المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التحزب على الباطل أثره في توهين الصف الإسلامي.



صالح السويح
2007-01-25, 09:22 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحزبية

قال الفراهيدي في العين : " حَزب الأمر يحزب حزبا إذا نابك ، وتحزب القوم : تجمعوا ، وحزّبت أحزاباً جمعتهم ، والحِزْب : أصحاب الرجل على رأيه وأمره ، وكل طائفة تكون أهواءهم واحدة ، فهم حزب ."أ.هـ
والأصل في الحزبية كينونتها ووقوعها ، فالناس حزبان في الدنيا والآخرة ، حزب الله وحزب الشيطان . والناس لابد لهم من الافتراق في الدنيا والآخرة كما قال الله تعالى : { هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن }[ 9 التغابن]، وقوله تعالى : { استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ،أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون }[ 19الحشر]، وقوله : {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ...}إلى قوله{أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون}[22 الحشر]، وهم في الآخرة حزبان ، حزب أهل الجنة ، وحزب أهل النار. كما قال تعالى: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً*ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا}[85-86 مريم] . وقوله: {ويوم تقوم الساعة يومئذٍ يتفرقون }[14 الروم] .
وقوله تعالى : {فريق في الجنة وفريق في السعير}[7 الشورى] .

هذا من حيث الأصل ، فهما حزبان، حزب أهل الحق ، وهم أهل الإيمان ، وحزب أهل الباطل وهم أهل الكفر والنفاق . أما حزب الله تعالى وهم أهل الإيمان ، فقد أمرهم الله تعالى بإقامة شرعه وهو توحيده، وإقامة أمره ، واجتناب نهيه.كما أمرهم بعدم التفرق في هذا الأمر فأمرهم بأمرين :
الأول : توحيد الكلمة .
الثاني : توحيد الصف .
فتوحيد الكلمة : بأن يشهدوا شهادة حق بأن لا إله إلا الله ، ويعملوا بمقتضاها ، ويحققوا شروطها وأركانها ويوالوا فيها ويعادوا فيها.
وتوحيد الصف : وذلك بالحفاظ على ترابط المجتمع الإسلامي واجتماعه على الحق ، والثاني وهو توحيد الصف إنما يتحقق بتحقيق الأمر الأول ، وهو إقامة شرع الله على الوجه الذي شرعه الله .

قال الله تعالى : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى( أن أقيموا الدين)( ولا تتفرقوا فيه)... } [13 الشورى]. ومع أمر الله تعالى حزب الإيمان بالاجتماع والائتلاف ، ونبذ الفرقة والاختلاف ، فقد دلهم على طريق عظيم ، وعلاج عميم ، عند الاختلاف والتنازع ، وهو الرجوع للكتاب والسنة ، كما قال تعالى : { وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله }[10 الشورى] قال ابن كثير: " أي هو الحاكم فيه بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم " ا.هـ وجعل الله تعالى العلامة الفارقة بين أولياءه وأعداءه هو الرجوع للكتاب والسنة ، كما قال الله تعالى : { يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون * الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين* ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون}[68-70 الزخرف].قال العلامة السعدي رحمه الله : " وصفهم الله بالإيمان بآيات الله ، وذلك ليشمل التصديق بها ، وبما لا يتم التصديق إلا به ، من العلم بمعناها والعمل بمقتضاها وكانوا مسلمين لله منقادين له ، في جميع أحوالهم ؛ فجمعوا بين الاتصاف بعمل الظاهر والباطن " ا.هـ

