المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (الشَّاذ) و(المُنكر) عِنْد الحَافظِ والإمامِ صالح جَزَرَة-رَحِمَهم اللهُ-؟؟



العطاب الحميري
2009-08-07, 05:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

لا مريةَ أن َّقطبَ رحى الأساس النظري في صناعة الحديث النبوي متنُ النَّخبةِ للإمامِ الحافظِ –رحمه الله-
وقد أبدع الحافظُ أيمَّا أبداع في حَبْكِ النَّخبة ...وشَهِد له معاصرُوه ومن جاء بعده بدقَّة المأخذِ الحديثي عنده ، وأضحى علماءُ الصناعةِ بعده ما بين شارحاً ومحشٍّ ومنكِّت وناظمٍ للنَّخبة، وحظي المتنُ بالقَبول لدى أهل الصناعة بعد الحافظ فأتْهَمَ المتنُ وأنجْد....
وحينما نقرأ النخبةَ -كمتعلمينَ غرثى- التي أرادَ الحافظُ بها تدوينَ مصطلحات أهل الأثر –لا مصطلحاته- =ندركُ أن َّاللحاقَ بركْبِ الحافظِ لم يعدْ أُمنية من الأماني يستحضرها أحدنا عند شربه من ماء زمزم بل صار شأواً بعيدَ المنال-إلا أن يشاء الله-
وعليه فالحافظ-رحمه الله-انبرى لتدوين مصِطلحات أهل الأثر النَّقَدَة في كتابه النَّخبة...
ومن جميل ما استوقفني وأثار عندي علامة استفهامٍ=نصٌ للإمام الناقد الحافظ صالح بن محمد جَزَرَة(293هـ) –وهو من أهل الأثر ممَّن استقصى الحافظ مصطلحاتهم في النَّخبة- حيث قال كما نقلَ عنه الإمام الخطيبُ في الكفاية :((الحديثُ الشَّاذُ الحديثُ المنكَرُ الذي لا يُعْرَفُ))
فطفقتُ أوفِّق بين ما جاء في النَّخبة وما جاء عن هذا الإمام فلم أهتدِ للسبيل الأمثل في التوفيق؟؟؟
فالحافظ أناطَ المفهومين(الشاذ والمنكر) بالمخالفة وغاير بينهما بمرتبةِ المخَالف قوةً وضعفا...
والإمام صالح جَزَرَة لم يفرِّق بينهما فلا أناط ولا غاير؟؟؟
وثمَّ مسلكٌ نستطيع من خلاله فهمَ كلامِ الإمام صالح جَزَرَة دون زعزعةِ لَبِنَات الحافظ التعريفية وذلك بحمل كلام الإمام جَزَرَة على أن الإشتراكَ متحققٌ في المناطِ الذي أناطَ الحافظُ به المفهومينِ...
وعليه فلا إشكالَ بين تقعيد الحافظِ-رحمه الله- وكلام الإمام صالح جزرة-رحمه الله-
ولكن كيف نبرِّرُ التغاضي عن مرتبة المُخَالف في المعالجة التوفيقية السابقة؟؟؟
سؤال يحوم حول رأسي ؟؟؟كم أكون سعيداً حيالَ أي معالجةٍ يتفضلُ بها أحدُ الإخوةِ الكرامِ...
ولكم مني الحبُّ والتقدير
ولله الأمر من قبل ومن بعد

السكران التميمي
2009-08-07, 05:32 PM
أخي الفاضل الحبيب (العطاب) سأحيلك على مليئ ولعله عند إن شاء الله.
هل تملك كتاب (علوم الحديث لابن الصلاح) بحاشيتيه (التقييد) و(الإفصاح) للعراقي وابن حجر، والتي حققها الشيخ (طارق بن عوض الله) وطبعها في كتاب واحد عن (دار ابن القيم ودار عفان)؟

أخبرني فقط.

العطاب الحميري
2009-08-07, 05:44 PM
حياك الله أبا عصام...
لا أملك الكتاب...
وسأشتري الكتاب إن شاء الله...
وكم أود أن تكون المعالجة منكم مختصرة فلا تتعب نفسك بالنقل؟؟؟

السكران التميمي
2009-08-07, 05:46 PM
طيب هل تملك كتاب (شرح النخبة) للشيخ طارق بن عوض الله؟

أخبرني، وأبشر بما يسرك.

العطاب الحميري
2009-08-07, 05:50 PM
أخوك في سفر وليس عندي كتبي فبيني وبينها مفاوز؟؟؟
وقد كتبت المقال السابق على ضوء شمعة-جراء انقطاع التيار الكهربائي-؟؟؟
فإن ندَّ خاطر فالعذر العذر؟؟؟
وقد بتُّ أهابك أبا عصام لا سيما بعد دروسك في الجدل؟؟؟-ابتسامة-

السكران التميمي
2009-08-07, 07:34 PM
لا بأس.. ردك الله سالما غانما.. ومثلك لا يكفيه الإيجاز؛ فصاحبك أعرف الناس بك..

