المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال عن حقيقة مذهب ابن تيمية وابن القيم في التحسين والتقبيح العقليين



أبو محمد المأربي
2019-02-05, 01:10 AM
إخواني الكرام: قرأت على عجل رسالة الدكتور عائض بن عبد الله الشهراني (التحسين والتقبيح العقليان وأثرهما في مسائل أصول الفقه) فرأيته في (1/ 402-) ينسب إلى شيخ الإسلام وابن القيم وبل وعامة السلف وأكثر المسلمين هذا المذهب:(إن العقل يمكنه إدراك حسن أو قبح كثير من الأفعال والأشياء لما تشتمل عليه من صفات الحسن أو القبح الذاتيين، فتسمى الأشياء والأفعال قبل الشرع حسنة أو قبيحة، لكن لا يترتب على ذلك الإدراك وجوب ولا تحريم.... بل ذلك متوقف على ورود الدليل الشرعي بذلك)... فهل هذا العزو صحيح؟ علماً بأنه يقتضي عدم وجوب التوحيد وحرمة الشرك والتنديد قبل الشرع!!

نبيل عبد الحميد العريفي
2019-02-05, 03:24 AM
فهل هذا العزو صحيح؟ علماً بأنه يقتضي عدم وجوب التوحيد وحرمة الشرك والتنديد قبل الشرع!!

���� سؤال وهيج.

قلت : هذا العزو صحيح ! كناتج على أن المقتضى بالوجوب أو عدم الوجوب للتوحيد -مثلا- وحرمة الشرك -مثلا- هذا عند أهل السنة -بفهم السلف الصالح- هو ما يستفاد من الأحكام.

وعلى هذا قال به بن تيمية وبن القيم ولم يسبقا القول على الكتاب والسنة ولا على مذهب أهل السنة.

وهناك -مثاله- أحاكم على زيارة القبور بالنهي عن زيرتها فكان شرعا ؟ ثم جاز وصار من الشريعة زيارة القبور ومن السنة ؟ فما لم يكن -ولو كان شرعا- شرعا فليس شرعا.
كيف عرفنا هذا ! عرفناه مستفادا من الأحكام.
وعلى هذا فقس ولا تعد للرأي الذي جئت به.
وإياك وتقليد الحمام فإن صاحب مدح الحمام هو يعد من الكذابين ويشهدون عليه.

أبو محمد المأربي
2019-02-05, 11:24 AM
أظنّ بأن الكلام في مسألة التحسين والتقبيح والوجوب العقلي مسألة حادثة حدوث الفرق الكلامية كالمعتزلة والأشعرية؛ فنسبة مذهب معيّن فيها إلى السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم يحتاج إلى نقل دقيق صحيح عنهم. أما المتأخرون من أهل الحديث فقد اختُلف في تعيين مذهبهم ورأيهم في المسألة. وبالتالي نفي وجوب الإيمان وحرمة الكفر قبل الشرع مخالف لمقتضى كلام الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله.

الطيبوني
2019-02-07, 08:43 PM
.............................. .............

يقول شيخ الاسلام رحمه الله في الفتاوى

( الكفرُ والفسقُ أحكامٌ شرعيةٌ،ليس ذلك من الأحكام التى يستقلُّ بها العقلُ ، فالكافر من جعله اللهُ ورسولهُ كافراً,والفاسق من جعله اللهُ ورسولهُ فاسقاً.كما أن المؤمن والمسلم من جعله اللهُ ورسولهُ مؤمناً ومسلماً,والعدل من جعله اللهُ ورسولهُ عدْلاً,ومعصومُ الدم من جعله اللهُ ورسولهُ معصومَ الدم ,والسعيدُ فى الآخرة من أخبر اللهُ ورسولهُ أنه سعيدٌ فى الآخرة ,والشقي فيها من أخبر اللهُ ورسولهُ أنه شقيٌ فيها، والواجبُ من الصلاة والصيام والصدقة والحج ما أوجبهُ اللهُ ورسولهُ، والمستحقون لميراث الميت من جعلهم اللهُ ورسولهُ وارثين، والذي يُقتل حداً أو قصاصاً من جعله اللهُ ورسولهُ مباحَ الدم بذلك، والمستحقُ للفيء والخُمُس من جعله اللهُ ورسولهُ مستحقاً لذلك، والمستحقُ للموالاة والمعاداة من جعله اللهُ ورسولهُ مستحقاً للموالاة والمعاداة، والحلالُ ما أحله اللهُ ورسولهُ، والحرامُ ما حرَّمهُ اللهُ ورسولهُ، والدِّينُ ما شرعه اللهُ ورسولهُ، فهذه المسائل كلها ثابتةٌ بالشرع )


ظاهر كلامه رحمه الله انه يجعل الكفر حكم شرعي . و معلوم عند من يفهم الكلام ان عند عدم الشرع يمتنع الحكم بالكفر لان الحكم الشرعي فرع عن ثبوت الشرع . و قد تكلمنا على هذا سابقا و نقلنا كلام ابن القيم الصريح الواضح في هذه المسالة بالذات

قال رحمه الله و هو يتكلم عن اهل الفترة









- هَؤُلَاءِ لَا يُحْكَمُ لَهُمْ بِكُفْرٍ وَلَا إِيمَانٍ ، فَإِنَّ الْكُفْرَ هُوَ جُحُودُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ، فَشَرْطُ تَحَقُّقِهِ بُلُوغُ الرِّسَالَةِ ، وَالْإِيمَانُ هُوَ تَصْدِيقُ الرَّسُولِ فِيمَا أَخْبَرَ، وَطَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَهَذَا أَيْضًا مَشْرُوطٌ بِبُلُوغِ الرِّسَالَةِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا وُجُودُ الْآخَرِ إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ سَبَبِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ فِي الدُّنْيَا كُفَّارًا ، وَلَا مُؤْمِنِينَ كَانَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ حُكْمٌ آخَرُ غَيْرُ حُكْمِ الْفَرِيقَيْنِ -





للفائدة في المسودة في اصول الفقه



[شيخنا] فصل:
قال القاضي في مسألة الأعيان قبل الشرع وإنما يتصور هذا الاختلاف في الأحكام الشرعيات من تحريم لحم الحمر وإباحة لحم الأنعام وما يشبه ذلك مما قد كان يجوز حظره وتجوز إباحته فأما ما لا يجوز له الحظر بحال كمعرفة الله ومعرفة وحدانيته وما لا يجوز عليه الإباحة كالكفر بالله وجحد التوحيد وغيره فلا يقع فيه خلاف بل هو على صفة واحدة لا تتغير ولا تنقلب وإنما الاختلاف فيما ذكرنا.

وأما ابن عقيل فطرد خلاف الوقف في الجميع حتى في التثنية والتثليث والسجود للصنم وصرف العبادة والشكر إلى غير الواحد القديم الذي قد عرف وحدته وقدمه.

قال يعنى القاضي ويجب القول باستصحاب الحال العقلي مثل أن يدل الدليل العقلي على أن الأشياء على الحظر أو على الإباحة قبل ورود الشرع بذلك فيستصحب هذا الأصل حتى يدل دليل الشرع على خلافه وأما استصحاب الشرع مثل أن يثبت الحكم في الشرع بإجماع ثم وقع الخلاف في استدامته كالمتيمم إذا رأى الماء في الصلاة فالقول فيه محتمل أنه غير مستصحب ويحتمل أنه مستصحب لحكم الإجماع حتى يدل الدليل على ارتفاعه.
[شيخنا] فصل:
ذكر قوم أن الكلام فيها عبث لأن بنى آدم لم يخلوا من شرع وقد أومأ أحمد إلى هذا في رواية عبد الله فيما خرجه في محبسه إذ يقول الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم فأخبر أن كل زمان لم يخل من رسول أو عالم يقتدي به.


و الله اعلم

أبو محمد المأربي
2019-02-08, 02:52 PM
كلام ابن القيم في "أحكام أهل الذمة" جاء في سياق المناظرة لا في سياق النظر البحت، فهو أقرب إلى كلام مناظر لا ناظر، والكفر المنفي هنا هو الكفر المستلزم للعقوبة والعذاب لأنه ذكره في أحد الأجوبة التي أجاب بها عن هذا الاعتراض:(قوله: لا يخلو من مات في الفترة من أن يكون كافرا أو غير كافر، فإن كان كافرا فإن الله حرم الجنة على الكافرين، وإن كان معذوراً بأنه لم يأته رسول فكيف يؤمر باقتحام النار؟
جوابه من وجوه...)
فذكر الوجه الأول الذي ذكرتموه ثم قال في آخر هذا الوجه: (فإن قيل فأنتم تحكمون لهم بأحكام الكفار في الدنيا من التوارث والولاية والمناكحة، قيل: إنما نحكم لهم بذلك في أحكام الدنيا لا في الثواب والعقاب كما تقدم بيانه.
الوجه الثاني: سلّمنا أنهم كفار، لكن انتفاء العذاب عنهم لانتفاء شرطه، وهو قيام الحجة عليهم، فإن الله لا يعذب إلا من قامت عليه حجته)
فابن القيم لا ينفي وصف الكفر وإنما ينفي العذاب قبل قيام الحجة.
ومما يدل على هذا كلامُه في "زاد المعاد" في المشرك قبل الرسالة:(...أن من مات مشركا فهو في النار، وإن مات قبل البعثة؛ لأن المشركين كانوا قد غيّروا الحنيفية دينَ إبراهيم واستبدلوا بها الشرك وارتكبوه، وليس معهم حجة من الله به، وقبحه والوعيد عليه بالنار لم يزل معلوما من دين الرسل كلِّهم من أولهم إلى آخرهم، وأخبار عقوبات الله لأهله متداولة بين الأمم قرنا بعد قرن، فللّه الحجة البالغة على المشركين في كل وقت) إلى قوله: (فلم تزل دعوة الرسل إلى التوحيد في الأرض معلومةً لأهلها، فالمشرك يستحق العذاب بمخالفته دعوة الرسل)
فوصف الشرك واسمه وحكمه ثابت قبل البعثة عند الإمام ابن القيم، وكلامه الذي نقلتموه متعلق بالكفر الذي لا يثبت قبل ثبوت الشرع وهو كفر التكذيب والجحد المستلزم للعقوبة الأخروية، أو متعلق بأهل الفترة الذين لم يشركوا بالله شيئاً..... جمعاً بين كلامه في المسألة.

الطيبوني
2019-02-08, 03:05 PM
( الكفر هو جحود ما جاء به الرسول ، فشرط تحققه بلوغ الرسالة ، والإيمان هو تصديق الرسول فيما أخبر ، وطاعته فيما أمر ، وهذا أيضا مشروط ببلوغ الرسالة ، ولا يلزم من انتفاء أحدهما وجود الآخر إلا بعد قيام سببه ، فلما لم يكن هؤلاء في الدنيا كفارا ، ولا مؤمنين كان لهم في الآخرة حكم آخر غير حكم الفريقين )

ظاهر كلامه رحمه الله انه ينفي الكفر و الايمان و يشترط بلوغ الرسالة . و يتضح ذلك من قوله نحكم عليهم و نعاملهم معاملة الكفار . فهذا لا يقال فيمن كان كافرا على الحقيقة . و الوجه الاخر ذكره تنزلا للمناظر . و هو الكفر المستلزم للتعذيب فلا يصح ان يكون هو الاول المذكور و الا يكون تكرار و تفصيل للشيء الواحد بعينه


هذا عن كلامه في احكام اهل الذمة

و الله اعلم

أبو محمد المأربي
2019-02-08, 03:12 PM
وكذلك كلام شيخ الإسلام في منهاج السنة (5/ 92- 94) الذي نقلتموه صحيح لأنه جاء في سياق الرد على المفرّقين بين أصول الدين التي لا يعذر فيها أحد، وبين فروع الدين التي لا تكفير فيها ولا تفسيق، بضوابط لا تطرد ولا تنعكس لأنه قال:
(ومنهم من فرّق بفرق ثالث، وقال: المسائل الأصولية هي المعلومة بالعقل، فكل مسألة علمية استقل العقل بدركها فهي من مسائل الأصول التي يكفّر أو يفسّق مخالفها. والمسائل الفروعية هي المعلومة بالشرع...)
ثم ردّ عليهم بما ذكرتموه في المشاركة... وهذا صحيح لأن الكفر نوعان، نوع يثبت قبل الرسالة والبعثة، ونوع لا يثبت إلا بالسمع؛ فلا يجوز أن يجعل الكفر نوعاً واحداً تتحد أحكامه الثبوتية أو المنفية؛ ولهذا اعترض الشيخ على هؤلاء المفرّقين الذي حصروا الكفر والتكفير في المسائل العقلية بقوله: (فكيف يكون من خالف ما جاء به الرسول ليس كافراً، ومن خالف ما ادّعى غيره أنه معلوم بعقله كافرا؟ وهل يكفر أحد بالخطأ في مسائل الحساب والطب ودقيق الكلام؟)
والشاهد على أن شيخ الإسلام لا يجعل جميع أنواع الكفر شرعية هو ما لا يخفى على أمثالكم من تقرير الإمام: أن اسم المشرك ووصف الشرك والكفر يثبت قبل الرسالة، وإنما الكلام في التعذيب عليه

أبو محمد المأربي
2019-02-08, 03:58 PM
ظاهر كلامه رحمه الله انه ينفي الكفر و الايمان و يشترط بلوغ الرسالة . و يتضح ذلك من قوله نحكم عليهم و نعاملهم معاملة الكفار . فهذا لا يقال فيمن كان كافرا على الحقيقة . و الوجه الاخر ذكره تنزلا للمناظر . و هو الكفر المستلزم للتعذيب فلا يصح ان يكون هو الاول المذكور و الا يكون تكرار و تفصيل للشيء الواحد بعينه. هذا عن كلامه في احكام اهل الذمة
و الله اعلم لا يقال: نعامله معاملة الكافر إلا في من كان كافراً بنفسه أو تبعاً لغيره.
وعلى هذا: أهل الفترة إذا لم يكونوا كفاراً على الحقيقة فهم تبعٌ لمن؟
لا تكرار في القضية فالوجه الأول مبني على أن عدم الرسالة مانع سبب أعني مانع لحقيقة الكفر، والوجه الثاني قرّر بأن عدم الرسالة مانع حكم وهو انتفاء التعذيب مع قيام سبب العذاب وهو وجود الكفر.
وهذا الوجه الثاني هو المشهور في كتب ابن القيم، والوجه الأول الذي جاء في معرض المناظرة يتيم لا شاهد له في تراث الشيخ حسب علمي القاصر؛ ولهذا قلتُ إنه أقرب إلى كلام مناظر لا ناظر.
ومن شواهد الوجه الثاني قوله في الشفاء:
(ولو عذبهم قبل أن يرسل رسله إليهم على أعمالهم لم يكن ظالما لهم، كما أنه سبحانه لم يظلمهم بمقته لهم قبل إرسال رسوله على كفرهم وشركهم وقبائحهم فإنه سبحانه نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ولكن أوجب على نفسه إذ كتب عليها الرحمة أنه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه برسالته)
وقال في المدارج: (الآية دالة على الأصلين: أن أفعالهم وشركهم ظلم قبيح قبل البعثة، وأنه لا يعاقبهم عليه إلا بعد الإرسال).
وقال:(فهذا يدل على أنهم ظالمون قبل إرسال الرسل، وأنه لا يهلكهم بهذا الظلم قبل إقامة الحجة عليهم، فالآية رد على الطائفتين معا، من يقول: إنه لا يثبت الظلم والقبح إلا بالسمع، ومن يقول: إنهم معذبون على ظلمهم بدون السمع، فالقرآن يبطل قول هؤلاء وقول هؤلاء)
وقوله:(فأخبر: أن ما قدمت أيديهم قبل إرسال الرسل سبب لإصابتهم بالمصيبة، ولكن لم يفعل سبحانه ذلك قبل إرسال الرسول الذي يقيم به حجته عليهم).
وقال في مفتاح دار السعادة (وهذا صريح في أن أعمالهم قبل البعثة كانت قبيحة بحيث استحقوا أن يصيبوا بها المصيبة ولكنه سبحانه لا يعذب إلا بعد إرسال الرسل وهذا هو فصل الخطاب)
وقال: (فهذا يدل على أنهم ظالمون قبل إرسال الرسل، وأنه لا يهلكهم بهذا الظلم قبل إقامة الحجة عليهم، فالآية رد على الطائفتين معاً)
وفي مختصر الصواعق: (ولكن إرسال الرسول وترك طاعته شرط في وقوع العذاب، فالمقتضى قائم وهو عدم الإيمان، لكنه مشروط وقوعه بشرط وهو إرسال الرسول، ففرق بين انتفاء الشيء لانتفاء موجبه ومقتضيه، وانتفائه لانتفاء شرطه بعد قيام المقتضى).
وله نصوص كثيرة أخرى في هذا السياق يصرّح فيها الإمام بأن إرسال الرسل شرط وقوع العذاب لا السبب المقتضي لوجود الشرك.

أبو محمد المأربي
2019-02-09, 11:28 AM
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقرر بأن العقل يقتضي وجوب التوحيد وتحريم الشرك قبل السمع، ومن نصوص الإمام في هذا السياق قوله في بيان أقوال الناس في معرفة الله وتوحيده: (القول الثالث: أنها تحصل بالعقل، وتجب به، وهو قول من يوجب بالعقل كالمعتزلة والكرامية، وغيرهم من أتباع الأئمة، كأبي الحسن الآمدي وأبي الخطاب وغيرهم، وهو قول طائفة من المالكية والشافعية، وعليه أكثر الحنفية، ونقلوه عن أبي حنيفة نفسه. وقد صرّح هؤلاء قبل المعتزلة، وقبل أبي بكر الرازي، وأبي الخطاب، وغيرهم: أن من لم يأته رسول، يستحق العقوبة في الآخرة لمخالفته موجب العقل.
وقد ذكرنا في غير هذا الموضع: أن أعدل الأقوال: أن الأفعال مشتملة على أوصاف تقتضي حسنها، ووجوبها، وتقتضي قبحها، وتحريمها، وأن ذلك قد يعلم بالعقل، لكن الله لا يعذب أحداً إلا بلوغ الرسالة) وقال قبل ذلك في وجوب معرفة الله وتوحيده بالعقل وبالسمع (وهو الصحيح) النبوات 2/ 675).

محمدعبداللطيف
2019-02-09, 08:26 PM
... فهل هذا العزو صحيح؟ علماً بأنه يقتضي عدم وجوب التوحيد وحرمة الشرك والتنديد قبل الشرع!!



قلت : هذا العزو صحيح ! كناتج على أن المقتضى بالوجوب أو عدم الوجوب للتوحيد -مثلا- وحرمة الشرك -مثلا- هذا عند أهل السنة -بفهم السلف الصالح- هو ما يستفاد من الأحكام.

وعلى هذا قال به بن تيمية وبن القيم ولم يسبقا القول على الكتاب والسنة ولا على مذهب أهل السنة.



هذا العزو صحيح !
هذا تقرير لمنهج الاشاعرة وليس منهج شيخ الاسلام بن تيمية وبن القيم رحمهما الله - من أنكر أن يكون للفعل صفات ذاتية لم يحْسُن إلا لتعلق الأمر به ، وأنَّ الأحكام بمجرد نسبة الخطاب إلى الفعل فقط فقد أنكر ما جاءت به الشرائع من المصالح والمفاسد والمعروف والمنكر ، وما في الشريعة من المناسبات بين الأحكام وعللها ، وأنكر خاصةً الفقه في الدين الذي هو معرفة حكمة الشريعة ومقاصدها ومحاسنها .
أنَّ نفي الحُسْن والقُبْح العقليين مطلقاً لم يقله أحد من سلف الأمَّة ولا أئمتها ، وهذا يؤخذ من كلام الأئمَّة والسلف في تعليل الأحكام وبيان حكمة الله في خلقه وأمره ، فنفي ذلك من البدع التي حدثت في الإسلام .--قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( تنازعوا في مسألتين :
إحداهما أن العباد هل يعلمون بعقولهم حسن بعض الأفعال ويعلمون أن الله متصف بفعله ويعلمون قبح بعض الأفعال ويعلمون أن الله منزه عنه على قولين معروفين :
أحدهما أن العقل لا يعلم به حسن فعل ولا قبحه أما في خلق الله فلأن القبيح منه ممتنع لذاته وأما في حق العباد فلأن الحسن والقبح لا يثبت إلا بالشرع وهذا قول الأشعري وأتباعه وكثير من الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد ....
والقول الثاني أن العقل قد يعلم به حسن كثير من الأفعال وقبحها في حق الله وحق عباده وهذا مع أنه قول المعتزلة فهو قول الكرامية وغيرهم من الطوائف وهو قول جمهور الحنفية وكثير من أصحاب مالك والشافعي وأحمد كأبي بكر الأبهري وغيره من أصحاب ماللك وأبي الحسن التميمي وأبي الخطاب الكلوذاني من أصحاب أحمد وذكر أن هذا القول قول أكثر أهل العلم وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وأبي بكر القفال وغيرهما من أصحاب الشافعي وهو قول طوائف من أئمة أهل الحديث
وعدو القول الأول من أقوال أهل البدع كما ذكر ذلك أبو نصر السجزى في رسالته المعروفة في السنة وذكره صاحبه أبو القاسم سعد بن علي الزنجاني في شرح قصيدته المعروفة في السنة ) منهاج السنة النبوية ( 1 / 450 ) -
وعلى هذا قال به بن تيمية وبن القيم ولم يسبقا القول على الكتاب والسنة - ولا على مذهب أهل السنة-اليك دلائل الكتاب والسنة على بطلان ما تقول--قال ابن القيم: "كيف والقرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏ مملوآن من تعليل الأحكام ‏بالحكم والمصالح وتعليل الخلق بهما والتنبيه على وجود الحكم التي لأجلها شرع تلك ‏الأحكام، ولأجلها خلق تلك الأعيان، ولو كان هذا في القرآن والسنة في نحو مائة ‏موضعٍ أو مائتين لسقناها، ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة.‏
فتارة يذكر لام التعليل الصريحة، وتارة يذكر المفعول لأجله، الذي هو ‏المقصود بالفعل، وتارة يذكر "من أجل" الصريحة في التعليل، وتارة يذكر أداة ‏‏"كي"، وتارة يذكر "الفاء" و"إن"، وتارة يذكر أداة "لعل" المتضمنة للتعليل المجردة ‏عن معنى الرجاء المضاف إلى المخلوق، وتارة ينبه على السبب بذكره صريحًا، ‏‏....وتارة يخبر بكمال حكمته وعلمه المقتضي أنه لا يفرق بين متماثلين ولا ‏يسوي بين مختلفين وأنه ينزل الأشياء منازلها ويرتبها مراتبها------اهل السنة لا يوجبون على الله شيئًا إلا ما أوجبه سبحانه على ‏نفسه تفضلاً منه وتكرمًا، كما قال تعالى: ‏‎]‎لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ‎[‎‏ ‏‏[الأنبياء: 23].‏
قال شيخ الاسلام بن تيمية : "وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى والتحريم بالقياس على ‏خلقه، فهذا قول القدرية، وهو قول مبتدع مخالف لصحيح المنقول وصريح ‏المعقول، وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه، وأنه ‏ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئًا---- أن الشرع جاء بتقرير ما هو مستقر في الفطر والعقول ‏‏–ومن ذلك تحسين الحسن والأمر به، وتقبيح القبيح والنهي عنه– فلا تعارض بين ‏الشرع والعقل، ‏‎]‎أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ‎[‎‏ [الملك: 14].‏
قال ابن القيم: "وأنه أي - الشرع -لم يجئ بما يخالف العقل والفطرة، وإن ‏جاء بما يعجز العقول عن أحواله والاستقلال به، فالشرائع جاءت ‏بمحارات العقول لا محالاتها، وفرق بين ما لا تُدرك العقولُ حسنه وبين ما ‏تشهد بقبحه، فالأول مما يأتي به الرسل دون الثاني"-------

محمدعبداللطيف
2019-02-09, 08:42 PM
عدم الوجوب للتوحيد -مثلا- وحرمة الشرك -مثلا- هذا عند أهل السنة -بفهم السلف الصالح- هو ما يستفاد من الأحكام.

وعلى هذا قال به بن تيمية وبن القيم ولم يسبقا القول على الكتاب والسنة ولا على مذهب أهل السنة.

هذا باطل وخلاف قول أهل السنة فالتوحيد عند أهل السنة مستقبح بالعقل ,والشرع حرك العقل والفطرة واستثارهما لبيان قبح الشرك وحسن التوحيد وأرشدها إلى معرفة ما أودع فيها من قبح ذلك
يقول شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله " فالاستغفار والتوبة مما فعله وتركه في حال الجهل قبل أن يعلم أن هذا قبيح من السيئات وقبل أن يرسل إليه رسول وقبل أن تقوم عليه الحجة فإنه سبحانه قال : {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا } .... والجمهور من السلف والخلف على أن ما كانوا فيه قبل مجيء الرسول من الشرك والجاهلية سيئا قبيحا . لكن لا يستحقون العذاب إلا بعد مجيء الرسول ؛ ولهذا كان للناس في الشرك والظلم والكذب والفواحش ونحو ذلك " ثلاثة أقوال " : قيل :إن قبحهما معلوم بالعقل وأنهم يستحقون العذاب على ذلك في الآخرة وإن لم يأتهم الرسول كما يقوله المعتزلة وكثير من أصحاب أبي حنيفة وحكوه عن أبي حنيفة نفسه وهو قول أبي الخطاب وغيره . و " قيل " : لا قبح ولا حسن ولا شر فيهما قبل الخطاب وإنما القبيح ما قيل فيه لا تفعل ؛ والحسن ما قيل فيه افعل أو ما أذن في فعله .كما تقوله الأشعرية ومن وافقهم من الطوائف الثلاثة . وقيل إن ذلك سيء وشر وقبيح قبل مجيء الرسول ؛ لكن العقوبة إنما تستحق بمجيء الرسول . وعلى هذا عامة السلف وأكثر المسلمين وعليه يدل الكتاب والسنة . فإن فيهما بيان أن ما عليه الكفار هو شر وقبيح وسيء قبل الرسل وإن كانوا لا يستحقون العقوبة إلا بالرسول . وفي الصحيح { أن حذيفة قال : يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر . قال : نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها } " ... وقد أخبر الله تعالى عن قبح أعمال الكفار قبل أن يأتيهم الرسول . كقوله لموسى : { اذهب إلى فرعون إنه طغى } { فقل هل لك إلى أن تزكى } { وأهديك إلى ربك فتخشى } . وقال : { إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعًا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين } { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين } {ونمكن لهم في الأرض} . فهذا خبر عن حاله قبل أن يولد موسى وحين كان صغيرًا قبل أن يأتيه برسالة أنه كان طاغيًا مفسدًا . وقال تعالى : {ولقد مننا عليك مرة أخرى} {إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى} {أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له} . وهو فرعون فهو إذ ذاك عدو لله ولم يكن جاءته الرسالة بعد .... فلولا أن حسن التوحيد وعبادة الله تعالى وحده لا شريك له وقبح الشرك ثابت في نفس الأمر معلوم بالعقل لم يخاطبهم بهذا إذ كانوا لم يفعلوا شيئًا يذمون عليه بل كان فعلهم كأكلهم وشربهم وإنما كان قبيحا بالنهي ومعنى قبحه كونه منهيا عنه لا لمعنى فيه ؛ كما تقوله المجبرة . و " أيضا " ففي القرآن في مواضع كثيرة يبين لهم قبح ما هم عليه من الشرك وغيره بالأدلة العقلية ويضرب لهم الأمثال كقوله تعالى : { قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون } { سيقولون لله قل أفلا تذكرون } . وقوله : { أفلا تتقون } وقوله : { فأنى تسحرون } فهذا يقتضي أن اعترافهم بأن الله هو الخالق يوجب انتهاءهم عن عبادتها وأن عبادتها من القبائح المذمومة " مجموع الفتاوى 11/675-685

ويقول ابن القيم رحمه الله " وكم في القرآن من مثل عقلي وحسي ينبه به العقول على حسن ما أمر به وقبح ما نهى عنه فلو لم يكن في نفسه كذلك لم يكن لضرب الأمثال للعقول معنى ولكان إثبات ذلك بمجرد الأمر والنهي دون ضرب الأمثال وتبيين جهة القبح المشهودة بالحسن والعقل.
والقرآن مملوء لهذا لمن تدبره كقوله تعالى{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} يحتج سبحانه عليهم لما في عقولهم من قبح كون مملوك أحدهم شريكًا له فإذا كان أحدكم يستقبح أن يكون مملوكه شريكه ولا يرضى بذلك فكيف تجعلون لي من عبيدي شركاء تعبدونهم كعبادتي؟ وهذا يبين أن قبح عبادة غير الله تعالى مستقر في العقول والفطر والسمع نبه العقول وأرشدها إلى معرفة ما أودع فيها من قبح ذلك."
مدارج السالكين

وقال أيضًا " والإله هو المعبود المألوه وهذا يدل على أنه من الممتنع المستحيل عقلا أن يشرع الله عبادة غيره أبدا وإنه لو كان معه معبود سواه لفسدت السماوات والأرض فقبح عبادة غيره قد استقر في الفطر والعقول وأن لم يرد النبي عنه شرع بل العقل يدل على أنه أقبح القبيح على الإطلاق وأنه من المحال أن يشرعه الله قط فصلاح العالم في أن يكون الله وحده هو المعبود وفساده وهلاكه في أن يعبد معه غيره ومحال أن يشرع لعباده ما فيه فساد العالم وهلاكه بل هو المنزه عن ذلك "
مفتاح دار السعادة

وفيه أيضًا " والتحقيق في هذا أن سبب العقاب قائم قبل البعثة ولكن لا يلزم من وجود سبب العذاب حصوله لأن هذا السبب قد نصب الله تعالى له شرطا وهو بعثة الرسل وانتفاء التعذيب قبل البعثة هو لا نتفاء شرطه لا لعدم سببه ومقتضيه وهذا فصل الخطاب في هذا المقام وبه يزول كل إشكال في المسئلة وينقشع غيمها ويسفر صبحها "

هذا هو مذهب أهل السنة في المسألة -فالشرك مستقبح في العقل قبل بعثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ,وإنما العذاب يكون بالحجة الرسالية


وأما مذهب الأشاعرة - فالتقبيح عندهم شرعي محض وليس للعقل دخل فيه يقول الجويني " العقل لا يدل على حسن شيء ولا قبحه، وإنما يتلقى التحسين والتقبيح من مواردالشرع، وموجب السمع، وأصل القول في ذلك أن الشيء لا يحسن لنفسه وجنسه وصفة لازمة له، وكذلك القول فيما يقبح، وقد يحسن في الشرع ما يقبح مثله المساوي له في جملة أحكام صفات النفس، فإذا ثبت أن الحسن والقبح عند أهل الحق لايرجعان إلى جنس وصفة نفس، فالمعنى بالحسن:ما ورد الشرع بالثناء على فاعله، والمراد بالقبيح:ما ورد الشرع بذم فاعله "
الإرشاد للجويني

يقول الإيجي:"ولاحكم للعقل في حسن الأشياء وقبحها، وليس ذلك عائدا إلى أمر حقيقي في الفعل يكشف عنه الشرع، بل الشرع هو المثبت له والمبين، ولو عكس القضية فحسن ماقبحه وقبح ما حسنه، لم يكن ممتنعا، وانقلب الأمر"
الموقف للإيجي

ويقول البيضاوى " لا قبيح بالنسبة لذات الله تعالى فإنه مالك الأمور على الإطلاق يفعل ما يشاء ويختار ولا غاية لفعله ,وأما بالنسبة إلينا فالقبيح ما نهى عنه الشرع والحسن ما ليس كذلك "
طوالع الأنوار من مطالع الأنظار

محمدعبداللطيف
2019-02-09, 08:48 PM
هذا العزو صحيح ! كناتج على أن المقتضى بالوجوب أو عدم الوجوب للتوحيد -مثلا- وحرمة الشرك -مثلا- هذا عند أهل السنة -بفهم السلف الصالح- هو ما يستفاد من الأحكام.

وعلى هذا قال به بن تيمية وبن القيم ولم يسبقا القول على الكتاب والسنة ولا على مذهب أهل السنة.

