مشاهدة النسخة كاملة : الكشف عن أوهام المتأخرين في طريقة عزْوِهم إلى تاريخ قزوين !
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-01-30, 05:45 PM
قال في ( رحمات الملأ الأعلى بتخريج مسند أبي يعلى ) :
( .............................. ..............................
[تنبيه مهم] قد رأيت الإمام الألباني قد جزم في الضعيفة [9/ 461]، بكون الرافعي قد أخرج هذا الحديث في ( تاريخ قزوين )!
وظاهر صنيعه يوهم أن الرافعي قد أخرجه بسنده إلى أنس بن مالك به ...! وليس من ذلك شيء !
وإنما علَّقه أبو القاسم القزويني ! فقال في ترجمة: ( غسان بن علي السيال): ( سمع مع الخليل الحافظ علي بن أحمد بن صالح المقرئ سنة ست وسبعين وثلاثمائة حديثه عن أبي عبد الله محمد ابن مسعود ثنا سهل بن زنجلة ثنا إسحاق بن سليمان سمعت موسى بن عبيدة عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك به ...) وساق الحديث.
فالجادة أن يُقال: أخرجه غسان بن علي السيال ( فيما سمعه من علي بن أحمد بن صالح المقرئ ) كما في ( تاريخ قزوين ). وهذا الذي فعلناه في تخريجنا للحديث هنا.
أو يُقال: علَّقه الرافعي في ( تاريخ قزوين ) من طريق فلان به ...
أو يقال: أخرجه الرافعي في ( تاريخ قزوين ) - مُعَلَّقًا - من طريق فلان به ...
وهذا الأمر : لم ينتبه له جماعة من كبار المتأخرين في كثير من تخاريجهم ! فتراهم يعزون الحديث إلى الرافعي في ( تاريخ قزوين ) جازمين بكونه قد أخرجه !
وعند النظر في كلام الرافعي هناك: تراه قد رواه معلَّقا منسوبًا إلى من رواه من الحفاظ والمحدثين ومشيخة النَّقَلَة وحسب ! دون أن يسوق سنده إليهم !
ولا ريب أن هذا من الأخطاء الدالة على قصور في التثبُّت، وقلةٍ في إمعان النظر وإنعامه !
وقد وقفتُ على نماذج كثيرة من هذا القبيل وقعتْ لجماعة من كبار المحدثين في الغابر واللاحق ! ولا بأس إن ذكرتُ طرفًا من ذلك هنا فأقول:
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-01-30, 05:47 PM
1- قال الحافظ في ترجمة ( مضاء بن الجارود ) من اللسان [8/ 80/طبعة أبي غدة]: ( رأيت له خبرا منكرا أخرجه الإمام الرافعي في تاريخ قزوين في ترجمة المحسن بن الحسين[ كذا ( الحسين!) ! وعند الرافعي: الحسن ] بن هبة الله بن علي بن محمد بن عمر أبو الفتح الراشدي قال حدثنا علي بن أحمد بن صالح قال حدثنا محمد بن مسعود بن الحارث بن حبيب الأسدي قال ثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن قال ثنا مضاء بن الجارود قال ثنا عبد العزيز بن زياد عن أنس رضى الله تعالى عنه رفعه أن يوشع دعا ربه فقال اللهم إني أسألك ... ) وساق الحديث.
هكذا أطلق القول بأن الرافعي أخرجه ! وإنما علَّقه الرافعي تاريخه [4/64/الطبعة العلمية] فقال في ترجمة ( المحسن بن الحسن الراشدي ) : ( حدَّث عن علي بن أحمد بن صالح ثنا أبو عبد الله محمد بن مسعود بن الحارث بن حبيب الأسدي .....) وساق إسناده إلى أنس به ...
فالصواب أن يقال: أخرجه أبو الفتح الراشدي ( فيما سمعه من علي بن أحمد بن صالح ) كما في ( تاريخ قزوين ) من طريق علي بن أحمد بن صالح به ...
أو يقال: أخرجه الرافعي - معلقًا - من طريق أبي الفتح الراشدي به
أو نحو تلك العبارات الدالة على نسبة الحديث إلى من أخرجه على الجادة والحقيقة.
ولم أجد الحافظ قد أكثر من تلك الغفلة في كتبه !
بل وجدته في مواطن أخرى قد فطن لهذا الأمر وقعد له !
فنقل عنه ابن عِراق في تنزيه الشريعة المرفوعة [2/456]: أنه ( سُئِل هل يأتي الميت ملك اسمه رومان؟ فأجاب: بأنه ورد بسند فيه لين، وذكره الرافعي في تاريخ قزوين عن الطوالات لأبي الحسن القطان بسنده برجال موثقين إلى ضمرة بن حبيب قال: فتان القبر أربعة منكر ونكير وناكور وسيدهم رومان ...).
فانظر إلى قوله : ( ذكره الرافعي في تاريخ قزوين ...) ولم يقل أخرجه الرافعي!
والأثر كذلك في تاريخ قزوين [3/346] في ترجمة ( علي بن الحسن بن شمة) وفيها قال الرافعي: ( سمع أبا طلحة الخطيب في الطوالات لأبي الحسن بسماعه منه ...).
والأولى عندي أن يُقال: أخرجه أبو الحسن القطان في ( الطوالات ) كما في ( تاريخ قزوين).
وقال الحافظ أيضًا في اللسان [1/536] في ترجمة ( أحمد بن عصمة النيسابوري ) بعد أن ساق له حديثًا موضوعًا ! قال: ( وهذا الحديث أورده الرافعي في تاريخ قزوين من رواية محمد بن مهران ثنا محمد بن عمر بن زنبور ثنا محمد بن السري بن عثمان ثنا أحمد بن عصمة ...).
وهذا الخبر قد ذكره الرافعي في تاريخه [2/94] في ترجمة ( محمد بن مهران بن أحمد أبي عبد الله ) فقال: ( رأيت بخط هبة الله ثنا الشيخ الجليل شيخ الإسلام أبو عبد الله محمد بن مهران بن أحمد بقزوين في جامعها العتيق في صفر سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة ثنا ابن زنبور ثنا محمد بن السري بن عثمان ثنا أحمد بن عصمة بن نوح ...).
وهذا وجادة كما ترى ! ولأجل ذلك لم يقل الحافظ : ( أخرجه الرافعي ! ) وإنما عدل عن ذلك إلى قوله: ( ذكره الرافعي ).
وقال الحافظ أيضًا في ترجمة ( الفضل بن غانم الخزاعي ) من اللسان [6/347-348] بعد أن ساق له حديثًا من رواية إبراهيم بن محمد المخرمي عنه، قال: (أورده الامام الرافعي في تاريخ قزوين في ترجمة أبي الفتح الراشدي من روايته عن محمد بن أيوب عن المخرمى ....).
وهو كما قال، فالخبر قد علقه الرافعي في تاريخه [4/65] عن أبي الفتح الراشدي بإسناده به ...
فتأمَّل يقظة الحافظ هذه المرة وهو يعزو إلى ( تاريخ قزوين ) ؟!
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-01-30, 05:48 PM
2- وكذلك الحافظ السيوطي ! قد أكثر في جملة تصانيفه من العزو إلى الرافعي فيما يكون عنده معلَّقًا غير موصول !
وتجد ذلك بكثرة في كتابه الكبير ( جمع الجوامع / أو الجامع الكبير )، وكذا فيما ينقله عنه المتقي الهندي في ( كنز العمال ) ! وكذا في ( الجامع الصغير ).
ويكفي هنا أن نذكر مثالا فردًا من هذا القبيل فنقول:
أورد السوطي في الجامع الصغير [1/رقم/419 / مع فيض القدير ] حديث ابن عباس مرفوعًا : ( إذا أردت أن تذكر عيوب غيرك فاذكر عيوب نفسك) ثم عزاه إلى الرافعي في ( تاريخه ) !
وهذا الحديث قد أورده الرافعي في ترجمة ( سعد الله بن عبد الرشيد بن أبي عنان الطاؤسي ) من تاريخه [3/38-39/الطبعة العلمية] فقال: ( سمع - يعني سعد الله هذا - صحيح مسلم من أبي القاسم عبد الله بن حيدر، وكذلك الأربعين لإمام الحرمين الجويني بسماعه من الفراوي عن الإمام فيما سمعه من عبيد الله بن حيدر بن أبي القاسم بهمدان حديثه عن سهل بن إبراهيم المسجدي ثنا أبو سعيد الخشاب ثنا أبو بكر الجوزقي ثنا ثنا أبو العباس الدغولي ثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري ثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن يحيى بن مجاهد[كذا في الأصل ! والصواب: عن أبي يحيى عن مجاهد ] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر نفسك ).
فهذا كما ترى مُعلَّقًا ! لم يذكر الرافعي سنده إلى هذا السعد !
وإنما صواب العزو أن يُقال: أخرجه إمام الحرمين في ( الأربعين ) كما في ( تاريخ قزوين ).
أو يقال: أخرجه الرافعي - مُعلقًا - من طريق سعد الله - أو إمام الحرمين به ...
ولم يفطن الإمام الألباني إلى هذا كله !
فقال عن هذا الحديث في الضعيفة [رقم / 6975 ] : ( أخرجه الرافعي في تاريخ قزوين ( 3/ 29 ) من طريق عبيد الله ابن موسى عن إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً ... ) !
كذا قال ! وقد عرفتَ ما فيه؟!
3- وكذلك العالم المحدث محمد بن يوسف الشامي صاحب ( السيرة الشامية الكبرى ) المعروفة باسم: ( سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد ).
فله في هذا الكتاب جملة من الأوهام في هذا الصدد ! حيث كان يعزو للرافعي ما يكون عنده مُعلَّقًا ! أو منسوبًا إلى من أخرجه من الحفاظ والمحدثين !
وأكتفي هنا بأنموذج واحد فأقول:
قال الشامي في ( سيرته الكبرى ) [10/75/الطبعة العلمية] : ( روى الخليل بن عبد الجبار في فضائل قزوين، والرافعي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الثغور أرض ستفتح يقال لها: قزوين، من بات بها ليلة احتسابا مات شهيدا، وبعث مع الصديقين في زمرة النبيين حتى يدخل الجنة).
وهذا الحديث: علَّقه الرافعي في تاريخه [1/20] فقال: ( روى الخليل بن عبد الجبار - وقد أجاز لمن أجاز عن أميركا بن زيتارة - ثنا سليمان بن يزيد ثنا أبو الحسين أحمد بن محمد ثنا محمد بن هبيرة الغاضري ثنا سلم بن قادم ثنا سليمان بن عوف النخعي ثنا عثمان بن الأسود عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به ... ).
فالصواب أن يقال: أخرجه الخليل بن عبد الجبار في ( فضائل قزوين ) كما في ( تاريخ الرافعي ) من طريق سليمان بن يزيد به ...
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-01-30, 05:49 PM
4- وكذا للمُناوي أوهام من هذا القبيل في كتابه ( فيض القدير ) !
