مشاهدة النسخة كاملة : (سورة آل عمران)وقفات تدبرية من كتاب القرآن تدبر وعمل
امانى يسرى محمد
2025-03-29, 10:54 PM
﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٨﴾] فلله رحمة قد عمت الخلق؛ برهم، وفاجرهم، سعيدهم، وشقيهم، ثم له رحمة خص بها المؤمنين خاصة؛ وهي رحمة الإيمان، ثم له رحمة خص بها المتقين؛ وهي رحمة الطاعة لله تعالى، ولله رحمة خص بها الأولياء نالوا بها الولاية، وله رحمة خص بها الأنبياء نالوا بها النبوة، وقال الراسخون في العلم: (وهب لنا من لدنك رحمة). ابن تيمية: 2/34.
﴿ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِى ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُو۟لُوا۟ ٱلْأَلْبَٰبِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧﴾] مدحا للراسخين بجودة الذهن وحسن النظر؛ لما أنهم قد تجردت عقولهم عما يغشاها من الركون إلى الاهواء الزائغة المكدرة لها، واستعدوا إلى الاهتداء إلى معالم الحق، والعروج إلى معارج الصدق. الألوسي: 3/83.
﴿ ۖ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَآءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧﴾] بين سبحانه وتعالى أنه لا يضل بحرف المتشابه إلا ذوو الطبع العوج؛ الذين لم ترسخ أقدامهم في الدين، ولا استنارت معارفهم في العلم. البقاعي: 2/22.
﴿ ۖ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَآءَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧﴾] (زيغ) أي: ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل. (فيتبعون ما تشابه منه) أي: إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة، وينزلوه عليها؛ لاحتمال لفظه لما يصرفونه، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه؛ لأنه دافع لهم، وحجة عليهم، ولهذا قال الله تعالى: (ابتغاء الفتنة) أي: الإضلال لأتباعهم؛ إيهاما لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن وهو حجة عليهم لا لهم. ابن كثير: 1/336.﴿ هُوَ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ مِنْهُ ءَايَٰتٌ مُّحْكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٌ ۖ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧﴾] إنما أنزل المتشابه لذلك؛ ليظهر فضل العلماء، ويزداد حرصهم على الاجتهاد فى تدبره، وتحصيل العلوم التى نيط بها استنباط ما أريد به من الأحكام الحقيقية؛ فينالوا بذلك وبإتعاب القرائح، واستخراج المقاصد الرائقة والمعاني اللايقة المدارج العالية. الألوسي: 3/83.
﴿ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٣﴾] من الكتب السابقة؛ فهو المزكي لها؛ فما شهد له فهو المقبول، وما رده فهو المردود، وهو المطابق لها في جميع المطالب التي اتفق عليها المرسلون، وهي شاهدة له بالصدق، فأهل الكتاب لا يمكنهم التصديق بكتبهم إن لم يؤمنوا به؛ فإنَّ كفرهم به ينقض إيمانهم بكتبهم. السعدي: 121.
﴿ نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَىٰةَ وَٱلْإِنجِيلَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٣﴾] وإنما قال: (وأنزل التوراة والإنجيل) لأن التوراة والإنجيل أنزلا جملة واحدة، وقال في القرآن: (نزَّل) لأنه نزل مفصلاً؛ والتنزيل للتكثير. البغوي: 1/320.
﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا۟ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّٰتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَٰنٌ مِّنَ ٱللَّهِ ۗ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥﴾] بدأ سبحانه في هذه الآية أولا بذكر المقر وهو الجنات، ثم ثنى بذكر ما يحصل به الأنس التام؛ وهو الأزواج المطهرة، ثم ثلث بذكر ما هو الإكسير الأعظم والروح لفؤاد الواله المغرم؛ وهو رضا الله عز و جل. الألوسي: 3/101.
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَٰطِيرِ ٱلْمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلْأَنْعَٰمِ وَٱلْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٤﴾] وخص هذه الأمور المذكورة؛ لأنها أعظم شهوات الدنيا، وغيرها تبع لها. السعدي: 124.
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَٰطِيرِ ٱلْمُقَنطَرَةِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٤﴾] فبدأ بالنساء؛ لأن الفتنة بهن أشد، كما ثبت في الصحيح أنه عليه السلام قال: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)، فأما إذا كان القصد بهن الإعفاف وكثرة الأولاد فهذا مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه. ابن كثير: 1/332.
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَٰطِيرِ ٱلْمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلْأَنْعَٰمِ وَٱلْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسْنُ ٱلْمَـَٔابِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٤﴾] وفائدة هذا التمثيل أن الجنة لا تُنال إلا بترك الشهوات، وفطام النفس عنها. القرطبي: 5/43.
﴿ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِۦ مَن يَشَآءُ ۗ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُو۟لِى ٱلْأَبْصَٰرِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٢﴾] لو نظر الناظر إلى مجرد الأسباب الظاهرة والعدد والعُدد لجزم بأن غلبة هذه الفئة القليلة لتلك الفئة الكثيرة من أنواع المحالات، ولكن وراء هذا السبب المشاهد بالأبصار سبب أعظم منه لا يدركه إلا أهل البصائر والإيمان بالله والتوكل على الله والثقة بكفايته؛ وهو نصره وإعزازه لعباده المؤمنين على أعدائه الكافرين. السعدي: 123.
﴿ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِۦ مَن يَشَآءُ ۗ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُو۟لِى ٱلْأَبْصَٰرِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٢﴾] أي: إن النصر بمشيئة الله؛ لا بالقلة، ولا بالكثرة؛ فإن فئة المسلمين غلبت فئة الكافرين مع أنهم كانوا أكثر منهم. ابن جزي: 1/138.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوَٰلُهُمْ وَلَآ أَوْلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيْـًٔا ۖ وَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٠﴾] هؤلاء الكفار قد ألهتهم أموالهم وأولادهم عن الله تعالى والنظر فيما ينبغي له إلى حيث يخيل للرائي أنهم ممن يعتقد أنها تسد مسد رحمة الله تعالى وطاعته. الألوسي: 3/93.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّۦنَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٢١﴾] دلت هذه الآية على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان واجباً في الأمم المتقدمة. القرطبي: 5/73.
﴿ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْيًۢا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٩﴾] إخبار أنهم اختلفوا بعد معرفتهم بالحقائق من أجل البغي؛ وهو الحسد. ابن جزي: 1/139.
﴿ إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلْإِسْلَٰمُ ۗ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْيًۢا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٩﴾] سبب الاجتماع والألفة: جمع الدين والعمل به كله؛ وهو عبادة الله وحده لا شريك له كما أمر به باطنا وظاهرا. وسبب الفرقة: ترك حظ مما أمر العبد به، والبغي بينهم. ونتيجة الجماعة: رحمة الله، ورضوانه، وصلواته، وسعادة الدنيا والآخرة، وبياض الوجوه. ونتيجة الفرقة: عذاب الله، ولعنته، وسواد الوجوه، وبراءة الرسول ﷺ منهم. ابن تيمية:2/55
﴿ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلْمَلَٰٓئِكَ ةُ وَأُو۟لُوا۟ ٱلْعِلْمِ قَآئِمًۢا بِٱلْقِسْطِ ۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٨﴾] في هذه الآية دليل على شرف العلم من وجوه كثيرة: منها: أن الله قرن شهادة العلماء بشهادته وشهادة ملائكته، وكفى بذلك فضلاً... ومنها: أنه تعالى جعلهم شهداء وحجة على الناس، وألزم الناس العمل بالأمر المشهود به؛ فيكونون هم السبب في ذلك، فيكون كل من عمل بذلك نالهم من أجره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومنها: أن إشهاده تعالى أهل العلم يتضمن ذلك تزكيتهم وتعديلهم، وأنهم أمناء على ما استرعاهم عليه. السعدي: 125
﴿ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلْمَلَٰٓئِكَ ةُ وَأُو۟لُوا۟ ٱلْعِلْمِ قَآئِمًۢا بِٱلْقِسْطِ ۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٨﴾] وفي هذا دليل على أن أشرف الأمور علم التوحيد؛ لأن الله شهد به بنفسه، وأشهد عليه خواص خلقه، والشهادة لا تكون إلا عن علم ويقين، بمنزلة المشاهدة للبصر. السعدي: 125.
﴿ ٱلصَّٰبِرِينَ وَٱلصَّٰدِقِينَ وَٱلْقَٰنِتِينَ وَٱلْمُنفِقِينَ وَٱلْمُسْتَغْفِ رِينَ بِٱلْأَسْحَارِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٧﴾] كانوا يحيون الليل صلاة، ثم يقعدون في السحر يستغفرون؛ فيختمون قيام الليل بالاستغفار. ابن تيمية:2/39.
﴿ ٱلصَّٰبِرِينَ وَٱلصَّٰدِقِينَ وَٱلْقَٰنِتِينَ وَٱلْمُنفِقِينَ وَٱلْمُسْتَغْفِ رِينَ بِٱلْأَسْحَارِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٧﴾] تخصيص الأسحار بالاستغفار لأن الدعاء فيها أقرب إلى الإجابة، إذ العبادة حينئذ أشق، والنفس أصفى، والروع أجمع. الألوسي:3/102.
﴿ قُلْ إِن تُخْفُوا۟ مَا فِى صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ ۗ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ ۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٢٩﴾] ففيه إرشاد إلى تطهير القلوب، واستحضار علم الله كل وقت؛ فيستحي العبد من ربه أن يرى قلبه محلاً لكل فكر رديء، بل يشغل أفكاره فيما يقرب إلى الله من تدبر آية من كتاب، أو سنة من أحاديث رسول الله، أو تصور وبحث في علم ينفعه، أو تفكر في مخلوقات الله ونعمه، أو نصح لعباد الله. السعدي: 128.
﴿ قُلْ إِن تُخْفُوا۟ مَا فِى صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ ۗ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ ۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٢٩﴾] وهذا تنبيه منه لعباده... لئلا يرتكبوا ما نهى عنه، وما يبغضه منهم؛ فإنه عالم بجميع أمورهم، وهو قادر على معاجلتهم بالعقوبة، وإن أنظر من أنظر منهم، فإنه يمهل ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر. ابن كثير: 1/338.
﴿ قُلْ إِن تُخْفُوا۟ مَا فِى صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ ۗ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ ۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٢٩﴾] وهذا من التهديد؛ إذ المهدد لا يحول بينه وبين تحقيق وعيده إلا أحد أمرين: الجهل بجريمة المجرم، أو العجز عنه، فلما أعلمهم بعموم علمه، وعموم قدرته؛ علموا أن الله لا يفلتهم من عقابه. ابن عاشور: 3/222.
﴿ لَّا يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِى شَىْءٍ إِلَّآ أَن تَتَّقُوا۟ مِنْهُمْ تُقَىٰةً ۗ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٢٨﴾] الصحيح أن كل ما عدَّه العرف تعظيماً وحسبه المسلمون موالاة فهو منهى عنه، ولو مع أهل الذمة؛ لا سيما إذا أوقع شيئا في قلوب ضعفاء المؤمنين. الألوسي: 3/120.﴿ وَتُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَىِّ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٢٧﴾] وهذا أعظم دليل على قدرة الله، وأن جميع الأشياء مسخرة مدبرة، لا تملك من التدبير شيئاً؛ فخلقه تعالى الأضداد والضد من ضده بيان أنها مقهورة. السعدي: 127.
﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا۟ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامًا مَّعْدُودَٰتٍ ۖ وَغَرَّهُمْ فِى دِينِهِم مَّا كَانُوا۟ يَفْتَرُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٢٤﴾] انعدم اكتراثهم باتباع الحق لأن اعتقادهم النجاة من عذاب الله على كل حال جرأهم على ارتكاب مثل هذا الإعراض. ابن عاشور: 3/211.
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ نَصِيبًا مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَٰبِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٢٣﴾] ما أنكرَ مُنكِرٌ حقاًً وهو يعلمه إلا سلبه الله تعالى علمه حتى يصير إنكاره له بصورة وبوصف من لم يكن قط علمه. الألوسي: 3/50.
﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٣٧﴾] يشعر بأنه عطاء متصل، فلا يتحدد ولا يتعدد؛ فهو رزق لا متعقب عليه. وأعظم الشكر لرزق الله سبحانه وتعالى معرفة العبد بأنه من الله تعالى. البقاعي: 2/75.
﴿ وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٣٦﴾] فيه دلالة على تفضيل الذكر على الأنثى، وعلى التسمية وقت الولادة، وعلى أن للأم تسمية الولد إذا لم يكره الأب. السعدي: 129.
﴿ قُلْ أَطِيعُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلْكَٰفِرِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٣٢﴾] فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر، والله لا يحب من اتصف بذلك وإن ادعى وزعم في نفسه أنه محب لله، ويتقرب إليه؛ حتى يتابع الرسول النبي الأمي خاتم الرسل. ابن كثير:1/338.
﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٣١﴾] وهذا لأن الرسول هو الذي يدعو إلى ما يحبه الله، وليس شيء يحبه الله إلا والرسول يدعو إليه، وليس شيء يدعو إليه الرسول إلا والله يحبه؛ فصار محبوب الرب ومدعو الرسول متلازمين. ابن تيمية: 2/60.
﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٣١﴾] هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية؛ فإنه كاذب في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله. ابن كثير: 1/338.
﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُۥ ۗ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٣٠﴾] أعاد تعالى تحذيرنا نفسه رأفة بنا ورحمة؛ لئلا يطول علينا الأمد فتقسو قلوبنا، وليجمع لنا بين الترغيب الموجب للرجاء والعمل الصالح، والترهيب الموجب للخوف وترك الذنوب. السعدي: 128.
﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُۥ ۗ وَٱللَّهُ رَءُوفٌۢ بِٱلْعِبَادِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٣٠﴾] فالله سبحانه وتعالى منتقم ممن تعدى طوره ونسي أنه عبد. البقاعي: 2/61.
﴿ وَٱسْجُدِى وَٱرْكَعِى مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٤٣﴾] خص السجود والركوع؛ لفضلهما، ودلالتهما على غاية الخضوع لله. السعدي: 130.
﴿ يَٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِى لِرَبِّكِ وَٱسْجُدِى وَٱرْكَعِى مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٤٣﴾] وصوها بالمحافظة على الصلاة بعد أن أخبروها بعلو درجتها وكمال قربها إلى الله تعالى؛ لئلا تفتر، ولا تغفل عن العبادة. الألوسي: 3/156.
﴿ يَٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِى لِرَبِّكِ وَٱسْجُدِى وَٱرْكَعِى مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٤٣﴾] يراد بالركوع: الخشوع والتواضع؛ وكأن أمرها بذلك [حفظٌ] لها من الوقوع في مهاوي التكبر والاستعلاء بما لها من علو الدرجة. الألوسي: 3/157.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰكِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٤٢﴾] اختارها لكثرة عبادتها، وزهادتها، وشرفها، وطهارتها من الأكدار والوساوس. ابن كثير: 1/342.
﴿ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَٰثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٤١﴾] (رب اجعل لي آية) أي: علامة على وجود الولد. قال: (آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا) أي: ينحبس لسانك عن كلامهم من غير آفة ولا سوء؛ فلا تقدر إلا على الإشارة والرمز. وهذا آية عظيمة أن لا تقدر على الكلام، وفيه مناسبة عجيبة؛ وهي أنه كما يمنع نفوذ الأسباب مع وجودها، فإنه يوجدها بدون أسبابها؛ ليدل ذلك أن الأسباب كلها مندرجة في قضائه وقدره. السعدي: 130.
