المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخرّيدة الوسطيّة..شرح العقيدة الواسطيّة



أبو القاسم
2009-02-01, 11:03 AM
بسم الله الرحمن الرحيم..
الحمد لله القائل لنبيه "فاعلم أنه لا إله إلا الله" والصلاة والسلام على سيّدنا رسول الله..القائل وهو يوصي معاذًا "فليكن أولَ ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله"..
وآله وصحبه الذين ما جرّدوا سيوف جهادهم وأسرجوا جيادهم إلا إعلاء لكلمة التوحيد..
فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها كما قال عالم المدينة , الإمام مالك رحمه الله تعالى
ولن يكون ثمّ توحيدٌ للكلمة إلا على كلمة التوحيد..
بذلك المعنى نطق صاحب الشريعة والقرآن المجيد..
أما بعد..فهذه كلمات في شرح العقيدة المباركة التي كتبها شيخ الإسلام الإمام :أبو العبّاس بن تيميّة..رحمه الله تعالى
ونوّر قبره..وأعلى في الفردوس مقامه جزاء ما أسدى لأمته من علم ونصح وجهاد..حتى لقي ربه وهو على ذلك مسجونا في خلوته في سجن القلعة بدمشق..
كثير من الناس ذاهلٌ لا يعرف من عقيدته إلا نتفًا يسيرة..وهو مع هذا غافل عن آثار ها الحميدة وثمارها الزكيّة المباركة ,
في تزكية النفس و تحقيق النصر..
وكثير منهم يعرفها رسوماً مجرّدة..وأحرفاً نظريّة مفردة, لا تنبت في سلوكه
صلاحًا ولا تثمر في طريقته عدلا ولا رحمة ولا في تعبّده استقامة
مع كونهم يقرؤون القرآن..وهو إنما يدور رحاه حول التوحيد ومقتضياته..
والتحذير من نواقضه وأضداده..
بل الأحكام الفقهية نفسها إنما هي فرع طيّب عن أصل جذر التوحيد الضارب في أعماق قلوب أهل الإيمان , وليس بخاف على من يعرف بدهيّات دينه..علاقة الجهاد خاصة..بهذه العقيدة الشريفة..
وسيأتي مزيد بيان خلال الشرح إن شاء الله تعالى
والله أسأل أن يوفقني للسداد..
والحمد لله من قبل ومن بعد
----
*استخرت الله عز وجل واستشرت بعض المشرفين..
وجاء طلب الأخ النبيل التبريزي ..وفقه الله..
فتضافرت الدواعي ..والله الموفق

أبو القاسم
2009-02-01, 11:15 AM
بعد حمد الله أشرع في بيان الخصائص التي تميّزت بها هذه العقيدة الجامعة على وجازتها..

أول شيء-أنها عقيدة سهلة تنسجم في مضمونها وطريقة عرضها مع حقيقة العقيدة التي بعث بها الرسل عليهم صلوات الله وسلامه عليهم , وإن من أخص خصائص عقيدة أهل السنة الذين هم حقيقة الإسلام ونقاوته ..كونها سلسة سهلة(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) ..يفهمها العامي والعالم..والصغير والكبير..لا تعقيد فيها ولا إغماض..تنساب في العقل والقلب معا..فإذا أشربها..نضح قلبه بالزكاء وعقله بالذكاء وجوارحه بالعمل الصالح والبر والتقوى..



ثانيا-أنها ناطقة بلسان الكتاب والسنة.. لما فيها من أدلة متكاثرة في كل قضية يعرضها..
وحسبك بهذا المنهج أصالة في تربية الدارس على اقتفاء الدليل الصحيح دون التعويل على غيره
من آراء الرجال

ثالثا-وأنها جمعت قدرا واسعا من مباحث الاعتقاد فصحّ أن توصف بالجامعة..بالنظر إلى حجمها..

رابعا-وأن الإمام لم يتقصّ فيها أقوال المنحرفين عن عقيدة السلف بالرد..وإنّما يشير في بعض المواطن تلميحا لا تصريحا..فهي تقريريّة
وهو من حكمته ليكتب لها القبول في وسط كان يعجّ بالابتداع والاختلاف والفُرقة والضلال..

خامسا-أنه كتبها بناء على سؤال أحد العلماء كما سيأتي..لا أنه ابتدأها من تلقاء نفسه..
وكتب الله لها القبول والبركة..فما زال العلماء يتعقبون على شرحها وتحشيتها

سادسا-أنها ذات عبارات محررة دقيقة..تستبعد المشكل من الألفاظ..
بخلاف العقيدة الطحاوية مثلا..فقد تعقّب مؤلفها رحمه الله في غير موطن..بسبب عدم عنايته
بتحرير العبارة المسددة..

ويحسن أن نعرّج على سبب توليفها..من كلام ابن تيميّة نفسه..
يقول رحمه الله : ((قدم عليّ من أرض واسط بعض قضاة نواحيها شيخ
يقال له رضى الدين الواسطى من أصحاب الشافعى قدم علينا حاجا وكان من أهل
الخير والدين وشكا ما الناس فيه بتلك البلاد وفى دولة التتر من غلبة الجهل
والظلم ودروس الدين والعلم وسألنى أن أكتب له عقيدة تكون عمدة له ولاهل بيته
فاستعفيت من ذلك وقلت قد كتب الناس عقائد متعددة فخذ بعض عقائد أئمة السنة
فألح فى السؤال وقال ما أحب إلا عقيدة تكتبها أنت فكتبت له هذه العقيدة وأنا
قاعد بعد العصر وقد انتشرت بها نسخ كثيرة فى مصر والعراق وغيرهما))

فتأمل يا رعاك الله كيف أن الإمام استعفى واعتذر..عن إجابة طلبه أول الأمر
وهو شأن أهل الإخلاص..فلم يكونوا يؤلفون ليتكسّبوا أو يستكثروا أو ينافسوا
أو يتخموا المكتبات بالسمين فضلا عن الغثّ إلا أن يكون هذا السمين فيه حاجة ملحّة أو ضرورة ماسّة يرجى به نفع الجماهير ..وقارن هذا بحالنا اليوم..

ثم تدبّر كيف كتبها في قعدة بين العصر والمغرب..ثم سارت بها الركبان..
وابتهج بها أهل التوحيد..وانتشرت في الأمصار وتناقلها طلبة العلم المخلصون
بالحبور وعمّت بركتها الديار

وقد اخترت للشرح أن يكون بعنوان:الخرّيدة الوسطيّة شرح العقيدة الواسطية..
والخريدة هي اللؤلؤة التي لم تثقب..
والوسطية:إشارة أن أن اعتقاد أهل السنة والجماعة وسط بين الفرق كما أن الإسلام وسط بين الأديان
والواسطيّة..نسبة إلى واسط من أعمال العراق ..وهي بلد السائل كما تقدّم في كلام شيخ الإسلام

ومن لطائف قدر الله أن الرجل كان من بلدة "واسط" وهذه العقيدة كواسطة العقد في نفاستها وتوسّطها لكونها عقيدة الرسول صلى الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الأكابر ومن تبعهم بإحسان..

ابو نذر الرحمان
2009-02-01, 02:02 PM
بارك الله فيك و استمر

أبوإسماعيل الهروي
2009-02-01, 07:30 PM
بارك الله فيك
ما طريقة الشرح؟

أبو القاسم
2009-02-01, 07:48 PM
حياك الله أخي المكرّم الهروي..لست ممن يحب الإفصاح عن المنهج
تاركا ذلك لفطنة القاري..ألا ترى أن البخاري لمّا سكت عن الإبانة
عن منهجه كان العلم المستخرج من كتابه أكثر من كتاب مسلم
لكني أجيبك بأمرين عامين:-
-عدم الاستغراق في التفصيلات التي اعتاد الشرّاح ذكرها..
مما لا يعود بكثير فائدة كإعراب البسملة وشرحها ونحو ذلك..إلخ
-ومع هذا لايعد الشرح مختصرا إذ هو غني بالفوائد إن شاء الله تعالى

أبو القاسم
2009-02-02, 08:39 AM
قال الإمام ابن تيميّة رحمه الله تعالى:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الَّذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا‏.‏

وأَشْهَدُ أَن لاَّ إلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ إِقْرَارًا بِهِ وَتَوْحِيدًا‏.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ـ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تسليمًا مَزِيدًا‏.‏

أَمَّا بَعْدُ؛ فَهَذَا اعْتِقَادُ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ الْمَنْصُورَةِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ‏:‏ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ :‏

وَهُوَ الإِيمانُ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، والإِيمَانِ بِالْقَدَرِ خِيْرِهِ وَشَرِّهِ‏.‏

اعتاد الشرّاح للمتون العلمية أن يستفيضوا في شرح دقائق الأمور فيشرحون البسملة..ويعربون ها..مع ذكر الخلاف ..والتطويل , وكل هذا لسنا بحاجة إليه, إذ المقصود , التحديق على المهمّات واستخراج المعمّى من المبهمات
فبعد حمد الله أقول..

-شرع المؤلف بالبدء بالبسملة كعادة علماء المسلمين اقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكاتباته للملوك
فقد روى البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنه في كتاب بدء الوحي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل فقال "بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم"

وهنا فوائد:-
-البسملة كانت معروفة حتى عند العرب الجاهليين..لكنهم كانوا يقولون "باسم الله" أو باسمك اللهم"..وعلماء الشيعة يقولون "باسمه تعالى" (!)
لكنّ صيغة البسملة الواردة في السنة هي هي التي كان عليها أهل التوحيد من قديم..قال تعالى في سورة النمل يقصّ خبر سليمان عليه السلام مع ملكة سبأ "إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم" وقد كان عليه الصلاة والسلام يبدأ خطبه الكلاميّة بالحمدلة لا بالبسملة كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه..هذه هي السنة

-قول النبي صلى الله عليه وسلم "إلى هرقل عظيم الروم"
ليس فيه تعظيم له كما قد يُتوهّم..بل هو من الدعوة بالحكمة التي أمر بها..دون الوقوع في التمييع على حساب ذلك ,لأن الغايات النبيلة لا تسوّغ الوسائل المغلوطة في شرعنا الحنيف..
فهرقل هو عظيم عند الروم حقا..
وهذا بخلاف ما يقع فيه كثير من الدعاة مع الأسف..
حين يظنّون أن المجاملة والمداهنة على حساب الحق, هو من الترغيب في الإسلام..

-وتدبّر تواضع رسول الله حيث لم يقدّم لاسمه بمقدّمات نحو "معالي" و"فخامة" "وسيادة"..و "سموّ"!
وإنما ذكر اسمه مجردا وأردفه ببيان الحقيقة الشرعية..
ولهذا لمّا أراد عليه الصلاة والسلام أن يبلّغ وحي الله بأنه سيّد ولد آدم قال"أنا سيّد ولد ولا فخر"
أي أني إنما أقرر واقعًا ولا أقصد به فخرًا

أبو القاسم
2009-02-02, 10:22 AM
-فائدة في الفرق بين "الرحمن" والرحيم":-أدق ما قيل في الفرق بين هذين الاسمين الشريفين
أن "الرحمن" صفة للذات بمعنى قيام هذه الصفة به سبحانه من حيث كونها صفة ملازمة له
وأما "الرحيم" فهي تدل على تعلّق الأثر بالمخلوق , ومما يدل على ذلك..
أن اسم "الرحمن" لم يأت في كلام الله متعديا بخلاف "الرحيم" ,فقد جاءت دالة على وصول الرحمة للمؤمنين
كما في قوله تعالى"وكان بالمؤمنين رحيما"..أما في اسم "الرحمن " فقال سبحانه"الرحمن على العرش استوى"
وهذا تحقيق الإمام المدقق ابن القيم , وهو لا يتعارض مع القول الثاني..
أن "الرحمن" يدل على الرحمة الواسعة التي تشمل الدنيا والآخرة.."والرحيم" يدل على الرحمة الخاصة للمؤمنين يوم القيامة..لأن ما كان مدلوله ألصق بذات الله بقطع النظر عن تعلقها بالمخلوق..هو أوسع دلالة على تمكّن الصفة بصاحبها وملازمتها له , وحينئذ تكون أشمل في المعنى..وأشرف كذلك..
لأن "الرحيم" يلحظ فيها معنى آثار هذه الرحمة ووصولها لبعض المخلوقين..
أما "الرحمن" فهي دالة على الرحمة دون واسطة..وماكان دالاً على صفة كمال
بغير واسطة, فهو أشرف مما دل بواسطة..
ومن الفروق المهمّة بين الاسمين أنه يمتنع أن يوصف أحد بالـ"الرحمن"..ويجوز نعت المخلوق بالرحيم
كما في قوله تعالى يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم"لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم"

أبو القاسم
2009-02-02, 10:43 AM
بقيت كلمة في معنى البسملة..فمن الغريب أن كثيرا من الجمل الدارجة
ربما استعملها بعض الناس وهم لا يفهمون حقيقة معناها..

