-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
أود أن أشكر الأخوة الكرام في " مجلس المشرفين " على موقفهم المشرف في دفاعهم عن حرية ابداء الرأي المتسق ومنهج السلف في قضية هذا المقال ...
وأنا وغيري يعلم أن هذا ليس تحيزا منهم لجهة ، كما أنه ليس تصحيحا منهم للقصة موضوع البحث ، بقدر ما هو ابداء لوجه الاحترام لكل بحث يناقش ويدلل على وجهته بما يتوافق وأصول البحث العلمي ...
كما اشكرهم على رفع بعض المشاركات - أو جمل من بعضها - مما أبدى فيها بعض الأخوة المشاركين عن سوء الأدب والحكم بالظنة متهمين الباحث - يعلم الله - مما هو منه براء .
ولو أنهم - عفا الله عنا وعنهم - قالوا بخطأ الباحث وأنه قد جانبه الصواب لهان الأمر !! ولكنهم اتهموا كل من صحح قصة الغرانيق أو قبلها ولم ير فيها أي اتهام للعصمة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ، وكلهم علماء أجلاء بل من اكابر العلماء المحققين وإن لم يكن في كفتهم إلا شيخ الإسلام ابن تيمية لكفى به .. فما بالك وقد رواها أئمة فحول وصححه ائمة الصناعة في علم الحديث والتفسير والسيرة ؟
والعجب !! ممن يقول أن القصة باطلة باطلة باطلة ، ولم يحكي أن هناك خلافا في قبولها وردها بين فئتين من أكابر علماء أهل السنة القدامى منهم والمعاصرين ، فتراه يرجح البطلان على الثبوت بطريق مجحف ليس فيه إلا قال ببطلانها فلان وفلان .. راميا الخلاف عرض الحائط ، ولم يبدي أي إجلال لمن خالفه بقبولها من أكابر العلماء المحققين .
فإذا جاء الباحث وقرر - حسب ما توفر لديه من نقول جمة عن جمهرة من العلماء قد خفيت على بعض الناس - قبول القصة في الجملة وأنه ليس فيها ما ينقض العصمة تمشيا مع ظاهر الكتاب العزيز متاسيا بمن رواها من أئمة علماء السلف أو صححها وقبلها ، فإذا ببعض الأخوة يتهجم عليه ويبدد كل ما لديه بجرة قلم قبل أن يقرأ أو يفهم ، مقلدا غيره ، سادا بذلك لباب الإجتهاد والبحث العلمي ..
وأرجوا من الله ، أن يكون ما نقلناه في هذا البحث في ميزان حسناتنا ، وإن كان من خطأ فنسأل الله العفو والمغفرة ..
إنه ولي ذلك والقادر عليه ....
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ الفاضل القطاوي يسعدني جدا ان اعود الى الحوار معك .
ولي عليك ملاحظة على قولك بان الشيخ الالباني يرد المراسيل مطلقا وان تعددت طرقها وهذا ليس بصحيح بل الشيخ الالباني يأخذ بالمرسل اذا تعددت طرقه ولم يتحد المخرج
ففي المقترح في علم المصلح للشيخ مقبل الوادعي رحمه الله تعالى
السؤال199 عندنا حديث مرسل قد جاء من طريقين، فهل يقوى بهما أم له شروط؟
الجواب:" هذه مسألة اجتهادية والشافعي -رحمه الله- يقول: إن مرسلاً مع مرسل يرتقي إلى الحجية. ويشترط أيضًا ألا يتحد المخرج فمثل مرسل قتادة مع مرسل سعيد بن المسيب يحتمل أنّهما مرسل واحد، وأن قتادة رواه عن سعيد بن المسيب".
هذا هو الذي جعل الالباني يضعف قصة الغرانيق .
يقول الشيخ الالباني في نصب المجانيق :"فإذا عرف أن الحديث المرسل لا يقبل وأن السبب هو الجهل بحال المحذوف فيرد عليه أن القول بأنه يقوى بمرسل آخر غير قوي لإحتمال أن يكون كل من أرسله إنما أخذه عن راو واحد وحينئذ ترد الاحتمالات الذي ذكرها الحافظ وكأن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى قد لاحظ ورود هذا الاحتمال وقوته فاشترط في المرسل الآخر أن يكون مرسله أخذ العلم عن غير رجال التابعي الأول كما حكاه ابن الصلاح ( ص 35 ) وكأن ذلك ليغلب على الظن أن المحذوف في أحد المرسلين هو غيره في المرسل الآخر
وهذه فائدة دقيقة لم أجدها في غير كلام الشافعي رحمه الله فاحفظها وراعها فيما يمر بك من المرسلات التي يذهب البعض إلى تقويتها لمجرد مجيئها من وجهين مرسلين دون أن يراعوا هذا الشرط المهم
ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قد نص أيضا على هذا الشرط في كلام له مفيد في أصول التفسير نقله عنه الحافظ محمد بن عبد الهادي في كتاب له مخطوط في الأحاديث الضعيفة والموضوعة ( حديث 405 / 221 ) فقال ابن تيمية رحمة الله تعالى :
وأما أسباب النزول فغالبها مرسل ليس بمسند لهذا قال الإمام أحمد : ثلاث علوم لا إسناد لها . وفي لفظ : ليس لها
أصل : التفسير والمغازي والملاحم . يعني أن أحاديثها مرسلة ليست مسندة
والمراسيل قد تنازع الناس في قبولها وردها . وأصح الأقوال : أن منها المقبول ومنها المردود ومنها الموقوف فمن علم من حاله أنه لا يرسل إلا عن ثقة قبل مرسله ومن عرف أنه يرسل عن الثقة وغير الثقة كان إرساله رواية عمن لا يعرف حاله فهو موقوف . وما كان من المراسيل مخالفا لما رواه الثقات كان مردودا وإن جاء المرسل من وجهين كل من الروايين أخذ العلم عن غير شيوخ الآخر فهذا يدل على صدقه فإن مثل ذلك لا يتصور في العادة تماثل الخطأ فيه وتعمد الكذب . . . "
قلت : ومع أن التحقق من وجود هذا الشرط في كل مرسل من هذا النوع ليس بالأمر الهين فإنه لوتحققنا من وجوده فقد يرد إشكال آخر وهو أنه يحتمل أن يكون كل من الواسطتين أو أكثر ضعيفا وعليه يحتمل أن يكون ضعفهم من النوع الأول الذي ينجبر بمثله الحديث على ما سبق نقله عن ابن الصلاح ويحتمل أن يكون من النوع الآخر الذي لا يقوى الحديث بكثرة طرقه ومع ورود هذه الاحتمالات يسقط الاستدلال بالحديث المرسل وإن تعددت طرقه"اه
وقد تبين من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية ان المرسل اذا خالف الثقات فانه مردود وحديث الغرانيق مخالف لرواة الثقات الذين رووه موصولا بدون ذكر قصة الغرانيق فهو مردود على القاعدة التي ذكرها شيخ الاسلام،ومردود ايضا لانه لم تتعدد مخارجها على الشرط الثاني الذي ذكره شيخ الاسلام.
واما مسالة زيادة الثقة فقد خالفت فيه الائمة النقاد وبيان هذا يطول اتركه لوقت آخر.
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
الأخ الكريم / عمر ابراهيم الموصلي ... أهلا بك مرة أخرى ..
سعدت بوجودك , وأشكرك على حسن أدبك ...
كما يسعدني المناقشة الهادفة معك والتي لا تخرج عن حدود الأدب والمساجلة العلمية المفيدة والتي لا نبيتغي بها إلا البحث عن الحق وإظهار الحقيقة قدر الجهد والاجتهاد ..
فشكر الله لك وزادك حرصا وأدبا ...
نعم بارك الله فيك ...
أثرت مسألتين تكلمت عن إحداهما وأرجأت الكلام عن الأخرى .. وأرجوا أن تتحفنا بما عندك في هذه الأخيرة كي نستفيد ونتعلم ، فكلنا حولها ندندن ..
أما مسألتك الأولى ... وأن الإمام الألباني - رحمه الله تعالى - لا يرد المرسل مطلقا كما زعمت أنت ..
وأنا قلت من قبل أنه يرده مطلقا ... ودليلي فيما نقلته أنت بحروفه ...
فإنه رد أولا على من قبل المرسل مطلقا ، واختار القيد المهم الذي أشار إليه شيخ الإسلام ومن قبله الإمام الشافعي وهو ألا يتحد المخرج لاحتمال أن تكون المراسيل كلها عن شيخ واحد ...
ونقل قول شيخ الإسلام :
وإن جاء المرسل من وجهين كل من الروايين أخذ العلم عن غير شيوخ الآخر فهذا يدل على صدقه فإن مثل ذلك لا يتصور في العادة تماثل الخطأ فيه وتعمد الكذب . اهـ
ثم لم يقتنع الإمام الألباني بهذا القيد أيضا ، بل قال :
ومع أن التحقق من وجود هذا الشرط في كل مرسل من هذا النوع ليس بالأمر الهين فإنه لوتحققنا من وجوده فقد يرد إشكال آخر وهو أنه يحتمل أن يكون كل من الواسطتين أو أكثر ضعيفا وعليه يحتمل أن يكون ضعفهم من النوع الأول الذي ينجبر بمثله الحديث على ما سبق نقله عن ابن الصلاح ويحتمل أن يكون من النوع الآخر الذي لا يقوى الحديث بكثرة طرقه ومع ورود هذه الاحتمالات يسقط الاستدلال بالحديث المرسل وإن تعددت طرقه . اهـ
فهو إذا يرده ولو تعددت طرقه أو تغايرت مخارجه لاحتمال ضعف الواسطة كما بين هو في كلامه أعلاه ..
وللتأكيد على اختياره هذا قال مختتما كلامه : وهذا التحقيق مما لم أجد من سبقني إليه فإن أصبت فمن الله تعالى وله الشكر وإن أخطأت فمن نفسي وأستغفر الله من ذنبي .اهـ
فلو كان رأيه كرأي غيره لما قال : لم أجد من سبقني إليه .
وحقيقة اختياره هذا مبني على الاحتمال .. أي : يحتمل أن يكون الواسطة ضعيفا .. الخ
ولو وضعنا الإحتمال لرددنا أحاديث الصحيحين نفسها ...
فمن غير المعقول أن توجد خمسة عشر رواية مرسلة فيها الصحيح والحسن والضعيف ، وتكون كلها متحدة المخرج !!! ويكون الراوي الواسطة فيها كلها ضعيف !!!
وقد اشرت إلى أن تاريخ تأليف هذه الرسالة من قديم جدا ومن أوائل ما صنفه الإمام الألباني رحمه الله ، وصنيعه في غالب تحقيقاته قبول بعض المراسيل وتصحيح بعضها وتحسين أو تصحيح الروايات المرفوعة الضعيفة به ، فيستشهد به ويعتبر ... وهذه كتبه خير شاهد على ما نقول .
أما أن الروايات المرسلة مخالفة لما جاء في الصحيح ..
فليس هذه بمخالفة ، وإنما هي زيادة على قصة السجود أتى فيها الرواة بقصة الغرانيق ... فمن رواها بدون الغرانيق فقد اختصر ، ومن رواها بقصة الغرانيق فقد شرح وبين ، فهي في حكم الزيادة .. إن صحت أسانيدها قبلت وإلا فمردودة ...
فلا يفهم من هذا : أن من لم يذكر القصة فقد أنكر الزيادة ..
وبالبحث وجدنا روايات لقصة الغرانيق موصولة ومرسلة ..
فأما الموصولة ففيها الضعيف ، والضعيف جدا ، والموضوع ...
والمرسلة فيها الصحيح والحسن والضعيف ...
فمن صحح القصة جامعا الموصول الضعيف مع المرسل الصحيح والحسن ، فلا غبار على اجتهاده ، لا سيما والقصة يشهد لها ظاهر الكتاب الكريم ، مؤيدة بتفسير جمهور السلف من أهل التفسير والسير والمغازي ..
وأرى الإشكال الكبير في إنكار هذه القصة وردها لا يعود على أسانيدها مع كثرة رواياتها عن السلف والخلف ، وإنما لما في ظاهرها من الطعن في العصمة النبوية .. وقد فند هذا الوهم شيخ الإسلام ابن تيمية وبين وهاءه ، وأن تفسير السلف يدور على أن الشيطان ألقى بلسانه أو أخطأ النبي فنطق بها ساهيا ... وكلامه موجود أعلاه بحروفه وفيه وضوح يبين أن القصة لا تطعن في العصمة إلا إذا أقر النبي على هذا الخطأ ، وقد برأ الله ساحته وعصم نبيه وكتابه فنسخ ما ألقى الشيطان وأحكم آياته ، وبين أن حصول هذه القصة فيها فتنة واختبار كما في الآيات من سورة الحج .
