أدلة جواز قراءة الآيات والنفث في الماء في الرقية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أدلة جواز النفث في الماء
ذهب السواد الاعظم من اهل العلم ، الى تجويز هذا الأمر وتعددت أدلتهم ، ومنها
الدليل الأول : ان الاصل في الرقية الجواز ، طالما انها خلت من الشرك ، وهذه صورة جائزة
الدليل الثاني : حديث ثابت بن قيس بن شماس
الدليل الثالث : ورود الادلة في جواز النفث على العموم وبغير تقييد
الدليل الرابع : جواز خلط الأدوية المباحة شرعاً
الدليل الأول : ان الاصل في الرقية الجواز ، طالما انها خلت من الشرك
وقد استدل هؤلاء بالاجماع الذي نقله الحافظ ابن حجر والسيوطي وغيرهم ، في أن الرقية جائزة طالما خلت من الشرك ، وان الرقية بالنفث في الماء هي داخلة ضمن الاصل الذي هو الجواز !
فقد قال الشيخ الفوزان في ( التوحيد ) :
« قال السيوطي : وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط : أن تكون بكلام الله أو بأسماء الله وصفاته. وأن تكون باللسان العربي وما يعرف معناه ، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها. بل بتقدير الله تعالى »
و قال الفوزان عقب نقله للاجماع : « وكيفيتها - أن يقرأ وينفث على المريض، أو يقرأ في ماء ويسقاه المريض »
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة رقم ( 16951 ) : « وقد أجمع على جوازها المسلمون بثلاثة شروط : أن تكون الرقية بكلام الله تعالى أو كلام رسوله أو الأدعية ، و أن تكون بلسان عربي أو بما يعرف معناه في الأدعية والأذكار ، وأن يعتقد الراقي والمريض أن هذا سبب لا تأثير له إلا بتقدير الله سبحانه وتعالى ... وهي تكون بالقراءة والنفث على المريض ، سواء كان يرقي نفسه أو يرقيه غيره ، ومنها قراءة القرآن في الماء للمريض وشربه إياه ، كما في كتاب الطب من (سنن أبي داود) ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس، قال أحمد: وهو مريض.وان النبي نفث عليه بماء وصبه عليه »
وقد صدرت هذه الفتوى بتوقيع المشايخ : ابن باز ، والفوزان ، وبكر أبو زيد ، والغديان ، وعبد العزيز آل الشيخ !
وفي تحقيق فتح المجيد ، لما اعترض الشيخ حامد الفقي على مسألة القراءة على الماء ، رد عليه الامام ابن باز وبين أنه لم ترد أي مخالفة شرعية فيما قاله ابن أبي سليم ، وأن كلامه داخل تحت الأصول العامة ، فقال :
« ان اعتراض الشيخ حامد على ما ذكره الشارح عن ابن أبي سليم ووهب بن منبه وابن القيم ليس في محله ، بل هو غلط من الشيخ حامد ، لأن التداوي بالقرآن الكريم ، والسدر ، ونحوه من الأدوية المباحة ، ليس من باب البدع ، بل هو من باب التداوي »
والشاهد ، أن العلماء قد فهموا من الاجماع المنقول في تجويز الرقية الخالية من الشرك ، انه يفضي الى اباحة النفث في الماء بكيفيتها ، وانهم جعلوا ما ورد في حديث ثابت بن قيس ، انه مجرد مثال لما فهموه ، وليس مجرد دليل ، فتأمل
الدليل الثاني : حديث ثابت بن قيس بن شماس
وهو حديث تكلم فيه من تكلم ، وملحق بهذا المبحث عدة أمور تدل على تقويته والعمل به
الدليل الثالث : ورود الادلة في جواز النفث العادي
وقد بوب البخاري في صحيحه باب ( النفث في الرقية )
قال الشيخ عبد الرحمن الفقيه : « مجمل احاديث الباب ، تدل على جواز اطلاق النفث في الرقية على العموم ، هكذا أطلق البخاري عموم النفث ، فيجوز النفث في [ العموم ] ، سواء كان الشخص نفسه ، أو في ماء ، أو أي وسيط مباح »
وقال الشيخ أسامة عابد المالكي :« وكما أن بركة الرقية تنتقل بالنفث ، فدل ذلك على مبدأ جواز انتقال بركة الرقية لغيرها حتى لو حدث النفث في الماء »
وقال الامام محمد بن ابراهيم آل الشيخ : « النفث في الماء ثم يسقاه المريض ونحو ذلك ، فأقول وبالله التوفيق : إنه لا بأس بذلك فهو جائز ، بل قد صرح العلماء باستحبابه وبيان حكم هذه المسألة مدلول عليه بالنصوص النبوية ، وكلام محققي الأئمة »
قلت : واستدل الامام عقب كلامه هذا ، بتبويب البخاري في صحيحه بعنوان باب النفث في الرقية ! في إشارة منه إلى عموم المعنى كما فهم هذا البخاري
وقال الامام صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في الرقى واحكامها :« و المقصود من – تجويز الامام احمد للنفث في الماء - أن إيصال الماء هو إيصال للقراءة ! »
الدليل الرابع : جواز خلط الأدوية المباحة شرعاً
وهذا ما ذهب إليه الشيخ احمد المنسي في « حاشيته » على كتاب ( الصحيح المسند من الرقية الشرعية ) ، فقال [ ص 25 ] :
« قد وردت الاثار الصحيحة على جواز جمع أكثر من علاج في ابواب الرقية ، كما جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الريق والتراب في الصحيحين في حديث (باسم الله تربة أرضنا بريقه بعضنا ليشفى به سقيمنا بإذن ربنا )
وكما جمع النبي بين استخدام الرقية ، والماء الممزوج بالملح في رقية اللديغ في حديث ( لعن الله العقرب ) ...