﴿ فَنَادَتْهُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ وَهُوَ قَآئِمٌ يُصَلِّى فِى ٱلْمِحْرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٣٩﴾] واختلفوا في أنه لم سمي يحيى؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما: لأن الله أحيا به عقر أمه، و قال قتادة: لأن الله تعالى أحيا قلبه بالإيمان، وقيل: سمي يحيى لأنه استشهد، والشهداء أحياء. البغوي: 1/348.
﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُۥ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٣٨﴾] وجاء الطلب بلفظ الهبة؛ لأن الهبة إحسان محض ليس في مقابلة شيء، وهو يناسب ما لا دخل فيه للوالد لكبر سنه، ولا للوالدة لكونها عاقرة لا تلد. الألوسي: 3/144.
يتبع
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/03/131.jpg
امانى يسرى محمد
2025-03-29, 11:12 PM
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّى وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ ۗ هَٰذَا صِرَٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٥١﴾] لا أدعوكم إلى شيء إلا كنت أول فاعل له، ولا أدعي أني إله، ولا أدعو إلى عبادة غير الله تعالى كما يدعي الدجال وغيره من الكذبة الذين تظهر الخوارق على أيديهم امتحاناًً من الله سبحانه وتعالى لعباده، فيجعلونها سبباًً للعلو في الأرض، والترفع على الناس. البقاعي: 2/94.
﴿ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِى حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ۚ وَجِئْتُكُم بِـَٔايَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٥٠﴾] (فاتقوا الله وأطيعون): الأدب مع المحسن آكد، والخوف منه أحق وأوجب؛ لئلا يقطع إحسانه، ويبدل امتنانه. البقاعي: 2/94.
﴿ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِى حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ۚ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٥٠﴾] أصل دين اليهود فيه آصار وأغلال من التحريمات؛ ولهذا قال لهم المسيح: (ولأحل لكم بعض الذي حُرِّم عليكم). ابن تيمية: 2/69.
﴿ وَأُبْرِئُ ٱلْأَكْمَهَ وَٱلْأَبْرَصَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٤٩﴾] وإنما خص هذين؛ لأنهما داءان عياءان، وكان الغالب في زمن عيسى- عليه السلام- الطب، فأراهم المعجزة من جنس ذلك. البغوي: 1/354.
﴿ وَأُبْرِئُ ٱلْأَكْمَهَ وَٱلْأَبْرَصَ وَأُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۖ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٤٩﴾] قال كثير من العلماء: بعث الله كل نبي من الأنبياء بما يناسب أهل زمانه... وأما عيسى- عليه السلام- فبعث في زمن الأطباء وأصحاب علم الطبيعة، فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه إلا أن يكون مؤيدا من الذي شرع الشريعة، فمن أين للطبيب قدرة على إحياء الجماد، أو على مداواة الأكمه والأبرص، وبعث من هو في قبره رهين إلى يوم التناد. ابن كثير: 2/37.
﴿ قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِى وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكِ ٱللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ۚ إِذَا قَضَىٰٓ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ ﴿ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٤٧﴾] وعبر عن تكوين الله لعيسى بفعل يخلق؛ لأنه إيجاد كائن من غير الأسباب المعتادة لإيجاد مثله؛ فهو خَلقٌ أُنُفٌ غير ناشئ عن أسباب إيجاد الناس، فكان لفعل يخلق هنا موقع متعين؛ فإن الصانع إذا صنع شيئا من مواد معتادة وصنعة معتادة لا يقول: خلقت، وإنما يقول: صنعت. ابن عاشور: 3/249.
﴿ قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِى وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٤٧﴾] ومن حكمة الباري تعالى أن تدرج بأخبار العباد من الغريب إلى ما هو أغرب منه؛ فذكر وجود يحيى بن زكريا بين أبوين: أحدهما كبير، والآخر عاقر، ثم ذكر أغرب من ذلك وأعجب؛ وهو وجود عيسى- عليه السلام- من أم بلا أب؛ ليدل عباده أنه الفعال لما يريد، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن. السعدي: 131.
﴿ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلْمُمْتَرِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٦٠﴾] وفي هذه الآية وما بعدها دليل على قاعدة شريفة، وهو: أن ما قامت الأدلة على أنه حق، وجزم به العبد من مسائل العقائد وغيرها، فإنه يجب أن يجزم بأن كل ما عارضه فهو باطل، وكل شبهة تورد عليه فهي فاسدة، سواء قدر العبد على حلها أم لا، فلا يوجب له عجزه على حلها القدح فيما علمه؛ لأن ما خالف الحق فهو باطل، قال تعالى: (فماذا بعد الحق إلا الضلال)، وبهذه القاعدة الشرعية تنحلُّ عن الإنسان إشكالات كثيرة يوردها المتكلمون، ويرتبها المنطقيون؛ إن حلها الإنسان فهو تبرع منه، وإلا فوظيفته أن يبين الحق بأدلته، ويدعو إليه. السعدي: 133.
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/03/132.jpg
﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ ۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٥٩﴾] الآية حجة على النصارى في قولهم: كيف يكون ابن دون أب، فمثله الله بآدم الذي خلقه الله دون أم ولا أب؛ وذلك أغرب مما استبعدوه، فهو أقطع لقولهم. ابن جزي: 1/147.
﴿ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٥٧﴾] دل ذلك على أنه يحصل لهم في الدنيا ثواب لأعمالهم من: الإكرام، والإعزاز، والنصر، والحياة الطيبة، وإنما توفية الأجور يوم القيامة يجدون ما قدموه من الخيرات محضراً موفراً؛ فيعطي منهم كل عامل أجر عمله، ويزيدهم من فضله وكرمه. السعدي: 132.
﴿ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ ۖ ثُمَّ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٥٥﴾] هم أهل الإسلام الذين صدقوه، واتبعوا دينه في التوحيد من أمة محمد ﷺ ؛ فهم فوق الذين كفروا؛ ظاهرين، قاهرين بالعزة والمنعة والحجة. البغوي: 1/361.
﴿ ا۟ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ ۖ ثُمَّ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٥٥﴾] هم أهل الإسلام الذين صدقوه، واتبعوا دينه في التوحيد من أمة محمد ﷺ ؛ فهم فوق الذين كفروا؛ ظاهرين، قاهرين بالعزة والمنعة والحجة. البغوي: 1/361.
﴿ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٥٥﴾] أي: بالحجة، وإقامة البرهان، وقيل بالعز والغلبة. القرطبي: 5/156.
﴿ وَمَكَرُوا۟ وَمَكَرَ ٱللَّهُ ۖ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَٰكِرِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٥٤﴾] ومكْرُ الله: استدراجه لعباده من حيث لا يعلمون... قال ابن عباس رضي الله عنهما: كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة. القرطبي: 5/151.
﴿ رَبَّنَآ ءَامَنَّا بِمَآ أَنزَلْتَ وَٱتَّبَعْنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٥٣﴾] (مع الشاهدين): أي مع الذين يشهدون بالحق من الأمم، وقيل مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم. ابن جزي: 1/147.
﴿ وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَوْ يُضِلُّونَكُ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٦٩﴾] ومن المعلوم أنه من وَدَّ شيئاً سعى بجهده على تحصيل مراده، فهذه الطائفة تسعى وتبذل جهدها في رد المؤمنين، وإدخال الشبه عليهم بكل طريق يقدرون عليه. السعدي: 134.
﴿ وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٦٩﴾] قيل: إن معنى إضلالهم أنفسهم: إصرارهم على الضلال بما سولت لهم أنفسهم، مع تمكنهم من اتباع الهدى بإيضاح الحجج. الألوسي: 3/199.
﴿ مَا كَانَ إِبْرَٰهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٦٧﴾] فيها أيضاًً حث على علم التاريخ، وأنه طريق لرد كثير من الأقوال الباطلة، والدعاوى التي تخالف ما علم من التاريخ. السعدي: 134.
﴿ هَٰٓأَنتُمْ هَٰٓؤُلَآءِ حَٰجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِۦ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِۦ عِلْمٌ ۚ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٦٦﴾] في الآية دليل على المنع من الجدال لمن لا علم له، والحظر على من لا تحقيق عنده. القرطبي: 5/165.
﴿ وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ ٱللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا۟ فَقُولُوا۟ ٱشْهَدُوا۟ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٦٤﴾] وفيه رد على الروافض الذين يقولون: يجب قبول قول الإمام دون إبانة مستند شرعي، وأنه يحل ما حرمه الله من غير أن يبين مستنداً من الشريعة. القرطبي: 5/162.
﴿ قُلْ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ تَعَالَوْا۟ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍۭ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِۦ شَيْـًٔا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ ٱللَّهِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٦٤﴾] التوحيد- وإن كان أصل الصلاح- فهو أعظم العدل. ابن تيمية: 2/80.
﴿ قُلْ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ تَعَالَوْا۟ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍۭ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِۦ شَيْـًٔا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ ٱللَّهِ ۚ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٦٤﴾] ولعل الفائدة في ذلك: أنكم إذا قلتم لهم ذلك- وأنتم أهل العلم على الحقيقة- كان ذلك زيادة على إقامة الحجة عليهم، كما استشهد تعالى بأهل العلم حجة على المعاندين. السعدي: 134.
﴿ بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِۦ وَٱتَّقَىٰ فَإِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧٦﴾] الوفاء بالعهود من التقوى التي يحبها الله، والوفاء بالعهود هو جملة المأمور به؛ فإن الواجب إما بالشرع أو بالشرط، وكل ذلك فعل مأمور به، وذلك وفاء بعهد الله وعهد العبيد. ابن تيمية: 2/85.
﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا۟ لَيْسَ عَلَيْنَا فِى ٱلْأُمِّيِّۦنَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧٥﴾] وذلك أن اليهود قالوا: أموال العرب حلال لنا؛ لأنهم ليسوا على ديننا، ولا حرمة لهم في كتابنا، وكانوا يستحلون ظلم من خالفهم في دينهم. البغوي: 1/371.
﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا۟ لَيْسَ عَلَيْنَا فِى ٱلْأُمِّيِّۦنَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧٥﴾] (ليس) عليهم (في الأميين سبيل) أي: ليس عليهم إثم في عدم أداء أموالهم إليهم؛ لأنهم بزعمهم الفاسد، ورأيهم الكاسد قد احتقروهم غاية الاحتقار، ورأوا أنفسهم في غاية العظمة، وهم الأذلاء الأحقرون، فلم يجعلوا للأميين حرمة، وأجازوا ذلك، فجمعوا بين أكل الحرام، واعتقاد حله، وكان هذا كذبا على الله. السعدي: 135.
﴿ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ۗ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧٥﴾] الأمانة عظيمة القدر في الدين، ومن عظم قدرها أنها تقوم هي والرحم على جنبتي الصراط، كما في صحيح مسلم، فلا يُمَكَّن من الجواز إلا من حفظهما. القرطبي: 5/178-179.
﴿ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمً ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧٥﴾] الآية إخبار أن أهل الكتاب على قسمين: أمين، وخائن، وذكر القنطار مثالا للكثير، فمن أداه أدى ما دونه. ابن جزي: 1/150.
﴿ وَلَا تُؤْمِنُوٓا۟ إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤْتَىٰٓ أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ ۗ قُلْ إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧٣﴾] التقدير: وَلا تُؤْمِنُوا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، وهم المسلمون؛ أوتوا كتابا سماويا كالتوراة، ونبيا مرسلا كموسى، وبأن يحاجوكم، ويغلبوكم بالحجة يوم القيامة إلا لأتباعكم؛ وحاصله أنهم نهوهم عن إظهار هذين الأمرين المسلّمين لئلا يزدادوا تصلبا، ولمشركي العرب لئلا يبعثهم على الإسلام. الألوسي: 3/200.
﴿ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ لِمَ تَلْبِسُونَ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَٰطِلِ وَتَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧١﴾] العلماء إذا لبسوا الحق بالباطل فلم يميزوا بينهما، بل أبقوا الأمر مبهماً، وكتموا الحق الذي يجب عليهم إظهاره؛ ترتب على ذلك من خفاء الحق وظهور الباطل ما ترتب، ولم يهتد العوام الذين يريدون الحق لمعرفته حتى يؤثروه، والمقصود من أهل العلم أن يظهروا للناس الحق، ويعلنوا به، ويميزوا الحق من الباطل. السعدي: 134-135.
﴿ وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّۦنَ لَمَآ ءَاتَيْتُكُم مِّن كِتَٰبٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّه ُۥ ۚ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِى ۖ قَالُوٓا۟ أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَٱشْهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٨١﴾] وروي عن غير واحد من السلف- علي وابن عباس وغيرهما- قالوا: لم يبعث الله نبيا من عهد نوح إلا أخذ عليه الميثاق: لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به، ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته: لئن بعث محمد -وهم أحياء- ليؤمنن به، ولينصرنه. ابن تيمية: 2/88.
﴿ وَلَٰكِن كُونُوا۟ رَبَّٰنِيِّۦنَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُو ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧٩﴾] فإن فائدة الدرس: العلم، وفائدة العلم: العمل، ومنه الحث على الخير، والمراقبة للخالق. البقاعي: 2/118.
﴿ وَلَٰكِن كُونُوا۟ رَبَّٰنِيِّۦنَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧٩﴾] (ربانيين): قال سعيد بن جبير: العالم الذي يعمل بعلمه... وقيل: الربانيون فوق الأحبار، والأحبار: العلماء. والربانيون: الذين جمعوا مع العلم البصارة بسياسة الناس.. البغوي: 1/375.
﴿ وَلَٰكِن كُونُوا۟ رَبَّٰنِيِّۦنَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧٩﴾] أي: تابعين طريق الرب، منسوبين إليه بكمال العلم المزين بالعمل؛ فإن الرباني هو الشديد التمسك بدين الله سبحانه وتعالى وطاعته. البقاعي: 2/118.
﴿ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُۥنَ أَلْسِنَتَهُم بِٱلْكِتَٰبِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧٨﴾] والتحريف قد فسر بتحريف التنزيل، وبتحريف التأويل، فأما تحريف التأويل فكثير جدا، وقد ابتليت به طوائف من هذه الأمة، وأما تحريف التنزيل فقد وقع في كثير من الناس؛ يحرفون ألفاظ الرسول، ويروون الحديث بروايات منكرة. ابن تيمية: 2/86.
﴿ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُۥنَ أَلْسِنَتَهُم بِٱلْكِتَٰبِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧٨﴾] وجيء بالمضارع في هاته الأفعال: يلوون، ويقولون؛ للدلالة على تجدد ذلك، وأنه دأبهم. ابن عاشور: 3/292.
﴿ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُۥنَ أَلْسِنَتَهُم بِٱلْكِتَٰبِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٧٨﴾] وذلك أن المقصود من الكتاب: حفظ ألفاظه، وعدم تغييرها، وفهم المراد منها وإفهامه. وهؤلاء عكسوا القضية، وأفهموا غير المراد من الكتاب؛ إما تعريضاًً، وإما تصريحاًً. السعدي: 136.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَمَاتُوا۟ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ ٱلْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ ٱفْتَدَىٰ بِهِۦٓ ۗ أُو۟لَٰٓئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّٰصِرِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٩١﴾] عن أبي عمران قال: سمعت أنس بن مالك عن النبي ﷺ قال: (يقول الله لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة: لو أن لك ما في الأرض من شيء أكنت تفدي به؟ فيقول: نعم، فيقول: أردت منك أهون من ذلك وأنت في صلب آدم: أن لا تشرك بي شيئا؛ فأبيت إلا أن تشرك بي) البغوي: 1/380.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بَعْدَ إِيمَٰنِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُوا۟ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلضَّآلُّونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٩٠﴾] لأن الله سبحانه وتعالى يطبع على قلوبهم؛ فلا يتوبون توبة نصوحاً يدومون عليها، ويصلحون ما فسد، أو لن توجد منهم توبة حتى يترتب عليها القبول؛ لأنهم زادوا عن أهل القسم الأول بالتمادي. البقاعي: 2/123.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بَعْدَ إِيمَٰنِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُوا۟ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٩٠﴾] أي: لا يوفقون لتوبة تقبل، بل يمدهم الله في طغيانهم يعمهون... فهذا هو الذي سعى في قطع أسباب رحمة ربه عنه، وهو الذي سد على نفسه باب التوبة. السعدي: 137.
