العلاقة بين الإمامين: الماوردي (ت450هـ) والروياني (502هـ).

بسم الله الرحمن الرحيم
العلاقة بين الإمامين الماوردي والروياني:
يكثر السؤال عن العلاقة بين الإمامين: الماوردي والروياني، ولعل السبب في ذلك أن كثيرا من العلماء يقول: "وبهذا قال الماوردي والروياني"، أو نحو ذلك من العبارات التي تقرن بينهما، وتجد هذا كثيرا في كتب الشافعية، وتجده أكثر في كتب أصول الفقه، وقد منّ الله علي بتتبع هذا الأمر وتحريره في رسالتي للماجستير، وسأذكر هنا خلاصة ما توصلت إليه، والله المستعان.
أولا: في البداية لا بد وأن نعلم أن الماوردي متقدم على الروياني، فالأول توفي (450هـ)، والثاني توفي (502هـ).
ثانيا: بالنسبة لأصول الفقه؛ فإن الأصول التي اعتمدها الروياني هي نفس الأصول التي اعتمدها الماوردي، والناظر في مقدمتي (الحاوي الكبير) للماوردي و (بحر المذهب) للروياني يرى هذا جليا؛ حيث إن الروياني قد أخذ كثيرا من مسائل أصول الفقه التي ذكرها الماوردي في مقدمة كتابه.
أضف إلى ذلك أن الماوردي ذكر في كتاب القضاء من كتابه (الحاوي) فصلا يربو على مائة صفحة في الأصول، أخذه الروياني كما هو ووضعه في كتاب القضاء من كتابه (البحر)، وقد ذكر هو ذلك في بداية هذا الفصل -في (البحر) [11/92] نسخة دار الكتب العلمية- بقوله: "فصل ذكره القاضي الإمام صاحب الحاوي في هذا الموضع يتصل بالأصول والفروع، فأوردته على وجهه حتى لا يشذ منه شيء"، وقد قمت بمقابلة كلامه مع كلام الماوردي، فلم أر إلا تغييرا يسيرا في بعض العبارات.
لذلك نرى كثيرا ممن ألّفوا في كتب الأصول يقولون: "قال الماوردي والروياني"، وأحيانا يقول بعضهم: "قاله الماوردي والروياني كلاهما في كتاب القضاء"، وأحيانا البعض ينسب القول للروياني فقط دون أن يذكر الماوردي، مع أن الكلام في الحقيقة كلام الماوردي، انظر دليلا على هذا الذي قلته على سبيل المثال: البحر المحيط [2/207]، [4/65،53]، [5/60،14]، [6/433،33]، [8/257]، إرشاد الفحول للشوكاني [1/288، [2/1016،978].
ولا يعني هذا الكلام أن الروياني لم يذكر مسائل أخرى غير التي ذكرها الماوردي. وقد بينت ذلك بيانا وافيا في رسالتي. وأسأل الله القبول.
ثالثا: أما ذكر قوليهما معا في الفروع؛ فأيضا الناظر في الكتابين يجد أن الروياني ينقل كثيرا من الماوردي؛ خاصة أن كليهما شرح لـ (مختصر المزني)، وقد كان الروياني أحيانا ينبّه على نقله، وأحيانا لا ينبه؛ قال تاج الدين السبكي في ترجمة الروياني في (طبقات الشافعية الكبرى) [7/195]: "ومن تصانيفه (البحر)، وهو وإن كان من أوسع كتب المذهب، إلا أنه عبارة عن (حاوي) الماوردي مع فروع تلقاها الروياني عن أبيه وجده ومسائل أخر، فهو أكثر من (الحاوي) فروعا، وإن كان (الحاوي) أحسن ترتيبا وأوضح تهذيبا".
وأنا على جهلي وقلة بضاعتي عقّبت على كلام الإمام السبكي هذا بكلام طويل لا يتسع المقام هنا لذكره.
ولعلي أكون بهذه الإجابة قد جليّت الأمر، والله يغفر لي تقصيري، ومن كان له تعليق أو زيادة فائدة من مشايخنا الكرام فليفدنا، وجزاكم الله خيرا.

اقتباس:

---

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله أحمد المدني

قال تاج الدين السبكي في ترجمة الروياني في (طبقات الشافعية الكبرى) [7/195]: "ومن تصانيفه (البحر)، وهو وإن كان من أوسع كتب المذهب، إلا أنه عبارة عن (حاوي) الماوردي مع فروع تلقاها الروياني عن أبيه وجده ومسائل أخر، فهو أكثر من (الحاوي) فروعا، وإن كان (الحاوي) أحسن ترتيبا وأوضح تهذيبا".

---

أحسن الله إليك، ونفع الله بك...
وأما السبكي فلا يخفى ما في كلامه من التحامل، وهو إذا وقع برجل لم يبق ولم يذر كما نبه عليه السخاوي في الإعلان بالتوبيخ (ص: 101)

قال ابن الصلاح: "هو [يعني: الروياني] في البحر: كثير النقل، قليل التصرُّف والتزييف والترجيح".
وقال محقق "البحر" في مقدمة التحقيق (ص11): "تتبعت النقص ورممت ما أمكن ترميمه من الحاوي الكبير".
حقيقة، لم يظهر لي ما ظهر لأخينا محمود الجيزي من التحامل. وفوق كل ذي علم عليم. والله أعلم.
وليت الأخ الفاضل عبد الله المدني يُجمِل لنا تعقيبه على عبارة السبكي رحمه الله.