وقد ذكر ابن القيم في الزاد والطب النبوي ان وقوع خلط الادوية جائز ومن المباحات ، طلباً لزيادة التاثير وقوته
ومن هذا الباب أجاز بعض العلماء النفث والتعوذ في الماء وسقيه للمريض ، كما روي عن عائشة وسعيد بن المسيب ومجاهد من طرق صحيحة ، وذلك لأن النفث في اصله جائز كاحد طرق التداوي في الرقية ، ولأن الماء نفسه ورد استخدامه كعلاج في الرقية ، كما في الحديث المتفق عليه : ان الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء ، واحاديث اخرى صحيحة ..
فلطالما أن النفث في العموم جائز ، وان الماء ثبت استخدامه كشفاء ومداواة ، فما الذي يمنع من خلط علاجين مباحين - وهما النفث والماء - مع اثبات ان الشفاء لا يحدث الا بإذن الله ، هذا قطعاً لا شئ فيه »
وبعد ما ذكرناه ، فقد تبين للجميع أن هذا القول له وجاهته ، وحظه من النظر ، وفيه من الرد على من شنع استخدام تلك الطرق ، الكفاية ولله المنة والحمد
ملحق : الرد على من ضعف حديث ثابت بن قيس في الرقية
قد ذهب من ضعف الحديث ، الى عدة امور ، وهي : -
1 – جهالة يوسف بن محمد بن ثابت
2 – عدم ورود ذكر النفث في اغلب الروايات
3 – تعارض الوصل والارسال
ونقول والله المستعان
1 - اما عن جهالة يوسف بن محمد ، حفيد الصحابي الجليل ثابت بن قيس ، فلا تضر اطلاقاً لعدة وجوه
منها ان الامام ابي داود قد سكت على الحديث ، والاصل فيما سكت عنه أنه خارج اطار الوهن الشديد وحتى لو انه ضعيف فهو من جنس الضعيف المعمول به ، و كذلك : ذكره للحديث في مقدمة أحاديث صحيحة ، وكونه يصدر به الباب ! فهذا يدل على انه لم يكن واهماً حين أورده او انه اورده على تساهل منه ، بل انه قصد الاحتجاج به ورأى صحته ، لأنه ليس من منهجه تصدير الحديث الضعيف في المقدمة ... !
و على فرض ان ابي داود لم يعرفه ، وان الحديث كان زلة منه ...
فالامام النسائي – وهو معروف بالتعنت – قد أخرج الحديث ليوسف هذا ، و النسائي معروف بتعنته وتشدده ، فكيف يخرج لمجهول عنده ؟ بل انه لما أراد ان يعلل الحديث ، فإنه أعله بتعارض الوصل والارسال ، ولم يتطرق لجهالة يوسف بن محمد ، ولو كان ضعيفاً عنده لكان أولى ان يعلله بهذا ... !
وابن حبان ، أخرج للرجل في صحيحه ! ، ولم يقتصر توثيقه على قاعدته في الثقات ، بل احتج به في الصحيح ، والذي اخبر في مقدمته أنه لا يحتج الا برواية العدول المشهورين ... !
لا اقول بقبول توثيقات ابن حبان ، او النسائي ، او ابي داود على الانفراد ، لكن الشاهد أن كل هذه قرائن تثبت ان الرجل حديثه قابل للتحسين ، فإذا لم يسلم سكوت ابي داود عليه ، ضممنا الى ذلك سكوت النسائي عنه واحتجاج ابن حبان به ، فكل هذه قرائن تؤكد بعضها ، وتجعل الباحث يستبعد التواطؤ بين الائمة على التساهل في حال الرجل !
وثمة قرينة أخرى نذكرها في آخر هذا المبحث ألا وهي : ان الحديث من الصورة الاجتماعية ( رواية الابن عن ابيه ) ومثل تلك الصور ، صححها اهل العلم ، ولو كان في السند ضعف او انقطاع ، وسنذكر فيض من تلك القاعدة بعد قليل ، فإن علمت أن ذلك الحديث من الصور الاجتماعية التي تحمل التقوية الذاتية لها ، فلم التضعيف ؟
2 - وأما عن عدم ورود ذكر النفث في بعض الطرق ، فهذا لا يعني شذوذ المتن او نكارته ، بل هي زيادة لازمة القبول ، طالما أن المنفرد بها أحد الحفاظ المتقنين وهو أحمد بن صالح المصري
وزيادة الثقة التي هي محل شك ورد ، لا تكون إلا من الثقات المتكلم فيهم ، او زيادة المرجوح على من هو أرجح منه حفظاً وعدداً
وليس هذا الحديث منها ، بل هو من القاعدة التي سطرها الامامان ابو حاتم وابو زرعة الرازيان : « إذا زاد حافظ على حفظ قُبِلَ » ، وهذا مثل ما ذكره الامام ابن خزيمة حين قال : « لسنا ندفع أن تكون الزيادة في الأخبار مقبولة من الحفاظ ولكن إنما نقول : إذا تكافأت الرواة في الحفظ والإتقان والمعرفة بالأخبار فزاد حافظ متقن عالم بالأخبار كلمة قبلت زيادته »
والمنفرد هنا بزيادة النفث هو أحمد بن صالح ، و ما ادراك من هو أحمد بن صالح ؟
فقد قال عنه الامام الكجي في تاريخ القدس : « كان إماما ثقة ، أحفظ حفاظ الأثر ، و عالما بعلل الحديث بمصر »
وقال عنه ابن حبان : « كان أحمد بن صالح في الحديث وحفظه ومعرفة التاريخ وأنساب المحدثين عند أهل مصر كأحمد بن حنبل ! »
وقال عنه الذهبي : « الإِمَامُ الكَبِيْرُ، حَافِظُ زَمَانِهِ بِالدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ »
وقال عنه السبكي : « الْحَافِظ أحد أَرْكَان الْعلم وجهابذة الْحفاظ »
وقال عنه الحافظ ابن حجر : « الثقة الحافظ ! »
فهل اذا انفرد مثل هذا الامام بزيادة ، نجعلها كزيادة المتكلم فيهم والمرجوحين حفظاً ؟
3 – وعن مسألة ان ابن جريج روى الحديث عن عمرو مرسلاً ، فالجواب أن جمهور من رواه عن عمرو قد رووه موصولاً ، وكما هو معلوم من ترجيح الموصول في مثل هذا الامر عند التعارض ، كما نص الشافعي وقال : ان العدد الكثير اولى بالحفظ من الواحد
قرائن أخرى تثبت صحة الحديث
الأمر الأول : تلقي العلماء للحديث بالقبول
وهذه قاعدة معروفة ..