والله أعلى وأعلم .
وأرجوا أن تكمل ردك بخصوص موضوع مخالفة الثقة ...
بارك الله فيك وسدد خطاك .
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل سليمان القطاوي
الواقدي إمام المغازي [ت 130 هـ] (رحمه الله)
الإمام مقاتل بن سليمان[ت 150 هـ] (رحمه الله)
شكر الله لكم وزادكم حرصا على مذهب السلف .
عفا الله عنك
لي سؤال واحد فقط :
هل يجوز وصف الواقدي ومقاتل المتهمين بالكذب من قبل أئمة الجرح والتعديل ، هل يجوز وصف هذين الكذابين بالإمامة والترحم عليهم
ولماذا تتكثر بذكر كل من هب ودبّ هداك الله ؟ !
هل هذا هو منهج السلف ؟
أنتظر جوابك عفا الله عنك ...
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
الأخ الكريم / مساعد .. أهلا وسهلا بك ..
وأقول أولا : عبت علي وصفهما بالإمامة ..
وقد قال الإمام الذهبي في السير:
الواقدي * محمد بن عمر بن واقد الاسلمي مولاهم الواقدي المديني القاضي، صاحب التصانيف والمغازي، العلامة الامام أبو عبد الله، أحد أوعية العلم على ضعفه المتفق عليه. اهـ
والواقدي ... لانختار توثيقه المطلق ولا تكذيبه المطلق ... فالرجل إمام في المغازي وأيام الناس ..
فمن كذبه في الرواية لا يرد اختياراته في التاريخ لأنه فنه الذي برع فيه واشتهر به ..
ومن قرأ مقدمة سيرة ابن سيد الناس وماقاله في الواقدي علم أنه إمام في هذا الفن ،لكن ما انفرد بالرواية به نرده ولا كرامة ..
أفلا نتعلم الإنصاف من هؤلاء العلماء ؟
أما مقاتل بن سليمان:
فقد قال الإمام الذهبي في ترجمته من السير :
79 - مقاتل * * كبير المفسرين ، أبو الحسن، مقاتل بن سليمان البلخي.
يروي - على شعفه البين - عن: مجاهد، والضحاك، وابن بريدة، وعطاء، وابن سيرين، وعمرو بن شعيب، وشرحبيل بن سعد، والمقبري، والزهري، وعدة.
وعنه: سعد بن الصلت، وبقية، وعبد الرزاق، وحرمي بن عمارة، وشبابة، والوليد بن مزيد، وخلق آخرهم علي بن الجعد.
قال ابن المبارك - وأحسن -: ما أحسن تفسيره لو كان ثقة !
[سير أعلام النبلاء 8/ 137]
فهل لقب كبير المفسرين لا يستحق الوصف بالإمام ؟
وقال فيه أحمد بن حنبل : مقاتل بن سليمان صاحب التفسير ما يعجبني أن أروي عنه.
فنسبه إلى التفسير أي أنه عالم فيه ..
وقال بقية بن الوليد: كنت كثيراً أسمع شعبة بن الحجاج وهو يسأل عن مقاتل، فما سمعته قط ذكره إلا بخير. ذكره ابن عساكر
وقال الخطيب كما في تاريخ دمشق : كان له معرفة بتفسير القرآن ولم يكن في الحديث بذاك.
وفي تاريخ دمشق : قيل لمقاتل بن حيان يا أبا بسطام أنت أعلم أو مقاتل بن سليمان ؟ قال ما وجدت علم مقاتل بن سليمان في علم الناس إلا كالبحر الأخضر في سائر البحور.
ونقل ابن عساكر عن الجوزجاني أنه قال : حكى لي عن الشافعي أنه قال الناس كلهم عيال على ثلاثة على مقاتل في التفسير وعلى زهير بن أبي سلمى في الشعر وعلى أبي حنيفة في الكلام .
قال ابن عساكر معلقا : وقد روينا هذه الحكاية عن حرملة عن الشافعي متصلة من وجوه .. ثم ذكر بعضها ومنها :
عن حرملة بن يحيى قال سمعت الشافعي يقول من أحب الأثر الصحيح فعليه بمالك ومن أحب الجدل فعليه بأصحاب أبي حنيفة ومن أحب التفسير فعليه بمقاتل.
وقال : من أراد التفسير فعليه بمقاتل ابن سليمان .
وعند ابن عساكر : قال نعيم بن حماد رأيت عند سفيان بن عيينة كتابا لمقاتل بن سليمان فقلت يا أبا محمد تروي لمقاتل في كتاب التفسير ؟ قال لا ولكن أستدل به وأستعين.
وروى عن أبي بكر الأثرم قال سمعت أبا عبد الله هو أحمد بن حنبل يسأل عن مقاتل بن سليمان فقال كانت له كتب ينظر فيها إلا أني أرى أنه كان له علم بالقرآن .
وعن يحيى بن شبل قال ، قال لي عباد بن كثير ما يمنعك من مقاتل ؟ قلت إن أهل بلادنا يكرهونه قال فلا تكرهنه فما بقي أحد أعلم بكتاب الله منه .
وقيل لحماد بن أبي حنيفة إن مقاتل أخذ التفسير عن الكلبي قال كيف يكون هذا وهو أعلم بالتفسير من الكلبي .
وقال القاسم بن أحمد الصفار كان إبراهيم الحربي يأخذ مني كتب مقاتل فينظر فيها فقلت له ذات يوم أخبرني يا أبا إسحاق ما للناس يطعنون على مقاتل قال حسدا منهم لمقاتل.
وقال علي بن الحسين بن واقد : كنا في شك أن مقاتل لقي الضحاك فإذا كان مقاتل له من القدر ما ألف تفسير القرآن في عهد الضحاك فقد كان رجلا جليلا .
نعم هناك من كذبه في الرواية وهم الجمهور ... وهو الصحيح إن شاء الله تعالى ..
لكننا هنا نروى حكاية تفسيره .. لا رواية تفسيره .. والفرق بينهما كبير لمن عقل وفهم ..
وأرجوا أن تقرأ هنا ما جاء في أصل البحث المشار إليه .. مع أنه مر مرارا .. ففي في التذكير منفعة ...
تحت عنوان : روايات السير والمغازي والتفسير ومغايرتها عن روايات الأحكام والعقائد ...
فهو بحث مهم جدا .
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
فإذا قرأته .. فأقول لك أخي الكريم :
ستجد الخطأ ظاهرا في صورة سؤالك ، عندما لم تميز بين الوصف بالإمامة والعلم وبين أقوال أئمة الجرح والتعديل ...
فليس كل من جرحوه لا يستحق وصف الإمامة والعلم ...
وفي كلامك مسائل أخرى كعدم الترحم عليهما مثلا .. ما هذا ؟
أو منهج السلف الذي تسأل عنه ، ما هو مكانه هنا ؟ وماذا تريد من هذه الكلمة ؟
أوليس الذهبي من الأئمة الكبار وقد وصف أمثالهم بالإمامة وأكثر ؟
وكذا مسألة ذكر كل من هب ودب للتكثر !!! كما زعمت ... ولها مجال آخر إن شاء الله .
أسال الله أن يعفوا عني وعنك .. اللهم آمين .
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل سليمان القطاوي
وأرجوا أن تقرأ هنا ما جاء في أصل البحث المشار إليه .. مع أنه مر مرارا .. ففي في التذكير منفعة ...
تحت عنوان : روايات السير والمغازي والتفسير ومغايرتها عن روايات الأحكام والعقائد ...
فهو بحث مهم جدا .
ما تريد إثباته ليس مجرد تفسير للآية بل زيادة مختلف في ثبوتها على حديث رواه البخاري عن الثقات الأثبات بدون هذه الزيادة !
وأقول بداهة : هل يمكن عقلا وحسا بل طبيعة أن يخرم الثقات الأثبات الذين روى عنهم البخاري هذه الزيادة .. ثم لا نعلمها الا بالمراسيل والاسانيد المنقطعة الواهية !
وأهل العلم يردون زيادة الثقة إذا احتف بها من القرائن ما يوهنها .. فكيف بالمراسيل ! بل المتهمين !
أخي : تريث وتأمل وتثبت
فإن هذا العلم دين .. فانظر عمن تأخذ دينك !
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
أخي الكريم / مساعد .. حياك الله ...
ولنعما ذكرت به ... إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ... قاله ابن سيرين رحمه الله فيما رواه مسلم والدارمي وابن أبي شيبة بسند صحيح عنه ..
وهذا مدخل اقول لك فيه : لقد أخذت ديني [ أو بالأخص هذه المسألة ] من كبار العلماء الذين رووه عن كبار الرواة من التابعين والأئمة ... وإن لم أجد إلا أنه اختيار ابن تيمية وابن حجر لكفاني عذرا أمام الله تعالى .. هذا أولا .
وثانيا : أرى حيدة منك فيما أثرته أولا في مشاركتك الأولى .. باتهامك لي بل وازدرائك لأنني وصفت الواقدي ومقاتل بالإمامة .. وقد رأيت مثل الإمام الذهبي قد سبقني إلى مثل هذا .. بل هناك أئمة كبار وصفوهم بالإمامة والعلم في فنهم وإن كذبوهم في رواية الأخبار ..
فلم تعقب ببنت شفة ...
ولا أدري : هل هذا فقط كل ما رأيته من خطأ في هذا البحث وما كتب في هذا المقال ؟
وهل أنت موافق لما هو موجود ولكن وصف هذين العالمين بالإمامة هو ما جعلك تقول ليس هذا من مذهب السلف ؟
ثم أحلتك على بحث موجود هنا بخصوص حكم نقل كلام مثل هؤلاء الائمة من تفسير ومغازي والتغاضي عن الضعف فيما كان من فنهم .. وهو بحث موثق بنقول عن علماء السلف والخلف .. فلم أرى لك تعليقا عليه ..
والغريب أن نقلت هذه الفقرة .. ثم قفزت منها إلى أصل الموضوع وناقشتني حديثيا !!
وعموما لا ضير طالما أن نقاشنا في سبيل إظهار الحق .. نسأل الله أن يثبتنا عليه ..
ولأن هذه المسألة التي أثرتها قتلناها بحثا في المشاركات أعلاه ..
إلا أنني هنا اشير باشارات قليلة تغني عن نقولات سابقة :
- ليس كل زيادة لم يروها أهل الصحيح تكون باطلة مردودة ..فالمعيار في الزيادة على السند إن صح صحت .
- المروي في هذه القصة فيها الموصول عن ابن عباس والمرسل عن جمع من التابعين .. وضعف الموصول جبره صحة المراسيل وإن كنا توسعنا في بيان هذا أعلاه فلا حاجة إلى إعادته .
- القصة يشهد لها ظاهر كتاب الله تعالى ، ونقلها الائمة من السلف غير منكرين لها ، ولم يعلم من السلف من أنكرها أو ردها ..
- القصة ليس فيها ما يناقض العصمة النبوية كما ذكره ابن تيمية وابن عثيمين وبينهما جمع من كبار العلماء فيما نقلناه أعلاه .
- أول من اثار الشبه في رد هذه القصة بعض علماء الاشعرية لمذهبهم في عصمة الأنبياء وردهم للأحاديث الصحيحة التي تثبت وقوع بعض الذنوب منهم كما هو مذهب السلف وأهل السنة قاطبة .
وقولك : هل يمكن عقلا وحسا .. الخ مثل هذا الفخ هو ما أوقع الاشاعرة والمعتزلة وأضرابهم في بلايا في المعتقد خرجوا به عن مذهب السلف وردوا من أجل العقل والحس والذوق ما جاء في ظاهر الكتاب وصحيح السنة ..
وقلت : أهل العلم يردون زيادة الثقة اذا احتف بها من القرائن ما يوهناه ... الخ فما بالك اذا احتف بها من القرائن ما يصححها كما هو ظاهر الكتاب العزيز ... واقرأ تفسير السعدي تجد ما يسرك ...
أرجوا ألا يتهم بعضنا بعضا لمجرد خلاف وجد بين فريقين من العلماء .. فلا ضير عليك إن لم تأخذ بهذا .. ولا ضير علي إن لم أرى معك حجة غير كلام الخلف ...
ولا حرمنا الله من أمثالك ممن يبصرون إخوانهم وينصحونهم إذا وجدوا في كلامهم ما لم يروه صحيحا على رأيهم ...
فالدين النصيحة .. وقد وفت ذمتك ، وأفرغت وسعك .. واجتهدت طاقتك في النصح .. فجزاك الله خيرا ..
والعاصم الله .
سدد الله خطاك وإياي على مذهب سلفنا الصالح وتوفانا عليه .. اللهم آمين .
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل سليمان القطاوي
أخي الكريم / مساعد .. حياك الله ...
