع للمداومة عليها. أو أن يزيد في العبادة بعض الصفات التي لم ترد في الدليل
وقد تتحول الرقية الاجتهادية المباحة إلى بدعة كما ذكرت آنفاً ومثاله أن يقول الراقي(( أعوذ بالله من سحر الساحرين ومن حسد الحاسدين)) ويخصص عدد معين ووقت معين ويلزم نفسه أو المريض بها وهكذا تخصيص لا يؤخذ إلا من الشرع وفي الحديث)) عباد الله تداووا، ولا تتداوا بحرام))0 رواه أبو داود ودخول البدعة هو دخول للحرام
نسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه
هذا والله أعلى أعلم
وكتبه الروقي وللموضوع بقية إن شاء الله
رد: تعقيبا على بيان الرقية توقيفية ولا يجوز الاجتهاد فيها
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين وأما بعد:-
إخواني في الله وتتمة للموضوع ((تعقيبا على بيان أن الرقية توقيفية ولا يجوز الاجتهاد فيها))
الموضوع (( جوانب الرقية مع الرد على الشبهة المثارة ))
يخلط كثير من الناس أو بمعنى أصح يختلط عليه أمر الرقية الشرعية لكونها عبادة والأصل في العبادات التوقيف وهذا أمر صحيح وقد ذكرت أن المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم أمر توقيفي
وبما أنها عبادة لماذا لم تكن كسائر العبادات توقيفية على المأثور فقط ولماذا الرقية بغير المأثور بشرط أن لا يخالف المأثور وعلى حسب شروط معينة عرفناها من الإجماع آنف الذكر جائزة
لابد أن نعرف أن الرقية الشرعية لها جانبين :-
1- عبادة سواءً نفعت أو ما نفعت -كما قال العلامة الألباني رحمه الله في بعض أقواله عن الرقية- وهي من جنس الدعاء
ولأن من الرقى ما هو سنة نبوية بقوله وبفعله وبإقراره صلى الله عليه وسلم
فإن الراقي في حالة اختياره المأثور ليس له خيار في تغيير شيء من الهيئة أو الصفة أو الوقت أو الزمان أو العدد ولا يجوز الزيادة ولا النقصان فيها
لأنَّ «التَّخْيِيرَ فِي التَّعَبُّدَاتِ إِلْزَامٌ»
والمأثور له حكم الأولوية في التقديم على غير المأثور وأما غير المأثور
فقد جاءت السنة المطهرة بما لم يكن به شرك في قول النبي صلى الله عليه وسلم((اعرضوا علي رقاكم ،لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك)) والحديث أخرجه مسلم في «السلام» (2200) من حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه
وهنا بيان العلة قرينة صارفة لوجوب العرض على النبي صلى الله عليه وسلم
في قوله((لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك)) وكما هو واضح من الحديث أن العلة في الشرك وجاء التوجيه في قوله صلى الله عليه وسلم ((لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك))مطلقاً لا مقيد بلفظ ولا عدد فمتى ما كانت الرقية خالية من الحرام والشرك جازت0
وهذا ما فهمه الصحابة ودل فعلهم على هذا الفهم لمباشرتهم الرقية بالفاتحة قبل العرض
وعلى هذا الفهم الإجماع آنف الذكر وتم شرح الشروط بالتفصيل أول البحث((تعقيبا على بيان الرقية توقيفية ولا يجوز الاجتهاد فيها)) مشاركة(1)
قال القرطبي -رحمه الله-: «فإنْ كان مأثورًا فيُستحبُّ»«فتح الباري» لابن حجر (10/ 197).