(بسم الله الرحمن الرحيم)
يقدر معناها بحسب المقام فإذا أردت الأكل فقلت باسم الله,,فالمعنى :
آكل مستعينا باسم الله أو مصطحبا لاسمه تعالى على سبيل التبرك..
وإذا أردت الكتابة..فسميت فالمعنى:باسم الله أكتب..
ومما يدل على ذلك من كلام الله تعالى
أنه سبحانه قال"اقرأ باسم ربك الذي خلق"..فمتعلق الجار والمجرور هنا الفعل : اقرأ
وقال سبحانه "بسم الله مجراها ومرساها" أي مجراها ومرساها باسم الله..
-----
ثم أعقب البسملة بحمد الله تعالى , والحمد كما عرّفه ابن تيمية نفسه
(هو الإخبار بمحاسن المحمود مع محبته وإجلاله)
فلو أخبرت بمحاسن المحمود دون حب له كنت مادحا له لا حامدا..
وقد اختار الله لكتابه البدء بالحمدلة بعد الآية المستقلة "بسم الله الرحمن الرحيم"
فقال "الحمد لله رب العالمين"..ولم يقل "الشكر لله" لأن الحمد يكون في مقابل
نعمة ويكون دون مقابل نعمة
لاستحقاق الله الحمدَ على صفاته العظيمة المستفادة من أسمائه الحسنى وغيرها..
فهو أعم من الشكر من هذه "الحيثية"..

ثم قال رحمه الله تعالى:

اقتباس:
(الحمد لله الَّذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا).

هذا اقتباس من قول الله تعالى "هو الذي أرسل رسوله بالهدى.."الآية
والهدى كمال العلم، ودين الحق كمـال العمل..كما فسره ابن تيميّة..
وكون الهدى يدل على العلم هنا ظاهر ,ٌ لأنه عطف عليه دين الحق
ولاشك أن العمل الصالح يستلزم قبله علما نافعا..ولهذا قال الله تعالى
"فاعلم أنه لا إله الله واستغفر لذنبك" فقدّم العلم على الاستغفار الذي
هو من أشرف العمل لأنه يتضمّن الاعتراف
بالتقصير الدائم فيفضي بصاحبه لإحسان العمل
وتجديد التوبة مرة بعد مرة إلى أن يلقى الله وهو على ذل
والله تعالى قد نصب للحق علامات "وبالنجم هم يهتدون"
فكما أن المسافر يهتدي بالنجوم في بلوغ الغاية..
كذلك جعل الله الرسل وأتباعهم منارات
هدى..توصّلا بذلك للعمل ..وإقامة شرع الله في الأرض
ليظهر على الدين كله ..أي يعلو ويكون له السيادة..
وإظهار الدين يكون بالكتاب الهادي والسيف الناصر
كما قال ابن تيميّة
أي بالحجة البيانية وبالجهاد المؤيِّد لها والمؤيَّد بها
فالهدى في الآية بمعنى الدلالة والإرشاد كما في قوله
تعالى "وأما ثمود فهديناهم " أي بينّا لهم الحق "فاستحبوا
العمى على الهدى"


قول الله تعالى"وكفى بالله شهيدا"
هذا يقرّ به كل موحّد..ومن جميل ما قاله المصنف رحمه الله:
(كيف يطلب الدليل على من هو دليل على كل شيء)..
وذلك في تأويل قوله تعالى "قالت رسلهم أفي الله شك"

التبريزي
2009-02-02, 06:00 PM
بارك الله فيك وفي علمك..
ما الفارق بين كتابة: بسم ، و باسم؟
"اقرأ باسم ربك الذي خلق"
"بسم الله مجراها ومرساها"
-----
هل هو مجرد اختلاف في الرسم، والمعنى واحد؟
أم أن هناك خلاف بينهما؟

بارك الله فيك

أبو القاسم
2009-02-02, 06:08 PM
هل هو مجرد اختلاف في الرسم، والمعنى واحد؟
وفيك بارك ربي عز وجل..
الجواب:نعم..
وحياكم الله تعالى

أبو القاسم
2009-02-04, 12:11 PM
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً وتوحيداً وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. صلى الله عليه، وعلى آله، وصحبه، وسلم تسليماً مزيداً.
--------
الشهادة ليست كلمة تقال باللسان فحسب كما يظنها بعض طوائف الابتداع وبعض جهلة الناس
فهي الإخبار عن شيء عن علم به فالإخبار يتضمن إقراراً..والعلم به يقتضي عملا..
ولهذا أكذب الله المنافقين في شهادتهم بالتوحيد مع كون التوحيد حقّا !
"إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون"
فاعتبر قوله تعالى"والله يشهد إن المنافقين لكاذبون"..فكيف كذّبهم وهم إنما قالوا "نشهد إنك لرسول الله"؟!
الجواب أن هذه الشهادة لم تواطيء مقتضى هذه الشهادة من إذعان لحقيقتها..
فمحل التكذيب أنهم قالوا بأفواههم ما ليس في قلوبهم وإذا فسد الأصل فسد ما بني عليه من عمل
ومن هنا تعلم خطأ الكثير من الذين يقولون أليس يشهد أن لا إله إلا الله..؟ فهو مسلم..
مع علمه بارتكابه لنواقض كل واحدة منها تكفي في الحكم على عمله بالكفر على أقل نسبة
وهنا أمر مهم..ضل فيه عامة أهل الفرق والطوائف البدعية من المتكلمين على اختلاف نحلهم
وهو مسألة الفهم المغلوط للألفاظ الشرعية , وذلك للقصور في الاستقراء الكلي للنصوص
عند هؤلاء , وهذا الضرب من الخطأ مما يشترك فيه بعض العوام مع علماء الابتداع
كالمعتزلة والأشاعرة والمرجئة وغيرهم..
من ذلك مثلا: أن يأتي المرجيء لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة" (أخرجه الإمام مسلم من حديث عثمان رضي الله عنه)
مغمضا عينيه عن النصوص الأخرى..فيتوصّل بهذا إلى إلغاء كل نواقض الإسلام التي يكفر بها المرء إجماعا..
ومن نتيجة ذلك أن يجعل التوحيد مختزلا في قضية نظرية مجردة..لازمها أن يستوي إيمان إبليس مع أعظم الناس إيمانا
ويأتي الخارجيّ على الضدّ إلى قول للنبي صلى الله عليه وسلم من قبيل"لا يدخل الجنّة قاطعة" أي قاطع رحم
(مخرّج في الصحيحين من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه)
ثم يبني عليه أن مرتكب كبيرة قطْع الرحم سيبقى مخلداً في جهنم أبد الأبد
وقس عليه كثيرا من الضلالات عند عامة الفرق
وقد نص الإمام ابن تيمية على أن جمهور ضلال الفرق يرجع إلى هذا وهو عدم ضبط مسألة الألفاظ الشرعية أو الأسماء الشرعية

أبو القاسم
2009-02-08, 01:36 PM
فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة أهل السنة والجماعة إلى قيام الساعة.
قول المؤلف :فهذا اعتقاد..إلخ
إشارة إلى ما استقر عند المتأخرين من التعبير عن أصول الدين بالاعتقاد
وكان المتقدمون يستعملون لفظ "السنة" وبخاصة في مقابلة عقائد المبتدعة أو "أصول السنة" ككتاب الإمام أحمد , وكذلك الفقه الأكبر كما في رسالة أبي مطيع البلخي الحنفي وكذلك "الإيمان" وإن كان يغلب عليه في مرادهم بيان حقيقة الإيمان كاسم شرعي, كما في تبويب البخاري, أي في مباينة مفهوم المرجئة الذين جعلوا الإيمان نظرية علمية مجردة متعلقها معرفة القلب أو تصديقه ,
وقد وجد من يعترض على مصطلح "العقيدة " كعَلَم على هذا العِلمِ الشريف
بحجة أنه لم يرد في القران ولا في السنة..ولا كان مستعملاً في كلام السلف
وهذا الاعتراض من التكلّف لأنه قد استقرّ عند العقلاء أنْ لا مُشاحة في الاصطلاح
وإنما تقع المُشاحة إذا كان الاصطلاح يتضمن معنى فاسداً كأن يكون شعاراً للمبتدعة..أو نحو ذلك
ومادة "عقَد" مدارها على الرّبط والوثاقة , وهو الشأنُ في أصول الدين..
فلا يتصوّر الارتياب فيها, فيشهد لصحة مدلول الاعتقاد قول الله تعالى"إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا"
قوله رحمه الله تعالى "الفرقة الناجية المنصورة " مشتق من حديثين
أما كونها منصورة فدل عليه الحديث المتواتر " لا تزالُ طائفةٌ من أمتي على الحقِّ منصورةً، لا يضرُّهم من خَذلهم، حتى يأتي أمر الله" من حديث معاوية رضي الله عنه وفي كون معاوية أحد أشهر رواة الحديث له مدلول لطيف وذلك من وجهين:-
-أنه رضي الله عنه كان يرى الحق معه وليس كذاك, ومع هذا آل إليه الأمر في نهاية الأمر
-وأنه يدخلُ في عداد هذه الطائفة المنصورة , وخلافه مع علي رضي الله عنه خلاف اجتهادٍ لا خلاف طغيان وفساد
وأما كونها ناجية فللحديث المشهور الصحيح المروي في السنن المتفق على صحته وأقل أحواله الحُسن عند كبار الحفّاظ وهو حديث عوف بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، فواحدة في الجنة ، وسبعون في النار ، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة ، فإحدى وسبعون في النار ، وواحدة في الجنة ، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة في الجنة ، وثنتان وسبعون في النار قيل : يا رسول الله من هم ؟ قال : الجماعة فقوله "واحدة في الجنة"..هو حقيقة النجاة كما في قوله تعالى"فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز"..وقد روي بألفاظ متعددة متقاربة
وعلى التسليم الجدلي بضعفه فإن افتراق الأمة دلت عليه أحاديث كثيرة
منها النبوءة بأول افتراق يقع في هذه الأمة فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تمرق مارقة عند فرقة المسلمين تقتلها أولى الطائفتين بالحق (أخرجه مسلم) وقد كانت هذه الجماعة شجرة خبيثة تولّد عنها فروع مثلها وأخبث
ومنها "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. " وهذا لفظ أحمد من حديث أبي سعيد الخدري
عونه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تمرق مارقة عند فرقة المسلمين تقتلها أولى الطائفتين بالحق (أخرجه مسلم)
وهذه الفرقة هي الخوارج، وقد ظهرت أثناء القتال بين علي ومعاوية رضي الله عنهما
ومنها قوله تعالى"وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا"..ولو لم يكن القتال واقعا في أمة محمد صلى الله عليه وسلم..لما كان لهذه الآية معنى,,ومعلوم أن القتال ينشأ ولابد عن افتراق على أمر..قد يكون محل اجتهاد في الأصل لكنّ ما يترتّب عليه من آثار يكون عظيما في الغالب
وقد ظهرت نابتة الخوارج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال زعيمهم "اعدل يا محمد"..!!, وفي ذلك عبرة أيّ عبرة !
-ففيه أن أول ما أنبأ عنهم المخاصمة في مسألة العدل, ثمّ كان هذا أحد أصول المعتزلة
-وإنما صدرت هذه المعارضة عن شكّ محله القلب , فهو شكك في عدالة رسول الله في القسمة
ومعلوم أن الشكّ في صدق الرسول أو أمانته كفرٌ ,
مع أن الذين خرجوا من ضئضئ هذا كفّروا بمجرد الكبيرة
خلافا للمرجئة الذين علّقوا الإيمان على تصديق القلب..
فاعتبر كيف كفّر الأتباع الخوارج على الذنب وحاصل ما فعله إمامهم مما قد يكفّره به المرجئة
لقرينة انخرام التصديق في القلب..
وهذا من سنن الله العجيبة..التي تبين عن بطلان ماعليه أهل الأهواء بأجلى بيان