منها : قوله في تخريج حديث ابن عمر مرفوعًا : ( أتاني جبرئيل عليه السلام فقال يا محمد كن عَجَّاجًا ... ) من الفيض [3/337] فقال بعد أن حكى عزْو السيوطي للحديث إلى القاضي عبد الجبار في ( أماليه الحديثية) : ( وكذا رواه عنه الإمام الرافعي في تاريخ قزوين بإسناده! ).
كذا قال ! ولم يفعل شيئًا ! وإنما علقه الرافعي في تاريخه [3/337] فقال في ترجمة (علي بن أحمد الجصاصي) : ( سمع القاضي عبد الجبار بن أحمد مجالس من أماليه فيها ثنا القاسم بن علي المالكي .....) وساق إسناد القاضي.
فالصواب أن يُقال: أخرجه القاضي عبد الجبار بن أحمد في ( أماليه ) كما في ( تاريخ قزوين ). فانتبه لهذه الأوهام يا رعاك الله.
5- وكذا أكثر الإمام الألباني من تلك الغفلة في ( كتبه ) كإكثار السيوطي منها !
وقد مضى مثالان من كلامه في هذا الصدد !
وهناك المزيد غيرهما في السلسلتين ( الصحيحة / والضعيفة ) ! وليس لي حاجة في حَشْدِ تلك الأوهام في هذا المقام !
نعم: رأيتُ الإمام ربما انتبه لهذا الأمر أخيرًا في مواطن معدودة من ( السلسلة الضعيفة).
فكان يقول: ( أخرجه الرافعي في "تاريخه" (2/ 47) معلقاً ....) هكذا كان يتيقظ في عزْوه ، ويتبصَّره في أمره. روَّح الله روحه، وأضاء قبره وضريحه.
6- وكذا وجدتُ تلك الغفلة في مواضع من تخاريج محدِّث الديار المصرية في هذا الزمان: الشيخ الفاضل النبيل أبي إسحاق الحويني - شفاه الله وعافاه.
فمن ذلك : قوله في تخريج حديث ابن عباس مرفوعاً : ( من ترك الصف الأول مخافة أن يؤذي أحدا ، أضعف الله له أجر الصف الأول ) من كتابه ( تنبيه الهاجد ) [1/رقم/270 ] : ( أخرجه ابن عدى فى " الكامل (7/2507) ، وابن حبان فى المجروحين (3 / 48 - 49 ) ، و الرافعى فى أخبار قزوين ( 2 / 20 ) ....) !
وليس هذا منه بجيد ! لأن الحديث عند الرافعي معلَّقٌ غير موصول !
فقد أورده أبو القاسم القزويني في ترجمة ( محمد بن محمود الشيباني الفقيه ) من تاريخه فقال : ( سمع - يعني الشيباني - الأستاذَ الشافعيَّ ابنَ أبي سليمان المقرىء بقزوين سنة سبع وخمسمائة، ومما سمع: ما رواه الأستاذ عن أبي بدر محمد بن علي النهاوندي ....) ثم ساق إسناد الأستاذ المقرئ إلى ابن عباس به ...
فالجادة أن يقال: أخرجه محمد بن محمود الشيباني الفقيه ( فيما سمعه من الأستاذ ابن أبي سليمان المقرئ) كما في ( تاريخ قزوين ).
أو يقال: أخرجه الرافعي في ( تاريخه ) معلقًا - من طريق محمد بن محمود الشيباني الفقيه به ....
أو يُقال غير ذلك مما استدركناه في كتابنا ( إيقاظ العابد بما وقع من الوَهَم في تنبيه الهاجد).
ومن ذلك: قول المحدث الحويني أيضًا في تخريجه لحديث سعد بن أبي وقاص مرفوعًا : ( ليس منا من لم يَتَغَنَّ بالقرآن ) من تعليقه على ( فضائل القرآن الكريم / لابن كثير / طبعة مكتبة ابن تيمية ) [ص/187-188]: ( فأما رواية الليث فأخرجها: أبو داود ......... والرافعي في أخبار قزوين [2/ 268] ....) !!
كذا جزم وقال ! وليس الأمر بالذي قال ! ورواية الليث إنما أخرجها الرافعي في ( تاريخه ) معلقة غير موصولة !
فإنه أورد الحديث في ترجمة ( أحمد بن الهيثم بن حماد أبي الحسين اليماني) فقال: ( قال الخليل الحافظ: وحدثنا عنه - يعني أحمد بن الهيثم - ابنُ صالح ومحمد بن إسحاق ومحمد بن سليمان، ويقال: إنه كان من الأبدال، ومما رواه: ثنا محمد بن إسحاق الصاغاني أنبأ هاشم بن القاسم ثنا الليث بن سعد ....) وساق إسناد الليث إلى سعد بن أبي وقاص به ...
فالصواب أن يُقال: أخرجه أحمد بن الهيثم اليماني ( فيما سمعه من محمد بن إسحاق الصاغاني ) كما في ( تاريخ قزوين ).
أو يُقال: أخرجه الرافعي في ( تاريخه ) -مُعلَّقًا - من طريق أحمد بن الهيثم اليماني بإسناده به ...
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-01-30, 05:51 PM
7- وقد وقعت تلك الغفلة في تخاريج جماعات كثيرة من أصحابنا وأقراننا ومشايخ أهل الحديث في هذا الزمان، بحيث لو أردتُ استيعاب ذلك لهم لَفَنِيَ من كثرته القِرطاس، وذهبتْ في تسطير حروفه الأنفاس !
ولقد أعْملتُ فِكْري ونظرتُ: فإذا الغفلة قد أدركتْ هؤلاء من جرَّاء عدة أمور ؟! منها :
1- أن ( تاريخ قزوين ) مكتظٌّ بـ ( حدثنا ) و ( أخبرنا ) و ( أنبأنا )، مع إيراد الرافعي لكثير من الأحاديث والآثار بأسانيده المحضة، لا سيما في أوائل
( التاريخ ). فكأنَّ ذلك كان داعيًا لاعتقاد كون الرافعي هو المتفرد بإخراج أخبار ( تاريخه ) بأسانيده دون سواه!
2- ومنها: أن عبارة الرافعي في تعليقه للحديث لم تكن بالواضحة في مواطن كثيرة ! فربما استشكلها بعضهم ولم يفطن لها !
3- ومنها: اعتماد المتأخر على تصرُّف المتقدم في العزو دون التبصر في معاينة الأصول المَعْزُوِّ إليها ! وهذه آفة من الآفات ! وغفلة داحضة من جملة الغفلات!
فكأنَّ المتأخِّر لمَّا رأى في تخاريج المتقدِّم - كالسيوطي وغيره - عَزْوَ الأحاديث إلى ( تاريخ قزوين ) دون تفصيل ! ظن أن كل حديث في هذا ( التاريخ ) لا بد وأن صاحبه قد رواه بسنده الموصول، فأغلق على نفسه بهذا الظنِّ سُبلَ الكشف عن حقائق الأمور بمعاينة الأصول ! فوقع فيما وقع ! حيث عن التحرِّي تمنَّع أو امتنع !
وقد كان جماعة ممن عثر بهم جَوَادُهم في هذا المقام، قد فطنوا لهذا الأمر، وصاروا يتيقَّظون له في تخاريجهم الحديثية، كما مضى عن الحافظ والإمام الألباني.
وقد رأيتُ الشيخ العلامة المحدث الناقد محمد عمرو عبد اللطيف - يرحمه الله - في كتابه ( أحاديث ومرويات في الميزان ) [ص/20] قد عزا حديثًا إلى الرافعي في «تاريخه»! ولم يُنَبِّه على كونه عنده معلَّقًا ! لكنه استدرك ذلك بالهامش قائلا : (في ترجمة ( سنقر بن عبد الله الأرمني ) - يعني أخرجه الرافعي في ترجمة سنقر هذا - وقال - يعني الرافعي - : « سمع أبا الحسن سعد الله بن محمد بن علي بن طاهر الدقاق ببغداد ... » فذكره إسناده ، فلم يتبين لي اتصاله ! ....).
فانظر: إلى يقظة هذا الرجل الذي ما رأيتُ في مجموعه مثله ممن أدركتُ من مشيخة المحدثين بالديار المصرية ! سقى الله قبره بماء غيثه الصيِّب، وضوَّع جَدَثه بريحان كَرَمه الطَّيِّب.
ومما يجدر لفْتُ الأنظار إليه: أن الطبعة المتداولة الآن بين المشايخ والعلماء من ( تاريخ قزوين / الطبعة العلمية ) هي في غاية السوء وعدم الضبط ! ففيها من التحريف والتصحيف والسقط ما يحار له عقل اللبيب !
وقد كنتُ وجدتُ الإمام الألباني قد وصف تلك الطبعة في السلسلة الضعيفة [14/1075] : بقوله ( وهو - يعني تاريخ قزوين - من أسوأ المطبوعات وأكثرها تحريفاً وتصحيفاً ؛ لأن القائم على [ طبعها ] رجل شيعي رافضي جاهل. والله المستعان. ) وهو يعني بهذا الشيعي المحترق: عزيز الله العطاردي !
ولله أموال أنفقها طلبة العلم والعلماء في تحصيل تلك الطبعة !
والحقيقة: أن هذا التاريخ من عجائب التواريخ وأنفسها ! ففيه من نوادر الأسانيد وغرائبها ما لا تراه إلا فيه ! وكثير من الباحثين في غفلة سادرة عن الاستفادة منه ! فضلا عن العزو إليه !
ولعل الله يُهيَّئ له من يُشيد أركانه ويُقيم مبانيه، ويسعى جاهدًا على أن يبعث مواتَ الحياة فيه !
فإنه بكل جميل .. وهو حسبنا ونعم الوكيل ).
انتهى بحروفه : من ( رحمات الملأ الأعلى بتخريج مسند أبي يعلى ) [ ذيل الحديث / رقم/4110].
وكتبه: أبو المظفر السناري .. ذلك العاثر الأثيم !
السكران التميمي
2010-01-30, 06:28 PM
وعدت وأوفيت يا (أبا المظفر).. أنالك الله سعادة الدارين آمين
محمد بن عبدالله
2010-01-30, 09:29 PM
وفقك الله.
فالجادة أن يُقال: أخرجه غسان بن علي السيال ( فيما سمعه من علي بن أحمد بن صالح المقرئ ) كما في ( تاريخ قزوين ).
كيف جزمت أن غسان بن علي "أخرجه"؟
أم مصطلح (أخرجه) ليس مقصورًا على أن يكتبَه الرجل في مصنَّفٍ ما، ويسندَه فيه؟
وقل مثل هذا في عددٍ من النماذج التي أوردتَها.
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-01-30, 10:10 PM
وعدت وأوفيت يا (أبا المظفر).. أنالك الله سعادة الدارين آمين
جزاك الله خيرًا يا شيخ خالد.