- فإن قلت من أين لك هذا الاصل ( أي التقوية بتلقي العلماء بالقبول ؟ ) ، فنقول : ان هذا ما صرح به العلماء قولاً وفعلاً
قال ابن عبد البر في التمهيد عن حديث ( هو الطهور ماؤه ) : « هذا الحديث لا يحتج أهل الحديث بمثل إسناده وهو عندي صحيح لأن العلماء تلقوه بالقبول له والعمل به ولا يخالف في جملته أحد من الفقهاء »
و قال الشافعي : في حديث ( لا وصية لوارث ) :«لا يثبته أهل العلم بالحديث و لكن العامة تلقته بالقبول و عملوا به حتى جعلوه ناسخا لآية الوصية »
وقال الامام أبو إسحاق الإسفراييني :« تعرف صحة الحديث إذا اشتهر عند أئمة الحديث بغير نكير منهم »
وقال أبو الحسن ابن الحصار في تقريب المدارك :« قد يعلم الفقيه صحة الحديث إذا لم يكن في سنده كذاب بموافقة آية من كتاب الله أو بعض أصول الشريعة فيحمله ذلك على قبوله والعمل به »
وقال الزركشي : « الحديث الضعيف اذا تلقته الأمة بالقبول عمل به على الصحيح حتى أنه ينزل منزلة المتواتر في أنه ينسخ المقطوع »
و قال ابن الوزير : « و قد احتج العلماء على صحة أحاديث بتلقي الأمة لها بالقبول »
وقال السيوطي أيضاً : « و قد صرح غير واحد بأن من دليل صحة الحديث قول أهل العلم به ؛ و ان لم يكن له اسناد يعتمد على مثله »
وان قلت : من أين علمت ان العمل عند اهل العلم وفق هذا الحديث ؟
قلنا عدة امور : -
الاول : اخراج ابي داود للحديث ، ومن المعلوم أنه لا يخرج في سننه إلا ما عمل به اهل الفقه وتداولوه فيما بينهم
فقد قال في رسالته : مَا ذكرت فِي كتابي حَدِيثا أجمع النَّاس على تَركه !
ولهذا قال الامام الدهلوي في حجة الله البالغة : « وَكَانَت همته جمع الْأَحَادِيث الَّتِي اسْتدلَّ بهَا الْفُقَهَاء ، ودارت فيهم ، وَبنى عَلَيْهَا الْأَحْكَام عُلَمَاء الْأَمْصَار ، فصنف سنَنه ، وَترْجم على كل حدث بِمَا قد استنبط مِنْهُ عَالم ، وَذهب إِلَيْهِ ذَاهِب، وَلذَلِك صرح الْغَزالِيّ وَغَيره بِأَن كِتَابه كَاف للمجتهد »
الثاني : اتفاق المذاهب الاربعة على تجويز تلك الامور ، وقد تقدم ذلك في موضوع سابق
الثالث : الاجماع المنقول على ان الاصل في الرقية الجواز ، وفهم العلماء ان الحديث مجرد مثال لأصل جائز ، وتقدم ذكره ...
الامر الثاني : أن الحديث من رواية الصورة الاجتماعية ، وهي من قرائن تقوية الحديث ، وهذه قاعدة معروفة عند اهل العلم
قال الحافظ ابن حجر في النكت :-
« وقد حسن الترمذي عدة أحاديث من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه وهو لم يسمع منه عند الجمهور. وحديثاً من رواية أبي قلابة الجرمي عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - وقال بعده : لم يسمع أبو قلابة عن عائشة - رضي الله تعالى عنها !
