الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمامات جمع حمام وهي مرفق ضروري في الحياة البشرية المتحضرة وقدعرف قبل مجيء الإسلام بقرون ويبدو أن بلاد الحجاز لم تعرفه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الغالب عليها الحر ومن ثم لم يحتج أهلها الى الحمام ، وكذلك كان الشأن على عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، ولم يدخل النبي صلى الله عليه وسلم حماما و لا خلفاؤه المذكورون آنفا ، والحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الحمام موضوع انظر : فتاوى ابن تيمية :21/301
وعلي رضي الله عنه " لما قدم العراق كان بها حمامات وقد دخل الحمام غير واحد من الصحابة ، وبني بالجحفة حمام دخلها ابن عباس وهو محرم " نفسه
وروى الترمذي والحاكم بسند حسن عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام بغير إزار ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام ..."
و خصص شيخ الإسلام ابن تيمية لموضوع الحمام نحوا من 43 صفحة من الجزء 21 { من 300 الى 342} في سياق حديثه عن غسل الجنابة
وللحمام في الشعر حديث طويل الذيل كقول القائل :
وللحمام حـاءات ثمــان * * * إذا كملت فقد كمل النعيـم
فحمام وحنـاء وحـوض * * * وحكاك له حجر يحـــوم
وحجام يزيــن ثم يـعطي* * * حديدته وأنت به عليـــم
وحاء حديث من تصغي إليه* * * رخيم الدل منظره وسيــم
وحاء ثامن وهو المــؤدي * * * إليه وذاك الحاء العظيـــم
وقول الآخر :
إن حمامنا الذي نحن فيـه * * * هو في حاجة الى الحمام
فدخلنا ونحن أبناء ســام* * * وخرجنا ونحن أبناء حام
وقول الآخر في حمام :
هناك حمام بنـاه الفنــش * * * وهو الذي قد كان فيه الفحش
من الرجال ومن النسـوان * * * بكشف أعضاء لهم حســان
وفي "الأنيس المطرب بروض القرطاس" لابن أبي زرع " أن رجلا من اليهود احتفر أساس دار يبنيها لسكناه بقنطرة عزيلة من المدينة المذكورة - يعني مدينة فاس - والموضع يومئذ شعراء بالطخش والبلوط والطرفاء وغير ذلك ، فوجد في الأساس دمية رخام على صورة جارية منقوش على صدرها بالقلم المسند :" هذا موضع حمام عمر ألف سنة ثم خرب فأقيم موضعه بيعة للعبادة "
يتبع
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
نقل أبو منصور الثعالبي في تقبيح الحمام : "قال بعض السلف - القائل في بهجة المجالس أبو هريرة - :بئس البيت الحمام يكشف العورة ويذهب بالحياء ، وفي الخبر أن الحمام من بيوت الشياطين
وذم الفضل الرقاشي الحمام فقال : يهتك الأستار ويذهب بالوقار ويؤلف بين الأقذار "
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
إن الحديث في هذا الموضوع عن الحمامات العامة بالدرجة الأولى وفي آداب دخولها يقول ابن جزي في القوانين الفقهية في الكتاب الجامع الباب الثاني عشر لدخول الحمام :
" وهو للرجال دون النساء بعشرة شروط:
1- أن يدخل وحده أو مع قوم يستترون ويتعمد أوقات الخلوة
2-أن يستر عورته بإزار صفيق
3- أن يستقبل الحائط لئلا يقع بصره على محظور
4- أن يغير ما يرى برفق
5- أن لايمكن الدلاك من عورته من السرة الى الركبة إلا امرأته ومملوكته
6- أن يدخله بنية التداوي والتطهر من الوسخ
7- أن يدخله بأجرة معلومة بشرط أو عادة
8- أن يصب الماء على قدر الحاجة
9- أن يتذكر به جهنم
10- إن لم يقدر على دخوله وحده أن يكتريه من قوم يحفظون أديانهم ."