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-01-30, 10:27 PM
كيف جزمت أن غسان بن علي "أخرجه"؟
أم مصطلح (أخرجه) ليس مقصورًا على أن يكتبَه الرجل في مصنَّفٍ ما، ويسندَه فيه؟
.
ومن أين لك أن عبد الكريم القزويني لم ينقل هذا الحديث من جُزء أو كتاب حديثي رآه لغسان السيال؟!
والعبد الفقير لم يقل بأنه يجب على الباحث أن يتبع لفظي في حكاية العزو هذه !
بل إنني قلتُ عقب كلامي الذي نقلتَه أنت عني :
أو يُقال: علَّقه الرافعي في ( تاريخ قزوين ) من طريق فلان به ...
أو يقال: أخرجه الرافعي في ( تاريخ قزوين ) - مُعَلَّقًا - من طريق فلان به ...
فما الذي دعاك إلى التعلُّق باللفظ الأول دون ما بعده يا رعاك الله ؟!
لا سيما وأنت تراني أُخُيِّر الباحث في أيِّ العبارات شاء ؟!
ودعك من هذا كله ! فهل اكتحلتْ عيناك بمثل ما أبصرتْه من هذا التنبيه الشريف ولو مرة في لحظات العمر ؟!
أقول هذا : لأن أخاك بحاجة من مزيد دعائك بأن يُفرِّج الله عنه ما هو فيه؟!
محمد بن عبدالله
2010-01-30, 11:15 PM
ومن أين لك أن عبد الكريم القزويني لم ينقل هذا الحديث من جُزء أو كتاب حديثي رآه لغسان السيال؟!
لم أزعم عدم ذلك، وليس بلازم من كلامي.
كما أن هذا لا يكفي في أن يعبِّر الباحث بلفظ: "أخرجه غسان...".
وربما نقله الرافعي مِن تآليف مَنْ دون غسان، وربما نقله من غير ذلك، فالأمر محتمل.
وإنما نبَّهتُ على اللفظ الأول لأنك أوردتَه خيارًا مُساويَهُ بغيره من الخيارات، بل قدَّمتَه عليها في غير موضع.
وفقك الله.
فواز الحر
2010-01-30, 11:19 PM
ولا ريب أن هذا من الأخطاء الدالة على قصور في التثبُّت، وقلةٍ في إمعان النظر وإنعامه !
على رِسلك؛ فالأمر أهون مما تراه!!
وفقك الله.
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-01-30, 11:55 PM
على رِسلك؛ فالأمر أهون مما تراه!!
وفقك الله.
لو أن رجلا جعل يكثر من عزو الأحاديث إلى البخاري أو أبي داود أو غيرهما من أصحاب السنن والمسانيد، دون التنبيه إلى كون هذه الأحاديث معلقة عند من عزاها إليه !
ألا يكون هذا الرجل ملومًا عندك أيها الفائز الحر؟!
وكيف لا يُعدٌّ هذا الصنيع قصورًا في التثبُّت ، وعجلةً في الأمر ؟!
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-01-31, 12:31 AM
لم أزعم عدم ذلك، وليس بلازم من كلامي.
كما أن هذا لا يكفي في أن يعبِّر الباحث بلفظ: "أخرجه غسان...".
وربما نقله الرافعي مِن تآليف مَنْ دون غسان، وربما نقله من غير ذلك، فالأمر محتمل.
وإنما نبَّهتُ على اللفظ الأول لأنك أوردتَه خيارًا مُساويَهُ بغيره من الخيارات، بل قدَّمتَه عليها في غير موضع.
وفقك الله.
الأمر كله يدور في دائرة الاحتمال يا أبا عبد الله.
علي أحمد عبد الباقي
2010-01-31, 02:59 AM
جزاك الله خيرًا أبا المظفر.
ومن الكتب التي وقع فيها هذا الأمر لكثير من المشايخ وطلبة العلم كتاب "التاريخ الكبير" لأبي عبد الله البخاري، وهو أولى بالتنبيه عليه من "تاريخ قازوين" لتقدمه وشهرته وعلو كعب مصنفه في الصناعة.
وأما بخصوص "تاريخ قزوين" فقد تنبه لهذا الأمر فضيلة شيخنا الشيخ سعد الحميد، حفظه الله وبعض طلبة العلم ممن كان يعمل معه في تخريج أحاديث العلل لابن أبي حاتم وأحسب أنه قد تنبه له كثير من أهل العلم وطلبته، لكن لم يكن الأمر يستحق تسويد كل هذه الصفحات إذ في النادر ما ينفرد القزويني بهذه الروايات، فيكون ذكره من باب الاستئناس وحينها ليس هناك كبير فرق بين وصله وتعليقه، وكذلك في حالة التفرد أيضًا، فإن الإسناد الذي لا يعرف في الكتب ولا يروى حتى يأتي به القزويني لا يخرج عن كونه من مناكير الروايات.
ولي تعليق مختصر بخصوص تعقب الأخ محمد بن عبد الله لأبي المظفر وهو محق - من وجهة نظري - فيما تعقبه به.
لأن الشيخ سعيد السناري مفهوم من كلامه أن هذا الصنيع جائز في العزو من ناحية المصطلح وهذا غير معروف ولم أجد من سبق أبا المظفر إليه مع قلة بضاعتي التي يعرفها هو في هذا العلم ، فلو اتحافنا الشيخ سعيد السناري بذكر علم واحد من أهل هذه الصناعة مشى أبو المظفر في العزو على طريقته أو سلك سبيله في هذا الأمر، تتميمًا للفائدة التي ابتدأها ، أكن له من الشاكرين.
وعلى كل حال شكر الله جهدك وجعل ما كتبت يمينك في ميزان حسناتك يوم تلقاه.
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-01-31, 11:11 PM
جزاك الله خيرًا أبا المظفر.
وجزاك يا أبا الحسام.
أخيرًا تكرَّمتَ بالنظر في آخر ما سطره يراع أخيك !
ومن الكتب التي وقع فيها هذا الأمر لكثير من المشايخ وطلبة العلم كتاب "التاريخ الكبير" لأبي عبد الله البخاري، وهو أولى بالتنبيه عليه من "تاريخ قازوين" لتقدمه وشهرته وعلو كعب مصنفه في الصناعة.
هو كما تقول؛ لولا أن البخاري كثيرا ما يقول ( قال عمرو بن علي ) و ( وقال موسى بن إسماعيل ) و( وقال علي بن عبد الله ) و ( قال إبراهيم بن المنذر ) ...... إلخ. ثم يسوق أسانيدهم. وهذا كله في حكم الموصول.
فكل هؤلاء من مشايخه الذين سمع منهم وروى عنهم، فقوله عن بعضهم : ( قال فلان ) بمنزلة ( حدثنا فلان ) والبخاري من أبعد خلق الله عن التدليس ! خلافًا لابن إسحاق الأصبهاني الحافظ؟!
وهذا الأسلوب لا تكاد تجده للرافعي عن شيوخه في ( تاريخ قزوين ) إلا في مواطن قليلة وحسب .
وأيضًا : فإن كثيرًا ممن يُخطأ في عزو المعلَّق عند البخاري على كونه موصولا؛ تجده قد انتبه في مكان آخر وجعل يتيقظ ويقول : ( أخرجه البخاري تعليقًا )
في حين أنك ترى نفس هؤلاء المخطئين : قلَّ منهم من يتفطن لهذا الأمر وهو يعزو إلى ( تاريخ قزوين ) ! لا سيما أقراننا وأصحابنا وجملة من الباحثين على تلك الشبكة العريضة !
فإنك تجد أحدهم يمشي على وتيرة واحدة وهو يدندن : ( أخرجه الرافعي في تاريخه ) ! مع كون الحديث عند أبي القاسم معلَّقًا غير موصول !
وهذان الأمران : هما اللذان حدا بي إلى إفراد هذا الموضوع فيما يتعلق بـ ( تاريخ قزوين ) وحده !
وأما بخصوص "تاريخ قزوين" فقد تنبه لهذا الأمر فضيلة شيخنا الشيخ سعد الحميد، حفظه الله وبعض طلبة العلم ممن كان يعمل معه في تخريج أحاديث العلل لابن أبي حاتم
بالمناسبة ومن باب الإفادة والمذاكرة : لعلك تذكر لي ولو مثالا واحدًا في طريقة عزو بعض طلبة العلم هؤلاء ممن عملوا في ( علل عبد الرحمن الرازي ) - وأنت منهم طبعًا - إلى الرافعي في ( تاريخه ) ؟!
فلعلي أستفيد منكم أمرًا في تلك البابة؛ فأحمده لكم يا أهل الخير.
وأحسب أنه قد تنبه له كثير من أهل العلم وطلبته
نعم هذا صحيح ! لكن الذين لم ينتبهوا لهذا الأمر من أهل العلم أكثر وأزيد وأعمُّ !
ومعذرة فهذا رأيي المتواضع ! ولست أقوله اعتباطًا إن شاء الله، ودونك تخاريج النابهين من أهل العلم خارج تلك الشبكة وداخلها، فانظر فيها بإنصاف ثم أخبرني بماذا خرجتَ ؟!
لكن لم يكن الأمر يستحق تسويد كل هذه الصفحات
سبق السيف عذْلَ العاذلين يا أخي ! ولولا تلك الصفحات ما كنتَ لتقولَ لي:
شكر الله جهدك وجعل ما كتبت يمينك في ميزان حسناتك يوم تلقاه
أما قولك:
إذ في النادر ما ينفرد القزويني بهذه الروايات، فيكون ذكره من باب الاستئناس وحينها ليس هناك كبير فرق بين وصله وتعليقه، وكذلك في حالة التفرد أيضًا، فإن الإسناد الذي لا يعرف في الكتب ولا يروى حتى يأتي به القزويني لا يخرج عن كونه من مناكير الروايات.
فأقول: سواء كان العزو من باب الاستئناس أو غيره : فإن هذا لا يدرء تبعة اللوم عن صاحبه ! لأن اليقظة في مثل تلك الأحوال مطلوبة مرغوبة.
وهل لو كان هذا المستأنِسُ يكثر من عزْو المعلقات على أنها موصولة إلى بعض أصحاب الكتب الستة أو المسانيد بدعوى ( الاستئناس ) هذه ! هل ستكون حروف كلامك هي نفسها التي أبصرتُها هنا !؟
ولي تعليق مختصر بخصوص تعقب الأخ محمد بن عبد الله لأبي المظفر وهو محق - من وجهة نظري - فيما تعقبه به.
أخشى أن يكون هذا الانتصار لكونك تشارك أخانا محمدًا في مهنة ( الإشراف ) ؟! ( ابتسامة ) و ( مداعبة صادقة ).
لأن الشيخ سعيد السناري مفهوم من كلامه أن هذا الصنيع جائز في العزو من ناحية المصطلح وهذا غير معروف ولم أجد من سبق أبا المظفر إليه مع قلة بضاعتي التي يعرفها هو في هذا العلم ، فلو اتحافنا الشيخ سعيد السناري بذكر علم واحد من أهل هذه الصناعة مشى أبو المظفر في العزو على طريقته أو سلك سبيله في هذا الأمر، تتميمًا للفائدة التي ابتدأها ، أكن له من الشاكرين.