المقصد أن الشيخ طارق قد حرر المسألة بكلام يكتب بماء الذهب في كلا الكتابين.. على العموم سأحاول أن أوجز لك الكلام هنا بما هو ملخص الموضوع:

اختلف أهل العلم في (الشاذ) و(المنكر) هل هما اسمان لمسمى واحدٍ، أم هما متغايران _ فيختص (الشاذ) بحديث الثقة، و(المنكر) بحديث الضعيف؟
والاختلاف هنا هو من باب اختلاف التنوع، لا من باب اختلاف التضاد، وإلا فـ(الشاذ) و(المنكر) _ عند الجميع _ حديث مردود؛ غير صالح في الاحتجاج ولا في الاستشهاد.

وقد فرّق الحافظ رحمه الله في (النخبة) بين (الشاذ) و(المنكر)، مقتصرا في كلٍ منهما على قسم (المخالفة)..
ثم قال في (الشرح) عليها: (وعُرِف بهذا: أن بين (الشاذ) و(المنكر) عموما وخصوصا من وجه؛ لأن بينهما اجتماعا: في اشتراط المخالفة، وافتراقا: في أن (الشاذ) رواية ثقة أو صدوق، و(المنكر) رواية الضعيف. وقد غفل من سوّى بينهما. والله أعلم). أهـ

لكنه في (نكته على ابن الصلاح) لم يقتصر على قسم (المخالفة)؛ بل أدخل فيه أيضا (التفرد)، وجعل منه (الشاذ) و(المنكر)؛ فقال:
(هما _ يعني الشاذ والمنكر _ مشتركان في كون كل منهما على قسمين، وإنما اختلافهما في مراتب الرواة:
فالصدوق؛ إذا تفرد بشيء لا متابع له ولا شاهد، ولم يكن عنده من الضبط ما يشترط في حد الصحيح والحسن؛ فهذا أحد قسمي (الشاذ).
فإن خولف من هذه صفته _ مع ذلك _؛ كان أشد في شذوذه، وربما سماه بعضهم (منكرا).
وإن بلغ تلك الرتبة في الضبط، لكنه خالف من هو أرجح منه في الثقة والضبط؛ فهذا القسم الثاني من (الشاذ). وهو المعتمد في تسميته.
وأما إذا انفرد المستور، أو الموصوف بسوء الحفظ، أو المضعف في بعض مشايخه دون بعض، بشيء لا متابع له ولا شاهد؛ فهذا أحد قسمي (المنكر)، وهو الذي يوجد في إطلاق كثير من أهل الحديث.
وإن خولف في ذلك؛ فهو القسم الثاني. وهو المعتمد على رأي الأكثرين.
فبان بهذا فصل (المنكر) من (الشاذ)؛ وأن كلاً منهما قسمان، يجمعهما: مطلق التفرد، أو مع قيد المخالفة. والله أعلم) أهـ

· قال الشيخ (طارق) أيده الله:
فقد ظهر اختلاف ٌ بين كلام الحافظ في (النكت) وكلامه في (النخبة)؛ فبينما هو في (النخبة) يشترط (المخالفة) لجعل حديث الثقة (شاذا)، وجعل حديث الضعيف (منكرا)؛ إذ به في (النكت) لا يشترط (المخالفة)، بل يجعل كُلاً من (الشاذ) و(المنكر) قسمين، يجمعهما: مطلق التفرد، أو مع قيد المخالفة.
لكن؛ يمكن أن يجاب في الجمع بين قوليه: بأنه في (النكت) إنما ذكر الأقوال الصادرة في المسألة، وفي (النخبة) ذكر الراجح عنده؛ ولعل في كلامه ما يشير إلى ذلك؛ حيث قال في (النكت) في القسم الثاني من النوعين _ أي: المصحوب بالمخالفة _: (هو المعتمد). والله أعلم

لكن يبقى هنا النظر في: هل ما اعتمده هو المعتمد في تسميتهما، أو لا؟ وهل هما متغايران أو متحدان؟
ثم هو فرق بين (الشاذ) و(المنكر) بأن: اشترط في راوي الحديث (الشاذ): أن يكون ثقة، وفي راوي الحديث (المنكر): أن يكون ضعيفا؛ فهل هذا التفريق صحيح، أو أن (الشاذ) و(المنكر) كليهما يطلقان بدون اعتبار هذا؛ وعليه؛ يكون (الشاذ) و(المنكر) اسمين لمسمى واحد، وليسا متغايرين؟!