﴿ كَيْفَ يَهْدِى ٱللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا۟ بَعْدَ إِيمَٰنِهِمْ وَشَهِدُوٓا۟ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَٰتُ ۚ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٨٦﴾] أي: قامت عليهم الحجج والبراهين على صدق ما جاءهم به الرسول، ووضح لهم الأمر، ثم ارتدوا إلى ظلمة الشرك، فكيف يستحق هؤلاء الهداية بعد ما تلبسوا به من العماية؟. ابن كثير: 1/359.
﴿ كَيْفَ يَهْدِى ٱللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا۟ بَعْدَ إِيمَٰنِهِمْ وَشَهِدُوٓا۟ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَٰتُ ۚ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٨٦﴾] فهؤلاء لا يوفقون للهداية؛ لأن الذي يرجى أن يهتدي هو الذي لم يعرف الحق، وهو حريص على التماسه، فهذا بالحري أن ييسر الله له أسباب الهداية، ويصونه من أسباب الغواية. السعدي13
﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلْإِسْلَٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلْءَاخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٨٤﴾] بين أن الدين- الذي رضيه ويقبله من عباده- هو الإسلام، ولا يكون الدين في محل الرضى والقبول إلا بانضمام التصديق إلى العمل. ابن تيمية: 2/96.
﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلْإِسْلَٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلْءَاخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٨٥﴾] الآية إبطال لجميع الأديان غير الإسلام. ابن جزي: 1/151.
﴿ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٩٧﴾] أفعال الله تعالى وأحكامه لا بد فيها من حكمة ومصلحة، وهو مسلم، لكن لا نسلم أنه لا بد أن تظهر هذه المصلحة لنا؛ إذ الحكيم لا يلزمه إطلاع من دونه على وجه الحكمة. الألوسي: 4/11.﴿ ۗ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٩٧﴾] من لم يحجه مع الاستطاعة كفر بالنعمة إن كان معترفاًً بالوجوب، وبالمروق من الدين إن جحد. البقاعي: 2/128.
﴿ فِيهِ ءَايَٰتٌۢ بَيِّنَٰتٌ مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنًا ۗ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٩٧﴾] (فيه آيات بينات): آيات البيت كثيرة: منها: الحجر الذي هو مقام إبراهيم، وهو الذي قام عليه حين رفع القواعد من البيت، فكان كلما طال البناء ارتفع به الحجر في الهواء حتى أكمل البناء، وغرقت قدم إبراهيم في الحجر كأنها في طين، وذلك الأثر باق إلى اليوم. ومنها: أن الطيور لا تعلوه، ومنها: إهلاك أصحاب الفيل، ورد الجبابرة عنه، ونبع زمزم لهاجر أم إسماعيل بهمز جبريل بعقبه، وحفر عبد المطلب بعد دثورها، وأن ماءها ينفع لما شرب له، إلى غير ذلك. ابن جزي: 1/153.
﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكًا ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٩٦﴾] أي كثير الخير لما أنه يضاعف فيه ثواب العبادة... وقيل: لأنه يغفر فيه الذنوب لمن حجه وطاف به واعتكف عنده. و... يجوز أن تكون بركته ما ذكر في قوله تعالى: (يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) [القصص: 57]، وقيل: بركته دوام العبادة فيه ولزومها. الألوسي: 4/5.
﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَٰلَمِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٩٦﴾] وإنما كانت الأولية موجبة التفضيل؛ لأن مواضع العبادة لا تتفاضل من جهة العبادة -إذ هي في ذلك سواء- ولكنها تتفاضل بما يحف بذلك من طول أزمان التعبد فيها، وبنسبتها إلى بانيها، وبحسن المقصد في ذلك. ابن عاشور: 4/15.
﴿ كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِّبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَٰٓءِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِۦ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَىٰةُ ۗ قُلْ فَأْتُوا۟ بِٱلتَّوْرَىٰةِ فَٱتْلُوهَآ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٩٣﴾] قال الزجاج: في هذه الآية أعظم دلالة لنبوة محمد نبينا ﷺ ؛ أخبرهم أنه ليس في كتابهم، وأمرهم أن يأتوا بالتوراة فأبوا؛ يعني عرفوا أنه قال ذلك بالوحي. القرطبي: 5/204-205.
﴿ لَن تَنَالُوا۟ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا۟ مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٩٢﴾] فما كان أحب إلى المرء إذا تقرب به إلى الله تعالى كان أفضل له من غيره؛ وإن استويا في القيمة. ابن تيمية: 2/108.
﴿ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِى رَحْمَةِ ٱللَّهِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٠٧﴾] (ففي رحمة الله) أي: الجنة؛ فهو من التعبير بالحال عن المحل...وإنما عبر عن ذلك بالرحمة إشعاراً بأن المؤمن وإن أستغرق عمره في طاعة الله فإنه لا ينال ما ينال إلا برحمته تعالى. الألوسي: 4/26.
﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ ۚ وَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٠٤﴾] الناس في تغيير المنكر والأمر بالمعروف على مراتب: ففرض العلماء فيه تنبيه الحكام والولاة، وحملهم على جادة العلم، وفرض الولاة تغييره بقوتهم وسلطانهم... وفرض سائر الناس رفعه إلى الحكام والولاة بعد النهي عنه قولا؛ وهذا في المنكر الذي له دوام، وأما إن رأى أحد نازلة بديهة من المنكر؛ كالسلب والزنى ونحوه، فيغيرها بنفسه بحسب الحال والقدرة. ابن عطية:1/486.
﴿ وَٱذْكُرُوا۟ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٠٣﴾] في هذه الآية ما يدل أن الله يحب من عباده أن يذكروا نعمته بقلوبهم وألسنتهم؛ ليزدادوا شكراً له ومحبة، وليزيدهم من فضله وإحسانه، وإن من أعظم ما يذكر من نعمه نعمة الهداية إلى الإسلام. السعدي: 142.
﴿ وَٱعْتَصِمُوا۟ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ ۚ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٠٣﴾] وليس فيه دليل على تحريم الاختلاف في الفروع؛ فإن ذلك ليس اختلافاًً؛ إذ الاختلاف ما يتعذر معه الائتلاف والجمع، وأما حكم مسائل الاجتهاد فإن الاختلاف فيها بسبب استخراج الفرائض، ودقائق معاني الشرع، وما زالت الصحابة يختلفون في أحكام الحوادث، وهم مع ذلك متآلفون. القرطبي: 5/241.
﴿ وَٱعْتَصِمُوا۟ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٠٣﴾] (جميعاً): لا تدعوا أحداًً منكم يشذ عنها، بل كلما عثرتم على أحد فارقها -ولو قيد شبر- فردوه إليها، ولا تناظروه، ولا تهملوا أمره، ولا تغفلوا عنه؛ فيختل النظام، وتتعبوا على الدوام، بل تزالوا كالرابط ربطاًً شديداًً حزمة نبل بحبل، لا يدع واحدة منها تنفرد عن الأخرى. البقاعي: 2/131.
﴿ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٠٢﴾] أي: حافظوا على الإسلام في حال صحكتم وسلامتكم لتموتوا عليه؛ فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه. ابن كثير: 1/366.
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٠٢﴾] قال السلف؛ ابن مسعود وغيره؛ كالحسن، وعكرمة، وقتادة، ومقاتل: «حق تقاته: أن يطاع فلا يعصى، وأن يشكر فلا يكفر، وأن يذكر فلا ينسى». ابن تيمية:2/116.
﴿ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَيُسَٰرِعُونَ فِى ٱلْخَيْرَٰتِ وَأُو۟لَٰٓئِكَ مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١١٥﴾] (ويسارعون في الخيرات) أي: يبادرون إلى فعل الخيرات والطاعات خوف الفوات بالموت مثلا، أو يعملون الأعمال الصالحة راغبين فيها غير متثاقلين لعلمهم بجلالة موقعها وحسن عاقبتها. وهذه صفة جامعة لفنون الفضائل والفواضل، وفي ذكرها تعريض بتباطؤ اليهود وتثاقلهم عن ذلك. الألوسي: 4/34.
﴿ لَيْسُوا۟ سَوَآءً ۗ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ ءَانَآءَ ٱلَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١١٣﴾] وقيام الليل لقراءة العلم المبتغى به وجه الله داخل في هذه الآية، وهو أفضل من التنفل لمن يرجى انتفاع المسلمين بعلمه.. ابن عطية: 1/493
﴿ يَقْتُلُونَ ٱلْأَنۢبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١١٢﴾] أي: يقابلون أنبياء الله الذين يحسنون إليهم أعظم إحسان بأشر مقابلة؛ وهو القتل، فهل بعد هذه الجراءة والجناية شيء أعظم منها؟. السعدي:143.
﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوٓا۟ إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلْمَسْكَنَةُ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١١٢﴾] ولما أخبر عنهم سبحانه وتعالى بهذا الذل أتبعه الإخبار بأنه في كل زمان وكل مكان معاملة منه لهم بضد ما أرادوا؛ فعوضهم عن الحرص على الرئاسة إلزامهم الذلة، وعن الإخلاد إلى المال إسكانهم المسكنة، وأخبر أن ذلك لهم طوق الحمامة غير مزائلهم إلى آخر الدهر، باق في أعقابهم. البقاعي: 2/136.
﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١١٠﴾] فالجهاد للْكفَّار أصلح من هلاكهم بِعَذَاب سَمَاء من وُجُوه: أَحدهَا: أَن ذَلِك أعظم فِي ثَوَاب الْمُؤمنِينَ وأجرهم وعلو درجاتهم؛ لما يَفْعَلُونَهُ من الْجِهَاد فِي سَبِيل الله لأن تكون كلمة الله هِيَ الْعليا، وَيكون الدِّين كُله لله. الثَّانِي: أَن ذَلِك أَنْفَع للْكفَّار أَيْضاً؛ فَإِنَّهُم قد يُؤمنُونَ من الْخَوْف، وَمن أسر مِنْهُم وسيم من الصغار يسلم أَيْضا، وَهَذَا من معنى قَوْله تَعَالَى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس)؛ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: «وكنتم خير النَّاس للنَّاس؛ تأتون بهم فِي الأقياد والسلاسل حَتَّى تدخلوهم الْجنَّة»، فَصَارَت الأمة بذلك خير أمة أخرجت للنَّاس. ابن تيمية: 2/122.
﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ ۗ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١١٠﴾] وأصل (المعروف) كل ما كان معروفاً فعله، جميلاً مستحسناً، غير مستقبح في أهل الإيمان بالله، وإنما سميت طاعة الله معروفا لأنه مما يعرفه أهل الإيمان، ولا يستنكرون فعله. وأصل (المنكر) ما أنكره الله، ورأوه قبيحا فعله؛ ولذلك سميت معصية الله منكرا؛ لأن أهل الإيمان بالله يستنكرون فعلها، ويستعظمون ركوبها. الطبري: 7/105.
﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١١٠﴾] من سره أن يكون من هذه الأمة فليؤَدِّ شرط الله فيها... ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله بقوله: (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه) [المائدة: 79]. ابن كثير: 1/374.
﴿ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ ٱلْمُؤْمِنِينَ مَقَٰعِدَ لِلْقِتَالِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٢١﴾] أي: تُنَزِّلهم وترتبهم؛ كل في مقعده اللائق به، وفيها أعظم مدح للنبي ﷺ ؛ حيث هو الذي يباشر تدبيرهم وإقامتهم في مقاعد القتال؛ وما ذاك إلا لكمال علمه ورأيه، وسداد نظره، وعلو همته؛ حيث يباشر هذه الأمور بنفسه وشجاعته الكاملة، صلوات الله وسلامه عليه. السعدي: 145.
﴿ وَإِن تَصْبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْـًٔا ۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٢٠﴾] فالصبر يدخل فيه الصبر على المقدور، والتقوى يدخل فيها فعل المأمور وترك المحظور. فمن رزق هذا وهذا فقد جمع له الخير، بخلاف من عكس فلا يتقي الله، بل يترك طاعته متبعا لهواه، ويحتج بالقدر، ولا يصبر إذا ابتلي، ولا ينظر حينئذ إلى القدر، فإن هذا حال الأشقياء. ابن تيمية: 2/133.
﴿ إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا۟ بِهَا ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٢٠﴾] من كانت هذه صفته من شدة العداوة والحقد والفرح بنزول الشدائد على المؤمنين؛ لم يكن أهلا لأن يتخذ بطانة، لا سيما في هذا الأمر الجسيم من الجهاد الذي هو ملاك الدنيا والآخرة. القرطبي: 5/281.
﴿ هَٰٓأَنتُمْ أُو۟لَآءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَٰبِ كُلِّهِۦ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوٓا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا۟ عَضُّوا۟ عَلَيْكُمُ ٱلْأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا۟ بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١١٩﴾] فالعجب من محبة المؤمنين إياهم في حال بغضهم المؤمنين. ابن عاشور: 4/65
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا۟ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَٰهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١١٨﴾] أحبوا مشقتكم الشديدة وضرركم، وظهرت أمارات العداوة لكم من فلتات ألسنتهم وفحوى كلماتهم، وما تخفي صدورهم من البغضاء أكبر؛ أي أعظم مما بدا؛ لأنه كان عن فلتة، ومثله لا يكون إلا قليلا. الألوسي: 4/38.
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١١٨﴾] وإنما العاقل من إذا ابتُلِيَ بمخالطة العدو أن تكون مخالطة في ظاهره، ولا يطلعه من باطنه على شيء، ولو تَمَلَّقَ له وأقسم أنه من أوليائه. السعدي: 144.
﴿ أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا۟ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَٰهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١١٨﴾] نهي عن استخلاص الكفار وموالاتهم، وقيل لعمر- رضي الله عنه-: «إن هنا رجلا من النصارى لا أحد أحسن خطا منه، أفلا يكتب عنك؟» قال: «إذاًً أتخذ بطانة من دون المؤمنين». (لا يألونكم خبالا) أي: لا يقصرون في إفسادكم. ابن جزي: 1/159.
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَأْكُلُوا۟ ٱلرِّبَوٰٓا۟ أَضْعَٰفًا مُّضَٰعَفَةً ۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٣٠﴾] اجعلوا بينكم وبين مخالفة نهيه عن الربا وقاية؛ بالإعراض عن مطلق محبة الدنيا والإقبال عليها؛ لتكونوا على رجاء من الفوز بالمطالب؛ فمن له ملك الوجود وملكه فإنه جدير بأن يعطيكم من ملكه إن اتقيتم، ويمنعكم إن تساهلتم. البقاعي: 2/152.
﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلْأَمْرِ شَىْءٌ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٢٨﴾] وفي هذه الآية ما يدل على أن اختيار الله غالب على اختيار العباد، وأن العبد- وإن ارتفعت درجته وعلا قدره- قد يختار شيئاًً وتكون الخيرة والمصلحة في غيره، وأن الرسول ﷺ ليس له من الأمر شيء، فغيره من باب أولى؛ ففيها أعظم رد على من تعلق بالأنبياء أو غيرهم من الصالحين وغيرهم، وأن هذا شرك في العبادة، ونقص في العقل؛ يتركون مَن الأمر كله له، ويَدْعُون من لا يملك من الأمر مثقال ذرة. السعدي: 147.
﴿ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٢٦﴾] فلا تعتمدوا على ما معكم من الأسباب، بل الأسباب فيها طمأنينة لقلوبكم، وأما النصر الحقيقي الذي لا معارض له فهو مشيئة الله لنصر من يشاء من عباده؛ فإنه إن شاء نصر من معه الأسباب كما هي سنته في خلقه، وإن شاء نصر المستضعفين الأذلين؛ ليبين لعباده أن الأمر كله بيديه، ومرجع الأمور إليه. السعدي: 146.
﴿ وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِۦ ۗ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٢٦﴾] (وما جعله الله) يعني: هذا الوعد والمدد، (إلا بشرى لكم) أي: بشارة لتستبشروا به، (ولتطمئن): ولتسكن، (قلوبكم به) فلا تجزعوا من كثرة عدوكم وقلة عددكم، (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) يعني: لا تحيلوا بالنصر على الملائكة والجند؛ فإن النصر من الله تعالى، فاستعينوا به، وتوكلوا عليه؛ لأن العز والحكم له. البغوي: 1/415.
يتبع
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/03/133.jpg
امانى يسرى محمد
2025-03-29, 11:27 PM
﴿ وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِۦ ۗ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٢٦﴾] أي: وما أنزل الله الملائكة وأعلمكم بإنزالها إلا بشارة لكم، وتطييباً لقلوبكم، وتطميناً، وإلا فإنما النصر من عند الله، الذي لو شاء لانتصر من أعدائه بدونكم، ومن غير احتياج إلى قتالكم لهم؛ كما قال تعالى بعد أمره المؤمنين بالقتال: (ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض) [محمد: 4]. ابن كثير: 1/380.
﴿ بَلَىٰٓ ۚ إِن تَصْبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلَٰٓئِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٢٥﴾] فبين أنه مع الصبر والتقوى يمدهم بالملائكة، وينصرهم على أعدائهم الذين يقاتلونهم. ابن تيمية: 2/135.
﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٢٣﴾] لما ذكر تعالى قصة أُحُد أتبعها بذكر قصة بدر؛ وذلك لأن المسلمين يوم بدر كانوا في غاية الضعف عدداًً وعتاداًً، والكفار كانوا في غاية الشدة والقوة، ثم إنه تعالى نصر المسلمين على الكافرين، فصار ذلك من أقوى الدلائل على أن ثمرة التوكل عليه تعالى والصبر والتقوى هو النصر والمعونة والتأييد. القاسمي: 2/402.
﴿ وَلَا تَهِنُوا۟ وَلَا تَحْزَنُوا۟ وَأَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٣٩﴾] يجب بهذه الآية أن لا يوادع العدو ما كانت للمسلمين قوة، فإن كانوا في قطر ما على غير ذلك فينظر الإمام لهم بالأصلح. ابن عطية: 1 / 513.
﴿ وَلَا تَهِنُوا۟ وَلَا تَحْزَنُوا۟ وَأَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٣٩﴾] (ولا تهنوا) أي: في جهاد أعدائكم الذين هم أعداء الله؛ فالله معكم عليهم، وإن ظهروا يوم «أحد» نوع ظهور؛ فسترون إلى من يؤول الأمر، (ولا تحزنوا) أي: على ما أصابكم منهم، ولا على غيره مما عساه ينوبكم، والحال أنكم (أنتم الأعلون) أي: في الدارين؛ (إن كنتم مؤمنين). البقاعي: 2/59.
﴿ هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٣٨﴾] فالبيان يعم كل من فَقِهَهُ، والهدى والموعظة للمتقين. ابن تيمية: 2/143.
﴿ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ فَٱنظُرُوا۟ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٣٧﴾] وفي الآية دلالة على أهمية علم التاريخ؛ لأن فيه فائدة السير في الأرض، وهي معرفة أخبار الأوائل، وأسباب صلاح الأمم، وفسادها. ابن عاشور: 4/97.
﴿ وَٱلْكَٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٣٤﴾] يعني: والجارعين الغيظ عند امتلاء نفوسهم منه؛ يقال منه: «كظم فلان غيظه» إذا تجرَّعه، فحفظ نفسه من أن تُمضي ما هي قادرةٌ على إمضائه. الطبري: 7/214.
﴿ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلْكَٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٣٤﴾] فالكاظم للغيظ والعافـي عن الناس قد أحسن إلى نفسه وإلى الناس؛ فإن ذلك عمل حسنة مع نفسه، ومع الناس، ومن أحسن إلى الناس فإلى نفسه... قَالَ تَعَالَى: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها) [الإسراء:7]. ابن تيمية: 2/140-141.
﴿ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلْكَٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٣٤﴾] ولما ذكر أشق ما يترك ويبذل؛ وهو المال، أتبعه أشق ما يحبس؛ فقال: (والكاظمين) أي: الحابسين (الغيظ) عن أن ينفذوه بعد أن امتلأوا منه. البقاعي: 2/157.
﴿ فَـَٔاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ ٱلْءَاخِرَةِ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٤٨﴾] (فآتاهم الله) المحيط علماً وقدرة (ثواب الدنيا) أي: بأن قبل دعاءهم بالنصر، والغنى بالغنائم، وغيرها، وحسن الذكر، وانشراح الصدر، وزوال شبهات الشر. ولما كان ثواب الدنيا -كيف ما كان- لا بد أن يكون بالكدر مشوباً، وبالبلاء مصحوباً -لأنها دار الأكدار- أعراه من وصف الحسن، وخص الآخرة به فقال: (وحسن ثواب الآخرة). البقاعي: 2/164.
﴿ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّآ أَن قَالُوا۟ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِىٓ أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَٰفِرِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٤٧﴾] طلبوا الغفران أولاً ليستحقوا طلب النصر على الكافرين بترجحهم بطهارتهم عن الذنوب عليهم وهم محاطون بالذنوب. وفي طلبهم النصر- مع كثرتهم المفرطة التي دل عليها ما سبق- إيذان بأنهم لا ينظرون إلى كثرتهم، ولا يعولون عليها، بل يسندون ثبات أقدامهم إلى الله تعالى، ويعتقدون أن النصر منه سبحانه وتعالى. الألوسي: 4/85.
﴿ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّآ أَن قَالُوا۟ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِىٓ أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَٰفِرِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٤٧﴾] علموا أن الذنوب والإسراف من أعظم أسباب الخذلان، وأن التخلي منها من أسباب النصر، فسألوا ربهم مغفرتها. السعدي: 151.
﴿ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴿١٤٦﴾ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّآ أَن قَالُوا۟ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِىٓ أَمْرِنَا ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٤٦﴾] فجمعوا بين الصبر والاستغفار، وهذا هو المأمور به في المصائب: الصبر عليها والاستغفار من الذنوب التي كانت سببها. ابن تيمية: 2/156.
﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ ۚ أَفَإِي۟ن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنقَلَبْتُمْ عَلَىٰٓ أَعْقَٰبِكُمْ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٤٤﴾] وفي هذه الآية الكريمة إرشاد من الله تعالى لعباده أن يكونوا بحالة لا يزعزعهم عن إيمانهم أو عن بعض لوازمه فقدُ رئيس -ولو عظم- وما ذاك إلا بالاستعداد في كل أمر من أمور الدين بعدةِ أناسٍ من أهل الكفاءة فيه؛ إذا فقد أحدهم قام به غيره. السعدي: 151.
﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ ۚ أَفَإِي۟ن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنقَلَبْتُمْ عَلَىٰٓ أَعْقَٰبِكُمْ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٤٤﴾] وفي هذه الآية أعظم دليل على فضيلة الصديق الأكبر أبي بكر وأصحابه؛ الذين قاتلوا المرتدين بعد رسول الله ﷺ. السعدي: 151.
﴿ وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٤٣﴾] في هذه الآية دليل على أنه لا يكره تمني الشهادة، ووجه الدلالة: أن الله تعالى أقرهم على أمنيتهم، ولم ينكر عليهم، وإنما أنكر عليهم عدم العمل بمقتضاها. السعدي: 150.
﴿ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٢﴾] ومن فضله على المؤمنين: أنه لا يُقَدِّر عليهم خيراًً ولا مصيبة إلا كان خيراًً لهم؛ إن أصابتهم سراء فشكروا جازاهم جزاء الشاكرين، وإن أصابتهم ضراء فصبروا جازاهم جزاء الصابرين. السعدي: 152.
﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُۥٓ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِۦ ۖ حَتَّىٰٓ إِذَا فَشِلْتُمْ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٢﴾] أي: ضعفتم وتراخيتم بالميل إلى الغنيمة خلاف ما تدعو إليه الهمم العوالي... فقد كانت العرب على حال جاهليتها تفاخر بالإقبال على الطعن والضرب في مواطن الحرب، والإعراض عن الغنائم. البقاعي: 2/166.
﴿ حَتَّىٰٓ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَٰزَعْتُمْ فِى ٱلْأَمْرِ وَعَصَيْتُم ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٢﴾] لما ذكر الفشل عطف عليه ما هو سببه في الغالب؛ وهو التنازع والمعصية. البقاعي: 2/168.
﴿ حَتَّىٰٓ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَٰزَعْتُمْ فِى ٱلْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّنۢ بَعْدِ مَآ أَرَىٰكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٢﴾] (وتنازعتم) وقع النزاع بين الرماة؛ فثبت بعضهم كما أمروا، ولم يثبت بعضهم، (وعصيتم) أي: خالفتم ما أمرتم به من الثبوت. وجاءت المخاطبة في هذا لجميع المؤمنين -وإن كان المخالف بعضهم- وعظا للجميع، وستراً على من فعل. ابن جزي: 1/161.
﴿ سَنُلْقِى فِى قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ٱلرُّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُوا۟ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِۦ سُلْطَٰنًا ۖ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥١﴾] (بما أشركوا بالله) تعليل؛ أي: كان سبب إلقاء الرعب في قلوبهم إشراكهم. القرطبي: 5/357.
﴿ سَنُلْقِى فِى قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ٱلرُّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُوا۟ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِۦ سُلْطَٰنًا ۖ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥١﴾] تخويف الكفار والمنافقين وإرعابهم هو من الله نصرة للمؤمنين. ابن تيمية: 2/157-158.
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِن تُطِيعُوا۟ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰٓ أَعْقَٰبِكُمْ فَتَنقَلِبُوا۟ خَٰسِرِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٤٩﴾] زجر المؤمنين عن متابعة الكفار ببيان مضارها بالنداء بوصفهم بالإيمان لتذكيرهم بحال ينافي تلك الطاعة فيكون الزجر على أكمل وجه. الألوسي:4/87.
﴿ وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٧﴾] (ولئن قتلتم) أيها المؤمنون في سبيل الله؛ أي: في الجهاد، أو متم حتف الأنف؛ وأنتم متلبسون به فعلا أو نية، (لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون) أي: الكفار من منافع الدنيا ولذاتها مدة أعمارهم؛ وهذا ترغيب للمؤمنين في الجهاد، وأنه مما يجب أن يتنافس فيه المتنافسون، وفيه تعزية لهم، وتسلية مما أصابهم في سبيل الله تعالى إثر إبطال ما عسى أن يثبطهم عن إعلاء كلمة الله تعالى. الألوسي: 4/104.
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَقَالُوا۟ لِإِخْوَٰنِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ أَوْ كَانُوا۟ غُزًّى لَّوْ كَانُوا۟ عِندَنَا مَا مَاتُوا۟ وَمَا قُتِلُوا۟ لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِى قُلُوبِهِمْ ۗ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٦﴾] نهى الله تعالى المؤمنين عن الكون مثل الكفار والمنافقين في هذا المعتقد الفاسد؛ الذي هو أن من سافر في تجارة ونحوها، ومن قاتل فقتل، لو قعد في بيته لعاش ولم يمت في ذلك الوقت الذي عرض فيه نفسه للسفر، أو للقتال. ابن عطية: 1/530.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْا۟ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا۟ ۖ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٥﴾] إن القتال في الجهاد إنما هو بالأعمال، فمن كان أصبر في أعمال الطاعة كان أجلد على قتال الكفار. البقاعي:2/171.
﴿ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلْأَمْرِ شَىْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَٰهُنَا ۗ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٤﴾] وهذا إنكار منهم وتكذيب بقدر الله، وتسفيه منهم لرأي رسول الله ﷺ ورأي أصحابه، وتزكية منهم لأنفسهم، فرد الله عليهم بقوله: (قل لو كنتم في بيوتكم) التي هي أبعد شيء عن مظان القتل (لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم) فالأسباب -وإن عظمت- إنما تنفع إذا لم يعارضها القدر والقضاء. السعدي: 153.
﴿ قُلْ إِنَّ ٱلْأَمْرَ كُلَّهُۥ لِلَّهِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٤﴾] كنى بكون الغلبة لله تعالى عن كونها لأوليائه؛ لكونهم من الله سبحانه بمكان، أو أن القضاء أو التدبير له تعالى مخصوص به، لا يشاركه فيه غيره؛ فيفعل ما يشاء. الألوسي: 4/95.
﴿ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٤﴾] كان غرض المنافقين لا المدافعة عن الدين؛ فهم إنما يطلبون خلاص أنفسهم، فعوقبوا على ذلك بأنه لم يحصل لهم الأمن المذكور. البقاعي: 2/169.
﴿ ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنۢ بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَآئِفَةً مِّنكُمْ ۖ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٤﴾] وقد استجدوا بذلك نشاطهم، ونسوا حزنهم؛ لأن الحزن تبتدئ خفته بعد أول نومة تعفيه، كما هو مشاهد في أحزان الموت وغيرها. ابن عاشور: 4/133.
﴿ أَوَلَمَّآ أَصَٰبَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٦٥﴾] وأخبر أن ما يحصل لهم من مصيبة انتصار العدو وغيرها إنما هو بذنوبهم، فقال تعالى في يوم أحد: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم). ابن تيمية: 2/167.
﴿ لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُوا۟ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٦٤﴾] تقديم «التلاوة» لأنها من باب التمهيد، ثم «التزكية» لأنها بعده؛ وهي أول أمر يحصل منه صفة يتلبس بها المؤمنون، وهي من قبيل التخلية المقدمة على التحلية؛ لأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح. ثم «التعليم» لأنه إنما يحتاج إليه بعد الإيمان. الألوسي: 4/114.
﴿ إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذِى يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعْدِهِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٦٠﴾] (وإن يخذلكم) ويكلكم إلى أنفسكم (فمن ذا الذي ينصركم من بعده) فلا بد أن تنخذلوا ولو أعانكم جميع الخلق. وفي ضمن ذلك الأمر بالاستنصار بالله، والاعتماد عليه، والبراءة من الحول والقوة. السعدي: 154.
﴿ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِي نَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٩﴾] التوكل هو الاعتماد على الله في تحصيل المنافع، أو حفظها بعد حصولها، وفي دفع المضرات ورفعها بعد وقوعها، وهو من أعلى المقامات لوجهين: أحدهما قوله: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِي نَ)، والآخر: الضمان الذي في قوله: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ). ابن جزي: 1/164.
﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلْأَمْرِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٩﴾] إشعار بمنزلة الصحابة، وأنهم كلهم أهل اجتهاد، وأن باطنهم مرضي عند الله تعالى. الألوسي: 4/107.
﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلْأَمْرِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٩﴾] وقد قيل: إن الله أمر بها نبيه لتأليف قلوب أصحابه، وليقتدي به من بعده، وليستخرج بها منهم الرأي فيما لم ينزل فيه وحي من أمر الحروب، والأمور الجزئية، وغير ذلك، فغيره ﷺ أولى بالمشورة. ابن تيمية: 2/161.
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّوا۟ مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٥٩﴾] لعل المراد بهذه الرحمة ربطه سبحانه وتعالى على جأشه صلى الله تعالى عليه وسلم، وتخصيصه له بمكارم الأخلاق، وجعل الرفق ولين الجانب مسبباً عن ربط الجأش؛ لأن من ملك نفسه عند الغضب كان كامل الشجاعة. الألوسي: 4/105.
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَٰتًۢا ۚ بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٦٩﴾] (بل أحياء) إعلام بأن حال الشهداء حال الأحياء من التمتع بأرزاق الجنة، بخلاف سائر الأموات من المؤمنين؛ فإنهم لا يتمتعون بالأرزاق حتى يدخلوا الجنة يوم القيامة. ابن جزي: 1/166.
﴿ ٱلَّذِينَ قَالُوا۟ لِإِخْوَٰنِهِمْ وَقَعَدُوا۟ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا۟ ۗ قُلْ فَٱدْرَءُوا۟ عَنْ أَنفُسِكُمُ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ ﴿ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٦٨﴾] (لو أطاعونا) يريد في ألا يخرجوا إلى قريش. وقوله: (وقعدوا) أي: قالوا هذا القول وقعدوا بأنفسهم عن الجهاد، فرد الله عليهم بقوله: (قل فادرؤوا) أي: قل لهم يا محمد: إن صدقتم فادفعوا الموت عن أنفسكم. و«الدرء»: الدفع؛ بين بهذا أن الحذر لا ينفع من القدر، وأن المقتول يقتل بأجله، وما علم الله وأخبر به كائن لا محالة. القرطبي: 5/405.
﴿ وَمَآ أَصَٰبَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٦٦﴾] أخبر أن ما أصابهم يوم التقى الجمعان -جمع المسلمين وجمع المشركين في أحد- من القتل والهزيمة أنه بإذنه وقضائه وقدره، لا مرد له، ولا بد من وقوعه، والأمر القدري إذا نفذ لم يبق إلا التسليم له، وأنه قدَّره لحكم عظيمة، وفوائد جسيمة، وأنه ليتبين بذلك المؤمن من المنافق. السعدي: 156.
﴿ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُوا۟ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَٰنًا وَقَالُوا۟ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٧٣﴾] (حسبنا الله ونعم الوكيل) كلمة يدفع بها ما يخاف ويكره، وهي التي قالها إبراهيم- عليه السلام- حين ألقي في النار، ومعنى «حسبنا الله»: كافينا وحده؛ فلا نخاف غيره، ومعنى: «ونعم الوكيل»: ثناء على الله، وأنه خير من يتوكل العبد عليه، ويلجأ إليه. (فانقلبوا) أي: رجعوا بنعمة السلامة، وفضل الأجر. ابن جزي: 1/167.
﴿ وَيَسْتَبْشِرُو نَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا۟ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٧٠﴾] من إخوانهم الذين تركوهم أحياء في الدنيا على مناهج الإيمان والجهاد؛ لعلمهم أنهم إذا استشهدوا ولحقوا بهم، ونالوا من الكرامة ما نالوا؛ فهم لذلك مستبشرون. البغوي: 1/448.
﴿ فَرِحِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ وَيَسْتَبْشِرُو نَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا۟ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٧٠﴾] لم يفت منهم إلا حياة الكدر التي لا مطمع لأحد في بقائها -وإن طال المدى- وبقيت لهم حياة الصفاء؛ التي لا انفكاك لها، ولا آخر لنعيمها، فلا فتنة تنالهم، ولا حزن يعتريهم، ولا دهش يلم بهم في وقت الحشر، ولا غيره. البقاعي: 2/180.
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَٰتًۢا ۚ بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٦٩﴾] ولفظ: (عند ربهم) يقتضي علو درجتهم، وقربهم من ربهم، (يرزقون) من أنواع النعيم الذي لا يعلم وصفه إلا من أنعم به عليهم، ومع هذا (فرحين بما آتاهم الله من فضله) أي: مغتبطين بذلك، قد قرت به عيونهم، وفرحت به نفوسهم؛ وذلك لحسنه وكثرته، وعظمته، وكمال اللذة في الوصول إليه، وعدم المنغص، فجمع الله لهم بين نعيم البدن بالرزق ونعيم القلب والروح بالفرح بما آتاهم من فضله، فتم لهم النعيم والسرور. السعدي: 156.
﴿ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٨٠﴾] أخبر تعالى ببقائه ودوام ملكه، وأنه في الأبد كهو في الأزل؛ غني عن العالمين، فيرث الأرض بعد فناء خلقه وزوال أملاكهم، فتبقى الأملاك والأموال لا مدعى فيها. القرطبي: 5/442.
﴿ مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٧٩﴾] (حتى يميز الخبيث من الطيب) بأن يفضح المبطل -وإن طال ستره- بتكاليف شاقة، وأحوال شديدة، لا يصبر عليها إلا المخلص من العباد، المخلصون في الاعتقاد. البقاعي: 2/187.
﴿ مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٧٩﴾] ما كان الله ليدع المؤمنين مختلطين بالمنافقين، ولكنه ميز هؤلاء من هؤلاء بما ظهر في غزوة أحد من الأقوال والأفعال التي تدل على الإيمان، أو على النفاق، (وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) أي: ما كان الله ليطلعكم على ما في القلوب من الإيمان والنفاق. ابن جزي: 1/168.
﴿ وَلَا يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَٰرِعُونَ فِى ٱلْكُفْرِ ۚ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّوا۟ ٱللَّهَ شَيْـًٔا ۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِى ٱلْءَاخِرَةِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٧٦﴾] (إنهم لن يضروا الله شيئاً) تعليق نفي الضرر به تعالى تشريف للمؤمنين، وإيذان بأن مضارتهم بمنزلة مضارته سبحانه وتعالى. الألوسي: 4/133.
﴿ إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٧٥﴾] أولياء الرحمن إذا ثبتوا لأجل الله أنجز الله لهم ما وعدهم من النصرة على أولياء الشيطان، ومن خاف من تخويفه وعمل بموجب خوفه ففيه ولاية له. البقاعي: 2/185.
﴿ إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٧٥﴾] فالخائف من الله تعالى هو أن يخاف أن يعاقبه: إما في الدنيا، وإما في الآخرة، ولهذا قيل: ليس الخائف الذي يبكي ويمسح عينيه، بل الخائف الذي يترك ما يخاف أن يُعذب عليه. القرطبي: 5/428.
﴿ فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوٓءٌ وَٱتَّبَعُوا۟ رِضْوَٰنَ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٧٤﴾] لما فوضوا أمورهم إليه، واعتمدوا بقلوبهم عليه؛ أعطاهم من الجزاء أربعة معان: النعمة والفضل، وصرف السوء، واتباع الرضا، فرَضَّاهم عنه، ورضي عنهم. القرطبي: 16/417.
﴿ وَإِن تَصْبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلْأُمُورِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٨٦﴾] فإن (التقوى) تتضمن: فعل المأمور وترك المحظور. و (الصبر) يتضمن: الصبر على المقدور. ابن تيمية: 2/185.
﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِىٓ أَمْوَٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوٓا۟ أَذًى كَثِيرًا ۚ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٨٦﴾] أخبرهم ليوطنوا أنفسهم على احتماله، ويستعدوا للقائه، ويقابلوه بحسن الصبر والثبات؛ فإن هجوم البلاء مما يزيد في اللأواء، والاستعداد للكرب مما يهون الخطب. الألوسي: 4/147.
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٨٥﴾] لما سلاه سبحانه وتعالى بالرسل - الذين لازموا الصبر والاجتهاد في الطاعة- حتى ماتوا وأممهم، وتركوا ما كان بأيديهم عاجزين عن المدافعة، ولم يبق إلا ملكه سبحانه وتعالى، وأن الفريقين ينتظرون الجزاء -فالرسل لتمام الفوز، والكفار لتمام الهلاك- أخبر أن كل نفس كذلك؛ ليجتهد الطائع، ويقتصر العاصي. البقاعي: 2/192.
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٨٥﴾] يندم المغرور بالمتاع الذي غر به، فالسعيد من سعى في أن يكون موته في رضى مولاه. البقاعي: 2/193.
﴿ وَقَتْلَهُمُ ٱلْأَنۢبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٨١﴾] (بغير حق) هذا القيد يراد به: أنهم تجرأوا على قتلهم مع علمهم بشناعته، لا جهلاًً وضلالاًً، بل تمرداًً وعناداًً. السعدي: 159.
﴿ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا۟ وَقَتْلَهُمُ ٱلْأَنۢبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٨١﴾] كانوا راضين بما فعل أوائلهم من قتل من قتلوا من الأنبياء، وكانوا منهم، وعلى منهاجهم من استحلال ذلك، واستجازته؛ فأضاف -جل ثناؤه- فعل ما فعله من كانوا على منهاجه وطريقته إلى جميعهم؛ إذ كانوا أهل ملة واحدة ونحلة واحدة، وبالرضى من جميعهم. الطبري: 7/446.
﴿ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا۟ وَقَتْلَهُمُ ٱلْأَنۢبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٨١﴾] سلاه ربه في تكذيب المكذبين للرسل من قبله ليتأسى بهم؛ فموت النبي الكريم وقتله ممكن كما كان من قبله من إخوانه من الرسل. وختم بالإخبار بأنه وقع قتل كثير من الرسل، فكان ذلك محققاً؛ لأنه لا يصان من الموت خاص ولا عام. البقاعي: 2/192.
﴿ رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّـَٔاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلْأَبْرَارِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٩٣﴾] قولهم (مع الأبرار) دون «أبراراً» أي: لسنا بأبرار؛ فاسلكنا معهم، واجعلنا من أتباعهم؛ وفي ذلك هضم للنفس، وحسن أدب. الألوسي: 4/165.
﴿ رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُۥ ۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٩٢﴾] قال أبو الدرداء: يرحم الله المؤمنين؛ ما زالوا يقولون: «ربنا» «ربنا» حتى استجيب لهم. ابن عطية: 1/556.
﴿ وَيَتَفَكَّرُون َ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَٰطِلًا سُبْحَٰنَكَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٩١﴾] قال ابن عون: الفكرة تُذهِب الغفلة، وتُحدِث للقلب الخشية، كما يُحدِث الماءُ للزرع النباتَ، وما جُليت القلوبُ بمثل الأحزان، ولا استنارت بمثل الفكرة. البغوي: 1/465.
﴿ وَيَتَفَكَّرُون َ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَٰطِلًا سُبْحَٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٩١﴾] قيل لأم الدرداء: ما كان شأن أبي الدرداء؟ قالت: كان أكثر شأنه التفكر، قيل له: أترى التفكر عملا من الأعمال؟ قال: نعم، هو اليقين. ابن عاشور: 4/196.
﴿ ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَٰمًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٩١﴾] أراد به المداومة على الذكر في عموم الأحوال. البغوي: 1/465.
﴿ ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَٰمًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُون َ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٩١﴾] قدم الذكر على الدوام على التفكر للتنبيه على أن العقل لا يفي بالهداية ما لم يتنور بنور ذكر الله تعالى وهدايته، فلا بد للمتفكر من الرجوع إلى الله تعالى. الألوسي: 4/159.
﴿ وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّه ُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٨٧﴾] قال الحسن وقتادة: هي في كل من أوتي علم شيء من الكتاب؛ فمن علم شيئا فليُعَلِّمه، وإياكم وكتمان العلم؛ فإنه هلكة. وقال محمد بن كعب: لا يحل لعالم أن يسكت على علمه، ولا للجاهل أن يسكت على جهله؛ قال الله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب) الآية، وقال (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) [النحل: 43]، وقال أبو هريرة: لولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ما حدثتكم بشيء، ثم تلا هذه الآية: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب). القرطبي:5/458.
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱصْبِرُوا۟ وَصَابِرُوا۟ وَرَابِطُوا۟ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٢٠٠﴾] هذه الآية معلمة بشرط استجابة الدعاء بالنصرة على الكافرين، داعية إلى تذكير أولي الألباب بالمراقبة للواحد الحي القيوم. البقاعي: 2/203.
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱصْبِرُوا۟ وَصَابِرُوا۟ وَرَابِطُوا۟ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿٢٠٠﴾] ختم تعالى السورة بما تضمنته هذه الآية العاشرة من الوصاة التي جمعت الظهور في الدنيا على الأعداء والفوز بنعيم الآخرة، فحض على الصبر على الطاعات، وعن الشهوات، والصبر: الحبس. القرطبي: 5/485.
﴿ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَٰشِعِينَ لِلَّهِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٩٩﴾] لما كان إيمانهم عاما حقيقيا؛ صار نافعا، فأحدث لهم خشية الله... ومن تمام خشيتهم لله أنهم (لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً)؛ فلا يقدمون الدنيا على الدين كما فعل أهل الانحراف الذين يكتمون ما أنزل الله، ويشترون به ثمنا قليلا، وأما هؤلاء فعرفوا الأمر على الحقيقة، وعلموا أن من أعظم الخسران الرضا بالدون عن الدين. السعدي: 162.
﴿ نُزُلًا مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ ۗ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلْأَبْرَارِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٩٨﴾] (للأبرار): جمع بار وبر، ومعناه: العاملون بالبر، وهي غاية التقوى والعمل الصالح؛ قال بعضهم: الأبرار هم الذين لا يؤذون أحداً. ابن جزي: 1/170.
﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ فِى ٱلْبِلَٰدِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٩٦﴾] المغتر فارح بالشيء الذي يغتر به، فالكفار مغترون بتقلبهم، والمؤمنون مهتمون به، لكنه ربما يقع في نفس مؤمن أن هذا الإملاء للكفار إنما هو لخير لهم، فيجيء هذا جنوحاً إلى حالهم ونوعا من الاغترار؛ فلذلك حسنت (لا يَغُرَّنَّكَ)... ما من مؤمن ولا كافر إلا والموت خير له، أما الكافر فلئلا يزداد إثماً، وأما المؤمن فلأن ما عند الله خير للأبرار. ابن عطية: 1/558.
﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ فِى ٱلْبِلَٰدِ ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٩٦﴾] دليل على أن الكفار غير منعم عليهم في الدنيا؛ لأن حقيقة النعمة الخلوص من شوائب الضرر العاجلة والآجلة، ونعم الكفار مشوبة بالآلام والعقوبات، فصار كمن قدم بين يدي غيره حلاوة من عسل فيها السم، فهو وإن استلذ آكله لا يقال أنعم عليه؛ لأن فيه هلاك روحه. القرطبي: 5/481.
