مشاهدة النسخة كاملة : السبكي وابن تيمية والواقع المعاصر
محمود المحلي
2010-05-04, 08:38 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
معلوم أنْ لا أحد معصوم خلا الأنبياء. ولكن كل ذي عين وعقل سليم يدرك أن مِن العلماء من هم متبعون للهوى، ومنهم من هم ملتزمون بما عليه الدليل من الكتاب والسنة، وهؤلاء بالتأكيد هم أهل الحق.
ولكن متبعي الهوى يعادونهم زاعمين أن تلك العداوة إنما هي لله وفي الله! ويسمونهم بأسماءٍ الغايةُ منها التنقيص منهم، ويستعملون أحيانا تعبيرات مثل: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله! وهم بذلك يلبّسون على الناس ويفتنونهم.
ولقد رأيت فريقا من أهل الأهواء لا يفتأ يذْكر ويذَكِّر بما قاله الشيخ تقي الدين السبكي في الشيخ ابن تيمية رافعِين من قدر الأول، ومُنزلين من قدر الثاني، وكأنهم يقولون، بل إنهم بالفعل يقولون: إن ما نفعله الآن من حربنا ومعاداتنا لأولئك الذين يزعمون أنهم على الحق إنما هو استكمال لما كان يفعله شيخ الإسلام السبكي مع ابن تيمية.
ولقد قرأت عن الشيخ تقي الدين السبكي، وعلمت أنه كان عالما كبيرا حقا، فهل موقفه من الشيخ ابن تيمية يمكن تسويغه بأي صورة؟ أم أنه لا يمكن إلا أن يقال إنه قد فجر في الخصومة؟ (وهذا هو سؤالي الأول)
ثم هل ما يفعله الآن أهل الأهواء أولئك يشبه – كما يزعمون – ما فعله الشيخ السبكي قديما مع الشيخ ابن تيمية؟ (وهذا هو سؤالي الثاني)
والسؤال الأخير: بكل صراحة، هل يمكن للإنسان أن يقرأ ما كتبه الشيخ السبكي في ابن تيمية، ويظلَّ محبا ومحترما ومبجّلا لهما كليهما؟
وجزاكم الله خيرا.
والسلام عليكم.
ابن الرومية
2010-05-05, 03:09 AM
شتان بين موقفي الامام ابن تيمية و الامام السبكي من بعضهما على اختلافهما في المعتقد..و بين موقف أهل القرن التاسع و العاشر الى قرننا هذا قرون الانحطاط المتسارع...القرن الثامن يمكن تسميته بآخر قرون الأخلاق و الحس الجماعي في جسد المؤمن الواحد...فان كان القرن الرابع القرن الذي بدأ معه تشتت القلب النابض للأمة...فالقرن الثامن هو بداية تشتت الجسد جميعا...ابحث الآن و قلما تجد مثل مناظرات ابن الوكيل مع ابن تيمية و كانهما في حديقة عامة..و كأن لم تعصف بهما فتنة المحاكمات في العقائد...و انظر هل ستجد مثل السجال الراقي جدا في الطلاق مع السبكي ..و ثناء كل منهما على كتاب الآخر و احترامه له و اعترافه بعلمه و التعاون فيما اتفقوا عليه ...دون ان يمنعهما من النقد و القاسي احيانا...قرن جميل ووافر بكبار عقول الأمة من مختلف الطوائف و الذين ضربوا مثالا و لعله آخر الأمثلة -منذ اجتماع المقادسة و المصريين من العلماء مع الصلاح- من أمثلة التآلف و التراص في الجسد الواحد ما امكن التآلف جمعا بين الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و بين الحرص على الجماعة و البعد عن الفرقة... فلاعجب ان يفرده بالتألبف أو يركز عليه المهتمون بهموم الأمة و مسارها التاريخي كالصفدي و ابن حجر و الشوكاني و غيرهم...
نعم ..كان الامام ابن تيمية نجم هذا القرن...فلم أجد له على كثرة قراءتي له و معاشرتي لكلامه تعرضا او اهتماما بالأشخاص كأشخاص...بل جل اهتمامه منصب على قضايا العلم و تحسين المنهج بعفة لسان و منهج أدبي صارمة..فان قرأت كتبه - باستثناء ما كتبه لحكاية مناظرة جرت له-*فستعتقد ان لا احد كان يتعرض له بسوء..و لا أحد يترصد له و لا أحد يحاول النيل منه...بخلاف كتب غيره من خصومه فأحيانا لا تتجرد عن اللمز و الطعن و التشخيص...الا ان شتان بين خصومه و اتباعهم الآن...لا في الأدب و لا في اتساع الأفق و لا في حسن سياسة العلم على تجاوزاتهم...و لكن لأن لسان اهل الحديث كان ابن تيمية و المزي و الذهبي و ابن شيخ الحزاميين كان مقابله امثال السبكي و ابن الزملكاني و ابن الوكيل و الباجي و ابن عطاء الله و الحلي ...