هذا باطل وخلاف قول أهل السنة -- دلالة الكتاب والسنة على الحسن والقبح العقلى
قوله تعالى : وإذا فعلوا فاحشةً قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إنَّ الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون .
وجه الاستدلال : أنَّ الله أخبر عن نفسه في سياق الإنكار عليهم أنَّه لا يأمر بالفحشاء فدلَّ ذلك على أنَّه منزهٌ عنه فلو كان جائزاً عليه لم يتنزَّه عنه فعُلِمَ أنَّه لا يجوز عليه الأمر بالفحشاء ، وذلك لا يكون إلاَّ إذا كان الفعل في نفسه سيئاً وقبيحاً .
– قوله تعالى : ولا تقربوا الزِّنا إنه كان فاحشةً وساءَ سبيلاً .
وجه الاستدلال : أن الله علَّل النَّهي عنه بما اشتمل عليه من أنَّه فاحشة وأنَّه ساءَ سبيلاً ، فلو كان إنَّما صار فاحشةً وساء سبيلاً بالنَّهي لما صحَّ ذلك ؛ لأنَّ العلَّة تسبق المعلول لا تتبعه.
– قوله تعالى : وأن استغفروا ربكم ثمَّ توبوا إليه يمتِّعكم متاعاً حسناً إلى أجلٍ مسمَّى ويؤتِ كلَّ ذي فضلٍ فضله
وجه الاستدلال : أنَّ الله أمر الناس أن يتوبوا ويستغفروا ممَّا فعلوه فلو كان كالمباح المستوى الطرفين والمعفو عنه وكفعل الصبيان والمجانين ما أمر بالاستغفار والتوبة فعلم أنَّه كان من السيئات القبيحة لكنَّ الله لا يعاقب إلاَّ بعد إقامة الحجة .
- قال شيخ الاسلام أخبر الله تعالى عن قُبْح أعمال الكفار قبل أن يأتيهم الرسول كقوله لموسى : اذهب إلى فرعون إنَّه طغى فقل هل لك إلى أن تزكَّى وأهديك إلى ربِّك فتخشى وقال تعالى : إنَّ فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبِّح أبناءهم ويستحيى نساءهم إنَّه كان من المفسدين فهذا خبرٌ عن حاله قبل أن يولد موسى _ عليه السلام _ وحين كان صغيراً قبل أن يأتيه برسالة أنَّه كان طاغياً مفسداً ، وقال تعالى: ولقد مننَّا عليك مرةً أخرى إذ أوحينا إلى أمِّك ما يوحى أن اقذفيه في التَّابوت فاقذفيه في اليمِّ فليلقه اليمُّ بالساحل يأخذه عدوٌ لي وعدوٌ له وألقيت عليك محبةً منِّي ولتُصنع على عيني ، والعدو فرعون فهو إذ ذاك عدوٌ لله ولم يكن جاءته الرسالة بعد.
– قوله تعالى : ويحلُّ لهم الطيبات ويحرِّم عليهم الخبائِث
وجه الاستدلال : أنَّ الآية صريحةٌ في أنَّ الحلال كان طيباً قبل حلِّه وأنَّ الخبيث كان خبيثاً قبل تحريمه ، ولم يستفد طيب هذا وخُبْث هذا من نفس الحلّ والتحريم ؛ لأنَّ هذا علم من أعلام نبوته التي احتج الله بها على أهل الكتاب فلو كان الطيب والخبيث إنَّما استفيد من التحريم والتحليل لم يكن في ذلك دليل ؛ فإنَّه بمنزلة أن يقال : يحلُّ لهم ما يحلُّ ويحرِّم عليهم ما يحرِّم وهذا باطل ؛ فإنه لا فائدة فيه .
– أنَّ الله تبارك وتعالى أنكر على من نسب إلى حكمته التسوية بين المختلفين كالتسوية بين الأبرار والفجَّار فقال تعالى : أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتَّقين كالفجَّار ، وقال تعالى : أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون فدلَّ على أنَّ هذا حكمٌ سيءٌ قبيحٌ ينزَّه الله عنه ، ولم ينكره سبحانه من جهة أنَّه أخبر بأنَّه لا يكون وإنما أنكره من جهة قُبْحه في نفسه وأنه حكمٌ سيءٌ يتعالى ويتنزَّه عنه لمنافاته لحكمته وغناه وكماله ، ووقوع أفعاله كلِّها على السَّداد والصَّواب والحكمة فلا يليق به أن يجعل البرَّ كالفاجر ، ولا المحسن كالمسيء ، ولا المؤمن كالمفسد في الأرض فدلَّ على أنَّ هذا قبيحٌ في نفسه - وبهذا يظهر جواب السؤال -
عن حقيقة مذهب ابن تيمية وابن القيم في التحسين والتقبيح العقليين

محمدعبداللطيف
2019-02-09, 09:19 PM
حسن التوحيد وقبح الشرك (http://majles.alukah.net/t154995/)

أبو محمد المأربي
2019-02-09, 11:41 PM
الخلاصة: أن نسبة الدكتور عائض بن عبد الله الشهري إلى الشيخين (ابن تيمية وابن القيم) نفي وجوب التوحيد وتحريم الشرك بالعقل والشرع نسبة غير دقيقة تحتاج من صاحب الكتاب إلى المراجعة من جديد.

أبو محمد المأربي
2019-02-10, 12:07 AM
أنَّ نفي الحُسْن والقُبْح العقليين مطلقاً لم يقله أحد من سلف الأمَّة ولا أئمتها ألا يعارض هذا النفي المطلق ما ذكره أبو القاسم اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد:(سياق ما يدل من كتاب الله عز وجل وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن وجوب معرفة الله تعالى وصفاته بالسمع لا بالعقل)
ثم ذكر بعض الآيات وعلّق على بعضها دون بعضٍ إلى أن قال: (فدلّ على أن معرفة الله، والرسل، بالسمع، كما أخبر الله عز وجل، وهذا مذهب أهل السنة الجماعة).
= يلاحظ أن أبا القاسم الطبري لم يذكر في هذا الباب نقلا واحدا عن السلف يشهد لما ذهب إليه... لكن الإشكال في النسبة إلى أهل السنة والجماعة. على أن الإمام ابن القيم في آخر كتاب المدارج ردّ على أبي إسماعيل الأنصاري قوله بوجوب التوحيد بالسمع فقط.
ومن هذا الباب ما ذكره السمعاني في القواطع في ترجيح مذهب الأشعرية: (وهو الصحيح، وإياه نختار، ونزعم أنه شعار أهل السنة)
فما الجواب عن نسبة اللالكائي والسمعاني رأي الأشعرية إلى أهل السنة والجماعة؟

أبو البراء محمد علاوة
2019-02-10, 12:35 AM
بارك الله فيكم، الألفاظ المشتركة التي تدل على أكثر من معنى لابد فيها من التفصيل كما هو نهج أهل السنة والجماعة؛ لذا فيجب علينا ذكر المراد بالتحسين والتقبيح ما هو جائز وما هو غير جائز، قال محمد بن حسين الجيزاني في كتابه الماتع معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة (326 - 334): (المراد بالحُسْن والقُبْح:
يطلق الحسن والقبح بثلاثة اعتبارات:

الاعتبار الأول:

بمعنى ملاءمة الطبع ومنافرته، فما لاءم الطبع فهو حسن؛ كإنقاذ الغريق، وما نافر الطبع فهو قبيح؛ كاتهام البريء.

الاعتبار الثاني:

بمعنى الكمال والنقص، فالحسن: ما أشعر بالكمال؛ كصفة العلم، والقبيح: ما أشعر بالنقص؛ كصفة الجهل .
والحسن والقبح بهذين الاعتبارين: لا خلاف أنهما عقليان، بمعنى أن العقل يستقل بإدراكهما من غير توقف على الشرع.

والاعتبار الثالث:

بمعنى المدح والثواب، والذم والعقاب.

والحسن والقبح بهذا الاعتبار:

محل نزاع بين الطوائف، وذلك على النحو الآتي:

الأقوال في المسألة:
القول الأول:

إثبات الحسن والقبح العقليين، بمعنى أن العقل يدرك الحسن والقبح، فهو يحسن ويقبح، وهذا مذهب المعتزلة.

القول الثاني:

نفي الحسن والقبح العقليين، بمعنى أن العقل لا يدرك الحُسن والقُبح، فالعقل لا يحسن ولا يقبح، وهذا مذهب الأشاعرة.

القول الثالث:

مذهب أهل السنة، وهم وسط بين الطرفين، وقبل تفصيل مذهبهم في هذه المسألة لا بد من ذكر أصولٍ لهم يُحتاج إلى بيانها في هذا المقام:

أصول مهمة عند أهل السنة:
الأصل الأول:

أنهم يثبتون الحكمة والتعليل في أفعال الله سبحانه وتعالى وأحكامه، فجميع الأوامر والنواهي مشتملة على مصالح العباد.

قال ابن القيم:

(كيف والقرآن وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مملوآن من تعليل الأحكام بالحكم والمصالح وتعليل الخلق بهما والتنبيه على وجود الحكم التي لأجلها شرع تلك الأحكام، ولأجلها خلق تلك الأعيان، ولو كان هذا في القرآن والسنة في نحو مائة موضعٍ أو مائتين لسقناها، ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة.
فتارة يذكر لام التعليل الصريحة، وتارة يذكر المفعول لأجله، الذي هو المقصود بالفعل، وتارة يذكر (من أجل) الصريحة في التعليل، وتارة يذكر أداة (كي)، وتارة يذكر "الفاء" و"إن"، وتارة يذكر أداة "لعل" المتضمنة للتعليل المجردة عن معنى الرجاء المضاف إلى المخلوق، وتارة ينبه على السبب بذكره صريحًا، .... وتارة يخبر بكمال حكمته وعلمه المقتضي أنه لا يفرق بين متماثلين ولا يسوي بين مختلفين وأنه ينزل الأشياء منازلها ويرتبها مراتبها".

الأصل الثاني:

أن أفعال الله سبحانه كلها حسنةٌ جميلة، لا يقبح منها شيء، قال تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: 7].
وقال - صلى الله عليه وسلم - : «إن الله جميل يحب الجمال»، فأفعال الله إذن مباينة لأفعال المخلوقين تمامًا.

الأصل الثالث:

أنهم يصفون الله سبحانه بما وصف به نفسه وما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، فلا يجوز نفي ما أثبته الله لنفسه من الصفات، ولا أن تمثل صفاته بصفات المخلوقين، ولا أفعاله سبحانه بأفعال المخلوقين.

الأصل الرابع:

أنهم لا يوجبون على الله شيئًا إلا ما أوجبه سبحانه على نفسه تفضلاً منه وتكرمًا، كما قال تعالى: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23].

قال ابن تيمية:

"وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى والتحريم بالقياس على خلقه، فهذا قول القدرية، وهو قول مبتدع مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول، وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئًا".

الأصل الخامس:

أن الشرع جاء بتقرير ما هو مستقر في الفطر والعقول -ومن ذلك تحسين الحسن والأمر به، وتقبيح القبيح والنهي عنه- فلا تعارض بين الشرع والعقل، {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14].

قال ابن القيم:

"وأنه [أي الشرع] لم يجئ بما يخالف العقل والفطرة، وإن جاء بما يعجز العقول عن أحواله والاستقلال به، فالشرائع جاءت بمحارات العقول لا محالاتها، وفرق بين ما لا تُدرك العقولُ حسنه وبين ما تشهد بقبحه، فالأول مما يأتي به الرسل دون الثاني" .

الأصل السادس:

أن العقل لا مدخل له في إثبات الأحكام الشرعية، ولا في تعلق المدح والذم بالأفعال عاجلاً أو تعلق الثواب والعقاب بها آجلاً، وإنما طريق ذلك السمع المجرد.

د- تفصيل مذهب أهل السنة :

يمكن إيضاح مذهب أهل السنة في هذه المسألة وأدلتهم عليه في ثلاث نقاط:
1- أن الحسن والقبح صفات ثابتة للأفعال، وهذا الثبوت قد يكون بطريق العقل، وقد يكون بطريق الفطرة، وقد يكون بطريق الشرع، فالعقل والفطرة يحسنان ويقبحان، ولا يمكن أن يأتي الشرع على خلاف ذلك، والشرع أيضًا يحسن ويقبح فكل ما أمر به الشرع فهو حسن، وكل ما نهى عنه فهو قبيح. فثبت إذن أن الحسن والقبح قد يعرفان بالعقل، وقد يعرفان بالفطرة، وقد يعرفان بالشرع.
2 - قبحه له علة وحكمة يعلمها الله - والواجب التسليم لشرع الله - فإن من صفاته العلم والحكمة، وهذا يقتضي أيضًا أنه لا يجوز عليه سبحانه أن يأمر بالظلم وينهي عن العدل، لكمال حكمته سبحانه.
3- أن ما عُرف حسنُه وقبحُه بطريق العقل والفطرة لا يترتب عليه مدح ولا ذم، ولا ثواب ولا عقاب ما لم تأتِ به الرسل؛ لأن الدليل الشرعي إنما أثبت المدح والذم والثواب والعقاب على من قامت عليهم الحجة بالرسل والكتب، فالمدح والذم والثواب والعقاب إنما يترتب على ما عُرف حسنه وقبحه بطريق الشرع فقط.
وبهذا التفصيل يتبين لنا أن مذهب أهل السنة وسط بين الطرفين، وبيان ذلك كالآتي:
هـ- مذهب أهل السنة وسط بين الطرفين :
ذلك أن المعتزلة الذين أثبتوا التحسين والتقبيح العقليين ارتكبوا عدة محاذير عندما قالوا: إن العقل يحسن ويقبح:

المحذور الأول:

أنهم مجدوا العقل وجعلوا ما أدركته عقولهم أصلاً قاطعًا، فالحسن ما حسنته عقولهم والقبيح ما قبحته عقولهم، والشرع عندهم إنما هو كاشف عن حكم العقل.

والمحذور الثاني:

أنهم رتبوا على تحسين العقل وتقبيحه أن أوجبوا على الله فعل الأصلح، وهو الأمر بما حسنته عقولهم والنهي عما قبحته.

والمحذور الثالث:

أنهم رتبوا على تحسين العقل: المدح والثواب، وعلى تقبيحه: الذم والعقاب، ومعلوم أن المدح والذم والثواب والعقاب مما لا يدرك إلا بالسمع المجرد.

والمحذور الرابع:

أنهم شبهوا الله سبحانه وتعالى بخلقه، وذلك أنهم قالوا: ما حَسُنَ من المخلوق حَسُنَ من الخالق، وما قَبُحَ من المخلوق قَبُحَ من الخالق، ومن المعلوم أنه سبحانه لكمال حكمته لا يقبح منه شيء أبدًا، ولا يجوز أيضًا تشبيه الله بخلقه، لا في صفاته، ولا في أسمائه، ولا في أفعاله.
ومن جهة أخرى نجد أن الأشاعرة الذين نفوا التحسين والتقبيح العقليين ارتكبوا عدة محاذير عندما صاروا إلى ذلك :

المحذور الأول:

أنهم خالفوا بداهة العقل والفطرة السليمة، ذلك أنهم قالوا باستواء الأفعال حسنها وقبيحها، فلا فرق عندهم بين الظلم والفواحش وبين العدل والإحسان، بل قالوا: إنه يجوز أن يأمر الله بالشرك وينهي عن التوحيد، ومعلوم أن الشرع موافق للفطرة والعقل، ولا يمكن أن يستقر في العقول والفطر ما يناقض الشرع، فالعقل يدرك حسن عبادة الله وحده وقبح عبادة ما سواه.

المحذور الثاني:

أنهم نفوا عن الله الحكمة والتعليل في أفعاله، إذ قالوا: إن الله يأمر وينهى لا لحكمة، ولا يخلق الله شيئًا لحكمة لكن نفس المشيئة أوجبت وقوع ما وقع، فهم لا يثبتون إلا محض الإرادة، وهذا مما علم بطلانه بأدلة الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، ومخالف أيضًا للمعقول الصريح، فإن الله وصف نفسه بالحكمة في غير موضع، ونزه نفسه عن الفحشاء، فقال: {إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} [الأعراف: 28]، ونزه نفسه عن التسوية بين الخير والشر، فقال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِين َ} [القلم: 35]، وقال: {أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28].

والمحذور الثالث:

أنهم جعلوا انتفاء العذاب قبل بعثه الرسل دليلاً على انتفاء التحسين والتقبيح العقليين واستواء الأفعال في أنفسها، ومعلوم أنه لا يلزم من إثبات التحسين والتقبيح العقليين إثبات الثواب والعقاب؛ لأن الثواب والعقاب من الأمور التي لا تثبت إلا بالسمع المجرد.
أما أهل السنة فقد توسطوا بين الطرفين ولم يرتكبوا شيئًا من المحاذير التي وقع فيها الفريقان، فإنهم: أثبتوا ما أثبته الله لنفسه من الحكمة والتعليل ونزهوا الله سبحانه وتعالى عن أن يأمر بالقبائح والنقائص لكمال حكمته وعلمه وعدله، ولذلك لا يمكن أن يجيء الشرع عندهم بما يخالف العقل والفطرة، وإن جاء بما يعجز العقل عن فهمه وإدراكه، ولذلك أيضًا أثبت أهل السنة تحسين العقل وتقبيحه، لكن لا يترتب عندهم على ذلك مدح ولا ذم، ولا ثواب ولا عقاب؛ لأن ترتيب ذلك مما لا يثبت بالعقل، وإنما يستقل السمع المجرد في إثباته.

و- تنبيهات:


1- بُني على مسألة التحسين والتقبيح العقليين مسألة : شكر المنعم، هل هو واجب سمعًا أو عقلاً ؟
فمن قال: إن العقل يحسن ويقبح قال: إن شكر المنعم واجب عقلاً، وهؤلاء هم المعتزلة .
ومن نفى كون العقل يحسن ويقبح قال: إن شكر المنعم واجب سمعًا لا عقلاً وهؤلاء هم الأشاعرة.
أما أهل السنة فعندهم أن شكر المنعم واجب بالسمع والعقل والفطرة.
2- كثر الخلط بين مذهب أهل السنة ومذهب الأشاعرة في مسألة التحسين والتقبيح العقليين، وكذلك في مسألة شكر المنعم، بل جعل البعض المذهبين مذهبًا واحدًا، فقال: إن أهل السنة والأشاعرة متفقون على أن العقل لا يحسن ولا يقبح.
وهذا خلط عظيم، سببه: اتفاق الفريقين في بعض الجوانب؛ إذ الكل متفق على إثبات أن الشرع يحسن ويقبح، ويوجب ويحرم، وأن الثواب والعقاب والمدح والذم لا يعرف بالعقل، وإنما يعرف ذلك بالشرع وحده، وفي حقيقة الأمر نجد أن هناك جوانب أخرى في المسألة اختلفوا فيها، فأهل السنة يثبتون للعقل دورًا في التحسين والتقبيح بينما ينكر الأِشاعرة دور العقل تمامًا، وأهل السنة أيضًا يثبتون لله الحكمة والتعليل في أفعاله، بينما ينفي الأِشاعرة ذلك، إلى غير ذلك من الأمور التي سبق بيانها في النقاط السابقة.
وبذلك يتبين تباعد الفريقين وافتراق المذهبين.
3- يمكن إرجاع الخلاف في هذه المسألة إلى اللفظ إذا فسر الحسن بكون الفعل نافعًا للفاعل ملائمًا له ، والقبح بكون الفعل ضارًا للفاعل منافرًا له، أو فسر الحسن بمعنى الكمال، والقبح بمعنى النقص. وذلك بأن يُعطى هذا المعنى حقه وتلتزم لوازمه.
إذ الجميع متفق على أن الحسن والقبح بهذين المعنيين عقليان، بمعنى أن العقل يمكنه معرفة ما يلائم الطبع وما ينافره، وما هو صفة كمال أو نقص، إذ يلزم من الملائمة والمنافرة الكمال والنقص، ولا شك أن المدح والذم مرتب على الحب والبغض المستلزم للكمال والنقص.

قال ابن القيم: "...... قال هؤلاء: فيطلق الحسن والقبح بمعنى الملاءمة والمنافرة، وهو عقلي، وبمعنى الكمال والنقصان، وهو عقلي، وبمعنى استلزامه للثواب والعقاب وهو محل النزاع، وهذا التفصيل لو أُعطي حقه والتزمت لوازمه رفع النزاع وأعاد المسألة اتفاقية، وأن كون الفعْل صفة كمال أو نقصان يستلزم إثبات تعلق الملاءمة والمنافرة، لأن الكمال محبوب للعالم والنقص مبغوض له، ولا معنى للملاءمة والمنافرة إلا الحب والبغض...... والله سبحانه يُحب كل ما أمر به، ويبغض كل ما نَهَى عنه، ...... فأما المدح والذم فترتبه على النقصان والكمال المتصف به وذمهم لمؤثر النقص والمتصف به أمر عقلي فطري وإنكاره يزاحم المكابرة......

4- بُني على مسألة التحسين والتقبيح العقليين مسألة حكم الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع، وقد سبق الكلام على هذه المسألة في مسائل المباح.
5- إثبات تحسين العقل وتقبيحه وأن العقل يحسن ويقبح أو نفي ذلك يحتاج إلى تفصيل؛ إذ إن ذلك من الألفاظ المجملة التي لا يجوز إطلاقها دون تقييد أو بيان، والتفصيل في ذلك أن يقال:
إن أريد بإثبات تحسين العقل وتقبيحه ترتيبُ الثواب والعقاب عليه فالصواب نفيه، وإن أريد بإثباته أن العقل يدرك حُسن الحَسَن وقُبْح القبيح من غير ترتيب ثوابٍ ولا عقاب على ذلك فالصواب إثباته.
ولعل هذا التفصيل هو مراد بعض من نَفَى أو أثبت التحسين والتقبيح العقليين مطلقًا دون تفصيل أو تقييد.

أبو البراء محمد علاوة
2019-02-10, 12:47 AM
في مسألة التحسين والتقبيح .. (http://majles.alukah.net/t135866/)هل من فرق بين مسألة التحسين والتقبيح العقليين، ومسألة هل الأحكام الشرعية صفات للأفعال؟ (http://majles.alukah.net/t150843/)

محمدعبداللطيف
2019-02-10, 01:56 AM
ألا يعارض هذا النفي المطلق ما ذكره أبو القاسم اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد:(سياق ما يدل من كتاب الله عز وجل وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن وجوب معرفة الله تعالى وصفاته بالسمع لا بالعقل)

فما الجواب عن نسبة اللالكائي والسمعاني رأي الأشعرية إلى أهل السنة والجماعة؟

بارك الله فيك اخى الكريم ابو محمد المأربى - لا تعارض - كلام الامام اللالكائي رحمه الله قاله فى سياق آخر غير ما نتكلم فيه-يتضح فى النقول التالية ان شاء الله ---قال شيخ الإسلام رحمه الله: لا تحسبن أن العقول لو تركت وعلومها التي تستفيدها بمجرد النظر، عرفت الله معرفة مفصلة بصفاته وأسمائه على وجه اليقين .------وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: واعلم أن عامة مسائل أصول الدين الكبار مما يعلم بالعقل . أما مسائل العقيدة التفصيلية مما يتعلق بذات الله تعالى وصفاته ورسوله وأنبيائه، وما يجب لهم وما يستحيل، فما كانت العقول لتدركها لولا مجيء الوحي.
قال أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني: ولأن العقل لا مجال له في إدراك الدين بكماله، وبالعلم يدرك بكماله - ويقصد بالعلم الوحي.
قال السفاريني رحمه الله: لو كانت العقول مستقلة بمعرفة الحق وأحكامه، لكانت الحجة قائمة على الناس قبل بعث الرسل وإنزال الكتب، واللازم باطل بالنص: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء: 15]، فكذا الملزوم .
العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح؛ فالأول خلق الله تعالى والثاني أمره، ولا يتخالفان؛ لأن مصدرهما واحد وهو الحق سبحانه: أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف: 54].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وليس في الكتاب والسنة وإجماع الأمة شيء يخالف العقل الصريح؛ لأن ما خالف العقل الصريح باطل، وليس في الكتاب والسنة والإجماع باطل، ولكن فيه ألفاظ قد لا يفهمها بعض الناس، أو يفهمون منها معنى باطلاً، فالآفة منهم لا من الكتاب والسنة) ---------------------العقل لا يدرك كل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أخبر عنه؛ فمداركه ليست شاملة. من أجل ذا قال الإمام أحمد بن حنبل (ت 240 هـ): (ليس في السنة قياس، ولا يضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول) . وقد عقب عليه ابن تيمية (ت 728 هـ) بقوله: (هذا قوله، وقول سائر أئمة المسلمين؛ فإنهم متفقون على أن ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا تدركه كل الناس بعقولهم، ولو أدركوه بعقولهم لاستغنوا عن الرسول) ، والله عز وجل يقول: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا . والعلوم من حيث إدراك العقل لها تنقسم إلى ثلاثة أقسام : 1 - (قسم ضروري لا يمكن التشكيك فيه كعلم الإنسان بوجوده، وعلمه بأن الاثنين أكثر من الواحد، وأن الضدين لا يجتمعان،...) . 2 - (وقسم نظري يمكن العلم به، ويمكن أن لا يعلم به؛ وهي النظريات. وذلك الممكنات التي تعلم بواسطة، لا بأنفسها. إلا أن يعلم بها . 3 - (وقسم لا يعلمه البتة، إلا أن يعلم به، أو يجعل له طريق إلى العلم به. وذلك كعلم المغيبات عنه، ........ما في الجنة أو النار على التفصيل. فعلمه بما لم يجعل له عليه دليل غير ممكن) . ويدخل في هذا القسم الأخير أغلب مسائل الاعتقاد؛ فلا تعلم إلا عن طريق الخبر؛ إذ لا يمكن للعقول أن تستقل بمعرفة هذه المسائل، لولا مجيء الوحي بها، وبأدلتها العقلية. وما على العقل إلا فهمها وتدبرها. (وأيضا فإن كثيرا من مسائل الاعتقاد - بعد معرفتها، والعلم بها عند العقول - لا تدرك العقول حقيقتها وكيفياتها) . ومن الأمثلة على ذلك: 1 - الروح، التي ليست من مدارك العقل؛ لذلك لما سألت يهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها، لم يبين لهم ماهيتها، بل قال: هي من أمر ربي: فقد أخرج الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما أن اليهود مروا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متكئ على عسيب، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، فسألوه. فأمسك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يرد عليهم شيئا، حتى نزل عليه الوحي: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا . فهذه الروح التي توجد في والتي توصف بصفات متعددة، منها: الوجود، والحياة، والقدرة، والسمع، والبصر، والصعود، والنزول، وغير ذلك. وهى مخلوقة، ومع ذلك فالعقول قاصرة عن معرفة كيفيتها، وتحديدها؛ لأنهم لم يشاهدوا لها نظيرا، كما قال ابن تيمية : (والناس لما لم يشهدوا لها نظيرا، عسر عليهم التعبير عن حقيقتها) . 2 - أما عن صفات الله عز وجل، فللعقل دور في تفهم معانيها؛ لأنا (بعقولنا نعتبر الغائب بالشاهد، فتبقى في أذهاننا قضايا عامه كلية، ثم إذا خوطبنا بوصف ما غاب عنا، لم نفهم ما قيل لنا إلا بمعرفة المشهود لنا) . وأما حقيقة الصفات وكيفياتها: فلا يدركها العقل، مع أنه لا يحيلها؛ إذ كيف يدرك ما يفتقر إلى تصوره. ونحن لا نعلم كيفية صفات ربنا عز وجل؛ (إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، وهو فرع له، وتابع له. فكيف تطالبني بالعلم بكيفية سمعه، وبصره، وتكليمه، واستوائه، وأنت لا تعلم كيفية ذاته ! وإذا كنت تقر بأن له ذاتا حقيقية ثابتة في نفس الأمر، مستوجبة لصفات الكمال، لا يماثلها شيء؛ فسمعه، وبصره، وكلامه، ونزوله، واستواؤه ثابت في نفس الأمر، وهو متصف بصفات الكمال التي لا يشابهه فيها سمع المخلوقين، وبصرهم، وكلامهم، ونزولهم، واستواؤهم ). لذلك لما جاء رجل إلى الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه؛ إمام دار الهجرة، فقال له:
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى
كيف استوى؟ أطرق الإمام مالك برأسه، وعلته الرحضاء ،ثم رفع رأسه، وقال:
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى
كما وصف نفسه، فلا يقال: كيف؟ و " كيف " عنه مرفوع، وقال للسائل: أنت صاحب بدعة، وطلب من أصحابه أن يخرجوه من مجلسه








فسبب إنكار الإمام مالك - رحمه الله - على السائل، كونه أراد أن يخوض بعقله، ما ليس في متناول عقله؛ وهو إدراك كيفية الصفة؛ لأن الرب جل جلاله لا يحيط به علما أحد من خلقه. 3 - وكذلك ما أخبر الله سبحانه وتعالى عنه من أمور الآخرة؛ كالجنة ونعيمها، والنار وجحيمها، وغير ذلك من المغيبات، ليست من مدارك العقل، ولا في متناوله، مع أن العقل يقر بها، ولا يحيلها. ولنأخذ على ذلك مثالا بنعيم الجنة؛ فالله سبحانه وتعالى أخبرنا عما في الجنة من المخلوقات؛ " من أصناف المطاعم، والمشارب، والمناكح، والمساكن؛ فأخبرنا أن فيها لبنا، وعسلا، وخمرا، وماء، ولحما، وفاكهة، وحريرا، وذهبا، وفضة، وحورا، وقصورا، وقد قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء " . أما الكيفية فمختلفة، ولا طاقة للعقل في إدراك كيفية هذا النعيم المقيم، الذي أعده الله للمتقين، مع أن وجوده لا يتعارض معه بحال. ونحن إذا تدبرنا عامة ما جاء في أمر الدين؛ من ذكر صفات الله عز وجل، وما تعبد الناس باعتقاده، وكذلك ما ظهر بين المسلمين وتداولوه بينهم، ونقلوه عن سلفهم، إلى أن أسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ذكر عذاب القبر، وسؤال الملكين، والحوض، والميزان، والصراط، وصفات الجنة، وصفات النار، وتخليد الفريقين فيهما، أمور لا تدرك حقائقها بعقولنا، وإنما ورد الأمر بقبولها والإيمان بها. فإذا سمعنا شيئا من أمور الدين، وعقلناه، وفهمناه، فلله الحمد في ذلك والشكر، ومنه التوفيق. وما لم يمكنا إدراكه وفهمه، ولم تبلغه عقولنا، آمنا به وصدقنا... " . وهذا راجع إلى أن نصوص الكتاب والسنة لا تتعارض مع العقل الصريح يقول ابن تيمية (ت 728 هـ): (فيأخذ المسلمون جميع دينهم، من الاعتقادات، والعبادات، وغير ذلك - من كتاب الله، وسنة رسوله، وما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها. وليس ذلك مخالفا للعقل الصريح؛ فإن ما خالف العقل الصريح فهو باطل. وليس في الكتاب والسنة والإجماع باطل. ولكن فيه ألفاظا قد لا يفهمها بعض الناس، أو يفهمون منها معنى باطلا، فالآفة منهم، لا من الكتاب والسنة) . وإذا كان كذلك، فإن العقل مطالب بالتسليم للنص الشرعي الصريح، ولو لم يفهمه، أو يدرك الحكمة التي فيه؛ لأن الشارع نص على كل ما يعصم من المهالك نصا قاطعا للعذر، فلا حجة لأحد بعد بيانه، . فما أخبرنا عنه الله عز وجل في كتابه، أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - آمنا به وصدقناه، وما سكت عنه من أمر الغيب، ويدخل في ذلك ذات الله سبحانه وتعالى، وأسماؤه، وصفاته، لم نشغل عقولنا في البحث عن كيفيته، أو تكلف ما لا يقدر عليه؛ لأن عقول البشر لا تستقل بمعرفة أصول الدين على سبيل التفصيل، لعجزها وقصورها، ولو كانت تستقل بمعرفة ذلك، لما أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب - قال الإمام أحمد بن حنبل (ت 240 هـ): (ليس في السنة قياس، ولا يضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول) . وقد عقب عليه ابن تيمية (ت 728 هـ) بقوله: (هذا قوله، وقول سائر أئمة المسلمين؛ فإنهم متفقون على أن ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا تدركه كل الناس بعقولهم، ولو أدركوه بعقولهم لاستغنوا عن الرسول) ، والله عز وجل يقول: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا . والعلوم من حيث إدراك العقل----يقول شيخ الاسلام بن تيمة (.. الله سبحانه فوق مخلوقاته، عال عليها؛ قد فطر الله على ذلك العجائز، والأعراب، والصبيان في الكتاب، كما فطرهم على الإقرار بالخالق تعالى... والرسل بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها، لا بتحويل الفطرة وتغييرها) [مجلة البحوث الاسلامية] يتضح مما سبق مقصود الامام اللالكائى رحمه الله

محمدعبداللطيف
2019-02-10, 12:50 PM
على أن الإمام ابن القيم في آخر كتاب المدارج ردّ على أبي إسماعيل الأنصاري قوله بوجوب التوحيد بالسمع فقط.
بارك الله فيك - - قال بن القيم فى المدارج - قال شيخ الاسلام الهروى[ هذا هو توحيد العامة الذى يصح بالشواهد والشاهد هى الرسالة والصانع- ويوجد بتوفيق الله بعد تبصيره وينمو بإجابة داعى التبصر فى الشواهد ] هذه ثلاث مسائل -احداها :-ما يجب به -والثانية ما يوجد به - والثالثة ما ينمو به--فأما المسألة الاولى -اختلف فيها الناس فقالت طائفة يجب بالعقل ويعاقب على تركه والسمع مقرر لما وجب بالعقل مؤكد له فجعلوا وجوبه والعقاب على تركه ثابتين بالعقل والسمع مبين ومقرر للوجوب والعقاب وهذا قول المعتزلة ومن وافقهم من أتباع الأئمة في مسألة التحسين والتقبيح العقليين وقالت طائفة لا يثبت بالعقل لا هذا ولا هذا بل لا يجب بالعقل فيها شيء وإنما الوجوب بالشرع ولذلك لا يستحق العقاب على تركه وهذا قول الأشعرية ومن وافقهم على نفي التحسين والتقبيح والقولان لأصحاب أحمد والشافعي وأبي حنيفة والحق أن وجوبه ثابت بالعقل والسمع والقرآن على هذا يدل فإنه يذكر الأدلة والبراهين العقلية على التوحيد ويبين حسنه وقبح الشرك عقلا وفطرة ويأمر بالتوحيد وينهى عن الشرك ولهذا ضرب الله سبحانه الأمثال وهي الأدلة العقلية وخاطب العباد بذلك خطاب من استقر في عقولهم وفطرهم حسن التوحيد ووجوبه وقبح الشرك وذمه والقرآن مملوء بالبراهين العقلية الدالة على ذلك كقوله {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} وقوله. {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}--وفوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}إلى أضعاف ذلك من براهين التوحيد العقلية التي أرشد إليها القرآن ونبه عليها ولكن ههنا أمر آخروهو أن العقاب على ترك هذا الواجب يتأخر إلى حين ورود الشرع كما دل عليه قوله تعالى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} وقوله {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا} وقوله{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} وقوله{ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} فهذا يدل على أنهم ظالمون قبل إرسال الرسل وأنه لا يهلكهم بهذا الظلم قبل إقامة الحجة عليهم فالآية رد على الطائفتين معا من يقول إنه لا يثبت الظلم والقبح إلابالسمع ومن يقول إنهم معذبون على ظلمهم بدون السمع فالقرآن يبطل قول هؤلاء وقول هؤلاء كما قال تعالى{وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} فأخبر أن ما قدمت أيديهم قبل إرسال الرسل سبب لإصابتهم بالمصيبة ولكن لم يفعل سبحانه ذلك قبل إرسال الرسول الذي يقيم به حجته عليهم كما قال تعالى {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ
عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} وقال تعالى{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ} وقوله {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} إلى قوله {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} وهذا في القرآن كثير يخبر أن الحجة إنما قامت عليهم بكتابه ورسوله كما نبههم بما في عقولهم وفطرهم من حسن التوحيد والشكر وقبح الشرك والكفر
وقد ذكرنا هذه المسألة مستوفاة في كتاب مفتاح دار السعادة وذكرنا هناك نحوا من ستين وجها تبطل قول من نفى القبح العقلي وزعم أنه ليس في الأفعال ما يقتضي حسنها ولا قبحها وأنه يجوز أن يأمر الله بعين ما نهى عنه وينهى عن عين ما أمر به وأن ذلك جائز عليه وإنما الفرق بين المأمور والمنهي بمجرد الأمر والنهي لا بحسن هذا وقبح هذا وأنه لو نهى عن التوحيد والإيمان والشكر لكان قبيحا ولو أمر بالشرك والكفر والظلم والفواحش لكان حسنا وبينا أن هذا القول مخالف للعقول والفطر والقرآن والسنة والمقصود الكلام على قول الشيخ ويجب بالسمع وأن الصواب وجوبه بالسمع والعقل وإن اختلفت جهة الإيجاب فالعقل يوجبه بمعنى اقتضائه لفعله وذمه على تركه وتقبيحه لضده والسمع يوجبه بهذا المعنى ويزيد إثبات العقاب على تركه والإخبار عن مقت الرب تعالى لتاركه وبغضه له وهذا قد يعلم بالعقل فإنه إذا تقرر قبح الشيء وفحشه بالعقل وعلم ثبوت كمال الرب جل جلاله بالعقل أيضا اقتضى
ثبوت هذين الأمرين علم العقل بمقت الرب تعالى لمرتكبه وأما تفاصيل العقاب وما يوجبه مقت الرب منه فإنما يعلم بالسمع.
واعلم أنه إن لم يكن حسن التوحيد وقبح الشرك معلوما بالعقل مستقرا في الفطر فلا وثوق بشيء من قضايا العقل فإن هذه القضية من أجل القضايا البديهيات وأوضح ما ركب الله في العقول والفطر ولهذا يقول سبحانه عقيب تقرير ذلك افلا تعقلون أفلا تذكرون وينفي العقل عن أهل الشرك ويخبر عنهم بأنهم يعترفون في النار أنهم لم يكونوا يسمعون ولا يعقلون وأنهم خرجوا عن موجب السمع والعقل وأخبر عنهم أنهم صم بكم عمي فهم لا يعقلون وأخبر عنهم إن سمعهم وأبصارهم وأفئدتهم لم تغن عنهم شيئاوهذا إنما يكون في حق من خرج عن موجب العقل الصريح والفطرة الصحيحة ولو لم يكن في صريح العقل ما يدل على ذلك لم يكن في قوله تعالى انظروا واعتبروا وسيروا في الأرض فانظروا فائدة فإنهم يقولون عقولنا لا تدل على ذلك وإنما هو مجرد إخبارك فما هذا النظر والتفكر والاعتبار والسير في الأرض وما هذه الأمثال المضروبة والأقيسة العقلية والشواهد العيانية أفليس في ذلك أظهر دليل على حسن التوحيد والشكر وقبح الشرك والكفر مستقر في العقول والفطرمعلوم لمن كان له قلب حي وعقل سليم وفطرة صحيحة قال تعالى {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} وقال تعالى{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} وقال تعالى{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} وقال تعالى {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} وقال تعالى {ذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُون} وقال تعالى {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ}