فإذا عُلم ذلك ؛ وعلم الواجب علينا حال الاختلاف وهو الرجوع لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،بفهم سلف هذه الأمة للوحيين ؛ فليعلم أن كل من أعرض عن الكتاب والسنة ، وتحكيمهما في واقع الحياة وما ينشأ من خلاف ، مع قدرته ، أو أنه عرف الحق فلم ينقد له ، وأصر على دعواه ، فإنه قد تحزب على الباطل ، وهكذا كل من اعتنق عقيدة ، أو فكراً ، أو منهجاً ، أو رأياً ، أو تحزب مع جماعة من الجماعات ولم يرجع للكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ، ويستسلم لهما حق الاستسلام في تصحيح مساره ، وتقويم اعوجاجه ، فإنه قد تحزب تحزبا مذموماً ، وكان سبباً لشق صف المسلمين . إذ أن من أعظم أركان القوة التي أمر الله بإعدادها هو الاجتماع على الحق ، والتعاون فيه ، والتراحم ، وبذل الغالي والنفيس في سبيله ، سعياً لرفع شأن الأمة واستعادةً لهيبتها .اجتماعاً دعامته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وأعظم المعروف التوحيد والسنة ، وأعظم المنكر الشرك والبدعة . والأمة عانت منذ نشأة البدع – وأولها بدعة الخروج والقَدَر- من التحزب والتفرق ، وهذا هو الذي أقض مضجعها ، وأوهن قواها . وهذا والله عقوبة من الله على ما كسبت الأيدي وجنت النفوس . فسلط الله بعض الأمة على بعض ، كما سلط عليها الكفار بشتى مللهم ونحلهم . والواقع شاهد على هذا . وهذا كما قال الله تعالى : { وكذالك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون } . وجاء في حديث ثوبان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ... فقال الله ؛ يا محمد : إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد . أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة ، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها ؛ حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضهم بعضا. ) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ، باب : هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض .
قال العلامة ابن قاسم رحمه الله ، في كتاب حاشية كتاب التوحيد(ص180-181) : " [حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضهم بعضا] : أي إذا فعل بعضهم ببعض هكذا سلط الله عليهم العدو حينئذ ، وما داموا مجتمعين على الحق فلا يُسلط عليهم ، ولكن عند فرقتهم يسلط عليهم عقوبة لهم ..." وقال رحمه الله " ...فإن الله لا يسلط الكفار على معظم المسلمين وجماعتهم وإمامهم ما داموا بضد هذه الأوصاف المذكورة ، وأما إذا وجدت هذه الأوصاف المذكورة فقد يسلط الله الكفار على جماعتهم ومعظمهم كما وقع ؛ فقد سلط الله بعضهم على بعض لكثرة اختلافهم وتفرقهم " ا.هـ

إذا ! لا علاج للأمة من هذا التفرق والتمزق وتسلط الكفار عليها إلا بعودة صادقة لكتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم ، وتحكيمه في الخلاف ، وعدم الحرج بذلك ، والتسليم التام له . والولاء و البراء فيه ، لا للأهواء ، والحزبيات ، والعنصريات ، والعصبيات للأشخاص ، والجماعات . بل دوراناً مع الحق حيث دار ، حباً في الله ، وبغضاً فيه .

قال ابن عباس رضي الله عنهما : " من أحب في الله وأبغض في الله و والى في الله وعادى في الله ، فإنما تنال ولاية الله بذلك ولن ينال عبد طعم الإيمان ولو كثرة صلاته وصومه حتى يكون كذلك وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا و ذلك لا يجدي على أهله شيئاً " ا.هـ ساقه الإمام محمد بن عبدالوهاب في كتاب التوحيد وقال رواه ابن جرير. قال العلامة ابن قاسم رحمه الله في حاشيته على كتاب التوحيد[ص241] : " من أحب الله أحب فيه ، ووالى أولياءه ، وعادى أهل معصيته وابغضهم ،وكلما قويت محبة العبد لله في قلبه ، قويت هذه الأعمال المترتبة عليها وبكمالها يكمل توحيد العبد ، وبضعفها يضعف . وهذه المراتب الأربع هي ثمرة الإيمان ودعائم الملة "ا.هـ وقال رحمه الله [ص242] : " أي إذا ضعف داعي الإيمان أحب دنياه ، وأحب لها ، وآخى لأجلها ، وهذا هو الغالب على أكثر الخلق ، فإنك لا تجد غالبهم إلا وهو يقدم محبة دنياه ، ويؤثر ما يهواه ، على ما يحبه الله ورسوله ، وإذا كانت البلوى قد عمت بهذا في زمن ابن عباس خير القرون ، فما زاد الأمر بعد ذلك إلا شدّة ، حتى وقعت الموالاة على الشرك والبدع والفسوق والعصيان ، ووقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من غربة الإسلام ، وأنه سيعود غريباً كما بدأ " ا.هـ

أختم كلامي :

بنصيحتي للجميع بتقوى الله ، ومراقبته بالسر والعلن ، فكلنا موقوفون أمام الله سبحانه وتعالى ، وسائلنا عما علمنا ، ما عملنا به ؟ و حاكم بيننا بعدله فيما اختلفنا فيه فليتق الله كل مسلم .

صالح السويح
6/1/1428هـ


[/align]

وسم المعاني
2007-01-27, 03:53 PM
السلام عليكم

جزيت خيراً على هذه الكلمات الطيبات

هل لديك مصادر علمية تتحدث عن موضوع الوحدة؟

صالح السويح
2007-01-28, 02:26 AM
حياك الله أخي الكريم .

وشرفني تعليقك .

لكن ماذا تقصد بقولك ( علمية ) هل تقصد متخصصة ؟ أم غير ذلك ؟
جزاك الله خيرا.

وسم المعاني
2007-01-28, 05:15 PM
جزيت خيراً أخي

أي مصادر للعلماء سواء كانت اولية أو ثانوية

اريدها بارك الله فيك

القضاعي
2010-03-07, 08:46 PM
يرفع رفع الله قدر كاتبها .