فائدة:قد يدل ظاهر بعض ألفاظ أحاديث الخوارج كقوله "يمرقون من الدين" على كفر الخوارج..والصحيح خلافه
وهذا -عوْدا على بدء-يذكر بضرورة العناية بفهم الألفاظ الشرعيّة..وهو ينضبط بمعرفة فقه السلف
وأمير المؤمنين, الفقيه علي بن أبي طالب لم يُكفرهم..
وكذلك بمعرفة اللغة ودقائقها وسعة مواردها


والله أعلم

أبو القاسم
2009-02-08, 02:49 PM
والفرقة الناجية ..ليست طائفة من صنف معيّن كما يفهم بعضهم كلام بعض الأئمة بأنهم أهل الحديث كنحو قول الإمام أحمد:إذا لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم! فيسارع لتعلّم الحديث لينجو!..ليس الأمر كذلك قطعا ,
بل فيهم الصناع والتجار ومن كل أصحاب الحرف كما بيّنه ابن تيميّة
وكلام الإمام أحمد وأمثاله يراد به المتبعون للهدي النبوي المستمسكون به
ولاشك أن من أولى من يدخل فيهم الذين ينصرون الدين بسيوفهم..
"إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ألئك هم الصادقون" وكونهم صادقين ظاهر في أنهم زهدوا في أرواحهم إعلاء لكلمة التوحيد فصدّقوا ما في قلوبهم بالعمل ولهذا قال سبحانه"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" وهل بعد ذلك من صدق؟
فإن قوام الدين كتاب يهدي وسيف ينصر , بل قد دلّت بعض النصوص الثابتة بمجموع الطرق على تحديد فئة من الطائفة المنصورة التي لا يضرها من خذلها وتعيينها ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس..
ثم اعلم -فقهني الله وإياك- أن مجرد اعتقاد هذه العقيدة كمباديء نظريّة ليس سببا كافيا للنجاة..
وإنما الحال أن من صفات أهل النجاة أن يكون اعتقادهم كذلك..
ومن ضل في مسألة ونحوها لا يخرج عن هذا الوصف العام ,,إلا أن يكون خلافه في مسائل كليّة ينماز بها أهل السنة عن غيرهم , مالم يكن متأوّلا مجتهدا..بذل وسعه..فهو معذور, والمعذرة تمحو التبعة

مسألة في سبب إنكار بعض الناس لصحة حديث الافتراق
توهم بعض الناس أن قوله عليه الصلاة والسلام "كلها في النار" مقتض لتخليد هذه الفرق المباينة لمنهج خير القرون, ومن هنا أتي هؤلاء فأنكروا الحديث إنكارا لمتنه..ثم تعللوا بالأسانيد
ويتفرع عن هذا أن من بعض من يثبت الحديث , يظن بعض الفرق الخارجة من الإسلام يقينا كغلاة الرافضة هي إحدى هذه الفرق الثنتين والسبعين..والحق أن هذه ملحقة بالكفار لا يفرق أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي انحرفت عن الجادة مع استحقاق اسم الإسلام العام

أبو القاسم
2009-02-09, 10:26 AM
(وَهُوَ الإِيمانُ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، والإِيمَانِ بِالْقَدَرِ خِيْرِهِ وَشَرِّهِ).
---
بعد أن قال هذا اعتقاد الفرقة الناجية..إلخ
عرّفه بقوله :وهو الإيمان بالله ..إلخ,,وهذا التعريف فيه فوائد:-
1-أنه تعريف شرعي أصيل ,فقد ورد في حديث جبريل المشهور حين سأله عن الإيمان فقال
(أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه, ورسله، وتؤمن بالبعث بعد الموت، وبالقدر خيره وشره) وقد افتتح به مسلم كتابه
وليس التبويب من مسلم , وقد خرجه أصحاب السنن من حديث عمر بن الخطاب وأبي هريرة رضي الله عنهما
وقد تقدمت الإشارة إلى أن من مزايا هذا المتن أنه ناطق بلسان الشرع ,
2-وفي هذا ردٌ ضمني على الحدود المنطقيّة التي تضيّق واسعا بحجة إدخال أجزاء المحدود في المسمى وإخراج ما عداها فذلك قولهم :جامع مانع أي جامع لما يتناوله المدلول , مانع لدخول أفراد أخرى أجنبية عنه
3-وأن هذه المذكورة أصولٌ عظام ومبانٍ كبار ,من أنكر شيئا منها خرج من ملة الإسلام,,ويندرج تحتها تفريعات العقيدة الكثيرة
وقد جاءت مراتب الدين الثلاث في حديث جبريل متسقة مع حقيقة الإنسان وحاجاته..
فإن الإنسان يتألف من عقل وروح وجسد..
أما الجسدُ فحاجته من الطعام والشراب وما يتبع ذلك من مشيٍ في مناكب الأرض فيغذّى بالإسلام
وأما العقلُ فإنه ضالٌ حائر..كالعين في الظلماء لا تبصر وإن تك عينَ بازيّ ,فيحتاج لما يغذّيه بمعرفة ربه
أي معرفة الله بأسمائه وصفاته ومراده من خلقه فيهتدي
وأما الروحُ فهي أجنبيّة عن هذا الجسد , وقد جاءت من جهة السماء, فكلما آتيتها وردها من الإحسان رفررفت بصاحبها إلى العلياء ,ولهذا يعيش المرء منكوداً يستولي عليه الضنْكُ إذا ما غمر نفسه بشيء من المعاصي, وإن كان كل ما يطلبه من اللذائذ تحت يديه, فذلك سر السعادة
فالإيمان الجُملي بهذه الأركان لا يسع أحد يسمي نفسه مسلماً أن ينكر شيئا منها, وأما التفاصيل الجزئية فعلى الكفاية, وكل بحسبه فنؤمن بما جاءنا من أخبار صحيحة, مما هو متعلق بهذه الأصول كصفة الملائكة وأنهم خلقوا من نور..
قال ابنُ تيميّة "وإنما كلفنا الإيمان بذلك في الجملة، ألا ترى أنا لا نعرف عدة من الأنبياء، وكثيراً من الملائكة، ولا نحيط بصفاتهم ثم لا يقدح ذلك في إيمانناً بهم" وقد جمع الناظم الذكيّ أسماء الأنبياء المذكورة أسماؤهم في كتاب الله العزيز فقال:

في "تلك حجتنا" منهم ثمانيةٌ

من بعد عشر ويبقى سبعةٌ وهمو

إدريس هود شعيب صالح وكذا

ذو الكفل آدم بالمختار قد ختموا

قوله في :في "تلك حجتنا" إشارة إلى آيات الأنعام ففي ذكر ثمانية عشر نبياً !
فذلك قوله"ثمانية من بعد عشر" ثم أكمل البقية في البيت الثاني




وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ

وفي قوله "إن ربك حكيم عليم" خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أصالة..والأمة تبع له
ولكن الناظم قصد عدة الأنبياء المذكورين سوى نبينا صلى الله عليه وسلم

التبريزي
2009-02-10, 03:04 PM
والفرقة الناجية ..ليست طائفة من صنف معيّن كما يفهم بعضهم كلام بعض الأئمة بأنهم أهل الحديث كنحو قول الإمام أحمد:إذا لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم! فيسارع لتعلّم الحديث لينجو!..ليس الأمر كذلك قطعا ,
بل فيهم الصناع والتجار ومن كل أصحاب الحرف كما بيّنه ابن تيميّة
وكلام الإمام أحمد وأمثاله يراد به المتبعون للهدي النبوي المستمسكون به
ولاشك أن من أولى من يدخل فيهم الذين ينصرون الدين بسيوفهم..
"إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ألئك هم الصادقون" وكونهم صادقين ظاهر في أنهم زهدوا في أرواحهم إعلاء لكلمة التوحيد فصدّقوا ما في قلوبهم بالعمل ولهذا قال سبحانه"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" وهل بعد ذلك من صدق؟
فإن قوام الدين كتاب يهدي وسيف ينصر , بل قد دلّت بعض النصوص الثابتة بمجموع الطرق على تحديد فئة من الطائفة المنصورة التي لا يضرها من خذلها وتعيينها ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس..

بارك الله فيك، كلام جميل ودقيق، وهناك للأسف من يحصر هذه الطائفة على أهل الحديث الأثريين ويصر على ذلك بناءا على ظاهر النص، ولذلك يحرص البعض منهم على إضافة لقب "الأثري" على اسمه ليوثق الشهادة!!


مسألة في سبب إنكار بعض الناس لصحة حديث الافتراق
توهم بعض الناس أن قوله عليه الصلاة والسلام "كلها في النار" مقتض لتخليد هذه الفرق المباينة لمنهج خير القرون, ومن هنا أتي هؤلاء فأنكروا الحديث إنكارا لمتنه..ثم تعللوا بالأسانيد
ويتفرع عن هذا أن من بعض من يثبت الحديث , يظن بعض الفرق الخارجة من الإسلام يقينا كغلاة الرافضة هي إحدى هذه الفرق الثنتين والسبعين..والحق أن هذه ملحقة بالكفار لا يفرق أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي انحرفت عن الجادة مع استحقاق اسم الإسلام العام
بارك الله فيك...
--إذن الفرق الثلاث والسبعون ليست الفرق الخارجة من الإسلام والمحكوم عليها بالكفر، وإنما تبقى فرقا إسلامية، ولا يقتضي دخولها النار التخليد.. أهكذا يا أبالقاسم؟

--هناك من يدرج طوائف الشيعة من ضمن الفرق الثلاث والسبعين، لكن هناك طوائف معتدلة كطائفة الزيدية، وهناك طوائف خارجة عن الإسلام كالنصيرية والإسماعيلية، أما طائفة الإثني عشرية، فمعلوم أن أصولهم الإعتقادية خارجة عن الإسلام مناقضة له بلا ريب، لكن عوامهم مضلل بهم لا يعرفون أن تحريف القرآن مثلا عند مشايخهم ومراجعهم ضرورة من ضروريات مذهبهم، فإلى من نلحق هذه الطائفة بارك الله فيك؟

أبو القاسم
2009-02-10, 05:00 PM
حياكم الله أخي الفاضل التبريزي
بالنسبة للسؤال الأول: نعم هكذا..فقد يكون من هذا الفرق
أهل الكبائر والفواحش مثلاً , وفرقة واحدة منهم :لا تدخل النار أصلاً