ومن بعض الأدلة العقلية ما أبقاه الله تعالى من آثار عقوبات أهل الشرك وآثار ديارهم وما حل بهم وما أبقاه من نصر أهل التوحيد وإعزازهم وجعل العاقبة لهم قال تعالى {وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ} وقال في ثمود {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون} وقال في قوم لوط {إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} وقال تعالى{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِ ينَ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} وقال تعالى في قوم لوط {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} وهو سبحانه يذكر في سورة الشعراء ما أوقع بالمشركين من أنواع العقوبات ويذكر إنجاءه لأهل التوحيد ثم يقول إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم فيذكر شرك هؤلاء الذين استحقوا به الهلاك وتوحيد هؤلاء الذين استحقوا به النجاة ثم يخبر أن في ذلك آية وبرهانا للمؤمنين ثم يذكر مصدر ذلك كله وأنه عن أسمائه وصفاته فصدور هذا الإهلاك عن عزته وذلك الإنجاء عن رحمته ثم يقرر في آخر السورة نبوة رسوله بالأدلة العقلية أحسن تقرير ويجيب عن شبه المكذبين له أحسن جواب وكذلك تقريره للمعاد بالأدلة العقلية والحسية فضرب الأمثال والأقيسة فدلالة القرآن سمعية عقلية.[مدارج السالكين]-----
والمقصود الكلام على قول الشيخ ويجب بالسمع وأن الصواب وجوبه بالسمع والعقل وإن اختلفت جهة الإيجاب فالعقل يوجبه بمعنى اقتضائه لفعله وذمه على تركه وتقبيحه لضده والسمع يوجبه بهذا المعنى ويزيد إثبات العقاب على تركه والإخبار عن مقت الرب تعالى لتاركه وبغضه له وهذا قد يعلم بالعقل فإنه إذا تقرر قبح الشيء وفحشه بالعقل وعلم ثبوت كمال الرب جل جلاله بالعقل أيضا اقتضى
ثبوت هذين الأمرين علم العقل بمقت الرب تعالى لمرتكبه وأما تفاصيل العقاب وما يوجبه مقت الرب منه فإنما يعلم بالسمع.

أبو محمد المأربي
2019-02-10, 12:54 PM
والاعتبار الثالث: بمعنى المدح والثواب، والذم والعقاب.


والحسن والقبح بهذا الاعتبار:


محل نزاع بين الطوائف، وذلك على النحو الآتي:


الأقوال في المسألة:
القول الأول:


إثبات الحسن والقبح العقليين، بمعنى أن العقل يدرك الحسن والقبح، فهو يحسن ويقبح، وهذا مذهب المعتزلة.


القول الثالث: مذهب أهل السنة، وهم وسط بين الطرفين، وقبل تفصيل مذهبهم في هذه المسألة لا بد من ذكر أصولٍ لهم يُحتاج إلى بيانها في هذا المقام..............


الأصل السادس:


أن العقل لا مدخل له في إثبات الأحكام الشرعية، ولا في تعلق المدح والذم بالأفعال عاجلاً أو تعلق الثواب والعقاب بها آجلاً، وإنما طريق ذلك السمع المجرد.


د- تفصيل مذهب أهل السنة :


يمكن إيضاح مذهب أهل السنة في هذه المسألة وأدلتهم عليه في ثلاث نقاط:
1- أن الحسن والقبح صفات ثابتة للأفعال، وهذا الثبوت قد يكون بطريق العقل، وقد يكون بطريق الفطرة، وقد يكون بطريق الشرع، فالعقل والفطرة يحسنان ويقبحان، ولا يمكن أن يأتي الشرع على خلاف ذلك، والشرع أيضًا يحسن ويقبح فكل ما أمر به الشرع فهو حسن، وكل ما نهى عنه فهو قبيح. فثبت إذن أن الحسن والقبح قد يعرفان بالعقل، وقد يعرفان بالفطرة، وقد يعرفان بالشرع.
3- أن ما عُرف حسنُه وقبحُه بطريق العقل والفطرة لا يترتب عليه مدح ولا ذم، ولا ثواب ولا عقاب ما لم تأتِ به الرسل؛ لأن الدليل الشرعي إنما أثبت المدح والذم والثواب والعقاب على من قامت عليهم الحجة بالرسل والكتب، فالمدح والذم والثواب والعقاب إنما يترتب على ما عُرف حسنه وقبحه بطريق الشرع فقط.
وبهذا التفصيل يتبين لنا أن مذهب أهل السنة وسط بين الطرفين................ ...........

والمحذور الثالث:


أنهم رتبوا على تحسين العقل: المدح والثواب، وعلى تقبيحه: الذم والعقاب، ومعلوم أن المدح والذم والثواب والعقاب مما لا يدرك إلا بالسمع المجرد.................. .....................


أما أهل السنة فقد توسطوا بين الطرفين ولم يرتكبوا شيئًا من المحاذير التي وقع فيها الفريقان....
ولذلك أيضًا أثبت أهل السنة تحسين العقل وتقبيحه، لكن لا يترتب عندهم على ذلك مدح ولا ذم، ولا ثواب ولا عقاب؛ لأن ترتيب ذلك مما لا يثبت بالعقل، وإنما يستقل السمع المجرد في إثباته.


و- تنبيهات:


1- بُني على مسألة التحسين والتقبيح العقليين مسألة : شكر المنعم، هل هو واجب سمعًا أو عقلاً ؟
فمن قال: إن العقل يحسن ويقبح قال: إن شكر المنعم واجب عقلاً، وهؤلاء هم المعتزلة .
ومن نفى كون العقل يحسن ويقبح قال: إن شكر المنعم واجب سمعًا لا عقلاً وهؤلاء هم الأشاعرة.
أما أهل السنة فعندهم أن شكر المنعم واجب بالسمع والعقل والفطرة.
2- كثر الخلط بين مذهب أهل السنة ومذهب الأشاعرة في مسألة التحسين والتقبيح العقليين، وكذلك في مسألة شكر المنعم، بل جعل البعض المذهبين مذهبًا واحدًا، فقال: إن أهل السنة والأشاعرة متفقون على أن العقل لا يحسن ولا يقبح.
وهذا خلط عظيم، سببه: اتفاق الفريقين في بعض الجوانب؛ إذ الكل متفق على إثبات أن الشرع يحسن ويقبح، ويوجب ويحرم، وأن الثواب والعقاب والمدح والذم لا يعرف بالعقل، وإنما يعرف ذلك بالشرع وحده، وفي حقيقة الأمر نجد أن هناك جوانب أخرى في المسألة اختلفوا فيها..............


يظهر أن الشيخ الجيزاني حفظه الله وقع في بحثه هذا في نفس الخلل الذي وقع فيه الشهري في رسالته التحسين والتقبيح لأن الجيزاني ينفي ترتب المدح والذم على التحسين والتقبيح العقلي وينسبه لأهل السنة والجماعة! وهذا غير صحيح في نفسه، ولا علاقة له بمذهب الشيخين (ابن تيمية وابن القيم)، وتارة ينفي الوجوب والتحريم العقلي، ويحصر وظيفة العقل بإدراك الحسن والقبح، وتارة يثبت الوجوب العقلي كما في مسألة شكر المنعم فإنه قال: هو واجب بالعقل والشرع خلافاً للمعتزلة والأشعرية.......
الخلاصة: الخلل ظاهر في كلامه في تقرير مذهب أهل السنة والجماعة في التحسين والتقبيح العقلي، والصواب في مذهب أهل السنة: أن العقل يحسّن ويقبّح، ويدرك وجوب الحسن، وحرمة القبيح، ويمدح صاحب الحسن، كما يذمّ صاحب القبيح عاجلاً، ويدرك استحقاق صاحب القبيح العقوبة عاجلا وآجلا، هذا محلّ اتفاقٍ بين أهل السنة، إلا أنهم اختلفوا في كون السمع شرطاً في العقوبة الأخروية مع اتفاقهم على وجود سبب العذاب، فشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ومن معهم ذهبوا إلى أن انتفاء الرسالة مانع من العذاب مع وجود المقتضي للعذاب.
وذهب آخرون إلى أن الوجوب العقلي كاف في العقوبة في أصل الدين (وجوب التوحيد وحرمة الشرك) وهو قول الحنفية والشافعية المتقدمين وهو الذي نقله أبو الخطاب الحنبلي عن أكثر علماء المسلمين.

محمدعبداللطيف
2019-02-10, 01:11 PM
والصواب في مذهب أهل السنة: أن العقل يحسّن ويقبّح، ويدرك وجوب الحسن، وحرمة القبيح، ويمدح صاحب الحسن، كما يذمّ صاحب القبيح عاجلاً، ويدرك استحقاق صاحب القبيح العقوبة عاجلا وآجلا، هذا محلّ اتفاقٍ بين أهل السنة، ، فشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ومن معهم ذهبوا إلى أن انتفاء الرسالة مانع من العذاب مع وجود المقتضي للعذاب.


نعم الى هنا اتفق معك اخى الفاضل ابو محمد المأربى - --
إلا أنهم اختلفوا في كون السمع شرطاً في العقوبة الأخروية مع اتفاقهم على وجود سبب العذاب.......وذهب آخرون من أهل السنة إلى أن الوجوب العقلي كاف في العقوبة في أصل الدين (وجوب التوحيد وحرمة الشرك) وهو قول الحنفية والشافعية المتقدمين وهو الذي نقله أبو الخطاب الحنبلي عن أكثر علماء المسلمين.
وذهب آخرون من أهل السنة الصحيح ان يقال هذا قول المعتزلة ومن وافقهم من اتباع الائمة - قال بن القيم سابقا - هذا قول المعتزلة ومن وافقهم من أتباع الأئمة في مسألة التحسين والتقبيح العقليين -هنا الخلاف القائم بيننا من قديم ولا أود الخوض فيه وقد سبق النقاش فيه مفصلا

أبو محمد المأربي
2019-02-10, 01:13 PM
- لا تعارض - كلام الامام اللالكائي رحمه الله قاله فى سياق آخر غير ما نتكلم فيه-يتضح فى النقول التالية ان شاء الله ---قال شيخ الإسلام رحمه الله: لا تحسبن أن العقول لو تركت وعلومها التي تستفيدها بمجرد النظر، عرفت الله معرفة مفصلة بصفاته وأسمائه على وجه اليقين .------وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: واعلم أن عامة مسائل أصول الدين الكبار مما يعلم بالعقل . أما مسائل العقيدة التفصيلية مما يتعلق بذات الله تعالى وصفاته ورسوله وأنبيائه، وما يجب لهم وما يستحيل، فما كانت العقول لتدركها لولا مجيء الوحي.
قال أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني: ولأن العقل لا مجال له في إدراك الدين بكماله، وبالعلم يدرك بكماله - ويقصد بالعلم الوحي
وفيك بارك أخي محمد وأحسن إليكم.......
ليس الكلام أخي الفاضل في المعرفة التفصيلة المتعلقة بصفات الله وأسمائه وإنما في وجوب معرفة الله إذا لم يُقل إنها ضروية فطرية بل استدلالية وهو ظاهر كلام اللالكائي؛ لأن كلامه في وجوب معرفة الله وإنها تعرف وتجب بالسمع لا بالعقل واستدل على ذلك بقوله تعالى: {فاعلم أنه لا إله إلا الله} {اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين} {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} ونحوها من الآيات كقوله:{وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} فقال:(فأخبر الله تعالى نبيه صىل الله عليه وسلم في هذه الآية: أنّ بالسمع، والوحي، عرف الأنبياء قبله التوحيد) وقال بعد آيات آخرى ما نقلته في المشاركة السابقة وعزاه لأهل السنة والجماعة (فدل على أن معرفة الله... بالسمع كما أخبر الله عز وجل، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة).
فالظاهر أن هبة الله الطبري متأثر في هذه المسألة (وجوب التوحيد وحرمة الشرك) بمذاهب نفاة التحسين والتقبيح العقليين...... والقول بوجوب التوحيد بالسمع فقط هو القول الذي ردّ عليه ابن القيم على الأنصاري في منازل السائرين كما نقلتُم وأشرتُ إليه من قبل. وربك أعلم.

أبو محمد المأربي
2019-02-10, 03:32 PM
الصحيح ان يقال هذا قول المعتزلة ومن وافقهم من اتباع الائمة - قال بن القيم سابقا - هذا قول المعتزلة ومن وافقهم من أتباع الأئمة في مسألة التحسين والتقبيح العقليين -هنا الخلاف القائم بيننا من قديم ولا أود الخوض فيه وقد سبق النقاش فيه مفصلا
بل هذا قول الإمام أبي حينفة وجمهور أصحابه، وقول الإمام الشافعي وأصحابه الذين لم يتأثروا بمذهب الأشعرية كالإمام ابن سريج الشافعي الثاني، وتلامذته كأبي عبد الله الزبيري، وأبي بكر الصيرفي، وأبي علي ابن أبي هريرة، وأبي بكر القفال الشاشي، وأبي بكر الفارسي، والقاضي أبي حامد المروزي، وأبي عبد الله الحليمي رئيس أصحاب الحديث فيما وراء النهر، وهو قول الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره والتبصير في معالم الدين.
وهو مقتضى قول الإمام أحمد بن حنبل (الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم) فأخبر أن في كل زمان فترة من تقوم بهم الحجة على العباد.
نعم، عدم العذر في ترك التوحيد قبل البعثة قول جماعة من الحنابلة كأبي الخطاب الكلوذاني.
ولم أجد نفي التعذيب في عبادة الأوثان قبل البعثة تصريحاً إلا عند ابن تيمية وابن القيم استدلالاً ولم ينقلاه عن معيّن من أهل السنة والجماعة

محمدعبداللطيف
2019-02-10, 03:44 PM
...... والقول بوجوب التوحيد بالسمع فقط هو القول الذي ردّ عليه ابن القيم على الأنصاري في منازل السائرين كما نقلتُم وأشرتُ إليه من قبل. وربك أعلم.

نعم بارك الله فيك- انا اردت فقط توجيه كلام الامام اللالكائى رحمه الله توجيه حسن - وبعض الشراح يوجهه توجيه آخر وسأنقل توجيههم للفائدة ثم بعد ذلك ابين الصواب فى المسألة من كلام شيخ الاسلام وبن القيم----
أن الوجوب الشرعي لمعرفة الله تعالى بالشرع لا بالعقل. فالعقل وحده - وإن كان مدركا لمعرفة الله - غير كاف في الوجوب: لأنه لا تتم الحجة على العبد بمجرد عقله ما لم يبلغه الشرع؛ وهذا من كمال رحمة الله، ووافر فضله، ونهاية عدله، ومقتضى حكمته سبحانه وتعالى.
غير أن العقل شرط في صحة التكليف؛ لا موجب له، فالعقل لا يطرح بالكلية، ولا يستقل بالكلية. والشرع هو الذي يعتمد عليه في أصول الدين والعقل عاضد له ومعاون. بل نفس معرفة الله تعالى أمر فطري جبلي فطر الله الناس عليه، لا ينحرف عنه إلا من فسدت فطرته، غير أن الذي يدرك بالعقل ومركوز في الفطرة هو معرفة الله الإجمالية؛ أما معرفة الله التفصيلية بأسمائه وصفاته فلا تحصل إلا بالشرع.
فالفطرة لها وظيفة، والعقل له وظيفة، وللشرع وظيفة، فالفطرة قابلة للحق والعقل مزك، والشرع مبصر مفصل لما هو مركوز في الفطرة.
قلت: ومن وظيفة الشرع أن الله تعالى أوجب به معرفته على العبد، وبه مناط التكليف، وعليه يترتب العقاب والثواب، وبذلك تتم حجة الله على عباده. وهذا الذي ذكرته هو مذهب أهل السنة والجماعة،[موسوعة الفرق]--هذه حجتهم وبينها وبين ما نقرره فرق-- يقول بن القيم رحمه الله -الصواب وجوبه بالسمع والعقل وإن اختلفت جهة الإيجاب فالعقل يوجبه بمعنى اقتضائه لفعله وذمه على تركه وتقبيحه لضده والسمع يوجبه بهذا المعنى ويزيد إثبات العقاب على تركه والإخبار عن مقت الرب تعالى لتاركه وبغضه له وهذا قد يعلم بالعقل فإنه إذا تقرر قبح الشيء وفحشه بالعقل وعلم ثبوت كمال الرب جل جلاله بالعقل أيضا اقتضى
ثبوت هذين الأمرين علم العقل بمقت الرب تعالى لمرتكبه وأما تفاصيل العقاب وما يوجبه مقت الرب منه فإنما يعلم بالسمع.

محمدعبداللطيف
2019-02-10, 04:10 PM
والان أهم ما فى الموضوع - هل العقل والفطرة حجة فى بطلان الشرك وثبوت اسماء الذم- كإسم المشرك- والطاغى والمفترى والظالم وغيرها من اسماء ذم الافعال--هذا هو لُب الخلاف بيننا وبينهم - - ليس من حكمته سبحانه وتعالى التسوية بين المختلفين كالتسوية بين الأبرار والفجَّار فقال تعالى : أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتَّقين كالفجَّار ، وقال تعالى : أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون فدلَّ على أنَّ هذا حكمٌ سيءٌ قبيحٌ ينزَّه الله عنه ، ولم ينكره سبحانه من جهة أنَّه أخبر بأنَّه لا يكون وإنما أنكره من جهة قُبْحه في نفسه وأنه حكمٌ سيءٌ يتعالى ويتنزَّه عنه لمنافاته لحكمته وغناه وكماله ، ووقوع أفعاله كلِّها على السَّداد والصَّواب والحكمة فلا يليق به أن يجعل البرَّ كالفاجر ، ولا المحسن كالمسيء ، ولا المؤمن كالمفسد في الأرض فدلَّ على أنَّ هذا قبيحٌ في نفسه --- قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله: وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الرِّسَالَةِ وَمَا بَعْدَهَا فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ، وَذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَى الطَّائِفَتَيْن ِ: عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ الْأَفْعَالَ لَيْسَ فِيهَا حَسَنٌ وَقَبِيحٌ. وَمَنْ قَالَ: إنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ سَمَّاهُمْ ظَالِمِينَ وَطَاغِينَ وَمُفْسِدِينَ، لِقَوْلِهِ (اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى) وَقَوْلِهِ (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ) وَقَوْلِهِ (إنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) فَأَخْبَرَ أَنَّهُ ظَالِمٌ وَطَاغٍ وَمُفْسِدٌ هُوَ وَقَوْمُهُ وَهَذِه أَسْمَاء ذَمّ الْأَفْعَالِ، وَالذَّمُّ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ السَّيِّئَةِ الْقَبِيحَةِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ تَكُونُ قَبِيحَةً مَذْمُومَةً قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ إلَّا بَعْدَ إتْيَانِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ؛ لِقَوْلِهِ (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا). وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ عَنْ هُودَ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْإلَهٍ غَيْرُهُ إنْ أَنْتُمْ إلَّا مُفْتَرُونَ) فَجَعَلَهُمْ مُفْتَرِينَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِحُكْمِ يُخَالِفُونَهُ، لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَاسْمُ الْمُشْرِكِ ثَبَتَ قَبْلَ الرِّسَالَةِ، فَإِنَّهُ يُشْرِكُ بِرَبِّهِ وَيَعْدِلُ بِهِ وَيَجْعَلُ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى وَيَجْعَلُ لَهُ أَنْدَادًا قَبْلَ الرَّسُولِ وَيُثْبِتُ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَهْلِ وَالْجَاهِلِيَّ ةِ يُقَالُ: جَاهِلِيَّةً وَجَاهِلًا قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ وَأَمَّا التَّعْذِيبُ فَلَا. وَالتَّوَلِّي عَنْ الطَّاعَةِ كَقَوْلِهِ (فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى) (وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) فَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الرَّسُولِ مِثْلَ قَوْلِهِ عَنْ فِرْعَوْنَ. (فَكَذَّبَ وَعَصَى) كَانَ هَذَا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى (فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى * فَكَذَّبَ وَعَصَى) وَقَالَ (فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)” الفتاوى 20/38

محمدعبداللطيف
2019-02-10, 04:19 PM
واليك اخى الفاضل ابو محمد المأربى ما يتعامى عنه الاشاعرة المعاصرين وانصار داوود بن جرجيس ويقلق مضجعهم ويبذلون جهدهم فى كتمانه كفعل اليهود مع النبى صلى الله عليه وسلم فى إخفاء حكم الرجم - وهذا واضح جدا فى كتبهم --يخفون كلام شيخ الاسلام السابق فى ثبوت اسم المشرك قبل الرسالة مع ما يلى------- فى ان الفطرة والعقل حجة فى بطلان الشرك - ولكن لكمال رحمته وإحسانه لا يعذب أحداً إلا بعد إرسال الرسول إليه وإن كان فاعلاً لما يستحق به الذم وثبوت الاسم --يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ---------يقول شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله-(( ذكر لهم حجتين يدفعهما هذا الإشهاد، إحداهما؛ {أن تقولوا إنا كنا عن هذا غافلين}، فتبين أن هذا علم فطري ضروري لا بد لكل بشر من معرفته، وذلك يتضمن حجة الله في إبطال التعطيل، وإن القول بإثبات الصانع علم فطري ضروري، وهو حجة على نفي التعطيل، والثاني؛ {أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم}، وهذا حجة لدفع الشرك كما أن الأول حجة لدفع التعطيل، فالتعطيل مثل كفر فرعون ونحوه والشرك مثل شرك المشركين من جميع الأمم، وقوله: {أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل}، وهم آباؤنا المشركون وتعاقبنا بذنوب غيرنا، وذلك أنه لو قدر أنه لم يكونوا عارفين بأن الله ربهم ووجدوا آباءهم مشركين وهم ذرية من بعدهم، ومقتضى الطبيعة العادية أن يحتذي الرجل حذو أبيه حتى في الصناعات والمساكن والملابس والمطاعم، إذ كان هو الذي رباه، ولهذا كان أبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه، فإذا كان هذا مقتضى العادة الطبيعية ولم يكن في فطرتهم وعقولهم ما يناقض ذلك قالوا: نحن معذورون وآباؤنا هم الذين أشركوا ونحن كنا ذرية لهم بعدهم تبعناهم بموجب الطبيعة المعتادة ولم يكن عندنا ما يبين خطأهم، فإذا في فطرتهم ما شهدوا به من أن الله وحده هو ربهم، كان معهم ما يبين بطلان الشرك وهو التوحيد الذي شهدوا به على أنفسهم، فإذا احتجوا بالعادة الطبيعية من اتباع الآباء كانت الحجة عليهم الفطرة الطبيعية العقلية السابقة لهذه العادة الأبوية، كما قال صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه"، فكانت الفطرة الموجبة للإسلام سابقة للتربية التي يحتجون بها، وهنا يقتضي أن نفس العقل الذي به يعرفون التوحيد حجة لبطلان الشرك لا يحتاج ذلك إلى رسول، فإنه جعل ما تقدم حجة عليهم بدون هذا. وهنا لا يناقض قوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}، فإن الرسول يدعوا إلى التوحيد، ولكن إن لم يكن في الفطرة دليل عقلي يعلم به إثبات الصانع لم يكن في مجرد الرسالة حجة عليهم، فهذه الشهادة على أنفسهم التي تتضمن إقرارهم بأن الله ربهم ومعرفتهم بذلك، وأن هذه المعرفة والشهادة أمر لازم لكل بني آدم به تقوم حجة الله تعالى في تصديق رسله، فلا يمكن أحدا أن يقول يوم القيامة: إني كنت عن هذا غافلا، ولا أن الذنب كان لأبي المشرك دوني، لكونه عارف بأن الله ربه لا شريك له، فلم يكن معذورا في التعطيل والإشراك بل قام به ما يستحق به العذاب، ثم إن الله سبحانه - لكمال رحمته وإحسانه - لا يعذب أحدا إلا بعد إرسال رسول إليهم، وإن كانوا فاعلين لما يستحق به الذم والعقاب، كما كان مشركو العرب وغيرهم ممن بعث إليهم رسول، فاعلين للسيئات والقبائح التي هي سبب الذم والعقاب، والرب تعالى - مع هذا - لم يكن معذبا لهم حتى يبعث إليهم رسولا ))-[ درء تعارض العقل والنقل ج 8 ص490 ] ويقول ابن القيم رحمه الله ((وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ). وهذا يقتضي إقرارهم بربوبيته إقراراً تقوم عليهم به الحجة وهذا إنما هو الإقرار الذي احتج به عليهم على ألسنة رسله كقوله –تعالى-: (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ)... (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ)، (قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ). ونظائر ذلك كثيرة يحتج عليهم بما فطروا عليه من الإقرار بربهم وفاطرهم ويدعوهم بهذا الإقرار إلى عبادته وحده وألا يشركوا به شيئاً هذه طريقة القرآن ومن ذلك هذه الآية التي في "الأعراف" وهي قوله: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ..) ولهذا قال في آخرها: (أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ). فاحتج عليهم بما أقروا به من ربوبيته على بطلان شركهم وعبادة غيره، وألا يعتذروا، إما بالغفلة عن الحق، وإما بالتقليد في الباطل فإن الضلال له سببان: إما غفلة عن الحق، وإما تقليد أهل الضلال))-[أحكام أهل الذمة ج 2 ص527 ]

وقال رحمه الله (( فهو سبحانه يقول: أذكر حين أخذوا من أصلاب الآباء فخلقوا حين ولدوا على الفطرة مقرين بالخالق شاهدين على أنفسهم بأن الله ربهم، فهذا الإقرار حجة عليهم يوم القيامة (أَن تَقُولُواْ) أي: كراهية أن تقولوا أو لئلا تقولوا: (إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ). أي: عن هذا الإقرار لله بالربوبية وعلى نفوسنا بالعبودية... (أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ). فذكر سبحانه لهم حجتين يدفعهما هذا الإشهاد: إحداهما أن يقولوا: إنا كنا عن هذا غافلين فبين أن هذا علم فطري ضروري لا بد لكل بشر من معرفته وذلك يتضمن حجة الله في إبطال التعطيل وأن القول بإثبات الصانع علم فطري ضروري وهو حجة على نفي التعطيل. والثاني أن يقولوا: إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون، وهم آباؤنا المشركون: أي أفتُعاقبنا بذنوب غيرنا؟ فإنه لو قدر أنهم لم يكونوا عارفين بأن الله ربهم ووجدوا آباءهم مشركين وهم ذرية من بعدهم ومقتضى الطبيعة العادية أن يحتذي الرجل حذو أبيه حتى في الصناعات والمساكن والملابس والمطاعم إذ كان هو الذي رباه، ولهذا كان أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، فإذا كان هذا مقتضى العادة والطبيعة، ولم يكن في فطرهم وعقولهم ما يناقض ذلك، قالوا: نحن معذورون وآباؤنا الذين أشركوا، ونحن كنا ذرية لهم بعدهم، ولم يكن عندنا ما يبين خطأهم. فإذا كان في فطرهم ما شهدوا به من أن الله وحده هو ربهم، كان معهم ما يبين بطلان هذا الشرك وهو التوحيد الذي شهدوا به على أنفسهم. فإذا احتجوا بالعادة الطبيعية من اتباع الآباء كانت الحجة عليهم الفطرة الطبيعية الفعلية السابقة لهذه العادة الطارئة، وكانت الفطرة الموجبة للإسلام سابقة للتربية التي يحتجون بها؛ وهذا يقتضي أن نفس العقل الذي به يعرفون التوحيد حجة في بطلان الشرك لا يحتاج ذلك إلى رسول، فإنه جعل ما تقدم حجة عليهم بدون هذا، وهذا لا يناقض قوله –تعالى-: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً). فإن الرسول يدعو إلى التوحيد ولكن الفطرة دليل عقلي يعلم به إثبات الصانع بياض في الأصل، والسياق يقتضي وضع "وإلا" لم يكن في مجرد الرسالة حجة عليهم فهذه الشهادة على أنفسهم التي تتضمن بأن الله ربهم، ومعرفتهم أمر لازم لكل بني آدم به تقوم حجة الله في تصديق رسله فلا يمكن أحداً أن يقول يوم القيامة: إني كنت عن هذا غافلاً ولا أن الذنب كان لأبي المشرك دوني لأنه عارف بأن الله ربه لا شريك له فلم يكن معذوراً في التعطيل والإشراك بل قام به ما يستحق به العذاب ثم إن الله –سبحانه- لكمال رحمته وإحسانه- لا يعذب أحداً إلا بعد إرسال الرسول إليه وإن كان فاعلاً لما يستحق به الذم والعقاب فلله على عبده حجتان قد أعدهما عليه لا يعذبه إلا بعد قيامهما: إحداهما: ما فطره وخلقه عليه من الإقرار بأنه ربه ومليكه وفاطره وحقه عليه لازم. والثاني: إرسال رسله إليه بتفصيل ذلك وتقريره وتكميله فيقوم عليه شاهد الفطرة والشرعة ويقر على نفسه بأنه كان كافراً كما قال –تعالى-: (وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ) [الأنعام: 130]، فلم ينفذ عليه الحكم إلا بعد إقرار وشاهدين وهذا غاية العدل ))[ أحكام أهل الذمة ج 2 ص 1011 ]
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ------ (( أما قوله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه". فالصواب أنها فطرة الله التي فطر الناس عليها، وهي فطرة الإسلام، وهي الفطرة التي فطرهم عليها يوم قال: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى). وهي: السلامة من الاعتقادات الباطلة والقبول للعقائد الصحيحة. فإن حقيقة "الإسلام": أن يستسلم لله لا لغيره وهو معنى لا إله إلا الله وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فقال: "كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟"، بين أن سلامة القلب من النقص كسلامة البدن وأن العيب حادث طارئ. وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فيما يروي عن الله: "إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزّل به سلطانا". ولهذا ذهب الإمام أحمد –رضي الله عنه- في المشهور عنه: إلى أن الطفل متى مات أحد أبويه الكافرين حكم بإسلامه لزوال الموجب للتغيير عن أصل الفطرة وقد روى عنه وعن ابن المبارك وعنهما أنهم قالوا: "يولد على ما فطر عليه من شقاوة وسعادة" وهذا القول لا ينافي الأول فإن الطفل يولد سليماً وقد علم الله أنه سيكفر فلا بد أن يصير إلى ما سبق له في أم الكتاب كما تولد البهيمة جمعاء وقد علم الله أنها ستجدع..." إلى أن قال "ولا يلزم من كونهم مولودين على الفطرة أن يكونوا حين الولادة معتقدين للإسلام بالفعل فإن الله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئاً ولكن سلامة القلب وقبوله وإرادته للحق: الذي هو الإسلام بحيث لو ترك من غير مغير لما كان إلا مسلماً. وهذه القوة العلمية العملية التي تقتضي بذاتها الإسلام ما لم يمنعها مانع: هي فطرة الله التي فطر الناس عليها))-[مجموع الفتاوى ج 4 ص245 ]

محمدعبداللطيف
2019-02-10, 08:58 PM
ولم أجد نفي التعذيب في عبادة الأوثان قبل البعثة تصريحاً إلا عند ابن تيمية وابن القيم استدلالاً ولم ينقلاه عن معيّن من أهل السنة والجماعة