اقتباس:

---

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أشرف بن محمد

قال ابن الصلاح: "هو [يعني: الروياني] في البحر: كثير النقل، قليل التصرُّف والتزييف والترجيح".
وقال محقق "البحر" في مقدمة التحقيق (ص11): "تتبعت النقص ورممت ما أمكن ترميمه من الحاوي الكبير".
حقيقة، لم يظهر لي ما ظهر لأخينا محمود الجيزي من التحامل. وفوق كل ذي علم عليم. والله أعلم.
وليت الأخ الفاضل عبد الله المدني يُجمِل لنا تعقيبه على عبارة السبكي رحمه الله.

---

أخي أشرف شكر الله لك,
وبالنسبة لكلام السبكي على البحر، فأنا قصدت أن أقول: هذا هضم لهذا الكتاب العظيم؛ لأنه من قارن بين كتاب الحاوي وكتاب البحر -وأنا فعلت هذا أثناء العمل في رسالتي- تبين له أن البحر فيه أشياء كثيرة ليست في الحاوي وإن كان هو ينقل عنه كثيرا، أضف إلى ذلك أن هذه الفروع التي ذكرها الروياني والتي تلقاها عن أبيه وجده كثيرة جدا، والناظر في كتب الشافعية من بعده يعلم كيف استفادوا من هذه الفروع، وعلى رأسهم العلامة النووي رحم الله الجميع.
وبالنسبة للمحقق أو قل لمحققي النسختين (نسخة دار إحياء التراث ونسخة العلمية) فلا تحاول أن تبرر لهما، وأنا عندي النسختان ومن خلال تفحصي الدقيق لهما تبين لي ما ذكرته عنهما في مشاركة سابقة هنا في هذا المجلس المبارك، يمكنك أن تنظرها هنا http://majles.alukah.net/t125242/

أنت تتكلم عن مسألة نقل المحقق من الحاوي، وهذه وحدها عجيبة، وأنا تكلمت عن كمية الأخطاء التي لا تحصى، ولست مبالغا، في الحقيقة هاتان الطبعتان في غاية السوء، وغفر الله لنا ولهما,
وأما كلام الأخ الجيزي فأنا أظن أنه عزا مسألة التحامل للسخاوي، فينظر في هذا كلام السخاوي.
وجزاك الله خيرا.

الأخ الكريم،
أنا نقلت عبارة المحقق لا لتبرير أردت ولكن لإثبات التطابق بين النصين في كثير من الأحيان ..
ثانيا قد قلت لك:
"وليت الأخ الفاضل عبد الله المدني يُجمِل لنا تعقيبه على عبارة السبكي رحمه الله".
وقد قرأت تعقيبك، ولم أره إلا مؤيدا لعبارة السبكي في الجملة.
ليت الأخ الفاضل محمود الجيزي يثبت التحامل.
وليتك تتفضل بإثبات موضع النقد والنظر من عبارة السبكي.

اقتباس:

---

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أشرف بن محمد

أنا نقلت عبارة المحقق لا لتبرير أردت ولكن لإثبات التطابق بين النصين في كثير من الأحيان ..
.

---

أخي الكريم،
بداية أعتذر إليك عن عبارة التبرير هذه، فأنا ما أردتها.
ثانيا: أنا كنت أعلق على عبارة السبكي التي يقول فيها: "ومن تصانيفه (البحر)، وهو وإن كان من أوسع كتب المذهب، إلا أنه عبارة عن (حاوي) الماوردي مع فروع تلقاها الروياني عن أبيه وجده ومسائل أخر"، فقلت: وأنا على جهلي وقلة بضاعتي أرى أن العبارة في حد ذاتها مجحفة في حق الرجل، انظر إلى قوله: "عبارة عن"، ومن خلال عملي رأيت أن الأمر بخلاف ذلك، ولست بأعلم من السبكي ولا حتى نقطة في بحره.
وعلى كلٍ جزاك الله خيرا على إثراء الموضوع.

الأخ الكريم،
بارك الله فيك ونفع بك،
عبارة السبكي:
"ومن تصانيفه "البحر"، وهو وإن كان من أوسع كتب المذهب، إلا أنه عبارة عن:
"حاوي" الماوردي،
مع فروع تلقاها الروياني عن أبيه وجده،
ومسائل أخر؛
فهو أكثر من الحاوي فروعا،
وإن كان الحاوي أحسن ترتيبا وأوضح تهذيبا".

أخونا : عبد الله أحمد المدني، قال:
"ومن خلال عملي رأيت أن الأمر بخلاف ذلك".
أقول: أنت أبصر بعملك وأقوم بإقامة الحجة له، فأرنا كيف رأيت "الأمر بخلاف ذلك" للفائدة ..