أولا: لستُ من المشيخة ولا هي مني في شيء ! وسواء كان وصفك لي حقا أم مداعبة أو غير ذلك ؟!
ثانيًا: ماذا تقصد بهذا الصنيع غير المعروف ! والذي أبو المظفر غير مسبوق به من أحد ؟!
كأنك تعني ما أخذه علينا أخونا محمدٌ من قولنا ( أخرجه فلان في ..... كما في تاريخ قزوين ) !
ألا فلتعلم: أن مطلق الإنكار على العبد الفقير في هذا الأمر غير محمود لأمرين :
أولهما : أن هذا العزو كثيرًا ما يكون صحيحًا مستقيمًا لا أظن أحدًا من العارفين ينتهض للاعتراض عليه !
وذلك: عندما يُعلَّق الرافعي الحديث منسوبًا إلى ذلك الكتاب أو الجزء الذي أخرجه صاحبه فيه.
مثال ذلك : قوله في ترجمة (علي بن أحمد الجصاصي) : ( سمع القاضي عبد الجبار بن أحمد مجالس من أماليه فيها ثنا القاسم بن علي المالكي .....) وساق إسناد القاضي.
فهنا يكون قولنا في العزو إليه: أخرجه القاضي عبد الجبار بن أحمد في ( مجالس من أماليه ) كما في ( تاريخ قزوين ). صحيحًا ليس فيه خدشة !
وهناك أمثلة أخرى على هذا النوع: مضى جملة منها في تنبيهنا الطويل !
وثانيهما : أنني اجتهدت في إخراج طريقة للعزو إلى الرافعي فيما علقه إلى غير كتاب أو جزء ! كقوله في ترجمة: ( غسان بن علي السيال): ( سمع مع الخليل الحافظ علي بن أحمد بن صالح المقرئ سنة ست وسبعين وثلاثمائة حديثه عن أبي عبد الله محمد ابن مسعود ثنا سهل بن زنجلة ثنا إسحاق بن سليمان سمعت موسى بن عبيدة عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك به ...) وساق الحديث.
فهنا يجيئ الاحتمال بكون الرافعي ربما وقف لهذا الغَسَّان على بعض تواليفه، أو أوراق فيها حديثه عن علي بن أحمد بن صالح المقرئ !
فلذلك استجزنا أن نقول : ( أخرجه غسان بن علي السيال " فيما سمعه من علي بن أحمد بن صالح المقرئ " كما في تاريخ قزوين ).
فهنا نهض إلينا أخونا محمد معترضًا وقال:
كما أن هذا لا يكفي في أن يعبِّر الباحث بلفظ: "أخرجه غسان...".
وربما نقله الرافعي مِن تآليف مَنْ دون غسان، وربما نقله من غير ذلك، فالأمر محتمل
فأقول له: إذا كان الأمر محتملا فلماذا التعقب ؟! لا سيما وأنا أعترف أنني أقول ذلك من باب الاحتمال الراجح عندي ! فذلك جزمت به مع التنبيه إلى جواز الاعتياض عن هذه الطريقة إلى الطرق الأخرى في العزو مثل قولنا :
علَّقه الرافعي في ( تاريخ قزوين ) من طريق فلان به ...
أو: أخرجه الرافعي في ( تاريخ قزوين ) - مُعَلَّقًا - من طريق فلان به ...
فالأمر واسع يا عباد الله. ولكل وجهة هو مولِّيها .
فكون أبي المظفر غير مسبوق في هذا الصدد : ليس له معنى في هذا المقام، لأنني لا أُلزم أحدًا باتباع حروف كلماتي ! ولا زعمتُ أنها الصواب دون ما كان غيرها مما هو نحوها أو في نفس معناها !
مع اعترافي بأن هذا الأمر : قائم على الظن الراجح فيما أنا بسبيله.
وشكر الله لك يا أبا الحسام ... والسلام.
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-01-31, 11:21 PM
ولو لم يكن لنا من هذا التنبيه كله سوى قول بعض الإخوان لنا في مكان آخر لـَّما طالع هذا التنبيه:
جزاكم الله خيراً ..
وقد كنت أخرج حديثاً فوجدته عند الرافعي فأشكل علي عدم اتصاله ولم أعرف طريقة العزو إليه فاستبعدته إذ لم يكن في تيك الطريق كبير فائدة فأهملتها ..
فاستفدت منك هذه الفائدة الرائعة ..
لكفانا إن شاء الله.
محمد بن عبدالله
2010-02-01, 01:05 PM
لا شك في أن هذا الموضوع مفيدٌ لمن اطَّلع عليه من الباحثين، وقد نبَّههم على أمر ربما غفلوا عنه، وربما كانوا منه على نُبْهٍ فسهَّلوا أمره لما لا يرون فيه داعيًا إلى التشديد والتضييق.
هذا أمر غير مغفل، ولا ينبغي أن يُفهَم من تعقُّب بعض حيثياتِ الموضوع إغفالُه، كما لا ينبغي أن يفهم من التنبيه عليه صحَّةُ حيثيات الموضوع جميعًا.
وأما "أخرجه غسان بن علي العسال" ونحوه، فلا يصح -فيما أرى- إقامتها على الاحتمال؛ لأنها وما يلزم منها -إذ لها لوازم- مفتقرٌ إلى أدلة بيِّنة، ولا أراه يصح أن "يُجزَم" بأمرٍ بناءً على أمرٍ محتمل.
وقد بدا فيما سبق الاحتمالاتُ الواقعةُ في صنيع الرافعي (وعلى ذلك مزيد، فربما أربت الاحتمالات على أربعة)، وهي مدعاةٌ إلى التعقُّب بما تعقَّبتُ به من باب أولى، لا إلى الجزم بمفاد أحدها وليس له -فيما رأيتُ مما زبرَهُ الجازمُ- مرجِّح، حاشا التحكُّم.
وقياسُ ما ذكرَ الرافعيُّ فيه اسمَ المصنَّف الذي نقل منه على ما ساق إسنادَهُ حكايةً كما وقع له= قياسٌ مع الفارق البيِّن، بله إيهام تساوي الأمرين وكون العزو فيهما "كثيرًا ما يكون صحيحًا مستقيمًا"!
بل لو قيل: إنما لم يذكر الرافعيُّ جزءًا أو مصنَّفًا ينقل منه؛ لأنه لا جزءَ ثَمَّ ولا مصنَّف، ولو كان ينقل من شيءٍ من ذلك؛ لصرَّح به وبيَّنه كما بيَّن في المواضع الأخرى= ما كان ذلك بعيدًا.
ولم يُلزم (أبو المظفر) أحدًا بكلامه، لكنني أردتُ ألاّ يخطئ أحدٌ خطأَه -وقد رأيتُهُ خطأً-، ووافقني عليه الشيخ علي، فالحمد لله.
وقد أبرز كل فريق حجَّته، وإن لم يكن مزيد؛ فربما لم أزد على هذا.
والله أعلم.
رمضان أبو مالك
2010-02-01, 01:33 PM
ولا ريب أن هذا من الأخطاء الدالة على قصور في التثبُّت، وقلةٍ في إمعان النظر وإنعامه !
وقد وقفتُ على نماذج كثيرة من هذا القبيل وقعتْ لجماعة من كبار المحدثين في الغابر واللاحق !
ولم أجد الحافظ قد أكثر من تلك الغفلة في كتبه !
ولم يفطن الإمام الألباني إلى هذا كله !
4- وكذا للمُناوي أوهام من هذا القبيل في كتابه ( فيض القدير ) !
5- وكذا أكثر الإمام الألباني من تلك الغفلة في ( كتبه ) كإكثار السيوطي منها !
وقد مضى مثالان من كلامه في هذا الصدد !
وهناك المزيد غيرهما في السلسلتين ( الصحيحة / والضعيفة ) ! وليس لي حاجة في حَشْدِ تلك الأوهام في هذا المقام !
6- وكذا وجدتُ تلك الغفلة في مواضع من تخاريج محدِّث الديار المصرية في هذا الزمان: الشيخ الفاضل النبيل أبي إسحاق الحويني - شفاه الله وعافاه.
وليس هذا منه بجيد !
7- وقد وقعت تلك الغفلة في تخاريج جماعات كثيرة من أصحابنا وأقراننا ومشايخ أهل الحديث في هذا الزمان، بحيث لو أردتُ استيعاب ذلك لهم لَفَنِيَ من كثرته القِرطاس، وذهبتْ في تسطير حروفه الأنفاس !
3- ومنها: اعتماد المتأخر على تصرُّف المتقدم في العزو دون التبصر في معاينة الأصول المَعْزُوِّ إليها ! وهذه آفة من الآفات ! وغفلة داحضة من جملة الغفلات!
فكأنَّ المتأخِّر لمَّا رأى في تخاريج المتقدِّم - كالسيوطي وغيره - عَزْوَ الأحاديث إلى ( تاريخ قزوين ) دون تفصيل ! ظن أن كل حديث في هذا ( التاريخ ) لا بد وأن صاحبه قد رواه بسنده الموصول، فأغلق على نفسه بهذا الظنِّ سُبلَ الكشف عن حقائق الأمور بمعاينة الأصول ! فوقع فيما وقع ! حيث عن التحرِّي تمنَّع أو امتنع !
وقد كان جماعة ممن عثر بهم جَوَادُهم في هذا المقام، قد فطنوا لهذا الأمر، وصاروا يتيقَّظون له في تخاريجهم الحديثية، كما مضى عن الحافظ والإمام الألباني.
أما عن هذه فأقول:
لا شك أن الموضوع هام، ولابد أن يُنتبَه له، فجزاك الله خيرًا.
ولكن ...!
لو أن أخانا أبا المُظفَّر - وفقه الله - تحلَّى بالرفق في عباراته = لكان خيرًا لنا وله.
فقد قال النبي (ص): «إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ».
لم يمنع أحدٌ من الردِّ على من أخطأ من العلماء، ويُبيِّن الصواب، ولكن لنُسلك سبيلهم في الرد والبيان، ولا نُغفِل أدبهم في بيان الأخطاء.
لو أن رجلا جعل يكثر من عزو الأحاديث إلى البخاري أو أبي داود أو غيرهما من أصحاب السنن والمسانيد، دون التنبيه إلى كون هذه الأحاديث معلقة عند من عزاها إليه !
ألا يكون هذا الرجل ملومًا عندك أيها الفائز الحر؟!
وكيف لا يُعدٌّ هذا الصنيع قصورًا في التثبُّت ، وعجلةً في الأمر ؟!
بَوْنٌ شاسعٌ بين مثالك هذا وما زبَرتَه في مشاركاتك السابقة؛ فإن كتابَيْ البخاري وأبي داود؛ بَلْه كل كتب الإمامَيْن - رحمهما الله - لا يجهلهما عالمٌ، وينهل من معينهما كل أحد، أما «تاريخ قزوين» فليس بتلك المنزلة.