ورأيت لأبي عبد الرحمن النسائي نحو ذلك، فإنه روى حديثا من رواية أبي عبيدة عن أبيه ، ثم قال: أبو عبيدة لم يسمع من أبيه إلا أن هذا الحديث جيد
وكذا قال - في حديث رواه من رواية عبد الجبار بن وائل بن حجر : عبد الجبار لم يسمع من أبيه لكن الحديث في نفسه جيد
إلى غير ذلك من الأمثلة ؛ وذلك مصير منهم إلى أن الصورة الاجتماعية لها تأثير في التقوية »
وبعد ما ذكرناه فقد استفضنا في ذكر ادلة من ذهب لهذا القول ، والحمد لله على فضله
رد: أدلة جواز قراءة الآيات والتفث في الماء في الرقية
بينا رسولُ اللهُ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - ذاتَ ليلةٍ يصلِّي، فوضع يدَهُ على الأرضِ، فلدغتهُ عقربٌ، فناولها رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - بنعلهِ فقتلَها، فلما انصرفَ قال : لعن اللهُ العقربَ، ما تدعُ مُصليًا ولا غيرَهُ - أو نبيًا أو غيرَهُ -، ثمَّ دعا بملحٍ وماءٍ، فجعلهُ في إناءٍ، ثمَّ جعل يصبُّهُ على أصبعهِ حيثُ لدغَتهُ ويمسحُها، ويعوِّذُها بالمعوِّذتينِ .
الراوي :*علي بن أبي طالب*| المحدث :*الألباني*| المصدر :*تخريج مشكاة المصابيح*| الصفحة أو الرقم :*4491*| خلاصة حكم المحدث :*صحيح
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " أما كون القرآن يكتب في إناء ويصب عليه الماء ثم يروج ويشربه الإنسان فهذا فعله السلف رحمهم الله، يكتبون في إناء للزعفران آية الكرسي، المعوذات وشيئاً من القرآن ثم يصب عليه الماء ، ويروج هكذا باليد أو بتحريك الإناء، ثم يشربه الإنسان فهذا فعله السلف ، وهو مجرب عند الناس، ونافع بإذن الله " انتهى من "اللقاء الشهري" (3/ 485).
قال ابن القيم رحمه الله : " ورخص جماعة من السلف في كتابة بعض القرآن وشربه، وجعل ذلك من الشفاء الذي جعل الله فيه " انتهى من "زاد المعاد" (4/ 358).
وقال علماء اللجنة
وهي تكون بالقراءة والنفث على المريض ، سواء كان يرقي نفسه أو يرقيه غيره . ومنها قراءة القرآن في الماء للمريض وشربه إياه ، كما في كتاب الطب من (سنن أبي داود ) بسند جيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس ، قال أحمد : وهو مريض . فقال :**اكشف البأس رب الناس عن ثابت بن قيس بن شماس ، ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح ثم نفث عليه بماء وصبه عليه**فهذا هو المروي في القراءة في الماء وشرب المريض له ...
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى .
قال ابن أبي شيبة في المصنف 24019: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ يُصَلِّي ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الأَرْضِ فَلَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ ، فَتَنَاوَلَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِنَعْلِهِ فَقَتَلَهَا ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : لَعَنَ اللَّهُ الْعَقْرَبَ ، لاَ تَدَعُ مُصَلِّيًا ، وَلاَ غَيْرَهُ ، أَوْ نَبِيًّا ، وَلاَ غَيْرَهُ ، ثُمَّ دَعَا بِمِلْحٍ وَمَاءٍ فَجَعَلَهُ فِي إِنَاءٍ ، ثُمَّ جَعَلَ يَصُبَّهُ عَلَى إِصْبَعِهِ حَيْثُ لَدَغَتْهُ ، وَيَمْسَحُهَا وَيُعَوِّذُهَا بِالْمُعَوِّذَت َيْنِ.
قال الحسن الخلال في فضائل سورة الإخلاص 55 : حدثنا عبيد الله بن أحمد أبو الحسين المقرئ ، ثنا محمد بن الحسين بن حفص ، ثنا إسماعيل بن موسى ، ثنا محمد بن فضيل ، عن مطرف ، عن المنهال بن عمرو ، عن محمد ابن الحنفية ، عن علي ، قال :
*لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يصلي ، فلما فرغ قال لعن الله العقرب لا يدع مصليا ، ولا غيره . ثم دعا بماء وملح ، وجعل يمسح عليها ويقرأ قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس .
وقال أبو نعيم في فضائل الصحابة 4412 : حدثنا القاضي أبو أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم ، قال : ثنا محمد بن يحيى بن منده العبدي ، ثنا إسماعيل بن موسى ، ثنا محمد بن فضيل ، عن مطرف ، عن المنهال ، عن محمد بن الحنفية ، عن علي ، قال : لدغت عقرب النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فلما فرغ قال : لعن الله العقرب ، ما تدع مصليا ولا غيره إلا لدغته .
*ثم دعا بماء وملح فجاء يمسح عليها ويقرأ : قل هو الله أحد ، و قل أعوذ برب الفلق ، و قل أعوذ برب الناس
قال الطبراني في الأوسط 6052 : حدثنا محمد بن الحسين الأشناني الكوفي قال : نا إسماعيل بن موسى السدي قال : نا محمد بن فضيل ، عن مطرف بن طريف ، عن المنهال بن عمرو ، عن محمد ابن الحنفية ، عن علي قال :
*لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يصلي ، فلما فرغ قال : لعن الله العقرب ، لا يدع مصليا ، ولا غيره ، ثم دعا بماء وملح ، وجعل يمسح عليها ، ويقرأ : قل يا أيها الكافرون ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس .
وربما تكلم بعض اهل العلم على الحديث وصححه بعضهم
منقول بتصرف
أليس هذا يدل على القراءة على الماء؟
رد: أدلة جواز قراءة الآيات والتفث في الماء في الرقية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العمطهطباوي
بينا رسولُ اللهُ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - ذاتَ ليلةٍ يصلِّي، فوضع يدَهُ على الأرضِ، فلدغتهُ عقربٌ، فناولها رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - بنعلهِ فقتلَها، فلما انصرفَ قال : لعن اللهُ العقربَ، ما تدعُ مُصليًا ولا غيرَهُ - أو نبيًا أو غيرَهُ -، ثمَّ دعا بملحٍ وماءٍ، فجعلهُ في إناءٍ، ثمَّ جعل يصبُّهُ على أصبعهِ حيثُ لدغَتهُ ويمسحُها، ويعوِّذُها بالمعوِّذتينِ .