* أما النساء فاختلف في دخولن فقيل يمنعن من الحمام إلا من ضرورة كالمرض أو شدة البرد وشبه ذلك ، وقيل إنما منعن حين لم يكن لهن حمامات منفردة فأما مع انفرادهن دون الرجال فلا بأس ، ثم إذا دخلت فقيل تستر جميع جسدها ، وقال ابن رشد لا يلزمها من الستر مع النساء إلا ما يلزم الرجل ستره من الرجال فإن النساء مع النساء كالرجال مع الرجال
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
مما قيل في هجاء حمام :
وحمــام عدمنا الماء فيـه * * * وأبكانا به لدغ الهـــوام
فلولا الدمع لم يبتل جسمي * * * ولولا الشمس لم تدفأ عظامي
وجدنا فيه شيخا لوذعيـا * * * كبير السن محني السنـــام
فقلنا هل رأيت الماء فيـه * * * فقال نعم ولكن في المنــام
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
مما ينسب إلى لإمام الشافعي رحمه الله قوله :
جسمي على البرد ليس يقوى * * * و لا على شدة الحـــرارة
فكيف يقوى على جحيــم * * * وقودها الناس والحجــارة
ولأبي محمد ابن السيد البطليوسي رحمه الله :
أرى الحمام موعظة وذكـرى * * * لكل فتى أريب ذي ذكاء
يذكرنا عذاب ذوي المعاصي * * * وأحيانا نعيم الأتقيــاء
شقا هجر يشوب نعيم وصل * * * وحر النار في برد الهـواء
إذا ما أرضه التهبت بنــار * * * تبادر سمكه هطلا بمــاء
كصدر الصب جاش بما يلاقي * * * فلج الطرف منه بالبكـاء
كأن له حبيبا بان عــــنه * * * فبان وخانه حسن العزاء
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
كثيرا ما كانت الحمامات تبنى بجوار المساجد ، ويحرص أصحابها على فتحها قبل الفجر بمدة كافية لاغتسال الجنب وغيره ثم حضور الصلاة بعد ذلك مع الجماعة في وقتها
وقد عد بعض العلماء الحمام من المرافق السبعة اللازم وجودها في المصر ، وإلى ذلك يشير العلامة محمد بن الحسن الحيمي :
المصر في صحة التجميع مشتــرط * * * فاسمع حقيقة ما يحويه تفصيلا
وال ، وقاض ،طبيب ، جامع ، وكذا * * * سوق ، ونهر ، وحمام كما قيلا
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
يقول محمد بن جابر في رجزه المسمى بنزهة الناظر:
و إنما الحمام كان الفنـــش * * * ذاك الذي إذ كان ، كان العيش
والمقصود بذلك حمام بناه بمكناسة الزيتون بالمغرب - في العشر الثانية من القرن السابع الهجري - رجل اسمه يحيي بن غنصالية { غنصاليس } مهاجر إسباني معروف بابن أخت الفنش استوطن مكناسة مظهرا لدين الإسلام ، وكان الحمام كبيرا حفيلا محكما وعمر هذا الحمام ما شاء ثم خرب منذ زمان
وفي معارضة رجز ابن جابر الآنف الذكر قال الشيخ الحطيب أحمد بن سعيد الغفجميسي :
هناك حمام بناه الفنـــش * * * وهو الذي قد كان فيه الفحش
من الرجال ومن النسـوان * * * بكشف أعضاء لهم حســـان
لأجل هذا نابه الخــراب * * * فلم يكن بعد به طيــــاب1}
بل بان منه الماء والأكـواب* * * فما له في جوفه انسكــــاب
وصار مأوى البوم والوطواط* * * من غير درهم و لا قــــيراط
والعنكبوت عمرت أركـانه* * * بنسج أرديتها المهانــــــة
كذاك عقبى كل شكـل زاه* * * حيــد به عن طاعـــة الإلاه
1}الطياب :في اللغة العامية المغربية هو شخص مستخدم بالحمام يقوم بملء الماء للمستحمين وكيس أجسادهم و يعينهم على الغسل ...
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
مؤلف في الموضوع :
* "تأنيس أرباب الاستحمام بما قيل من الأشعار في الحمام " لمحمد بن ابراهيم بن محمد الخضرمي
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
قراءة القرآن في الحمام :
روى محمد بن سحنون في "كتاب آداب المعلمين " عن أبيه قال : حدثني سحنون عن عبد الله بن نافع قال : سمعت مالكا يقول :" لا أرى لأحد أن يقرأ القرآن وهو مار على الطريق إلا أن يكون متعلما ، ولا أرى أن يقرأ في الحمام "
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
مؤلف آخر في الموضوع :
*- "مقالة في الحمامات" لأبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن خالد العروف بابن الجزار {القرن 4 هـ} ذكره أحمد بن القاسم ابن أبي عيينة في عيون الأنباء في طبقات الأطباء
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
هذا الزمن أصبح فيه الحمام وسخ في عرض داخله
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
لقد تطورت اليوم الحمامات وتعددت فمنها الراقي جدا المزدان بالصهاريج والمبلط بالفسيفساء والرخام والمتوفر على مختلف وسائل الراحة والاستجمام و هناك من الحمامات فعلا الرديء الوسخ وكل ذلك يستحق الدراسة والوصف الدقيق خصوصا من الجوانب : المعمارية والوظيفية والأخلاقية والاجتماعية والصحية والاقتصادية ...