أسأل الله أن يُوفِّقنا وإياك لما يُحبُّه ويرضاه.
علي أحمد عبد الباقي
2010-02-01, 02:06 PM
أخي الفاضل / أبو المظفر
بداية لم أقصد إلى تنقص موضوعك ، وما جاء في كلامي مما يفهم منه هذا إنما هو ردة فعل لإكثارك من استعمال ألفاظ الغفلة ومرادفاتها، مع مشايخ كبار وطلبة علم، ولا شك أن الأسلوب له دور في قبول الحق أحسن الله إليك.
أما بخصوص "العلل" فقد وقع فيه مواضع فيها الوهم ومواضع روعي هذا الأمر مثل المسألة رقم (1848) وهذا شأن الأعمال الكبيرة التي يعمل فيها أكثر من شخص وأيضًا ظروف طباعة الكتاب جعلتنا لا نستطيع أن نتفادى الكثير مما كان يمكن تفاديه ، فقدر الله وما شاء فعل والعزم قائم على تفادي هذا وأمثاله في طبعة قادمة من العلل إن شاء الله.
على كل حال الأمر سهل إن شاء الله، أما بخصوص النقطة التي تعقبك فيها الشيخ محمد فالتفصيل فيها - من وجهة نظري - أن من أحال الرافعي على كتبهم فصنيعك فيه صحيح بلا شك.
وأما المواضع التي لا يذكر فيها مصنفات فيكون هذا الصنيع خلاف ما عليه أهل الفن، والتوسع فيه قد يوقع في أخطأ ، وأضرب لك مثالا يوضح مرادي :
ابن كثير عليه رحمة الله كثيرًا ما يأتي إلى أسانيد الطبري وابن أبي حاتم في تفسيريهما ويعلقها ، فإذا روى أحدهما من طريق الطيالسيي أو غيره يقول ابن كثير :
قال الطيالسي: حدثنا شعبة ............
فيمكن بناء على هذا أن نقول في التخريج :
أخرجه الطيالسي - كما في تفسير ابن كثير - .........
وحقيقة الحال أن الحديث ليس في مصنفات الطيالسي وإنما أخذه ابن كثير من تفسير الطبري الذي رواه بسنده إلى الطيالسي وليس الحديث في مصنفات الطيالسي الموجودة.
لذلك توحيد الموقف في الموضعين وحملهما بعضهما على بعض قد يؤدي إلى مثل هذه الخطأ.
بارك الله فيك ونفع بك.
رجاء يا أخانا الحبيب خفف نبرتك فيما يتعلق بنقد العلماء فهذا يكون جارحًا للمشاعر، ولا أقصد من ذلك ادعاء العصمة لأحد أو أن أحدًا من أهل العلم فوق النقد، لكن فقط اختيار العبارة اللائقة في نقد أهل العلم.
رزقنا الله وإياك العلم النافع.
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-02-01, 07:08 PM
باسمك اللهم
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-02-01, 07:17 PM
باسمك اللهم
قد كنت أتوهَّم أني بكلامي السالف : قد أغلقت على هذا الموضوع أبوابه المؤصدة ! ودرأتُ عن حريم أبكاره مُرْتقَباتِ أعينِ النُّظَّار المرصْدَة !
لكن : يبدو أنه ما زال لنا فيه فَضْلُ حديثٍ أو شرطةٌ بقَلَم !
فلْننظر في جوابات السادة الفضلاء ، بما تجود به قرائح الأغمار الضعفاء !
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-02-01, 08:35 PM
وربما كانوا منه على نُبْهٍ فسهَّلوا أمره لما لا يرون فيه داعيًا إلى التشديد والتضييق.
.
قد مضى أن هذا تساهل غير محمود ! ولا يليق بذوي النُّبْهِ من أرباب تلك الصناعة !
زيادة على أنه ينافي التيقُّظ الذي ينبغي أن يشتمل بردائه كلُّ من وطأتْ قدماه فيافي تلك الوِهاد !
وكما أن اللوم يلحقهم إذا سهَّلوا لأنفسهم سلوكَ ذلك الخطأ في عزوهم لغير ( تاريخ قزوين ) ! فكذلك يلزمهم فيه ولا فرق ! كما سأوضِّح بعض هذا قريبًا.
ولا أراه يصح أن "يُجزَم" بأمرٍ بناءً على أمرٍ محتمل.
بل يصح إذا كان هذا الاحتمال قائمًا على غلبة الظن الراجح !
وإذا كنتُ أراك متحمِّسًا لتلمُّس وجوه الأعذار لمن شملتْهم تلك الغفلة في عزْوهم بدعوى :
أنهم ربما كانوا منه على نُبْهٍ فسهَّلوا أمره لما لا يرون فيه داعيًا إلى التشديد والتضييق
فيلزمك مثله - وهذا من الإنصاف - في معالجة صنيع أخيك في هذا المقام أيضًا !
لأن أخاك - هو الآخر - له ملمحٌ في تلك القضية ربما كان ظاهر الدلالة عنده دونك !
وهذا الملمح هو الذي جعله يُسهِّل في الأمر - إن صح التعبير - لما لا يراه داعيًا فيه إلى التشديد والتضييق ! فتأمَّل.
وليس له -فيما رأيتُ مما زبرَهُ الجازمُ- مرجِّح، حاشا التحكُّم.
هذا في نظرك ! وليس كذلك عندي !
وقياسُ ما ذكرَ الرافعيُّ فيه اسمَ المصنَّف الذي نقل منه على ما ساق إسنادَهُ حكايةً كما وقع له= قياسٌ مع الفارق البيِّن، بله إيهام تساوي الأمرين وكون العزو فيهما "كثيرًا ما يكون صحيحًا مستقيمًا"!
القياس عندي كله باطل ولا أستثني ! فكيف لمثلي أن يلتزمه عند المصاولة ؟!
وليس في كلامي إيهام تساوي الأمرين من قريب ولا بعيد لمن دقَّق وحقَّق !
ولقد قلِّبْتُ وجوه النظر في كلامي المزبور أمس ؛ فلم أُدرك كيف استخلص المسْتَخْلِصُ منه ذلك الإيهام الموهم إيهامًا؟!
ونص كلامي بحروفه هناك:
ألا فلتعلم: أن مطلق الإنكار على العبد الفقير في هذا الأمر غير محمود لأمرين :
أولهما : أن هذا العزو كثيرًا ما يكون صحيحًا مستقيمًا لا أظن أحدًا من العارفين ينتهض للاعتراض عليه !
وذلك: عندما يُعلَّق الرافعي الحديث منسوبًا إلى ذلك الكتاب أو الجزء الذي أخرجه صاحبه فيه.
مثال ذلك : قوله في ترجمة (علي بن أحمد الجصاصي) : ( سمع القاضي عبد الجبار بن أحمد مجالس من أماليه فيها ثنا القاسم بن علي المالكي .....) وساق إسناد القاضي.
فهنا يكون قولنا في العزو إليه: أخرجه القاضي عبد الجبار بن أحمد في ( مجالس من أماليه ) كما في ( تاريخ قزوين ). صحيحًا ليس فيه خدشة !
وهناك أمثلة أخرى على هذا النوع: مضى جملة منها في تنبيهنا الطويل !
ثم شرعتُ في بيان الأمر الثاني الذي اعترض عليه كل من اعترض !
فأين ذلك القياس يا عباد الله ؟!
بل لو قيل: إنما لم يذكر الرافعيُّ جزءًا أو مصنَّفًا ينقل منه؛ لأنه لا جزءَ ثَمَّ ولا مصنَّف، ولو كان ينقل من شيءٍ من ذلك؛ لصرَّح به وبيَّنه كما بيَّن في المواضع الأخرى= ما كان ذلك بعيدًا.
ليس ذلك بلازم !
وقد وجدناه يُعلِّق أسانيدًا عن مثل أبي سعد السمَّان وأبي يعلى الخليلي وأبي الفتيان الدهستانى وغيرهم من الحفاظ ذوي المصنفات المسطورة ، ولا تراه يذكر بعض كتبهم التي ساقوا فيها تلك الأسانيد ؟! مع كونك تراه قد نصَّ في تراجمهم على جملة من مؤلفاتهم.
وكأنه كان غير مكترث بهذا العزو في كثير من المواطن !
واحتمال أنه ربما فعل ذلك مع غير هؤلاء الحفاظ من الشيوخ والنقَلَة: هو احتمال غير مُسْتبْعدٍ إن شاء الله.
ولم يُلزم (أبو المظفر) أحدًا بكلامه، لكنني أردتُ ألاّ يخطئ أحدٌ خطأَه -وقد رأيتُهُ خطأً-، ووافقني عليه الشيخ علي، فالحمد لله.
يعجبني في هذا المقام ما أنشده شيخ الحنابلة العلامة مرعي الكرمي في طليعة ( أقاويل الثقات ) :
الناس شتى وآراءٌ مُفرقةٌ ... كلٌ يرى الحقَّ فيما قال واعتقدا
وقد أبرز كل فريق حجَّته، وإن لم يكن مزيد؛ فربما لم أزد على هذا.
الأمر أهون من هذا أيها الفاضل.
وإذا كان إقراري بالخطأ فيما التزمتُه هو الذي سوف ينزل كالبرد في قلوب البعض، فأنا معترف بكوني مخطئًا من مفرق رأسي حتى أعقاب قدمَيَّ !
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-02-01, 10:38 PM
لا شك أن الموضوع هام، ولابد أن يُنتبَه له، فجزاك الله خيرًا.
.
أولا: مرحبًا بك يا شيخ رمضان.
ثانيًا: شكرًا لك على كل حال.
ثالثًا: أودُّ تنبيهك على أن الصواب أن نقول : ( موضوع مهم ) ولا يقال: ( هام )! لأن ( هام) و (وهوام) كلاهما جمع ( هامَّة ) ! فاعْقِد بخناصرك على تلك الفائدة اللغوية أيها المسترشد.
لو أن أخانا أبا المُظفَّر - وفقه الله - تحلَّى بالرفق في عباراته = لكان خيرًا لنا وله.
فقد قال النبي (ص): «إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ».
لم يمنع أحدٌ من الردِّ على من أخطأ من العلماء، ويُبيِّن الصواب، ولكن لنُسلك سبيلهم في الرد والبيان، ولا نُغفِل أدبهم في بيان الأخطاء
كلام جميل. لكن لكنه بمعزل عن محكِّ كلامنا هنا أيها النابه .
والعبد الفقير ما تجاوز رسوم الرفق مع العلماء في هذا التنبيه الشريف إن شاء الله.
وإذا كان وصْفُ تصرُّف المخطئ ( بالغلط ) و ( الخطأ ) يصادم الرفق عندك، فكأنك وصفتَ علماء الدنيا بمجاوزة حدَّ الرفق والأدب عند المخاصمة !