وقد رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم في رقية بعض الأمراض والأعراض من غير تقييدٍٍ بالمأثور، على نحو ما ثبت من حديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: «رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّقْيَةِ مِنَ العَيْنِ وَالحُمَةِ وَالنَّمْلَةِ»(1 )، وحديثِ عمرانَ بنِ حصينٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «لاَ رُقْيَةَ إِلاَّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ»(2)
2- أن مع كونها عبادة لها جانب آخر وهو التداوي بهذه العبادة لذلك انفردت عن باقي العبادات التوقيفية إلا ما ورد من المأثور فهو توقيفي قطعي النفع لذلك كانت مع كونها عبادة طب وعلاج ومن هنا تندرج تحت:-
قول النبي صلى الله عليه وسلم((((تداووا ولا تتداوا بحرام)) وعن هذا الحديث قال الألباني رحمه الله حديث صحيح ، أنظر صحيح الجامع 1762 - السلسلة الصحيحة 1633 " ) ( فتح المجيد – ص 316))
والأصل في حكم التداوي أنه مشروع، لما ورد في شأنه في القرآن الكريم والسنة القولية والفعلية، ولما فيه من "حفظ النفس" الذي هو أحد المقاصد الكلية من التشريع
ومن منطلق هذا الدليل لا يجوز إدخال الحرام في العلاج بالرقية من بدعة أو كلام لم يرد فيه دليل على نفعه
فأما القرآن فورد الدليل على نفعه عموما وهو خاص بالقرآن لكونه من كلام الله
قال الله تعالى ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)) الآية 11 الشورى
وأما ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من رقية ودعاء ثابت فَله ميزة ليس كما هو من غيره لأنه قطعي المنفعة لأن مصدره الوحي وإن لم ينتفع الشخص منه
فالمشكلة في الشخص وليست في ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأقول له كما في حديث العسل: «صَدَقَ اللهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ»2- متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري في «الطبِّ» باب الدواء بالعسل (5684)، ومسلم في «السلام»
وقد أفاد ابن القيِّم -رحمه الله- أنَّ الطِبَّ النبويَّ ليس كطبِّ الأطبَّاء، فإنَّ طبَّ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم متيقَّنٌ قطعيٌّ إلهيٌّ صادرٌ عن الوحي ومشكاة النبوَّة وكمال العقل، وطبُّ غيره أكثرُه حدْسٌ وظنونٌ وتجارب
(زاد المعاد لابن القيِّم) (3/ 74)
قلت/ولا مجال ولا مدخل هنا لمن أراد أن يثير شبهة أوأن يقدح زعما منه في النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لماذا لا نرقي بكلام النبي صلى الله عليه وسلم والأحاديث الأخرى التي ليست من الرقية حتى لا يكون هناك ثغرة لأعداء الدين والملة كما هو الحال مع كلام الله وهذا الكلام من نقص العقل فهذه الخصوصية هي لكلام الله عن من دونه وتم التفصيل في المشاركة (1)في موضوع ((تعقيبا على بيان الرقية)) حول قول الله تعالى (ليس كمثله شيء) وهكذا يتضح لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم خصه الله بالمأثور عن ما سواه من الخلق وأنها قطعية النفع قال تعالى((وما ينطق عن الهوى(3) إن هو إلا وحيٌ يوحى)) سورة النجم
وأما مادون كلام الله ، والأدعية النبوية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم
من الرقى والأدعية الخالية من الشرك والحرام فليست قطعية النفع ولا محرمة إذا كانت منضبطة بالضوابط الشرعيةهذا والله أعلى وأعلم
1-أخرجه مسلم في «السلام» (2196)، من حديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه
2- أخرجه البخاري في «الطب» باب من اكتوى أو كوى غيره، وفضل من لم يكتو (5705) من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، ومسلم في «الإيمان» (220) من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه.هذا والله أعلى وأعلم
أخوكم في الله الروقي وللموضوع بقية إن شاء الله
رد: تعقيبا على بيان الرقية توقيفية ولا يجوز الاجتهاد فيها
بسم الله والحمد لله وبه نستعين
تقدم معنا جوانب الرقية وأن لها جانبين ولكن لماذا شرعت الرقية الشرعية؟
لا شك أن الرقية الشرعية من أعظم الأدوية ولقد شرعت للتداوي ويكمن هذا القول –التداوي- لأنك عندما ترقي نفسك أو غيرك مقصدك التداوي من العلة لذلك لو قلت التداوي بالرقية يصح هذا القول ليس فيه انتقاد عليك لأن الرقية إنما شرعت للتداوي من العلل والأمراض ولأنها يحصل بها الشفاء والشفاء يحصل بالدواء بإذن الله فهي دواء
ـ عن عائشة رضي الله عنها : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها ". رواه البخاري ( 4175 ) ومسلم ( 2192 ) .