نفى التعذيب ليس فى جميع من كان قبل البعثة وانما هو مخصوص بمن لم تبلغه الدعوة او من كان حكمه حكم ارباب الفترات مريد للهدى مؤثر له محب له، غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده، فهذا حكمه حكم أرباب الفترات - قال بن القيم فى طريق الهجرتين -نعم لا بد فى هذا المقام من تفصيل به يزول الإشكال، وهو الفرق بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه، ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه، والقسمان واقعان فى الوجود، فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله، وأما العاجز عن السؤال والعلم الذى لا يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان أيضاً -أحدهما -مريد للهدى مؤثر له محب له، غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده، فهذا حكمه حكم أرباب الفترات، ومن لم تبلغه الدعوة. الثانى: معرض لا إرادة له، ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه. فالأول يقول: يا رب لو أعلم لك ديناً خيراً مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره، فهو غاية جهدى ونهاية معرفتى. والثانى: راض بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته، وكلاهما عاجز وهذا لا يجب أن يلحق بالأول لما بينهما من الفرق: فالأَول كمن طلب الدين فى الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع فى طلبه عجزاً وجهلاً، والثانى كمن لم يطلبه، بل مات فى شركه وإن كان لو طلبه لعجز عنه، ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض.
فتأمل هذا الموضع، والله يقضى بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله، ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل، فهذا مقطوع به فى جملة الخلق. وأما كون زيد بعينه وعمرو بعينه قامت عليه الحجة أم لا، فذلك مما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه، بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر، وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول.
هذا فى الجملة والتعيين موكول إلى علم الله [عز وجل] وحكمه هذا فى أحكام الثواب والعقاب. وأما فى أحكام الدنيا [فهى جارية مع ظاهر الأمر فأطفال الكفار ومجانينهم كفار فى أحكام الدنيا] لهم حكم أوليائهم. وبهذا التفصيل يزول الإشكال فى المسألة. وهو مبنى على أربعة أُصول:
أحدها: أن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذَّبِينَ حَتَّى نبعث رَسُولاً} [الإسراء: 15] ، وقال تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165] ، وقال تعالى: {كُلَّمَا أَلْقِى فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزْنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فكَذَّبْنَا وَقُلنَا مَا نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك: 8- 9] ، وقال تعالى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 11] ، وقال تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنْكُمْ يَقُصّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُم ْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَىَ أَنْفُسِنَا وَغَرّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَىَ أَنْفُسِهِمْ أَنّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ} [الأنعام: 130] ، وهذا كثير فى القرآن، يخبر أنه إنما يعذّب من جاءه الرسول وقامت عليه الحجة، وهو المذنب الذى يعترف بذنبه، وقال تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} [الزخرف: 76] ، والظالم من عرف ما جاءَ به الرسول أو تمكن من معرفته، وأما من لم [يكن عنده من الرسول خبراً أصلاً ولا يمكن من معرفته بوجه] وعجز عن ذلك فكيف يقال إنه ظالم؟


الأصل الثانى: أن العذاب يستحق بسببين، أحدهما: الإعراض عن الحجة وعدم [إرادة العلم] بها وبموجبها. الثانى: العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها. فالأول كفر إعراض والثانى كفر عناد. وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا الذى نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل.الأصل الثالث: أن قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص فقد تقوم حجة الله على الكفار فى زمان دون زمان وفى بقعة وناحية دون أُخرى كما أنها تقوم على شخص دون آخر، إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون وإما لعدم فهمه كالذى لا يفهم الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له. فهذا بمنزلة الأصم الذى لا يسمع شيئاً ولا يتمكن من الفهم، وهو أحد الأربعة الذين يدلون على الله بالحجة يوم القيامة كما تقدم فى حديث الأسود وأبى هريرة وغيرهما.
الأصل الرابع: أن أفعال الله سبحانه وتعالى تابعة لحكمته التى لا يخل بها [سبحانه] ، وأنها مقصودة لغايتها المحمودة وعواقبها الحميدة. وهذا الأصل هو أساس الكلام فى هذه الطبقات [الذى عليه نبنى مع تلقى أحكامها من نصوص التكاب والسنة لا من أراء الرجال وعقولهم ولا يدرى عدد الكلام فى هذه الطبقات] ، إلا من عرف ما فى كتب الناس ووقف على أقوال الطوائف فى هذا الباب والنهى إلى غاية مراتبهم ونهاية إقدامهم، والله الموفق للسداد الهادى إلى الرشاد. ----قال الشيخ اسحاق بن عبد الرحمن بن حسن فى رسالة حكم تكفير المعين بعد كلام بن القيم - -وتأمل هذا التفصيل البديع فإنه لم يستثن إلا من عجز عن إدراك الحق مع شدة طلبه وإرادته له فهذا الصنف هو المراد في كلام شيخ الإسلام وابن القيم وأمثالهما من المحققين رحمهم الله وأما العراقي وإخوانه المبطلون فشبهوا بأن الشيخ لا يكفر الجاهل وأنه يقول هو معذور وأجملوا القول ولم يفصلوا وجعلوا هذه الشبهة ترساً يدفعون به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وصاحوا به على عباد الله الموحدين كما جرى لأسلافهم من عباد القبور والمشركين وإلى الله المصير وهو الحاكم بعلمه وعدله بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون إلى آخر ما ذكر الشيخ فتأمل إن كنت ممن يطلب الحق بدليله وإن كنت ممن صمم على الباطل وأراد أن يستدل عليه بما أجمل من كلام العلماء فلا عجب. [http://majles.alukah.net/t153511/]

أبو محمد المأربي
2019-02-11, 11:26 PM
نفى التعذيب ليس فى جميع من كان قبل البعثة وانما هو مخصوص بمن لم تبلغه الدعوة او من كان حكمه حكم ارباب الفترات مريد للهدى مؤثر له محب له، غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده، فهذا حكمه حكم أرباب الفتراتجزاكم الله خيراً في إثراء الموضوع، والرد على من جانب الصواب في هذا الأصل العظيم، وبارك في جهودكم الرامية لإصلاح ما أفسدوامن مذهب أهل الأثر والفقه في الدين.
خلاصة ما سبق:
1- أن الله بحكمته ورحمته جعل العقل الصريح يدرك حسن الحسن ووجوبه، وقبح القبيح وحرمته، وأن الخلاف الحقيقي جارٍ في الوجوب والتحريم العقلي وترتب الذم والمدح عليهما عاجلاً وآجلاً.
2- هناك خلاف خاص دائر بين القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين والوجوب والتحريم= في ترتيب العقوبة في الآجل والعاجل على الوجوب والتحريم العقلي واشتراط قيام الحجة الرسالية في التعذيب.
3- العقل الصريح والفطرة حجة في إبطال التعطيل والشرك كما قرّره شيخ الإسلام في درء التعارض وغيره.
4- اسم المشرك، ووصف الشرك والذم على الشرك ثابت قبل الرسالة، فعابد غير الله مشرك مذموم على الشرك، ممقوت عند الله قبل بلوغ الدعوة، وإنما النـزاع في تعذيبه أو تأجيله إلى بلوغ الرسالة كما قرره الشيخان - ابن تيمية وابن القيم- رحمهما الله تعالى.
بعد هذه الخلاصة أنتقل إلى الإشكال، وهو: أن العرب المشركين كانوا على فترة من الرسل قبل البعثة بنص القرآن، وهذه قاعدة قطعية.
وقاعدة ثانية: وهي أن القرآن بيّن أن العرب الذين كانوا يعبدون غير الله قبل الرسالة كفار مشركون بذلك.
وإذا كانوا كذلك؛ فحكم الكفار معلوم من قواعد الشرع من التعذيب والخلود فيه.
فاعدة ثالثة: أن الله لا يعذب أحداً حتى تقوم عليه الحجة الرسالية، وإذا كان الأمر كذلك، فإما أن نقول: العرب الذين كفّرهم الله في القرآن قد قامت عليهم الحجة الرسالية فنصادم الكتاب العزيز {لتنذر قوما ما أنذر ءاباؤهم فهم غافلون}{وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير} ونحوهما من الآيات.
أو نقول: صحيح أنهم لم يأتهم نذير، وما أرسل إليهم قبل محمد صلى الله عليه وسلم من نذير، إلا أنهم كانوا متمكنين من العلم بتوحيد الله وحرمة الشرك بالعقل وبالفطرة وبدعوة الأنبياء والمرسلين كما قرّر ابن القيم في (الزاد)، وشيخ الإسلام في جامع المسائل - الجزاء الخامس- في قوله بما معناه: إن الفترة التي بين عيسى وبين محمد عليهما السلام لم تكن فترة محضة، والحجة كانت قائمة على العباد في أصول دين المرسلين بالدعاة القلائل!
السؤال: إذا لم يكن العرب في الجاهلية أهلَ فترة محضةٍ وكانت الحجة عليهم قائمة في أصول دين المرسلين مع تصريح القرآن بأنهم كانوا على فترة من الرسل، فمن أين لنا أن نأتي باجتهادنا أهل فترة محضةٍ لم تقم عليهم حجة الله في أصول دين المرسلين (عبادة الله وحدة لا شريك)؟؟

محمدعبداللطيف
2019-02-13, 10:48 PM
اسم المشرك، ووصف الشرك والذم على الشرك ثابت قبل الرسالة، فعابد غير الله مشرك مذموم على الشرك، ممقوت عند الله قبل بلوغ الدعوة، وإنما النـزاع في تعذيبه أو تأجيله إلى بلوغ الرسالة كما قرره الشيخان - ابن تيمية وابن القيم- رحمهما الله تعالى.نعم بارك الله فيك-- -

فاعدة ثالثة: أن الله لا يعذب أحداً حتى تقوم عليه الحجة الرسالية،نعم و قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة و الأشخاص فقد تقوم حجة الله على الكفار فى زمان دون زمان وفى بقعة وناحية دون أُخرى كما أنها تقوم على شخص دون آخر، إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون وإما لعدم فهمه كالذى لا يفهم الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له. فهذا بمنزلة الأصم الذى لا يسمع شيئاً ولا يتمكن من الفهم، وهو أحد الأربعة الذين يدلون على الله بالحجة يوم القيامة كما تقدم فى حديث الأسود وأبى هريرة وغيرهما----------------------------------- وقد اجبت انت اخى الفاضل فى موضوع آخر عن هذا الاشكال بقولك

وجه الجمع بين المقالتين:
1- بقاء الطائفة التي تقوم بها الحجة على العباد من حيث الجملة لا ينفي أن يوجد في زمنهم: العاجز عن وصول العلم إليه؛ فمن لم يتمكن من العلم فهو معذور وإن لم يندرس العلم.
2- صار الشيخ إلى اختيار الامتحان في عرصات القيامة لصحة الأحاديث الواردة في ذلك عنده.
3- الامتحان لا يستلزم أن يكون المشرك الوثني الجاهلي من الناجين بعد الامتحان بل يحتمل أن يكون كلّ مشرك فتريّ من الراسبين في الامتحان جمعاً بين الأدلة الموجبة للعذاب وتحريم الجنة على المشرك، وبين أدلة الامتحان.
وربك أعلم.http://majles.alukah.net/t166107/


نعم بارك الله فيك----------------------
العرب الذين كفّرهم الله في القرآن قد قامت عليهم الحجة الرسالية فنصادم الكتاب العزيز {لتنذر قوما ما أنذر ءاباؤهم فهم غافلون}{وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير} ونحوهما من الآيات. لا تصادم - بل هو رد المتشابه الى المحكم- قال ابن عادل الحنبلي10/345:
لا يوجب أن يكون الرَّسُول حاضراً مع القوم ؛ لأنَّ تقدم الرسول لا يمنع من كونه رسُولاً إليهم ، كما لا يمنع تقدُّم رسولنا ، من كونه مبعوثاً إلينا إلى آخر الأبد.
وقال أيضا15/472:
وقوله: (وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ) أي إلى هؤلاء المحاضرين لك لم ترسل إليهم أي لم يأت العرب قبْلك نبي ولا نزل عليهم كتاب ولا أتاهم نذير يشافههم بالنّذارة غيرك ، فلا تعارض بينه وبين قوله : ( وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ ) إذ المراد هناك آثار النذير ،ولا شك أن هذا كان موجوداً يذهب النبي وتبقى شريعته.
وقال ابن عطية في المحرر الوجيز 4 /412:
وقوله (ما أتاهم من نذير) أي لم يباشرهم ولا رأوه هم ولا آباؤهم العرب وقوله تعالى : (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) يعم من بوشر من النذر ومن سمع به فالعرب من الأمم التي خلت فيها النذر على هذا الوجه لأنها علمت بإبراهيم وبنيه ودعوتهم وهم ممن لم يأتهم نذير مباشر لهم سوى محمد -----------قال الرازي17/261:
لأن تقدم الرسول لا يمنع من كونه رسولاً إليهم ، كما لا يمنع تقدم رسولنا من كونه مبعوثاً إلينا إلى آخر الأبد. وتحمل الفترة على ضعف دعوة الأنبياء ووقوع موجبات التخليط فيها.
قال ابن جزي في التسهيل3/157:
كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله: (لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ) ؟فالجواب: أنهم لم يأتهم نذير معاصر لهم ، فلا يعارض ذلك من تقدم قبل عصرهم ، وأيضاً فإن المراد بقوله : (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ) أن نبوة محمد ليست ببدع فلا ينبغي أن تنكر ، لأن الله أرسله كما أرسل من قبله والمراد بقوله : (لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ) أنهم محتاجون إلى الإنذار ، لكونهم لم يتقدم من ينذرهم فاختلف سياق الكلام فلا تعارض بينهما.---------- سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ما معنى قوله تعالى: ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ ) وقوله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) وأيضاً الآية: ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ ) ؟
فأجاب:
" هذه الآيات لا تتعارض ؛ فإن الله تعالى بعث في كل أمة رسولاً ؛ كما قال تعالى ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ) ...
فلابد لكل أمة من رسول ، ولكل أمة من نذير ينذرها عذاب الله عز وجل ويبشرها برحمته لمن أطاع .
وأما قوله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ ) فالمراد : أن الله تعالى لم يرسل إلى العرب نذيراً قبل محمد صلى الله عليه وسلم ، ولهذا ليس من العرب رسول إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو دعوة إبراهيم وإسماعيل ، حيث قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام : ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) .
فلم يبعث الله عز وجل نذيراً إلى العرب إلا محمداً صلى الله عليه وسلم ، بعثه الله تعالى نذيراً ، ولكافة الناس ، كما قال الله تعالى ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً)
" انتهى مختصرا من " فتاوى نور على الدرب للعثيمين " --------
صحيح أنهم لم يأتهم نذير، وما أرسل إليهم قبل محمد صلى الله عليه وسلم من نذير، إلا أنهم كانوا متمكنين من العلم بتوحيد الله وحرمة الشرك بالعقل وبالفطرة وبدعوة الأنبياء والمرسلين كما قرّر ابن القيم في (الزاد)، وشيخ الإسلام في جامع المسائل - الجزء الخامس- في قوله بما معناه: إن الفترة التي بين عيسى وبين محمد عليهما السلام لم تكن فترة محضة، والحجة كانت قائمة على العباد في أصول دين المرسلين بالدعاة القلائل!بارك الله فيك -قال شيخ الاسلام :
وأخبرَ سبحانَه أنَّ الرسالةَ عمَّتِ الأممَ كلَّهم بقوله سبحانَه وتعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) وقال سبحانَه: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ) . وكما أخبرَ سبحانَه أنه لم يكن معذِّبًا أحدًا في الدنيا ولا في الآخرة حتى يبعث رسولا، أخبر سبحانَه أنه بعثَ في كل أمة رسولاً، لكن قد كان يَحصُلُ في بعض الأوقاتِ فَتَرات من الرسُل، كالفترةِ التي بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلَّم، كما قال تعالى : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ والله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ).[ جامع المسائل ـ5/ 52]----
السؤال: إذا لم يكن العرب في الجاهلية أهلَ فترة محضةٍ وكانت الحجة عليهم قائمة في أصول دين المرسلين مع تصريح القرآن بأنهم كانوا على فترة من الرسل، فمن أين لنا أن نأتي باجتهادنا أهل فترة محضةٍ لم تقم عليهم حجة الله في أصول دين المرسلين (عبادة الله وحدة لا شريك)؟؟وجود اهل الفترة متصور ومفترض كما سبق وذلك باختلاف الامكنة- حتى فى هذه الازمنه المعاصرة الحجة قائمة بالقرآن ولكن يفترض ويتصور وجود من لم تبلغه الدعوة - قال جل وعلا - لانذركم به ومن بلغ---- وانظر جوابك اخى الفاضل


بقاء الطائفة التي تقوم بها الحجة على العباد من حيث الجملة لا ينفي أن يوجد في زمنهم: العاجز عن وصول العلم إليه؛ فمن لم يتمكن من العلم فهو معذور وإن لم يندرس العلم.
http://majles.alukah.net/t166107/

أبو محمد المأربي
2019-02-14, 03:33 PM
وجود اهل الفترة متصور ومفترض كما سبق وذلك باختلاف الامكنة- حتى فى هذه الازمنه المعاصرة الحجة قائمة بالقرآن ولكن يفترض ويتصور وجود من لم تبلغه الدعوة - قال جل وعلا - لانذركم به ومن بلغ---- وفيكم باركم، الإشكال ليس في تصوّر وجود أهل الفترة بل ولا في وجودهم في الخارج، وإنما في وجود أهل فترةٍ يعذرون في عبادة الأوثان، ومثار الإشكال مما سبق بيانه في المشاركات وبيّنتَه أنت في هذه المشاركة وهو كالتالي باختصار:
(1) أنّ العرب كانوا أهل فترة بالدليل، لكنهم لا يعذرون في عبادة الأوثان لتمكنهم من معرفة بقايا دين المرسلين قبل محمّد صلى الله عليه وسلم.
(2) زمن الفترة لا يندرس فيه أصول دين المرسلين وأن الحجة تقوم بمن بقي من الدعاة القليل كما نصّ شيخ الإسلام في جامع المسائل - الخامس-
(3) ثم بعد هذا نُثبت أهلَ فترةٍ بالاجتهاد، معذروين في عبادة الأوثان، بينما لم نعذر أهل الفترة المنصوص عليهم في عبادة الأوثان.
(4) نتج من هذا: القول بدخول عابد الأوثان الجنّة، والقوز بدار النعيم. وهذا الحكم مناقض للكتاب والسنة والإجماع في أن الكافر بنفسه لا يدخل الجنة حتى يلج الجمل في سمّ الخياط.
ملاحظة: ما نقلتَه - أخي الفاضل - من وجه الجمع بين مقالتي شيخ الإسلام كان جوابا عن هذا السؤال لبعض الأخوة: (كيف نجمع بين قوله هذا، وبين ترجيحه ان اهل الفترة يمتحنون يوم القيامة) يعني: كيف نجمع بين قوله بقيام الحجة بالدعاة القليل في أزمنة الفترات، وبين نجاة المشرك الفتري بالامتحان يوم القيامة؛ فذكرتُ في جوابه وجوها ثلاثةً، أقواها: الوجه الثالث، على نظر فيه، ومع ذلك فالظاهر من مذهب القائلين بامتحان المشرك لا يوافقون عليه، فماذا أصنع؟

محمدعبداللطيف
2019-02-14, 10:57 PM
(1) أنّ العرب كانوا أهل فترة بالدليل، لكنهم لا يعذرون في عبادة الأوثان لتمكنهم من معرفة بقايا دين المرسلين قبل محمّد صلى الله عليه وسلم.
ليس الكلام فى المتمكن ولكن لابد من التفريق بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه، ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه، والقسمان واقعان فى الوجود، فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله، وأما العاجز عن السؤال والعلم الذى لا يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان أيضاً -أحدهما -مريد للهدى مؤثر له محب له، غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده، فهذا حكمه حكم أرباب الفترات، ومن لم تبلغه الدعوة. الثانى: معرض لا إرادة له، ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه. فالأول يقول: يا رب لو أعلم لك ديناً خيراً مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره، فهو غاية جهدى ونهاية معرفتى. والثانى: راض بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته، وكلاهما عاجز وهذا لا يجب أن يلحق بالأول لما بينهما من الفرق: فالأَول كمن طلب الدين فى الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع فى طلبه عجزاً وجهلاً، والثانى كمن لم يطلبه، بل مات فى شركه وإن كان لو طلبه لعجز عنه، ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض.-----
أنّ العرب كانوا أهل فترة السؤال:
ما معنى الفترة وما مقدارها؟
الجواب:
قال الله تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ (http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=5%20&nAya=19) الآية، قال ابن كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآية: أي بعد مدة متطاولة ما بين إرساله محمدا و عيسى ابن مريم وقد اختلفوا في مقدار هذه الفترة، فقال أبو عثمان النهدي و قتادة كانت ستمائة سنة، ورواه البخاري عن سلمان الفارسي وعن قتادة أيضا: خمسمائة وستون سنة، وقال معمر عن بعض أصحابه: خمسمائة وأربعون سنة والمشهور هو القول الأول، وهو أنها ستمائة سنة،
ومعنى الفترة :
الزمن الذي لم يبعث فيه أحد من الرسل، ومع ذلك فهذه الفترة لم ينقطع فيها أثر النبوة، فإن العرب لم يزل عندهم بقية من دين إبراهيم و إسماعيل حيث إنهم يفتخرون بالانتساب إلى إبراهيم ولهذا ذكرهم الله بذلك بقوله: مِلّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ (http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=22%20&nAya=78) فهم يعترفون بتوحيد الربوبية، ويخلصون لله العبادة في الشدة كلجة البحر ويحجون البيت الحرام ويعتمرون، ويحترمون الأشهر الحرم، ويهدون الهدي، ويقلدونه القلائد التي أمر الله بعدم إحلالها، وعندهم خصال الفطرة: كالختان، ونحوه.
أما أهل الكتاب فعندهم التوراة والإنجيل والزبور، وفيهم دين أنبيائهم الذي توارثوه عن آبائهم، بما في ذلك معرفة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث: يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ (http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=7%20&nAya=157) ولكن لطول هذه الفترة، ولكون الأنبياء الأولين تختص رسالاتهم بأقوامهم؛ سمى الله هذا الزمن الذي بين محمد - صلى الله عليه وسلم - و عيسى وبينه وبين إبراهيم فترة، وذكر أهل الكتاب بذلك حيث إنهم أولى بقبول رسالته لمعرفتهم بالرسل ورسالاتهم ومعجزاتهم، فتكذيبهم له إنكار للحق مع وضوحه، وقد قال تعالى عن الجميع: فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=28%20&nAya=48) قرئ ساحران يعني موسى و هارون أو موسى ومحمد أي: تعاونا وتناصرا، وقرئ (سحران)، أي: التوراة والقرآن.
-----------السؤال:
من هم الذين يحكم بأنهم من أهل الفترة؟
الجواب:
يدخل فيهم الذين لم تبلغهم الرسالة ولم يعلموا بها، ولم يسمعوا بالشريعة، كالذين في أطراف الأرض وفي أقاصي البلاد، ممن نشأ في جهل عميق، ولم يكن حولهم من يعرفهم بالدِّين والتوحيد وعبادة الله تعالى، وحقه على العباد، كما يدخل فيهم أهل الفترة الذين انقطعت عنهم الرسالة، ....... ويدخل فيهم أيضا من فقد السمع ولم يكن معه معرفة بالإشارة ونحوها، وكذا من فقد العقل كليّا ولم يعرف ما يحدث في الناس، وهكذا من مات صغيرا ولم يدرك ما أدركه الأكابر من العقل والفطنة ونحو هؤلاء. ------السؤال:
من مات بعد مجيء الإسلام، ولكن لم تصله الرسالة أو وصلته ولكن ناقصة أو محرّفة -أي لم يصله الدين الصحيح- فهل يعتبر من أهل الفترة؟
الجواب:
لا شك أن نوع الإنسان مكلف ومأمور ومنهي، وعليه واجبات لربه، وقد خص الله نوع البشر بتكاليف حيث فضَّله بالعقل والتمييز، فمتى تم عقله وجبت عليه العبادات والفرائض الدينية، ووجب عليه ترك المحرمات، فإذا جهلها لزمه البحث والسؤال عما خُلِقَ له، فمتى فرط مع قدرته اعْتُبِرَ ملوما.
ولا شك أنه يوجد في الفترات من يجهل الإسلام، ولم يصل إليه عنه خبر، وكذا من يصل إليه خبر الإسلام مشوها محرفا، أو ناقصا، ولا يستطيع الوصول إلى من يعرِّفه الإسلام والتوحيد الصحيح، فمثل هذا قد يُعْذَر ويُلْحَق بأهل الفترات، ولكن الغالب أنه يقلد من قبله، ويتبع من يصده عن الهدى، فيكون معه في العذاب، كما قال تعالى: قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=7%20&nAya=38) الآية، فأخراهم الأتباع، والأتباع، الذين أضلهم من قبلهم.
وقال تعالى: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا (http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=2%20&nAya=166) فالذين اتبعوا هم الأبناء والمتأخرون الذين أضلهم من قبلهم، أخبر بأنهم رأوا العذاب، وتقطعت بهم الأسباب.
وقال تعالى: فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ (http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=14%20&nAya=21) فالضعفاء هم الأولاد والأحفاد الذين قلدوا من قبلهم فلا ينجون من العذاب، وقال تعالى: وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ (http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=33%20&nAya=67) عذبهم باتباعهم أكابرهم على الضلال، وقال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=34%20&nAya=31) إلى قوله عنهم: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا (http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=34%20&nAya=33) .
وقال تعالى عنهم وهم في النار: قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=38%20&nAya=60) وقال تعالى: لِيَحْمَلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ (http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=16%20&nAya=25) وفي الحديث: من دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا والله أعلم، وكل هذه الأدلة ونحوها كثير واضحة في أن الأتباع يعذبون مع أكابرهم ومن قبلهم ممن دعاهم إلى الضلال وأوقعهم في الكفر والشرك، وتدل على أن في إمكانهم اتِّباع الحق الذي كان موجودا بعد الأنبياء والرسل، لكن غيَّره من أغواهم الشيطان.
وقد ثبت في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار، وهو أول من غيّر دين إبراهيم وفي حديث ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إن أول من سيب السوائب وعبد الأصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر (https://www.ibn-jebreen.com/takhreeg/book56/Hits174.htm) .
قال ابن كثير عند قوله تعالى: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ (http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=5%20&nAya=103) بعد أن ساق أحاديث في معناها، فعمرو هذا هو ابن لحي بن قمعة أحد رؤساء خزاعة الذين ولوا البيت بعد جرهم، وكان أول من غير دين إبراهيم الخليل فأدخل الأصنام إلى الحجاز ودعا الرعاع من الناس إلى عبادتها، والتقرب بها، وشرع لهم هذه الشرائع الجاهلية في الأنعام وغيرها، إلى آخر كلامه رحمه الله، وقد دل الحديث على أن العرب كانوا على ملة إبراهيم و إسماعيل ثم حدث بعد ذلك التغيير وعبادة الأصنام بسبب عمرو بن لحي وغيره.
ولا شك أن العرب يدركون أن دينهم باطل، كما انتبه لذلك بعضهم كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل ففي تراجمهم وأخبارهم ما يدل على أنهم أنكروا ما عليه قومهم، وأهل بلادهم من الشرك وعبادة الأصنام، فمنهم من ترك عبادة غير الله كزيد بن عمرو الذي قال في حقِّة النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه يبعث يوم القيامة أمة وحده ، وقال: رأيته في الجنة يسحب ذيولا وكذا ما ذكر في خطبة قس بن ساعدة التي نبه فيها على الدين الصحيح، واستدل بالآيات والمخلوقات على وحدانية الله تعالى، إلى غير ذلك.
فأما غيرهم فقد ورد في حديث عياض بن حمار أن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب رواه مسلم وهو دليل على أن هناك بقايا قد تمسكوا بالدين الموروث عن أهل الكتاب، وكما تدل عليه قصة سلمان الفارسي حيث تنقل من عالم إلى عالم، يأخذ عنه التوحيد والعبادة، إلى أن هاجر إلى المدينة[ الإعلام بكفر من ابتغى غير الإسلام (https://www.ibn-jebreen.com/books/4-56.html) - بن جبرين]-----

محمدعبداللطيف
2019-02-14, 11:39 PM
زمن الفترة لا يندرس فيه أصول دين المرسلين وأن الحجة تقوم بمن بقي من الدعاة القليل كما نصّ شيخ الإسلام في جامع المسائل - الخامس-
(3) ثم بعد هذا نُثبت أهلَ فترةٍ بالاجتهاد، معذروين في عبادة الأوثان، بينما لم نعذر أهل الفترة المنصوص عليهم في عبادة الأوثان.
يجب التفريق بين معنى على فترة من الرسل- ومعنى ارباب الفترات الذين لم تباغهم الدعوة ولم يتمكنوا منها بوجه-------------------------


--نتج من هذا: القول بدخول عابد الأوثان الجنّة،والقوز بدار النعيم. وهذا الحكم مناقض للكتابوالسنةوال إجماع في أن الكافر بنفسه لا يدخل الجنة حتى يلج الجمل في سمّ الخياط.[/quote] نعم لا تدخل الجنة الا نفس مسلمة -بالكتاب والسنة والاجماع ----
القول بدخول عابد الأوثان الجنّة هذا التوصيف ليس فى كلام شيخ الاسلام بن تيمية وبن القيم -وانما التوصيف الصحيح المشرك الذى لم يتمكن من معرفة الهدى بوجه من الوجوه-مريد للهدى مؤثر له محب له، غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده،---يقول: يا رب لو أعلم لك ديناً خيراً مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره، فهو غاية جهدى ونهاية معرفتى فهذا حكمه حكم أرباب الفترات، ومن لم تبلغه الدعوة----- السؤال الموجه اليك الان اخى الفاضل ابو محمد المأربى--هل من العدل ان نقول بعدم نجاة هذا الشخص اذا اختبره الله ضمن الاربعة الذين يحتجون على الله يوم القيامة ونجح فى الاختبار واطاع الله-- - و نقول لمَّا لم تقم عليه الحجة الرسالية فى الدنيا - فإن الله يختبره يوم القيامة بالتكليف بدخول النار -قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - :
أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح ، كما قد نص على ذلك غير واحد من أئمة العلماء ، ومنها ما هو حسن ، ومنها ما هو ضعيف يقوَى بالصحيح والحسن ، وإذا كانت أحاديث الباب الواحد متعاضدة على هذا النمط : أفادت الحجة عند الناظر فيها .
" تفسير ابن كثير " ( 5 / 58 ) .
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في سياق بيان الأقوال في المسألة - :
سابعها : أنهم يُمتحنون في الآخرة بأن ترفع لهم نار ، فمن دخلها : كانت عليه برداً وسلاماً ، ومن أَبَى : عُذِّب ، أخرجه البزار من حديث أنس ، وأبي سعيد ، وأخرجه الطبراني من حديث معاذ بن جبل ، وقد صحت مسألة الامتحان في حق المجنون ، ومن مات في الفترة من طرق صحيحة ، وحكى البيهقي في " كتاب الاعتقاد " أنه المذهب الصحيح .
" فتح الباري " ( 3 / 246 ) .قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
والتكليف إنما ينقطع بدخول دار الجزاء وهي الجنة والنار ، وأما عَرَصات القيامة فيمتحنون فيها كما يمتحنون في البرزخ ، فَيُقَالُ لِأَحَدِهِمْ : مَنْ رَبُّك ؟ وَمَا دِينُك ؟ وَمَنْ نَبِيُّك ؟ ، وقال تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) الْآيَةَ ، وقد ثبت في الصحاح من غير وجه حديث تجلي الله لعباده في الموقف إذا قيل : ( لِيَتَّبِعْ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ؛ فَيَتَّبِعُ الْمُشْرِكُونَ آلِهَتَهُمْ وَيَبْقَى الْمُؤْمِنُونَ فَيَتَجَلَّى لَهُمْ الرَّبُّ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيُنْكِرُونَهُ ثُمَّ يَتَجَلَّى لَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا فَيَسْجُدُ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَتَبْقَى ظُهُورُ الْمُنَافِقِينَ كَقُرُونِ الْبَقَرِ يُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ، وذكر قوله : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) الْآيَةَ .
" مجموع الفتاوى " ( 4 / 303 ، 304 ) .
2. وقال الإمام ابن كثير – رحمه الله -
وقد ذكر الشيخ أبو عمر بن عبد البر النَّمَري بعض ما تقدم من أحاديث الامتحان ، ثم قال : وأحاديث هذا الباب ليست قوية ، ولا تقوم بها حجة ، وأهل العلم ينكرونها ؛ لأن الآخرة دار جزاء ، وليست دار عمل ، ولا ابتلاء ، فكيف يكلَّفون دخول النار وليس ذلك في وسع المخلوقين ، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها ؟! .
وأجاب عن ذلك ببيان قوة الأحاديث الواردة في الباب ، كما نقلناه عنه سابقا ، ثم قال : وأما قوله : " إن الآخرة دار جزاء " : فلا شك أنها دار جزاء ، ولا ينافي التكليف في عرصاتها قبل دخول الجنة أو النار ، كما حكاه الشيخ أبو الحسن الأشعري عن مذهب أهل السنة والجماعة مِن امتحان الأطفال ، وقد قال الله تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ ) ن/42 ، وقد ثبتت السنَّة في الصحاح وغيرها : أن المؤمنين يسجدون لله يوم القيامة ، وأما المنافق : فلا يستطيع ذلك ، ويعود ظهره طبقاً واحداً ، كلما أراد السجود : خَرَّ لقفاه .
وفي الصحيحين في الرجل الذي يكون آخر أهل النار خروجاً منها : أن الله يأخذ عهوده ومواثيقه ألا يسأل غير ما هو فيه ، ويتكرر ذلك مراراً ، ويقول الله تعالى : ( يا ابن آدم ، ما أغدرك ! ) ثم يأذن له في دخول الجنة .
وأما قوله : " وكيف يكلفهم دخول النار وليس ذلك في وسعهم ؟ " : فليس هذا بمانع من صحة الحديث ؛ فإن الله يأمر العباد يوم القيامة بالجواز على الصراط ، وهو جسر على جهنم أحدّ من السيف ، وأدق من الشعرة ، ويمرُّ المؤمنون عليه بحسب أعمالهم ، كالبرق ، وكالريح ، وكأجاويد الخيل والرِّكاب ، ومنهم الساعي ، ومنهم الماشي ، ومنهم من يحبو حبواً ، ومنهم المكدوش على وجهه في النار ، وليس ما ورد في أولئك بأعظم من هذا ، بل هذا أطم ، وأعظم .
وأيضاً : فقد ثبتت السنَّة بأن الدجال يكون معه جنَّة ونار ، وقد أمر الشارع المؤمنين الذين يدركونه أن يشرب أحدهم من الذي يرى أنه نار ، فإنه يكون عليه برداً وسلاماً ، فهذا نظير ذلك .
وأيضاً : فإن الله تعالى قد أمر بني إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم ، فقتل بعضهم بعضاً ، حتى قتلوا ـ فيما قيل ـ في غداة واحدة : سبعين ألفاً ، يقتل الرجل أباه ، وأخاه ، وهم في عمايةِ غمامةٍ أرسلها الله عليهم ، وذلك عقوبة لهم على عبادتهم العجل ، وهذا أيضاً شاق على النفوس جدّاً ، لا يتقاصر عما ورد في الحديث المذكور ، والله أعلم . " تفسير ابن كثير " ( 5 / 58 ) .
ب. وقد فصل ابن القيم رحمه الله وجوه الجواب السابقة ، كما أشرنا إليه ، وزاد فيها وجوها أخرى ، منها :
* أن موجب هذه الأحاديث هو الموافق للقرآن وقواعد الشرع ؛ فهي تفصيل لمَا أخبر به القرآن أنه لا يعذَّب أحد إلا بعد قيام الحجة عليه ، وهؤلاء لم تُقَم عليهم حجة الله في الدنيا ، فلا بُدَّ أن يقيم حجته عليهم ، وأحق المواطن أن تُقام فيه الحجة : يوم يقوم الأشهاد ، وتُسمع الدعاوى ، وتُقام البينات ، ويَختصم الناس بين يدي الرب ، وينطق كلُّ أحدٍ بحجته ومعذرته ، فلا تنفع الظالمين معذرتهم ، وتنفع غيرهم .
* أنه قد صحَّ بذلك القول بها عن جماعة من الصحابة ، ولم يصح عنهم إلا هذا القول ، والقول بأنهم خدَم أهل الجنة : صح عن سلمان ، وفيه حديث مرفوع ، وأحاديث الامتحان : أكثر ، وأصح ، وأشهر .
* أن أمرهم بدخول النار ليس عقوبة لهم ، وكيف يعاقبهم على غير ذنب ؟ وإنما هو امتحان واختبار لهم ، هل يطيعونه أو يعصونه ، فلو أطاعوه ودخلوها : لم تضرهم ، وكانت عليهم برداً وسلاماً ، فلما عصوه وامتنعوا من دخولها : استوجبوا عقوبةَ مخالفةِ أمرِه ، والملوك قد تمتحن مَن يُظهر طاعتهم هل هو منطوٍ عليها بباطنه ، فيأمرونه بأمرٍ شاقٍّ عليه في الظاهر ، هل يوطِّن نفسه عليه أم لا ، فإن أقدم عليه ووطن نفسه على فعله : أعفوه منه ، وإن امتنع وعصى : ألزموه به ، أو عاقبوه بما هو أشد منه .
وقد أمر الله سبحانه الخليل بذبح ولده ، ولم يكن مراده سوى توطين نفسه على الامتثال والتسليم ، وتقديم محبة الله على محبة الولد ، فلما فعل ذلك : رَفع عنه الأمر بالذبح .
وأما أن ذلك "ليس ذلك في وسع المخلوقين " فقد أجاب عنه ابن القيم من وجهين :
أحدهما : أنه في وسعهم ، وإن كان يشق عليهم ، وهؤلاء عبَّاد النار ، يتهافتون فيها ، ويُلقون أنفسهم فيها ؛ طاعةً للشيطان ، ولم يقولوا " ليس في وسعنا " ، مع تألمهم بها غاية الألم ، فعبَاد الرحمن إذا أمرهم أرحم الراحمين بطاعته باقتحامهم النار : كيف لا يكون في وسعهم ، وهو إنما يأمرهم بذلك لمصلحتهم ومنفعتهم ؟ .
الثاني : أنهم لو وطَّنوا أنفسهم على اتباع طاعته ومرضاته : لكانت عين نعيمهم ، ولم تضرَّهم شيئاً .
قال رحمه الله :
" فالسنَّة ، وأقوال الصحابة ، وموجب قواعد الشرع وأصوله : لا تُردُّ بمثل ذلك ، والله أعلم "
انظر : " أحكام أهل الذمة " ( 2 / 1148 – 1158 ) .- والله يقضى بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله

الطيبوني
2019-02-15, 02:03 AM
...........................