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
بارك الله فيكم...
لابن عماد الأفْقَهِسي -الأب-الشافعي رسالة اسمها (القول التمام في آداب دخول الحمام) طبعت بدار ابن حزم سنة2000م،وهو أفضل ما ألف في هذا الباب.
وهناك رسالة من تأليف حافظ المغرب عبدالحي الكتاني اسمها ( الإلمام بآداب الحمام ) وهي مخطوطة .
وأظن ان للعلامة ناصر الكتاني رسالة مطبوعة في هذا الشأن .
وللدكتور قطب الريسوني رسالة مطبوعة اسمها (آداب الذهاب إلى حمام السوق).
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
بارك الله في الأخ الحميدي وشكر سعيه على هذه الإضافات القيمة التي من شأنها أن تثري هذا الموضوع وتسير به إلى الأمام في خطوات موفقة نحو الإلمام بكل جوانبه
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
من المؤلفات كذلك في الموضوع :"حدائق النمام في الكلام على ما يتعلق بالحمام " لأحمد بن محمد الحيمي الكوكباني {ت 1153هـ}تحقيق : عبد الله محمد الحبشي / الدار الميمنية للنشر و التوزيع ، و دار المناهل للطباعة و النشر و التوزيع الطبعة الثانية :1406ه=1986م
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
قال ابن خفاجة في الحمام :
أهلا ببيت النار من منزل * * * شيد لأبرار و فجار
نقصده ملتمسي لـذة * * * فندخل الجنة في النار
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
ذكر صاحب كتاب الاستبصار في عجائب الأمصار ، في سياق حديثه عن مدينة فاس (في القرن السادس الهجري ) اتساع مكاسب أهلها ، ورغد عيشهم ،وكثرة تنعمهم ، لجمال المدينة ، و عظم حماماتها، وكثرتها ،و هي أصل التعيم ، ثم ساق قول الشاعر :
إذا زفر الحمام و اشتد غيضه *** و هاجت لواعيج به و حميم
رأيت نعيما في الحميم و احة *** و ذاك غريب في الجحيم نعيم
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عزالدين المعيار
لقد تطورت اليوم الحمامات وتعددت فمنها الراقي جدا المزدان بالصهاريج والمبلط بالفسيفساء والرخام والمتوفر على مختلف وسائل الراحة والاستجمام و هناك من الحمامات فعلا الرديء الوسخ وكل ذلك يستحق الدراسة والوصف الدقيق خصوصا من الجوانب : المعمارية والوظيفية والأخلاقية والاجتماعية والصحية والاقتصادية ...
بارك الله فيك أخي الكريم، واسمح لي بإضافة هذا النقل من رحلة ابن بطوطة (ت779):
"وحمامات بغداد كثيرة وهي من أبدع الحمامات، وأكثرها مطلية بالقار مسطحة به، فيخيل لرائيه أنه رخام أسود، وهذا القار يجلب من عين بين الكوفة والبصرة تنبع أبداً به، ويصير في جوانبها كالصلصال، فيجرف منها، ويجلب إلى بغداد. وفي كل حمام منها خلوات كثيرة كل خلوة منها مفروشة بالقار مطلي نصف حائطها مما يلي الأرض به، والنصف الأعلى مطلي بالجص الأبيض الناصع، فالضدان بها مجتمعان، متقابل حسنهما. وفي داخل كل خلوة حوض من الرخام فيه أنبوبان أحدهما يجري بالماء الحار والآخر بالماء البارد فيدخل الإنسان الخلوة منها منفرداً لا يشاركه أحد إلا إن أراد ذلك، وفي زاوية كل خلوة أيضاً حوض آخر للاغتسال فيه أيضاً أنبوبان يجريان بالحار والبارد وكل داخل يعطى ثلاثاً من الفوط إحداهما يتزر بها عند دخوله والأخرى يتزر بها عند خروجه، والأخرى ينشف بها الماء عن جسده. ولم أر هذا الإتقان كله في مدينة سوى بغداد، وبعض البلاد تقاربها في ذلك."
رد: الحمامات في الدين والأدب والتاريخ
قال أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن حريق (ت 622هـ)
لم أدخل الحمام ساعة بينهم . . . طلاب نعيم قد رضيت ببوس
و لكن لتجري دمعتي مطمئنة . . . فأبكي و لا يدري بذاك جليسي