أما السؤال الثاني: فحين يقال الشيعة في العصور المتأخرة
فينصرف للرافضة لأنهم أكثر عددا وتأثيرا وضلالا
وأما الجهّال فيعذرون بالجهل , وكل بحسبه ومقدار مبلغه من العلم
والجهل على ضربين: جهل إعراض ,فهذا لا يعذر صاحبه..
كما في قوله تعالى"والذين كفروا عما أنذروا معرضون"
وجهل محض بمعنى انعدام العلم , وهذا يعذر صاحبه ولو كان في الأصول
وخالف المتكلمون في ذلك فلم يعذروا بالجهل في أصول الدين
والصواب أنه لو تصورنا نصرانيا في أدغال أفريقيا ما جاءه من نذير قط
ولا عرف عن الإسلام شيئا, فهذا زعيمه يوم القيامة "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا"
على الخلاف بين أهل السنة في تحديد مصيره , فمنهم من قال يمتحنه الله بناء على حديث الأربعة
الذين يحتجون على الله يوم القيامة كما عند الإمام أحمد , ومنهم من قال :لايعذب , بل يدخل الجنة
وفيه تفصيل طويل..والمقصود أن الجاهل معذور في الأصل

وصدقت في تعقيبك حول "الأثري" ..ونحوها..فجزاك الله خيرا

أبو القاسم
2009-02-14, 03:09 PM
قال رحمه الله تعالى
وَمِنَ الإيمَانِ بِاللهِ: الإِيمَانُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتِابِهِ الْعَزِيزِ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ مُحَمَّدٌ ؛ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلاَ تَعْطِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلاَ تَمْثِيلٍ

شرع المصنف يفصّل بعد أن ذكر التعريف الجُملي للإيمان الذي هو تعريف رسول الله صلى الله عليه وسلم..
فقال "ومن الإيمان بالله:الإيمان بما وصف.."
من التقعّر عند بعض أهل الجدل أن يخاصم في أصل كلمة "صفات الله"
فيقول إنما ورد "الأسماء" في كتاب الله والسنة كما في قوله تعالى "ولله الأسماء الحسنى"
فلا يغررْك هذا التمسّح المدعى بالعزو إلى الأصول التي يخالفونها بالعقول , وعلى التنزّل الجدلي معهم فقد ورد في السنّة كما في حديث عائشة رضي الله عنها المخرّج في الصحيحين
أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم " قل هو الله أحد" فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم أخبروه أن الله يحبه "
ودونك عصفورين بحجر واحد,,قد تكلّفوا مالا علم لهم به , فجيء لهم بالمراد, وزيادة..
وهو إثبات صفة المحبة لله تعالى..(الدليل مع مثال عليه!)

وكذلك في الكتاب بطريق الإيماء كما في قوله تعالى"سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين"
فنزه نفسه عما وصفه به الضلّالُ, ثم سلّم على المرسلين , والحال أنهم وصفوا الله تعالى أيضا ..فلمّا كان وصفهم لله سليماً سلّم عليهم ثم عقّب بالحمد لأنه سبحانه أهل للحمد على هذه الصفات , فكان من يسلبه إياها أو ينقصه حقّه بنفي بعضها , محروما من التنعّم بالحمد ومقتضاه وآثاره بقدر ما هو فيه وإن ألبسه لبوس التنزيه
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من هديه أن يغيّر بعض الأسامي لما تنطوي عليه من معان مرذولة أو قبيحة..فصنيع هؤلاء في باب الأسماء والصفات يشبه ذلك!
لأنه استدراك على الله تعالى,كأنما قالوا:لا نرتضي لك يارب أن تصف نفسك بذلك..
ولهذا تجد في قلوبهم من النفاق ما بحملهم على استكراه سماع آيات الصفات وأحاديث الرسول فيها
أما كلام السلف فأشهر من أن يذكر..
قال الإمام الشافعي في الرسالة: : الحمد لله الذي هو كما وصف به نفسه , وفوق ما يصفه به خلقه وأشبه بالشرح لهذا الكلام ما قاله الإمام أحمد رحمه الله تعالى: (ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه ، بلا حد ولا غاية "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"، ونقول كما قال ونصفه بما وصف به نفسه لا نتعدى ذلك ، ولا يبلغه وصف الواصفين )

وقد تفتّق ذهن الإمام مالك عن الحكمة المشهورة التي سارت بها الركبان :الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة
قال ابن تيميّة (وقد روي هذا الجواب عن أم سلمة رضي الله عنها موقوفًا ومرفوعًا ولكن ليس إسناده مما يعتمد عليه)

قوله (من غير تحريف) : أي من غير حَرْف للمعنى عن ظاهره المراد
والتحريف قد يكون في اللفظ ولا توقّف في تكفير صاحبه كما وقع من بعض المعتزلة أنهم حرفوا قول الله "وكلّم الله موسى تكليماً" فنصبوا لفظ الجلالة ليكون المتكلم هو"موسى" عليه السلام
وقد يكون للمعنى كما في تحريف الأشاعرة والمعتزلة لقوله تعالى"ثم استوى على العرش" قالوا أي استولى!..ومن جميل لطائف العلامة ابن القيم أنه شبه هذا التحريف منهم بصنيع اليهود حين حرّفوا "حطّة" إلى "حنطة" ,وهذا الضرب منه ما هو كفرٌ صراح ومنه ما هو دون ذلك

وقوله (ولا تعطيل) : أعمّ من التحريف, لأن التعطيل قد يكون كليّا بنفي الصفة من أصلها
وقد يكون بتحريف المعنى أو بعض أجزائه , فأهل الإثبات أهلٌ للقصر للمشيد
في جنّة الدنيا وهو التلذذ بالإيمان وآثاره ,وجنة الآخرة ,و ذوو التعطيل كأصحاب بئر معطّلة..أهملها أهلها فصارات خربة..لا ينتفع بها في شرب ولا زرع

وقوله (من غير تكييف) : أي كنه الصفة , لا يخوضون فيه
لكنّهم مع هذا لا ينفون "كيْفاً" لها, وإنما يحيلون علمه لله جل وعلا
وليس في لغة العرب مصدر هو "التكييف" بل هو من التسامح في كلام من جاء بعد الصحابة
وسرّه أنه جاء جواباً على من قال "كيف"؟ فقيل :أمروها كما جاءت بلا كيف
ثم نحت منها هذا المصدر للتوضيح

قووله (ولا تمثيل) : بأن يمثّلوا صفات الله بشيء من صفات المخلوقين..
وهذا يدخل فيما سبق وإنما نصّ عليه لأنه لفظ شرعي كما في قوله تعالى"ليس كمثله شيء"

وإذا رمتَ تلخيص ما سبق بكلمة مُحكمة موجزة فهاك الشافعي أبوها :
قال رحمه الله :"آمنت بالله وبما جاء عن الله ، على مراد الله ، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله "
ولا خلاف بين السلف في تقرير ما سبق , فهذا الخطّابي أبو سليمان يقرر ذلك مع ما وقع له من تحريف في بعض الصفات , يقول رحمه الله تعالى في رسالته الغُنية :
فأما ما سألت عنه من الصفات وما جاء منها في الكتاب والسنة فإن مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها ونفي الكيفية والتشبيه عنها

فإن قيل وما يمنعُ أن تمثّل صفات الله أو تكيّف والحال أنه سبحانه وصف نفسه بأشياء
تشتبه في أسمائها مع صفات المخلوقين؟

إليك جوابها من جذيلها المحكك ,وعذيقها المرجّب
يقول رحمه الله : (العلم بكيفية فرع على العلم بكيفية الموصوف، فإن كان الموصوف لا تعلم كيفيته امتنع أن تعلم كيفية الصفة)
هل عرفته؟ إنه صاحب الواسطية ..!

محمد الجروان
2009-02-14, 11:29 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله و لا قوة الا بالله
و لا اله الا الله

التبريزي
2009-02-16, 01:58 PM
وقد تفتّق ذهن الإمام مالك عن الحكمة المشهورة التي سارت بها الركبان :الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة



أخي أبا القاسم:


(الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة)..

هل هناك فارق دقيق بين ما كُتب بالأحمر، أما أن المعنى هو نفسه؟
رجاء:
صفحتك هذه لا تتركها يتيمة يا أبا القاسم، وكن كالغيث أينما حلّ نفع...
بارك الله فيك، ونفع بعلمك..

عبد الرحمان المغربي
2009-02-17, 04:26 PM
شيخنا الفاضل أبو القاسم : اراك قد توقفت بعد ان تابعناك؟...

أخشى أن تكون قد توقفت : فتكون بذلك قد تركت المجال لمن فرح بتوقفك ؟!!

ابن تيميه الصغير
2009-03-09, 03:20 PM
أخي أين انت فلقد أستفدت فوائد كبيرة ؟

أكمل بارك الله فيك ؟

ابن تيميه الصغير
2009-03-09, 03:39 PM
هذا رد لشيخ الإسلام على من قال كيف ينزل :

فقال رحمه الله ( فقول القائل كيف ينزل بمنزلة قوله : كيف استوى ؟ كيف يسمع ؟ كيف يبصر ؟ وكيف يعلم ويقدر ؟

وكيف يخلق وكيف يرزق ؟ وقد أجاب عن مثل هذا السؤال أئمة الإسلام مثل : مالك بن أنس , وشيخه ربيعة بن أبي عبدالرحمن

قد روي من غير وجه أن سائلاً سأل مالكاً عن قوله . ( الرحمن على العرش استوى ) كيف استوى ؟ فأطرق مالك حتى

علاه الرحضاء ثم قال : الإستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا رجل سوء

ثم أمر به فأخرج , ومثل هذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك .

وقد روي هذا الجواب عن ام سلمة رضي الله عنها موقوفاً ومرفوعاً ولكن ليس إسناده مما يعتمد عليه وهكذا سائر الأئمة
قولهم يوافق قول مالك : في أنا لا نعلم كيفية استوائه كما لا نعلم كيفية ذاته ولكن نعلم المعنى الذي دل عليه الخطاب
فنعلم معنى الأستواء ولا نعلم كيفيته ونعلم معنى السمع الذي دل عليه الخطاب فنعلم معنى الإستواء ولا نعلم كيفيته
وكذلك نعلم معنى النزول ولا نعلم كيفيته ونعلم معنى السمع والبصر والعلم والقدرة ولا نعلم كيفية ذلك ونعلم معنى
الرحمة والغضب والرضا والفرح والضحك ولا نعلم كيفية ذلك وقد يقول قائل إن تعاقب الليل والنهار وإنتقال الشمس
يلزم منه تعاقب الأثلاث وهذا يلزم نزول الرب دائما فما جواب ذلك ؟ ليس النزول كما يتخيله الجهال من أن الله يصير تحت
السموات وفوق السماء الدنيا وتحت العرش مقدار ثلث الليل على كل بلد فالنزول ليس من جنس نزول أجسام العباد
ولذا لا يمنتع أن يكون في وقت واحد لخلق كثير ويكون قدره لبعض الناس أكثر بل يدنو لبعضهم دون الآخرين كدنوه للداعي من دون غيره ودنوه للحجيج في عرفة كل ذلك لا تدرك كيفيته وإنما يقال نزول يليق بجلاله وعظمته وذلك مثل محاسبتهم في ساعة واحده وكخلوه بالعبد وهم جميع وهو واحد ولذا قال أبورزين للنبي صلى الله عليه وسلم : كيف ونحن جميع وهو واحد
فقال : سأنبئك بمثل ذلك في آلاء الله : هذا القمر كلكم يراه مخلياً به فالله أكبر)) .
وقال رجل لابن عباس رضي الله عنه (( كيف يحاسب الله العباد في ساعة واحده قال كما يرزقهم في ساعة واحده ) انتهى كلامه
رحمه الله


المصدر :شرح اللامية ليوسف بن عبدالله السالم
قدم له : فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد الغنيمان .