الراوي :*علي بن أبي طالب*| المحدث :*الألباني*| المصدر :*تخريج مشكاة المصابيح*| الصفحة أو الرقم :*4491*| خلاصة حكم المحدث :*صحيح
قال الحسن الخلال في فضائل سورة الإخلاص 55 : حدثنا عبيد الله بن أحمد أبو الحسين المقرئ ، ثنا محمد بن الحسين بن حفص ، ثنا إسماعيل بن موسى ، ثنا محمد بن فضيل ، عن مطرف ، عن المنهال بن عمرو ، عن محمد ابن الحنفية ، عن علي ، قال : *لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يصلي ، فلما فرغ قال لعن الله العقرب لا يدع مصليا ، ولا غيره . ثم دعا بماء وملح ، وجعل يمسح عليها ويقرأ قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس .
أليس هذا يدل على القراءة على الماء؟
روي الحديث بطرق صحيحة بلفظين الأول :
حدثنا أبو بكر قال : حدثنا عبد الرحيم ، عن مطرف ، عن المنهال بن عمرو ، عن محمد بن علي ، عن علي ، قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة يصلي فوضع يده على الأرض فلدغته عقرب ، فتناولها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعله فقتلها ، فلما انصرف قال : " لعن الله العقرب ، لا تدع مصليا ولا غيره ، أو نبيا ولا غيره إلا لدغتهم ، ثم دعا بملح وماء فجعله في إناء ، ثم جعل يصبه على إصبعه حيث لدغته ويمسحها ويعوذها بالمعوذتين " أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان
الثاني :
حدثنا محمد بن الحسين الأشناني الكوفي قال : نا إسماعيل بن موسى السدي قال : نا محمد بن فضيل ، عن مطرف بن طريف ، عن المنهال بن عمرو ، عن محمد ابن الحنفية ، عن علي قال : لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يصلي ، فلما فرغ قال : " لعن الله العقرب ، لا يدع مصليا ، ولا غيره ، ثم دعا بماء وملح ، وجعل يمسح عليها ، ويقرأ : قل يا أيها الكافرون ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس " الطبراني في المعجم الأوسط والصغير و والبيهقي في شعب الإيمان والحسن الخلال
وفي اللفظين فإن موضع القراءة هو على موضع اللدغة وليس على الماء والملح . بل يصب الماء والملح على اللدغة كما في اللفظ الأول وذلك من أجل التطهير من السم وهو من العلاج الحسي ومعه يقرأ على موضع اللدغة وهو من العلاج بكلام الله تعالى ( الرقية ) .
وهو كمن تكسر يده فيضع الجبيرة عليها كعلاج حسي ومعه يقرأ الرقية على موضع الكسر .
أو كمن تحرق أو تجرح يده فيضع مراهم الحروق أو الجروح على موضع الحرق أو الجرح ويقرأ على موضع الحرق أو الجرح .
وهو من العلاج المركب وهو من باب الأخذ بالأسباب الحسية المعلومة والأسباب الشرعية المنصوصة .
المعيصفي
رد: أدلة جواز قراءة الآيات والتفث في الماء في الرقية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العمطهطباوي
وقال علماء اللجنة
وهي تكون بالقراءة والنفث على المريض ، سواء كان يرقي نفسه أو يرقيه غيره . ومنها قراءة القرآن في الماء للمريض وشربه إياه ، كما في كتاب الطب من (سنن أبي داود ) بسند جيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس ، قال أحمد : وهو مريض . فقال :**اكشف البأس رب الناس عن ثابت بن قيس بن شماس ، ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح ثم نفث عليه بماء وصبه عليه**فهذا هو المروي في القراءة في الماء وشرب المريض له
...بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى .أليس هذا يدل على القراءة على الماء؟
حدثنا أحمد بن صالح وابن السرح قال أحمد حدثنا ابن وهب و قال ابن السرح أخبرنا ابن وهب حدثنا داود بن عبد الرحمن عن عمرو بن يحيى عن يوسف بن محمد وقال ابن صالح محمد بن يوسف بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس قال أحمد وهو مريض فقال اكشف البأس رب الناس عن ثابت بن قيس بن شماس ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح ثم نفث عليه بماء وصبه عليه "
قال أبو داود قال ابن السرح يوسف بن محمد وهو الصواب.)قلت :واللفظ أعلاه في أبي داود والدعوات الكبير للبيهقي .
وللحديث لفظ آخر هو :
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني ، قال : حدثنا أبو الطاهر بن السرح ، قال : حدثنا ابن وهب ، فقال : أخبرني داود بن عبد الرحمن المكي ، عن عمرو بن يحيى المازني ، عن يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن الشماس ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل عليه فقال : " اكشف البأس ، رب الناس ، عن ثابت بن قيس بن الشماس " ، ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح فيه ماء ، فصبه عليه *
أخرجه ابن حبان والنسائي في الكبرى والطبراني في الأوسط والكبير والدعاء وابن قانع في معجم الصحابة
قال الألباني في السلسلة الضعيفة في الحديث رقم 1005 :
" اكشف الباس، رب الناس ! عن ثابت بن قيس بن شماس ". ضعيف.أخرجه أبو داود ( 2 / 337 - طبع الحلبي ) وابن حبان في " صحيحه " ( رقم 1418 - موارد ) عن يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس وهو مريض، فقال : فذكره، ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح، ثم نفث عليه بماء فصبه عليه، ولفظ ابن حبان : فجعله في قدح فيه ماء فصبه عليه "، لم يذكر النفث.