محمود المحلي
2011-04-23, 04:00 PM
السلام عليكم.
بارك الله فيكم.
ولقد طرحت هذا السؤال في موقع "صوت السلف"، وكان الجواب.
السؤال:
1- معلوم أن لا أحد معصوم خلا الأنبياء، ولكن كل ذي عين وعقل سليم يدرك أن مِن العلماء من هم متبعون للهوى، ومنهم من هم ملتزمون بما عليه الدليل من الكتاب والسنة، وهؤلاء بالتأكيد هم أهل الحق.
ولكن متبعي الهوى يعادونهم زاعمين أن تلك العداوة إنما هي لله وفي الله! ويسمونهم بأسماءٍ الغايةُ منها التنقيص منهم، ويستعملون أحيانا تعبيرات مثل: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله! وهم بذلك يلبّسون على الناس ويفتنونهم.
ولقد رأيت فريقًا من أهل الأهواء لا يفتأ يذْكر ويذَكِّر بما قاله الشيخ تقي الدين السبكي في الشيخ ابن تيمية رافعِين من قدر الأول، ومُنزلين من قدر الثاني، وكأنهم يقولون، بل إنهم بالفعل يقولون: إن ما نفعله الآن من حربنا ومعاداتنا لأولئك الذين يزعمون أنهم على الحق إنما هو استكمال لما كان يفعله شيخ الإسلام السبكي مع ابن تيمية.
ولقد قرأت عن الشيخ تقي الدين السبكي، وعلمت أنه كان عالمًا كبيرًا حقًا، فهل موقفه من الشيخ ابن تيمية يمكن تسويغه بأي صورة؟ أم أنه لا يمكن إلا أن يقال: إنه قد فجر في الخصومة؟
2- ثم هل ما يفعله الآن أهل الأهواء أولئك يشبه -كما يزعمون- ما فعله الشيخ السبكي قديمًا مع الشيخ ابن تيمية؟
3- وهل يمكن للإنسان أن يقرأ ما كتبه الشيخ السبكي في ابن تيمية، ويظلَّ محبًا ومحترمًا ومبجّلاً لهما كليهما؟
4- وماذا عن أشاعرة اليوم؟ أهم خلفاء الشيخ السبكي حقًا -كما يزعمون-؟
5- وهل من حقي أن أبغض أولئك الذين يهاجمون مَن على مذهب السلف الصالح، ويكون بغضي لهم في الله؟ أم أن عليَّ أن أعلم أنهم ربما كانت لهم اجتهاداتهم، وأنهم ربما لا يبغون إلا الوصول إلى الحق بتلك الاجتهادات؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- أما سؤالك الأول فإجابته: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (البقرة:134)، فنيته وقصده فيما فعل يحاسبه الله به، وعداواته لشيخ الإسلام والحط من قدره ومخالفته له في مسائل الاعتقاد لكونه كان أشعريًا كل ذلك مردود عليه، إن كان مجتهدًا فالله يغفر له، وإن كان غير ذلك فكفى بالله حسيبًا.
2- وما يفعله أهل الأهواء اليوم فكذلك كفى بالله حسيبًا، وبدعهم مردودة عليهم، وسعيهم لإطفاء نور الحق الذي عليه أهل السنة باطل وفاسد -إن شاء الله-.
3- لا يستوي عند أهل الحق في الحب والتبجيل لمن كان موافقًا للسنة ومن كان قائلاً ببدعة حتى لو كان فيها معذورًا، ويبقى علمه في المسائل الأخرى مقدرًا محترمًا من قِبَل طلاب العلم.
4- إن أشاعرة اليوم وقد ظهر لكل ذي عينين صحة منهج أهل السنة وحجة طريقة السلف، فهم أقبح ممن سبقهم، وإن كان موقف السبكي -كما سبق- لا نصوبه ولا نبرئه، بل نكل أمر نيته فيه إلى الله.
5- نحن نبغض كلامهم وطريقتهم وبدعتهم، وأما أعيانهم فمبني على إقامة الحجة واستيفاء الشروط وانتفاء الموانع، وفي الحقيقة لهم من المواقف المخزية التي لا تحتمل تأويلاً ولا جهلاً ولا اجتهادًا ما يستحقون عليه البغض.
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.