الهاجرية
2009-05-10, 10:53 AM
الدرس متوقف من فترة
ليت الأخ ابوا القاسم يكمله وفقه الله
لا أدري لماذا لا يعقد لنا طلاب العلم في المنتدى مثل هذه الدروس
في الفقه والحديث واللغة وغيرها

أبو القاسم
2009-05-10, 11:06 AM
شكر الله لأختي الهاجرية المكرمة على هذه الهمة
وقد كنت أقدم رجلا وأؤخر..حتى جاء ردك هذا
فوجب الإتمام..بإذن الله تعالى..
والله يرعاكم

أبو القاسم
2009-05-11, 04:07 AM
قول المصنف رحمه الله تعالى :إلى فيام الساعة
---
أي هذا اعتقاد الفرقة الناجية إلى قيام الساعة..فإن أهل الحق مهما تكالب عليهم أهل الشر لابد أن تبقى منهم باقية..وإن كان أهل الباطل أكثر منهم في كل عصر لعموم قول الله تعالى"وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين"
وقوله سبحانه"وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله"
فقول ابن تيمية "إلى قيام الساعة"
لا يتعارض مع النصوص الشرعية الثابتة من أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق
بل قد ورد في النصوص نفسها :"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين يقاتلون على الحق ظاهرين حتى تقوم الساعة" وهذا مخرج عند مسلم من حديث شعبة عن سماك بن حرب عن جابر رضي الله عنه

فإن قيل كيف يجمع إذن بين هذا وبين الآثار الواردة في أن القيامة لا تقوم إلا على شرار الخلق؟
جاء الجواب صريحا
في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه الذي خرجه الإمام مسلم عن عبد الرحمن بن شماسة المهري قال : كنت عند مسلمة بن مخلد وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص فقال عبد الله : لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق هم شر من أهل الجاهلية، لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم ، فبينما هم على ذلك أقبل عقبة بن عامر فقال له مسلمة : يا عقبة اسمع ما يقول عبد الله! : فقال عقبة : هو أعلم، وأما أنا فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك فقال عبد الله: أجل، ثم يبعث الله ريحاً كريح المسك مسها مس الحرير فلا تترك نفساً في قلبه حبة من الإيمان إلا قبضته ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة .
والمعنى كما ترى :أن المقصود إلى قرب قيام الساعة..وذلك قبيلها بقليل جدا

فائدة لطيفة:-
تأمل كيف لما قيل لعقبة رضي الله :اسمع ما يقول عبدالله!..جاء جوابه مؤدباً لمعرفته مقام عبدالله بن عمرو بن العاص فقال :هو أعلم, وهو أحد كبار فقهاء الصحابة..وهو أفضل من أبيه القائد عمرو بن العاص رضي الله عنه

وأما حديث :الخير فيّ وفي أمتي إلى قيام الساعة..فلا أصل له
ولكن معناه صحيح..لما تقدم ذكره من أن أهل الحق وهم الفرقة الناجية لا يبادون عن بكرة أبيهم
بشيء يستأصل شأفتهم..
ولو لم يكن الإسلام حقاً محضا لكان أبيد منذ زمن..
لأن تكالب الأعداء عليه كما في حديث النبي كتداعي الأكلة إلى القصعة
فهل يبقى منها شيء بعد ذلك؟
فالحمد لله على نعمة الإسلام

وستعرف اعتقاد هذه الفرقة الناجية فيما يأتي من الدروس
فاصبر , واحرص على العناية بالأدلة ,. وقد علّمتها لك باللون الأخضر للحفظ

أبو القاسم
2009-05-11, 04:35 AM
ثم سائل يسأل عن المرجئة وهل هم شيء واحد..
وأجيب هنا توسيعا للفائدة..

المرجئة..فرقة ظهرت نابتتها بعد ظهور أمر الخوارج بعد معركة صفين
ومعلوم أن أي شطط يحدث ,يكون له ردة فعل معاكسة كما في قوانين الطبيعة التي خلقها الله..فحين ظهر الروافض الشيعة الذين يبغضون الصحابة
ظهر النواصب الذين يبغضون عليا رضي الله عنه
والخوارج كان مذهبهم أن صاحب الكبيرة مخلد في جهنم..فهو كافر عندهم
فنتولد عن هذه البدعة بدعة مضادة وهي بدعة الإرجاء ومفادها أن الأعمال لا علاقة لها بالإيمان
بل الإيمان شيء يتعلق بالقلب..فمهما ارتكبت من الفواحش..وتركت من الفروض فمادام أن قلبك فيه إيمان..فأنت مؤمن..
وهذا من تصور المستحيل إذ لو كان في القلب إيمان فلابد سينعكس في الظاهر

وقد سماهم السلف مرجئة..لأنهم أرجؤوا العمل عن الإيمان أي أخروه فجعلوه ليس ملتحقا به
والمرجئة أقسام يتفاوتون في مراتب الضلالة

القسم الأول: يقولون الإيمان هو مجرد المعرفة فإذا كان المرء يعرف أن الله كيت وكيت..فهو مؤمن
وهذا كفر واضح..لأن إبليس كان يعرف الله حق المعرفة..فكانت معرفته وبالا عليه لا إيمانا
وقد قال تعالى عن اليهود"الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم "
القسم الثاني: يقولون إن الإيمان هو تصديق القلب فقط وهم الأشاعرة..وهذا باطل جدا أيضا
لأن الله يقول عن الكفار "فإنهم لا يكذبونك"..فأبو جهل وأمثاله مثلا مصدق بالرسالة المحمدية بنص القران
وقال تعالى عن فرعون ومن معه"وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم"..فهم ليسوا فقط مصدقين بل مستيقنون ومع ذلك هم من أكفر الناس

القسم الثالث: الكرّامية وهم عكس الأشاعرة ويقولون: إن الإيمان نطق باللسان ولو لم يعتقد بقلبه،
ولاشك أن هذا هو تعريف صريح النفاق "يقولون بأفواههم ماليس في قلوبهم"
الرابع :مرجئة الفقهاء..وهم على قسمين
الأول-يقول إن الإيمان هو
1-قول القلب أي التصديق
2-عمل القلب..وهي أعمال القلوب كالحب والإنابة والخشية والتوكل..إلخ
3-قول اللسان..أي الإقرار بالنطق بالشهادة
ويخرجون أعمال الجوارح من مسمى الإيمان كالصلاة وغيرها

والقسم الثاني منهم أشد بدعة منهم
وهم يقولون إن الإيمان:
قول باللسان..وتصديق القلب..ويخرجون عمل القلب وعمل الجوارح

ويلزم من كلام مرجئة الفقهاء مع أنهم أقل الفرق بدعة
أن يكون إيمان أبي بكر الصديق كإيمان أفسق الناس!!
أما أهل السنة والجماعة فعندهم الحق ولله الحمد
أن الإيمان يتركب من أربعة أجزاء
1-قول القلب وهو التصديق
2-عمل القلب
3-عمل الجوارح
4-قول اللسان
وأي واحدة من هذه الأركان يزول فإن الإيمان يزول كله معه
ويصبح المرء كافرا والعياذ بالله
ويمكن تلخيصها بأن نقول الإيمان عند أهل السنة :قول وعمل
أي قول القلب واللسان
وعمل القلب والجوارح
ويمكن أن يقال أيضا بقسمة ثلاثية:قول باللسان..واعتقاد بالجنان..وعمل بالأركان
كل هذه صحيحة في وصف مذهب أهل السنة في حقيقة الإيمان

وأختم بكلمة الإمام ابن شهاب الزهري عن المرجئة وقد عاصرهم:
قال رحمه الله تعالى: "ما ابتدعت في الإسلام بدعة هي أضر على أهله من هذه - يعني الإرجاء"

أبو القاسم
2009-05-11, 04:40 AM
هذا سائل يسأل عن المرجئة..وهل هم شيء واحد؟
والجواب بعد حمد الله سبحانه:
المرجئة..فرقة ظهرت نابتتها بعد ظهور أمر الخوارج بعد معركة صفين
ومعلوم أن أي شطط يحدث ,يكون له ردة فعل معاكسة كما في قوانين الطبيعة التي خلقها الله..فحين ظهر الروافض الشيعة الذين يبغضون الصحابة
ظهر النواصب الذين يبغضون عليا رضي الله عنه
والخوارج كان مذهبهم أن صاحب الكبيرة مخلد في جهنم..فهو كافر عندهم
فنتولد عن هذه البدعة بدعة مضادة وهي بدعة الإرجاء ومفادها أن الأعمال لا علاقة لها بالإيمان
بل الإيمان شيء يتعلق بالقلب..فمهما ارتكبت من الفواحش..وتركت من الفروض فمادام أن قلبك فيه إيمان..فأنت مؤمن..
وهذا من تصور المستحيل إذ لو كان في القلب إيمان فلابد سينعكس في الظاهر

وقد سماهم السلف مرجئة..لأنهم أرجؤوا العمل عن الإيمان أي أخروه فجعلوه ليس ملتحقا به
والمرجئة أقسام يتفاوتون في مراتب الضلالة

القسم الأول: يقولون الإيمان هو مجرد المعرفة فإذا كان المرء يعرف أن الله كيت وكيت..فهو مؤمن
وهذا كفر واضح..لأن إبليس كان يعرف الله حق المعرفة..فكانت معرفته وبالا عليه لا إيمانا
وقد قال تعالى عن اليهود"الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم "
القسم الثاني: يقولون إن الإيمان هو تصديق القلب فقط وهم الأشاعرة..وهذا باطل جدا أيضا
لأن الله يقول عن الكفار "فإنهم لا يكذبونك"..فأبو جهل وأمثاله مثلا مصدق بالرسالة المحمدية بنص القران
وقال تعالى عن فرعون ومن معه"وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم"..فهم ليسوا فقط مصدقين بل مستيقنون ومع ذلك هم من أكفر الناس

القسم الثالث: الكرّامية وهم عكس الأشاعرة ويقولون: إن الإيمان نطق باللسان ولو لم يعتقد بقلبه،
ولاشك أن هذا هو تعريف صريح النفاق "يقولون بأفواههم ماليس في قلوبهم"
الرابع :مرجئة الفقهاء..وهم على قسمين
الأول-يقول إن الإيمان هو
1-قول القلب أي التصديق
2-عمل القلب..وهي أعمال القلوب كالحب والإنابة والخشية والتوكل..إلخ
3-قول اللسان..أي الإقرار بالنطق بالشهادة
ويخرجون أعمال الجوارح من مسمى الإيمان كالصلاة وغيرها

والقسم الثاني منهم أشد بدعة منهم
وهم يقولون إن الإيمان:
قول باللسان..وتصديق القلب..ويخرجون عمل القلب وعمل الجوارح

ويلزم من كلام مرجئة الفقهاء مع أنهم أقل الفرق بدعة
أن يكون إيمان أبي بكر الصديق كإيمان أفسق الناس!!
أما أهل السنة والجماعة فعندهم الحق ولله الحمد
أن الإيمان يتركب من أربعة أجزاء
1-قول القلب وهو التصديق
2-عمل القلب
3-عمل الجوارح
4-قول اللسان
وأي واحدة من هذه الأركان يزول فإن الإيمان يزول كله معه
ويصبح المرء كافرا والعياذ بالله
ويمكن تلخيصها بأن نقول الإيمان عند أهل السنة :قول وعمل
أي قول القلب واللسان
وعمل القلب والجوارح
ويمكن أن يقال أيضا بقسمة ثلاثية:قول باللسان..واعتقاد بالجنان..وعمل بالأركان
كل هذه صحيحة في وصف مذهب أهل السنة في حقيقة الإيمان