قلت : وهذا سند ضعيف علته عن يوسف بن محمد وقلبه بعض الرواة فقال : محمد بن يوسف، قال أبو داود : والصواب الأول.قلت : وهو مجهول العين، أورده ابن أبي حاتم ( 4/228 ) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقال الذهبي في " الميزان " : لا يعرف حاله، روى عنه عمرو بن يحيى بن عمارة.
قلت : الصواب عدم ذكر لفظ ( حاله )، فإنه إذا كان لم يرو عنه غير عمرو هذا فهو مجهول العين كما قلنا، وليس مجهول الحال كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث.
وأما الحافظ فقال في " التقريب " : مقبول، يعني عند المتابعة وإلا فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة." انتهى كلام الألباني
قلت : فالحديث بلفظيه مداره على مجهول العين وهو يوسف بن محمد وليس للحديث طريق أخرى . لذلك فالحديث ضعيف ولا يجوز الاحتجاج به .
ويعتمد من صححه كابن باز رحمه الله تعالى على سكوت أبي داوّد عليه في سننه ويعلم المطلع على حقيقة سكوت أبي داوّد على الحديث أنه لا يستلزم صحة الحديث بل قد سكت أبو داوّد على أحاديث موضوعة وأخرى ضعيفة كثيرة .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في النكت على ابن الصلاح ج1- ص438 /441 :" ومن هنا يظهر ضعف طريقة من يحتج بكل ما سكت عليه أبو داود .
1 : فإنه يخرج أحاديث جماعة من الضعفاء في الاحتجاج ويسكت عنها . مثل ابن لهيعة وصالح مولى التوأمة وعبد الله بن محمد بن عقل وموسى بن وردان وسلمة بن الفضل ودلهم بن صالح وغيرهم .فلا ينبغي للناقد أن يقلده في السكوت على احاديثهم ويتابعه في الاحتجاج بهم . بل طريقه أن ينظر هل لذلك الحديث متابع فيعتضد به أو هو غريب فيتوقف فيه .ولا سيما إن كان مخالفا لرواية من هو أوثق منه فإنه ينحط الى قبيل المنكر .
2 : وقد يخرج لمن هو أضعف من هؤلاء بكثير كالحارث بن وجيه وصدقة الدقيقي وعثمان بن واقد العمري ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني وأبي جناب الكلبي وسليمان بن ارقم واسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وأمثالهم من المتروكين
3 : وكذلك ما فيه من الأسانيد المنقطعة .
4 :وأحاديث المدلسين بالعنعنة .
5 : والأسانيد التي فيها من أبهمت أسماؤهم ."
انتهى كلام الحافظ .
وأما فقه الحديث :
جاء الحديث بلفظين :
الأول : عن يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن الشماس ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل عليه فقال : " اكشف البأس ، رب الناس ، عن ثابت بن قيس بن الشماس " ، ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح فيه ماء ، فصبه عليه *
واللفظ الثاني " ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح ثم نفث عليه بماء وصبه عليه "
وفي الحديث بلفظيه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على ثابت بن قيس وهو مريض فرقاه بهذه الرقية (اكشف البأس ، رب الناس ، عن ثابت بن قيس بن الشماس ) وبعد أن رقاه أخذ ترابا من بطحان . وبطحان واد في المدينة وذلك بقوله ( ثم أخذ ترابا من بطحان ) وثم تفيد التراخي والفاصل الزمني بين الرقية وبين أخذ التراب فلا نعلم المسافة بين بيت ثابت رضي الله عنه وبين وادي بطحان .وبعد أن أخذ التراب جعله في قدح فيه ماء ثم صبه على ثابت هذا في اللفظ الأول .
وفي اللفظ الثاني جعل التراب في الإناء ثم نفث عليه بماء وصبه على ثابت .
فليس في اللفظين أنه قرأ الرقية على الماء أو التراب بل قرأها على ثابت ومن ثم أخذ التراب من بطحان واستعمله مع الماء من خلال صبه مباشرة في اللفظ الأول ومن خلال نفثه بالماء من فيه الكريم على التراب ثم صبه عليه .
الخلاصة : الحديث لا يصح ولا يجوز الاحتجاج أو الاستدلال به على أي حكم شرعي . ومع ذلك فليس في الحديث الرقية في الماء .
المعيصفي
رد: أدلة جواز قراءة الآيات والتفث في الماء في الرقية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عابر سبيل الخير
الاحظ انك في كل ماذكرته تفهم فهوماً شاذة ،
وتمتاز اطروحاتك بمحاولة ابراز النقد العقلي فقط القائم على تلك الفهوم الشاذة
فمن منا الان حريص على فهم السلف ؟ ومن المبتدع ؟
من يقتدي بالسلف في فهمهم ؟ ام من يهاجمهم بكلمات متلونة ؟نسال الله ان يهديك
بارك الله فيك
سأتكلم من باب النقد العلمى للأقوال الفقهية الشاذة بغض النظر عن أصحاب المقالات والآراء
الأقوال الفقهية الشاذة وموقف السلف منها
قال نافع (أدركت عدة من التابعين، فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم فأخذته، وما شذّ فيه واحد تركته، حتى ألَّفْتُ هذه القراءة).