﴿ ۖ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُوا۟ وَأُخْرِجُوا۟ مِن دِيَٰرِهِمْ وَأُوذُوا۟ فِى سَبِيلِى وَقَٰتَلُوا۟ وَقُتِلُوا۟ لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّـَٔاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّ هُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ ث ﴾ [سورة آل عمران آية:﴿١٩٥﴾] (فالذين هاجروا) أي: تركوا دار الشرك، وأتوا إلى دار الإيمان، وفارقوا الأحباب والخلان والإخوان والجيران. (وأخرجوا من ديارهم) أي: ضايقهم المشركون بالأذى حتى ألجأوهم إلى الخروج من بين أظهرهم؛ ولهذا قال: (وأوذوا في سبيلي) أي: إنما كان ذنبهم إلى الناس أنهم آمنوا بالله وحده؛ (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد) [البروج: 8]. وقوله: (وقاتلوا وقتلوا): وهذا أعلى المقامات؛ أن يقاتل في سبيل الله. ابن كثير: 1/418.
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/03/134.jpg
امانى يسرى محمد
2025-03-31, 11:18 PM
https://majles.alukah.net/image/jpeg;base64,/9j/4AAQSkZJRgABAQAAAQABAAD/2wCEAAkGBxMTEhUTExMVFhUXGBoaGB gYFxgZGRgYGhoeHRgaGhgYHyggHR4m Gx4aITEhJikrLi4uHR8zODMtNygtLy sBCgoKDg0OGxAQGyslHyUtLS0tLS0t LzcvLTUtKy0vLy0vLy8wLS0tLS0tLS 0tLS0tLy0tLS0tLS0vLS0tLS0tLf/AABEIAOEA4QMBIgACEQEDEQH/xAAbAAACAwEBAQAAAAAAAAAAAAAEBQ ACAwEGB//EAEQQAAIBAwMBBQQJAwIEBQQDAAECE QMSIQAEMUEFEyJRYTJxgZEUFSNCU5K hsdEGUvDB0jNyguEHYmOi8SSTo8IWQ 1T/xAAZAQACAwEAAAAAAAAAAAAAAAAAAQ IDBAX/xAAyEQACAQIEAwYGAgIDAAAAAAAAAQ IDERIhMVEEE0FhcYGRsfAUIqHB0fEy 4QUjFVKi/9oADAMBAAIRAxEAPwD7jpdW3NUPAUW 3CfA82 hGD75GqbzdEmBx0Gc5iTHScRoY 4e6049eB/h6aplPYeQdQ3VVmE0SqnqSuBHoxJM g59NH6QEkdB1PsgDGcEr5avycBR5CB 0iZxoVRhkPNTSG eAvugZM49Y1r3RzhY8yBP6Y0 Y9gyHOppUtEdQD8B/GstzUVB7IknGBnPHyk/DRzHsFkOtTXn91vKaFgVBKgEwF6zx6 iMj1Hnoiq9NSA1gJgQY68fOD8tHMDL ccamlK2GQApI5iOvGstxWpoQCFz7sc fHro5j2DId6mkVHeUXyrIRZfOIsPDe g1V99RCBwUKnqM4mDwNHMFeO4/1NJKlemrWEKDiOIJacfp7sjz1rKf T9PTRzHsPIbamkvepMWjqZxGADz5Z1 yjXpsgYWQfdj/ALc6OY9gy3HeppJQ3FNyLQpBDdCCLS AQQRjkc6xbf0gJtGBLDwyvhYiffBGO ujmCvHc9DqaSvVph7DYGM2zb4iOQvm RyRrVqI6AD4A/6aOY9h2Q11NJjSOMLHuE8eojWTNEyF 90AQf30cx7BkPtTSPg5tPWIERnIxqh JPAAP/KD84U6OZ2BkP9TSIc8D4Lz68HW 13RBg/EZiOpE8R5aFU3DIbamuamrRCRiZ Cx8xMn4azwQPiMHIP6eWrtg/AdYwLcZwf q0yc565xznnJ5xwNZQepwoMyx9 cyDz69Pgda06MjquSZjnqD6dPlqyrd LHjoIjjrE p66JnPTTBIoigCBP6 eunrz uu/z/rrhPPGmSO9ev66wbbrJYluZyzWg8Ta fCDHp/rrdjGZHXSijTao5liPFgHwjE4EZIOf I40mO1zehSQyyUryCZqEKCSRLZOevp 5avW2l7S9Nm6gMylRHGPST8/QQZQ2ppqfEGEknEEfr0jXnu3e16RrV KTVe7fa003CzW7pajEVAEf 6mIWf YfG jw8qrsvfT1aIOyG5oeEqKRUH 1gvBkcHWVHYAAzQVmPtMbSWPJJLEk5 A5J4GvL/0Nv8AcbivX3VUEK222xW65aQcpc4Qm QAT4jExInSvc/8AiZWbbIUoVKdUmKtfuWqbdFEgvTIJ vBIEdBJ5jW7/AIitKo6cLO2G/ZiV/p2EccdWj6F3OCoo2ggjwlRz7vnrE9n oWu jLP8A0 flxPr79fPqn/iJuKybQpR3dMGTuHo7dXkgeEUr5BQt JPBjg fvN9/UdOlS21WoCg3D00AqeAp3ilvHk2kAE RPOq6/ Lr0XFSWbvkuz9X7hqcWTtIUV8daikt i5ghPH93OPP3a2O0QQDQTPnZJ4Hxyf 11857Srbit2jX7h6j0/p2wTwOSvdrTqNUXwmLARJHE un/8AX1aqu72ndbJK7SCKjUTUhu9XwBwf soFz3GeB0nV0v8WlOEMWco4npl8qdu m9vqRxLN2PV0duFytAA8SLQY941Vtm pJJ24JPnYenrpD/VP9UbihVr0aNIVCu3p1UKA1HW6rZUZ 6YM4UhgMTaTMTal7J/8TnajRLbPcVSWIq1adI2FQSAyCTLGB KyIN2caqh/ieIqU ZFXXeuqv77ciTnFOx7tKMcUAJEGLBI mY93OsV21KnDfR0pji5VTEiMxn015b sn udzuN1tqX0OrRRmqCt3lN/CAD3RWpgf80jnA17HtRx3Zlreq4JLF TOB8Ik Y9NZuJ4Spw7SqatX1W7X2HFxlod21F ACVyWyW6tPUkDP mt/n uk9ekyG5WOTOJjBgiDwOZ93u03RpAI 6j/Ousy2J2sQdOf18tcdQQQf9dWHTj/BqHrxpiBalGAYlp49D/kaytGIbqM9B4eff7/TR/wAtYOkQw95ET0yY50rCaBmgBjk45Jy ZE ueNa/e4/un3e/nnVKhxJOCZAjzzODyM866plh8fkQeQ MD/AL6QlqG3Hz1NV1NWkzAyTGMAQOJ9Z1 WjTDdDg5nr6Qf8zrlbOOPD6yfcOvu/bRVNABGf11WiNszp66711D15/XXevX9dMZz/AD9dcPXXfn uuHrz ugCm5pXKV8xpdsypZriVzghog9D4Yx BGPedNTz1/XQlTs9SSwlSTOJ5Ewf8Ok9bjRu 2pMMOzn0diJwcweJAPw0D2v/AEvs9y61K 3So6iAxmYHAMEXDJwZ1vtC1MFSjHMy uRkCeTPOt/pf/p1PkP51bTrSpvFBtPsyE1cp2h2XSr0 jQqoGpGBYCVEDgC0iB6aI21FaaBEUK igBVXAAAwANC7jtNaal3WoqryY4z6H V03wIkJUIIBBgcESOuk6raw3y1t9ww 9TerVKAWoWPRVKgx5 IgRx8xpfudrQ31J6dWmtWlcOeD4QwZ SMjDcjPOr7pKdQg1KDsRMSoxMT192s PoO3/AP8AM3Qez5CB97yAGlGpKMlKLs0Oyt md7L2lHbLSpbWkiUahYypGTbIOTLEg c5wNGbTf31Hp2kWdZ58TL/8AqT8RpfT7OoAAHbsSBzYBmOYBxozb WU8JRdR6KPMnz8yfnpSnOcsUndvULK 2QKn9LbQLXXuRG4M1iXqFn9Ly1wHoC BpnstqlGmtKkoREEKq4AGqfS/wD06nyH86xodqo5cKtQlDa3h4Plzqy dec8pSb729remQlHYYTobd1WWmLMOC oBNo8MicviCBmMzGDrn0v8A9Op8h/Osd25qLYEcSRlsDBnoZ6RqvEFjPtjc o1oWCBMRETI Y9OuiNpStUD4njk 7WCdnLy0sZB6xIGNG/P9dRzbuxkHT/OmoeuoOnP6 WuHrz umI78NQdP86anz/XUHTn9fLQALuKYEmDniOhj0/76iyCB5zI56HOiHUEEGf10LRwY9I5M jnp0E/6aTFbMK1NTU1MkAdpOy0qrK0EUXMjk EKYz79U goMeL87/AO7WvaifYVoHNF8eth6efGkQ/rXZEXCq8FS4Pc1oKDl/Y9kcFuBrZw1KrOH uLeedk/DTxK5WTzHH0JPX87/AM6X7vYvebL4jHjwTGOTIAaJ8xMdJT 9pf1HSd0O3rsr2TadruGupM6G8AL7J ttugghsEGDofa71HAI3NWpThf Hsd1DW1BUU3C770jHIJBnEa/g6zjeTkvCX48tyKmrnoUpWIL1qMxMA KxJPAOQwUCSxyR4Rng6tT2ZKvNwa6Q C QLpAMGPZgf5OklX oafdMG3LSjt3rtstzYsmQhAg07ZEBm 4jQh30t3P0qoTira2w3JqEioGvKgA2 lhEgACYGYIjHhZvWT8peeg23sem22y YZe IeVLSfu2 yc/e fu1ahTuI zcLmWLsOOCFLXCfIj/v56hvaJpMEr7gk1b2qLs9wyhlADKAU NoBBnMjOhj2 XKsN4Ln70UQuy3BFRTzY0S1sA ENECZzqUeCqy0k7d0tu5 8xOW6Pa/Qk8j d/51PoKf b87/zry3ZP9Q7ematSpuGe9wpI2u4UJUGD TvYNmThJEGYAmNN//wCVbYMFJrBoJCnb7gMQOSFNOTqE G4iLslJ D95ApIt2YorU5qE1MIpliRIpUywImJ vLT66OG0QCACB/wAzfzpN2R2lSpKKTLUVylOpYKNQtDU qdzEKpzfcD6zOdHHt6jdZ9rcRIXuK1 xA5IFkx665U/wCTvuLFEM ir6/mb dT6Kvr Zv50s3PblF6T2vUUQwNQUKzBCOSfDG OoJ0tpdruGpj6Tcpgov0SvdVphcwcz PNwBiZ4Fuoiconpfoq v5m/nU ir6/mb debFWrn7eoCykMPoO4bLIoPiBXgiQQ B7tWqdooYoU6zhk8bTQrs agZZphQwWJE3Dkc6aTYsSHu42wgWyD cv3jkXC4ZP8AbProDZ7J1aWRlBywlZ mGme7Ms02x6Fh5EqmSpYV kVfYtUjZblSGDT3hYElmiRBwZyDkEy pUhUFOrXSw1DJ2m4ee8JIBwDCyYz0H lGojU wOY3EWK4QMAXLi1hco8PjLZzGBrZ6Q S8tcRcLYLnFox4TPtSPiNJRunRR3u5 qGmigsx2ddD4HDBmYzAgQScETOr9m9 p1LA5rtVmmbAu0rBCxyjl1U3DpgRHz IPGthxtqZYtdSdBiJqSTPOFYxHv1uN uh4ny9tufLnSOnv3cl3aoilXXu12e4 kBvZJqEcjBwBxoRu0KjlqP0khgM2bX cXqptsPdjxLlWMliDcRBHDSZFzWx6j 6Kvr Zv51Poq v5m/nXm6PbCCnVP0oEBoZhtKy06Vgh0a1p BiOWBGsn3pLBfpZ 18YB2de5ygp5QBgSvhnHF2ZkESwy2D Gvdj1P0VfX8zfzqfRV9fzN/OlGy7SpUEPePVNzAlm29dBcVVYFymJ IkCeTog/1HtxMs4ghTNKqIY yp8GCeg5OojxRCt1RCozKWBAkG5uRn z00qg3c4gx74j9tIdx2vTcPTXvC8ez 3NUEXYBYFfCPU4xr0VVcz7/2OgshZ6E1NTU1MsEfa 7CE3GpZYohCfvXTiRMxGk9LsnZGkpF N7bGoqtzT3TMblAu9kkz7jOnfaVZFY HvUBYKpUqGIIkj76xhuOeI0BSqhgao elgAlrGgSRwRViMiSOfWBrq8PJxprD daaXz6e2Uy1BaGy2rOYp1ARRFIlmMC iAGC 17IMCRwR6Tq2xp06BK0nYpFzFWhiwY rllIwB0mPjor6WjrLVaIRgCCabCcgd agMe/yI1rTakwaqu4pkokmxRaEyYIv9qT/d5YzqPFSm6Uk79N j7iVLKaFw2 2qLWpupC1LXqhqrhahYkKxN ZCAz7vWM90 3L94yVTUekUuNR5NMG6yb LhPv0dX3FM5NeiYeE8JIJkAcVPPPli ek63NemrFTuaAESSR948jNT9PdrjYZ G7F7zE 129LbI606pNRpPtGbSRgpxEHkjMz5R qu12lN6CCk4NFraUVH y7xrSQO8kBo8v206 rQ1KTUVUZbzCWn 6SSxA98caGo71andqK9JhUlSRTYiYB C 3yQZ B10uClKMXr4X27Oy/mZa7xNANfY7NVen3ZKX980VXt72cuZ qYaYMnXK y2rv9IqXIB7V7nxmxXUk3EyAeJkx6Z NTdoqtbXoyl0qEaQoi4kd5zJGTmZ9d b0qtN6iqtekXIa37IzALBoBfoVYf/OtjqTjm3Lrnn PfgUWBOzrvpnf JkFFqUzJuFYsoyZIsjOt973h3abhEJ C0HSGIEszKQMHiAc63RVps6lxN5OYE 3AEwPKZ1gQO8v74W48N3ksYzHrxrj1 GnJtaXF2doB2UzLtdxTqIQr98QT1Z5 LKR5Dieui/qtVdWghaKhabGpUlEiHAN BA Ue/RG9YOhVWEkHqD0PQax7S2FStCuwVKi m5RVIUrB693IMkT0IEEav4fDazlbME six3Mt7VVVzJeq4uyox47oEkSQBMem h9nsrajVnVu ZACy1KhdlBEDwsWIB94At6zpbT2aPu a 3JyKaM7msoSoGcuFkUpJVyT6TAxjWV eutdtyatQpTov3UK5EzaZUrTZityrB gRmZ510Vw0r5Seiv3O1sr59w8XYehX cNbeO9WHUC6qzT4wrgrcRzI/XV22tUlSruVIWZqP8A9R9r/Ixzhd2Bulr0goK04a5w7MWVjUNQiSo