ثم أخذ أيده الله يستطرد في الإجابة عن هذه الأسئلة، وذكر أن الصحيح في (الشاذ) و(المنكر) أنه خلاف ما اعتمده الحافظ ابن حجر رحمه الله، وذلك أن أكثر أهل العلم على أن (المنكر) من الحديث هو: الحديث الذي يتفرد به الراوي الذي ليس أهلا للتفرد بمثل هذه الرواية.
وهذا يدل على أن هذا الراوي قد يكون أهلا للتفرد، ولكن ليس بمثل هذه الرواية؛ حيث وجد في هذه الرواية معان يصعب أن يتفرد بها مثل هذا الراوي. قد يمكن أن يتفرد بها غيره، قد يمكن أن يتفرد هو بغير هذه الرواية؛ مما لم يوجد فيه من المعاني ما وجد في هذه الرواية بعينها.
إذا فـ(المنكر) هنا ليس راجعا فقط إلى الراوي؛ بل راجع إلى الرواية أيضا، وإلى مدى أهلية هذا الراوي المتفرد بها لأن يتفرد بها أو بمثلها.

وأئمة العلم يعبرون عن الحديث بكون (منكرا) إذا كان راويه المتفرد به قد أخطأ فيه، وقد ترجح لديهم أنه أخطأ فيه، سواء كان خطؤه في إسناده فقط، أو في متنه فقط، أو فيهما معاً، وسواء كان راويه الذي أخطأ فيه ثقة أو غير ثقة، وسواء خالف غيره أو تفرد فقط ولم يخالف.
والأمثلة على ذلك كثيرة، لا تخفى على المطلع.
ثم استطرد في بيانها.

· ثم قال أيده الله:
وقد حاول الحافظ ابن حجر في غير موضع من (مقدمة الفتح) وغيرها؛ تفسير (المنكر) حيث أطلقه بعض الأئمة كأحمد وأبي داود والبرديجي وغيرهم على ما تفرد به بعض الثقات بـ(الفرد المطلق)؛ محاولة منه للتوفيق بين ما اشترطه هو في (المنكر) من الضعف والمخالفة، وما وجد في كلام الأئمة مما يقتضي عدم اشتراط ذلك.
وهذا التفسير ليس بشيء؛ ففي الأمثلة التي ذكرناها عن الإمام أحمد وأبي داود؛ ما يدل على أن (المنكر) عندهما هو الحديث الخطأ، وقد صرحا بذلك في هذه الأمثلة وغيرها. ومثلهم البرديجي.
ومما يقرر صنيع أهل العلم ويؤكد أن (المنكر) عندهم هو الخطأ مهما كان حال راويه المخطئ فيه: أنه وكما لا يخفى على فاهم لهذا العلم أن أئمة الحديث يسبق نقدهم للرواية سندا ومتناً نقدهم للرواة جرحا وتعديلا، فهم لكي يتحققوا من ثقة الراوي أو ضعفه؛ ينظرون في أحاديثه ورواياته؛ فإذا وجدوا أغلبها مستقيمة، موافقة لما يرويه الثقات الأثبات، استدلوا بذلك على أنه ثقة. وإن كان أغلبها مخالفا لروايات الثقات الأثبات، أو ليس لها أصل عندهم؛ استدلوا بذلك على ضعفه وسوء حفظه.
ثم ساق الأمثلة على هذا.

· ثم قال أيده الله موجها قول ابن حجر في التفريق بينهما:
ولعله إنما اعتمد في قوله هذا على: ما روي عن الإمام الشافعي رحمه الله؛ حيث روي عنه أنه قال: (ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة حديثاً لا يرويه غيره؛ إنما الشاذ من الحديث: أن يروي الثقة حديثا يخالف فيه الناس).
وكلام الإمام الشافعي هذا ليس فيه ما يدل على اشتراط أن يكون راوي الحديث (الشاذ) ثقة.
لاشك أنه إذا كان ثقة وقد خالفه الناس؛ فإنه يسمى (شاذا)، ولكن البحث هنا: هل لا بد لكي يوصف الحديث بأنه (شاذ) أن يكون راويه ثقة؟ أم أن الراوي الضعيف أيضا يسمى حديثه (شاذ)؛ إذا ثبت خطؤه فيه؟
والمتأمل لكلام الإمام الشافعي هذا، يظهر له أنه إنما قال ذلك الكلام مقابلا به قولا ربما قيل بحضرته، أو في مجلس من مجالسه التي كان يعقدها للمناظرة؛ فكأن بعض من خالفه رد عليه حديثا احتج به؛ بأنه تفرد به ثقة _ فهو حديث شاذ _؛ فأراد الإمام الشافعي أن يرد هذه الشبهة على صاحبها؛ فقال كلامه المذكور.
وهذا الذي فهمته من كلام الإمام الشافعي استظهاراً؛ قد رأيت الإمام ابن القيم رحمه الله قد سبقني إليه، فالحمد لله على ما أنعم به وأكرم، وذلك في كتابه (إغاثة اللهفان 1/327).
ثم أخذ يسرد بيان وجه كلام الإمام الشافعي وأنه موافق لغيره من الأئمة