لأنه ما من عالم إلا وهو يُخَطِّأ الناسَ ويخطِّئه الناس ! وما سلم من الخطأ أحد قط !
بل وقع في عبارات كثير من كبار أهل العلم في تخطئة غيرهم ما لو سطرتُه لك لأعْظمْتَه وقعدتَ له تُفَكِّر !؟
على أن هذا الرفق المطلوب ليس محمودًا مع كل أحد !
فهناك من زلات العلماء: ما لو استعمل الباحث الرفق في معالجتها؛ لربما تسابق البعض إلى التزامها !
ومع هذا : أراني مضطرًا إلى تسطير بعض ما أكره تسطيره في هذا المقام ! فأقول:
رُوِّينا بالإسناد الصحيح عن عامر الشعبي الإمام الحافظ القدوة : أنه قيل له عن مسألة: ( إن هذا لا يجيء في القياس ! فقال: أير في القياس ) !
فانظر كيف ضاقت ألفاظ التحذير على هذا الإمام حتى ما وجد كلمة تكون رادعة لأولئك الذين يقدمون الآراء والظنون على نصوص الوحْيَيْن، سوى تلك الكلمة التي تنبو عنها أذواق السامعين باديَ الرأي !
فهل يقال في حق ابن شراحيل : أنه لم يكن يراعي الرفق في خطابه مع المخالفين الذين فيهم مَنْ فيهم من العلماء والمجتهدين؟!
وسلوك سبيل العلماء في الرد والتعقب: نحن نفطن له كثيرًا ولله الحمد، وما من كلمة نطق بها لساني في هذا الصدد إلا وعندي عشرات أمثالها مما ذكره العلماء وهم بصدد الكشف عن أخطاء بعضهم !
وانظر المزيد في كلامي الآتي مع صاحبنا ( علي بن عبد الباقي ) إن شاء الله.
ولكن ...!
بَوْنٌ شاسعٌ بين مثالك هذا وما زبَرتَه في مشاركاتك السابقة؛ فإن كتابَيْ البخاري وأبي داود؛ بَلْه كل كتب الإمامَيْن - رحمهما الله - لا يجهلهما عالمٌ، وينهل من معينهما كل أحد، أما «تاريخ قزوين» فليس بتلك المنزلة
أما أن تاريخ أبي القاسم القزويني ليس بمنزلة من ذكرتَ، فليس ذلك مُتَّكَأً يُتَّكَأُ عليه في تبرير تساهل من تساهل في هذا الخطب!
ثم أن ( تاريخ قزوين ) يشارك غيره من الكتب المسندة بجامع احتوائه على ( حدثنا وأخبرنا ) كما لا يخفى، وإن لم يلزم ذلك التساوي بينه وبين سواه في المنزلة والرتبة.
وإلا ففي هذا التاريخ من نوادر الأسانيد وغرائبها ما لا تراه إلا فيه ! وهذا من فوائده بلا ريب.
فالحاصل: أن كل من سيحاول درء اللوم والعتاب عن المخطئين في هذا الباب = فسوف يتَّسع عليه الخرْق شاء أم أبَى !
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-02-02, 12:19 AM
أخي الفاضل / أبو المظفر
بداية لم أقصد إلى تنقص موضوعك ،
وحاشاي أن أظن بك ذلك يا أبا الحسام. ودماثة خُلُقك أنا أعرفها لك جيدًا.
وما جاء في كلامي مما يفهم منه هذا إنما هو ردة فعل لإكثارك من استعمال ألفاظ الغفلة ومرادفاتها، مع مشايخ كبار وطلبة علم، ولا شك أن الأسلوب له دور في قبول الحق أحسن الله إليك.
لي كلمة جامعة في هذا الصدد: سأذكرها في ختام كلامي إن شاء الله.
أما بخصوص "العلل" فقد وقع فيه مواضع فيها الوهم ومواضع روعي هذا الأمر مثل المسألة رقم (1848) وهذا شأن الأعمال الكبيرة التي يعمل فيها أكثر من شخص وأيضًا ظروف طباعة الكتاب جعلتنا لا نستطيع أن نتفادى الكثير مما كان يمكن تفاديه ، فقدر الله وما شاء فعل والعزم قائم على تفادي هذا وأمثاله في طبعة قادمة من العلل إن شاء الله.
أعرف ذلك وأتفهَّمه إن شاء الله.
غير أني ألتمس منك معاودة النظر في تلك المواضع التي راعيتم فيها هذا الأمر أيضًا !
أنت تقول : ( ومواضع روعي هذا الأمر مثل المسألة رقم (1848) ..) !
وبالرجوع إلى كلامكم هناك : وجدتُ ما هو خلاف الأولى في عزْوكم !
فقد قلتم بالحرف : ( ذكر هذه المسألة الرافعي في التدوين في أخبار قزوين ).
وبالرجوع إلى ( تاريخ قزوين ) وجدنا صاحبه قد قال في ترجمة : (منصور بن محمد بن عبد الله المؤدب ) : ( سمع أبا الفتح الراشدي بقزوين في كتاب الزهد [لـ] عبد الرحمن بن أبي حاتم بروايته عن أبي الحسن علي بن القاسم بن محمد السهروروي عنه حديثه عن محمد بن عوف ثنا أبو المغيرة ثنا ابن عياش عن عبد الله بن عبد العزيز عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب عن عائشة به ..... ) وساق الحديث مع كلام أبي حاتم في آخره.
فكان الأولى أن يُقال في العزو : أخرج المصنِّف - يعني ابن أبي حاتم - تلك المسألة في ( كتاب الزهد ) له، كما في ( تاريخ قزوين ).
ولست أقول: أن صنيعكم خطأ ! كلا ، بل هو خلاف الأولى في نظري.
وأما المواضع التي لا يذكر فيها مصنفات فيكون هذا الصنيع خلاف ما عليه أهل الفن، والتوسع فيه قد يوقع في الخطأ
إن كنا قد أخطأنا في هذا، فقد أقمنا برهان دعوانا بما لا مزيد عليه سابقًا.
ثم كيف يكون صنيعنا هنا مخالفًا لأهل الفن في هذا المقام بخصوصه ونحن المستدركون على الكثير منهم ما خالفوا فيه جادة الصواب في تلك القضية ؟!
،
وأضرب لك مثالا يوضح مرادي :
كأنك قد تعجَّلتَ في انتقاء هذا المثال يا أبا الحسام !
إذ ليس فيه ما إليه ترمي ! كما سأبينه لك الآن.
ابن كثير عليه رحمة الله كثيرًا ما يأتي إلى أسانيد الطبري وابن أبي حاتم في تفسيريهما ويعلقها ، فإذا روى أحدهما من طريق الطيالسيي أو غيره يقول ابن كثير :
قال الطيالسي: حدثنا شعبة ............
فيمكن بناء على هذا أن نقول في التخريج :
أخرجه الطيالسي - كما في تفسير ابن كثير - .........
وهذا عزو صحيح مستقيم ليس فيه خدشة !
وحقيقة الحال أن الحديث ليس في مصنفات الطيالسي وإنما أخذه ابن كثير من تفسير الطبري الذي رواه بسنده إلى الطيالسي وليس الحديث في مصنفات الطيالسي الموجودة
كلام ليس عليه برهان ! بل الأصل أن العماد قد نقله من ( تصانيف أبي داود ) فلا نعدل عنه إلا ببرهان ؟! وليس هو في عالم الإمكان !
ومن أين لك: أن العماد كان يستخرج هذا من تفسير أبي جعفر ثم يقول: ( قال الطيالسي )!
هذا استنباط طريف !
والذي كان يصنع تلك الصنيعة في كتبه وتواليفه : هو ذلك العالم الخاسر أبو الفيض الغماري !
فتراه يقول في كتبه كثيرا ( قال الحاكم في تاريخ نيسابور ) ثم يسوق إسناد الحاكم موهمًا أن نقله من كتابه ! مع كونه ما رآه قط ! ولا في عالم الأحلام ! وإنما كان ينقل عن تاريخ الحاكم بواسطة ( زهر الفردوس / لابن حجر ) .
وتارة تراه يقول : ( قال الديلمي في مسنده ) ويسوق سند الديلمي موهما أنه عاين مسنده ونقل منه ! وليس من ذلك شيء البتة ! وإنما نقله عن الديلمي بواسطة ( ابن حجر في زهْرِه )!
ويقول أيضًا : ( قال قاسم بن أصبغ في مصنفه ) و ( قال بقي بن مخلد في مسنده ) موهما أنه وقف على كتابيهما ! وليس الأمر كذلك، إنما ينقل عنهما بواسطة أبي عمر النَّمَري وأبي محمد الفارسي.
ولم يكن العماد ابن كثير ممن ينتهج هذا النهج في كتبه حسب ما نعلم.
فإن قلتَ : برهاننا على ذلك أنك لا تكاد ترى هذا الحديث الذي عزاه ابن كثير إلى الطيالسي في (مصنفاته المطبوعة ) !
قلنا: وهذا ليس بشيء عند النظر ! وعدم العلم ليس دليلا على العدم !
وهل تستطيع أن تجزم بأن جميع مصنفات هذا الإمام قد وصلتنا جميعًا !
وهل إذا استطعت أن تلتزم ذلك فإنك تستطيع الجزم بكونها قد وصلتنا كاملة !
وكم من الأحاديث التي يعزوها الحفاظ والمحدثون المتقدمون والمتأخرون إلى ( مسند الطيالسي ) ولا ترى له أثرًا في ( مسنده المطبوع ) ! مما يدل على نقصه بلا ريب !
وهناك كلام كثير حول ( هذا المسند ) ورواياته عن أبي داود، فاطلبه تجده أمامك متى شئتَ.
لذلك توحيد الموقف في الموضعين وحملهما بعضهما على بعض قد يؤدي إلى مثل هذه الخطأ.
أنت - ومعك الأخ محمد - لا ترى غضاضة من الجزم بخطئي في تلك القضية ! في حين أنكما تتحاشيان ذلك فيمن أقمتُ البرهان على خطئهم بما لا مزيد عليه !
بل وتسعيان إلى تمشية المسألة بسماحة المعالجة ! كأنه لا قارورة كُسِرَتْ ! ولا لؤلؤة هناك قد ثُقِبَتْ ! والله المستعان.
رجاء يا أخانا الحبيب خفف نبرتك فيما يتعلق بنقد العلماء فهذا يكون جارحًا للمشاعر، ولا أقصد من ذلك ادعاء العصمة لأحد أو أن أحدًا من أهل العلم فوق النقد، لكن فقط اختيار العبارة اللائقة في نقد أهل العلم.
مشكلة بعض إخواننا : أنه متى وقف على أحد من الباحثين يتعقب بعض المتقدمين أو كبار المتأخرين في مسألة، جازمًا بخطئه أو غلطه أو غير ذلك ! اتخذ من صنيعه وليجة على أنه لا يتأدب مع العلماء ! ولا يراعي لهم حرمة ! هكذا صار هذا الأمر مَرْكَبَ الكثيرين من أبناء هذا العصر!