ولنعما ذكرت به ... إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ... قاله ابن سيرين رحمه الله فيما رواه مسلم والدارمي وابن أبي شيبة بسند صحيح عنه ..
وهذا مدخل اقول لك فيه : لقد أخذت ديني [ أو بالأخص هذه المسألة ] من كبار العلماء الذين رووه عن كبار الرواة من التابعين والأئمة ... وإن لم أجد إلا أنه اختيار ابن تيمية وابن حجر لكفاني عذرا أمام الله تعالى .. هذا أولا .
أرجوا ألا يتهم بعضنا بعضا لمجرد خلاف وجد بين فريقين من العلماء .. فلا ضير عليك إن لم تأخذ بهذا .. ولا ضير علي إن لم أرى معك حجة غير كلام الخلف ...
ولا حرمنا الله من أمثالك ممن يبصرون إخوانهم وينصحونهم إذا وجدوا في كلامهم ما لم يروه صحيحا على رأيهم ...
فالدين النصيحة .. وقد وفت ذمتك ، وأفرغت وسعك .. واجتهدت طاقتك في النصح .. فجزاك الله خيرا ..
والعاصم الله .
سدد الله خطاك وإياي على مذهب سلفنا الصالح وتوفانا عليه .. اللهم آمين .
بارك الله فيك
وجزاك خيرا على أدبك الجم
وأسأل الله الكريم أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه
وأتوقف هنا ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
السلام عليكم
الاخ القطاوي هل تعتقد ان النبي صلى الله عليه وسلم تلفظ ب "
"تِلْكَ الغَرَانِيْقُ العُلَى وإنّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى"
أم ان المشركين وقع في مسامعهم هذا الشئ ولم يقله الرسول صلى الله عليه وسلم؟
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
أهلا وسهلا أخي الطيب / ابراهيم ، حفظك الله ...
لا توصل الأمر إلى الإعتقاد ...
وهذا الذي طرحته نصف الطريق إلى قبول القصة ....
إذ إن الروايات وردت بهذا وبهذا ..
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وإذا كان التمني لا بد أن يدخل فيه القول ففيه قولان :
" الأول " أن الإلقاء هو في سمع المستمعين ولم يتكلم به الرسول وهذا قول من تأول الآية بمنع جواز الإلقاء في كلامه .
و" الثاني " - وهو الذي عليه عامة السلف ومن اتبعهم - أن الإلقاء في نفس التلاوة كما دلت عليه الآية وسياقها من غير وجه كما وردت به الآثار المتعددة ولا محذور في ذلك إلا إذا أقر عليه فأما إذا نسخ الله ما ألقى الشيطان وأحكم آياته فلا محذور في ذلك وليس هو خطأ وغلط في تبليغ الرسالة إلا إذا أقر عليه . اهـ
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
جزاك الله خيرا.
هل المشركين سجدوا لله ام من اجل ذكر الغرانيق؟؟.
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
وجزاك الله مثله يا أخ عمر ...
المشركون سجدوا يقينا كما في الروايات الصحيحة لأصل القصة أو روايات قصة الغرانيق ..
وإن كان سجودهم لله ، فلا يستغرب هذا الفعل منهم لأنهم قالوا كما حكى الله عنهم ( إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى ) أي الأصنام .
وإن كان سجودهم من أجل أنهم سمعوا ذكر الغرانيق ، فلا يستغرب فإنما هو يشركون الآلهة مع الله ..
وسواء سمعوا ذكر الغرانيق في آذانهم من وحي الشيطان لهم ، أو سمعوه قراءة من النبي صلى الله عليه وسلم على طريق الخطأ تلبيسا من الشيطان .. فالنتيجة واحدة .. وهي عصمة الوحي والرسول من الخطأ ، فنسخ الله ما ألقي الشيطان وأحكم آياته ..
قال تعالى : ( وَمَاأَرْسَلْنَا مِن ْقَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ ) الحج-52/55
والله أعلم .
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
وقال برهان الدين البقاعي في «النكت الوفية على الألفية » (ص: 99) مبيناً طريقة كبار الحفاظ في تعارض الوصل والإرسال في الحديث والرفع والوقف وزيادة الثقات وناقداً لابن الصلاح الذي خلط في هذه المسألة طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين فقال :
(إن ابن الصلاح خلط هنا طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين ، فإن للحذاق من المحدثين في هذه المسألة نظراً آخر لم يحكه وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه وذلك أنهم يحكمون بحكم مطرد وإنما يدورون في ذلك مع القرائن ) اهـ .
وقال أبو الفرج بن رجب في بيان منهج أئمة الحديث في قضية التفرد في الحديث والتفرد في بعض الألفاظ في الحديث:
( وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه أنه(1) لا يتابع عليه ، ويجعلون ذلك علة فيه اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه ، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً ولهم في كل حديث نقد خاص ، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه) اهـ من «شرح العلل ».
قال أبو عبد الله الحاكم في "المدخل إلى الإكليل" (ص:47) :
( القسم الثالث من الصحيح المختلف فيه : خبر يرويه ثقة من الثقات ، عن إمام من أئمة المسلمين ، فيسنده ، ثم يرويه عنه جماعة من الثقات فيرسلونه .
ومثاله : حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من سمع النداء فلم يجب ، فلا صلاة له إلا من عذر " .
هكذا رواه عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير ، وهو ثقة ، وقد وقفه سائر أصحاب سعيد بن جبير .
وهذا القسم مما يكثر ، ويستدل بهذا المثال على جملة من الأخبار المروية هكذا ، فهذه الأخبار صحيحة على مذهب الفقهاء ، فإن القول عندهم فيها قول من زاد في الإسناد أو المتن إذا كان ثقة .
فأما أئمة الحديث فإن القول فيها عندهم قول الجمهور الذي أرسلوه ، لما يخشى من الوهم على هذا الواحد ) ا.هـ .
قال ابن رجب في كتابه "مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة" _ كما في كتاب "سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث" ليوسف بن عبد الهادي (ص:42) ، بعد أن ذكر حديث طاوس عن ابن عباس قال : كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب : إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم . فأمضاه عليهم _ :
( فهذا الحديث لأئمة الإسلام فيه طريقان :
أحدهما : وهو مسلك الإمام أحمد ومن وافقه ، ويرجع إلى الكلام في إسناد الحديث بشذوذه وانفراد طاوس به ، وأنه لم يتابع عليه ، وانفراد الراوي بالحديث وإن كان ثقة هو علة في الحديث يوجب التوقف فيه ، وأن يكون شاذا ومنكرا إذا لم يرو معناه من وجه يصح ، وهذه طريقة أئمة الحديث المتقدمين ، كالإمام أحمد ويحيى القطان ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم ، وهذا الحديث لا يرويه عن ابن عباس غير طاوس ) ا.هـ
وانت ايها الاخ القطاوي اذا رجعت الى كتب العلل ترى هذا المنهج .
وانصحك ان تقرأ كتاب "احاديث معلة ظاهرة الصحة " فان كنت لم تقرأه فقد فات علما عظيما.
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
الأ خ الكريم / عمر / حفظه الله .
هذا الموضوع فيه مسألتان :
الأولى : أن عرض موضوع زيادة الثقة في هذه الصورة التي عرضتها لا ينتهي بمثل هذه البساطة ، ففيه نقاش طويل ...
ومما لا شك فيه أن المسألة فيها خلاف بين العلماء لا يهدر بجرة قلم ، أو باختيار رأي على أنه هو الصواب جزما بلا خلاف ..
وأرى أن جمهور أهل الحديث الذين هم أهل الصناعة فيه ، أطبقوا على أن زيادة الثقة لا ترد باطلاق ولا تقبل باطلاق .. وإنما بما يحف الرواية نفسها من قرائن ..
وأنا لم أدعي قبول زيادة الثقة مطلقا ..
وإنما كان بناء قبول زيادة الثقة في هذه الرواية على قرائن منها مجيئها في روايات أخرى ضعيفة وروايات مرسلة صحيحة ..
فمجرد مخالفة أحد الرواة لمن هو أوثق منه أو أكثر عددا لا يستلزم الضعف بل قد يكون من باب صحيح وأصح ، إذا تتابعت الروايات بمثل ما انفرد به الثقة عن جمع منهم ..
والعلماء في باب زيادة الثقة خلطوا بين طريقتين : طريقة المحدثين وطريقة الأصوليين ..
كما تنوعت آراؤهم بين قبول الزيادة وردها ، والراجح في هذا الباب أنهم لا يحكمون فيها بحكم عام مطرد ، وإنما يحكمون على ذلك بالقرائن والدلائل الكثيرة من أدلة الترجيح .
وإن كان الشاذ عند المحدثين هو مخالفة الثقة لمن هو أرجح منه ، فلابد من إضافة قيد مهم وهو قولنا : [ إذا تعسر الجمع بين روايتهما ] . وهو قيد مهم تغافله الناس وأهملوه ..
فأما إذا تيسر الجمع بين رواية الجمع الثقات والثقة الذي أتى بزيادة سواء في السند أو المتن فلا إشكال حينئذ .
وبيانه : أن ثلاثة من الثقات رووا القصة موقوفة على سعيد بن جبير ، وراو ثقة وصلها عن ابن عباس .. مخالفا الثقات الثلاثة في إرسالها ..
والمرسل عن ابن جبير الذي هو تلميذ ابن عباس ومن أشهر الرواة عنه في التفسير وغيره ..
فالأمر قريب لا سيما وقد جاءت موصولة من أوجه أخرى ضعيفة ، ومرسلة من أوجه أخرى صحيحة ..
فلا يلام من صحح الموصول بناءاً على أن علة المخالفة جاءت من ثقة وليس من راوٍ ضعيف الحفظ ، وتتابعت الروايات المرسلة الصحيحية عن التابعين بمثله .
وهذا عين ما فعله الضياء المقدسي في المختارة وابن حجر والسيوطي وغيرهم ممن صححوا القصة ، فقد رأوا أن مخالفة الثقة أمية بن خالد في الوصل والإرسال قد قوتها رواية أبو بكر المقريء على جهالة حالٍ فيه ، مع مراسيل صحيحة عن جمع من التابعين ..
نعم : رواية أمية الموصولة تخالف رواية الثقات الذين أرسلوها .. وهي بهذا تعتبر رواية ضعيفة وعلتها ما أشرنا إليه .. لكن قوتها رواية أبو بكر المقريء والمراسيل الصحيحة ..
بالإضافة إلى قيد مهم جعل من صحح القصة لا يتشدد في أسانيد هذه الروايات كتشدده في أحاديث الأحكام والأصول وهذا القيد هو :
الأمر الثاني : أن موضوعنا هذا ( قصة الغرانيق ) في غير أحاديث الأحكام وإنما هو في السيرة والتفسير ، أي أنه خبر تاريخي لا ينبني عليه حكم ، ويقبل في مثل هذا ما لا يقبل في غيره ، وقد أشبعنا القول في هذه المسألة ونقلنا أقوال علماء السلف بما يغني عن إعادته .
وقد أشرت من قبل أن العلماء الذي ضعفوا القصة أو ردوها لم يتشبثوا كثيرا بالنقد الحديثي قدر ما تشبثوا بقضية مخالفة القصة للعصمة النبوية ..
فكثير ممن ذهب إلى رد القصة صرحوا بأن فيها طعن في العصمة – وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره أنه لا شيء فيها البتة – فذهبوا يبحثون عن علل تسقط الاستدلال بهذه القصة رأساً ، مع أن مثل هذه العلل لو جاءت في غير هذه القصة لصححوها بضميمة رواية واحدة مرسلة ، غير أنهم متمسكين برد القصة من أجل ما رأوه من طعن في العصمة ، ورحم الله الجميع ، وشكر لهم غيرتهم .
شكر الله لك ، وزادك حرصا .
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل سليمان القطاوي
وإن كان الشاذ عند المحدثين هو مخالفة الثقة لمن هو أرجح منه ، فلابد من إضافة قيد مهم وهو قولنا : [ إذا تعسر الجمع بين روايتهما ] . وهو قيد مهم تغافله الناس وأهملوه ..
فأما إذا تيسر الجمع بين رواية الجمع الثقات والثقة الذي أتى بزيادة سواء في السند أو المتن فلا إشكال حينئذ .
الأخ الكريم القطاوي هذا القيد مَنْ أضافه ؟؟
- هل هم أهل الحديث ؟؟ فسمهم لنا
- أم هم أهل الأصول ؟؟ فسمهم لنا
- أم من خلطوا بين الطريقتين ؟؟ ..فسمهم لنا
- أم استفدته بمفردك من تطبيقات أهل الحديث، أو أهل الأصول
أو من خلطوا بين الصناعتين، فبين لنا كيف استنبطته ؟؟
وبارك الله فيك.