ViTPDGJ1b qx3dJKlZQ60mXwU6zozMzKqv4QD4Tn nGdc7jIOEsL1VzRQzyGG523eShSqaZ Nr3vUKupgMtpaSIPMRzmNZdnbW1QFu 7pVIUJUeBBgBVVuguwOgHWRpXttpSX erRIvdKYrrUbcMaam4pAAUAvJZpYEw xzEALG3e1FCnX jsLnayn9J3AKstUhnx4VMy/QmTEk6x2ZpUL5e/U9bTYlGcXqLQVPfO0nrIujB89A9nmO 0txubX7mpRpKjBWNxWZxEx66N7IoKa C06AprSjwi oWCsZJtdbupOToWmSyUbaqqAiSL4n2 cEdRzIwekiTrdwf8Zp9Vb639UjLWdm hHR7PqjY9pUTTfvNxX3D0hafEtSLST wJjrrfcrXFfZOtMnuKRQStSAXpqtS/HS2Rbzpw9V3J8SoIIUd4M5HiMcdYic cxxrR67Awr0zySzMOrYAAzIXHl/r0nXk220s7/8AqKT iM5z pX7 iqU5LirTYgqy4RlZjDehEaU73ZVGeu Qhh91t6q8 xTAuPvxxpwlVe8Y3CM5kR7KayWowUJ crEgzULgRMxHUnjEAeuM8SpFRlYUld 5mO2q1V31WoU8LqiloaLUmCBzcZ4PH 7 hG9Q48QnAlWGdKDVIEhgxtUQWUQRMk 544mJPv1rQqSVDMha77pnE4/TUCcHbIdampqamXCntHeWNEqosUklC xM38wcABToQMGRGuUqSApNI8scEZxM 8 7TDtDaEg1AVxTgqyM823HAUz94jg6T ACRUtW6JnuKsp1MePEmAY5JM8a6FBR lDL07O4qle4PtjUfc3JuiV7uLSpAgE eEIwt 8PF7UYnTynXqsGK1KKgNZdYcyEOLW5 8RH66Dp0kqEJKS04 juAYAJE94LgRHp0OcaJoWpehpXgPOF VVBsVfCpYxgc p1Hi6kLZ69Mv6RKmncxq7mDVeaRVQw J5Y y83rhRZmCMkjoM9p1615mpQDBbT4Hi Scfe5gg9P4z7ilDRtUBJlTbTkZ6Hpp b3tZt41 1Q0rB4SEIuBP2t5XxPBK2njxZzrn4k alG48rbiqovasjKxIlF8KhVdiRkycA H3euq03LWgVbrS0eAcg2tyPORrlS0g IlMJaxcqxhWvDKcqGgyfKOBoKsVgCa KCSzWViuJJa4ingG0mRBxzrocPFSgr fbtMtS6kCdtqXpgU9wVtZcAFRzjKCR BXjgxB5Gm 1d6VOVqBp8RJRQXPJmAMx8RrDuha00 6VqtGXfkcCRSzkiJ5JHJ1BsgXC/ZXfd 1ZrQV 6O7APhk56EZiNaJNOOF6K/RFeYdvqLGsSawpqFkYHnGSfifiPLI5 qhKveGuLSACeAAMsI6ElCvEiI5zrBd yjuEa8vAySYyLsZ9 u169NLjDG1bja09bY9rn/TXHuGJBtaqAj1alcMAKgEEACB4lEZa Pn16xrLdV1qJRKlWBs4PmyGCOh9Dof cmlUpEOWCSR4mOCvUZI9R56I7P2dOE pwbAWiCQejAysGZzOpQlaabHe QNQ3bBSa9MIAFiBNzG6QBJM4WBEmfW ByrWqnikhEuD4ZhYFsrPJBMj09ddsr Bo j1DHtf/UNhcTEVcki73Y1vtKDMzzRqhRMA13L E9AIqx8/nrqOUV82XmvyKzMqNiAUkpYGDAkLIJ NxPWf0IPXVa1UqSQl5Jpjrgd0snAPG i9vtCz2vSqKMkzWqGViBxUObp9wjnV u3aaIoZabs7MEASoycKTnxAeypHnwP di4qSlZLv95svo5MB lCQoQFpUOBwkmD47YJB6YJ1k1ZWU97 RAUQcgkEhjEXKPIEe NFUQr1VVKNUr94/SGhfGyzIqGSAFa0ThvMZH7Pq95TVk2 9ap4mBddyLcMVgRVywHIgDBE ePAzRde/2G9nODVUhSMOMqVJwMgETGt94tQVia aUyAFkM0TJ8X3YwOM9T5QbbbaqlLvH V0cIbvG7FcS1ssROOmgF2aXlmTcGRk 3rkkENPj4IJx7vIa2cLBJNv39UZ6sk 3kRdtWMMe7VQZqAGZAAgAFepvzdERy c63 h7gg29yRmPG4iQYkBTkSOvTppV21Sc UmanSqFh7ILAKqqpglUa5 T4ZGCc6J2SFlFR6denUOTbVkEEeRcW 5MxGMD3bpL5cV19PzcpHm6SKagheUm OJnMaWKlQvc7JAZZCEkE9MEcAY559 uUKFNF z74iFFjMWtCOwPtNzyMHp66W9ppTpA EUa1oZQD31UALILDD8kgGfMa5dS0ZN JhJ9RytTcKFULSY4JJdyPE8ra1rMQV BEkACRBMRo/s9HFJb7S1uSrFgeeGYScddJ6GxoHxG nXEj2DVcjLXG77TxZjBxiNMtg6Iq0l D8GC2STljJk55OoPQlDUO1NTU1IsMN yGKCxlU9bgTI6gQQQT55jy156vUNCl e9QcMxwcmIC45JI69SPKCb2rTY1PCi ORTTDAH8TieM26F7okBG26yTDmwWBS YwZkkjymOsa6HDxwxV3l10KpvM32G5 q1QtWlVpMvhWLWBA8JcGcSBPTqBPXV O0NsGqNcH9o8IxBkoQQQInw8jzOstv t2RQG26EDACKCThYySYzdyfKSNG7De Gmr/YvJc BFLAfZ0sEoCBMz89VcVSTV08lpp9vw TpTaYrpowtBMpTZSIp1AxIJmTEKIMB QDxz5Q7O2GS65REmm4nwquSFPldkEk 4kCZ2XdA3eKv8AafeIdQPvL4YABIRp MZz0Ous9Ikhk3TKIKtFR6bmZgMqmZJ mRM/ADWHlmrEEbDaXs5q MW4JQoOvhAbkdYM9J0NUhe7jbU7ELE MzUwCQpFxu4ySJM4M mjN7uTVKE0TAvhaikE/8AClrWWREsOOh89AbaskHvaCofDb9k fGTzatsmDHT1MTrpcLBqnfXs81uZKs ryJ2b2gtYFadKi5UsIaxbYEMVUgkrw AQLSMyeNPdjs6dtNu6VGAutxKMUtOR 1tLCfU681Q2wpAldqDcSSYvtwYAETE gCB55I0elakWWymJDp41TwiKiSO8gC YJEc8gxq2vTUv4XS965299pCMtzbdH uiEJLCABbRZj1ABhvIdP01ntW6KCoC ksGpOGBgGLbvE3uk/PJtTeq1UWVqYuUAEFWJubFuefnoeHS pL7hSQtzzAULi7JnoOfU eOVYLIrkuotkyAT3TFVJEt4rrccczJ IxoqttiCqioATeS0YHqBOIwQZ5A92r LupcM24pAAxapm4DGSTyWnAHkM8nLt Ssr92VKspZcgyD9qoOpwXzq247JIrS 26rUJO4axApCg07bUCwDKlj7OSCCZb iYC3s3e069V1 lVFYEhWUIt4IBZlLB8YGfCZnzGtdvu SFZq9NUAHRTzJxEZJgQB5 o1glEoXanQSXd7pUmAACkryszJH6SR rqRja6euieVvQjiG1TYAhAN1UgFrj3 iBzKhRlVg4B5Ey0zPOXaG4 0dGqMBeqqAYk92rRgZMydU75Sbe7k4 uhQQkj7x4EeXkQdU3S92lOoaiAVLB4 1mGFHmbx0TymdYOJjLCsy i1cm5tcC pUIcBQbmyCZGRxmNAf09tqVIMtOs5I PiOViSYEEQOs Z GiqFFO/ZFqUiwPibuzINxW3NWQAwiBgGMaHG4 21mdxtlumVCEEgErm2p7JJjODd66x4 ZGlaWGNWsxFRb2YGlVkEg5ULHxydVq VENS/vVwBC3YkBhnPWR06aL7G2YhaqslpQl QqWe3aZPiOcat2nQLu32ligAnw3AwQ QehkEdD11s4Wdvll707GZaqTeQpY3B i1dVLFfZYwtt2B4uciTwfLW9OuQQO p2qFB6s8LDdfDn363p0WVxZWAYsVCs JJl72M8kWgiMYzIidG7Wm9M1L6qO7x aLe74mBMkmePhrTOqkvt7RUogFGqoy WABugkgA/aPxPPI eh1chQneK0zLlxImYjMyMR7umNMa9G sCpaotoOUAJLEmfakCATHsnicTAlKv VHeNdSUyDkMQgg5w3j448PXy1z5/NJsLAAqxEVEJIUG5wQIHJF3Jzweg9 i9pUBamL1ZhMwR GwJgdJ/fWrrWUPO5SeJsICj2ibS5kx6iPhrWn Rrkhmroy4MLTZZA9TUIz1xqLQ1HMO1 NTU1OyLTGrtEcAuisQuJUE/CdecCBShKbc3AEBrYtLRMwCSSYGIhe p5c76orfZlHeFBNpUDMiDcwmQDIzrz q1Kq7lF iygE5fMgxdcGsgKxFh6kGdbuEi8Lu/C6/JXN5jzbbNFuFZNuT4ALEAyxKyZ826d IPOgqm/FIsO87oXuAFRAoF7KM2 SZz miE29INf3FW4MWktSOTJ47zgTgfHnV TtwwZ27sKHcnvIBUli2YkYu5B1m4lS eab nomW0muoo/qKg1bblRWYrVg2lRa4MGDYtw6ER7tH bDfsRZ9IdmX2iVQZ46r58DWNAUZch6 JKkcMWNpItCi2bfQeR8tE1djTuKE0Q 3BElS02yMDxAllBHWdY7SNDa0Zs1Ys TJeoVi0qBILEhlJUAASgMtjBkjQ5er 4CKFY3TH2tPxGGPQkKBC I ZxwCavY5AIWqaQjijaOJ/uUj7zdPI6CqbZaS0w28qLIYeM0jA4u gICWHN3nzIEa6nCtYEnr49uxkqWxXQ WKNQIT3Va4lrVDpgYtLG/rk48umNW2FF2YCrSqJHizUVgSpUjCt PJ46EdZ1WnSUJSptuqwNSSAzUi5LA1 IMpOPICIgRGiqfZjBkY7ms5U5u7uCv VYRFwSAcycaJzsmm11/7fToRSBKW9JYG5biAIsaBPiGZ8p Wlu427rXDitYoUkgCIBIEBRyCYzyPl pimztaIUOVEtfzaIxIiQAT7p9dZNtV AdWN0CHudmkMQRmOMjC4zrnWK3d6hl PcFjcpQ8ibPIwfvcY11EFRlVwIlptl cyGnBkGczPOgn2qGVJAVbrlvKr0uua 2QADETHTphhtaVroCR944MiMAZ Gmm07ko36gVOizViopVBTx4mrVAQIW RaXkmbhPHBEjOrUrWf/hVlp8XPWZDcAZ8Jq3RMLkDMniDq1ft JC1UKKzMuLUVgxgxIIgRIPJExrAbaj kmjXm7gd81ykgliSBgnJU5wMa6d3b5 k1kv3/Jfgdgrb7QuwmlURMyWrVCSYEBYqdDI PTiCdd3m4JvpIgAQqs3sv3VbAAxggc 6K2naIdrLKqGCQXS0EAgfCZwD5Hy0r 7W2ZL1C3eBS4IKRBBpKmfjONYK8pt5 /UvpJXAFr7kbwfZL3K08LJsm4nvLouN TJWD/zeunv09/wk/Of9mlqbOpK3XkLhRAGAByepxPQa5R2 DoDb3stGWCkgCeIiTmZM s6z3kWtRew1p9pGWDoAAjP4WLYS2RB A89BVKMszdzKkEimXAW8mSxIzk 8dYnXKW1qeObz9jWEtaCS9pVQB7jql dEeorzUBUDApP0MifDP8A8nz1u4X Lf5 xnq5PID7Aq1WZzW2w8NQ2G4i2ItVVb BgAS4gHEDTWnTUNcaLMwMhmcErAgAe UDHzmSSdANQvzULSQJtpPAAa4ASuY/u/Qa1pIVtUNUCKFwKTy0dDK4Huz8s66l pNvTzsVJsJ3dda2O7JZDBBYWz7pg4P MYnS3s5gazhtnTAUj/pAkiJEMSSTIjHOiO7k1CwYBmlSUbPh tyCPOcHVqtJjCgRTAFoCPdgecQoHuM muZUVpNIi73uGOlIm47cE5ybeuT uiNlUUfZrTKCGIEgjmT7snS1qMOzqG kiIKOB0PIWRx5aJ7NRg/iYths2FAMKIE oJ1Bk4t3G2pqamplol7U2ZdjKvaUWC kdLp/caGNMmOQgIKqABmTeSZ9TgRortiuqs oL1QwVSFRGYRcRJIjEXSJzaMEgAjbb bbcoC5rEk2G7vPHw3ESVwOgAI10aUm qabv5FUkrmdPZlCShqAkwZCtwcgAnm ff1xxo2lUZKZS5byw/4rIDAC Jh629BOZjQ1ZqTMTG4N2SA1WFJ8THP v EQNYV6zwDQQOrE 1jwnjr5ap4qpLArrXs/sspQTZ3szcAtVCVNsjUoQAeyHgEkEo PDHAEjW4qVFvYfQ5JuC94JDRk3BRMn JJOI66U9mbJKTTTSHZlFSR4aYblEzj xQYyYI9NGU91WGalMBc zzwI6nrIj1HrGDGaXFXyHvaPaACgo9 OCSGYm4KApJmCPLz153d0dxUq0TS3U BLsKCoUHBYpJFQSMXTBgiJnRaguzE0 yAIBVmALK3eKIIPWeJ1F2StaUVlNTM rVFzqCGIBukdMjMHXT4SSjDF37du/YZKkWpWN6e7IYsKlIu4AJFNizQDBhX 62npm30Gi/p1WA91NlwcIwkGODeYx6aFHZpKwaLE DA 08pifFJ5OT7/AC1jU2ksGYNczeEtVFouxARTBxIyCf XiG1Tk/wBEPmDNytB6jMyI4K8lZkzHtW/2492h6FQhCopbcBhJWCEBEQD4JZukx 0n01SitW5TP2cDECfYz68xrtRqrBig KSvhDAchuTIxK9Dn01zbixBW0o0cmp ToE3MVikPCpi0TYJI89ab7cwUamRza PSXCnHuOhFeqAAVvc3egA6SR8B5nnz 1c0We0CLrpyTEqVaJAPlzGpQaxK g0 go7P7LDbhtwld2kA/ek JgFYn2kBDQv FvV7Wt9quBll9j7yiWHHlqu42LKhWK dMEGStZlwJZhcaWOWPnyRxIruNjapZ kolRLD7VpzHB7uSSYOTMx6a6cpxqST ln0WgWaDO/qR/xP/avlOiK1UtQDEZYKTHqATpVS2ZeowC0 2anZjvHtSQSlsUoIiT15 Gl39V1Kq0wlEVCU7tWIPhuAWPAPE0q 0cwCQYJGsfEKKSXXwLqMXKQ6OxcsO8 3HiDMyAd2xBthgtyXC0GMGSCZ5jVNp t6aNSqPWLN7SzaJL0whJKoCZGZMfeP AMZbDu18R21RWYGVDoyi7DAEsJkATI 