والنفث نفخ لطيف بلا ريق ، وقيل : معه ريق خفيف . قاله النووي في شرح صحيح مسلم حديث رقم (2192) .
ومن الأدعية الوادرة في السنة :
روى مسلم ( 2202 ) عن عثمان بن أبي العاص أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده منذ أسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ضع يدك على المكان الذي تَأَلَّم من جسدك وقل : ( بسم الله ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) زاد الترمذي ( 2080 ) ( قال : ففعلت ، فأذهب الله ما كان بي ، فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم ) صححه الألباني في صحيح الترمذي ( 1696 ) .
فالمقصود من الرقية التداوي
وقد جاءت السنة المطهرة في التداوي بما لم يكن حرام في قول النبي صلى الله عليه وسلم((((تداووا ولا تتداوا بحرام)) وعن هذا الحديث قال الألباني رحمه الله حديث صحيح ، أنظر صحيح الجامع 1762 - السلسلة الصحيحة 1633 " ) ( فتح المجيد – ص 316))
ولأن التداوي كان بالأقوال لزم أن تكون هذه الأقوال خالية من الشرك كما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم
((لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك)) وهذه الأقوال في حد ذاتها عبادة ويكمن هذا القول-عبادة-لأنها من جنس الدعاء والدعاء في حد ذاته عبادة لا يصرف لغير الله
قال ابن درستويه رحمه الله تعالى :
" كل كلام استشفي به من وجع أو خوف أو شيطان أو سحر فهو رقية ."
[عمدة القاري ج12/ص95 ]
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
" والرقية كلام يستشفى به من كل عارض ".
[ فتح الباري ج4/ص453 ]
و قال القرافي رحمه الله تعالى :
" والرقى ألفاظ خاصة يحدث عندها الشفاء من الأسقام و الأدواء والأسباب المهلكة "
[ عون المعبود ج10/ص264
وقد يفهم بعض الناس أنها ألفاظ خاصة أي مأخوذة عند طريق الوحي فلا يُرقى بغير ما ورد من الآيات أو الأدعية المأثورة وهذا الفهم معارض للأحاديث الواردة في باب الرقية ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم((لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك))
فلو قال الراقي (( أعوذ أو أعيذك بالله العظيم من مرض -كذا وكذا- المنتشر في الجسد)) وسُمي المرض
وهذه ألفاظ خاصة وكلام يراد الاستشفاء به وحُدِد فيه المرض وقد يستجاب وقد لا يستجاب له كسائر الدعاء-وقد يحصل عنده الشفاء - ولو فرض أنه شفي بعد هذا الدعاء من المرض الذي حُدد اسمه ثم استخدم ألفاظ هذه الرقية على نفس المرض لرجل آخر وشفي هذا الرجل هنا نقول وقعت الألفاظ التي هي الدواء على الداء فبرأ بإذن الله ولكن بشرط عدم الاعتقاد بنفع هذه الألفاظ بحد ذاتها من دون الله أو تخصيص أعداد وأوقات لم ترد في الدليل ولا بأس بتجربتها مع نفس المرض ويدل على هذا حديث الشفاء التي كانت ترقي من النملة وكانت رقيتها نافعة من هذا المرض لذلك دُل عليها رجل من الأنصار خرجت به نملة فقد روى الحاكم بالسند الصحيح: «أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَرَجَتْ بِهِ نَمْلَةٌ فَدُلَّ أَنَّ الشِّفَاءَ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ تَرْقِي مِنَ النَّمْلَةِ، فَجَاءَهَا فَسَأَلَهَا أَنْ تَرْقِيَهُ، فَقَالَتْ: وَاللهِ مَا رَقَيْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، فَذَهَبَ الأَنْصَارِيُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قَالَتِ الشِّفَاءُ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّفَاءَ، فَقَالَ: اعْرِضِي عَلَيَّ، فَأَعْرَضَتْهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: ارْقِيهِ، وَعَلِّمِيهَا حَفْصَةَ كَمَا عَلَّمْتِيهَا الكِتَابَ». وفي روايةٍ: «الكِتَابَةَ» أخرجه الحاكم في «المستدرك» (6888)، من حديث الشفاء بنت عبد الله رضي الله عنها. [انظر: «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للألباني (178)]. ورواية: «الكتابة» أخرجها أحمد في «المسند» (27095)، وأبو داود في «الطبِّ» باب ما جاء في الرقى (3887)، من حديث الشفاء بنت عبد الله رضي الله عنها.
وكما هو ظاهر أن الرقية التي كانت ترقي بها نافعة من قبل أن يطلع عليها النبي صلى الله عليه وسلم لأن الرجل الأنصاري دُل على الشفاء وما دُل عليها إلا أنها معلومة لديهم بهذه الرقية ولها براهين سابقة ومجربة في نفع مثل مرض الرجل وإلا لما يُدل عليها بالذات
ولو كانت الرقية توقيفية على المأثور لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم الشفاء رضي الله
عنها برقيته بل قال صلى الله عليه وسلم (( وَعَلِّمِيهَا حَفْصَةَ كَمَا عَلَّمْتِيهَا الكِتَابَ))
مؤيدا لها لثبوت نفعها وعدم معارضتها الشرع وهذا الموقف الثاني الذي أصبح في معرض البيان ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الرقية الاجتهادية وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز
أيضا لو قرأ راقي في رقيته لنفسه أو غيره
(( آيات السحر أو الآيات التي ورد فيها الحسد))
وهذه ألفاظ خاصة وكلام يراد الاستشفاء به وهي من القرآن الخالي من الألفاظ المحرمة والخالي من الشرك بلا أدنى شك والثابت نفعها عند غير واحد
وبالعموم فالرقية بالقرآن توقيفية من جهة وقابلة للاجتهاد من جهة أخرى
1- توقيفية لا يجوز لأحد أن يخصص أعداد وأوقات لم ترد في الدليل أو يدخل كلمات أثناء القراءة غير مفهومة بحجة الاجتهاد كما مر معنا آنفا في أنواع الرقى
2- اجتهادية ويكمن هذا القول - اجتهادية - في اختيار الراقي ما يشاء من السور والآيات وما يراه مناسبا للمرض من غير تحديد أعداد وأوقات لم ترد في الدليل
فيجوز للإنسان أن يختار من الآيات والأدعية المأثورة والمباحة ما يناسب الحال وذلك لأن الرقية من الدعاء والإنسان إذا دعا اختار ما يناسب الحال وقد ورد ما يدل على ذلك كما سيأتي معنا هذا والله أعلم
وللموضوع بقية إن شاء الله
رد: تعقيبا على بيان الرقية توقيفية ولا يجوز الاجتهاد فيها
فعن أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ( وهؤلاء القوم إما أنهم كفار أو أهل بُخل ولؤم كما ذكر ابن القيّم رحمه الله في المدارج ) فَاسْتَضَافُوهُ مْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لا يَنْفَعُهُ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُم ْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمْ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ اقْسِمُوا فَقَالَ الَّذِي رَقَى لا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ثُمَّ قَالَ قَدْ أَصَبْتُمْ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه البخاري ( 2276 ) ومسلم ( 2201 )
وفيما يلي مُقتطفات من شرح الحافظ ابن حجر رحمه الله للحديث مع شيء من فوائده 0
قوله : ( فاستضافوهم ) أي طلبوا منهم الضيافة , وفي رواية الأعمش عند غير الترمذي " بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين رجلا فنزلنا بقوم ليلا فسألناهم القري " .. والقري بكسر القاف مقصور : الضيافة .