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل سليمان القطاوي
وإن كان الشاذ عند المحدثين هو مخالفة الثقة لمن هو أرجح منه ، فلابد من إضافة قيد مهم وهو قولنا : [ إذا تعسر الجمع بين روايتهما ] . وهو قيد مهم تغافله الناس وأهملوه ..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل سليمان القطاوي
فأما إذا تيسر الجمع بين رواية الجمع الثقات والثقة الذي أتى بزيادة سواء في السند أو المتن فلا إشكال حينئذ .
.
أخي الفاضل انت هدمت ما ذكرته بهذا القول .
ففي المقترح للامام الوادعي
السؤال155 في تفصيل زيادة الثقة ذكر ابن حجر -رحمه الله تعالى- وابن الصلاح وغيرهما أن زيادة الثقة على ثلاث مراتب، وقال: ننظر إذا وقعت ما هي فيه أو أنّها مخالفة لما هي فيه أو أنّها لم تخالف لكن خالفت غير الذي سيقت فيه، ساق على هذا تفصيلاً ذكره الأرناؤوط في تحقيقه "لجامع الأصول"، يقول: إذا كان يمكن الجمع بين الزيادة وبين الأصل عن طريق الجمع المعروف بالأصول: المطلق والمقيد والعموم والخصوص، فلا مانع، وبهذا يمكن أن يجمع بين كثير من الزيادات، ولا يدّعى الشذوذ؟
الجواب: هم يشترطون في رد الزيادة أن تكون منافية، لكن الذي يظهر أن الزيادة نفسها -كون أنّها زيادة- تنافي، من الأمثلة على هذا الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي موسى وفيه زيادة في بيان كيفية الصلاة: ((إذا قرأ فأنصتوا)) فالإمام الدارقطني ينتقد هذه الزيادة ويقول: إنه تفرد بها سليمان التيمي، ويوافقه النووي رحمه الله تعالى على هذا ويقول: إن الحفاظ -إشارة إلى جمع، إضافة إلى الدارقطني- ضعفوا هذه الزيادة. فالذي يظهر أن الزيادة بمجردها تعتبر منافاة)).
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
الأخ الكريم / أبو عبد الإله .. حفظه الله .
شرفنا بحضورك معنا في هذا النقاش ..
وكنت أتمنى أن تكون أول مشاركاتك خاص بمناقشة أصل الموضوع .. لكنك تجاهلت القضية برمتها ، ووقع صيدك على جملة استهجنتها وجعلتها مولدة من قبلي وكأنك لم تقرأها من قبل .
وأنا لن أرد على التفصيل الذي سألته في أسئلتك الستة السالفة لأنها تحتاج لدراسة ..
غير أنني أقول اجمالا :
وجود المخالفة بين رواية الثقة والثقات هي أصل الحديث الشاذ .. فإن لم توجد المخالفة فزيادة الثقة مقبولة في الجملة ..
إذا : فإن لم توجد المخالفة نقول فالجمع بين الروايتين كذا وكذا ..
وإن وجدت المخالفة قلنا تعذر الجمع .. ونحكم عليها بالشذوذ ..
فبداية البحث عن مخالفة الثقة تكون ببيان وجه المخالفة .. وعندها يكون إعمال أوجه الجمع ..
وهذا بدهي لا أرى من استهجنه غيرك .. لكي تقول من قاله ومن ومن !!!
فالاختلاف بين الروايتين بين ثقة وثقات مثلا يعمل فيها بالترجيح لأن المخالف هنا ثقة ..
والأصل في الترجيح هو تقوية إحدى الروايتين على الأخرى بمرجح معتمد ، وهو يقع في الروايات التي تتعارض ولا يمكن الجمع بينها.
والأصل عند الاختلاف بين الروايات أن يجمع بينها برابط يزيل الاختلاف ، فالترجيح إنما يصار إليه عند تعذر الجمع لأن الجمع أولى منه إذا أمكن .
وأوجه الجمع كثيرة جدا ... وبخصوص مخالفة الثقة فأهم أوجه الجمع أن يبحث عن ضبطه واتقانه ثم كثرة عدد من خالفهم ثم وجه المخالفة فإن وجدت المخالفة بين روايته وبين غيره وإلا فاعمال أوجه الجمع والترجيح متعينة حينئذ .
قال ابن الصلاح في مقدمته في نوع الشاذ :
إذا انفرد الراوي بشيء نُظِرَ فيه ؛ فإن كان ما انفرد به مخالفًا لما رواه مَنْ هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبطُ، كان ما انفرد به شاذًّا مردودًا. وإن لم يكن فيه مخالفة لما رواه غيره، وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره، فَيُنْظَر في هذا الراوي المنفرد: فإن كان عدلا حافظًا موثوقًا بإتقانه وضبطِه؛ قُبِلَ ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه، كما فيما سبق من الأمثلة؛ وإن لم يكن ممن يوثَق وإتقانه لذلك الذي انفرد به؛ كان انفراده به خارِمًا له مُزَحزِحًا له عن حيِّز الصحيح. اهـ
ويوضح هذه المسألة صراحة قول الامام ابن حجر في مقدمة الفتح (1/345) في الفصل الثامن :
ما تفرد بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عددا أو أضبط ممن لم يذكرها فهذا لا يؤثر التعليل به إلا إن كانت الزيادة منافية بحيث يتعذر الجمع إما إن كانت الزيادة لا منافاة فيها بحيث تكون كالحديث المستقل فلا ، اللهم إلا إن وضح بالدلائل القوية أن تلك الزيادة مدرجة في المتن من كلام بعض رواته فما كان من هذا القسم فهو مؤثر.. اهـ
وقال في الفصل التاسع من المقدمة (1/ 382) :
وأما المخالفة وينشأ عنها الشذوذ والنكارة فإذا روى الضابط والصدوق شيئا فرواه من هو أحفظ منه أو أكثر عددا بخلاف ما روى بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدثين فهذا شاذ وقد تشتد المخالفة أو يضعف الحفظ فيحكم على ما يخالف فيه بكونه منكرا وهذا ليس في الصحيح منه الا نزر يسير قد بين في الفصل الذي قبله بحمد الله تعالى. اهـ
وقال في النكت على مقدمة ابن الصلاح :
فمثال ما وقعت العلة في الإسناد ولم تقدح مطلقا : ما يوجد مثلا من حديث مدلس بالعنعنة ، فإن ذلك علة توجب التوقف عن قبوله فإذا وجد من طريق أخرى قد صرح بالسماع تبين أن العلة غير قادحة. ، وكذا إذا اختلف في الإسناد على بعض رواته، فإنظاهر ذلك يوجب التوقف عنه،فإن أمكن الجمع بينهما على طريق أهل الحديث بالقرائن التي تحف الإسناد تبين أن تلك العلة غير قادحة . اهـ
وأحيانا كثيرة يقدم وجه الجمع على تغليط بعض الرواة من الثقات المخالف لمن هم أوثق منه كما قال الحافظ ابن حجر عن وجه الجمع من ابن عبد البر للاختلاف الواقع في قصة طلاق ابن عمر : وهذا الجمع الذي ذكره ابن عبد البر وغيره يتعين وهو أولى من تغليط بعض الثقات . اهـ
وقد جاء عن الحافظ ابن حجر أيضا توضيح هذه المسألة في نزهة النظر ص 39 فقال :
وإما أن تكون ( الزيادة ) منافية بحيث يلزم من قبولها رد الرواية الأخرى فهذه هي التي يقع الترجيح بينها وبين معارضها . اهـ
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير في شرح ألفية العراقي عن مخالفة الثقة :
"ما انفرد دون الثقات ثقة خالفهم فيه " أي فيما انفرد به "صريحاً" المخالفة صريحة ، بأن لا يمكن الجمع بينهما ، "فهو رد عندهم" أي مردود عندهم، أي المحدثين، ويكون حينئذ من قبل الشاذ . اهـ
وقال الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي في توجيه النظر إلى أصول الأثر (1/180) عند تعريف الشاذ من الحديث :
مخالفة الثقة في روايته من هو أرجح منه عند تعسر الجمع بين الروايتين . اهـ
فمجرد الزيادة من الثقة لا تعد بذاتها شذوذا إلا إذا وجدت المخالفة بين روايته وبين رواية الثقات ، وحينئذ قد تعذر الجمع لوجود المخالفة الصريحة ..
والحكم في قبول زيادة الثقة إنما هو بالقرائن والملابسات للرواية نفسها وليس القبول أو الرد بحكم مطرد على كل زيادة الثقة ..
والأصل أن حديث الثقة ليس ضعيفا ،ولكنه من باب صحيح وأصحّ ، كما نص عليه الإمام السيوطيّ في تدريب الراوي 1/65.
وأخيرا : فمسألة التوفيق بين زيادة الثقة المقبولة ، والشذوذ الذي هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه ، من عويصات المسائل ، ومن المسائل التي يختلف فيها اجتهاد الإمام الواحد فضلاً عن اجتهاده مع اجتهاد أئمة آخرين . كما قال فضيلة الدكتور الشيخ سعد بن عبد الله آل حميد .
فلا يأتي أحد الأخوة هنا فيقرر! ويختار! ويرجح! ثم يفرض رأيه جازما بأنه الصواب ولا صواب غيره .. مقدما رأي شيخه أو رأي من قرأ له وأقنعه ، مع أن المسألة فيها خلاف عريض وقع من قديم بين جهابذة المحدثين ومتأخريهم ..
ويكفي أن تقرأ الاختلاف في تعريف الحديث الشاذ وحده عند الأئمة .. وبين من قبل زيادة الثقة مطلقا وبين من ردها مطلقا .، وهما رأيان متناقضان . وغير ذلك من المسائل العويصة التي لا ينتهي النقاش فيها بسطر فيه الجزم بالصواب ، والقول بأن الصحيح هو كذا فقط ..
ومثل هذه الأمور التي وقع فيها الخلاف اذا اختار أحدنا رأيا فلا يجرحه الآخر ويستهزيء به ويستجهله .. من أين أتيت بكذا ... ومن قال كذا .. الى غير ذلك ..
نسأل الله السلامة .. وشكر الله للجميع .
الأخ الكريم / عمر حفظه الله ..
لم أفهم وجه الاختلاف مما نقلته من كلامي !!
ففي الجملة الأولى قلت: إذا تعسر الجمع فهو شاذ ..
وفي الثانية قلت إذا تيسر الجمع فلا إشكال ..
فبين لي من كلامي ما هذا الذي هدمته ؟
وما نقلته من كلام الإمام الوادعي - رحمة الله عليه – :
أن الزيادة كونها زيادة تنافي !!
أو الزيادة بمجردها تعتبر منافاة ! أمر يحتاج إلى بحث ..
فهل كل زيادة من ثقة تعتبر منافية لمن لم يذكرها ؟
أرجوا أن تبحث هذه المسألة وتبين لنا من قاله من علماء الحديث ..
ويحتمل أنه قال ذلك عما أورده من مثل .. فليست كل الزيادات مقبولة ولا كلها مقبولة إذ لكل رواية قرائن غير الأخرى . والله أعلم .
وشكر الله لكم .
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
بارك الله فيك أخي القطاوي وجزاك الله خيرا
اعلم أن سؤالي كان علميّاً، الغايةُ منه إثراء المسألة، ومناقشتها علميا
وما كنتُ أحبُّ لك أن تخلط نقولاتك العلمية التي جلبتها في جوابك بما يخرجه
عن حدّ الجواب العلميّ...مثل قولك
اقتباس:
ووقع صيدك على جملة استهجنتها وجعلتها مولدة من قبلي وكأنك لم تقرأها من قبل .
وقولك:
اقتباس:
ومثل هذه الأمور التي وقع فيها الخلاف اذا اختار أحدنا رأيا فلا يجرحه الآخر ويستهزيء به ويستجهله .. من أين أتيت بكذا ... ومن قال كذا .. الى غير ذلك ..
نسأل الله السلامة ..
فمثل هذه الأجوبة عندما أقرؤها تزهدّني في المشاركة في المواضيع بكتابة تعليق أو تعقب أو
استفسار، وتدفعني إلى عدم قراءة المواضيع أصلاً..والسلام
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
السلام عليكم
سؤال لمن يقول ان القصة باطلة ولا تصح عقلا ومخالفة للقران ؟
ايتنى بتفسير شافى للايات
لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53)
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)
-----
ان كان ذكر فى المشاركات السابقة فدلنى على موضعه فلا املك الوقت لقراءة كل المشاركات بتمعن
وجزاكم الله خيرا
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
الأخ الكريم / أبو عبد الاله المسعودي .. حفظه الله ..
يعز علي أن أرى مثلك وقد اعتراه الغضب من أسلوبي ..
