المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القول الرشيد في سرد فرائد الشيخ وليد



عبدالمجيد المبرد
2011-07-07, 03:05 AM
السلام عليكم
أيها القراء الكرام
سأجتهد من خلال هذه الصفحة أن أتحفكم ببعض فوائد ودرر شيخنا الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله مما وقفت عليه أثناء قراءتي لكتبه أو مما سمعته منه مشافهة وسأحاول مجتهدا التوثيق ورد الفائدة لأصلها

والله أسأل أن يبارك فيما أنقل وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم

عبدالمجيد المبرد
2011-07-07, 03:06 AM
فــائـــدة (1)
إن قال قائل : إننا قد درسنا أن من شروط كلمة التوحيد القبول والانقياد فما الفرق بينهما ؟ فأقول : الفرق بينهما ظاهر لمن تدبر ، وهو أن القبول أمر قلبي باطني فهو من أعمال القلب ولا يطلع عليه إلا الله تعالى ، لكن جعل الله عليه علامة يغلب على الظن مع وجودها وجوده ، وهي الأعمال الظاهرة - أعني أعمال الجوارح - وهي القيام بحقوق هذه الكلمة من موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين والتبري منهم باللسان والصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك من مقتضيات هذه الكلمة وهذا هو الانقياد ، أي أن الانقياد عمل الظاهر والقبول عمل الباطل ، فهو قبل بقلبه وانقاد بجوارحه ، فالانقياد ثمرة القبول وعلامة صدقه ، فإن المتخلف عن الانقياد في الظاهر لم يتخلف انقياده إلا لخلل في القبول في الباطن وعلى مدى صدق القبول وكماله يزداد الانقياد أو ينقص ، فالانقياد وهو قبول الجوارح لمقتضى هذه الكلمة ، والقبول هو قبول القلب لها ، والله يحفظنا وإياك ، وهو أعلم وأعلى .

المصدر : القول الرشيد في سرد فوائد التوحيد ص5

عبدالمجيد المبرد
2011-07-07, 01:27 PM
فائدة (2)
قال لي بعض الطلاب يومًا : كيف يكون النذر عبادة وقد نهى النبي  عنه كما في الصحيح من حديث ابن عمر أن النبي  نهى عن النذر وقال : (( إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل )) فكيف يجتمع كونه عبادة وكونه منهي عنه ؟ فقلت : هذا سؤال جيد وقليل من تعرض له فضلاً عن ذكر الجواب ، وجوابه يسير بفضل الله وحسن توفيقه وتعليمه وبيانه أن يقال: إن لنا في النذر ثلاث نظرات: نظرة في أصل عقده - أي في إنشائه - ، ونظرة فيمن يعقد به ، ونظرة في الوفاء به بعد عقده .
فإذا فرقت بين هذه الأشياء الثلاثة عرفت الجواب - بإذن الله تعالى - ولكن قبل أن تدخل في الجواب عليك أن تعلم أن الجمع بين الأدلة واجب ما أمكن وهذا مهم جدًا ، إذا علمت هذا فاعلم أن الجزئية التي نهت عنها الأدلة إنما هي الأولى فقط ، أي أن الدليل نهى عن إنشاء النذر وذلك لأمرين :
الأول : أنه بالنذر يُلزم الإنسان نفسه بشيء ليس بلازم له شرعًا وما يدريه لعله لا يستطيع ولا يقدر على القيام به ، فرحمة من الشارع وإحسانًا بالمكلفين نهاهم عن إنشاء النذر .
الثاني : أنه نهى عن النذر لسد ذريعة تعلق القلب بغيره - جل وعلا - فإن الناذر قد يظن أنه بهذا النذر يقدم لله شيئًا ليعطيه بدله ، فكأن الأمر فيه نوع منه ، أي أن الناذر للصدقة أو الصلاة أو الصوم مثلاً لسان حاله يقول : إن أعطيتني هذا الشيء تصدقت وصليت وصمت ، فبالله عليك ماذا تفهم لو أن الله لم يعط العبد ذلك ، فإنه لن يأتي بهذه الصلاة ولا الصوم ولا الصدقة ، وهذا هو عين البخل فإن النفس المؤمنة تقوم بذلك اختيارًا وطواعية من غير إلزام ولذلك قال : (( إنه لا يأتي بخير )) أي لا يظن الناذر أنه بهذا النذر سيحصل له ما يريده من الخير ، وإنما يستخرج به من البخيل الذي تأبى نفسه فعل الخير ابتداءً وهذا الناذر قد تعلق قلبه بنذره ، ولذلك نهتنا الشريعة عن إنشائه ، فالمنهي عنه في حديث ابن عمر إنما هو إنشاؤه فقط ، لكن لو عقده فإنه مأمور ألا يعقده إلا بالله تعالى ، وإذا عقده بالله تعالى فإنه يجب عليه الوفاء به إن كان من قبيل نذر التبرر ، لقوله :  يوفون بالنذر  ، وقوله :  وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه  . وقوله  : (( من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه )) إذًا النذر باعتبار إنشائه وابتدائه منهي عنه ، وباعتبار عقده لله والوفاء به عبادة ، والعبادة قد تكون منهي عنها باعتبار ومأمور بها باعتبار ، ألا ترى أن القرآن منهي عنه حال الركوع والسجود ؟ ولكنه مأمور به في حال القيام في غير الرفع من الركوع ، وأن الصلاة تطوعًا منهي عنها حال وقت النهي ومأمور بها في غيره . إذًا جهة النهي ليست هي جهة الأمر وكذلك كثرة الحلف منهي عنه ، لكن لو حلف فإنه يلزمه الوفاء بيمينه ، إذًا لا يتعبد لله بإنشاء النذر وإنما يتعبد لله بالوفاء به بعد عقده ، وحيث ثبت أن الله امتدح المؤمنين فيه ، فهذا دليل على أنه عبادة ، وحيث كان عبادة فلا يصرف إلا لله تعالى .
ولعلي بهذا قد أحسنت في إيصال المعلومة إليك فإن فهمت ذلك وإلا فهو من تقصيري في الشرح ، والله يغفر عن الخطأ والزلة ، والله أعلى وأعلم .