وليس هذا الأمر وليد تلك الأوقات والأزمان !
فقديمًا : وصِفَ جماعةٌُُُ من كبار الأئمة بذلك وهم بصدد النقض على مخالفيهم !
فقالوا ذلك عن شيخ الإسلام وتلميذه وجماعة كثيرة غيرهم.
وقائل ذلك: ليس عدوا لشيخ الإسلام ! بل تراه من محبيه ومناصريه أيضًا !
ولكن: لـمَّا استحكمت محبة الناس الزائدة - يعني العلماء - وأقوالهم ومنازلهم في صدور البعض، عزّ عليهم أن يبصروا أخطائهم منشورة مسطورة، فحرَّكتهم تلك المحبة الزائدة على أن لا يروا في الناقض عليهم إلا حاسدًا ! ولا في المتعقب لهم إلا مبغضًا ! ولا في المناقش لأقوالهم إلا طاعنًا ! ولا في الكاشف لأخطائهم إلا غير متأدب معهم !
كأنَّ تمام الأدب عند هؤلاء لا يتم إلا بغضِّ الطرف عن هفوات الغالطين في شريعة الله !
وغفلوا عن أن العصبية إنما تنبغي أن تكون لنصوص الكتاب والسنة !
وما خالفَ أحدٌ في تبجيل العلماء واحترامهم ! لكن الأمر ما أقوله لك !
وقديمًا: أزْرَى المالكية على الشافعي لكونه ردَّ على مالكٍ أخطائَه في مؤلَّف مُفْرد !
وحمل متعصبوا الشافعية على الإمام المجتهد العالم الكبير محمد بن عبد الله بن الحكم لـمَّا صنَّف كتابه ( الرد على الشافعي فيما خالف فيه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ) ! مع كون تأليف هذا الكتاب كان تحت إشراف إمام الأئمة أبي بكر ابن خزيمة المعدود عندهم في طبقات الشافعية.
وعندي من هذا الطراز شيئ كثير يضيق عنه هذا المقام جدًا !
وما كنت أحب الخوض في هذا الأمر ! إلا أن البعض يضطرني لسلوك سبيله !
وحتى لا أطيل على أحد أقول: كل من رأى في كلامي كلمة جاوزتُ بها حدود الأدب مع علمائنا المشهود لهم بالعلم والفضل ! فيأتنا بها فورًا؛ ريثما أُوقِفَه على عشراتٍ أمثالها - بل أشد منها وأغلظ - من كلمات كبار العلماء عند النقض على غيرهم في بعض القضايا !
ولا يتحذلق متحذلق فيقول: هذا كلام العلماء وأنت ليس بعالم !
لأن النظر ينبغي أن يكون إلى القول وليس إلى القائل !
وقد :( يدرك الطالع شأوَ الضليع، ويُعَدُّ في جملة العقلاء المتعاقلُ الرقيع ) !
وليس هناك أحدٌ أكبر من أن يقال له : أخطأتَ وغلطتَ ووهمتَ ! دون تجنٍّ أو تهوُّر !
وقد رُوِّينا عن أبي الفرج البغدادي الحافظ أنه قال: ( والله إن لنا شريعة لو رام أبو بكر الصديق أن يخرج عنها إلى العمل برأيه لم يقبل منه ! ).
وأرجو أن لا يحوجنا أحد في الاسترسال في هذا الميهع مرة أخرى !
وإلا فوالذي نفسي بيده : لولا تعكير مُحَيَّا كثير من العلمار الكبار الذين غيَّب الثرى وجوه محاسنهم، لسطرت من كلامهم في هذا الصدد ما تنبو عنه أسماع السامعين !
ومع هذا : فلم يتجرَّأ أحد على أن يرميهم بقلة احترامهم لمن يشدُّون عليهم أحزمة النقد في كلامهم !
وإنما جريرتي بحق : هي ما قال الأوَّل ( مزمار الحيِّ لا يُطْرِب ) !
والله المستعان لا رب سواه.
عبدالرحمن بن شيخنا
2010-02-02, 08:36 AM
مشكلة بعض إخواننا : أنه متى وقف على أحد من الباحثين يتعقب بعض المتقدمين أو كبار المتأخرين في مسألة، جازمًا بخطئه أو غلطه أو غير ذلك ! اتخذ من صنيعه وليجة على أنه لا يتأدب مع العلماء ! ولا يراعي لهم حرمة ! هكذا صار هذا الأمر مَرْكَبَ الكثيرين من أبناء هذا العصر!
وليس هذا الأمر وليد تلك الأوقات والأزمان !
فقديمًا : وصِفَ جماعةٌُُُ من كبار الأئمة بذلك وهم بصدد النقض على مخالفيهم !
فقالوا ذلك عن شيخ الإسلام وتلميذه وجماعة كثيرة غيرهم.
وقائل ذلك: ليس عدوا لشيخ الإسلام ! بل تراه من محبيه ومناصريه أيضًا !
ولكن: لـمَّا استحكمت محبة الناس الزائدة - يعني العلماء - وأقوالهم ومنازلهم في صدور البعض، عزّ عليهم أن يبصروا أخطائهم منشورة مسطورة، فحرَّكتهم تلك المحبة الزائدة على أن لا يروا في الناقض عليهم إلا حاسدًا ! ولا في المتعقب لهم إلا مبغضًا ! ولا في المناقش لأقوالهم إلا طاعنًا ! ولا في الكاشف لأخطائهم إلا غير متأدب معهم !
كأنَّ تمام الأدب عند هؤلاء لا يتم إلا بغضِّ الطرف عن هفوات الغالطين في شريعة الله !
وغفلوا عن أن العصبية إنما تنبغي أن تكون لنصوص الكتاب والسنة !
وما خالفَ أحدٌ في تبجيل العلماء واحترامهم ! لكن الأمر ما أقوله لك !
وقديمًا: أزْرَى المالكية على الشافعي لكونه ردَّ على مالكٍ أخطائَه في مؤلَّف مُفْرد !
وحمل متعصبوا الشافعية على الإمام المجتهد العالم الكبير محمد بن عبد الله بن الحكم لـمَّا صنَّف كتابه ( الرد على الشافعي فيما خالف فيه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ) ! مع كون تأليف هذا الكتاب كان تحت إشراف إمام الأئمة أبي بكر ابن خزيمة المعدود عندهم في طبقات الشافعية.
وعندي من هذا الطراز شيئ كثير يضيق عنه هذا المقام جدًا !
وما كنت أحب الخوض في هذا الأمر ! إلا أن البعض يضطرني لسلوك سبيله !
وحتى لا أطيل على أحد أقول: كل من رأى في كلامي كلمة جاوزتُ بها حدود الأدب مع علمائنا المشهود لهم بالعلم والفضل ! فيأتنا بها فورًا؛ ريثما أُوقِفَه على عشراتٍ أمثالها - بل أشد منها وأغلظ - من كلمات كبار العلماء عند النقض على غيرهم في بعض القضايا !
ولا يتحذلق متحذلق فيقول: هذا كلام العلماء وأنت ليس بعالم !
لأن النظر ينبغي أن يكون إلى القول وليس إلى القائل !
وقد :( يدرك الطالع شأوَ الضليع، ويُعَدُّ في جملة العقلاء المتعاقلُ الرقيع ) !
وليس هناك أحدٌ أكبر من أن يقال له : أخطأتَ وغلطتَ ووهمتَ ! دون تجنٍّ أو تهوُّر !
وقد رُوِّينا عن أبي الفرج البغدادي الحافظ أنه قال: ( والله إن لنا شريعة لو رام أبو بكر الصديق أن يخرج عنها إلى العمل برأيه لم يقبل منه ! ).
وأرجو أن لا يحوجنا أحد في الاسترسال في هذا الميهع مرة أخرى !
وإلا فوالذي نفسي بيده : لولا تعكير مُحَيَّا كثير من العلمار الكبار الذين غيَّب الثرى وجوه محاسنهم، لسطرت من كلامهم في هذا الصدد ما تنبو عنه أسماع السامعين !
ومع هذا : فلم يتجرَّأ أحد على أن يرميهم بقلة احترامهم لمن يشدُّون عليهم أحزمة النقد في كلامهم !
وإنما جريرتي بحق : هي ما قال الأوَّل ( مزمار الحيِّ لا يُطْرِب ) !
والله المستعان لا رب سواه.
والله إنه لكلام يكتب بماء الذهب
و ما أشد حاجتنا وحاجة العلماء إليه
فجزاك الله خيرا وبارك الله فيك وأحسن الله إليك
-وإن كنت أرجوا و أتمنى-بل ويلزم - أن يُأتى بألطف عبارة ممكنة وأجمل إسلوب وأحسنه لمكانتهم العظيمة في قلوبنا وقلوب الأمة ولمكانتهم العظيمة عند الله في ما نحسبهم والله حسيبهم-
وقد كنت نويت أن أعلق على كتاب( الأحاديث المنتقدة في الصحيحين للدكتور مصطفى باحو)
لما وجدت فيه من تساهل كثير وتكلف عجيب في بعص المواضع لإثبات بعض الأحاديث التي ضعفها ظاهر كالشمس وما منعني من ذلك إلا تقديس وتعظيم لذات البخاري ومسلم- وهم والله أهل للتعظيم والتبجيل والتكريم- على حساب مافي البخاري ومسلم
وما منعني أيضا من ذلك إلا ما سوف أناله من التهم والسب والقذف بعظائم الأمور وغير ذلك مما سوف يصرف الغير عن قبول ما سوف أقوله ولو كان حقا
ورحم الله الدارقطني لوكان في زماننا وألف كتابه الإلزامات لكان عند الكثير ضالا مضلا هادما للسنة طاعنا في ثوابة الأمة
فيسرللأمة من باع عرضه لله -وما أجمل كلمة يكررها كثيرا الشيخ عدنان العرعور وهي لقد بعت عرضي لله-
وجزاك الله خير الجزاء
.
علي أحمد عبد الباقي
2010-02-03, 10:33 AM
{ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين}.
الأخ الفاضل الحبيب / أبو المظفر.
حقيقة الأمر أنني على سفر وليس لدي كتب ولا وقت للمراجعة عند الكتابة، لكن من خلال إنكارك للقياس الذي تقول به جماهير العلماء، ونقلك لما نقلت عن عامر الشعبي رحمه الله ورضي عنه ، قام شبه يقين في نفسي أنه لا فائدة معك من النقاش في هذه القضية التي سرت فيها على ضرب الإمام أبي محمد بن حزم رحمه الله.
لكن يا أبا المظفر هب أن هذا الكلام من أبي محمد ومن قبله من الإمام الشعبي مغمور في بحور حسناتهما ومن كان على شاكلتهما، فما دفاعك أنت عن نفسك، أمام رب العالمين.