قوله : ( فلُدغ ) أي لدغته عقرب
قوله : ( فسعوا له بكل شيء ) أي مما جرت به العادة أن يتداوى به من لدغة العقرب , كذا للأكثر من السعي أي طلبوا له ما يداويه ,
قوله : ( فأتوهم ) .. زاد البزار في حديث جابر " فقالوا لهم قد بلغنا أن صاحبكم جاء بالنور والشفاء , قالوا نعم " .
( فهل عند أحد منكم من شيء ) زاد أبو داود في روايته من هذا الوجه " ينفع صاحبنا " . قوله : ( فقال بعضهم ) في رواية أبي داود " فقال رجل من القوم : نعم والله إني لأرقي " .. الذي قال ذلك هو أبو سعيد راوي الخبر ولفظه " قلت نعم أنا . ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنما "
وقد وقع أيضا في رواية سليمان بن قتة بلفظ " فأتيته فرقيته بفاتحة الكتاب "
قوله : ( فصالحوهم ) أي وافقوهم . قوله : ( على قطيع من الغنم ) .. وقع في رواية الأعمش " فقالوا إنا نعطيكم ثلاثين شاة "
قوله : ( فانطلق يتفل ) : التَّفْل هو نفخ معه قليل بزاق
قال ابن أبي حمزة : محل التفل في الرقية يكون بعد القراءة لتحصيل بركة القراءة في الجوارح التي يمر عليها الريق فتحصل البركة في الريق الذي يتفله .
قوله : ( ويقرأ الحمد لله رب العالمين ) في رواية شعبة " فجعل يقرأ عليها بفاتحة الكتاب " .. في رواية الأعمش أنه سبع مرات
قوله : ( فكأنما نُِشط ) .. ومعنى نشط : أقيم بسرعة , ومنه قولهم رجل نشيط .
قوله : ( من عِقال ) .. هو الحبل الذي يشد به ذراع البهيمة .
قوله : ( وما به قَلَبَة ) .. أي عّلة , وقيل للعلة قلبة لأن الذي تصيبه يقلب من جنب إلى جنب ليعلم موضع الداء
قوله: (فقال الذي رقى) بفتح القاف وفي رواية الأعمش " فلما قبضنا الغنم عرض في أنفسنا منها شيء " وفي رواية معبد بن سيرين " فأمر لنا بثلاثين شاة وسقانا لبنا " وفي رواية سليمان بن قتة " فبعث إلينا بالشياه والنزل فأكلنا الطعام، وأبوا أن يأكلوا الغنم حتى أتينا المدينة " وبين في هذه الرواية أن الذي منعهم من تناولها هو الراقي، وأما في باقي الروايات فأبهمه.
قوله : ( وما يدريك أنها رقية ) قال الداودي : معناه وما أدراك .. وفي رواية معبد بن سيرين " وما كان يدريه " وهي كلمة تقال عند التعجب من الشيء وتستعمل في تعظيم الشيء أيضا وهو لائق هنا , زاد شعبة في روايته " ولم يذكر منه نهيا " أي من النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك , وزاد سليمان بن قتة في روايته بعد قوله وما يدريك أنها رقية " قلت ألقي في رُوعي " ( أي أُلْهمته إلهاما )
قوله: (وما يدريك أنها رقية) قال الداودي: معناه وما أدراك، وقد روي كذلك، ولعله هو المحفوظ لأن ابن عيينة قال: إذا قال وما يدريك فلم يعلم، وإذا قال وما أدراك فقد أعلم، وتعقبه ابن التين بأن ابن عيينة إنما قال ذلك فيما وقع في القرآن كما تقدم في أواخر الصيام وإلا فلا فرق بينهما في اللغة أي في نفي الدراية، وقد وقع في رواية هشيم " وما أدراك " ونحوه في رواية الأعمش.