وأعتذر عما بدا لك مما رأيته قد أغضبك ..
غير أني أحق منك بهذا ..
فإن سؤالك فيه نوع استفزاز .. وهو قولك :
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو عبد الاله المسعودي
الأخ الكريم القطاوي هذا القيد مَنْ أضافه ؟؟ [ 1 ]
- هل هم أهل الحديث ؟؟ فسمهم لنا [ 2 ]
- أم هم أهل الأصول ؟؟ فسمهم لنا [ 3]
- أم من خلطوا بين الطريقتين ؟؟ ..فسمهم لنا [ 4 ]
- أم استفدته بمفردك من تطبيقات أهل الحديث، [ 5 ]
أو أهل الأصول [ 6 ]
أو من خلطوا بين الصناعتين، [ 7 ]
فبين لنا كيف استنبطته ؟؟ [ 8]
وبارك الله فيك.
فهذه ثماني أسئلة عن مسألة واحدة ...
وقد كان يكفيك أن تسأل فقط من أين لي بهذا القيد وكفى .. أو كسؤالك الأول : هذا القيد من اضافه ؟
وكما رأيت في ردي على مشاركتك .. فقد أحلتك إلى كلام الأئمة ، واعترفت أنت بعد ذلك أنها نقول علمية ..
كما بينت لك أنها مسألة بديهية لا تحتاج إلى كل هذه الاسئلة الثمانية التي عرضتها ..
فإن كنت قد فهمت منها بعض الازدراء والتنقص - وذلك لوضوح المسألة ، وكثرة الاسئلة ثانيا - فسامحني على أسلوبي الفظ !! ..
وعفا الله عما سلف ...
ولتتفضل بمشاركاتك لتثري الموضوع ، ولتنفع إخوانك بما فتح به الله عليك..
وأعتذر مرة أخرى .. وأهلا وسهلا بك .
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
المعذرة فقد اضطررت للعودة من أجل الاجابة على هذا الاستشكال الذي لم يُلتفت إليه !
/// وحتى لا يُظن أن من أنكر قصة الغرانيق فليس لديه تفسير شافٍ لهذه الآيات ...
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة معاذ عبد الرحمن
السلام عليكم
سؤال لمن يقول ان القصة باطلة ولا تصح عقلا ومخالفة للقران ؟
ايتنى بتفسير شافى للايات
لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53)
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)
قال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان : " ... أَيْ : أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قِرَاءَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشُّبَهَ وَ الْوَسَاوِسَ لِيَصُدَّ النَّاسَ عَنِ اتِّبَاعِ مَا يَقْرَؤُهُ ، وَيَتْلُوهُ الرَّسُولُ أَوِ النَّبِيُّ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَا إِشْكَالَ .
وَأَمَّا التَّقْدِيرُ الثَّانِي : فَهُوَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ أَيْ قِرَاءَتِهِ مَا لَيْسَ مِنْهَا لِيَظُنَّ الْكُفَّارُ أَنَّهُ مِنْهَا .
وَقَوْلُهُ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ يُسْتَأْنَسُ بِهِ لِهَذَا التَّقْدِيرِ .
وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ قِصَّةَ الْغَرَانِيقِ قَالُوا : سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ بِمَكَّةَ ، فَلَمَّا بَلَغَ : أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ : تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى ، فَلَمَّا بَلَغَ آخِرَ السُّورَةِ سَجَدَ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُشْرِكُونَ وَالْمُسْلِمُون َ . وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : مَا ذَكَرَ آلِهَتَنَا بِخَيْرٍ قَبْلَ الْيَوْمِ ، وَشَاعَ فِي النَّاسِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ أَسْلَمُوا بِسَبَبِ سُجُودِهِمْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، حَتَّى رَجَعَ الْمُهَاجِرُونَ مِنَ الْحَبَشَةِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ قَوْمَهُمْ أَسْلَمُوا ، فَوَجَدُوهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ أَنَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيَانِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا أَنْ يَقُولَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي الْآيَةِ قَوْلًا ، وَيَكُونُ فِي الْآيَةِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ الْقَوْلِ ، وَمَثَّلْنَا لِذَلِكَ : بِأَمْثِلَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ ، وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي زَعَمَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ : وَهُوَ أَنَّ الشَّيْطَانَ أَلْقَى عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، هَذَا الشِّرْكَ الْأَكْبَرَ وَالْكُفْرَ الْبَوَاحَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُمْ : تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَا وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى ، يَعْنُونَ : اللَّاتَ وَالْعُزَّى ، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ، الَّذِي لَا شَكَّ فِي بُطْلَانِهِ فِي نَفْسِ سِيَاقِ آيَاتِ «النَّجْمِ» الَّتِي تَخَلَّلَهَا إِلْقَاءُ الشَّيْطَانِ الْمَزْعُومِ قَرِينَة قُرْآنِيَّة وَاضِحَة عَلَى بُطْلَانِ هَذَا الْقَوْلِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ بَعْدَ مَوْضِعِ الْإِلْقَاءِ الْمَزْعُومِ بِقَلِيلٍ قَوْلَهُ تَعَالَى ، فِي اللَّاتِ وَالْعُزَّى ، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةِ الْأُخْرَى : {...إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} وَلَيْسَ مِنَ الْمَعْقُولِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسُبُّ آلِهَتَهُمْ هَذَا السَّبَّ الْعَظِيمَ فِي سُورَةِ النَّجْمِ مُتَأَخِّرًا عَنْ ذِكْرِهِ لَهَا بِخَيْرٍ الْمَزْعُومِ ، إِلَّا وَغَضِبُوا ، وَلَمْ يَسْجُدُوا ; لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْكَلَامِ الْأَخِيرِ ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ دَلَّتْ آيَاتٌ قُرْآنِيَّةٌ عَلَى بُطْلَانِ هَذَا الْقَوْلِ ، وَهِيَ الْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ سُلْطَانًا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَإِخْوَانِهِ مِنَ الرُّسُلِ ، وَأَتْبَاعِهِمُ الْمُخْلِصِينَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} وَعَلَى الْقَوْلِ الْمَزْعُومِ أَنَّ الشَّيْطَانَ أَلْقَى عَلَى لِسَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ الْكُفْرَ الْبَوَاحَ ، فَأَيُّ سُلْطَانٍ لَهُ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ .
وَمِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ الْقَوْلِ الْمَزْعُومِ قَوْلُهُ تَعَالَى {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} ، وَقَوْلُهُ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وَقَوْلُهُ تَعَالَى : {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} فَهَذِهِ الْآيَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ تَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الْقَوْلِ الْمَزْعُومِ .
مَسْأَلَةٌ :
اعْلَمْ : أَنَّ مَسْأَلَةَ الْغَرَانِيقِ مَعَ اسْتِحَالَتِهَا شَرْعًا ، وَدَلَالَةِ الْقُرْآنِ عَلَى بُطْلَانِهَا لَمْ تَثْبُتْ مِنْ طَرِيقٍ صَالِحٍ لِلِاحْتِجَاجِ ، وَصَرَّحَ بِعَدَمِ ثُبُوتِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ ، وَالْمُفَسِّرُو نَ يَرْوُونَ هَذِهِ الْقِصَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلْبِيَّ مَتْرُوكٌ ، وَقَدْ بَيَّنَ الْبَزَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : أَنَّهَا لَا تُعْرَفُ مِنْ طَرِيقٍ يَجُوزُ ذِكْرُهُ إِلَّا طَرِيقَ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، مَعَ الشَّكِّ الَّذِي وَقَعَ فِي وَصْلِهِ ، وَقَدِ اعْتَرَفَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ مَعَ انْتِصَارِهِ ، لِثُبُوتِ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِأَنَّ طُرُقَهَا كُلَّهَا إِمَّا مُنْقَطِعَةٌ أَوْ ضَعِيفَةٌ إِلَّا طَرِيقَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ .
وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ طَرِيقَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، لَمْ يَرْوِهَا بِهَا أَحَدٌ مُتَّصِلَةً إِلَّا أُمَيَّةَ بْنَ خَالِدٍ ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً فَقَدْ شَكَّ فِي وَصْلِهَا .
فَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ أُمَيَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا أَحْسَبُ ، ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَقَالَ الْبَزَّارُ : لَا يُرَى مُتَّصِلًا إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، تَفَرَّدَ بِوَصْلِهِ أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ ، وَهُوَ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ ، وَقَالَ الْبَزَّارُ : وَإِنَّمَا يُرْوَى مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالْكَلْبِيُّ مَتْرُوكٌ .
فَتَحَصَّلَ أَنَّ قِصَّةَ الْغَرَانِيقِ ، لَمْ تَرِدْ مُتَّصِلَةً إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي شَكَّ رَاوِيهِ فِي الْوَصْلِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ لِظُهُورِ ضَعْفِهِ ، وَلِذَا قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ : إِنَّهُ لَمْ يَرَهَا مُسْنَدَةً مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ .
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ : وَلَمْ يَصِحَّ شَيْءٌ مِنْ هَذَا ، وَلَا يَثْبُتُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ ، وَمَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ ، بَلْ بُطْلَانِهِ فَقَدْ دَفَعَهُ الْمُحَقِّقُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ ; كَقَوْلِهِ {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ} الْآيَةَ ، وَقَوْلِهِ {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} فَنَفَى الْمُقَارَبَةَ لِلرُّكُونِ فَضْلًا عَنِ الرُّكُونِ ، ثُمَّ ذَكَرَ الشَّوْكَانِيُّ عَنِ الْبَزَّارِ أَنَّهَا لَا تُرْوَى بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ ، وَعَنِ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُ قَالَ : هِيَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ ، وَذَكَرَ عَنْ إِمَامِ الْأَئِمَّةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ : أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ وَأَبْطَلَهَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ ، وَالْفَخْرُ الرَّازِيُّ وَجَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ ، وَقِرَاءَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُورَةَ النَّجْمِ وَسُجُودُ الْمُشْرِكِينَ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ قِصَّةِ الْغَرَانِيقِ ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الصَّحِيحِ وَهُوَ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ فَلَا إِشْكَالَ ..." إلى آخر كلامه رحمه الله وجزاه عنا خير الجزاء وأوفره وأكمله ... آمين
"
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
ثم قال الشنقيطي رحمه الله : " ...وَنَحْنُ وَإِنْ ذَكَرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ يُسْتَأْنَسُ بِهِ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّ مَفْعُولَ الْإِلْقَاءِ الْمَحْذُوفِ تَقْدِيرُهُ :أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قِرَاءَتِهِ مَا لَيْسَ مِنْهَا ; لِأَنَّ النَّسْخَ هُنَا هُوَ النَّسْخُ اللُّغَوِيُّ ، وَمَعْنَاهُ الْإِبْطَالُ وَالْإِزَالَةُ مِنْ قَوْلِهِمْ : نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ ، وَنَسَخَتِ الرِّيحُ الْأَثَرَ ، وَهَذَا كَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَنْسَخُ شَيْئًا أَلْقَاهُ الشَّيْطَانُ ، لَيْسَ مِمَّا يَقْرَؤُهُ الرَّسُولُ أَوِ النَّبِيُّ ، فَالَّذِي يَظْهَرُ لَنَا أَنَّهُ الصَّوَابُ ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلَالَةً وَاضِحَةً ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ لَهُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْآيَةِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ : هُوَ أَنَّ مَا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ فِي قِرَاءَةِ النَّبِيِّ : الشُّكُوكُ وَالْوَسَاوِسُ الْمَانِعَةُ مِنْ تَصْدِيقِهَا وَقَبُولِهَا ، كَإِلْقَائِهِ عَلَيْهِمْ أَنَّهَا سِحْرٌ أَوْ شِعْرٌ ، أَوْ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ، وَأَنَّهَا مُفْتَرَاةٌ عَلَى اللَّهِ لَيْسَتْ مُنَزَّلَةً مِنْ عِنْدِهِ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى : أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي الْإِلْقَاءِ الْمَذْكُورِ امْتِحَانُ الْخَلْقِ ، لِأَنَّهُ قَالَ {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} ثُمَّ قَالَ {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} فَقَوْلُهُ {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ} الْآيَةَ ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّيْطَانَ يُلْقِي عَلَيْهِمْ ، أَنَّ الَّذِي يَقْرَؤُهُ النَّبِيُّ لَيْسَ بِحَقٍّ فَيُصَدِّقُهُ الْأَشْقِيَاءُ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِتْنَةً لَهُمْ ، وَيُكَذِّبُهُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ لَا الْكَذِبُ ; كَمَا يَزْعُمُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ فِي إِلْقَائِهِ : فَهَذَا الِامْتِحَانُ لَا يُنَاسِبُ شَيْئًا زَادَهُ الشَّيْطَانُ مِنْ نَفْسِهِ فِي الْقِرَاءَةِ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ ، فَمَعْنَى نَسْخِ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ : إِزَالَتُهُ وَإِبْطَالُهُ ، وَعَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِي الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ .
وَمَعْنَى يُحْكِمُ آيَاتِهِ : يُتْقِنُهَا بِالْإِحْكَامِ ، فَيُظْهِرُ أَنَّهَا وَحْيٌ مُنَزَّلٌ مِنْهُ بِحَقٍّ ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ مُحَاوَلَةُ الشَّيْطَانِ صَدَّ النَّاسِ عَنْهَا بِإِلْقَائِهِ الْمَذْكُورِ ، وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّهُ يُسَلِّطُ الشَّيْطَانَ فَيَلْقَى فِي قِرَاءَةِ الرَّسُولِ وَالنَّبِيِّ ، فِتْنَةً لِلنَّاسِ لِيَظْهَرَ مُؤْمِنُهُمْ مِنْ كَافِرِهِمْ بِذَلِكَ الِامْتِحَانِ ، جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ قَدَّمْنَاهَا مِرَارًا ... كَقَوْلِهِ {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} أَيْ : لِأَنَّهَا فِتْنَةٌ ، كَمَا قَالَ {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ} الْآيَةَ ; لِأَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالُوا : ظَهَرَ كَذِبُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ الشَّجَرَ لَا يَنْبُتُ فِي الْمَوْضِعِ الْيَابِسِ ، فَكَيْفَ تَنْبُتُ شَجَرَةٌ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ! إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ ، كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ مِرَارًا ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى . "
فاستشفِ بهذا التفسير يشفك الله إن شاء سبحانه وتعالى
وإن لم تستشفِ به فشأنك إذا !
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
الأخ الكريم / مساعد .. حفظه الله ...
أهلا وسهلا بك .... وعودا حميدا .. ولا حرمنا الله من مشاركاتك المفيدة ..
وبالنسبة لما نقلته في مشاركتيك أعلاه ..
فموقف الإمام الشنقيطي رحمه الله معروف في رد هذه القصة وإبطالها ..
وهذا الذي ذهب إليه الشيخ رحمه الله تعالى ، أشار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يشبه التأويل للآية ..
فقال : في مجموع الفتاوى (15/190-192) :
إلقاء الشيطان المذكور في قوله : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) إلى قوله (صراط مستقيم )... للناس فيه اقولان مشهوران ؛بعد اتفاقهم على أن التمني هو التلاوة والقرآن كما عليه المفسرون من السلف كما في قوله : ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون)وأما من أول النهي على تمني القلب فذاك فيه كلام آخر؛ وإن قيل : إن الآية تعم النوعين؛ لكن الأول هو المعروف المشهور في التفسير وهو ظاهر القرآن ومراد الآية قطعا لقوله بعد ذلك : ( فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم * ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض) . وهذا كله لا يكون في مجرد القلب إذا لم يتكلم به النبي ؛ لكن قد يكون في ظنه الذي يتكلم به بعضه النخل ونحوها وهو يوافق ما ذكرناه . وإذا كان التمني لا بد أن يدخل فيه القول ففيه قولان :
الأول : أن الإلقاء هو في سمع المستمعين ولم يتكلم به الرسول وهذا قول من تأول الآية بمنع جواز الإلقاء في كلامه .
والثاني : - وهو الذي عليه عامة السلف ومن اتبعهم - أن الإلقاء في نفس التلاوة كما دلت عليه الآية وسياقها من غير وجه كما وردت به الآثار المتعددة ولا محذور في ذلك إلا إذا أقر عليه فأما إذا نسخ الله ما ألقى الشيطان وأحكم آياته فلا محذور في ذلك وليس هو خطأ وغلط في تبليغ الرسالة إلا إذا أقر عليه . ولا ريب أنه معصوم في تبليغ الرسالة أن يقر على خطأ كما قال : ( فإذا حدثتكم عن الله بشيء فخذوا به فإني لن أكذب على الله ) ولولا ذلك لما قامت الحجة به فإن كونه رسول الله يقتضي أنه صادق فيما يخبر به عن الله والصدق يتضمن نفي الكذب ونفي الخطأ فيه . فلو جاز عليه الخطأ فيما يخبر به عن الله وأقر عليه لم يكن كل ما يخبر به عن الله . والذين منعوا أن يقع الإلقاء في تبليغه فروا من هذا وقصدوا خيرا وأحسنوا في ذلك ؛ لكن يقال لهم : ألقى ثم أحكم فلا محذور في ذلك. فإن هذا يشبه النسخ لمن بلغه الأمر والنهي من بعض الوجوه فإنه إذا موقن مصدق برفع قول سبق لسانه به ليس أعظم من إخباره برفعه . اهـ
وقال في(10/ 290-292) :
وهذه العصمة الثابتة للأنبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة ؛ فإن " النبي " هو المنبأ عن الله و " الرسول " هو الذي أرسله الله تعالى وكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا والعصمة فيما يبلغونه عن الله ثابتة فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين . ولكن هل يصدر ما يستدركه الله فينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم الله آياته ؟ هذا فيه قولان .
والمأثور عن السلف يوافق القرآن بذلك .
والذين منعوا ذلك من المتأخرين طعنوا فيما ينقل من الزيادة في سورة النجم بقوله [ تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ] وقالوا : إن هذا لم يثبت ..
ومن علم أنه ثبت ، قال : هذا ألقاه الشيطان في مسامعهم ولم يلفظ به الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولكن السؤال وارد على هذا التقدير أيضا .
وقالوا في قوله : ( إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) هو حديث النفس .
وأما الذين قرروا ما نقل عن السلف فقالوا :
هذا منقول نقلا ثابتا لا يمكن القدح فيه ، والقرآن يدل عليه بقوله :
(وَمَاأَرْسَلْنَامِنْقَبْلِكَمِنْرَسُولٍوَلَانَبِيٍّإِلَّاإِذَاتَمَنَّىأَلْقَىالشَّيْطَانُفِيأُمْنِيَّتِهِفَيَنْسَخُاللَّهُمَايُلْقِيالشَّيْطَانُثُمَّيُحْكِمُاللَّهُآيَاتِهِوَاللَّهُعَلِيمٌحَكِيمٌ* لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) .
<FONT size=3>فقالوا الآثار في تفسير هذه الآية معروفة ثابتة في كتب التفسير والحديث ، والقرآن يوافق ذلك فإن نسخ الله لما يلقي الشيطان وإحكامه آياته إنما يكون لرفع ما وقع في آياته وتمييز الحق من الباطل حتى لا تختلط آياته بغيرها . وجعلماألقىالشيطانفتنةللذينفيقلوبهممرضوالقاسيةقلوبهمإنمايكونإذاكانذلك<U>
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
تصحيح للنقل الأخير من الفتاوى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وقال في مجموع الفتاوى أيضا (10/ 290-292) :
وهذه العصمة الثابتة للأنبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة ؛ فإن " النبي " هو المنبأ عن الله
و " الرسول " هو الذي أرسله الله تعالى وكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا والعصمة فيما يبلغونه عن الله ثابتة
فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين . ولكن هل يصدر ما يستدركه الله فينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم الله آياته ؟
هذا فيه قولان .
والمأثور عن السلف يوافق القرآن بذلك .
والذين منعوا ذلك من المتأخرين طعنوا فيما ينقل من الزيادة في سورة النجم بقوله [ تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ]
وقالوا : إن هذا لم يثبت ..
ومن علم أنه ثبت ، قال : هذا ألقاه الشيطان في مسامعهم ولم يلفظ به الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولكن السؤال وارد على هذا التقدير أيضا .
وقالوا في قوله : ( إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) هو حديث النفس .
وأما الذين قرروا ما نقل عن السلف فقالوا :
هذا منقول نقلا ثابتا لا يمكن القدح فيه ، والقرآن يدل عليه بقوله :
( وَمَ اأَرْسَلْنا مِن ْقَبْلِك َمِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّإ ِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ *
لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ *
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) .
فقالوا الآثار في تفسير هذه الآية معروفة ثابتة في كتب التفسير والحديث ، والقرآن يوافق ذلك فإن نسخ الله لما يلقي الشيطان وإحكامه آياته إنما يكون لرفع ما وقع في آياته وتمييز الحق من الباطل حتى لا تختلط آياته بغيرها . وجعل ما ألقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم إنما يكون إذا كان ذلك ظاهرا يسمعه الناس لا باطنا في النفس، والفتنة التي تحصل بهذا النوع من النسخ من جنس الفتنة التي تحصل بالنوع الآخر من النسخ .
وهذا النوع أدل على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده عن الهوى من ذلك النوع فإنه إذا كان يأمر بأمر ثم يأمر بخلافه وكلاهما من عند الله وهو مصدق في ذلك فإذا قال عن نفسه إن الثاني هو الذي من عند الله وهو الناسخ وإن ذلك المرفوع الذي نسخه الله ليس كذلك كان أدل على اعتماده للصدق وقوله الحق وهذا كما قالت عائشة رضي الله عنها لو كان محمد كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية : ( وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) ألا ترى أن الذي يعظم نفسه بالباطل يريد أن ينصر كل ما قاله ولو كان خطأ؟
فبيان الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله أحكم آياته ونسخ ما ألقاه الشيطان هو أدل على تحريه للصدق وبراءته من الكذب وهذا هو المقصود بالرسالة فإنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم تسليما ولهذا كان تكذيبه كفرا محضا بلا ريب . اهـ
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
وقول الإمام الشنقيطي في دفع إيهام الإضطراب :
وهذه الآية لا تعارض بينها وبين الآيات المصرحة بأن الشيطان لا سلطان له على عباد الله المؤمنين المتوكلين , ومعلوم أن خيارهم الأنبياء كقوله تعالى ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ , إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ )
وقوله تعالى ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ )
وقوله ( فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُم ْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ )
وقوله ( وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي )
ووجه كون الآيات لا تعارض بينها :
أن سلطان الشيطان المنفي عن المؤمنين المتوكلين في معناه وجهان للعلماء :
الأول : أن معنى السلطان الحجة الواضحة, وعليه فلا إشكال إذ لا حجة مع الشيطان البتة كما اعترف به فيما ذكر الله عنه في قوله ( وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي )
الثاني : أن معناه أنه لا تسلط له عليهم بإيقاعهم في ذنب يهلكون به ولا يتوبون منه , فلا ينافي هذا ما وقع من آدم وحواء وغيرهما فإنه ذنب مغفور لوقوع التوبة منه, فإلقاء الشيطان في أمنية النبي سواء فسرناها بالقراءة أو التمني لإيمان أمته لا يتضمن سلطانا للشيطان على النبي بل هو من جنس الوسوسة وإلقاء الشبه لصد الناس عن الحق كقوله ( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ) الآية . اهـ
فأقر رحمه الله أنه لا خلاف بين الآية موضوع البحث وبين الآيات التي تنفي سلطان الشيطان ..
لكنه رحمه الله اختار أن إلقاء الشيطان في أمنية النبي ، من جنس الوسوسة وإلقاء الشبه لصد الناس عن الحق !!
وهذا يقوله هروبا من القول بجواز الإلقاء في كلامه .. فهو تأويل لظاهرها مع مخالفة فهم السلف وتفسيرهم لها .
كما أن نفيه للسلطان في هذه الحالة آكد لأن النبي لم يتعمده أولا ، ولأن الله أحكمه ثانيا فلم يقره على الباطل .
كما قال شيخ الإسلام : وجعل ما ألقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم إنما يكون إذا كان ذلك ظاهرا يسمعه الناس لا باطنا في النفس .
ومجمل كلام شيخ الإسلام رحمه الله في هذا المقام :
أن من قال أن هذا الإلقاء هو في مسامع المشركين ولم يتلفظ به النبي يعتبر تأويلا للآية وخروجا عن نصها الظاهر .
فقول الشيخ الشنقيطي أن إلقاء الشيطان في أمنية النبي من جنس الوسوسة وإلقاء الشبه لصد الناس عن الحق !! تأويل مثل من قال أن الإلقاء هو في سمع المستمعين ولم يتكلم به الرسول لاشتراكهم في القول بمنع جواز الإلقاء في كلامه .
كما أن القول بأن الإلقاء إنما هو بالوسوسة والشبه قد خالف نص الآية من وجهين :
الأول : أن القول بأن ما يلقيه الشيطان من جنس الوسوسة والشبه ، من يراد به ؟ إن أريد به النبي صلى لله عليه وسلم ، فباطل بداهة .. لأنه لو كان في خاطره صلى لله عليه وسلم فلا يترتب عليه سبب الفتنة للكفار لأنه غير معلوم أو مسموع لهم .