يا أخانا لم نخطئك في بيان خطأ من ذكرت وإنما خطأناك في جرأتك على أهل العلم ونسبتهم للغفلة - وليس للخطأ - في أمر كهذا، وكما أسلفتُ الكلام لا أرى فائدة من إدارة رحى الكلام معك في هذه النقطة فيبدو أنك فيها على مذهب الإمام العلم ابن حزم وليس تقليدك إياه وتلمسك خطاه في أمرٍ نعاه عليه جماهير علماء المسلمين بل نَفَر منه عامتُهم قبل الخاصة بنافعك شيئًا عند الله ، والله يتجاوز عنا وعنك وعن جميع المسلمين.
وأما المثال الذي نقلته أنا عن تفسير أبي الفداء ابن كثير فأنا علي يقين منه لكثرة مصاحبتي لهذا الكتاب وأنت تعلم أن أخاك ممن عالج العمل في تحقيقه ونشره فيما صدر عن مكتبة أولاد الشيخ بمصر منذ أعوام، وهذا أمر واضح بالاستقراء لمن له أدنى معرفة بطريقة ابن كثير رحمه الله في العزو في تفسيره، فلا أطيل فيه لوضوحه، وزيادة بيانه بالنسبة لك لا يحتاج منك إلى أكثر من تقليب عدة صفحات من هذا التفسير مع استصحاب ما ذكرته لك.
فسبب جزمي أن الحافظ ابن كثير رحمه الله نقل هذا من "تفسير الطبري" وليس من كتب الطيالسي إنما هو استقراء صنيعه رحمه الله في "تفسيره"، ولست أستبعد أن يكون للطيالسي كتب خرج فيها هذا الحديث ووقف عليها ابن كثير ، لكن هذا ظن مرجوح عندي بل يقارب عندي اليقين الذي لا شك فيه.
وأما بخصوص كلامك الأخير وهو أهم ما في الموضوع ، فأقول:
المشكلة الحقيقية أن بعض طلبة العلم ممن لم يزاحم العلماء ولم يتعلم من دلهم وسمتهم قبل منطقهم ومقالهم ويأخذ من أدبهم، بمجرد أن يجد الخطأ الصغير المحتمل عن إمام من الأئمة صاح به ورفع عقيرته واتهمه بالغفلة وعدم اليقظة وقلة الانتباه وأنه لم يكن مدققًا ولم يكن محررًا، وما ذلك إلا لصحفيته ونشأته على ما في كتب أبي محمد ابن حزم رحمه الله وعفا عنه، وما استن به فيه بعض طلبة العلم.
ولو أن هذه الشاكلة من طلبة العلم يسر الله لهم الإقامة مع عالم رباني لتعلم من سمته ودله وعرف لأهل العلم الكبار حرمتهم ومكانتهم.
والعزاء الوحيد للإنسان في هذا المضمار أن الأمر كما يقال دَيْنٌ، فمن اتخذ العلماء غرضًا ولو بقليل اللفظ والعبارة التي لا يلقي لها بالا ، يوشك أن يكون غرضًا فإن الجزاء من جنس العمل؛ فمن سمع سمَّع الله به، ومن هتك ستر أهل العلم هتك الله ستره، وفي الإشارة ما يغني، اللهم لا تجعلنا من الذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون.
وفي كلامك :
ولكن: لـمَّا استحكمت محبة الناس الزائدة - يعني العلماء - وأقوالهم ومنازلهم في صدور البعض، عزّ عليهم أن يبصروا أخطائهم منشورة مسطورة، فحرَّكتهم تلك المحبة الزائدة على أن لا يروا في الناقض عليهم إلا حاسدًا ! ولا في المتعقب لهم إلا مبغضًا ! ولا في المناقش لأقوالهم إلا طاعنًا ! ولا في الكاشف لأخطائهم إلا غير متأدب معهم !
كأنَّ تمام الأدب عند هؤلاء لا يتم إلا بغضِّ الطرف عن هفوات الغالطين في شريعة الله !
ليس حديثنا من هذا الباب – علم الله – ولكن كما قيل: ((سارت مشرقةً وسرت مغربًا *** شتان بين مشرقٍ ومغربٍ)).
يا أخانا كلامنا في طريقة الرد وليس في الرد نفسه، أحسن الله إليك.
وحتى لا أطيل على أحد أقول: كل من رأى في كلامي كلمة جاوزتُ بها حدود الأدب مع علمائنا المشهود لهم بالعلم والفضل ! فيأتنا بها فورًا؛ ريثما أُوقِفَه على عشراتٍ أمثالها - بل أشد منها وأغلظ - من كلمات كبار العلماء عند النقض على غيرهم في بعض القضايا !
ولا يتحذلق متحذلق فيقول: هذا كلام العلماء وأنت ليس بعالم !
لأن النظر ينبغي أن يكون إلى القول وليس إلى القائل !
لم نقل هذا يا أبا المظفر والحق يقبل منك ومن غيرك حتى وإن كان صغير السن ولم يشهد له أحد بأنه أحد الأئمة أو بأنه من العلماء العاملين الذين يعتبر كلامهم، فقط ندعو إخواننا من طلبة العلم إلى تحسين العبارة والتزام ما أخبرنا به مشايخنا أنه أدب مع العلماء.
وإلا فوالذي نفسي بيده : لولا تعكير مُحَيَّا كثير من العلمار الكبار الذين غيَّب الثرى وجوه محاسنهم، لسطرت من كلامهم في هذا الصدد ما تنبو عنه أسماع السامعين !
يكفي أنك وصفته بأنه تنبو عنه أسماع السامعين ، وما حقه هذا الوصف هل يقلد فيه أو يتمسك به أصلح الله حالك ، وكيف يتخذ طالب العلم من سقطات العلماء دليلا ويتخذ لنفسه بها مبررًا لفعل يخرجه كثير من العقلاء عن حيز الأدب ، فوالله الذي لا إله غيره لو قلت لأبيك في شيء قاله: ((هذه غفلة منك وقلة انتباه)) لعلاك بنعله فكيف تبحث لصنيع كهذا عن مبرر في صنيع أحدٍ من خلق الله والفطرة مجبولة على رده وعدم قبوله، بل إن هذا الأسلوب خصوصًا كثيرًا ما يكون وسيلة لصد العوام عن دين الله عز وجل، يقول - في نفسه - هذه طريقة العلماء وطلبة العلم في رد بعضهم على بعض فأنى يكون الخير لديهم. فتدبر هذا جيدًا.
ومع هذا : فلم يتجرَّأ أحد على أن يرميهم بقلة احترامهم لمن يشدُّون عليهم أحزمة النقد في كلامهم !
هذا لأن خطأهم مغمور في بحر إصابتهم ولو تعامل الناس معهم تعاملك مع من ذكرتهم لهبروهم بألسنتهم ، فتدبر رزقني الله وإياك حسن التدبر.
وإنما جريرتي بحق : هي ما قال الأوَّل ( مزمار الحيِّ لا يُطْرِب ) !
سبحان الله أوصار لك مزمار يا أبا المظفر؟!!! (ابتسامة من القلب والله)
والله المستعان لا رب سواه.
سبحانه ولا حول ولا قوة إلا به.
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-02-03, 09:26 PM
والله إنه لكلام يكتب بماء الذهب
و ما أشد حاجتنا وحاجة العلماء إليه
.
إن كنتَ ترى - أيها الفاضل - كلامنا كذلك ! فغيرك - هنا - لا يراه بذا ولا بذاك ولا بذلك !
بل ويتخذ منه وليجة على جُرأة صاحبه على العلم والعلماء ! ويتَّكأ على أعجازه لوصم كاتبه بالزهو والخيلاء !
ثم لا يقف عند هذا المرام الذي دونه حدَد! ولا يستطيع أن يتسوَّر أسوار قلعته كلُّ أحد !
بل تراه جعل يركب مركبًا لا يحمده له المنصفون، ثم يُبْحِرُ به في أغوار بحار التحامل الذي غرق فيه قبله الغارقون !
فانظر: كيف قَلَبَ محاسن الكلام ذمًّا ! وأفسد شَهْدَه حتى تركه يَقْطُر سُمًّا !
فأغلق على راقمه أبواب النَّشْوة بما سطرتْه يداه من الإفادة ! وجعل يُضيِّق عليه حتى أكرهه على أن يتمثَّل بقول البحتري أبي عبادة:
إِذا محاسنيَ اللاتي أُدِلُّ بها ... عُدَّتْ ذُنُوبًا ! فقلْ لي : كيف أَعتَذِرُ ؟!
ولا بأس من وقفاتٍ مع المناهض تُعيد الحقوق إلى أهلها، وتنهض بأعطاف طيلسان الحقائق من ظلمات أوْحَالِها !
ومن الله نستمد العون والإخلاص، ونستهديه طرائق الرشاد في تلك الحياة الكئيبة كيما نستطيع منها الخلاص.
المبتدئ في الطلب
2010-02-09, 12:29 PM
والذي كان يصنع تلك الصنيعة في كتبه وتواليفه : هو ذلك العالم الخاسر أبو الفيض الغماري !
فتراه يقول في كتبه كثيرا ( قال الحاكم في تاريخ نيسابور ) ثم يسوق إسناد الحاكم موهمًا أن نقله من كتابه ! مع كونه ما رآه قط ! ولا في عالم الأحلام ! وإنما كان ينقل عن تاريخ الحاكم بواسطة ( زهر الفردوس / لابن حجر ) .
وتارة تراه يقول : ( قال الديلمي في مسنده ) ويسوق سند الديلمي موهما أنه عاين مسنده ونقل منه ! وليس من ذلك شيء البتة ! وإنما نقله عن الديلمي بواسطة ( ابن حجر في زهْرِه )!
ويقول أيضًا : ( قال قاسم بن أصبغ في مصنفه ) و ( قال بقي بن مخلد في مسنده ) موهما أنه وقف على كتابيهما ! وليس الأمر كذلك، إنما ينقل عنهما بواسطة أبي عمر النَّمَري وأبي محمد الفارسي.
هذه النقطة هامة جدا ، حيث يتباهى المتعصبون للغماري بعزوه إلى الكتب التي يصعب الوصول إليها إن لم نقل يتعذر ...
فهلا أفردتم لها موضوعا خاصا ؟
أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2010-02-11, 06:27 PM
هذه النقطة هامة جدا
لا تقل: ( هامة ) ! فهذا تعبير خطأ ! إنما قُلْ: ( مهمة ). راجع لكشف هذا الخطأ مشاركتنا رقم ( 23) في هذا الموضوع.
حيث يتباهى المتعصبون للغماري بعزوه إلى الكتب التي يصعب الوصول إليها إن لم نقل يتعذر ...
فهلا أفردتم لها موضوعا خاصا ؟
لعلي أفعل إن شاء الله ، لا سيما وقد وقفت على جماعة من المتأخرين قد جاروا الغماريَّ في هذا المسلك الموهم !
والآن دعني أنظر في كلام صاحبنا أبي الحسام المصري؟
كاوا محمد أبو عبد البر
2012-05-07, 08:33 PM
بارك الله فيك
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.