وأختم بكلمة الإمام ابن شهاب الزهري عن المرجئة وقد عاصرهم:
قال رحمه الله تعالى: "ما ابتدعت في الإسلام بدعة هي أضر على أهله من هذه - يعني الإرجاء"

أبو القاسم
2009-05-11, 07:59 AM
يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللهَ ‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ‏}‏ ‏

بعدما بين أن اهل السنة الذين هم حقيقة الإسلام كما أنزل يثبتون ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله من غير تحريف ولا تعطيل..إلخ
وأنبه على على مسألة إتقان الفروق بين التحريف والتطعيل والتمثيل..لأن هذه مصطلحات
الباب فإذا أتقنت وضبطت فهم أي كتاب في العقيدة بعد ذلك كسائر العلوم
بعدما بين ذلك قال بل يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
هذه الآية مع قصرها إلا أنها لخصت الأمر كله..وهذا الشرح كله يصلح أن يقال فيه:وحولها ندندن
أي حول هذي الآية الجليلة

الكلام عن إعراب قوله"ليس كمثله شيء"
الإعراب فرع عن فهم المعنى..وهذه الحقيقة حين غابت عن أذهان الكثير من الطلبة
وجدته لا يحسن أن يعرب جملا عادية, فالذي يعرب إنما أعرب عن فهمه
قوله تعالى"ليس كمثله" أدخل الكاف على مثل..والكاف للتشبيه

و المعنى المراد هو الآتي:ليس مثلَ الله شيءٌ
فشيء:اسم ليس مرفوع..ومثل:خبره محلاً
وإنما دخلت الكاف كحرف زائد* على طريقة العرب في المبالغة والتوكيد
ومنه قولهم:وقتْلى كمثل جذوع النخيل

وقيل إن هذا من باب قولهم:هذا لا ينبغي من مثلك..
والمعنى لاينبغي منك أو من ذاتك
وعليه فيكون المراد :ليس كذاته شيء
وعبر بالمثلية للمبالغة في نفي التشبيه
كأنه قال إذا كان لله مثل فليس لهذا المثل شيء يشبهه
فمن باب أولى ألا يكون لذاته شبيه
وهذا القول جيد , ولكنهم قالوه فرارا من قول الأولين:الكاف زائدة
فتوهموا أن المراد بالزائد هو ما يمكن الاستغناء عنه..
وهنا أعود لمسألة التنبيه على قضية الاصطلاح
فقول النحويين :الحرف زائد,,هو اصطلاح ,عندهم
وليس معناه أن وجوده وعدمه سواء, لأن زيادة المبنى تدل على زيادة في المعنى
وإن كان الأولى تأدبا مع كلام الله ألا يقال بذلك..

الفوائد العقدية المشتقة من الآية
:-1-
قوله "ليس كمثله شيء" نفي مجمل لمشابهة المخلوق لله عز وجل
وهذا يختلف عن نفي مشابهة الله للمخلوق فبنهما فرق
2-قوله "وهو السميع البصير" فيه إثبات الصفات على ما يليق بجلال الله
فالذي أخذ بالشق الأول وغض الطرف عن الثاني..وقع في التعطيل(تقدم شرحه)
فتراه ينفي صفات الله زاعما أن هذا ما يفيده قول الله "ليس كمثله شيء"
فيكبر عليه أن يكون لله يد وعين ورحمة غضب وسمع وبصر وكلام..إلخ
والذي يتشبث بالثاني دون الأول يشبه الله بخلقه..فيقول له يد كأيدينا..
وكلاهما ارتكب كفرا..وهي سنة الله فيمن لايأخذ الحقيقة بكليتها
فإن الله قد نعى على المشركين الأخذ ببعض الكتاب وترك بعضه فقال"الذين جعلوا القرآن عضين"
أي أعضاء يأخذون منه يهوونه ويدعون مالا ترتضيه عقولهم الفاسدة

وخلاصة هذا الكلام من كلام شيخ الإسلام :
((ففي قوله "ليس كمثله شيء " رد على أهل التمثيل" وفي قوله "وهو السميع الصير"
رد على أهل التعطيل)) وبهذا تعلم وسطية أهل السنة بين الفرق


الكلام على آثار هذه الآية في تزكية النفس:-
لو أن العقيدة كلام جاف نظري لما كان القرآن كله من أوله لآخره
يدور على فلكها وبيان مقاصد التوحيد علما وعملا وبهذا تعلم غلط من يقول:لسنا مشركين حتى نهتم بالعقيدة!
والعجب أنك تسمع هذا من دعاة !
وإنك يا عبد الله إذا سمعت الله يقول "ليس كمثله شيء"
فلابد أن يسترعي هذا الجزء سمعك فينقلب سلوكا فاضلا في قلبك وجوارحك وذلكم من وجوه
1-تعظيم الله عز وجل وتوقيره وخشيته..إذ هو سبحانه ليس كمثله شيء
ولو أن العبد استحضر عظمة الله تعالى على وجهها لما اقترف ذنبا
2-معرفة قدر نفسك الفقيرة في مقابل ذلك..فالفقر مركب فيك كخصلة لا تنفك عنك
كما قال تعالى"أنتم الفقراء إلى الله" وهذا أسلوب حصر
ومن عرف نفسه الحقيرة وعرف ربه العلي ثم عمل بمقتضى معرفته..فقد نجا!

وقوله تعالى"وهو السميع البصير"
..يستشف منه المؤمن الشفاف
1-أن الله مطلع على أعماله يراقبه فهو يراه "ألم يعلم بأن الله يرى" . "وهو السميع العليم"
2-أن السمع والبصر كليهما كصفتين للعبد , سيسأل عنهما لا محالة "إن السمع والبصر والفؤاد كل ألئك كان عنه مسؤولا" ولهذا جاء في حديث ابن مسعود كما في البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم "إن لله تسعة وتسعين اسما من أحاها دخل الجنة"
والإحصاء ليس مقتصرا على استخراجها من الكتاب والسنة بل بالعمل بمقتضاها

وأختم بأن الآية قاطعة في أن الله قد يوصف بصفات تشترك في أصلها مع صفة المخلوق
وهو ما يسمى القدر المشترك..لكن الفرق بين أي صفة لله وما يقابلها من صفة قد يوصف العبد بها
كالفرق بين الله نفسه وبين العبد
والله أعلم

سؤال الدرس : من الكلمات النورانية التي تكتب بماء العين مما قاله شيخ الإسلام :
ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك وقدر فارق ..فمن نفى القدر المشترك فقد وقع في التعطيل ومن نفى القدر الفارق فقد وقع في التعطيل..اشرح العبارة!

أبو القاسم
2009-05-11, 08:02 AM
يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللهَ ‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ‏}‏ ‏

بعدما بين أن اهل السنة الذين هم حقيقة الإسلام كما أنزل يثبتون ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله من غير تحريف ولا تعطيل..إلخ
وأنبه على على مسألة إتقان الفروق بين التحريف والتطعيل والتمثيل..لأن هذه مصطلحات
الباب فإذا أتقنت وضبطت فهم أي كتاب في العقيدة بعد ذلك كسائر العلوم
بعدما بين ذلك قال بل يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
هذه الآية مع قصرها إلا أنها لخصت الأمر كله..وهذا الشرح كله يصلح أن يقال فيه:وحولها ندندن
أي حول هذي الآية الجليلة

الكلام عن إعراب قوله"ليس كمثله شيء"
الإعراب فرع عن فهم المعنى..وهذه الحقيقة حين غابت عن أذهان الكثير من الطلبة
وجدته لا يحسن أن يعرب جملا عادية, فالذي يعرب إنما أعرب عن فهمه
قوله تعالى"ليس كمثله" أدخل الكاف على مثل..والكاف للتشبيه

و المعنى المراد هو الآتي:ليس مثلَ الله شيءٌ
فشيء:اسم ليس مرفوع..ومثل:خبره محلاً
وإنما دخلت الكاف كحرف زائد* على طريقة العرب في المبالغة والتوكيد
ومنه قولهم:وقتْلى كمثل جذوع النخيل

وقيل إن هذا من باب قولهم:هذا لا ينبغي من مثلك..
والمعنى لاينبغي منك أو من ذاتك
وعليه فيكون المراد :ليس كذاته شيء
وعبر بالمثلية للمبالغة في نفي التشبيه
كأنه قال إذا كان لله مثل فليس لهذا المثل شيء يشبهه
فمن باب أولى ألا يكون لذاته شبيه
وهذا القول جيد , ولكنهم قالوه فرارا من قول الأولين:الكاف زائدة
فتوهموا أن المراد بالزائد هو ما يمكن الاستغناء عنه..
وهنا أعود لمسألة التنبيه على قضية الاصطلاح
فقول النحويين :الحرف زائد,,هو اصطلاح ,عندهم
وليس معناه أنه يمكن إهماله, لأن زيادة المبنى تدل على زيادة في المعنى
وإن كان الأولى تأدبا مع كلام الله ألا يقال بذلك..

الفوائد العقدية المشتقة من الآية
:-1-
قوله "ليس كمثله شيء" نفي مجمل لمشابهة المخلوق لله عز وجل
وهذا يختلف عن نفي مشابهة الله للمخلوق فبنهما فرق
2-قوله "وهو السميع البصير" فيه إثبات الصفات على ما يليق بجلال الله
فالذي أخذ بالشق الأول وغض الطرف عن الثاني..وقع في التعطيل(تقدم شرحه)
فتراه ينفي صفات الله زاعما أن هذا ما يفيده قول الله "ليس كمثله شيء"
فيكبر عليه أن يكون لله يد وعين ورحمة غضب وسمع وبصر وكلام..إلخ
والذي يتشبث بالثاني دون الأول يشبه الله بخلقه..فيقول له يد كأيدينا..
وكلاهما ارتكب كفرا..وهي سنة الله فيمن لايأخذ الحقيقة بكليتها
فإن الله قد نعى على المشركين الأخذ ببعض الكتاب وترك بعضه فقال"الذين جعلوا القرآن عضين"
أي أعضاء يأخذون منه يهوونه ويدعون مالا ترتضيه عقولهم الفاسدة

وخلاصة هذا الكلام من كلام شيخ الإسلام :
((ففي قوله "ليس كمثله شيء " رد على أهل التمثيل" وفي قوله "وهو السميع الصير"
رد على أهل التعطيل)) وبهذا تعلم وسطية أهل السنة بين الفرق


الكلام على آثار هذه الآية في تزكية النفس:-
لو أن العقيدة كلام جاف نظري لما كان القرآن كله من أوله لآخره
يدور على فلكها وبيان مقاصد التوحيد علما وعملا وبهذا تعلم غلط من يقول:لسنا مشركين حتى نهتم بالعقيدة!
والعجب أنك تسمع هذا من دعاة !
وإنك يا عبد الله إذا سمعت الله يقول "ليس كمثله شيء"
فلابد أن يسترعي هذا الجزء سمعك فينقلب سلوكا في فاضلا في قلبك وجوارحك وذلكم من وجوه
1-تعظيم الله عز وجل وتوقيره وخشيته..إذ هو سبحانه ليس كمثله شيء
ولو أن العبد استحضر عظمة الله تعالى على وجهها لما اقترف ذنبا
2-معرفة قدر نفسك الفقيرة في مقابل ذلك..فالفقر مركب فيك كخصلة لا تنفك عنك
كما قال تعالى"أنتم الفقراء إلى الله" وهذا أسلوب حصر
ومن عرف نفسه الحقيرة وعرف ربه العلي ثم عمل بمقتضى معرفته..فقد نجا!