· ثم قال أيده الله:
ونحن نجد في استعمال أئمة الحديث الذين غلب على استعمالهم مصطلح (الشاذ) في التعبير عن الخطأ؛ نجد في تعريفهم للشاذ ما يصدق عليه اسم (المنكر).
بمعنى: أننا نجدهم يستعملون (الشاذ) على أخطاء الثقات وأخطاء الضعفاء، غير متقيدين بأن يكون (الشاذ) مختصا بأحاديث الثقات، و(المنكر) بأحاديث الضعفاء.
ثم سرد كلام أهل العلم في ذلك والأمثلة عليه.

إذا عرفنا أن هذا التفريق لا يعرف قبل الحافظ ابن حجر، وأن هذا التقييد أيضا لا يعرف، وأن المعروف عند أهل العلم: إطلاق (المنكر) على الخطأ، مهما كان المخطئ _ ثقة أو غير ثقة _، ومهما كان متفردا بما أخطأ فيه، أم مخالفا غيره، وأن (الشاذ) و(المنكر) سواء.

وقد رد أيده الله الدليل الذي استدل به الحافظ على مثال (المنكر) الذي على شرطه هو، وفنده تفنيدا عظيماً.

والحمد لله أولا وآخرا.

العطاب الحميري
2009-08-09, 05:35 PM
لقد طبعتُ ما تفضلتَ بكتابته وتأملته فألفيته كلام محقق عارف بالصنعة
والشيخ طارق من أهل الصناعة البارعين
بارك الله فيك أبا عصام
وبارك الله في الشيخ طارق..
وثم تعليق سريع
قال الشيخ وفقه الله: ( وأن المعروف عند أهل العلم: إطلاق (المنكر) على الخطأ))
ولعل الصواب والعلم عند الله أن المنكر عند النقاد هو الخطأ الذي يستفحشه الناقد في قرارة نفسه لا كل خطأ...
أي أن الإستفحاش نسبي...
فما يستفحشه ناقد قد لا يستفحشه ناقد آخر
واللغة تؤيد ذلك...
والأمر سهل..

سعيدالأثري
2010-12-31, 11:22 PM
السلام عليكم
أرجو الاطلاع على رسالة: الحديث المنكر عند نقاد الحديث للشيخ عبد الرحمن بن نويفع، فقد توصل في دراسته لنصوص العلماء بما يخالف ما ذكره الشيخ طارق، وهو يؤيد كلام الحافظ ابن حجر ومن قبله ابن رجب في شرح العلل، ولكن بصورة مجملة.
والله تعالى أعلم

العطاب الحميري
2011-01-01, 10:53 PM
السلام عليكم
أرجو الاطلاع على رسالة: الحديث المنكر عند نقاد الحديث للشيخ عبد الرحمن بن نويفع، فقد توصل في دراسته لنصوص العلماء بما يخالف ما ذكره الشيخ طارق، وهو يؤيد كلام الحافظ ابن حجر ومن قبله ابن رجب في شرح العلل، ولكن بصورة مجملة.
والله تعالى أعلم


جزاكم الله خيرا أخي سعيد
وراجعوا تكرما لا أمرا المشاركة رقم(4)
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=62756 (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=62756)

سعيدالأثري
2011-01-02, 12:37 AM
السلام عليكم
بعد التحية
حسنا طالما نظرت في تلك الرسالة، الى ماذا توصلتَ؟ أحب أن تطلعني على رأيك فيما قلتُ مشكورا.

العطاب الحميري
2011-01-03, 05:53 PM
السلام عليكم
بعد التحية
حسنا طالما نظرت في تلك الرسالة، الى ماذا توصلتَ؟ أحب أن تطلعني على رأيك فيما قلتُ مشكورا.




أخي سعيد... عذرا على التأخير



المنكر عند النقاد باختصار هو



الخطأ المستفحش



لا مطلق الخطأ كما ذهب إليه الشيخ طارق...



ودلالة اللغة تؤيد معنى الخطأ المستفحش



واعلم أن الإستفحاش نسبي..فما يستفحشه نقاد قد لا يستفحشه آخر...



والله يرعاكم