والمعنى أن من انفرد من التابعين عن غيره بقراءة في القرآن ترك قراءتَه، ولم يعتبرها ولم يدخلها في قراءته،
وقال إبراهيم بن أبي عبلة (ت: 152هـ): (من حمل شاذَّ العلم حمل شرًّا كثيرًا)
. وقال عبد الرحمن بن مهدي (ت: 198هـ): (لا يكون إمامًا في العلم من أخذ بالشاذ من العلم)
ويعد علم الفقه من أكثر العلوم استعمالًا لمصطلح الشاذّ
، وقد استعمله الفقهاء تارة مقابل القول المشهور، وتارة مقابل القول الصحيح،
وأيضًا مقابل القول الأصح.
ما القول الشاذ؟ قيل: هو مفارقة الواحد من العلماء سائرَهم.
وقيل: أن يجمِع العلماء على قول ثم يخالف أحدهم هذا الإجماع.
وقيل: مخالفة الحقّ، فكل من خالف الصواب في مسألة ما فهو فيها شاذ.
وقيل: الخارج عن الموافقة بالمخالفة. ورجح بعض المعاصرين بأنه: قول انفرد به قلة من المجتهدين من غير دليل معتبر
وعليه فالشاذ يتشابه مع القول الضعيف؛
إذ كل منهما من جنس القول المرجوح الذي لا يجوز الاعتماد عليه في الأحكام الشرعية،
وإن كان الضعيف أعم من الشاذ،
فكل قول شاذ ضعيف ولا عكس.
وأشد أنواع الشذوذ ما كان عن اتباع الهوى،
وقد أدى ذلك إلى اختلاق بعضهم الأحاديث أو الزيادة فيها لتقرير مسائل ومحاجة المخالف فيها
وقد حذر الشاطبي من هذا الصنيع فقال:
(وإذا دخل الهوى أدى إلى اتباع المتشابه حرصًا على الغلبة والظهور بإقامته العذر في الخلاف، وإنما أدى إلى الفرقة والتقاطع والعداوة والبغضاء، لاختلاف الأهواء وعدم اتفاقها، وإنما جاء الشرع بحسم مادة الهوى بإطلاق، وإذا صار الهوى بعض مقدمات الدليل لم ينتج إلا ما فيه اتباع الهوى، وذلك مخالفة للشرع، ومخالفة الشرع ليست من الشرع في شيء، فاتباع الهوى من حيث يظن أنه اتباع للشرع ضلال في الشرع).
وقال ابن القيم:
(لا يجوز للمفتي أن يعمل بما شاء من الأقوال والوجوه، من غير نظر في الترجيح)، وقال عن هذا: (حرام باتفاق الأمة).
إلى أن قال:
(وبالجملة، فلا يجوز العمل والإفتاء في دين الله تعالى بالتشهي والتخير وموافقة الغرضـ، فيطلب القول الذي يوافق غرضه وغرض من يحابيه، فيعمل به، ويفتي به، ويحكم به، ويحكم على عدوه ويفتيه بضده، وهذا من أفسق الفسوق وأكبر الكبائر، واللَّه المستعان).
الأقوال الشاذة نوعان:
الشاذ المطلق: وهو الذي ورد فيه الذم، وعنه يقول القرافي: (كل شيء أفتى فيه المجتهد، فخرجت فتياه فيه على خلاف الإجماع أو القواعد أو النص أو القياس الجلي السالم عن المعارض الراجح، لا يجوز لمقلده أن ينقله للناس ولا يفتي به في دين الله تعالى)
ومنه قول ابن قدامة بعد أن ذكر قول من يرى أن دية المرأة كدية الرجل، قال: (وهذا قول شاذ يخالف إجماع الصحابة وسنة النبي صلى الله عليه وسلم).
الشاذ النسبي:
وهو مخالفة المعتمد من المذاهب الفقهية؛ ففي كل مذهب رأي معتمد يقابله رأي آخر، يطلق عليه علماء المذهب وصف الشذوذ في اصطلاحهم، ولا مشاحة في الاصطلاح، وهذا الوصف لا يعني بالضرورة رد القول تمامًا، بل أجاز العلماء العمل به والفتوى أيضًا عند الحاجة، وأما الشاذ بالمعنى الأول فهو الذي لا يجوز العمل ولا الفتوى به. قال النووي وهو يتحدث عن حرمة حمل المحْدِث للمصحف.. إلى أن ذكر قولًا أنه يجوز حمله بعلاقته، وقال: (وهو شاذ في المذهب وضعيف)
وقال السبكي: (إذا كان للحاكم أهلية الترجيح، ورجح قولا منقولا بدليل جيد جاز، ونفذ حكمه وإن كان مرجوحا عند أكثر الأصحاب ما لم يخرج عن مذهبه، وليس له أن يحكم بالشاذ الغريب في مذهبه، وإن ترجح عنده)
الأخذ بالقول المرجوح عند الضرورة: وكان الشيخ محمد بن إبراهيم رخّص في الأخذ بالرأي المرجوح عند الضّرورة، وذلك عند تردد المكلّف بين المخالفة أو الأخذ بالرخصة، يقول: (المسألة الخلافيّة إذا وقعت فيها الضرورة جاز للمفتي أن يأخذ بالقول الآخر من أقوال أهل العلم الذي فيه رخصة)
إلا أنه ينبغي التنبه لعدم التوسع في الأخذ بالرخص بما يوافق الهوى؛ لأن تسويغ ذلك يؤول بالتقادم إلى الأخذ بالضعيف والشاذ والمرجوح مع عدم الضرورة.