للفائدة كلام شيخ الاسلام رحمه الله في

قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

- هذا اللفظ عام لكن هذه الأصناف فيها من هو سعيد مع كونه من المؤمنين واليهود والنصارى والصابئين الذين كانوا على الدين الحق وأما المشركون فإن الواحد منهم لا يكون مؤمنًا بالله واليوم الآخر عاملًا صالحًا حتى يتوب من الشرك و المشرك لا يكون مشركًا حتى يكون مكذبًا للرسل فإن الرسل جميعهم دعوا إلى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له فالمشرك مع إشراكه بالله هو مكذب للرسل وهو كافر بهذا وبهذا.

وأيضًا فالمشركون كلهم في النار كما قال تعالى {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} .

- سياق الآية يقتضي أنه قصد به المدح لمن كان متمسكًا بالدين الحق من المتقدمين وأن الأرض لم تخل من أمة قائمة لله بالحق .

من تفسير ايات اشكلت على العلماء

محمدعبداللطيف
2019-02-15, 01:07 PM
فالمشركون كلهم في النار كما قال تعالى {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} .
بارك الله فيك اخى الفاضل الطيبونى -ان الشرك غير مغفور وصاحبه قد حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ هذه مسألة واضحة- ولكن هل يجب العذاب قبل قيام الحجة هذه مسألة اخرى--قال جل وعلا -وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ؟--لا يتعلق العذاب بمجرد ما تدركه العقول
قال عز وجل : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ ) التوبة/ 115 . --------عذاب المشرك مقيد بقيام الحجة ،
فالكلام هنا على مقامين :
الأول : بيان ذم الشرك وقبحه وأنه شر كله ، وهذا وصف ذاتي له ، لا ينفك عنه ، سواء كان قبل قيام الحجة بإرسال الرسول وإنزال الكتاب ، أو كان بعد ذلك ، والمشرك : هو من وقع في الشرك ، واتصف به ؛ فعدم قيام الحجة لا يغير الأسماء الشرعية .
المقام الثاني : أن المشرك لا يستحق العقوبة على شركه إلا بعد قيام الحجة عليه ، . ------------------رد شيخ الإسلام بن تيمية وبن القيم رحمهما الله ،سابقا على طائفتين :
: المعتزلة ومن تابعهم على قولهم : إن المشركين يستحقون العذاب بما تدركه العقول ، وإن لم تقم عليهم الحجة بإرسال الرسول .
ثانيهما : الأشعرية ومن وافقهم على قولهم : إن الشرك والظلم ليس قبحهما ذاتيا ، متعلقا بهما في نفس الأمر ، وإنما يثبت قبحهما بعد الخطاب الشرعي ببيان هذا القبح ، وقيام الحجة به .
ثم بين شيخ الاسلام أن مذهب أهل السنة وسط بين هذين : فالشرك والظلم والفحش كلها أمور مقبوحة مذمومة ، قبل قيام الحجة وبعد قيامها ، تدرك ذلك العقول الصحيحة , والفطر السوية ؛ إلا أن الله تعالى لا يعذب الخلق إلا بعد قيام الحجة عليهم ، وذلك بنص الكتاب.
قال شيخ الاسلام رحمه الله :
" وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الرِّسَالَةِ وَمَا بَعْدَهَا : فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ ؛ وَذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَى الطَّائِفَتَيْن ِ : عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ الْأَفْعَالَ لَيْسَ فِيهَا حَسَنٌ وَقَبِيحٌ ، وَمَنْ قَالَ: إنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ : فَإِنَّهُ سَمَّاهُمْ ظَالِمِينَ وَطَاغِينَ وَمُفْسِدِينَ ؛ لِقَوْلِهِ: ( اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى ) ، وَقَوْلِهِ : ( وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ ) ، وَقَوْلِهِ : ( إنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) ؛ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ : ظَالِمٌ ، وَطَاغٍ ، وَمُفْسِدٌ هُوَ وَقَوْمُهُ ، وَهَذِهِ أَسْمَاءُ ذَمٍّ للأَفْعَالِ ؛ وَالذَّمُّ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ السَّيِّئَةِ الْقَبِيحَةِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ تَكُونُ قَبِيحَةً مَذْمُومَةً قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ ، [ لكن ] لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ إلَّا بَعْدَ إتْيَانِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ ؛ لِقَوْلِهِ : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) .
وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ عَنْ هُودَ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ : ( اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُهُ إنْ أَنْتُمْ إلَّا مُفْتَرُونَ ) ؛ فَجَعَلَهُمْ مُفْتَرِينَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِحُكْمِ يُخَالِفُونَهُ ؛ لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ .
فَاسْمُ الْمُشْرِكِ : ثَبَتَ قَبْلَ الرِّسَالَةِ ؛ فَإِنَّهُ يُشْرِكُ بِرَبِّهِ وَيَعْدِلُ بِهِ ، وَيَجْعَلُ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى ، وَيَجْعَلُ لَهُ أَنْدَادًا قَبْلَ الرَّسُولِ ...
وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَهْلِ وَالْجَاهِلِيَّ ةِ ، يُقَالُ : جَاهِلِيَّة ، وَجَاهِل ، قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ .
وَأَمَّا التَّعْذِيبُ : فَلَا .
وَالتَّوَلِّي عَنْ الطَّاعَةِ ، كَقَوْلِهِ : ( فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) ؛ فَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الرَّسُولِ ، مِثْلَ قَوْلِهِ عَنْ فِرْعَوْنَ . ( فَكَذَّبَ وَعَصَى ) كَانَ هَذَا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى * فَكَذَّبَ وَعَصَى ) ، وَقَالَ : ( فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ) " .
" انتهى من "مجموع الفتاوى" (20/ 37-38) .

وقال رحمه الله أيضا :
" الْجُمْهُورِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ : عَلَى أَنَّ مَا كَانُوا فِيهِ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ ، مِنْ الشِّرْكِ وَالْجَاهِلِيَّ ةِ : [ كان ] شَيْئًا قَبِيحًا ، وَكَانَ شَرًّا ؛ لَكِنْ : لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ إلَّا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ .
وَلِهَذَا :
كَانَ لِلنَّاسِ فِي الشِّرْكِ وَالظُّلْمِ وَالْكَذِبِ وَالْفَوَاحِشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ " ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ":
قِيلَ: إنَّ قُبْحَهُمَا مَعْلُومٌ بِالْعَقْلِ ، وَأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِهِمْ الرَّسُولُ ؛ كَمَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَحَكَوْهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ نَفْسِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ .
وَقِيلَ: لَا قُبْحَ وَلَا حُسْنَ وَلَا شَرَّ فِيهِمَا قَبْلَ الْخِطَابِ ، وَإِنَّمَا الْقَبِيحُ : مَا قِيلَ فِيهِ : لَا تَفْعَلْ؛ وَالْحَسَنُ : مَا قِيلَ فِيهِ : افْعَلْ ، أَوْ : مَا أُذِنَ فِي فِعْلِهِ ، كَمَا تَقُولُهُ الْأَشْعَرِيَّة ُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ .
وَقِيلَ : إنَّ ذَلِكَ سَيْءٌ وَشَرٌّ وَقَبِيحٌ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ؛ لَكِنَّ الْعُقُوبَةَ إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِمَجِيءِ الرَّسُولِ ؛ وَعَلَى هَذَا عَامَّةُ السَّلَفِ ، وَأَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ؛ فَإِنَّ فِيهِمَا بَيَانَ أَنَّ مَا عَلَيْهِ الْكُفَّارُ : هُوَ شَرٌّ وَقَبِيحٌ وَسَيْءٌ قَبْلَ الرُّسُلِ ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعُقُوبَةَ إلَّا بِالرَّسُولِ .
" انتهى من "مجموع الفتاوى" (11 /676-677) .

الطيبوني
2019-02-15, 01:21 PM
الشرك غير مغفور وصاحبه قد حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ هذه مسألة واضحة- ولكن هل يجب العذاب قبل قيام الحجة هذه مسألة اخرى


يعني ان الجنة حرام على ( كل مشرك ) فالاية عامة . و مادام ان الناس يوم القيامة فريق في الجنة و فريق في السعير
فلا يستقيم لنا الاستدلال بنجاة مشرك لم تبلغه الحجة الا بتخصيص هذه النصوص . و هي كثيرة جدا مدلولاتها مما علم بالاضطرار من دين الاسلام و هي لب القران و زبدة الرسالة

بارك الله فيك اخي الكريم

أبو محمد المأربي
2019-02-16, 02:08 PM
السؤال الموجّه اليك الآن أخى الفاضل ابو محمد المأربى--هل من العدل ان نقول بعدم نجاة هذا الشخص إذا اختبره الله ضمن الأربعة الذين يحتجون على الله يوم القيامة ونجح فى الاختبار وأطاع الله-- - و نقول لمَّا لم تقم عليه الحجة الرسالية فى الدنيا - فإن الله يختبره يوم القيامة بالتكليف بدخول النار. أخي العزيز محمد، من العدل الظاهر: مجازاة كلّ أحدٍ بما عمل في الدنيا توحيدا وشركاً {كل نفس بما كسبت رهنية}{وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} {جزاء بما كانوا يعملون}{وإنما تجزون ما كنتم تعملون}
والقول بامتحان المشرك يقتضي عدم مجازاة المشرك بما عمل من عبادة الأوثان، وهو ألصق بالخروج عن العدل إلى مرتبة أخرى.
ثانيا: قال تعالى: {ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون} {إنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}، والقاعدة: أن الجزاء إذا علّق بالشرط فلا يجوز أن يتخلّله فاصل آخر، كما يقول الفقهاء: الرجل إذا قال لزوجته أو عبده: إن دخلت الدار فأنت حر، أو طالق؛ فدخلا الدارَ، تنجّزت الحريّة والطلاق من غير فصلٍ.
كذلك مسألة المشرك: علّق الجزاء - دخول النار - بالشرك وعبادة غير الله؛ فلزم أن يتنجّز العذاب بالشرك؛ وإلا لزم أن يقع فاصل بين الشرط والجزاء، وهو غير جائز؛ فلزم ضرورةً: الخلود في النار بعبادة غير الله.
ثالثا: مرّ الكلام في بيان ضعف أحاديث الامتحان جملةً وأنه لا يصح منها شيء، وأن ذلك رأي أهل العلم على ما حكى الأئمة أبو جعفر الداودي، وابن بطال، والحافظ ابن عبد البر، وأبو محمد ابن عطية في آخرين، فلا حاجة إلى إعادة الكلام فيها.
رابعا: {الحكم لله العليّ الكبير}، لا نجد في الكتاب ولا في السنة ولا في إجماع الأمة، ولا في القياس المعتبر:أنّ من عبد غير الله يكون من أهل الجنان والنعيم، وأنه لا يجازى بعبادة الأوثان.
خامسا:الأقوال الثلاثة التي يحكيها شيخ الإسلام وابن القيم في مسألة التحسين والتقبيح إنما هي من أقوال المتأخرين من الطوائف كما صرّح هو في كتبه، وإذا كان الأمر كذلك فلا ينسب إلى السلف من الصحابة والتابعين وأبتاعهم والأئمة المتبوعين قول في ذلك بخصوص المسألة، على أن المنقول عن الإمام أبي حنيفة والشافعي وغيرهما يقتضي عدم العذر في عبادة الأوثان مطلقا. وهو المنصور من حيث الدليل. وربك أعلم.
سادساً: سبق الكلام في أن القول المنسوب إلى المعتزلة وإلى الأشعرية متناسق مع نفسه في مسألة عبادة الأوثان، بينما القول الذي يختاره الشيخان (ابن تيمية وابن القيم) غير متناسق مع نفسه بالنظر إلى قواعد الباب (عبادة غير الله).

محمدعبداللطيف
2019-02-16, 03:40 PM
.القول بامتحان المشرك يقتضي عدم مجازاة المشرك بما عمل من عبادة الأوثان، وهو ألصق بالخروج عن العدل إلى مرتبة أخرى.بارك الله فيك اخى الفاضل أبو محمد المأربي --- - الجزاء بسب معلق بشرط - المشرك مجازى بسبب ما فعله من الشرك - ولكن هذا الجزاء معلق بشرط وهو قيام الحجة كما تقدم - يجب ان تفرق بين السبب والشرط- الشرك سبب للخلود فى النار وهذا السبب معلق بشرط وهو قيام الحجة -
وهو ألصق بالخروج عن العدل إلى مرتبة أخرى. العدل الذى وصف الله به نفسه -وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا -قال شيخ الاسلام -الْجُمْهُورِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ : عَلَى أَنَّ مَا كَانُوا فِيهِ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ ، مِنْ الشِّرْكِ وَالْجَاهِلِيَّ ةِ : [ كان ] شَيْئًا قَبِيحًا ، وَكَانَ شَرًّا ؛ لَكِنْ : لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ إلَّا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ --
قال تعالى: {ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون} {إنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}، والقاعدة: أن الجزاء إذا علّق بالشرط فلا يجوز أن يتخلّله فاصل آخر الشرك سبب فى عدم الفلاح - سبب فى تحريم الجنة عليه - سبب فى الخلود فى النار - قد يتخلل السبب شرط وهو عدم قيام الحجة - لذلك كان القول بالامتحان فى عرصات القيامة -
يقول الفقهاء: الرجل إذا قال لزوجته أو عبده: إن دخلت الدار فأنت حر، أو طالق؛ فدخلا الدارَ، تنجّزت الحريّة والطلاق من غير فصلٍ.الجواب أن تعلم أنّ الشرط يقاسمه السبب في أجزاء حقيقته، وهو ما يلزم من عدمه العدم، فإذا ذكر أحد الأمثلة مبنيا على هذه الجزئية المتقدمة صح إطلاق السبب والشرط عليها، كزوال الشمس فإنّه سبب لوجوب صلاة الظهر وهو شرط أيضا من ناحية أنّه يلزم من عدم الزوال [وهو السبب أو الشرط] عدم الوجوب[أي وجود حكم الصلاة وهو المسبب أو المشروط] وكذلك القول بالنسبة لليمين يجوز أن تكون سببا أوشرطا للكفارة من هذه الحيثية، غير أنّ السبب يختلف عن الشرط من جهة أنّ السبب يلزم من وجوده وجود الحكم أمّا الشرط - فلا يلزم من وجوده وجود المشروط وهو الحكم، فإذا روعي هذا المعنى في زوال الشمس لوجوب الصلاة كان سببا وليس شرطا وكذلك اليمين، أمّا الحنث فشرط وليس بسبب في لزوم الكفارة وكذلك الكفارة والحول فشرط في وجوب الزكاة وليس بسبب لأنّه لا يلزم من وجود الحول وجوب الزكاة كما لا يلزم من وجود الحنث لزوم الكفارة. غير أنّ المراد بالشرط في هذا المقام إنّما هو شرط وجوب، لا شرط صحة، وهو ما يصير به العبد مكلفا، كالنقاء من الحيض والنفاس، فهو شرط في وجوب الصلاة، وبلوغ الدعوة إلى العبد، فهو شرط في وجوب الإيمان عليه [ الوجوب هنا الوجوب الشرعى المتضمن لوجوب العذاب - وليس الوجوب العقلى الذى يثبت به بطلان الشرك وقبحه وذم فاعله]، ذلك لأنّ شرط الوجوب إنما يتعلق بخطاب الوضع، بينما شرط الصحة وهو: ما جعل وجوده سببا في حصول الاعتداد بالفعل وصحته كالوضوء وستر العورة واستقبال القبلة للصلاة، فهو من خطاب التكليف، وهذا هو ضابط الفرق بين القسمين

فالحاصل أن يقال: إنّ ضابط معرفة السبب هو إضافة الحكم إليه كأن تقول: «صلاة الظهر» فالصلاة حكم شرعي أضيف إلى الظهر فعرفنا أنّ الظهر هو السبب، وقولنا: "كفارة يمين"، فإنّ الكفارة حكم شرعي أضيف إلى اليمين فعرفنا أنّ اليمين هو السبب.
هذا، ويمكن إضافة ضابط آخر لمعرفة السبب من حيث التأثير والمناسبة:
- أمّا من حيث التأثير فكلّ ما يؤثر في الحكم من جهة الوجود والعدم فهو السبب، بخلاف الشرط، فإنّما يكون تأثيره في الحكم من جهة العدم فقط، أمّا الوجود فلا، إذ لا يلزم من وجود الوضوء وجود الصلاة.

- أمّا من حيث المناسبة فتظهر في ذاتية السبب كالنصاب لاشتماله على الغنى في ذاته على خلاف الأول، فلا تقترن به مناسبة وإنّما هو مكمّل لحكمة الغنى في النصاب.--------------------------الشرط اصطِلاحًا: هو الذي يلزم مِن عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدم. وبالمثال يتَّضح المقال: دخول وقت الصلاة مِن شروط الصلاة، فإنْ صلَّى الإنسان قبل دخول الوقت، فصلاته باطلة، فهذا معنى قولهم: "يلزم من عدمه العدم"؛ أي: يلزم من عدم تحقُّق الشرط عدم صحة الصلاة، ومعنى قولهم: "لا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدم"؛ أي: إذا دخل وقت الصلاة، فلا يلزم مِن ذلك أداء الصلاة أو عدمها، فقد يتحقَّق هذا الشرط ولا يتحقَّق العمل؛ إما بعدم أدائه أصلًا، أو بإبطاله بترك ركن مِن أركانه. والأصل أن ناسي الشرط أو الجاهل به لا يأثم بتركه، ويلزمه أداء عمله بعد تذكُّره أو العلم به، فمثلًا: من نسي الوضوء عند أداء الصلاة، لزمه إعادتها عند تذكُّره ولا إثم عليه، ويُستثنى من هذا الأصل بعضُ الشروط التي دلَّ الدليل على أنه لا يلزم إعادة عملها بعد تذكُّرها؛ كشرط طهارة الثوب والمكان من النجاسة قبل أداء الصلاة. وينقسم الشرط في اصطلاح الأصوليين إلى شرط صحة، وشرط وجوب. • شرط الصحة: بيَدِ الإنسان؛ كالوضوء، وستر العورة؛ من شروط الصلاة. • شرط الوجوب: أما شرط الوجوب، فهو الذي ليس بيده؛ كدخول وقت الصلاة. وأما الركن لغة: فهو العمود؛ نقول: ركن البيت؛ أي: عموده الذي يقوم عليه. وفي اصطِلاح الأصوليين: هو الذي يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم داخل العمل؛ فمثلًا: الركوع في الصلاة من أركانها بالإجماع المتيقَّن، فإن توفَّرت جميع أركان الصلاة، فالصلاة صحيحة، وإن انعدم ركن واحد منها، فالصلاة باطلة؛ أي: يلزم من وجود الأركان وجود الصحة، ومن عدمها عدم الصحة. ----------------------------- وأما السبب لغة: فهو الحبل. وفي اصطلاح الأصوليين: هو الذي يَلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم خارج العمل؛ مثال: من شروط عدالة الراوي: السلامة مِن أسباب الفسق، وأسبابُ الفِسْق هي كبائرُ الذنوب، فيَلزم من وجودها وصْف الفسق، وينعدم بانعدامها، وهي خارجة عن ماهية الفسق. ومن الأمثلة: النسَب من أسباب الإرث؛ فإن توفَّر يلزم حق الإرث، وإن انعدم ينعدم حق الإرث، وهو خارج ماهية الإرث. فيتبيَّن في الآخر أن الشرط والسبب يَكونان خارج العمل، والركن يكون داخل العمل، والشرط لا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدم، وأما الركن والسبب، فيَلزم من وجودهما الوجود.

-
كذلك مسألة المشرك: علّق الجزاء - دخول النار - بالشرك وعبادة غير الله؛ فلزم أن يتنجّز العذاب بالشرك؛ وإلا لزم أن يقع فاصل بين الشرط والجزاء، وهو غير جائز؛ فلزم ضرورةً: الخلود في النار بعبادة غير الله.
الشرك سبب فى الخلود فى النار - جزاءا وفاقا- قد يتخلف السبب لوجود مانع من العذاب وهو عدم قيام الحجة - واضرب مثال بالاربعة الذين يحتجون على الله يوم القيامة - هم كفار فى احكام الدنيا- ولكن يتخلف العذاب لوجود مانع وهو عدم قيام الحجة لذلك صح ما ورد فى الامتحان- لكمال عدل الله وحكمته التى تقتضى الحكمة والعدل فى الاحكام بألا يعذب احد حتى تقوم علبيه الحجة الرسالية

أبو محمد المأربي
2019-02-16, 04:37 PM
الجزاء بسب معلق بشرط - المشرك مجازى بسبب ما فعله من الشرك - ولكن هذا الجزاء معلق بشرط وهو قيام الحجة كما تقدم - يجب ان تفرق بين السبب والشرط- الشرك سبب للخلود فى النار وهذا السبب معلق بشرط وهو قيام الحجة - العدل الذى وصف الله به نفسه -وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا -قال شيخ الاسلام -الْجُمْهُورِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ : عَلَى أَنَّ مَا كَانُوا فِيهِ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ ، مِنْ الشِّرْكِ وَالْجَاهِلِيَّ ةِ : [ كان ] شَيْئًا قَبِيحًا ، وَكَانَ شَرًّا ؛ لَكِنْ : لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ إلَّا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ -- الشرك سبب فى عدم الفلاح - سبب فى تحريم الجنة عليه - سبب فى الخلود فى النار - قد يتخلل السبب شرط وهو عدم قيام الحجة - لذلك كان القول بالامتحان فى عرصات القيامة -الجواب أن تعلم أنّ الشرط يقاسمه السبب في أجزاء حقيقته، وهو ما يلزم من عدمه العدم، فإذا ذكر أحد الأمثلة مبنيا على هذه الجزئية المتقدمة صح إطلاق السبب والشرط عليها، كزوال الشمس فإنّه سبب لوجوب صلاة الظهر وهو شرط أيضا من ناحية أنّه يلزم من عدم الزوال [وهو السبب أو الشرط] عدم الوجوب[أي وجود حكم الصلاة وهو المسبب أو المشروط] وكذلك القول بالنسبة لليمين يجوز أن تكون سببا أوشرطا للكفارة من هذه الحيثية، غير أنّ السبب يختلف عن الشرط من جهة أنّ السبب يلزم من وجوده وجود الحكم أمّا الشرط - فلا يلزم من وجوده وجود المشروط وهو الحكم، فإذا روعي هذا المعنى في زوال الشمس لوجوب الصلاة كان سببا وليس شرطا وكذلك اليمين، أمّا الحنث فشرط وليس بسبب في لزوم الكفارة وكذلك الكفارة والحول فشرط في وجوب الزكاة وليس بسبب لأنّه لا يلزم من وجود الحول وجوب الزكاة كما لا يلزم من وجود الحنث لزوم الكفارة. غير أنّ المراد بالشرط في هذا المقام إنّما هو شرط وجوب، لا شرط صحة، وهو ما يصير به العبد مكلفا، كالنقاء من الحيض والنفاس، فهو شرط في وجوب الصلاة، وبلوغ الدعوة إلى العبد، فهو شرط في وجوب الإيمان عليه [ الوجوب هنا الوجوب الشرعى المتضمن لوجوب العذاب - وليس الوجوب العقلى الذى يثبت به بطلان الشرك وقبحه وذم فاعله]، ذلك لأنّ شرط الوجوب إنما يتعلق بخطاب الوضع، بينما شرط الصحة وهو: ما جعل وجوده سببا في حصول الاعتداد بالفعل وصحته كالوضوء وستر العورة واستقبال القبلة للصلاة، فهو من خطاب التكليف، وهذا هو ضابط الفرق بين القسمين
فالحاصل أن يقال: إنّ ضابط معرفة السبب هو إضافة الحكم إليه كأن تقول: «صلاة الظهر» فالصلاة حكم شرعي أضيف إلى الظهر فعرفنا أنّ الظهر هو السبب، وقولنا: "كفارة يمين"، فإنّ الكفارة حكم شرعي أضيف إلى اليمين فعرفنا أنّ اليمين هو السبب.
هذا، ويمكن إضافة ضابط آخر لمعرفة السبب من حيث التأثير والمناسبة:
- أمّا من حيث التأثير فكلّ ما يؤثر في الحكم من جهة الوجود والعدم فهو السبب، بخلاف الشرط، فإنّما يكون تأثيره في الحكم من جهة العدم فقط، أمّا الوجود فلا، إذ لا يلزم من وجود الوضوء وجود الصلاة.
- الشرك سبب فى الخلود فى النار - جزاءا وفاقا- قد يتخلف السبب لوجود مانع من العذاب وهو عدم قيام الحجة - واضرب مثال بالاربعة الذين يحتجون على الله يوم القيامة - هم كفار فى احكام الدنيا- ولكن يتخلف العذاب لوجود مانع وهو عدم قيام الحجة لذلك صح ما ورد فى الامتحان- لكمال عدل الله وحكمته التى تقتضى الحكمة والعدل فى الاحكام بألا يعذب احد حتى تقوم علبيه الحجة الرسالية وفيك بارك.. تقرّر في الأصوليات: أن الشروط اللغوية أسباب عقلية شرعية، فقول الرجل: إن دخلت الدار فأنت طالق أو حر؛ فهو شرط لغوي، وسبب عقلي شرعي لوقوع الطلاق عند أهل الفقه، كذلك قول الشارع الحكيم: من عبد الله غير الله فإن الجنة عليه حرام ومأواه النار، وكذلك قول الشارع اللطيف: من عبد غير الله لا برهان له شرط لغوي وسبب شرعي في إبطال العذر ونفي الحجة عن المشرك... والسبب يلزم من وجوده وجود الحكم لذاته، ومن عدمه العدم لذاته.
وهذا التقرير متناسق مع القاعدة: أن الجزاء إذا علّق بشرط فلا يجوز أن يتخلّل بينهما فاصل، ولا ريب أن قولكم بإعذار المشرك برفع العذاب عنه في حقيقته تقرير للفاصل بين الشرط والجزاء اللغوي والشرعي، ولا ضرورة تلجئنا إلى تقرير الفاصل بين الشرط والجزاء؛ لأن كلّ ما تذكرونه من دلائل الإعذار أو الامتحان في العرصات أدلة عامة، وأدلة عذاب المشرك في الآخرة خاصّة في موضوع المشرك، ولا تعارض بين عامّ وخاص على قول الجماهير من أهل العلم.
ثانيا: القول بأن المشرك يجازى بعبادة الأوثان في الدنيا لكنه معذور في الآخرة غير متناسق بل متناقض؛ لأن مدار كلامكم تحقيقا: أن المشرك في الدنيا لا يجازى بشركه في الآخرة، وإنما العبرة بالرسوب والنجاح في الامتحان الأخروي؛ ولهذا لا أثر للشرك الدنيوي، فمن أين تأتي المجازاة بالشرك في الآخرة؟

محمدعبداللطيف
2019-02-16, 07:53 PM
لأن كلّ ما تذكرونه من دلائل الإعذار أو الامتحان في العرصات أدلة عامة، وأدلة عذاب المشرك في الآخرة خاصّة في موضوع المشرك، ولا تعارض بين عامّ وخاص على قول الجماهير من أهل العلم. جميع الكفار الذين بلغتهم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدخلوا في دين الإسلام فهم في النار ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِين َ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) البينة / 6 . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار ) رواه مسلم ( 153 ) -------------------------- قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله فقال :

" إذا مات غير المكلف بين والدين كافرين فحكمه حكمهما في أحكام الدنيا فلا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين .

أما في الآخرة فأمره إلى الله سبحانه ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما سئل عن أولاد المشركين قال : ( الله أعلم بما كانوا عاملين ) رواه البخاري ( 1384 ) ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن علم الله سبحانه فيهم يظهر يوم القيامة ، وأنهم يمتحنون كما يمتحن أهل الفترة ونحوهم ، فإن أجابوا إلى ما يطلب منهم دخلوا الجنة ، وإن عصوا دخلوا النار ، وقد صحت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في امتحان أهل الفترة يوم القيامة ، وهم الذين لم تبلغهم دعوة الرسل ومن كان في حكمهم كأطفال المشركين لقول لله عزوجل : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) الاسراء / 15 ، وهذا القول أصح الأقوال في أهل الفترة ونحوهم ممن لم تبلغهم الدعوة الإلهية ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم وجماعة من السلف والخلف رحمة الله عليهم جميعا "
( مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 3/163 -164) .---------
القول بأن المشرك يجازى بعبادة الاوثان فى الدنيا لكنه معذور فى الاخرة غير متناسق بل متناقض لان مدار كلامكم تحقيقا -ان المشرك فى الدنيا لا يجازى بشركه فى الاخرة -وانما العبرة بالرسوب والنجاح فى الامتحان الاخروى ولهذا لا اثر للشرك الدنيوى فمن اين تأتى المجازاه بالشرك فى الاخرة؟ بارك الله فيك -
القول بأن المشرك يجازى بعبادة الاوثان فى الدنيا؟المشرك يعاقب على شركه فى الدنيا والقبر والاخرة- او يأخر عذابه الى ما بعد الموت - اما اذا كان ممن لم تقم عليه الحجة الرسالية -فلا يعاقب على شركه فى الدنيا سواء بالاهلاك او غيره من انواع العقوبات الدنيوية- سواء القتال او الحدود او غيرها --ولا فى الاخرة بالنار الا بعد قيام الحجة
لان مدار كلامكم تحقيقا مدار الكلام تحقيقا -هو ما حققه شيخ الاسلام بن تيمية وبن القيم
ان المشرك فى الدنيا لا يجازى بشركه فى الاخرة -وانما العبرة بالرسوب والنجاح فى الامتحان الاخروى ولهذا لا اثر للشرك الدنيوى فمن اين تأتى المجازاه بالشرك فى الاخرة؟ للشرك اخى الكريم اثر على فاعله فانه مستحق للمقت والعذاب والخلود فى النار ومدار الكلام تحقيقا على من لم تبلغه الدعوة - انتبه لذلك - لانك اخى الكريم تذكر المشرك بدون هذا القيد - وهذا القيد وهو عذاب من لم تقم عليه الحجة الرسالية - هو مدار الخلاف- فلينصب الكلام على عذاب من نفى الله عنهم العذاب فى قوله -وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا - قال ابن القيم رحمه الله (751هـ) في طريق الهجرتين (ص:546) : "إنَّ العذاب يُستحقُّ بسببين:
أحدهما: الإعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل بها وبموجبها.
الثاني: العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها.
فالأول كفر إعراض، والثاني كفر عناد، وأمَّا كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها، فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل")). ---قال بن القيم رحمه الله -الطبقة السابعة عشرة: طبقة المقلدين وجهال الكفرة وأتباعهم وحميرهم الذين هم معهم تبعاً لهم يقولون: إنا وجدنا آباءَنا على أُمة، ولنا أُسوة بهم. ومع هذا فهم متاركون لأهل الإسلام غير محاربين لهم، كنساءِ المحاربين وخدمهم وأتباعهم الذين لم ينصبوا أنفسهم لنا نصب له أُولئك أنفسهم من السعى فى إطفاءِ نور الله وهدم دينه وإخماد كلماته، بل هم بمنزلة الدواب.
وقد اتفقت الأُمة على أن هذه الطبقة كفار وإن كانوا جهالاً مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنه لم يحكم لهؤلاءِ بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة، وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا الصحابة ولا التابعين ولا من بعدهم، وإنما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدث فى الإسلام.
وقد صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من مولود إلا وهو يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه"، فأخبر أن أبويه ينقلانه عن الفطرة إلى اليهودية والنصرانية والمجوسية، ولم يعتبر فى ذلك غير المربى والمنشإِ على ما عليه الأبوان.
وصح عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم: "إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة"، وهذا المقلد ليس بمسلم، وهو عاقل مكلف، والعاقل المكلف لا يخرج عن الإسلام أو الكفر. وأما من لم تبلغه الدعوة فليس بمكلف فى تلك الحال، وهو بمنزلة الأطفال والمجانين.
وقد تقدم الكلام عليهم. والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاءَ به، فما لم يأْت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافراً معانداً فهو كافر جاهل. فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين، وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفاراً فإن الكافر من جحد توحيد الله وكذب رسوله إما عناداً وإما جهلاً وتقليداً لأهل العناد.
فهذا وإن كان غايته أنه غير معاند فهو متبع لأهل العناد، وقد أخبر الله فى القرآن فى غير موضع بعذاب المقلدين لأسلافهم من الكفار، وأن الأتباع مع متبوعيهم وأنهم يتحاجون فى النار وأن الأتباع يقولون: {رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ، قَالَ لِكُلِّ ضِعْفٌ وَلِكِنْ لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 38] ، وقال تعالى: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِى النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ النَّار قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلّ فِيهَا إِن اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} [غافر: 47-48] ، وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجَعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ القَوْلَ يَقُولُ الذين اسْتُضْعِفُوا لِلِّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لوْلا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ قَالَ الَّذِينَ الَّذِينَ استكبروا للذين اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُجْرِمِينَ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأمُرُونَنَا أن نَكْفُرِ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَاداً} [سبأ: 31- 33] .
فهذا إخبار من الله وتحذير بأن المتبوعين والتابعين اشتركوا فى العذاب ولم يغن عنهم تقليدهم شيئاً. وأصرح من هذا قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُا مِنَّا} [البقرة: 166-167] .
وصح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل أوزار من اتبعه، لا ينقص من أوزارهم شيئاً"، وهذا يدل على أن كفر من اتبعهم إنما هو بمجرد اتباعهم وتقليدهم.
نعم لا بد فى هذا المقام من تفصيل به يزول الإشكال، وهو الفرق بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه، ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه، والقسمان واقعان فى الوجود، فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله، وأما العاجز عن السؤال والعلم الذى لا يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان أيضاً أحدهما مريد للهدى مؤثر له محب له، غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده، فهذا حكمه حكم أرباب الفترات، ومن لم تبلغه الدعوة. الثانى: معرض لا إرادة له، ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه. فالأول يقول: يا رب لو أعلم لك ديناً خيراً مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره، فهو غاية جهدى ونهاية معرفتى. والثانى: راض بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته، وكلاهما عاجز وهذا لا يجب أن يلحق بالأول لما بينهما من الفرق: فالأَول كمن طلب الدين فى الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع فى طلبه عجزاً وجهلاً، والثانى كمن لم يطلبه، بل مات فى شركه وإن كان لو طلبه لعجز عنه، ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض.
فتأمل هذا الموضع، والله يقضى بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله، ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل، فهذا مقطوع به فى جملة الخلق. وأما كون زيد بعينه وعمرو بعينه قامت عليه الحجة أم لا، فذلك مما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه، بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر، وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول.
هذا فى الجملة والتعيين موكول إلى علم الله [عز وجل] وحكمه هذا فى أحكام الثواب والعقاب. وأما فى أحكام الدنيا [فهى جارية مع ظاهر الأمر فأطفال الكفار ومجانينهم كفار فى أحكام الدنيا] لهم حكم أوليائهم. وبهذا التفصيل يزول الإشكال فى المسألة.

أبو محمد المأربي
2019-02-16, 11:37 PM
المشرك يعاقب على شركه فى الدنيا والقبر والاخرة- او يأخر عذابه الى ما بعد الموت - اما اذا كان ممن لم تقم عليه الحجة الرسالية -فلا يعاقب على شركه فى الدنيا سواء بالاهلاك او غيره من انواع العقوبات الدنيوية- سواء القتال او الحدود او غيرها --ولا فى الاخرة بالنار الا بعد قيام الحجةمدار الكلام تحقيقا -هو ما حققه شيخ الاسلام بن تيمية وبن القيم للشرك اخى الكريم اثر على فاعله فانه مستحق للمقت والعذاب والخلود فى النار ومدار الكلام تحقيقا على من لم تبلغه الدعوة - انتبه لذلك - لانك اخى الكريم تذكر المشرك بدون هذا القيد - وهذا القيد وهو عذاب من لم تقم عليه الحجة الرسالية - هو مدار الخلاف- فلينصب الكلام على عذاب من نفى الله عنهم العذاب فى قوله -وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا
وفيك بارك، كأنك لم تفهم قصدي ولعلّ سببه مني في لفظة (في الدنيا) التي أتت في فقرة (القول بأن المشرك يجازى بعبادة الاوثان فى الدنيا لكنه معذور فى الاخرة غير متناسق) إلخ، فإن هذه اللفظة (في الدنيا) متعلقة بعبادة الأوثان لا بالمجازاة كما فهمت مني.
والمراد: أنكم لما قررتم بالامتحان فلا ريب أن العبرة في دخول الجنة أو ا لنار هي نتيجة الامتحان، فلا يعاقب المشرك في الآخرة ولا يلحقه وعيد فيها بسبب شركه في الدنيا؛ فإذاً الشرك الدنيوي لا أثر له في مصير المشرك في الآخرة جنةً وناراً، وإذا كان الأمر كذلك فلا تقولوا: إن المشرك الفتري يجازى بشركه لأنه ينافي مذهبكم الذي حقيقته: أن المشرك الفتري لا يجازى بشركه لا في الدنيا ولا في الآخرة، فعبادة غير الله لا أثر لها في تحديد مصير المشرك في الآخرة. هذا حقيقة مذهبكم.
ملاحظة: لا وجود عندي لأهل فترةٍ يعذرون في عبادة الأوثان لقوله تعالى:{ولكل أمة رسول}،{ولكل قوم هاد}،{ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}،{وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} ونحوها من الآيات كقوله تعالى:{ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به}{إنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار}...
فالفتري: إما أن يكون موحّداً، أو مشركاً؛ فإن كان الأوّلَ فمن أهل الجنة.
وإن كان الثاني فمن أهل النار.
وإن كان لا توحيد معه ولا شرك فتحت مشيئة الله يفعل فيه ما يريد.
وكذلك أهل الكتاب قبل البعثة فمن استقام منهم على أصله دينه التوحيدي فمن أهل الجنة.
ومن انحرف عنه إلى الكفر والإشراك فمن أهل النار.
وإن أدرك هؤلاء الرسالة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام فمن آمن به مع استقامته على دينه فمن أهل الجنة يؤتى أجره مرتين.
ومن كفر به فهو كافر من أهل النار، فإن كان كافراً بدينه ثم كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فقد ازداد كفراً إلى كفره.
هذا خلاصة رأيي في المسألة؛ فلا تلزمني بعد هذا ما لا التزمه كتقريرك لمشرك لم تقم عليه حجج الله.

محمدعبداللطيف
2019-02-17, 01:48 AM
وإن كان لا توحيد معه ولا شرك فتحت مشيئة الله يفعل فيه ما يريد. الشرك والتوحيد ضدان لا يجتمعان ولا يرتفعان --قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله -
((ولهذا كان كل من لم يعبد الله وحده فلابد أن يكون عابدا لغيره يعبد غيره فيكون مشركا، وليس في بني آدم قسم ثالث. بل إما موحد ، أو مشرك ، أو من خلط هذا بهذا كالمبدلين من أهل الملل : النصارى ومن أشبههم من الضلال ، المنتسبين إلى الإسلام)) مجموع الفتاوى ج 14 -----قال بن القيم رحمه الله -
فالكفر والإيمان متقابلان إذا زال أحدهما، خلفه الآخر )) كتاب الصلاة وحكم تاركها ص53 ------------------------وقال ايضا رحمه الله ((إذا لم يقم الإيمان بالقلب حصل ضده وهو الكفر وهذا كالعلم والجهل إذا فقد العلم حصل الجهل وكذلك كل نقيضين زال أحدهما خلفه الآخر)) زاد المعاد في هدي خير العباد ص 185 ----وقال رحمه الله ----
(( المُعرض عن التوحيد مشرك شاء أم أبى ، والمعرض عن السُنَّة مُبتدع ضال شاء أم أبى )) إغاثة اللهفان ج 1 ص 214 -وقال بن القيم رحمه الله---
(( الأصول التي تنبني عليها سعادة العبد ثلاثة ، ولكلّ واحد منها ضدّ ، فمن فقد ذلك الأصل حصل على ضدّه: التّوحيد وضدّه الشّرك ،والسّنّة وضدّها البدعة ،والطّاعة وضدّها المعصية ، ولهذه الثّلاثة ضدٌّ واحدٌ و هو خلو القلب من الرغبة في الله وفيما عنده ومن الرّهبة منه و ممّا عنده ))-[الفوائد]---- وقال رحمه الله----- (( فقسم سبحانه الخلائق قسمين سفيهاً لا أسفه منه و رشيدا فالسفيه من رغب عن ملته إلى الشرك، والرشيد من تبرأ من الشرك قولاً وعملاً وحالاً فكان قولُه توحيداً وعمله توحيداً وحاله توحيداً ودعوته إلى التوحيد)) مدارج السالكين ج3 ص 446------------------------------------وقال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله - (( فكل من لم يعبد الله مخلصا له الدين ، فلا بد أن يكون مشركا عابدا لغير الله . وهو في الحقيقة : عابد للشيطان . فكل واحد من بني آدم إما عابد للرحمن ، وإما عابد للشيطان)) مجموع الفتاوى ج 14ص 284 ---- قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله ((اعلم أن من تصور حقيقة أي شيء على ما هو عليه في الخارج وعرف ماهيته بأوصافها الخاصة عرف ضرورة ما يناقضه ويضاده.وإنما يقع الخفاء بلبس إحدى الحقيقتين، أو بجهل كلا الماهيتين. ومع انتفاء ذلك وحصول التصور التام لهما لا يخفى ولا يلتبس أحدهما بالآخر. وكم هلك بسبب قصور العلم وعدم معرفة الحدود والحقائق من أمة، وكم وقع بذلك من غلط وريب وغمة. مثال ذلك: أن الإسلام والشرك نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان. والجهل بالحقيقتين أو إحداهما أوقع كثيراً من الناس في الشرك وعبادة الصالحين، لعدم معرفة الحقائق وتصورها، وأن لساعد الجهل وقصور العلم عوائد مألوفة استحكمت بها البلية وتمكنت الرزية )) منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داوود بن جرجيس ص12-
هذا خلاصة رأيي في المسألةبارك الله فيك ---
فلا تلزمني بعد هذا ما لا التزمه كتقريرك لمشرك لم تقم عليه حجج الله. مهمتى فقط أن أبين الحق الواضح المحكم المبين بالادلة والبراهين لا الزام لاحد بما لا يلتزمه-وجزاك الله خيرا على سعة صدرك وحُسْن النقاش

أبو محمد المأربي
2019-02-18, 12:41 AM
الشرك والتوحيد ضدان لا يجتمعان ولا يرتفعان ..................مهمتى فقط أن أبين الحق الواضح المحكم المبين بالادلة والبراهين لا الزام لاحد بما لا يلتزمه-وجزاك الله خيرا على سعة صدرك وحُسْن النقاش لم يدلّ دليل عقلي ولا سمعي على عدم إمكان الخلوّ من التوحيد والشرك، وإذا كان الشرك والتوحيد ضدّان عندك؛ فالضدان قد يرتفعان كالسواد والبياض يرتفعان ولا يجتمعان..
وعلى أي حال فالمسألة اجتهادية أعني خلوّ الرجل الفتري من التوحيد والشرك، وهو قسم ثالث أثبتة طائفة من أهل العلم ممن لا ندري في علماء الإسلام من هو أحسن كلاما منه في هذه المسائل (أهل الفترة) وهو الإمام القاضي أبو طالب الطرطوشي، ومما قال في هذه المسألة: (وإذا تبين أنهم كفار فحكم الكفار معلوم من قواعد الشرع, فينبغي أن يكون تكفير أهل الأوثان قاعدة أخرى تضاف إلى القاعدتين المتقدمتين.
لكن يبقى النظر في قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}، وينبغي أن ينزل على من ليس عنده إيمان ولا عبادة أصنام فيسلم في الآخرة من العذاب من حيث لم تقم عليه الحجة, وهذه هي صفة أهل القسم الرابع الذي بقي لنا الكلام عليه, فلنشرع فيه بحول الله.
القسم الرابع من أهل الفترة
هذا القسم هو من لم يكن عنده توحيد ولا إشراك ولا دخول في شريعة نبي ولا تعرض لتغييرها ولا اختراع لدين, بل بقي عمره على حال غفلة وذهول عن ذلك كله, وقد نُقل أن في أهل الجاهلية من كان على هذه الوتيرة, ويقتضي النظر وجودهم, فإنه إذا وجد فيهم الموحد لله والمشرك به، فكذلك قد يوجد منهم من هو عار عن الوصفين جميعا, لكون خواطر الخلق مختلفةً وأذهاِنهم غيرَ متفقة....) فراجع إن شئت إلى آخر كلامه المحقق المدعم بالدليل من كتابه تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (2/ 593).
أما مسألة الإلزام فإني شعرتُ أنك تذكر مقالةً كمسلّمة من المسلمات ثم تبني عليها أحكاماً ومسائل أخرى... هذا هو المقصود.

محمدعبداللطيف
2019-02-18, 12:57 PM
--
لم يدلّ دليل عقلي ولا سمعي على عدم إمكان الخلوّ من التوحيد والشرك، وإذا كان الشرك والتوحيد ضدّان عندك؛ فالضدان قد يرتفعان كالسواد والبياض يرتفعان ولا يجتمعان..
وعلى أي حال فالمسألة اجتهادية أعني خلوّ الرجل الفتري من التوحيد والشرك، وهو قسم ثالث أثبتة طائفة من أهل العلم ممن لا ندري في علماء الإسلام من هو أحسن كلاما منه في هذه المسائل (أهل الفترة)
قولك
http://majles.alukah.net/t67637-4/
فتحمل أخبار الامتحان على أهل الفترة الذين لم يشركوا ولم بعبدوا غير الله-http://majles.alukah.net/t67637-4/--هذا من اضعف ما يكون وهذا الدليل كمن اراد ان يخرج من حفرة فوقع فى اعمق منها لانه لايمكن حمل احاديث الامتحان على من لم يشرك بالله ولم يعبد غير الله لانه قد صحت الاحاديث و الدلائل ان الموحدين والمتحنفين فى ازمنة الفترات من اهل الجنة كزيد بن عمرو وغيره وانه من مات لايشرك بالله شيئا دخل الجنة والشرك والتوحيد ضدان لايجتمعان ولا يفترقان فان لم يكن من اهل الشرك ولم يعبد الا الله فهو موحد موعود بالجنة اما اذا قصدت من لم تبلغه شرائع الانبياء فالشرائع لا تلزم الا بعد بلوغها بالاجماع -فحمل احاديث الاختبار على من لم يشرك بالله ولم يعبد الا الله قول ضعيف جدا - فكيف تترك ما تذهب اليه وتذهب الى ما هو اضعف منه فى الاحتجاج -- اماقولك وأدلّتنا خاصة في الأشخاص وفي الأوقات لثبوت تعذيب المشرك الفتري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال لبعص الصحابة (حيثما مررت بقبر مشرك فبشّره بالنار) فقد رد على هذا الامام الشنقيطى فى كلامه على قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا فيمكن الرجوع اليه لضيق الالمقام

يق المقام

محمدعبداللطيف
2019-02-18, 01:48 PM
--هذا القسم هو من لم يكن عنده توحيد ولا إشراك ولا دخول في شريعة نبي ولا تعرض لتغييرها ولا اختراع لدين, بل بقي عمره على حال غفلة وذهول عن ذلك كله, وقد نُقل أن في أهل الجاهلية من كان على هذه الوتيرة, ويقتضي النظر وجودهم, فإنه إذا وجد فيهم الموحد لله والمشرك به، فكذلك قد يوجد منهم من هو عار عن الوصفين جميعا, لكون خواطر الخلق مختلفةً وأذهاِنهم غيرَ متفقةيقال فى الامثال [ انقلب السحر على الساحر] لمن ألزم المخالف بشئ ثم انقلب عليه فوقع فيه او فيما هو أضعف منه بلا حجة عقلية او شرعية---- - لقد كنت تلزمنا بنجاة المشرك الفترى بناءا على ما قلناه - بأن من تبلغه الدعوة واصحاب الفترات اذا متحنهم الله واطاعوا الله ونجحوا فى الاختبار يدخلون الجنة - فجئت انت اخى الفاضل ابو محمد المأربى بنجاة من لم يوحد الله - بل و ترجح دخوله الجنة -بدون اختبار بمحض التفضل - على قول ابو طالب الطرطوشى -تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ ---------- ما غفلت عنه اخى الكريم ابو محمد المأربى ان ابو طالب الطرطوشى حكم فى نهاية المطاف لهذا القسم بالجنة ولم يحكم لهم بالنار- فهل تدخل الجنة نفس غير مسلمة ؟ - اذا قلت نعم - انهدمت اركان قواعدك و بنيانك - -و -خَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ - - واليك كلام القاضى ابو طالب الطرطوشى -القسم الرابع من أهل الفترة هذا القسم هو من لم يكن عنده توحيد ولا إشراك ولا دخول في شريعة نبي ولا تعرض لتغييرها ولا اختراع لدين, بل بقي عمره على حال غفلة وذهول عن ذلك كله, وقد نُقل أن في أهل الجاهلية من كان على هذه الوتيرة, ويقتضي النظر وجودهم, فإنه إذا وجد فيهم الموحد لله والمشرك به، فكذلك قد يوجد منهم من هو عار عن الوصفين جميعا, لكون خواطر الخلق مختلفةً وأذهاِنهم غيرَ متفقة.ومثال ذلك فيما مضى قصة عبيد الله بن جحش بن رئاب, إذ فارق دين قومه مستبصرا في ذلك، كما تقدم عنه وعن ورقة وعثمان بن الحويرث وزيد بن عمرو, ثم بقي هو من بينهم واقفا لم يدخل في شريعة حتى جاء الإسلام فكانت لعبيد الله المذكور أربعة أحوال, فإنه كان على حال الشرك في الجاهلية، ثم زال عن الشرك، لإدراكه أن الأصنام لا تضر ولا تنفع, وبقي متوقفا ملتمسا, إلى أن جاء الله بالإسلام فأسلم, وهاجر إلى أرض الحبشة وهو مؤمن, ثم تنصر هنالك فمات نصرانيا, نعوذ بالله من الخاتمة السوء.ومقصودنا من هذه الأربعة الأحوال الحالة الثانية، وهي التي كان عليها عبيد الله بن جحش، إذ كان متوقفا، فإنه زال عن الشرك ولم يدرك الإيمان, فإذا كانت هذه الحالة موجودة لشخص واحد في وقت ما من أوقاته, فلا يبعد أن يكون على ذلك أشخاص كثيرة مدة أعمارهم حتى يموتوا عليها, وهم الذين نريد بهذا القسم الرابع.وهم الذين يتحقق فيهم أنهم أهل الفترة -فعليهم كما قلنا ينبغي أن ينزل قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 15].والذي يدل على ذلك أن هذه الآية لا يخلو أن يراد بما تضمنته من نفي العذاب عن من لم يرسل إليه رسول جميع أهل الفترة أو بعضهم، ولا يصح أن يراد بذلك جميعهم, فإن فيهم الموحد لله في جاهليته, وفيهم الداخل من تلقاء نفسه في شريعة من الشرائع التي ارتضاها الله لعباده. والقسمان مثابان بدليل قصة أصحاب الأخدود, وبدليل قول النبي - عليه السلام - في زيد: «إنه يبعث أمة وحده» ، وإذنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لابنه سعيد، وابن عمه عمر بن الخطاب في الاستغفار له .فإذا خرج هذان الصنفان عن أهل الفترة بقي منهم الصنفان اللذان هما: من عبد الأوثان وأشرك بالله, ومن ليس عنده عبادة أوثان ولا توحيد لله .فأما من عبد الأوثان فقد ألحقهم الله بالكفار, كما تقرر في القسم الثالث, وإذا ألحقوا بالكفار في دينهم وفي العذاب اللاحق بهم صح أن الآية لم تتناولهم, وصح تنزيلها على الصنف الباقي الذي ليس عنده إشراك بالله ولا توحيد له, وهم أهل هذا القسم الذي نتكلم الآن فيه . وما قدمنا أولا من الحجة على أن أهل الفترة غير مكلفين, وأنهم إذا لم يكونوا مكلفين لم يلزمهم العذاب ينبغي أن ينزل على أهل هذا القسم، إذ ذلك يقع عليهم حقيقة، فإنهم غافلون عن التزام الشرائع وعن التغيير لها والانحراف عنها, قال الله تعالى: {ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} [الأنعام: 131].
فأخبر أنه لا يهلك أهل الغفلة, وذلك بعد أن ذكر إقامة الحجة على الجن والإنس بإرسال الرسل وتقرير الشرائع, وهو قوله: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُم ْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: 130].................

محمدعبداللطيف
2019-02-18, 01:50 PM
..............
ثم أخبر أنهم في النار بقوله: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ} [الأنعام: 128] , وإنما استحقوا ذلك بكفرهم الذي شهدوا به على أنفسهم, وهكذا ذكر في سورة الأعراف عن قوم كفار حيث قال: {وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: 130] , ثم قال بإثره: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ} [الأعراف: 38] , وذلك بسبب كفرهم وشهادتهم على أنفسهم به أيضا.
ثم قال في آخر الآية المتقدمة: {ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} [الأنعام: 131] , معناه أنه تعالى إنما أرسل الرسل لأنه لا يهلك القرى بظلم أي بأن يكون أهلها مظلومين,[هذا تأويل للآية وصرفها عن ظاهرها - كتبه محمد عبد اللطيف ] فقد جعل تعالى إهلاك القرى إذا كان أهلها غافلين عن الشرائع ظلما في حقهم، بكونهم لم يأتهم رسول ولا نذير تقوم به الحجة عليهم، كما جعل من قامت عليه الحجة فلم يؤمن ظالما في قوله: {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القصص: 59] على ما تقدم أولا.
وإذا تبين أن العذاب لا يتناول هذين الصنفين فلم يبق إلا أن يكون لأهل الظلم الذين قامت عليهم الحجة, وهم أهل التكذيب والكفر أو لمن ألحقه الشرع بهم من عبدة الأوثان.[ تنبيه مهم لقد حاد هنا القاضى ابو طالب بالتأويل- وغفل او تغافل عن تفسير قوله تعالى -بظلم واهلها غافلون - كتبه محمد عبد اللطيف]
فأما أهل التكذيب والكفر فقد قال الله تعالى فيهم في الآيتين المتقدمتين: {وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: 130] .
وأما عبدة الأوثان فقد أطلق الله عليهم الشرك والكفر, وكفى في ذلك قول الله تعالى: {وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 89] , يعني بالذين يستفتحون: اليهود, وبالذين كفروا: أهل الأوثان من العرب على ما قدمناه.
وإذا ثبت الكفر على عبدة الأوثان دخلوا في أهل التكذيب, فإن الشرائع كانت مبثوثة في الجاهلية وهم خالفوها وتعرضوا لتغييرها, وفي ذلك التكذيب بها, وكفى في هذا مستندا قول النبي - عليه السلام - في عمرو بن لحي: «إنه أول من غير دين إبراهيم وإسماعيل» , وإطلاقه عليه اسم الكفر, وفي قوله: «إنه أول من غير دين إبراهيم» دليل على أن غيره أيضا غير دين إبراهيم، وإنما لعمرو بن لحي الأولية في التغيير.
وإذا أطلق عليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأنه كافر لتغييره الحنيفية وعبادته الأوثان, فكل من تبعه على التغيير وعبادة الأوثان فهو أيضا كافر, وقد تقدم شرح هذا وإيضاحه بما ليس في الوسع مزيد عليه.
وهذا القسم الذي نحن بصدده من أهل الفترة خارجون عن ذلك كله لعدم الكفر والتكذيب فيهم, إذ ليس عندهم ما يكذبون به ولا ما يصدقون, وإذا خرجوا عن أولئك المستوْجِبين بكفرهم النار التي لا تُدخَل إلا جزاء, دخلوا في أهل الجنة التي تُدخَل بتفضل الله تعالى .[ اتحكم اخى الفاضل ابو محمد المأربى لاهل الفترة ؟ كحال عبيد الله بن جحش بن رئاب فى حال الوقف كما مر فى المثال -أتحكم لهم بدخلول الجنة - مع القطع بأن الجنة لا تدخلها الا نفس مسلمة- انظر كيف وصل بكم الحال ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ كتبه محمد عبد اللطيف --] ثم قال ابو طالب - والدليل على ذلك ما نذكره، وهو ينعطف على كل من ليس بمكلف وهم أصناف أربعة:
- أهل هذا القسم.
- ومن لم تبلغه الدعوة.
- والمجانين.
- والصبيان.
إذ الحكم فيهم واحد.
فنقول في حقهم جميعا إنه لابد من حشرهم كلهم قال الله تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم} [الأنعام: 38] , ثم قال: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: 38]
فإذا حشر الأصناف الأربعة المذكورون من بني آدم فلا يخلو حالهم من أمرين:
- إما أن يعدموا بعد ذلك.
- وإما أن يبقوا موجودين.
فإعدامهم لم يأت نص به ويقتضي الجود الرباني بقاءهم, وإنما حملنا على تقدير الإعدام ما جاء في التفسير من أن البهائم والطيور وما شاكلها إذا حشرت واقتص من بعضها لبعض, كما قال - عليه السلام -: «يُقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء»، أعدمت حينئذ , وقيل لها: كوني ترابا.
وإذا ثبت أن بني آدم لا يصح إعدامهم فلا يخلو الأصناف الأربعة منهم من أحد أمرين:
إما أن يكونوا بعد استقرار أهل الجنة في الجنة، واستقرار أهل النار في النار مع أهل الجنة أو مع أهل النار, إذ لا موضع في الآخرة لاستقرار الخلق سوى الجنة والنار.
فإن أهل الأعراف إنما يكون توقيفهم مدة من الزمان ثم يدخلون الجنة, كما أن المؤمنين إذا خلصوا من النار يحبسون على قنطرة بين الجنة والنار, كما جاء في الحديث: «حتى يقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا, وحينئذ يدخلون الجنة» .
وإذا لم يكن في الآخرة موضع استقرار سوى الجنة والنار، وصح بقاء من تكلمنا عليه من بني آدم صح أنهم لا محالة في أحد الموضعين, وكونهم في النار لا تقتضيه قواعد الشرع, فإن النار لا تدخل إلا جزاء على الكفر والمعاصي, قال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى} [غافر: 49].
والأصناف الأربعة لا يتصور منهم التكذيب:
أما الصنفان منهم, وهم هذا القسم من أهل الفترة, ومن لم تبلغه الدعوة فليس عندهم بما يكذبون أصلا لعدم النذارة فيهم.
وأما الصنفان الباقيان وهم: المجانين والأطفال فليس عندهم عقل يفهمون به لا تكذيبا ولا تصديقا, فقد سقط عنهم جميعا الخطاب, وإذا سقط عنهم الخطاب فلا يصح تعذيبهم على ما تقرر قبل.
فإذا ثبت أن الأصناف المذكورين لا يعذبون صح أنهم لا يدخلون النار, إذ هي محل العذاب, وإذا لم يدخلوا النار, ولا دار بعدها إلا الجنة صح أنهم يدخلون الجنة.
ولا نقول إن ذلك على جهة الثواب, فإن الثواب إنما هو جزاء على الإيمان والطاعة, وهؤلاء غير متصفين بذلك, وإنما دخولهم الجنة على وجه التفضل المحض.,,,,,,,,,,,,,,,,,ت حرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل"لعقيل القضاعي المالكي المتوفى: 608هـ
و الكتاب كبير يقع في نحو 854 صفحة . حققه مصطفى باحو و طبع عام 1427 بدار الإمام مالك – أبو ظبي .
نبذة عن المؤلف هو: عقيل بن عطية القضاعي من أهل طرطوشة يكنى أبا المجد وأبا طالب ، ولد بمراكش سنة: 549هـمن شيوخه أبو القاسم ابن بشكوال و أبو محمد بن عبيد الله الحجري، وأبو بكر بن الجد الحافظ وغيرهم .
ومن تلامذته : أبو جعفر بن الدلال وأبو الحسن بن منخل و الشاطبي وغيرهم .