قوله: (ثم قال قد أصبتم) يحتمل أن يكون صوب فعلهم في الرقية، ويحتمل أن ذلك في توقفهم عن التصرف في الجعل حتى استأذنوه، ويحتمل أعم من ذلك.
قوله : ( واضربوا لي معكم سهما ) أي اجعلوا لي منه نصيبا , وكأنه أراد المبالغة في تأنيسهم
قلت/ ومحل التعجب هنا لأن الفاتحة ليست مما جرت به العادة في علاج اللديغ والله أعلم
وكما هو واضح أن الصحابي ومن معه توقفوا عن مسألة اقتسام الجعل لا عن غير ذلك
فالقرآن معلوم النفع عموما و القرآن شفاء ولكن كان محط الاجتهاد في اختيار السورة-الفاتحة- وما يناسب الحال ويدل على ذلك -اختيار الصحابي عند رقية اللديغ الفاتحة- ما ورد في بعض الروايات
أنه قال ألقي في روعي فهل الذي ألقي في روعه في تلك الساعة هو الوحي !! طبعاً لا فالوحي لا يلقى إلا على النبي صلى الله عليه وسلم أم أنه ألقي في روعه أن الفاتحة خالية من الشرك!! طبعاً لا فالقرآن كله خالي من الشرك بلا أدنى شك حتى يتوقف عن غير هذه السورة-الفاتحة- ويرقي بها دون غيرها وإنما ألقي في روعه مناسبة هذه السورة للحال –يعني كأنه يقول أحسست مناسبة الفاتحة للموقف أو للمرض – والله أعلم
وذلك لما تحمل من معاني فهي تبتدئ بالحمد والثناء والتمجيد وطلب العون من الله إلى آخر السورة العظيمة فكانت معانيها مناسبة لحال هذا المرض وكما هو معروف أن الرقية من جنس الدعاء ويختار الإنسان من الدعاء ما يناسب الحال ففي معانيها مناسبة لجميع الأحوال وهي من أعظم ما يُرقى به 0
فكان اقتسام الجعل هو السبب الظاهر في الرجوع للنبي صلى الله عليه وسلم محتاطين منه لعله لا يجوز-لما لحق من شائبة التعبد- وقد قال بمثل كلامي هذا العلامة الألباني رحمه الله فقد قال حول هذا الحديث وأفاد بما يلي:-
((من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه: أنه كان في سرية مع جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فمروا بقبيلة من القبائل العربية، فطلبوا منهم أن ينزلوا عليهم ضيوفاً، فأبوا، فنزلوا بعيداً عنهم، فقدر الله تبارك وتعالى أن أرسل عقرباً فلدغت أمير القبيلة، فأرسل أحد أتباعه إلى هؤلاء الذين أرادوا أن ينزلوا عليهم فأبوا، وقال: انظروا لعل عندهم شيء؛ لأنهم من أهل الحضر، فجاء الرسول من قبل ذلك الأمير، فعرض عليه أحد الصحابة أن يعالجه، ولكن اشترط عليه رءوساً من الغنم -أنا نسيت الآن، إما عشراً وإما مائة- وهو رئيس قبيلة وغني، فقبل ذلك، فما كان منه إلا أن رقاه بالفاتحة بعد أن مسح بالبصاق مكان اللدغ، فكأنما نشط من عقال.
.