وقوله تعالى"وهو السميع البصير"
..يستشف منه المؤمن الشفاف
1-أن الله مطلع على أعماله يراقبه فهو يراه "ألم يعلم بأن الله يرى" . "وهو السميع العليم"
2-أن السمع والبصر كليهما كصفتين للعبد , سيسأل عنهما لا محالة "إن السمع والبصر والفؤاد كل ألئك كان عنه مسؤولا" ولهذا جاء في حديث ابن مسعود كما في البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم "إن لله تسعة وتسعين اسما من أحاها دخل الجنة"
والإحصاء ليس مقتصرا على استخراجها من الكتاب والسنة بل بالعمل بمقتضاها

وأختم بأن الآية قاطعة في أن الله قد يوصف بصفات تشترك في أصلها مع صفة المخلوق
وهو ما يسمى القدر المشترك..لكن الفرق بين أي صفة لله وما يقابلها من صفة قد يوصف العبد بها
كالفرق بين الله نفسه وبين العبد
والله أعلم

سؤال الدرس :من الكلمات النورانية التي تكتب بماء العين من أقوال شيخ الإسلام:
ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك وقدر فارق فمن نفى القدر المشترك فقد وقع في التعطيل ومن نفى القدر الفارق فقد وقع في التمثيل..اشرح العبارة!

نبض الامة
2009-05-11, 08:40 PM
أسأل الله أن يبارك لك في وقتك
ويجزيك الفردوس الأعلى على هذه الجهود الطيبة المباركة

أبو القاسم
2009-05-12, 08:38 AM
لم أنتبه معذرة لكلام الفاضلين المغربي وابن تيمية الصغير
فشكر الله لكما وأعلى الله مقامكما..
سؤال للمتابعين::ما الفرق بين تشبيه المخلوق بالخالق
وتشبيه الخالق بالمخلوق؟

أبو القاسم
2009-05-12, 08:50 AM
فهاكم..بعد الاستعانة بالله عز وجل

-يكثر المتكلمون من إطلاق دعوى التنزيه لله عز وجل ويجعلون ذلك سلما يتوصلون به للتعطيل أو التحريف(راجع تعريف التعطيل والتحريف)..ومستن هم في هذه الدعوى المزعومة..قول الله"ليس كمثله شيء"
وهذا نفي لمشابهة الخالق بالمخلوق..بالاعت بار الأول نظير قوله "هل تعلم له سميا"
والقرآن استفاض في التحذير من العكس وهو تشبيه المخلوق بالخالق
وهذا الذي أفاض الله في التحذير منه لم يكن على بال من الأشاعرة والمعتزلة وغيرهم من أهل الكلام
وللتوضيح..تأمل معي قول الله عز وجل:
قال تعالى"إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم"
وقال"ومن أضل من من يدعو من دون الله من لايسجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون*وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين"
وقال "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين"وقال"وهم بربهم يعدلون"
والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا
ومن نحو ذلك جعل عيسى عليه السلام إلها
وكلها تدور حول اتخاذ بعض الناس أندادا..سواء كان هؤلاء الأنداد أصناما حجرية أو بشرية
يدعونهم من دون الله..كقول الشيعة:يا حسين ارزقني! وياعلي اشفني! ويافطمة أغيثينا!!
فهذا تشبيه للمخلوق بالخالق لأن حاصله رفع مقامه لمقام الربوبية المقتضي لعبادته
والدعاء عبادة كما هو معلوم..
فهذا الشرك الأكبر هو الذي أفاض القرآن في التحذير منه
أما تشبيه الخالق بالمخلوق..فإن الله حذر منه في بضع آيات..
وهو ما أشغل المتكلمين كثيرا فتأمل المنهج المنكوس
وبسبب هذه الغفلة عن فهم القرآن وتدبره واتباع الفلاسفة
وقع كثير منهم من أشاعرة الصوفية في القول بجواز هذا الشرك السالف
بسؤال أهل القبور!
وهو كفر باتفاق علماء السنة

المحدثة
2009-05-23, 10:08 PM
يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللهَ ‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ‏}‏ ‏

بعدما بين أن اهل السنة الذين هم حقيقة الإسلام كما أنزل يثبتون ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله من غير تحريف ولا تعطيل..إلخ
وأنبه على على مسألة إتقان الفروق بين التحريف والتطعيل والتمثيل..لأن هذه مصطلحات
الباب فإذا أتقنت وضبطت فهم أي كتاب في العقيدة بعد ذلك كسائر العلوم
بعدما بين ذلك قال بل يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
هذه الآية مع قصرها إلا أنها لخصت الأمر كله..وهذا الشرح كله يصلح أن يقال فيه:وحولها ندندن
أي حول هذي الآية الجليلة

الكلام عن إعراب قوله"ليس كمثله شيء"
الإعراب فرع عن فهم المعنى..وهذه الحقيقة حين غابت عن أذهان الكثير من الطلبة
وجدته لا يحسن أن يعرب جملا عادية, فالذي يعرب إنما أعرب عن فهمه
قوله تعالى"ليس كمثله" أدخل الكاف على مثل..والكاف للتشبيه

و المعنى المراد هو الآتي:ليس مثلَ الله شيءٌ
فشيء:اسم ليس مرفوع..ومثل:خبره محلاً
وإنما دخلت الكاف كحرف زائد* على طريقة العرب في المبالغة والتوكيد
ومنه قولهم:وقتْلى كمثل جذوع النخيل

وقيل إن هذا من باب قولهم:هذا لا ينبغي من مثلك..
والمعنى لاينبغي منك أو من ذاتك
وعليه فيكون المراد :ليس كذاته شيء
وعبر بالمثلية للمبالغة في نفي التشبيه
كأنه قال إذا كان لله مثل فليس لهذا المثل شيء يشبهه
فمن باب أولى ألا يكون لذاته شبيه
وهذا القول جيد , ولكنهم قالوه فرارا من قول الأولين:الكاف زائدة
فتوهموا أن المراد بالزائد هو ما يمكن الاستغناء عنه..
وهنا أعود لمسألة التنبيه على قضية الاصطلاح
فقول النحويين :الحرف زائد,,هو اصطلاح ,عندهم
وليس معناه أنه يمكن إهماله, لأن زيادة المبنى تدل على زيادة في المعنى
وإن كان الأولى تأدبا مع كلام الله ألا يقال بذلك..

الفوائد العقدية المشتقة من الآية
:-1-
قوله "ليس كمثله شيء" نفي مجمل لمشابهة المخلوق لله عز وجل
وهذا يختلف عن نفي مشابهة الله للمخلوق فبنهما فرق
2-قوله "وهو السميع البصير" فيه إثبات الصفات على ما يليق بجلال الله
فالذي أخذ بالشق الأول وغض الطرف عن الثاني..وقع في التعطيل(تقدم شرحه)
فتراه ينفي صفات الله زاعما أن هذا ما يفيده قول الله "ليس كمثله شيء"
فيكبر عليه أن يكون لله يد وعين ورحمة غضب وسمع وبصر وكلام..إلخ
والذي يتشبث بالثاني دون الأول يشبه الله بخلقه..فيقول له يد كأيدينا..
وكلاهما ارتكب كفرا..وهي سنة الله فيمن لايأخذ الحقيقة بكليتها
فإن الله قد نعى على المشركين الأخذ ببعض الكتاب وترك بعضه فقال"الذين جعلوا القرآن عضين"
أي أعضاء يأخذون منه يهوونه ويدعون مالا ترتضيه عقولهم الفاسدة

وخلاصة هذا الكلام من كلام شيخ الإسلام :
((ففي قوله "ليس كمثله شيء " رد على أهل التمثيل" وفي قوله "وهو السميع الصير"
رد على أهل التعطيل)) وبهذا تعلم وسطية أهل السنة بين الفرق


الكلام على آثار هذه الآية في تزكية النفس:-
لو أن العقيدة كلام جاف نظري لما كان القرآن كله من أوله لآخره
يدور على فلكها وبيان مقاصد التوحيد علما وعملا وبهذا تعلم غلط من يقول:لسنا مشركين حتى نهتم بالعقيدة!
والعجب أنك تسمع هذا من دعاة !
وإنك يا عبد الله إذا سمعت الله يقول "ليس كمثله شيء"
فلابد أن يسترعي هذا الجزء سمعك فينقلب سلوكا في فاضلا في قلبك وجوارحك وذلكم من وجوه
1-تعظيم الله عز وجل وتوقيره وخشيته..إذ هو سبحانه ليس كمثله شيء
ولو أن العبد استحضر عظمة الله تعالى على وجهها لما اقترف ذنبا
2-معرفة قدر نفسك الفقيرة في مقابل ذلك..فالفقر مركب فيك كخصلة لا تنفك عنك
كما قال تعالى"أنتم الفقراء إلى الله" وهذا أسلوب حصر
ومن عرف نفسه الحقيرة وعرف ربه العلي ثم عمل بمقتضى معرفته..فقد نجا!

وقوله تعالى"وهو السميع البصير"
..يستشف منه المؤمن الشفاف
1-أن الله مطلع على أعماله يراقبه فهو يراه "ألم يعلم بأن الله يرى" . "وهو السميع العليم"
2-أن السمع والبصر كليهما كصفتين للعبد , سيسأل عنهما لا محالة "إن السمع والبصر والفؤاد كل ألئك كان عنه مسؤولا" ولهذا جاء في حديث ابن مسعود كما في البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم "إن لله تسعة وتسعين اسما من أحاها دخل الجنة"
والإحصاء ليس مقتصرا على استخراجها من الكتاب والسنة بل بالعمل بمقتضاها

وأختم بأن الآية قاطعة في أن الله قد يوصف بصفات تشترك في أصلها مع صفة المخلوق
وهو ما يسمى القدر المشترك..لكن الفرق بين أي صفة لله وما يقابلها من صفة قد يوصف العبد بها
كالفرق بين الله نفسه وبين العبد
والله أعلم

سؤال الدرس :من الكلمات النورانية التي تكتب بماء العين من أقوال شيخ الإسلام:
ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك وقدر فارق فمن نفى القدر المشترك فقد وقع في التعطيل ومن نفى القدر الفارق فقد وقع في التمثيل..اشرح العبارة!
الجواب
معنى عبارة شيخ الإسلام
مامن شيئين اتفقا في المسمى مثل اسماء الله وصفاته واسماء وصفات المخلوقين بينهم قدر مشترك يفهمه كل عاقل ولا يعني ذلك التشابه بينهم في ذلك الاسم اوالصفة بسبب وجود ذلك القدر المشترك
فمن نفى ذلك القدر المشترك وقع في التعطيل لأنه نفى القدر المشترك واخرج الكلام عن مدلولاته فأصبح بلامعنى حروف لا دلالة لها ولا معنى
ومن نفى الفارق بينهم فقد مثل وجعل ذلك المسمى متطابق في الجميع مع وجود فارق بينهم في ذلك المسمى كالفرق بين الخالق والمخلوق
فال تعالى (ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير))
جزاكم الله خيرا وأثابكم

أبو القاسم
2009-05-23, 11:07 PM
شكر الله لك أختي المكرمة..المحدثة ..
لكن مازال جوابك بحاجة لإزالة إغماض..
فهلا وضحت أكثر؟

المحدثة
2009-05-24, 12:40 AM
شكر الله لك أختي المكرمة..المحدثة ..
لكن مازال جوابك بحاجة لإزالة إغماض..
فهلا وضحت أكثر؟
جزاكم الله خيرا
مثال ذلك العلم الله وصف نفسه بالعلم ووصف عباده بالعلم
القدر المشترك بين علم الله وعلم المخلوق هو المعنى المتبادر الى الذهن من كلمة العلم
بأطلاق كلمة العلم بدون إضافة نفهم مالمراد بالعلم هذا هوا القدر المشترك وهناك قدر فارق بينهما ونفهمه بإضافة العلم الى الله وإضافة العلم الى المخلوق وهذا الفارق بين علم الله وعلم المخلوق كالفرق بين الخالق والمخلوق
اما اذا نفينا القدر المشترك فقد عطلنا الصفة عن مدلوها وأصبحت كلمة العلم مجرد حروف لا تدل على معنى وهو العلم فعطلنا الله عن صفة العلم
واذا نفينا الفارق بينهما فقد مثلنا الخالق بالمخلوق فعلم الله ليس كعلم البشر