محمدعبداللطيف
2019-02-18, 02:21 PM
فالضدان قد يرتفعان كالسواد والبياض يرتفعان ولا يجتمعان من مختصر التحرير - للشيخ : ( محمد بن صالح العثيمين )
بعد معرفة النظر والفكر والتصور والتصديق يذكر الأصوليون النسب بين المعلومين، وذلك أنهما إما نقيضان أو خلافان أو ضدان أو مثلان، وذلك لأن معرفة ذلك يترتب عليه ضبط العلوم والأدلة وكيفية الترجيح والاستدلال.
النسبة بين المعلومين

النقيضان والخلافان
قال: [ المعلومان إما نقيضان أو خلافان أو ضدان أو مثلان ].هذه أربع نسب، يعني: النسبة بين المعلومين تكون على أربعة أوجه: الأول: نقيضان، عرفهما المؤلف بقوله: لا يجتمعان ولا يرتفعان، فكل معلومين لا يمكن اجتماعهما ولا ارتفاعهما يسميان نقيضين، مثاله: الحركة والسكون، الوجود والعدم، هل يمكن أن يكون الشيء متحركاً ساكناً في آن واحد؟ لا يمكن، إذاً تقول: الحركة نقيض السكون، هذا التعريف السليم على قاعدة المتكلمين.وكذلك الوجود والعدم نقيضان، لا يمكن أن تقول: هذا موجود معدوم، أو هذا لا موجود ولا معدوم، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله لمن قالوا: لا نصف الله بالوجود والعدم، قال: أنتم الآن شبهتموه بالمستحيلات؛ لأن ارتفاع النقيضين مستحيل كاجتماعهما.إذاً نقول: النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، يعني: لا يمكن اجتماعهما ولا يمكن ارتفاعهما، مثاله: الحركة والسكون، والوجود والعدم. البياض والسواد هل هما نقيضان؟ لا؛ لأنه يجوز أن يرتفعا، هما لا يجتمعان فيوافقان النقيضين في ذلك، لكن يمكن ارتفاعهما. يقول: [ أو خلافان يجتمعان ويرتفعان ]، فالنسبة بينهما هي أوسع النسب، فالخلافان يصح اجتماعهما وارتفاعهما؛ لكنهما خلافان، أي أن حقيقتيهما تختلف عن بعض، مثاله: الحركة والبياض هذان خلافان؛ لأن الحركة غير البياض، فيمكن أن يتحرك وهو أبيض فاجتمعا، ويمكن أن يسكن وهو أسود، فارتفعا.إذاً: الخلافان ما اختلفت حقيقتهما لكن يمكن اجتماعهما ويمكن ارتفاعهما.
الضدان والمثلان
يقول المؤلف: [ أو ضدان لا يجتمعان ويرتفعان لاختلاف الحقيقة ]: الظاهر أن قوله: (لاختلاف الحقيقة) تعليل لكل ما سبق. وقوله: (ضدان لا يجتمعان ويرتفعان): الضدان يختلفان في الحقيقة لا شك، وهما كما قال المؤلف لا يمكن أن يجتمعا؛ لأن كل واحد ضد الآخر، ولكن يمكن أن يرتفعا وبذلك حصل الفرق بينهما وبين النقيضين، مثاله: السواد والبياض.. ضدان لا يمكن أن يجتمعا، ويمكن أن يرتفعا بأن يكون الشيء أحمر. فإن قلت: يمكن أن يجتمعا كأن يكون الشيء معلماً بخط أسود وخط أبيض جنبه، فالجواب أنه ليس في محل واحد، يعني: لا يمكن يكون الشيء أبيض أسود، هذا مستحيل. فإن قال قائل: يمكن يكون أشهب بين البياض والسواد.فالجواب: إذاً: فليس أسود ولا أبيض.الحاصل أن الضدين لا يمكن يجتمعا أبداً، ولكن يمكن أن يرتفعا، وكل هذا اصطلاح، وإلا فقد يطلق الضد على النقيض، والنقيض على الضد، لكن الاصطلاح هو ما ذكره المؤلف.وقوله: [ لاختلاف الحقيقة ] تعليل لكل ما سبق؛ لأن الحقيقة في كل الأقسام الثلاثة مختلفة، النقيضان حقيقتهما مختلفة، والخلافان مختلفان، والضدان مختلفان.ثم قال المؤلف: [ أو مثلان لا يجتمعان ويرتفعان لتساوي الحقيقة ]. المثلان هما المتساويان، يعني: هما شيء واحد كبياض وبياض، يقول المؤلف: (لا يجتمعان)، كيف لا يجتمعان؟ فبياض الثوب وبياض الثلج شيء واحد لا يجتمعان، لأن كل واحد منهما لا يخالف الآخر، فهما شيء واحد، يعني: ليسا شيئين حتى نقول إنهما شيئان اجتمعا، بل البياض مثلاً شيء واحد، والسواد شيء واحد، لكن يرتفعان، فبياض وبياض يمكن أن يحل بدلهما سواد أو حمرة أو صفرة أو ما أشبه ذلك.بشر وإنسان واحد، إذاً: ما يمكن أن نقول يجتمعان، نقول: ليسا متباينين حتى نحتاج إلى أن نقول يجتمعان، فهما شيء واحد.فهذه النسب الأربع إذا قال قائل: ما هو الدليل عليها؟نقول: الدليل على ذلك التتبع، لو تتبعت كل الموجودات ما وجدتها تخرج عن هذا أبداً، إما نقيضان أو خلافان أو ضدان أو مثلان.
العموم والخصوص بين الحقائق المجتمعة

العلاقة بين الحقائق المتساوية
[ وكل شيئين حقيقتهما إما متساويتان يلزم من وجود كل وجود الأخرى، وعكسه ] ما هو عكسه؟ أي يلزم من انتفاء كل واحدة منهما انتفاء الأخرى.مثلاً: كلمة (بشر) حقيقتها (إنسان)، إذاً: إذا وجد مدلول بشر وجد مدلول إنسان، فكل بشر يصح أن نطلق عليه إنسان، وكل إنسان يصح أن نطلق عليه بشر، ولهذا قال: (يلزم من وجود كل وجود الأخرى)، وإذا قلنا: هذا ليس بإنسان، فليس ببشر، وهذا معنى قوله: (وعكسه) يعني: يلزم من انتفاء كل انتفاء الآخر. (بر) حب معروف، (قمح) هو نفس الحب، إذاً: يلزم أن حقيقة قمح وحقيقة بر واحدة، فإذا قيل: هذا بر قيل: هذا قمح، إذا قيل: هذا ليس ببر، قلنا: ليس بقمح.
العلاقة بين الحقائق المتباينة
يقول: [ أو متباينتان لا يجتمعان في محل واحد ]، مثلاً ذرة وبر، حقيقة البر غير حقيقة الذرة، أليس كذلك؟ يقول: لا يجتمعان في محل واحد، يعني: لا يمكن أن نسمي هذه الحبة براً وذرة فإن قلت: يجتمعان في محل واحد آتي بقمح وذرة وأجعلهما في الطاحون وأطحنهما فيخرج الدقيق دقيق قمح وذرة.نقول: ما اجتمعا؛ لأن كل ذرة من هذا الطحين من الذرة غير الذرة من القمح، يعني: هما بعد الطحن كما هما قبل الطحن، غاية ما هنالك أننا فرقنا أجزاءهما في الطحن بعد أن كانت مجتمعة، وإلا حقيقة الأمر أن دقيق البر متميز عن دقيق الذرة قطعاً، إذاً: لا يمكن أن يجتمعا في عين واحدة إطلاقاً، فمادامت الحقيقة متباينة فإنهما لا يمكن أن يجتمعا في عين واحدة. السواد والبياض حقيقتهما متباينة لا يمكن أن يجتمعا في عين واحدة، فإن قلت: أطلو هذا الشيء بسواد ثم أتبعه ببياض فينتج لون آخر، نقول: هذا الناتج ليس بياضاً ولا سواداً، بل هو بينهما.إذاً: القاعدة منضبطة الآن: كل شيئين حقيقتاهما متباينة لا يمكن أن يجتمعا في عين واحدة. [مختصر التحرير - للشيخ : محمد بن صالح العثيمين ]

أبو محمد المأربي
2019-02-18, 04:43 PM
يقال فى الامثال [ انقلب السحر على الساحر] لمن ألزم المخالف بشئ ثم انقلب عليه فوقع فيه او فيما هو أضعف منه بلا حجة عقلية او شرعية---- - لقد كنت تلزمنا بنجاة المشرك الفترى بناءا على ما قلناه - بأن من تبلغه الدعوة واصحاب الفترات اذا متحنهم الله واطاعوا الله ونجحوا فى الاختبار يدخلون الجنة - فجئت انت اخى الفاضل ابو محمد المأربى بنجاة من لم يوحد الله - بل و ترجح دخوله الجنة -بدون اختبار بمحض التفضل - على قول ابو طالب الطرطوشى -تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ ---------- ما غفلت عنه اخى الكريم ابو محمد المأربى ان ابو طالب الطرطوشى حكم فى نهاية المطاف لهذا القسم بالجنة ولم يحكم لهم بالنار- فهل تدخل الجنة نفس غير مسلمة ؟ - اذا قلت نعم - انهدمت اركان قواعدك و بنيانك - -و -خَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ - فهم أقوال الناس قبل الرد عليها خير من إلزام ما لا يلزم، والكلام العلمي خير من مدّه في غير طائل...
وهنا مسائل
المسألة الأولى: لم أجد في علماء الأمة من هو أحسن كلاماً من القاضي أبي طالب في مسألة أهل الفترات، وهذا يدركه من قرأ كتابه بجزئيه بتمعّن وتدبر.
المسألة الثانية: من عبد الله وحده في أي زمان ومكان فهو من أهل الجنة.
المسألة الثالثة: من عبد غير الله في أي زمان ومكان فهو من أهل النار، والامتحان عندنا قول ضعيف لا دليل عليه لا عقلا ولا أثراً.
المسألة الرابعة: من لم يكن عنده توحيد ولا شرك على القول بوجوده كما قرّره بعض العلماء كالقاضي أبي طالب والمسعودي وأبو الشكور السالمي فلا أقول باستحقاقه العذاب من غير جرمٍ ولا كفر ولا شرك، ولا أقول إنه يستحق الجنة لأنه لم يوجد منه الإيمان والتوحيد فوجب أن يترك لمشيئة الله سبحانه ولا أتحكّم على الله سبحانه، ومن الجائز أن يدخله الله الجنة فضلا منه كما ينشيء للجنة قوما آخرين، ومن الجائز أن يفعل الله به ما شاء من غير تعذيب من غير جرمٍ؛ لأن الجزم بأحد الأمرين الجنة والنار يحتاج إلى دليل شرعي ولا دليل، ولا أوافق من يطلق دخول الجنة كما لا أوافق من يقول بتعذيبهم من غير جرمٍ، ومدح إمام في بحث لا يستلزم القول بقوله جملة وتفصيلاً فتأمل بارك الله فيك.
المسألة الخامسة: الحكم بالجنة لمن عبد غير الله عاقلا بالغاً مخالف لدين المرسلين، معلوم البطلان باليقين عندي بعد التأمل في الدلائل، وهذا هو المحذور الذي أخالفك فيه مع أنه قول متناقض في نفسه كما سبق في بعض المشاركات.
المسألة السادسة: أصل الإشكال يتضح بالجواب عن هذا السؤال: هل البالغ العاقل مكلف بالتوحيد وترك الشرك والتنديد قبل بلوغ الحجة السمعية إليه إن فرض وجود هذا الصنف في الدنيا؟ أجب عن هذا السؤال وبعده لكل حادث حديث.

الطيبوني
2019-02-18, 08:17 PM
.............................. .........

قال ابن القيم رحمه الله في قوله تعالى


{أيحسب الإنسان أن يترك سدى}

قال الشافعي رضى الله عنه أي مهملا لا يؤمر ولا ينهى
وقال غيره لا يثاب ولا يعاقب.

والقولان واحد لأن الثواب والعقاب غاية الأمر والنهى

فهو سبحانه خلقهم للأمر والنهى في الدنيا والثواب والعقاب في الآخرة فأنكر سبحانه على من زعم أنه يترك سدى إنكار من جعل في العقل استقباح ذلك واستهجانه وأنه لا يليق أن ينسب ذلك إلى أحكم الحاكمين . اهـ


و قال رحمه الله

فمن لم يتركه وهو نطفة سدى بل قلب النطفة وصرفها حتى صارت أكمل مما هي وهي العلقة ثم قلب العلقة حتى صارت أكمل مما هي حتى خلقها فسوى خلقها فدبرها بتصريفه وحكمته في أطوار كمالاتها حتى انتهى كمالها بشرا سويا فكيف يتركه سدى لا يسوقه.

فإذا تأمل العاقل البصير أحوال النطفة من مبدئها إلى منتهاها دلته على المعاد والنبوات كما تدله على إثبات الصانع وتوحيده وصفات كماله فكما تدل أحوال النطفة من مبدئها إلى غايتها على كمال قدرة فاطر الإنسان وبارئه، فكذلك تدل على كمال حكمته وعلمه وملكه وأنه الملك الحق المتعالى عن أن يخلقها عبثا ويتركها سدى بعد كمال خلقها.انتهى

أبو محمد المأربي
2019-02-18, 08:43 PM
فهل تدخل الجنة نفس غير مسلمة ؟ - اذا قلت نعم - انهدمت اركان قواعدك و بنيانك - -و -خَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ - -
هذا السؤال غير وارد على المأربي لكنه يرد على أخي محمد ولم يتأمّله لأنه الذي
يقول: إن المشرك في الدنيا قد يدخل الجنة في الآخرة كالفتري وكالذي لم تبلغه الدعوةعلى رأيه!

فيقال لأخي محمد: وهل يدخل الجنة نفس غير مسلمة؟ أما المأربي فيقول: الموحد المسلم يدخل الجنة، والمشرك يدخل النار، فإن وُجِد ثالث لا موحد ولا مشرك فهو في مشيئة الله مع الجزم بأن الله لا يعذّب أحداً بغير جرم اقترفه في الدنيا.

وهذا التقرير لا غرابة فيه عند من تقبّل قول أهل الحديث في أطفال المشركين على نقل الطبراني أو على نقل الأشعري.

ومدار الخلاف تحقيقا: أني أجزم بأنه لا يوجد دليل واحد يدل على دخول المشرك الجنة في الآخرة؛ لأن الدلائل القرآنية والنبوية القطعية والاعتبارات الصريحة كلها تدل على أنّ الجنة على المشركين حرام، وأن النار لهم واجبة.

وفي المقابل كلّ ما تردّدونه من الدلائل كغيركم دلائل عامة، ودلائل تعذيب المشرك وحرمة الجنة عليه خاصة ولا تعارض بين خاص وعام.

فإن كنتم جادّين في النقاش فأتوا بدليل واحد يقول: إن المشرك في الدنيا يدخل الجنة في الآخرة/

هذا مربط الفرس؛ فلا ينفع في المقام ذكر الدلائل العامة في الإعذار ونحوها؛ لأن البحث في مسألة خاصة وهي: المشرك في الدنيا ومصيره في الآخرة.

خلاصة الرؤية:

1- لا توجد أمّة لم تتمكن من العلم بأصل دين الأنبياء (عبادة الله وحده) والدليل على الدعوى: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فلا يوجد مشرك لم يتمكن من معرفة أصل الدين.

2- لا وجود لأهل فترة يعذرون في عبادة غير الله في الآخرة، ودليل الدعوى: كتاب الله وسنة رسوله وإجماع العلماء على ما حكى بعض أهل العلم.

3- كلّ مشرك في الدنيا حقيقةً فهو من المعذبين في الآخرة، ودليل الدعوى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد سبق ذكرها في بعض المناسبات.

4- كلّ من قال: المشرك في الدنيا حقيقةً قد يدخل الجنة في الآخرة؛ فهو إما أن
يصير إلى قول الأشعرية الجبرية أو تتناقض أصوله وتفريعاته تحقيقاً.

محمدعبداللطيف
2019-02-18, 08:50 PM
المسألة الأولى: لم أجد في علماء الأمة من هو أحسن كلاماً من القاضي أبي طالب في مسألة أهل الفترات، وهذا يدركه من قرأ كتابه بجزئيه بتمعّن وتدبر. بل كلام بن القيم هو الموافق لاصول الكتاب والسنة - وموجب الأحاديث هو الموافق للقرآن وقواعد الشرع ؛ فهي تفصيل لمَا أخبر به القرآن أنه لا يعذَّب أحد إلا بعد قيام الحجة عليه ، وهؤلاء لم تُقَم عليهم حجة الله في الدنيا ، فلا بُدَّ أن يقيم حجته عليهم ، وأحق المواطن أن تُقام فيه الحجة : يوم يقوم الأشهاد ، وتُسمع الدعاوى ، وتُقام البينات ، ويَختصم الناس بين يدي الرب ، وينطق كلُّ أحدٍ بحجته ومعذرته ، فلا تنفع الظالمين معذرتهم ، وتنفع غيرهم .
* أنه قد صحَّ بذلك القول بها عن جماعة من الصحابة ، ولم يصح عنهم إلا هذا القول ، وأحاديث الامتحان : صحت -
قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - :
أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح ، كما قد نص على ذلك غير واحد من أئمة العلماء ، ومنها ما هو حسن ، ومنها ما هو ضعيف يقوَى بالصحيح والحسن ، وإذا كانت أحاديث الباب الواحد متعاضدة على هذا النمط : أفادت الحجة عند الناظر فيها * أن أمرهم بدخول النار ليس عقوبة لهم ، وكيف يعاقبهم على غير ذنب ؟ وإنما هو امتحان واختبار لهم ، هل يطيعونه أو يعصونه ، فلو أطاعوه ودخلوها : لم تضرهم ، وكانت عليهم برداً وسلاماً ، فلما عصوه وامتنعوا من دخولها : استوجبوا عقوبةَ مخالفةِ أمرِه ، والملوك قد تمتحن مَن يُظهر طاعتهم هل هو منطوٍ عليها بباطنه ، فيأمرونه بأمرٍ شاقٍّ عليه في الظاهر ، هل يوطِّن نفسه عليه أم لا ، فإن أقدم عليه ووطن نفسه على فعله : أعفوه منه ، وإن امتنع وعصى : ألزموه به ، أو عاقبوه بما هو أشد منه .
وقد أمر الله سبحانه الخليل بذبح ولده ، ولم يكن مراده سوى توطين نفسه على الامتثال والتسليم ، وتقديم محبة الله على محبة الولد ، فلما فعل ذلك : رَفع عنه الأمر بالذبح .
وأما أن ذلك "ليس ذلك في وسع المخلوقين " فقد أجاب عنه ابن القيم من وجهين :
أحدهما : أنه في وسعهم ، وإن كان يشق عليهم ، وهؤلاء عبَّاد النار ، يتهافتون فيها ، ويُلقون أنفسهم فيها ؛ طاعةً للشيطان ، ولم يقولوا " ليس في وسعنا " ، مع تألمهم بها غاية الألم ، فعبَاد الرحمن إذا أمرهم أرحم الراحمين بطاعته باقتحامهم النار : كيف لا يكون في وسعهم ، وهو إنما يأمرهم بذلك لمصلحتهم ومنفعتهم ؟ .
الثاني : أنهم لو وطَّنوا أنفسهم على اتباع طاعته ومرضاته : لكانت عين نعيمهم ، ولم تضرَّهم شيئاً .
قال رحمه الله :
" فالسنَّة ، وأقوال الصحابة ، وموجب قواعد الشرع وأصوله : لا تُردُّ بمثل ذلك ، والله أعلم "
انظر : " أحكام أهل الذمة " ( 2 / 1148 – 1158 ) .- والله يقضى بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ------


المسألة الثانية: من عبد الله وحده في أي زمان ومكان فهو من أهل الجنة. نعم
المسألة الثالثة: من عبد غير الله في أي زمان ومكان فهو من أهل النار،نعم صحيح -
والامتحان عندنا قول ضعيف لا دليل عليه لا عقلا ولا أثراً. بل العقل الصريح لا يرد ذلك - اما النقل الصحيح قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - :
أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح ، كما قد نص على ذلك غير واحد من أئمة العلماء ، ومنها ما هو حسن ، ومنها ما هو ضعيف يقوَى بالصحيح والحسن ، وإذا كانت أحاديث الباب الواحد متعاضدة على هذا النمط : أفادت الحجة عند الناظر -
المسألة الرابعة: من لم يكن عنده توحيد ولا شرك على القول بوجوده كما قرّره بعض العلماء كالقاضي أبي طالب والمسعودي وأبو الشكور السالمي هذا موجود فى العالم الافتراضى- او فى المخيلة والاذهان فقط واما فى الواقع- قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله ((اعلم أن من تصور حقيقة أي شيء على ما هو عليه في الخارج وعرف ماهيته بأوصافها الخاصة عرف ضرورة ما يناقضه ويضاده.وإنما يقع الخفاء بلبس إحدى الحقيقتين، أو بجهل كلا الماهيتين. ومع انتفاء ذلك وحصول التصور التام لهما لا يخفى ولا يلتبس أحدهما بالآخر. وكم هلك بسبب قصور العلم وعدم معرفة الحدود والحقائق من أمة، وكم وقع بذلك من غلط وريب وغمة. مثال ذلك: أن الإسلام والشرك نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان.-
المسألة الخامسة: الحكم بالجنة لمن عبد غير الله عاقلا بالغاً مخالف لدين المرسلين، معلوم البطلان باليقين عندي بعد التأمل في الدلائل، وهذا هو المحذور الذي أخالفك فيه مع أنه قول متناقض في نفسه كما سبق في بعض المشاركات.نعم الحكم بالجنة لمن عبد غير الله عاقلا بالغا مخالف لدين الاسلام - معلوم البطلان باليقين ولا خلاف فى ذلك
وهذا هو المحذور الذي أخالفك فيهانا لا اخالفك فيه وليس هذا موضع الخلاف - وهذا من الحَيْدَة فى النقاش اما المسألة السادسة فقد تم الجواب عليها وسأجيبك عليها بعد قليل ان شاء الله

الطيبوني
2019-02-18, 09:09 PM
صحَّ بذلك القول بها عن جماعة من الصحابة



لعلك تنقلها للفائدة بارك الله فيك

محمدعبداللطيف
2019-02-18, 09:14 PM
المسألة السادسة: أصل الإشكال يتضح بالجواب عن هذا السؤال: هل البالغ العاقل مكلف بالتوحيد وترك الشرك والتنديد قبل بلوغ الحجة السمعية إليه إن فرض وجود هذا الصنف في الدنيا؟ أجب عن هذا السؤال وبعده لكل حادث حديث.لكل حادث حديث.
العاقل المكلف لا يخرج عن الاسلام او الكفر - وهذا العاقل كما تقدم قامت عليه حجج الله وبيناته فى بطلان الشرك - قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله-(( ذكر لهم حجتين يدفعهما هذا الإشهاد، إحداهما؛ {أن تقولوا إنا كنا عن هذا غافلين}، فتبين أن هذا علم فطري ضروري لا بد لكل بشر من معرفته، وذلك يتضمن حجة الله في إبطال التعطيل، وإن القول بإثبات الصانع علم فطري ضروري، وهو حجة على نفي التعطيل، والثاني؛ {أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم}، وهذا حجة لدفع الشرك كما أن الأول حجة لدفع التعطيل، فالتعطيل مثل كفر فرعون ونحوه والشرك مثل شرك المشركين من جميع الأمم، وقوله: {أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل}، وهم آباؤنا المشركون وتعاقبنا بذنوب غيرنا، وذلك أنه لو قدر أنه لم يكونوا عارفين بأن الله ربهم ووجدوا آباءهم مشركين وهم ذرية من بعدهم، ومقتضى الطبيعة العادية أن يحتذي الرجل حذو أبيه حتى في الصناعات والمساكن والملابس والمطاعم، إذ كان هو الذي رباه، ولهذا كان أبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه، فإذا كان هذا مقتضى العادة الطبيعية ولم يكن في فطرتهم وعقولهم ما يناقض ذلك قالوا: نحن معذورون وآباؤنا هم الذين أشركوا ونحن كنا ذرية لهم بعدهم تبعناهم بموجب الطبيعة المعتادة ولم يكن عندنا ما يبين خطأهم، فإذا في فطرتهم ما شهدوا به من أن الله وحده هو ربهم، كان معهم ما يبين بطلان الشرك وهو التوحيد الذي شهدوا به على أنفسهم، فإذا احتجوا بالعادة الطبيعية من اتباع الآباء كانت الحجة عليهم الفطرة الطبيعية العقلية السابقة لهذه العادة الأبوية، كما قال صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه"، فكانت الفطرة الموجبة للإسلام سابقة للتربية التي يحتجون بها، وهنا يقتضي أن نفس العقل الذي به يعرفون التوحيد حجة لبطلان الشرك لا يحتاج ذلك إلى رسول، فإنه جعل ما تقدم حجة عليهم بدون هذا. وهنا لا يناقض قوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}، فإن الرسول يدعوا إلى التوحيد، ولكن إن لم يكن في الفطرة دليل عقلي يعلم به إثبات الصانع لم يكن في مجرد الرسالة حجة عليهم، فهذه الشهادة على أنفسهم التي تتضمن إقرارهم بأن الله ربهم ومعرفتهم بذلك، وأن هذه المعرفة والشهادة أمر لازم لكل بني آدم به تقوم حجة الله تعالى في تصديق رسله، فلا يمكن أحدا أن يقول يوم القيامة: إني كنت عن هذا غافلا، ولا أن الذنب كان لأبي المشرك دوني، لكونه عارف بأن الله ربه لا شريك له، فلم يكن معذورا في التعطيل والإشراك بل قام به ما يستحق به العذاب، ثم إن الله سبحانه - لكمال رحمته وإحسانه - لا يعذب أحدا إلا بعد إرسال رسول إليهم، وإن كانوا فاعلين لما يستحق به الذم والعقاب، كما كان مشركو العرب وغيرهم ممن بعث إليهم رسول، فاعلين للسيئات والقبائح التي هي سبب الذم والعقاب، والرب تعالى - مع هذا - لم يكن معذبا لهم حتى يبعث إليهم رسولا ))-[ درء تعارض العقل والنقل ج 8 ص490 ]-------وقال بن القيم -فإذا كان هذا مقتضى العادة والطبيعة، ولم يكن في فطرهم وعقولهم ما يناقض ذلك، قالوا: نحن معذورون وآباؤنا الذين أشركوا، ونحن كنا ذرية لهم بعدهم، ولم يكن عندنا ما يبين خطأهم. فإذا كان في فطرهم ما شهدوا به من أن الله وحده هو ربهم، كان معهم ما يبين بطلان هذا الشرك وهو التوحيد الذي شهدوا به على أنفسهم. فإذا احتجوا بالعادة الطبيعية من اتباع الآباء كانت الحجة عليهم الفطرة الطبيعية الفعلية السابقة لهذه العادة الطارئة، وكانت الفطرة الموجبة للإسلام سابقة للتربية التي يحتجون بها؛ وهذا يقتضي أن نفس العقل الذي به يعرفون التوحيد حجة في بطلان الشرك لا يحتاج ذلك إلى رسول، فإنه جعل ما تقدم حجة عليهم بدون هذا، وهذا لا يناقض قوله –تعالى-: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً). فإن الرسول يدعو إلى التوحيد ولكن الفطرة دليل عقلي يعلم به إثبات الصانع بياض في الأصل، والسياق يقتضي وضع "وإلا" لم يكن في مجرد الرسالة حجة عليهم فهذه الشهادة على أنفسهم التي تتضمن بأن الله ربهم، ومعرفتهم أمر لازم لكل بني آدم به تقوم حجة الله في تصديق رسله فلا يمكن أحداً أن يقول يوم القيامة: إني كنت عن هذا غافلاً ولا أن الذنب كان لأبي المشرك دوني لأنه عارف بأن الله ربه لا شريك له فلم يكن معذوراً في التعطيل والإشراك بل قام به ما يستحق به العذاب ثم إن الله –سبحانه- لكمال رحمته وإحسانه- لا يعذب أحداً إلا بعد إرسال الرسول إليه وإن كان فاعلاً لما يستحق به الذم والعقاب فلله على عبده حجتان قد أعدهما عليه لا يعذبه إلا بعد قيامهما: إحداهما: ما فطره وخلقه عليه من الإقرار بأنه ربه ومليكه وفاطره وحقه عليه لازم. والثاني: إرسال رسله إليه بتفصيل ذلك وتقريره وتكميله فيقوم عليه شاهد الفطرة والشرعة ويقر على نفسه بأنه كان كافراً كما قال –تعالى-: (وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ) [الأنعام: 130]، فلم ينفذ عليه الحكم إلا بعد إقرار وشاهدين وهذا غاية العدل ))[ أحكام أهل الذمة ج 2 ص 1011 ] ----------------------------------قال الشيخ صالح ال الشيخ - فإذن من قام به الشرك فهو مشرك؛ لأن كل مولود ولد على الفطرة، والله جل وعلا أقام الدلائل على وحدانيته في الأنفس وفي الآفاق، وهذه الدلائل حجة على المرء في أنه لا يعذر في أحكام الدنيا بارتكاب الكفر والشرك؛ نعني بأحكام الدنيا ما يتعلق بالمكلف من حيث علاقته بهذا الذي قام به هذا الشرك، من جهة الاستغفار له والأضحية عنه ونحو ذلك.
أما الأشياء التي مرجعها إلى الإمام مثل استحلال الدم والمال والقتال ونحو ذلك فهذه إنما تكون بعد الإعذار وقيام الحجة.---------اما التكليف الشرعى - يعنى الحجة الرسالية المستوجبة للعذاب - هذه مبنية على فهم ماسبق من كلام شيخ الاسلام بن تيمية وبن القيم والشيخ صالح ال الشيخ - وانا تعمدت ذكر ما سبق - حتى يفهم كلام بن القيم فى طريق الهجرتين فى ضوء ما سبق - قال بن القيم-((إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة)) وهذا المقلد ليس بمسلم، وهو عاقل مكلف، والعاقل المكلف لا يخرج عن الإسلام أو الكفر، وأما من لم تبلغه الدعوة فليس بمكلف في تلك الحال، وهو بمنزلة الأطفال والمجانين.
والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاء به، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم، وإن لم يكن كافراً معانداً فهو كافر جاهل فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين، وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفاراً)-------------------
ومن الجائز أن يدخله الله الجنة فضلا منه كما ينشيء للجنة قوما آخرين هذا الجواب كنت انتظره منك -فهل ما ينشئه الله للجنة من اقوام هل ينشئهم لها غير موحدين كما قال ابو طالب فى حالة الواقفة - هذا الاستدلال ليس فى محله

أبو محمد المأربي
2019-02-18, 09:20 PM
فهي تفصيل لمَا أخبر به القرآن أنه لا يعذَّب أحد إلا بعد قيام الحجة عليه ، وهؤلاء لم تُقَم عليهم حجة الله في الدنيا ، فلا بُدَّ أن يقيم حجته عليهم.....فلا تنفع الظالمين معذرتهم ، وتنفع غيرهم...
هذا موجود فى العالم الافتراضى- او فى المخيلة والاذهان فقط واما فى الواقع....نعم الحكم بالجنة لمن عبد غير الله عاقلا بالغا مخالف لدين الاسلام - معلوم البطلان باليقين ولا خلاف فى ذلكانا لا اخالفك فيه وليس هذا موضع الخلاف - وهذا من الحَيْدَة فى النقاش اما المسألة السادسة فقد تم الجواب عليها وسأجيبك عليها بعد قليل ان شاء الله
القول بأن هناك من عبد غير الله في الدنيا ولم تقم عليه حجة الله حقيقةً أو حكماً هي مجرّد دعوى لا دليل عليها بل مخالفة لآيات الكتاب والسنة فلا أعوّل عليه فتلك مجرد مصادرة على المطلوب.

ذكرتَ أن ذلك اليوم (لا ينفع الظالمين معذرتهم)! أليس المشرك في الدنيا من الظالمين لأنفسهم بالشرك فكيف تنفعه معذرته في الآخرة؟

الصنف الثالث من أهل الفترة لا يهمّني وجودهم أو عدمهم، فإن من دأب العلماء بيان حكم المقدّرات والمفترضات فما العيب في ذلك؟ ورغم هذا لم تستطع إلى الآن أخي الكريم بالدليل العقلي والسمعي عدم وجودهم، ومما قد يشهد لذلك: أن التوحيد علم وعمل، والمشرك جاهل مركب، والخلوّ من ذلك جهل بسيط.

سلّمتَ بأن الحكم بالجنة لمن عبد غير الله عاقلا بالغا مخالف لدين الاسلام - معلوم البطلان باليقين، وقلت: أنك لا تخالفني في ذلك وأن النقاش ليس في هذا؟؟؟

هذا - أخي - من الاضطراب الفكري الذي يلازم فكرة الامتحان ضرورة!

وبيانه: أن الفتريّ عاقل بالغ عابد للأوثان من إدراكه إلى مماته، ورغم هذا فإنه قد يدخل الجنة في الآخرة بعد الامتحان!

قل لي بربك: ألم تحكم بدخول مشرك بالغ عاقل الجنة والخلود فيها؟

كيف تقول: أن الحكم بالجنة لمن عبد الأوثان مخالف لدين المرسلين بالقطع واليقين وأنك لا تخالف في هذا؟ وأن النـزاع ليس في هذا؟

محمدعبداللطيف
2019-02-18, 09:30 PM
لعلك تنقلها للفائدة بارك الله فيكبارك الله فيك اخى الطيبونى -عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بأربعة يوم القيامة : بالمولود، والمعتوه، ومن مات في الفترة، والشيخ الفاني، كلهم يتكلم بحجته، فيقول الرب تبارك وتعالى لعُنُق من النار: أُبْرزْ، ويقول لهم: إني كنت أبعث إلى عبادي رسلا من أنفسهم، وإني رسول نفسي إليكم، اُدخلوا هذه ( أي النار )، قال : فيقول من كتب عليه الشقاء: يا رب أنى ندخلها ومنها كنا نفرّ، قال: ومن كتب عليه السعادة يمضي فيقتحم فيها مسرعاً، قال: فيقول الله تعالى أنتم لرسلي أشد تكذيبا ومعصية ، فيدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار".
رواه أبو يعلى ( 4224)، وله شواهد كثيرة ذكرها الحافظ ابن كثير في " التفسير ( 3 /29-31) والحديث قواه ابن القيم وأجاب عن العلة بقوله في طريق الهجرتين (ص 657 ) : ورواه أبو نعيم عن فضيل بن مرزوق فوقفه ، فهذا وإن كان فيه عطية فهو ممن يعتبر بحديثه ويستشهد به وإن لم يكن حجة ---جاءَت بذلك آثار كثيرة يؤيد بعضها بعضاً: فمنها ما رواه الإمام أحمد [فى مسنده] والبزار أيضاً بإسناد صحيح، فقال الإمام أحمد: حدثنا معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الأحنف بن قيس عن الأسود بن سريع - أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "أربعة يحتجون يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع، ورجل هرم، ورجل أحمق، ورجل مات فى الفترة، أما الأصم فيقول: رب لقد جاءَ الإسلام وأنا ما أسمع شيئاً، وأما الأحمق فيقول: رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحدفوننى بالبعر، وأما الهرم [رب لقد جاء الإسلام وما أغفل وأما الذى فى الفترة] فيقول: رب ما أتانى رسول، فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه. فيرسل إليم رسولاً أن ادخلوا النار، فوالذى نفسى بيده لو دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاماً"، قال معاذ [بن هشام]: وحدثنى أبى عن قتادة عن الحسن عن أبى رافع عن أبى هريرة بمثل هذا الحديث وقال فى آخره: "فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً ومن لم يدخلها رد إليها".
وهو فى مسند إسحاق عن معاذ بن هشام أيضاً، ورواه البزار ولفظه عن الأسود ابن سريع - عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "يعرض على الله تبارك وتعالى الأصم الذى لا يسمع شيئاً، والأحمق والهرم، ورجل مات فى الفترة، فيقول الأصم: رب جاء الإسلام وما أسمع شيئاً، والأحمق يقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئاً يقول الذى مات فى الفترة: رب ما أتانى لك رسول، وذكر الهرم وما يقول، قال: فيأخذ مواثيقهم ليطيعنّه، فيرسل إليهم [تبارك وتعالى]: ادخلوا النار، فوالذى نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاماً" ---قال الشيخ بن باز -الصحيح من أقوال العلماء أن أهل الفترة يمتحنون يوم القيامة، ويؤمرون، فإن أجابوا وأطاعوا دخلوا الجنة، وإن عصوا دخلوا النار، وجاء في هذا عدة أحاديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وعن الأسود بن سريع التميمي وعن جماعة، كلها تدل على أنهم يمتحنون يوم القيامة، ويخرج لهم عنق من النار، ويؤمرون بالدخول فيه، فمن أجاب صار عليه برداً وسلاماً، ومن أبى التف عليه وأخذه وصار إلى النار، نعوذ بالله من ذلك. فالمقصود أنهم يمتحنون، فمن أجاب وقبل ما طلب منه وامتثل دخل الجنة، ومن أبى دخل النار، هذا هو أحسن ما قيل في أهل الفترة.

أبو محمد المأربي
2019-02-18, 09:52 PM
هذا الجواب كنت انتظره منك -فهل ما ينشئه الله للجنة من اقوام هل ينشئهم لها غير موحدين كما قال ابو طالب فى حالة الواقفة - هذا الاستدلال ليس فى محله رجاءً لا تتسرّع في التعليق على كلام غيرك قبل فهم مغزاه؛ لأن هذا الاعتراض غير وارد أصلا؛ فهؤلاء الذين نتكلّم عنهم لا توحيد ولا شرك معهم من الدنيا فيجازون بالنار في الشرك، أو بالجنة في التوحيد.