هكذا يقول في الحديث، فأخذ الجعل وأتى به إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم محتاطاً لعله لا يجوز أن يستفيد منه، فقال له عليه الصلاة والسلام الحديث السابق: (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله).
فاختلف العلماء هنا، فالجمهور أخذ بالحديث مفسراً بالسبب، والشافعية أخذوا بالحديث دون ربطه بالسبب، وهذا هو السبب في الخلاف، وينبغي أن يكون معلوماً لدى كل طالب للعلم، أن من الضروري جداً لمن أراد التفقه ليس في السنة فقط، بل وفي القرآن أيضاً، أن يعرف أسباب نزول الآيات، وأسباب ورود الأحاديث.
فقد ذكر علماء التفسير أن معرفة سبب نزول الآية يساعد الباحث على معرفة نصف معنى الآية، والنصف الثاني يؤخذ من علم اللغة، وما يتعلق بها من معرفة الشريعة)) انتهى
http://audio.islamweb.net/audio/inde...audioid=109343
قلت/ولم يذكر العلامة الألباني رحمه الله أنهم رجعوا لعرض الرقية لأن العرض قيد ! وهو كما تقرر معنا في بداية المواضيع وكما هو عليه الاجماع بأن العرض ليس بقيد لوجود القرائن الصارفة للوجوب
وكما بينت في ذلك آنفا ولكن كان لزاما أن يبين الصحابي طريقة العلاج وفيما أخذ الجعل
وقد ذكر بعض أهل العلم أن بعض القرآن له خصائص في العلاج وغيره، قال السيوطي في الإتقان: وغالب ما يذكر في ذلك كان مستنده تجارب الصالحين وأما قراءة آيات معينة غير ما ورد لرقية المسحور بها فقد ذكر ابن القيم أثراً في ذلك عن أبي حاتم عن ليث بن أبي سليم قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله تقرأ في إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور والآيات هي قوله تعالى: فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ {يونس:81} وقوله: فوَقَعَ الحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {الأعراف:118} وقوله: إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى {طه:69}
قلت/وكذا المعروف عن السلف العلاج بما يوافق في الاشتقاق والمعنى ما أصيب به المرقي
فالمسحور ثبت نفع قراءة الآيات التي ورد فيها ذكر السحر
والمحسود ثبت نفع قراءة الآيات التي ورد فيها ذكر الحسد
وكذا يلحق النفث ففيه اجتهاد من الصحابي الذي رقى حيث نفث على العضو المصاب لأنه معلوم لديه العضو وسَهُل عليه الوصول إليه أما المرض الروحي متنقل كما يشكو ذلك معظم المرضى وأغلبه ليس معلوم الموقع لدى الراقي فيعمم الراقي النفث عن طريق المادة من الماء والزيت وهكذا للشرب أيضا وكل هذا من التداوي الذي ثبت نفعه0
وقد قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه زاد المعاد: فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم واستيفاء شروطه لم يقاومه الداء أبداً، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها؟!! فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه، قال تعالى: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {العنكبوت:51} فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله، ومن لم يكفه القرآن فلا كفاه الله. انتهى.
وقال الإمام النووي: وأجمعت الأمة على وجوب تعظيم القرآن على الإطلاق وتنزيهه وصيانته. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ويجب احترام القرآن حيث كتب، وتحرم كتابته حيث يهان. انتهى
فالقرآن الكريم تشرع الرقية به وسؤال الله به، كما في الحديث: اقرءوا القرآن وسلوا الله به. رواه أحمد وصححه الألباني.
واختم بقول العلامة بن باز رحمه الله في الرد على منكري القراءة في الماء والسدر في تعليقه على كتاب فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد ، قال رحمه الله التداوي بالقرآن الكريم والسدر ونحوه من الأدوية المباحة وليس من باب البدع ،هو من باب التداوي وقد قال صلى الله عليه وسلم "عباد الله تداووا ولا تتداووا بحرام"
هذا والله أعلى وأعلم