وإن أريد به المستمعين ، فقد استمعه المؤمنون والكفار ، فإن كان لهما معا أو لأحدهما انفرادا عن الآخر ، فكيف يتجه عليه القول بالنسخ ؟ وأي شيء ينسخه الله ؟ هل ينسخ الشبه والوساوس من قلوب الكفار ؟
الثاني : أنه مخالف لتفسير السلف قاطبة ولم يعرف لهم مخالف ممن عاصرهم كما قال شيخ الإسلام : والذي عليه عامة السلف ومن اتبعهم ، أن الإلقاء في نفس التلاوة كما دلت عليه الآية وسياقها من غير وجه كما وردت به الآثار المتعددة ..
وقال أبو المظفر السمعاني [ وهو من أئمة أهل السنة الكبار حتى قال عنه الذهبي : تعصب لأهل الحديث والسنة والجماعة ، وكان شوكا في أعين المخالفين ، وحجة لأهل السنة ] في تفسيره (3/449):
الأكثرون من السلف ذهبوا إلى أن هذا شيء جرى على لسان الرسول بإلقاء الشيطان من غير أن يعتقد، وذلك محنة وفتنة من الله (وعادة) [ قوله (وعادة) أي في رسل الله وأنبيائه ]، والله تعالى يمتحن عباده بما شاء، ويفتنهم بما يريد، وليس عليه اعتراض لأحد وقالوا: إن هذا وإن كان غلطا عظيما، فالغلط يجوز على الأنبياء، إلا أنهم لا يقرون عليه. اهـ
وقال الإمام ابن جرير مستخلصا :
واختلف أهل التأويل في معنى قوله تمنى في هذا الموضع، وقد ذكرت قول جماعة ممن قال: ذلك التمني من النبيّ صلى الله عليه وسلم ما حدثته نفسه من محبته، مقاربة قومه في ذكر آلهتهم ببعض ما يحبون، ومن قال ذلك محبة منه في بعض الأحوال أن لا تذكر بسوء. وقال آخرون: بل معنى ذلك: إذا قرأ وتلا أو حدّث.
وهذا القول [ يعني الأخير ] أشبه بتأويل الكلام، بدلالة قوله:( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ) على ذلك; لأن الآيات التي أخبر الله جلّ ثناؤه أنه يحكمها، لا شك أنها آيات تنزيله، فمعلوم أن الذي ألقى فيه الشيطان هو ما أخبر الله تعالى ذكره أنه نسخ ذلك منه وأبطله، ثم أحكمه بنسخه ذلك منه.
فتأويل الكلام إذن: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيّ إلا إذا تلا كتاب الله، وقرأ، أو حدّث وتكلم، ألقى الشيطان في كتاب الله الذي تلاه وقرأه، أو في حديثه الذي حدث وتكلم( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ) يقول تعالى: فيذهب الله ما يلقي الشيطان من ذلك على لسان نبيه ويبطله. اهـ
وقال الإمام القرطبي في تفسيره (12/85) :
قوله تعالى : " ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة " يرد حديث النفس . وقد قال ابن عطية (5/6) : لا خلاف أن إلقاء الشيطان إنما هو لألفاظ مسموعة ، بها وقعت الفتنة . اهـ
وقال البيضاوي في تفسيره : ( ليجعل ما يلقي الشيطان ) علة لتمكين الشيطان منه وذلك يدل على أن المُلقَى أمر ظاهر عرفه المحق والمبطل .
فما ذهب إليه الإمام الشنقيطي من أن هذا الإلقاء هو بالشبه والوساوس ليس بجديد .. بل هو عين رأي المتأخرين ..
مع أنه أمر بدهي معلوم بالضرورة من فعل الشيطان ، ولا يحتاج إلى أن القول بنسخه وإبطاله .
بقيت جملة للإمام الشنقيطي - رحمه الله – وهي قوله : أنها كلمة شرك أكبر وكفر بواح ..
وهذا حق لا شك .. ولها تقديران :
فإن كانت من كلام الشيطان في الوحي ، فلا تعدوا أن تكون لغوا من قبله ، قد جرت به الفتنة ، وقد أحكم الله آياته ونسخ ما ألقاه الشيطان .
وإن كانت مما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن أثر الشيطان ، وهو منه صلى الله عليه وسلم على سبيل الخطأ والسهو لم يتعمده يقينا ، بل هو معصوم وإخوانه من تعمد مثل هذا ، ومن الإقرار عليه .. والقرينة التي ذكرها الشيخ تؤيد هذا ، وهي قراءته بعد ذلك ( إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وأباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ) ..
ومع ذلك فقد أحكم الله آياته ونسخ ما ألقاه الشيطان .
وفي الأخير .. قد بين شيخ الإسلام رحمه الله أن الخلاف ها هنا محير حتى قال في مجموع الفتاوى (19/8) :
كثر نزاعهم مع ذكائهم في مسائل ودلائل يجعلها أحدهم قطعية الصحة ويجعلها الآخر قطعية الفساد بل الشخص الواحد يقطع بصحتها تارة وبفسادها أخرى وليس في المنزل من عند الله شيء أكثر ما في الباب أنه ( إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ) فغاية ذلك غلط في اللسان يتداركه الله فلا يدوم .
وجميع ما تلقته الأمة عن الرسول صلى الله عليه وسلم حق لا باط لفيه ؛ وهدى لا ضلال فيه ؛ ونور لا ظلمة فيه . وشفاء ونجاة . والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله . اهـ
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
وكما تفضلت بنقل ما قاله الإمام الشنقيطي وهو ممن رد القصة وأبطلها ..
فسأنقل لك – غير ما تقدم أعلاه - ما قاله الإمام السعدي في تفسيره ، وهو ممن قبل القصة ..
غير أن تفسير الأخير ينصر مذهب السلف في تفسيرهم لهذه الآية ..
ولا نريد بهذا أن نحط من قدر الإمام الشنقيطي رحمه الله ، فهو علم من أعلام أهل السنة ..
وكذلك ليس المراد المفاضلة بين الرجلين أو بين تفسيريهما ..
وإنما الأمر للمدارسة وبيان منهج أمثالهم من العلماء الكبار في البحث والاستدلال والترجيح ..
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في تفسيره :
يخبر تعالى بحكمته البالغة ، واختياره لعباده ، وأن الله ما أرسل قبل محمد ( مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى ) أي : قرأ قراءته ، التي يذكر بها الناس ، ويأمرهم وينهاهم ، ( أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) أي : في قراءته ، من طرقه ومكايده ، ما هو مناقض لتلك القراءة ، مع أن الله تعالى قد عصم الرسل بما يبلغون عن الله ، وحفظ وحيه أن يشتبه ، أو يختلط بغيره. ولكن هذا الإلقاء من الشيطان ، غير مستقر ولا مستمر ، وإنما هو عارض يعرض ثم يزول ، وللعوارض أحكام ، ولهذا قال : ( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ) أي : يزيله ويذهبه ويبطله ، ويبين أنه ليس من آياته ، و ( يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ) أي : يتقنها ، ويحررها ، ويحفظها ، فتبقى خالصة من مخالطة إلقاء الشيطان ( وَاللَّهُ عَزِيزٌ ) أي: كامل القوة والاقتدار ، فبكمال قوته ، يحفظ وحيه ، ويزيل ما تلقيه الشياطين ( حَكِيمٌ ) يضع الأشياء مواضعها ، فمن كمال حكمته ، مكن الشياطين من الإلقاء المذكور ، ليحصل ما ذكره بقوله ( لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً ) لطائفتين من الناس ، لا يبالي الله بهم ، وهم الذين ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) أي : ضعف وعدم إيمان تام وتصديق جازم ، فيؤثر في قلوبهم أدنى شبهة تطرأ عليها ، فإذا سمعوا ما ألقاه الشيطان ، داخلهم الريب والشك ، فصار فتنة لهم .( وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ) أي: الغليظة ، التي لا يؤثر فيها زجر ولا تذكير ، ولا تفهم عن الله وعن رسوله لقسوتها ، فإذا سمعوا ما ألقاه الشيطان ، جعلوه حجة لهم على باطلهم ، وجادلوا به وشاقوا الله ورسوله ، ولهذا قال( وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ) أي : مشاقة لله ، ومعاندة للحق ، ومخالفة له ، بعيد من الصواب ، فما يلقيه الشيطان ، يكون فتنة لهؤلاء الطائفتين ، فيظهر به ما في قلوبهم ، من الخبث الكامن فيها ، وأما الطائفة الثالثة ، فإنه يكون رحمة في حقها ، وهم المذكورون بقوله ( وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ) لأن الله منحهم من العلم ، ما به يعرفون الحق من الباطل ، والرشد من الغي ، فيميزون بين الأمرين ، الحق المستقر ، الذي يحكمه الله ، والباطل العارض الذي ينسخه الله ، بما على كل منهما من الشواهد ، وليعلموا أن الله حكيم ، يقيض بعض أنواع الابتلاء ، ليظهر بذلك كمائن النفوس الخيرة والشريرة ( فَيُؤْمِنُوا بِهِ ) بسبب ذلك ، ويزداد إيمانهم عند دفع المعارض والشبه.
( فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ) أي: تخشع وتخضع ، وتسلم لحكمته ، وهذا من هدايته إياهم ( وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا ) بسبب إيمانهم ( إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) علم بالحق ، وعمل بمقتضاه ، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، وهذا النوع من تثبيت الله لعبده.
وهذه الآيات ، فيها بيان أن للرسول صلى الله عليه وسلم أسوة بإخوانه المرسلين ، لما وقع منه عند قراءته صلى الله عليه وسلم : ( والنجم ) فلما بلغ ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى ) ألقى الشيطان في قراءته " تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترتجى " فحصل بذلك للرسول حزن وللناس فتنة ، كما ذكر الله ، فأنزل الله هذه الآيات .
وقال في القواعد الحسان في تفسير القرآن (ص: 143) :
ومن هذا الباب [ وهو : القاعدة الرابعة والستون: الأمور العارضة التي لا قرار لها بسبب المزعجات أو الشبهات قد تَردُ على الحق وعلى الأمور اليقينية ولكن سرعان ما تضمحل وتزول ]
بل من صريحه قوله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) أيْ يلقي من الشبه ما يعارض اليقين.
ثم ذكر الحكم المترتبة على الإلقاء ولكن نهاية الأمر وعاقبته أن الله يبطل ما يلقي الشيطان ، ويحكم الله آياته ، والله عليم حكيم ، فقد أخبر الله بوقوع هذا الأمر لجميع الرسل والأنبياء ، لهذه الحكم التي ذكرها ، فمن أنكر وقوع ذلك بناء على أن الرسل لا ريب ولا شك أنهم معصومون ، وظن أن هذا ينافي العصمة ، فقد غلط أكبر غلط ، ولو فهم أن الأمور العارضة لا تؤثر في الأمور الثابتة لم يقل إلا قولاً يخالف فيه الواقع ويخالف بعض الآيات ويطلب التأويلات المستبعدات . اهـ
وبعد .. أيها الحبيب ..
فالاستشفاء إنما هو بالقرآن وحده ، وليس باختيار تفسير على تفسير ، أو قبول رأي من أجل استحسانه على رأي مخالف له ..
بل الذي أراه أنا – على ضعفي وجهلي – أن قبول ما جاء عن السلف في تفسير الآية هو من تمام الاستشفاء بالقرآن ..
شكر الله لك ... وجزاك الله خيرا وبرا ..
وسعدت بوجودك . ولا حرمنا من مشاركاتك الطيبة .
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
فائدة : في مجمل تفسير السلف الصحيح للآية ..
وأقول الصحيح لأنه تفسير السلف بلا مخالف لهم ممن عاصرهم :
(1) تفسيرالتمني في الآية بالتلاوة والقراءة هو الصحيح الثابت من جهة النقل واللغة وهو ظاهر نص الآية .. وإن كان التمني يطلق على تمني القلب أحيانا فتعلق الآية بالمعنى الأول هو الصحيح الظاهر لأمرين :
الأول : ما جاء في القرآن لمعنى التمني بأنه التلاوة كما في قوله تعالى من سورة البقرة ( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) الآية [78]
والثاني : قولهم في التمني : أنه تلاوة الكتاب ، ومنه قول حسان بن ثابت في عثمان بن عفان رضي الله عنه : تمنى كتاب الله أول ليله ... وآخـرها لاقى حمام المقادر.
وقول الآخر: تمنى كتاب الله آخر ليلة ... تمنى داود الزبور على رسل.