وينبه أيضًا إلى أن العلماء قد وجهوا من يتعلّم الفقه إلى أهمية معرفة مواضع الإجماع حتى لا يقع في الأقوال الشاذة،
قال ابن عبد البر في جملة العلوم التي ينبغي معرفتها في الفقه:
(ومعرفة الفريضة من النافلة، ومخارج الحقوق والتداعي، ومعرفة الإجماع من الشذوذ. قالوا: ولا يوصل إلى الفقه إلا بمعرفة ذلك، وبالله التوفيق).
كثرة الشاذ في هذا العصر:
وقد كثرت الأقوال الشاذة في الإفتاء في هذا العصر، وليس مرجع ذلك إلى الاضطراب في الشريعة نفسها،
فإنها مصونة عن الخلل والاضطراب، وإنما يعود ذلك الاضطراب إلى ادّعاء بعض من يتصدّر للإفتاء، مع فقدانه أدواته من معرفة الكتاب والسنة والإجماع والقياس واللغة بنحوها وصرفها وبلاغتها، وأساليب الكلام العربي، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، وعلوم القرآن والحديث، ومعرفة مراتب الأدلة وقوتها وأحوال التعارض وطرق الترجيح، والمعرفة بواقع الناس وعاداتهم وأعرافهم، والورع عن الخوض في الفتوى بغير علم؛ هذا كله أدى إلى كثرة هذه الأقوال، مع سرعة انتشارها عبر وسائل التواصل التي تنقل هذه الفتاوى أمام الملأ.
استعمال الأقوال الشاذة في الأمور العامة:
هذه من البلايا التي يراد جر الأمة إليها جرًّا، فإذا كان تتبع الشواذ بالشأن الذي رأيت لمن استهواها في خاصة نفسه، فكيف بمن يسعى إلى توسيع دائرتها وحمل الناس عليها؟! وقد جرى شيء من ذلك عبر التأريخ؛ كحمل بعض خلفاء بني العباس الناس على القول بخلق القرآن، هذا في الأصول، وفي الفروع كان من ذلك ما كان، ومن يسعى في ذلك فإنما يسعى في عماية، والله المستعان- المصدر سلف للبحوث والدراسات
****************
أن الحق في الاتباع والدليل، وعدم مخالفة الجماعة، والأخذ بالأقوال الشاذة من غير برهان،
{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْـمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً}
ولهذا لا يجوز أن يمكَّن من الخوض في الفتوى الجاهلون بمقاصد الشريعة ومدارك الأحكام،
المتخرصون على معانيها بالظن، المتعالمون بلا رسوخ،
الخائضون في مظان الاشتباه بلا تمييز، المقتحمون غمار الفتوى بلا علم ولا عدة ولا تأهيل.
وفي الأمة بحمد الله علماء متمكِّنون من درك أحكام الوقائع،
بصيرون بمسالك النظر والاستنباط، راسخون في التخريج والترجيح.
ولا تظهر الأفكار الزائغة والعقائد المنحرفة والأقوال الشاذة إلا بترك الصدور عن العلماء الراسخين،
وأخذ العلم والفتوى عن أهل الجهل والهوى.
روى عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ؛ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوساً جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: (لَيْسَ عَام إِلَّا والَّذِي بَعْده شَرّ مِنْهُ، لَا أَقُول: عَام أَمطَرُ مِنْ عَام، ولَا عَام أَخْصَب مِنْ عَام، وَلَا أَمِير خَيْرٌ مِنْ أَمِير، وَلَكِنْ ذَهَابُ علمائكم وخياركم، ثُمَّ يَحْدُث قَوْم يَقِيسُونَ الْأُمُور بِآرَائِهِمْ فَيُهْدَم الْإِسْلَام ويُثلم)
قال ابن القيم فى النونية
هذا وإني بَعْدُ ممتَحَنٌ بأر
بعةٍ وكلُّهم ذوو أضغانِ
فظٌ غليظٌ جاهلٌ متمعلمٌ
ضخمُ العمامةِ واسعُ الأردانِ
متفيهقٌ متضلِّع بالجهلِ ذو
صَلَع وذو جَلَح من العرفانِ
مزجى البضاعةِ في العلومِ وإنَّه
زاجٍ من الإيهام والهذيانِ
يشكو إلى الله الحقوقَ تظلُّماً
من جهله كشكايةِ الأبدانِ
من جاهلٍ متطبِّبٍ يفتي الورى
ويحيلُ ذاكَ على قضا الرحمنِ
رد: أدلة جواز قراءة الآيات والتفث في الماء في الرقية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف
سأتكلم من باب النقد العلمى للأقوال الفقهية الشاذة بغض النظر عن أصحاب المقالات والآراء
الأقوال الفقهية الشاذة وموقف السلف منها
وقيل: الخارج عن الموافقة بالمخالفة. ورجح بعض المعاصرين بأنه: قول انفرد به قلة من المجتهدين من غير دليل معتبر
جزاك الله خيرا على هذا النقل .
فهو يثبت أن القول بالقراءة على الماء هو من الأقوال الشاذة لانفراد ثلاثة علماء فقط بالقول به إلى زمن العلامة محمد بن إبراهيم وبدون دليل معتبر .
عشرات الآلاف من الصحابة وهم خير السلف وعشرات الآلاف من العلماء من بعدهم لم يذكروا القراءة على الماء على مر ثلاثة عشر قرنا 1300 عام !!!.