أبو القاسم
2009-05-25, 02:41 AM
أحسنتم أيما إحسان..هذا هو الجواب المتقن
بارك الله فيك ونفع بكم الإسلام وأهله

أبو القاسم
2009-05-25, 05:11 AM
استنكر بعض الإخوة أني لم أقدم نبذة عن حقيقة التوحيد وأقسامه بين يدي الشرح..وكنت قد أجلت ذلك..ولهذا لا بأس من وضع نبذة
----
بعد استقراء الكتاب والسنة..تبين أن التوحيد يمكن تقسيمه
إلى قسمين
1-توحيد العبادة أو (الإلهية) أو توحيد القصد والإردة
2-توحيد الربوبية(أو توحيد المعرفة والإثبات)

أما توحيد العبادة..أو الألوهية أو الإلهية...فمدلول :أن تُفرد الله تعالى بجميع أنواع العبادة
والعبادة كما عرفها ابن تيمية:اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة..
وهذا تعريف جميل ولطيف جرى مجرى المثل فلا تجد أحدا درس شيئا من الشرع إلا ويعرفه
ولابأس من شرحه..
(اسم جامع) أي هو اسم عام يدخل فيه أفراد كثيرة
(لكل ما يحبه الله ويرضاه) وهذا عموم يشمل الفرض والسنة, (وأما المباح إذا قصد به وجه الله فيبقى مباحا لكن يثاب على القصد الحسن)
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم"وفي بضع أحدكم صدقة"
كما يشمل ترك المحرم والمكروه..كما يثاب على ترك فضول المباح إذا قصد به النية الحسنة..تنزها وزهدا
(من الأقوال والأفعال) واضحة
(الظاهرة والباطنة) أما الظاهرة فهي كل ما يصدر عن الإنسان من حواسه وجوارحه
وأما الباطنة فهي قول القلب وعمله..
ومن ذلك:الإنابة..وال شية..والحب في الله..والتسليم لأمر الله..والخوف..وال رجاء
كل هذا من أعمال القلوب..ومن أعمال القلوب المنكرة :الحسد..والرياء.. العجب..إلخ

فتأملوا كيف جمع التعريف كل هذه المعاني

فكل ما يدخل في معنى العبادة..يجب إفراد الله به,ومخالفة ذلك,,تعني:الإشرا
ومن ذلك ,في حديث النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:الدعاء هو العبادة..
وهذا هو الثابت أما حديث"الدعاء مخ العبادة" فضعيف
فحيث إن الدعاء عبادة..لو جاء من يدعو غير الله تعالى فيقول:يا حسين أو ياعلي:اشفني
فهو بذلك ارتكب شركا أكبر مخرجا من الملة..لأنه لم يلتزم توحيد العبادة..بل خرج عنه
وقس عليه كل عبادة مشروعة

وأما توحيد الربوبية :فهو إفراد الله بالخلق والملك والتدبير
فهذه الثلاثة يتفرع عنها كل مضامين معنى ربوبيته سبحانه
وقد جمعتها آية سورة يونس(من يأتي بها؟)
وهذا التوحيد لم يخالف فيه مشركوا قريش..فأبوجهل وأبو لهب ومن معهم
كانوا مقرين بتفرد ذلك لله وهو مما شهد الله لهم به"ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله"
ولكنه سبحانه احتج عليهم بتوحيد الربوبية في تركهم توحيد العبادة(من يأتي بالدليل؟)

هذان القسمان الكبيران..للتوحي د..
ولكن تلمّس بعض العلماء,,أن القرآن مليء بصفات الله تعالى وأسمائه
فلا تكاد تجد آية إلا وهي مختومة بذلك...كقوله"وهو الغفور الرحيم" "وهو العزيز الحكيم"
فلهذا قالوا هو قسم يستحق أن يفرد ..لعظيم أهميته..ولما أدخل فيه أهل البدع والضلالة من محدثات
فخاضوا في صفات الله وأسمائه وألحدوا فيها تارة بالتعطيل وتارة بالتحريف أو بالتمثيل..
فلهذا كان حريا أن ينماز هذا القسم..لجلالة موقعه من الدين

فإذن..يكون التوحيد بذلك منقسما إلى
-توحيد الإلهية
-توحيد الربوبية
-توحيد الأسماء والصفات

ومعنى توحيد الأسماء والصفات:إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله
من غير تحريف(الذي يسمونه تأويلا) ولا تعطيل ولا تمثيل
..ركز رحمه الله على ما أسماه توحيد الحاكمية
لما عاينه من شرك التشريع وهو الحكم بالأنظمة الجاهلية والقوانين الوضعية
التي هي من زبالات أفكار البشر
ومدار هذا التوحيد على قاعدة"إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه"
فتأملوا كيف جعل الاحتكام لغير شرعته:عبادة..
ولكن هذا القسم هو في الحقيقة يندرج تحت توحيد العبادة..
وإنما وجد سيد تخصيصه لمناسبة الواقع المعاصر..
وبعض الناقمين على سيد رحمه الله تعالى إذا سمعك تقول توحيد الحاكمية قال :أنت مبتدع
والصواب أنه لا بأس به..لأن الحكم بغير ما أنزل الله كفر وإفراده للاهتمام لا حرج فيه علمياً ولا شرعياً ولا مشاحة في الاصطلاح هنا
فتوحيد الحاكمية معناه:إفراد الاحتكام إلى شرعة تعالى ونبذ ما خالفها
وهذا كما سبق يدخل في توحيد العبادة

والله أعلم

ربوع الإسـلام
2009-05-25, 06:25 AM
(من يأتي بها؟)

قال تعالى : " قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ "

أبو ممدوح
2009-05-25, 02:08 PM
استنكر بعض الإخوة أني لم أقدم نبذة عن حقيقة التوحيد وأقسامه بين يدي الشرح..وكنت قد أجلت ذلك..ولهذا لا بأس من وضع نبذة
----
بعد استقراء الكتاب والسنة..تبين أن التوحيد يمكن تقسيمه
إلى قسمين
1-توحيد العبادة أو (الإلهية) أو توحيد القصد والإردة
2-توحيد الربوبية(أو توحيد المعرفة والإثبات)

أما توحيد العبادة..أو الألوهية أو الإلهية...فمدلول :أن تُفرد الله تعالى بجميع أنواع العبادة
والعبادة كما عرفها ابن تيمية:اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة..
وهذا تعريف جميل ولطيف جرى مجرى المثل فلا تجد أحدا درس شيئا من الشرع إلا ويعرفه
ولابأس من شرحه..
(اسم جامع) أي هو اسم عام يدخل فيه أفراد كثيرة
(لكل ما يحبه الله ويرضاه) وهذا عموم يشمل الفرض والسنة, (وأما المباح إذا قصد به وجه الله فيبقى مباحا لكن يثاب على القصد الحسن)
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم"وفي بضع أحدكم صدقة"
كما يشمل ترك المحرم والمكروه..كما يثاب على ترك فضول المباح إذا قصد به النية الحسنة..تنزها وزهدا
(من الأقوال والأفعال) واضحة
(الظاهرة والباطنة) أما الظاهرة فهي كل ما يصدر عن الإنسان من حواسه وجوارحه
وأما الباطنة فهي قول القلب وعمله..
ومن ذلك:الإنابة..وال شية..والحب في الله..والتسليم لأمر الله..والخوف..وال رجاء
كل هذا من أعمال القلوب..ومن أعمال القلوب المنكرة :الحسد..والرياء.. العجب..إلخ

فتأملوا كيف جمع التعريف كل هذه المعاني

فكل ما يدخل في معنى العبادة..يجب إفراد الله به,ومخالفة ذلك,,تعني:الإشرا
ومن ذلك ,في حديث النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:الدعاء هو العبادة..
وهذا هو الثابت أما حديث"الدعاء مخ العبادة" فضعيف
فحيث إن الدعاء عبادة..لو جاء من يدعو غير الله تعالى فيقول:يا حسين أو ياعلي:اشفني
فهو بذلك ارتكب شركا أكبر مخرجا من الملة..لأنه لم يلتزم توحيد العبادة..بل خرج عنه
وقس عليه كل عبادة مشروعة

وأما توحيد الربوبية :فهو إفراد الله بالخلق والملك والتدبير
فهذه الثلاثة يتفرع عنها كل مضامين معنى ربوبيته سبحانه
وقد جمعتها آية سورة يونس(من يأتي بها؟)
وهذا التوحيد لم يخالف فيه مشركوا قريش..فأبوجهل وأبو لهب ومن معهم
كانوا مقرين بتفرد ذلك لله وهو مما شهد الله لهم به"ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله"
ولكنه سبحانه احتج عليهم بتوحيد الربوبية في تركهم توحيد العبادة(من يأتي بالدليل؟)

هذان القسمان الكبيران..للتوحي د..
ولكن تلمّس بعض العلماء,,أن القرآن مليء بصفات الله تعالى وأسمائه
فلا تكاد تجد آية إلا وهي مختومة بذلك...كقوله"وهو الغفور الرحيم" "وهو العزيز الحكيم"
فلهذا قالوا هو قسم يستحق أن يفرد ..لعظيم أهميته..ولما أدخل فيه أهل البدع والضلالة من محدثات
فخاضوا في صفات الله وأسمائه وألحدوا فيها تارة بالتعطيل وتارة بالتحريف أو بالتمثيل..
فلهذا كان حريا أن ينماز هذا القسم..لجلالة موقعه من الدين

فإذن..يكون التوحيد بذلك منقسما إلى
-توحيد الإلهية
-توحيد الربوبية
-توحيد الأسماء والصفات

ومعنى توحيد الأسماء والصفات:إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله
من غير تحريف(الذي يسمونه تأويلا) ولا تعطيل ولا تمثيل
.ركز رحمه الله على ما أسماه توحيد الحاكمية
لما عاينه من شرك التشريع وهو الحكم بالأنظمة الجاهلية والقوانين الوضعية
التي هي من زبالات أفكار البشر
ومدار هذا التوحيد على قاعدة"إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه"
فتأملوا كيف جعل الاحتكام لغير شرعته:عبادة..
ولكن هذا القسم هو في الحقيقة يندرج تحت توحيد العبادة..
وإنما وجد سيد تخصيصه لمناسبة الواقع المعاصر..
وبعض الناقمين على سيد رحمه الله تعالى إذا سمعك تقول توحيد الحاكمية قال :أنت مبتدع
والصواب أنه لا بأس به..لأن الحكم بغير ما أنزل الله كفر وإفراده للاهتمام لا حرج فيه علمياً ولا شرعياً ولا مشاحة في الاصطلاح هنا
فتوحيد الحاكمية معناه:إفراد الاحتكام إلى شرعة تعالى ونبذ ما خالفها
وهذا كما سبق يدخل في توحيد العبادة

والله أعلم

لكن هل يجوز ممارسة التشريع و الاحتكام الى غير الشريعة لنصرة الدين و الشريعة ؟

أبو القاسم
2009-05-25, 05:13 PM
أختي ربوع الإسلام..أحسنت أحسن الله إليك..سددك الله تعالى

التبريزي
2009-05-26, 03:57 AM
أخي أبا القاسم...
عودا حميدا... بارك الله فيك،،، ونفع بعلمك...