1d0oER9HqjETKYwwGDUIxc3IOST11m xIts/dh6GkGIPx9NJt72fVqVmtrWqbDADAh QPEAQwBJMGSMRjOdadn16VNWRUqKFQ v4iGJVFVTkMSSBbzpbR3m8 kvNMCmVEER4RnKkmCx6gyBHz1cLGbx Sg0sutt1oUTyyYXTqbgBo3CMZdKSd1 Mt4gsm4XW2tIEYBk9RpsaNdwKg3SOp tz3LZCkhgAakC4eQGRPprGls6QiNu4 iOKpHs8HD8g50bQ3IRbVoMqjgBlx urZt2 RfSBFW6mvazG0AMFJI6TjPE XM mgqtCfG 4OP7bWUWkAgm3JDcg ojnQPbu6Lqe7oAkEK9wlhPRbT1UgSM idF7ehTtF21phuoEQPnrC8nZkW02bb jZKoA75kAWDNkFQSSSSscnz0XsLVBp hy5UfewwB4EQMAaBfb0iZahd4bckER/y8Z92t9slO8RStIVoIjrEzGf8ADpNk ovMY6mpqakWCLtyvnu72QNTXKRcSS0 C7mMcf YzidAdh0BRoU1FYlSVCgqCq58NitNo mD748sPd5tASHJUeAKbluwJ4yP7jOk 30zbXk9/RuBi4AHMjAipIkkSYAMZwNdGjNOlgS 2vl/RVJO4VQ7V7wlRWbiTKIBGOZHWdbbWi tRarg3sCbSHZQxsVhIVgvtGJEf66Gr PTtBd0AIuM04tH/m8fWOMzpkvZ7WQlW25riyAcWhQFmQB gGTPXjBFNfBhyVvD kSg2nqL1pu0W7aqoLDxPXEKtyzIWtc TF/A6DGda0tuxqlWoVFp9H7/pb1AqlpLY9nRKdkkNf31VnF1pqFWVS 0T4VVceEYBHWIJnWFTsFrSF3VdSBAI KACFtHhCA4HrPEkwNYbIvxdvqU7c2i KkU6feVCCVDMx9nByzdLsD1 Ol39PK4oy9Eo5HhdbZB/utdhHA8PUDONO 2llkmQIcSJwZQjj3H9dKaFJ6Yhal0g Al1eFCk yoySZ6t/GupQa5GHx67v3YzSbxXCzt6dlnc1Yz m9JJIyxlzJmDnrrSiKSMCKLjIAlkIB MKoAv8AOM6W1diCB9oQQCMqzcznOPL Hw6mb7hqtpN/GQoVicMpuLkDiCeMTyY05Ry19fyK5d 9xNYqlBLrQQrdzhSSAzRU/u8sxpgVmoQNuvdiZe1BwOAp8TSeoEc c5hN9EpLWvsaS0DxYDXMC4PM4n4zox t6M2lmAnK1WIkCTJB GuXcSluHJBuP0Xwgi0xSlgfaNsk45i JMgATqUnYWlqdhAqEItsxMqIUkXEcw edAJ2glpdmZACRmo/QT58xOPQ6H3HatTvUpKr4vF4MtF/KkgxC4JMkY0Jq Y8aDdxfVcMdsWCgzfbDcimwpuwAMFj 4hIBiQdRtm73O22S6zwo7K4D3QbZJV VKRMBSSOutO6WZ7/AHJI4JHx/D9ekYx01Hoqxlq1fgDAIBgRPsHJyfe ZEEDWzmxWSa vlqSyObd6tND3O1EEkgXU0wCAL88xc eMeEZ0N2kjd5VhyhvB9GHdIOnImRg/to1NsKjR31XqbYIEAgr7QPs kTOrbjtB6bWEggL7RmWgD 0cnJ6D/AForOM1lr4/ctpOzyFlOo8rc4AXBPV8DxEcCT09dV omooaaocmLZFoHMnrg HHodNO93LilVprSbwG4NUqICT5BVYR 6kE6rtH3YqUzX jqniHhq1JJYC1QhUKTcG5zHrOs AuxAtAMxfIY9zWHhBjxFLRnrg/LXa9NWqK/j8MY7p8wSRmJ/w8zr0RPP86z3O5FNSzcAE85MAkgTyY BPw1po1HBYUjPP5nc853ZbNQtcY9mn UgQ1wAlZJH92M9OmtVJBUBnCLbgUnJ aOQSVx8P9M0XvuKe5RA1Sp4 5 YYLbcMqFYlyfFcYAxa47NHdpY1SmzX uPALBJJa0LcxkA ZOCda6lTCvt99LFaiJW2t5eQwBe4fZ sZFtvlIzPv9x1o9BiAubAFA8D3Egck 2wP1n00636OwsSoqM08gkkRm2CCDkG ROhKtCsoS2st3iwwJvLLAABcYXmM9O OvPk8TbE4ATbeHaooe4rEFXA5BOQMc aJ7NpsG8TM2GyUtAwogSPME60ZaoUs NxTAYmCRImBAUs3AC8f83vBe0NS1i5 VpJKleLPu f78RqI4xzN9TU1NTLSj0VdbXUMpAkE Ag8EYOrLTAGB1/c66nAz09Nd P7eeo3ysDKVaKnlQY4npiP2ka0POuE 85/bXZzz 2gRz f9dQ9dSfXr6eeoTzn9tAFa90GwC7pJ IHI5ImPfB0go1NwPszuEJutB7okxOJ YPk2 gyfa8/RTnn9tLT2UpMl DjAkZ6Hp8PPV9KcYpp iYmim47OrkAJuCtqxJQuSbSJaakHme OQJJjRFOjUCuK1QVLsC1BTifDAlmkk kcnnRhPOf21yooIgwQQQQYII9QdQdW TVnbyXra4WEL72gR/xmYGAfCIhiFziAPF15zqi7qkFLK7Wq ABhQTgmAvmI9nn007dliBHtTwImZn3 zmdTztJJj01ULAJE3lD2zWggEE2rcB zzHGJ WqVMzY8Z6kAmSpJBHuMRgz1GmO rNPhphoESSuYOB5n73OOs6yQbhoNTu yAehBPWR7PXGf00hOPQBFSpbbIxkve JOZAA5OMZj461d2EHvLoHErJ9qeYHV T040SrVh/wD1paWyZAMegjgZ5zj11x /mQtMXTAuHlA 55wfdjQRwE7LrsagL2cNAVpj2OZjrO nD0VMyoM84HlpUVrXqIVVEXNIBYjMp aOD667R3O4JIIUKc3EgFQZ8PhkE8H/MMmska7nsgVHl3qd3NwRXen4oUe1TY EjwggHgkmemstp/TtCm4dQ IKjvq5gi45moQwljgjqfPTefX9tcHT P7aZZjlpch66y3Wzp1IFRA0TEiYnmN azzn9td P7aabTuiIHW7LosgU01jMYEgkQSD58 fLVKXZFBWvFPxDhiWJHHmfQfIaOHTP 7eWpPOf21LmTta7CyB97sUqxddIBAh iB4hBlQYbHmNZ0OzKakMLyecuxzAzk 84GedG/H9tcHTP7eWoBZC1uwaJ6VPL/i1DjOMsf7m Z0TtNmKd8Em6DBOBAjGfT/I0TPOf21G656emgFFXOampqakM6nA9 2u/5z66opAAJ4jSyv22qkC1rZy3EesddU VK0KdsTtcTdhseust5UZVJCX4MqDki OgjOYEa7SrKwlSDjoRrWPTVl76AJF3 deZRGcNCoHBTCipNR5UBZY0xECRwNE Ut3XVXarSgC3CeInIDsApYnkkLEwOp OGDmATBMZgcn3awWs55pMJj7yYGJ 9J69NKxK9xfTSuqo5EnvA7c3BLFDSo Ek84gngR5V23aO7YN/9NnESwQBiASIcy0TyI8uk6YU905E9y 3XllHl/cQf01N7WZQfA1uAWTxMsmCQgBJI54P HGlYdwJdxXZVdqdttVrvanuwIJC 0esRN0DAu8I/f7xgZpFTUGPGvg8OeTjxZ MRIzdTu/E60xLAEB3IVcLju5wcN6yR660UbvwK aaEC3xX OV9piQRNxxHlMzMaXmPyJWrVaaJIZi KaiVUtNQA3BoBNrEAEwInnOBvptYuV 7u1OWMFjCkSpKyGkEwomfTjRW6 lBm7tFK3MVLN4hPECYgeR5np1DqUt2 3isUOEgw6jxShMTMKQsYki4nONDuNG g3O6lWq0B92xRaSCcVAWkgC0lgTbkR mdWY7mnTpt/xCC165MlnWzjyAIngTOYg23Xfhz3aq ywsX1GwRlpUmPSRnqZ40PduWAULFiM pYuQSxpgB8kKYeW4OI66QFU3G5dIWk Q10ljKdWHLe0IjifMjIGmtbcVEps4X 2Fk5BkLkxxyBPx4PGgq 5rJ4URakUg1R8sZIa20LBbKn3yOMnX aW9qd3LI6m6IQFyIQHiCSDUlZHQjI5 00wZxNzujBNGcAQKqASC5LCTOQVGY4 PHGrU91uir/ZKGDBSCSBbaCbSfaPQHAyfLIrDcMbG p IEkm85uLNHkcWgeWfTRtm6VQUQFoe4 PUJA8QKyZliUETOCfLGheIvI72duNw zKTTimeSWUwBIwLpHyPHx1R03bVFNo QXCSrgrYCxiDmciTAmNcd94T4qYA7w EWuJskeAgEyZAF3EFpiNM zhU7tO9AD9YJI6xkkziNNeInkCbrf1 GJSlRcspljIVYVoi5o9pROJwdWp72u A7VaJABFoTxtBJBwlxaMGQBycQslke upqVu0VxHshvFUyoZhTNt7iGqSSs2z AtIHHTTtSYyBPWDiY6Y1AOP86annoS sJ5u5bWdapasx5fxq/wANLd/Xa9UVGaRkYg4kGT6 vTQyMnZGW77SIfGApOJwwjrjH Hy0wobm8MQOMHPpP8A2 GklZftIenaTJtHiPQk AkxJb56YbKo0mKLIpmZjEKOk ePXnGoplcJO4w1NTU1aXCir2uh8JSr jGLIOf8AmmNBbitRpwaiNDNUyApIAq uBljjAjE8arU9r/q/10TspVqjFVceJUuBIu71yV9JkGfT11 hdKNV/N6C4hJWsKe1f6k2qd6qbelcjC17aZF RFYAgsyyCRPAOONGdl7uk124SmAO8N oVVBCNtUqW4gcmffrfsfe37qpSqCgy qjsGFG22x1VgSWM88wONC7Xdd6Kzq9 1Pv2FOBC2HaK6kD/qPwjy1fZYbp/QzRzkm31Gv18v4dX5J/u1D28ufs6vyT/drzPaW8qK6U6dsv8A3cTMcnA1hse0n O7rbZiG7sHIAUki3yYiPF59MxwJqjW dPmXy17fQ3OdPFhseu vl/Dq/JP8Adrn18v4dX5U/92lN AYMHg9D/nTz6a6D/mf31nxz3LcEdhse3lz9nV Sf7tT6 X8Or8qf 7SjvBx1 PUCP3HzHnrWghYhRknjPOJ1OmqlSWF MrqunTjiaGP18v4dX5J/u1Ru2UJJNOr/AOz/AHaA3tJqTqjxLLdAmRng s Ws7vTnA9SBJj4alWhUpOzfbl iNCpTqpuKtZ2z/YwPaqXTZVjyhP92he1u2GsZwjNHC9B zlgOf2nr11kWzEGfKDOoJnEzMesnAE fHVanLqXYYl yO2GK3FGXOR0bOTH93qJHryNG/WyTNlWPKKf8Au0tFQHr7vIDp 4 Y89ZbiuRdH3QT04CkzkjGI9J0Ocnoy UKSk9ByO2UBBFOr/wCz/drT6 XP2dX5J/u15/aV2JdWiUIGM8zjE6JZ4wcfA n8j56WOe4Toxi7Mb/Xy/h1flT/AN2qVO3FIgJVHrFM9P8Am0su9/lwefI/I64rTgZP D99GOe5DBDYOHaa5kbgjGPsxx/1ftGo3aoJk9//APjAn3Bvd8tAl/f7s9ePnrpeOf8AXRinuHLhsGHtMYxX iDOKeZknlo6 XTVvrUdBXH/2jPmTJ93u OgVadYVt5TV1ps6hmyFODEGDM akcHjQpTfUThTWqHFDthFnwVjPn3f h1K/bvh8FNw3SbI/RtKaO6VlZwRYIIYkAWGmj3EkCBk8 XOg6nblAKGDhgT90j2YB7yGILJDKZW SbhAOYd57kXy0gzZV2Sr3jBzzPsyZ/6tOm7eXP2dXjyT/drz/wBYqbrPHAqezJl0qU0VRbPN5E Y8tb7eqXQMQBcCYzxJtPiyJWDHrpfP FahTjT0ivU9P9JH9rfp/OprLU1tK7oB7Z2RpOWjwEyD5SZIPl6 aFp7ooTBQ5aDc6mGZmAI7tsi45B17Y jQ/1fR/Cp/lX NQdBp3ixSkpWv0PBdp7WnVU CgG/vJqEwckECmt0nqSTouiUVQiLSRQCSE Lks/dimD4lAAtAHw17L6uo/hU/yr/Gp9X0fwqf5V/jSdGb6kVGCd8z5t2x2W9VkdHClfMT1 kHQnYv9PvRr1a71QzVA3sqBl3DscyO RxHXX1T6vo/hU/yr/Gp9X0fwk/Kv8as/wB2Dl4su4nenixWzPDLRI4Y/JPQ Xmq/LUakTMuxkmcL1ieB6D5a9z9X0vwqf5 V/jU r6P4VP8AKv8AGqfh5blnOWx4gq3958 wYWQc kR4jiPLyEdYNgqYI6wOfOOP017b6vo/hU/yr/Gp9X0fwqf5V/jU6dOpTkpReZXVdOrBwksn76HgRt3a oalSoXY9evpHlGtWok8ux55C9RB6Yx 5a9z9X0vwqf5V/jU r6X4VP8q/xqVaNWtLFN56behDh40qEcNNZXvq3m 54c02gi9oMyITMmT08yfnrhptPtHJM mBORB9OPTXufq j FT/ACr/ABqfV9H8Kn Vf41V8PLcv5y2PEBW6sfXC5Ek5x5k8 RiBwBoTf7OoxNjhZg5UGCARI BPz19C r6P4VP8q/xqfV9H8Kn Vf40PhpPqTp8Tgd4o b9j9ltQDeMEsR0xAn1mfX00xZGMm4g m7hUjxGTAIxnrz8zr2/1fS/Cp/lX NT6vo/hU/yr/GkuGaVkwqcTzJOUtWeGaiTyxzzhM4j iI4J Z1Y0z/e2TJ9nJ8 PQa9v9X0fwqf5V/jU r6X4SflX NP4eW5DnLY8P3bQRe0HkQnnPl5knVl DiIc8k5C8mZOBPU nw17b6vo/hU/yr/Gp9X0vwk/Kv8AGj4eW4c1bHiUUiJJMAATGAOBj/XVzwR017P6vo/hU/yr/GufV1H8Kn Vf40fDy3DnLY8TuKKupRg0FSmGYG0i PODjzB1001mbRkycDJ8z569t9X0fwq f5V/jU r6P4VP8q/xo HluLmx2PGLgYx1xjOiez9kazQPZ 83QDqJ8zr1X1fR/Cp/lX NEIoAgAAeQ048PnmwdbLJFO6XyGprT U1qKCampqaAJqampoAmpqamgCampqa AJqampoAmpqamgCampqaAJqampoAmp qamgCampqaAJqampoAmpqamgCampqa AJqampoAmpqamgD//2Q==
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.