(2) أن إلقاء الشيطان إنما هو لشيء مسموع ظاهر وليس من باب الوسوسة ، ويؤيده أمران :
الأول : وقوع النسخ والإبطال لهذا الذي ألقاه الشيطان كما قال تعالى في الآية ( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) فلو كان وسوسة لما كان للتصريح بالنسخ فائدة .
الثاني : حصول الفتنة من جراء هذا الإلقاء كما قال تعالى ( لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ) فلو كان بالوسوسة لما حصلت الفتنة لعدم ظهوره .
ولاشك حينئذ أنه لا يصح أن يقال أن إلقاء الشيطان إنما هو بالوسوسة القلبية ..
وقد نقلنا عن السلف وكثير من الخلف أن الإلقاء لشيء مسموع ظاهر ، كما قاله ابن جرير والقرطبي وابن عطية والسمعاني وقرره شيخ الإسلام ابن تيمية ونقلنا كلامه تأييدا لهذا ، والجمهور على هذا القول ..
وما خالف في هذين المعنيين [ تفسير التمني والإلقاء ] إلا بعض المتأخرين الذين ردوا قصة الغرانيق وأبطلوها فأولوا الآيات وهربوا من ظاهرها لكي لا يقال بجواز الإلقاء في كلام النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي .. ومن ثم القول بأن هذه القصة تناقض العصمة .. وقد أشبعنا الرد في موضوع العصمة أعلاه .
ولو علموا أن ظاهر القرآن يؤيد رواية الغرانيق إذ إنها من الأخبار وليست من الأحكام لقالوا بصحة المروي عن السلف في ذلك .
والله أعلم .
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
جزاك الله عنا خير الجزاء أخانا الفاضل عادل أجدت
بارك الله فيك
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل سليمان القطاوي
ما جاء في القرآن لمعنى التمني بأنه التلاوة كما في قوله تعالى من سورة البقرة ( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) الآية [78]
قد يظنّ القارئ لكلامك - حفظك الله - أنَّ هذا المعنى هو محلّ اتفاقٍ بين السلف بلا خلاف! والحقُّ غير هذا. فقوله سبحانه {أَمَانِيَّ} اختلفت في تفسيره أقوال السلف كما هو واضحٌ في كتب التفاسير. فيكفي أن تستعرض ما ذكره ابن جرير الطبري في تفسيره لهذه الآية حين قال: ((واختلف أهلُ التأويل في تأويل قوله {إلاَّ أَمَانِيَّ} ...
- عن ابن عباس: {إلاَّ أَمَانِيَّ} يقول: "إلاَّ قولاً يقولونه بأفواههم كذباً" ...
- عن مجاهد: {لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلاَّ أَمَانِيَّ}: "إلاَّ كذباً" ..
- عن قتادة: {إلاَّ أَمَانِيَّ} يقول: "يتمنون على الله الباطل وما ليس لهم" ..
- عن ابن عباس قوله {لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلاَّ أَمَانِيَّ}: يقول: "إلاَّ أحاديث" ..
- عن مجاهد: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلاَّ أَمَانِيَّ} قال: "أناسٌ مِن يهود لم يكونوا يعلمون مِن الكتاب شيئاً، وكانوا يتكلَّمون بالظنِّ بغير ما في كتاب الله، ويقولون: (هو مِن الكتاب) أمانيّ يتمنَّونها" ...
- عن أبي العالية: {إلاَّ أَمَانِيَّ}: "يتمنَّون على الله ما ليس لهم" ..
- قال ابن زيد في قوله {إلاَّ أَمَانِيَّ}: "تمنَّوا فقالوا: (نحن مِن أهل الكتاب)، وليسوا منهم".
قال أبو جعفر: وأَوْلَى ما روينا في تأويل قوله {إلاَّ أَمَانِيَّ} بالحقِّ وأشبهه بالصواب: الذي قاله ابن عباس - الذي رواه عنه الضحاك - وقولُ مجاهد إنَّ الأُمِّيين الذين وصفهم الله بما وصفهم به في هذه الآية، أنَّهم لا يفقهون مِن الكتاب الذي أنزله الله على موسى شيئاً، ولكنهم يتخرَّصون الكذب ويتقوَّلون الأباطيل كذباً وزوراً. و(التمنِّي) في هذا الموضع هو تخلُّق الكذب وتخرُّصه وافتعاله ... والذي يدلُّ على صحة ما قلنا في ذلك وأنه أَوْلَى بتأويل قوله {إلاَّ أَمَانِيَّ} مِن غيره مِن الأقوال: قولُ الله جلَّ ثناؤه {وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ}. فأخبر عنهم جلَّ ثناؤه أنهم يتمنَّون ما يتمنَّون مِن الأكاذيب ظناً منهم لا يقيناً. ولو كان معنى ذلك أنهم (يتلونه)، لم يكونوا ظانِّين! وكذلك لو كان معناه (يشتهونه). لأنَّ الذي يتلوه إذا تدبَّره، عَلِمَهُ. ولا يستحقُّ الذي يتلو كتاباً قَرَأَهُ - وإنْ لَمْ يتدبَّره بتركه التدبُّر - أَنْ يقال: هو ظانٌّ لِما يتلو! إلاَّ أن يكون شاكَّاً في نفس ما يتلوه، لا يدري أحقٌّ هو أم باطلٌ. ولم يكن القوم الذين كانوا يتلون التوراة على عصر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مِن اليهود فيما بلغنا شاكِّين في التوراة أنها مِن عند الله!)). اهـ
والله أعلى وأعلم
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
السلام عليكم
وبما أنه قد طال هذا الموضوع جدا حتى أربت مشاركاته على المئة فقد رأيت أن أفتح موضوعا جديدا أفصل فيه رأيي بما يثبت أن من يقبلون هذه القصة لا متعلق لهم بآيات إلقاء الشيطان الواردة في سورة الحج
ينظر للأهمية هذا الرابط: http://majles.alukah.net/showthread.php?t=95091
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة أستاذى العزيز عادل سليمان ارجو من حضرتك اعطائى نسخة كاملة من كتابك إتحاف النبلاء واى مؤلفات لك عن الغرانيق لاننى اجرى بحثا عنها وأعجبت باسلوبك العلمى وسعة إطلاعك بالموضوع وشكرا
-
رد: اتحاف النبلاء بذكر من صحح أو قَبِلَ قصة الغرانيق من العلماء
الأخ الكريم: أحمد الأقطش.. نفع الله بك .
تفسير التمني بالتلاوة محل اتفاق بين السلف فيما نقله جمع من العلماء رحمهم الله تعالى ..
وليس تفسير ( أماني ) بالتلاوة محل اتفاق .. وإن كان أحد أوجه تفاسيرها ..
فوجب التنبيه .. إذ إنني جئت بآية البقرة استئناسا للدليل الذي هو اتفاق السلف على معنى قوله ( تمنى ) في آية الحج بالتلاوة ..
قال البغوي : وأكثر المفسرين قالوا : معنى قوله : ( تَمَنَّى ) أي : تلا وقرأ كتاب الله ..
( أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) أي : في تلاوته ، قال الشاعر في عثمان حين قتل:
تَمَنّى كتَابَ الله أوّل لَيْلة ... وآخرَها لاقَى حمَامَ المَقَادرِ .
وقال الضحاك : ) إِذَا تَمَنَّى ) : إذا تلا. . قال ابن جرير : هذا القول أشبه بتأويل الكلام.
الثاني : أن تفسيرها بالتلاوة عليه دليل لغوي صريح نقل بالاستفاضة بلا نكير :
قال الامام ابن حجر : قوله: ويقال أمنيته قراءته ( إلا أماني ) يقرؤون ولا يكتبون هو قول الفراء قال : التمني التلاوة .. قال : ومن شواهد ذلك قول الشاعر : تمنى كتاب الله أول ليلة - تمنى داود الزبور على رسل ..
قال الفراء : والتمني أيضا حديث النفس . اهـ
فالدليل قائم على أن قولهم في التمني : هو تلاوة الكتاب ، وعليه دليلان، أحدهما قول حسان في عثمان بن عفان رضي الله عنه: تمنى كتاب الله أول ليله ... وآخـرها لاقى حمام المقادر.
والثاني قول الآخر: تمنى كتاب الله آخر ليلة ... تمنى داود الزبور على رسل.
وقال الإمام أبو جعفر ابن النّحّاس [ت 338 هـ] (رحمه الله) في الناسخ والمنسوخ (ص 574( :
ألقى الشيطان في أمنيته أي في سره ، والقول الآخر عليه أكثر أهل التأويل قال سعيد بن جبير في أمنيته في قراءته وقال مجاهد في قوله وقال الضحاك الأمنية التلاوة قال أبو جعفر فهذا معروف في اللغة منه ( لا يعلمون الكتاب إلا أماني ). اهـ
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية:
إلقاء الشيطان المذكور في قوله : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) إلى قوله ( صراط مستقيم ) ... وللناس فيها قولان مشهوران ؛ بعد اتفاقهم على أن التمني هو التلاوة والقرآن كما عليه المفسرون من السلف كما في قوله : ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون). اهـ
وقال الامام الألباني في أول رسالته : إن هذه القصة قد ذكرها المفسرون عند قوله تعالى : ( ومآ أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلآ إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) الآية .. وقد اختلفوا في تفسير قوله تعالى : ( تمنى ) و ( أمنيته ) وأحسن ما قيل في ذلك : إن ( تمنى ) من " الأمنية " وهي التلاوة كما قال الشاعر في عثمان رضي الله عنه حين قتل : تمنى كتاب الله أول ليلة ... وآخرها لاقى حمام المقادر
وعليه جمهور المفسرين والمحققين وحكاه ابن كثير عن أكثر المفسرين بل عزاه ابن القيم إلى السلف قاطبة فقال في إغاثة اللهفان (1/93) : والسلف كلهم على أن المعنى إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته . اهـ
فقد حكي عن السلف قاطبة تفسيرهم للتمني بالتلاوة ...
وأما ما تفضلت به مما نقلته عن الامام ابن جرير ...
فتحرير المسألة يكون حول كلامه في الآية موضوع النزاع .. وهاك قوله :
قال رحمه الله في تفسيره جامع البيان في تأويل القرآن (18/ 667):
واختلف أهل التأويل في معنى قوله تمنى في هذا الموضع، وقد ذكرت قول جماعة ممن قال: ذلك التمني من النبيّ صلى الله عليه وسلم ما حدثته نفسه من محبته، مقاربة قومه في ذكر آلهتهم ببعض ما يحبون، ومن قال ذلك محبة منه في بعض الأحوال أن لا تذكر بسوء.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إذا قرأ وتلا أو حدّث.
*ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله:( إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) يقول: إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:( إِذَا تَمَنَّى ) قال: إذا قال.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.
حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله:( إِلا إِذَا تَمَنَّى ) يعني بالتمني: التلاوة والقراءة.
وهذا القول أشبه بتأويل الكلام، بدلالة قوله:( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ) على ذلك; لأن الآيات التي أخبر الله جلّ ثناؤه أنه يحكمها، لا شك أنها آيات تنزيله، فمعلوم أن الذي ألقى فيه الشيطان هو ما أخبر الله تعالى ذكره أنه نسخ ذلك منه وأبطله، ثم أحكمه بنسخه ذلك منه.
فتأويل الكلام إذن: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيّ إلا إذا تلا كتاب الله، وقرأ، أو حدّث وتكلم، ألقى الشيطان في كتاب الله الذي تلاه وقرأه، أو في حديثه الذي حدث وتكلم( فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ) يقول تعالى: فيذهب الله ما يلقي الشيطان من ذلك على لسان نبيه ويبطله. اهـ من ابن جرير .
فحاصل ما تفضلت بنقله عن ابن جرير أن يكون اختيارا منه لتفسير الأمنية في سورة البقرة بالتخرص والكذب في هذا المكان فقط .. بدليل قوله :
[ و"التمني" في هذا الموضع، هو تخلق الكذب وتخرصه وافتعاله. ] ولم يسقطه على الآية موضوع الخلاف . بل رجح أن يكون معنى تمنى هو تلى لا غير .
وثانيا: أن هذا اجتهاد منه رحمه الله ، وهو اجتهاد في آية غير الآية محل النزاع .. وتفسيره لقوله ( إذا تمنى ) مرجحا أن تفسيره إذا تلى.
وثالثا: أنه وإن اختار تفسير ( أماني ) بالتخرص والكذب، فقد نقل في أول كلامه نصوصا تفيد عدم حصر اختياره فيما نقله من آثار عن السلف .
رابعا: أنه قد نقل جمع من العلماء – كما نقلناه أعلاه - اتفاق السلف على تفسير التمني بالتلاوة ، ولفظ التمني هو موضوع النزاع لا قوله ( أماني ).
شكر الله لك ونفع بك .