وفي الآخرة كلّ واحد من الخلائق قد بلغ إلى عين اليقين وعلم اليقين ولا كافر حينئذ فإنها ساعة الحقيقة، وكلّ واحد وإن كان أعتى الخلق في الدنيا فهو مؤمن لكن لا ينفعه إيمانه.

أما وجه الشبه بين القوم الذي ينشئ الله للجنة، وبين هؤلاء فهو أنّ كلّا منهما موحّد في ذلك الوقت، ولا عمل له سابق يجازى به في الآخرة؛ فكلاهما يدخل الجنة بفضل الله ورحمته.

والفارق بين الفريقين: أنه أحدهما منصوص بدخوله الجنة، والثاني من الجائزات العقلية.. فتأمّل وجه الشبه ووجه الاستشهاد بارك الله فيك.

محمدعبداللطيف
2019-02-18, 10:21 PM
القول بأن هناك من عبد غير الله في الدنيا ولم تقم عليه حجة الله حقيقةً أو حكماً هي مجرّد دعوى- لا دليل عليها - بل مخالفة لآيات الكتاب والسنة - فلا أعوّل عليه فتلك مجرد مصادرة على المطلوب.
رحمك الله يا مأربى - من هو الذى يصادر ؟


ذكرتَ أن ذلك اليوم (لا ينفع الظالمين معذرتهم)! أليس المشرك في الدنيا من الظالمين لأنفسهم بالشرك فكيف تنفعه معذرته في الآخرةذَٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ - قال ابو جعفر الطبرى -(وأهلها غافلون)، يقول: لم يكن يعاجلهم بالعقوبة حتى يبعث إليهم رسلا تنبههم على حجج الله عليهم, وتنذرهم عذاب الله يوم معادهم إليه, ولم يكن بالذي يأخذهم غَفْلة فيقولوا: مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ .
* * *
والآخر: (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم)، يقول: لم يكن ليهلكهم دون التنبيه والتذكير بالرُّسل والآيات والعبر, فيظلمهم بذلك, والله غير ظلامٍ لعبيده . (47)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصواب عندي، القولُ الأول: أن يكون معناه: أن لم يكن ليهلكهم بشركهم، دون إرسال الرسل إليهم، والإعذار بينه وبينهم. وذلك أن قوله: (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم)، عقيب قوله: أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي ، فكان في ذلك الدليل الواضحُ على أن نصَّ قوله: (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم)، إنما هو: إنما فعلنا ذلك من أجل أنَّا لا نهلك القرى بغير تذكيرٍ وتنبيه .----وقال بو جعفر - قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثنا أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ) قال: الله لم يهلك قرية بإيمان, ولكنه يهلك القرى بظلم إذا ظلم أهلها, ولو كانت قرية آمنت لم يهلكوا مع من هلك, ولكنهم كذّبوا وظلموا, فبذلك أُهلكوا.-------قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله: وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الرِّسَالَةِ وَمَا بَعْدَهَا فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ، وَذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَى الطَّائِفَتَيْن ِ: عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ الْأَفْعَالَ لَيْسَ فِيهَا حَسَنٌ وَقَبِيحٌ. وَمَنْ قَالَ: إنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ سَمَّاهُمْ ظَالِمِينَ وَطَاغِينَ وَمُفْسِدِينَ، لِقَوْلِهِ (اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى) وَقَوْلِهِ (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ) وَقَوْلِهِ (إنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) فَأَخْبَرَ أَنَّهُ ظَالِمٌ وَطَاغٍ وَمُفْسِدٌ هُوَ وَقَوْمُهُ وَهَذِه أَسْمَاء ذَمّ الْأَفْعَالِ، وَالذَّمُّ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ السَّيِّئَةِ الْقَبِيحَةِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ تَكُونُ قَبِيحَةً مَذْمُومَةً قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ إلَّا بَعْدَ إتْيَانِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ؛ لِقَوْلِهِ (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا). وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ عَنْ هُودَ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْإلَهٍ غَيْرُهُ إنْ أَنْتُمْ إلَّا مُفْتَرُونَ) فَجَعَلَهُمْ مُفْتَرِينَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِحُكْمِ يُخَالِفُونَهُ، لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَاسْمُ الْمُشْرِكِ ثَبَتَ قَبْلَ الرِّسَالَةِ، فَإِنَّهُ يُشْرِكُ بِرَبِّهِ وَيَعْدِلُ بِهِ وَيَجْعَلُ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى وَيَجْعَلُ لَهُ أَنْدَادًا قَبْلَ الرَّسُولِ وَيُثْبِتُ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَهْلِ وَالْجَاهِلِيَّ ةِ يُقَالُ: جَاهِلِيَّةً وَجَاهِلًا قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ وَأَمَّا التَّعْذِيبُ فَلَا. وَالتَّوَلِّي عَنْ الطَّاعَةِ كَقَوْلِهِ (فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى) (وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) فَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الرَّسُولِ مِثْلَ قَوْلِهِ عَنْ فِرْعَوْنَ. (فَكَذَّبَ وَعَصَى) كَانَ هَذَا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى (فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى * فَكَذَّبَ وَعَصَى) وَقَالَ (فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) الفتاوى 20/38 ”---قال شيخ الاسلام- أن الاسم الواحد ينفى ويثبت بحسب الأحكام المتعلقة به،فلا يجب إذا أثبت أو نفى في حكم أن يكون كذلك في سائر الأحكام،وهذا في كلام العرب وسائر الأمم؛

أبو محمد المأربي
2019-02-18, 10:28 PM
أخي محمد ...
هذه أحاديث لا حجة ولا متعلّق فيها لوجوه ثلاثة:

الأول في الثبوت: وهو أنها أحاديث معلولة عند أهل العلم كما نقل الإمام ابن عبد البر و الداودي وابن بطال وغيرهم. والصناعة الحديثية تشهد لما قالوا كما سبق بيان ذلك في بعض المناسبات.

وخذ مثالا لذلك حديث أنس الذي ذكرته اختلف عنه على طرق:

الأولى: ليث بن أبي سليم عن عبد الوارث عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث، وهو حديث منكر؛ لأنه من رواية ليث بن أبي سليم (صدوق اختلط جدا ولم يتميّز حديثه فترك) عن عبد الوارث (أنصاري قلّ حديثه، قال الدارقطني: ضعيف). وقال البخاري: منكر الحديث. وقال الترمذي سألت محمّدا عن عبد الوارث هذا فقال: هو رجل مجهول. وقال ابن معين في رواية ابن أبي خيثمة: مجهول. وقال ابن حزم: مجهول.

وهذا سند ضعيف منكر فيه علل متعددة وهي:

أولا: ضعف عبد الوارث كما تقدم.

ثانيا: ضعف ليث بن أبي سليم، قال في التقريب: اختلط جدا، ولم يتميز حديثه فترك.

ثالثا: المخالفة في الإسناد والمتن، ولها أوجه:

1- يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" سألت ربي اللاهين من ذرية البشر ألّا يعذّبهم فأعطانيهم".

2- عبد الرحمن بن إسحاق المدني عن الزهري عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" سألت الله اللاهين من ذرية البشر فأعطانيهم"

3- عبد الرحمن بن إسحاق القرشي عن محمد بن المنكدر عن أنس عن رسول الله:" سألت ربي اللاهين من ذريّة البشر فوهبهم".

4- عن مبارك بن فضالة عن علي بن زيد بن جدعان عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطفال المشركين خدم أهل الجنة.
هذه أحاديث يزيد الرقاشي، وعلي بن زيد بن جدعان، ورواية مختار بن أبي مختار عن عبد الوارث، وهي مخالفة في المتن والإسناد، فلا يصح الحديث من هذا الوجه.

ومن صحّحه من المعاصرين، فقد أخطأ لأن هذا لا يصلح للتقوية لما علم من أن الشاذ والمنكر في أحد قسميه لا يصلح للاعتبار.

5- محمد بن إسحاق عن مختار بن أبي مختار عن عبد الوارث عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المولود في الجنة والموءودة في الجنة).وذكر ثالثا فذهب عني. ابن إسحاق لم يصرح بالتحديث، ومختار لم يذكر فيه البخاري في التاريخ وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل جرحا ولا تعديلا وذكره ابن حبان في الثقات.

وهذا أيضا سند ضعيف مسلسل بالعلل، فابن إسحاق مدلس ولم يصرح، ومختار مجهول كما في الميزان، وبه ضعفه الهيثمي في المجمع ( 7/219).

وعبد الوارث قد سبق الكلام فيه .
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه في الجرح والتعديل (6/74 ): هو شيخ ، وهو مولى أنس على الراجح.

الوجه الثاني من جهة الدلالة: أن الذي فيها:(ورجل مات في الفترة) وليس فيها أنه كان مشركا عابداً للأوثان إلا في رواية موضوعة.

الوجه الثالث: المعارض القطعي، وهو أدلة الكتاب والسنة والاعتبار: أن الجنة حرام على المشرك وأنه لن يدخل الجنة حتى يلج في سم الخياط.

الخلاصة: هي أحاديث معلولة من حيث الأسناد؛ ضعيفة الدلالة على المراد، معارضة بأقوى منها في جميع الجهات.

محمدعبداللطيف
2019-02-18, 10:38 PM
هذه أحاديث لا حجة ولا متعلّق فيها لوجوه ثلاثة:

الأول في الثبوت: وهو أنها أحاديث معلولة عند أهل العلم قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - :
أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح ، كما قد نص على ذلك غير واحد من أئمة العلماء ، ومنها ما هو حسن ، ومنها ما هو ضعيف يقوَى بالصحيح والحسن ، وإذا كانت أحاديث الباب الواحد متعاضدة على هذا النمط : أفادت الحجة عند الناظر فيها

أبو محمد المأربي
2019-02-18, 11:07 PM
قال الحافظ ابن عبد البر: (وجملة القول في أحاديث هذا الباب كلّها ما ذكرتُ منها وما لم أذكر أنها من أحاديث الشيوخ، وفيها علل، وليست من أحاديث الأئمة الفقهاء، وهو أصل عظيم، والقطع فيه بمثل هذه الأحاديث ضعيف في العلم والنظر، مع أنه قد عارضها ما هو أقوى مجيئا منها والله الموفق للصواب)

وقال أيضا: (وهي كلها أسانيد ليس بالقوية ولا يقوم بها حجة وقد ذكرناها بأسانيدها في التمهيد. وأهل العلم ينكرون أحاديث هذا الباب؛ لأن الآخرة دار جزاء، وليست دار عمل، ولا ابتلاء، وكيف يكلّفون دخول النار، وليس ذلك في وسع المخلوقين، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يخلوا أمر من مات في الفترة من أن يموت كافرا، أو غير كافر إذا لم يكفر بكتاب الله ولا رسول، فإن كان قد مات كافرا جاحدا، فإن الله قد حرّم الجنة على الكافرين، فكيف يمتحنون؟

وإن كان معذورا بأن لم يأته نذير ولا أرسل إيه رسول فكيف يؤمر أن يقتحم النار وهي أشد العذاب، والطفل، ومن لا يعقل أحرى بأن لا يمتحن بذلك. وإنما أدخل العلماء في الباب النظر؛ لأنه لم يصح عندهم فيه الأثر).

وقال الإمام أبو الحسن ابن بطال: (وأما من قال: إنهم يمتحنون في الآخرة، فهو قول لا يصح لأن الآثار الواردة بذلك ضعيفة لا تقوم بها حجة، والآخرة دار جزاء ليست دار عمل وابتلاء).

وقال الإمام ابن جرير الطبري في قوله تعالى:{يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار}
يقول تعالى ذكره: ذلك يوم لا ينفع أهل الشرك اعتذارهم لأنهم لا يعتذرون إن اعتذروا إلا بباطل، وذلك أن الله قد أعذر إليهم في الدنيا، وتابع عليهم الحجج فيها فلا حجة لهم في الآخرة إلا الاعتصام بالكذب بأن يقولوا:{والله ربنا ما كنا مشركين})

السؤال: إذا كان البالغ العاقل مكلفا بالتوحيد وترك الشرك قبل العلم بالحجة السمعية، وكان مشركا مجرما آثما كما وصف حاله: فعله وقوله؛ فهل يدخل الجنة نفس غير مسلمة؟
لماذا لا تجيب؟

أبو محمد المأربي
2019-02-18, 11:24 PM
تأمّل إن شئت هذه الدلائل وأخبرني مخرج المشرك الفتري منها
1- أن الله إذا نزل لفصل القضاء نادى مناد يقول:(إلا لتتبع كل أمة ما كانت تعبد من دون الله عز وجل فتتبع الشياطين والصلب أولياءهم إلى جهنم. قال: وبقينا أيّها المؤمنين فيأتينا ربنا وهو ربنا وهو يثيبنا. فيقول: علام هؤلاء؟ فيقولون: نحن عباد الله المؤمنين آمنا بالله لا نشرك به شيئا وهذا مقامنا حتى يأتينا ربنا وهو ربنا وهو يثيبنا....) من حديث أبي هريرة في الصحيح.
السؤال: المشرك الفتري هل هو من أهل التوحيد؟، أو من أهل الأوثان الذين يدخلون جهنم حتى يبقى أهل التوحيد مخلصهم ومنافقهم؟

- وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه(..ينادي مناد ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم،حتى يبقى من كان يعبد الله من برّ أو فاجر، وغُبّرات من أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب؛ فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد عزير ابن الله فيقال: كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون قالوا: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا فيتساقطون في جهنم.ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله. فيقال: كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا فيقال: اشربوا فيتساقطون في جهنم. حتى يبقى من كان يعبد الله من برّ أو فاجر فيقال لهم ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم وإنا سمعنا مناديا ينادي ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون وإنما ننتظر ربنا...) وهو في الصحيح أيضا.

السؤال: كل من عبد غير الله يتبع معبوده حتى يرد النار، فيبقى أهل التوحيد برّهم وفاجرهم، وبقايا من أهل الكتاب.
وإذا كان الأمر كذلك فالمشرك الفتري من أيّ حزب يكون؟ أيكون من أهل الأوثان؟ أم يكون من أهل التوحيد؟

- وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا:(إذا حشر الناس يوم القيامة، قاموا أربعين سنة على رءوسهم الشمس، شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون الفصل، كلّ برّ منهم وفاجر، لا يتكلم منهم بشر. ثم ينادي مناد: أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم وصوركم ورزقكم، ثم عبدتم غيره أن يتولّى كل قوم ما تولّوا في الدنيا؟ فيقولون: بلى. فينادي بذلك ملك ثلاث مرات، ثم يمثّل لكل قوم آلهتهم التي كانوا يعبدونها، فيتبعونها حتى توردهم النار. ويبقى المؤمنون والمنافقون، فيخرّ المؤمنون سجّدا، وتدمج أصلاب المنافقين فتكون عظما واحدا كأنها صياصي البقر، ويخرون على أقفيتهم...). أخرجه إسحاق والنسائي وابن خزيمة والحاكم والدارقطني وغيرهم وهو حديث صحيح عند الأئمة وفي الباب أحاديث أخرى.
في هذه الأحاديث وغيرها: أن الله سبحانه تعالي إذا نزل يوم القيامة لفصل القضاء قسّم الخلائق إلى صنفين أهل توحيد وأهل إشراك، فيمثّل لكل مشرك معبوده في الدنيا فيؤمر باتّباعهم لها فيردون جهنم وبئس المصير، وأنه يبقى في الصعيد أهل التوحيد وأهل النفاق، فيميّز الله بين أهل الصدق وبين المنافقين بما ذكر في الحديث.
السؤال: المشرك الفتري مع أي الفرق ذهب؟

- توارد الكتاب والسنة الصحيحة أن من عبد غير الله في الدنيا في أي زمان فلا بدّ أن يعذّب في جهنم بشرك وكفره وأن يجازى في النيران.

- إذا كان يوم القيامة ترفع لأهل الأوثان نار لكنها نار عذاب وعقاب لا نار امتحان ونعيم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا:(تخرج عنق من النار يوم القيامة لها عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق، يقول: إني وكّلتُ بثلاثة؛ بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلها آخر، وبالمصوّرين). أخرجه الإمام الترمذي (2574) وأحمد في المسند (2/326) و(3/40) و(6/110).قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. وقد رواه بعضهم عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد عن النبي نحو هذا.

مقتضى مذهبك: عبّاد الأوثان مشركون في الدنيا، أما في الآخرة فلا يكونون من أهل الأوثان، بل يبقون في أهل التوحيد، لأن شركهم في الدنيا لا يجازون عليه بل بأمر آخر وهو الامتحان، وهذه مناقضة صريحة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المبيّنة في حديث أبي هريرة وأبي سعيد وجابر وابن مسعود وغيرهم.

محمدعبداللطيف
2019-02-19, 01:23 AM
مقتضى مذهبك: عبّاد الأوثان مشركون في الدنيا، أما في الآخرة فلا يكونون من أهل الأوثان، بل يبقون في أهل التوحيد، لأن شركهم في الدنيا لا يجازون عليه بل بأمر آخر وهو الامتحان، وهذه مناقضة صريحة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المبيّنة في حديث أبي هريرة وأبي سعيد وجابر وابن مسعود وغيرهم. بارك الله فيك - مقتضى مذهبنا ألَّا يعذب الله العاجز عن السؤال المريد للهدى المؤثر له المحب له، الغير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده يقول: يا رب لو أعلم لك ديناً خيراً مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره، فهو غاية جهدى ونهاية معرفتى كمن طلب الدين فى الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع فى طلبه عجزاً وجهلاً-قال بن القيم -والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل فهذا مقطوع به في جملة الخلق وأما كون زيد بعينه وعمرو قامت عليه الحجة أم لا فذلك ما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول هذا في الجملة والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه

هذا في أحكام الثواب والعقاب وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم وبهذا التفصيل يزول الإشكال في المسألة -
بل يبقون في أهل التوحيد هذه من كِيسَك وليست فى كلامنا ولا من مقتضيات قولنا وليست فى كلام شيخ الاسلام بن تيمية وبن القيم ولا وردت بها الآثار--
لأن شركهم في الدنيا لا يجازون عليه بل بأمر آخر وهو الامتحان أسقط عمدا قولنا - مع عدم قيام الحجة الرسالية خوفا من مواجهة الحق الواضح المبين فى ان الاعذار فى العذاب لمن مات مشركا ولم تقم عليه الحجة الرسالية - والصواب ان تقول
لأن شركهم في الدنيا مع عدم قيام الحجة الرسالية لا يجازون عليه بمجرد الحجة العقلية بل بأمر آخر وهو الامتحان هكذا يستقيم نسبة القول الينا قال بن القيم - ثم إن الله –سبحانه- لكمال رحمته وإحسانه- لا يعذب أحداً إلا بعد إرسال الرسول إليه وإن كان فاعلاً لما يستحق به الذم والعقاب فلله على عبده حجتان قد أعدهما عليه لا يعذبه إلا بعد قيامهما: إحداهما: ما فطره وخلقه عليه من الإقرار بأنه ربه ومليكه وفاطره وحقه عليه لازم. والثاني: إرسال رسله إليه بتفصيل ذلك وتقريره وتكميله فيقوم عليه شاهد الفطرة والشرعة ويقر على نفسه بأنه كان كافراً كما قال –تعالى-: (وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ) [الأنعام: 130]، فلم ينفذ عليه الحكم إلا بعد إقرار وشاهدين وهذا غاية العدل ))[ أحكام أهل الذمة ج 2 ص 1011 ] ------ - اما قولك
بل يبقون في أهل التوحيد هذه فى مخيلتك - لانك تخيلت سابقا ارتفاع وخلو القلب من الشرك والتوحيد- وكذلك هذا الافتراض على العكس فى مخيلة الذين يعذرون بالجهل لانهم يتصورون اجتماع النقيضين - اما قولنا - فان الشرك والتوحيد ضدان لا يجتمعان ولا يرتفعان - ولا يجتمع اهلهما فى دين واحد لا فى الدنيا ولا فى الاخرة - ولا يرتفع الشرك والتوحيد -قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله -
((ولهذا كان كل من لم يعبد الله وحده فلابد أن يكون عابدا لغيره يعبد غيره فيكون مشركا، وليس في بني آدم قسم ثالث. بل إما موحد ، أو مشرك ، أو من خلط هذا بهذا كالمبدلين من أهل الملل : النصارى ومن أشبههم من الضلال ، المنتسبين إلى الإسلام)) مجموع الفتاوى ج 14 ----- وليس فيما صح من الاحاديث والاثار - وليس فى الكتاب والسنة ولا فى كلام الائمة المساواة بين اهل التوحيد الحنفاء -وبين اهل الشرك --فهذا موجود عند المجادلين والمدافعين والملتمسين الاعذار الواهية للقبوريين واهل الشرك - متسترين فى جدالهم عن اهل الشرك بمسألتنا هذه وهى الخلط بين الاسماء والاحكام فى مسألة قيام الحجة - ورثوا هذا الخلط والشبهات عن امامهم ومقدَّمهم داوود بن جرجيس وعثمان بن منصور-- اما نحن - فنحن ندين بما تقتضيه لا اله الا الله من البراءة من الشرك والمشركين فى الدنيا والآخرة - والقول بالامتحان لا يلزم منه اى لوازم باطلة - فبراهين صحته ساطعة واضحة اوضح من الشمس فى رابعة النهار--عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بأربعة يوم القيامة : بالمولود، والمعتوه، ومن مات في الفترة، والشيخ الفاني، كلهم يتكلم بحجته، فيقول الرب تبارك وتعالى لعُنُق من النار: أُبْرزْ، ويقول لهم: إني كنت أبعث إلى عبادي رسلا من أنفسهم، وإني رسول نفسي إليكم، اُدخلوا هذه ( أي النار )، قال : فيقول من كتب عليه الشقاء: يا رب أنى ندخلها ومنها كنا نفرّ، قال: ومن كتب عليه السعادة يمضي فيقتحم فيها مسرعاً، قال: فيقول الله تعالى أنتم لرسلي أشد تكذيبا ومعصية ، فيدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار".
رواه أبو يعلى ( 4224)، وله شواهد كثيرة ذكرها الحافظ ابن كثير في " التفسير ( 3 /29-31) والحديث قواه ابن القيم وأجاب عن العلة بقوله في طريق الهجرتين (ص 657 ) : ورواه أبو نعيم عن فضيل بن مرزوق فوقفه ، فهذا وإن كان فيه عطية فهو ممن يعتبر بحديثه ويستشهد به وإن لم يكن حجة -قال بن القيم-أن موجب هذه الأحاديث هو الموافق للقرآن وقواعد الشرع ؛ فهي تفصيل لمَا أخبر به القرآن أنه لا يعذَّب أحد إلا بعد قيام الحجة عليه ، وهؤلاء لم تُقَم عليهم حجة الله في الدنيا ، فلا بُدَّ أن يقيم حجته عليهم ، وأحق المواطن أن تُقام فيه الحجة : يوم يقوم الأشهاد ، وتُسمع الدعاوى ، وتُقام البينات ، ويَختصم الناس بين يدي الرب ، وينطق كلُّ أحدٍ بحجته ومعذرته ، فلا تنفع الظالمين معذرتهم ، وتنفع غيرهم . ---- وأكتفى بهذا القدر من النقاش فى الموضوع وجزاك الله خيرا اخى الفاضل أبو محمد المأربى

أبو محمد المأربي
2019-05-25, 07:08 PM
هذه من كِيسَك وليست فى كلامنا ولا من مقتضيات قولنا وليست فى كلام شيخ الاسلام بن تيمية وبن القيم ولا وردت بها الآثار-- هكذا يستقيم نسبة القول الينا
اما قولك هذه فى مخيلتك - لانك تخيلت سابقا ارتفاع وخلو القلب من الشرك والتوحيد- وكذلك هذا الافتراض على العكس فى مخيلة الذين يعذرون بالجهل لانهم يتصورون اجتماع النقيضين - اما قولنا - فان الشرك والتوحيد ضدان لا يجتمعان ولا يرتفعان - ولا يجتمع اهلهما فى دين واحد لا فى الدنيا ولا فى الاخرة - ولا يرتفع الشرك والتوحيد- والقول بالامتحان لا يلزم منه اى لوازم باطلة
وإياكم/ أخي الكريم لم ألزمك إلا ما هو ظاهر اللزوم لقولك بالامتحان وعدم تأثير عبادة الأوثان في مصير الفتري/ ليست القضية قضية كيس ولا مخيّلة/ لأنك تقول: الفتري مشرك ظالم مجرم في الدنيا لكن إذا صار إلى الآخرة فشركه لا يؤثر في مصيره في الآخرة وإنما المؤثّر في مصيره: الامتحان رسوبا ونجاحاً/ فإن نجح في الامتحان فمصيره إلى الجنة ولو كان من سدنة الأوثان والأصنام والطغاة/ وإن رسب فمصيره إلى النار وإن كان من سفلة القوم وعوامهم في العقل والمعرفة/
والإنصاف يوجب أن تبيّن منـزلة الفتري عند تصنيف الله الخلائق إلى مشركين وموحّدين لتحديد مصير كلّ من الفريقين!
من أي الحزبين يكون الفتري؟ هل يبقى في صف الموحدين أو في صف المشركين؟ فالناس في الآخرة عند المجازاة والتصنيف إما مشركون أو مؤمنون ولا قسم ثالث بنصّ الأحاديث الصحيحة الكثيرة.
مقتضى مذهبك بل صريحه: المشركون في الدنيا صنفان: قسم لا يجازى بشركه في الآخرة وهو من لم تقم عليه الحجة في الدنيا، وقسم ثان يجازى بشركه وهو من قامت عليه الحجة في الدنيا، وإذا كان الحال هكذا فالناس في الآخرة على مذهبك ثلاثة أصناف: القسم الأول: المؤمنون، والقسم الثاني: المشرك الذي قامت عليه الحجة، والقسم الثالث: المشرك الفتري، الذي هو محلّ النـزاع...
والسؤال الذي لا تريد الجواب عنه: بيان أي الحزبين يكون المشرك الفتري منهم عند تصنيف الله لعباده للمجازاة والسوق للمصير الأخير، فإنه إن بقي الفتري في صف الموحدين يلزم دخول المشرك الجنة وهو باطل مردود بالقواطع، وإن بقي في صف المشركين فمصيره معلوم في الأحاديث الكثيرة، ويبطل قول الامتحان!!
أخيرا: من كمال رحمة الله وإحسانه إنعام أهل التوحيد والتفضل عليهم، ومن عدل الله وكمال عزته تعذيب كل من عبد غيره وساواه بعباده في خصائصه. تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

محمدعبداللطيف
2019-05-26, 03:24 AM
لم ألزمك إلا ما هو ظاهر اللزوم لقولك بالامتحان وعدم تأثير عبادة الأوثان في مصير الفتريليس فى القول بالامتحان اى لوازم باطلة وقد بين شيخ الاسلام ذلك - فى رده على الإمام ابن عبد البر – فى قوله - : إن الآخرة دار جزاء ، وليست دار تكليف ، وليس ثمة أوامر ونواهي في الآخرة-------قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
والتكليف إنما ينقطع بدخول دار الجزاء وهي الجنة والنار ، وأما عَرَصات القيامة فيمتحنون فيها كما يمتحنون في البرزخ ، فَيُقَالُ لِأَحَدِهِمْ : مَنْ رَبُّك ؟ وَمَا دِينُك ؟ وَمَنْ نَبِيُّك ؟ ، وقال تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) الْآيَةَ ، وقد ثبت في الصحاح من غير وجه حديث تجلي الله لعباده في الموقف إذا قيل : ( لِيَتَّبِعْ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ؛ فَيَتَّبِعُ الْمُشْرِكُونَ آلِهَتَهُمْ وَيَبْقَى الْمُؤْمِنُونَ فَيَتَجَلَّى لَهُمْ الرَّبُّ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيُنْكِرُونَهُ ثُمَّ يَتَجَلَّى لَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا فَيَسْجُدُ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَتَبْقَى ظُهُورُ الْمُنَافِقِينَ كَقُرُونِ الْبَقَرِ يُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ، وذكر قوله : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) الْآيَةَ .
" مجموع الفتاوى " ( 4 / 303 ، 304 ) .------ وقال ابن القيم رحمه الله
* أن موجب هذه الأحاديث هو الموافق للقرآن وقواعد الشرع ؛ فهي تفصيل لمَا أخبر به القرآن أنه لا يعذَّب أحد إلا بعد قيام الحجة عليه ، وهؤلاء لم تُقَم عليهم حجة الله في الدنيا ، فلا بُدَّ أن يقيم حجته عليهم ، وأحق المواطن أن تُقام فيه الحجة : يوم يقوم الأشهاد ، وتُسمع الدعاوى ، وتُقام البينات ، ويَختصم الناس بين يدي الرب ، وينطق كلُّ أحدٍ بحجته ومعذرته ، فلا تنفع الظالمين معذرتهم ، وتنفع غيرهم .
وعدم تأثير عبادة الأوثان في مصير الفتري ليست عبادة غير الله غير مؤثرة فى مصير الفترى الذى لم تقم عليه الحجة-- بل مؤثرة والدليل الامتحان - التأثير فى مصير المشرك الفترى ناتج عن عدم قيام الحجة الرسالية
ليست القضية قضية كيس ولا مخيّلةبل هى كذلك
لأنك تقول: الفتري مشرك ظالم مجرم في الدنيا لكن إذا صار إلى الآخرة فشركه لا يؤثر في مصيره في الآخرة وإنما المؤثّر في مصيره: الامتحان رسوبا ونجاحاًالمؤثر كما تقدم عدم قيام الحجة الرسالية - قال ابن القيم أن المشرك يستحق العقوبة في الآخرة بأحد أمرين 1 - قيام الحجة
2 -الإعراض بعد التمكن من العلم ----------
قال عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة قال إذا كان يوم القيامة جمع الله أهل الفترة والمعتوه والأصم والأبكم والشيوخ الذين لم يدركوا الإسلام ثم أرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار قال فيقولون كيف ولم يأتنا رسول قال وأيم الله لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما ثم يرسل إليهم فيطيعه من كان يريد أن يطيعه قال ثم قال أبو هريرة اقرؤوا إن شئتم وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا -وهذا إسناد صحيح وله حكم الرفع --- وقال بن القيم- نعم لا بد في هذا المقام من تفصيل به يزول الإشكال وهو الفرق بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه والقسمان واقعان في الوجود فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله وأما العاجز عن السؤال والعلم الذي لا يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان أيضا أحدهما مريد للهدى مؤثر له محب له غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده فهذا حكمه حكم أرباب الفترات ومن لم تبلغه الدعوة الثاني معرض لا إرادة له ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه فالأول يقول يا رب لو أعلم لك دينا خيرا مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي والثاني راض بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته وكلاهما عاجز وهذا لا يجب أن يلحق بالأول لما بينهما من الفرق فالأول كمن طلب الدين في الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عجزا وجهلا والثاني كمن لم يطلبه بل مات على شركه وإن كان لو طلبه لعجز عنه ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض فتأمل هذا الموضع والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل فهبذا مقطوع به في جملة الخلق وأما كون زيد بعينه وعمرو قامت عليه الحجة أم لا فذلك ما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول هذا في الجملة والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم
فإن نجح في الامتحان فمصيره إلى الجنة ولو كان من سدنة الأوثان والأصنام والطغاة هذا الكلام فيه خلط كما هو ظاهر جدا فى اصناف الكفار -- راجع كلام بن القيم جيدا فى طبقات المكلفين يتضح لك ان الكلام لا يدخل فيه هذا الصنف -
مقتضى مذهبك بل صريحه: المشركون في الدنيا صنفان: قسم لا يجازى بشركه في الآخرة وهو من لم تقم عليه الحجة في الدنيا، وقسم ثان يجازى بشركه وهو من قامت عليه الحجة في الدنياهنا انت رددت على سؤالك - ان العقوبة على الشرك متعلقة بقيام الحجة
المشرك الفتري، الذي هو محلّ النـزاع النزاع بين اهل السنة -والمعتزلة - والاشاعرة
والسؤال الذي لا تريد الجواب عنه: بيان أي الحزبين يكون المشرك الفتري منهم عند تصنيف الله لعباده للمجازاة والسوق للمصير الأخير هو فى طبقة جهال الكفرة الذين لم تقم عليهم الحجة
فإنه إن بقي الفتري في صف الموحدين يلزم دخول المشرك الجنة وهو باطل مردود بالقواطعجهلة الكفار الذين لم تفم عليهم الحجة ليسوا فى صفوف الموحدين - بل فى صفوف جهال الكفرة-- وانا اكرر هنا- ان هذا الكلام فى مخيلتك فقط ولا يوجد فى كلامنا شئ من هذا----- ومع ذلك كلامك فيه نظر- لانه لا يلزم من كان فى صفوف الموحدين فى عرصات القيامة ان يدخل الجنة - كالمنافقين يكونوا فى صفوف الموحدين الى حين العبور على الصراط ثم يضرب بينهم بالسور--فلازمك ليس بلازم -وبلا قواطع -
وإن بقي في صف المشركين فمصيره معلوم في الأحاديث الكثيرة الاحاديث الكثيرة التى وردت فى الامتحان
أخيرا: من كمال رحمة الله وإحسانه إنعام أهل التوحيد والتفضل عليهم، ومن عدل الله وكمال عزته تعذيب كل من عبد غيره وساواه بعباده في خصائصه. تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.الله جل وعلا من كمال عدله ورحمته لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة الرسالية - هذا هو الموافق للقرآن وموجب الاحاديث الصحية وقواعد الشرع ؛ فى ان الله لا يعذَّب أحد إلا بعد قيام الحجة الرسالية

أبو سعود صالح
2019-05-31, 05:03 AM
حياك الله هذه مقاطع للفائدة في الموضوع
الشيخ عبدالرحمن الحجي - وهي سلسلة من ٢٢ جزء -
https://youtu.be/P8CL3y4m-h4
و الشيخ عبدالله السعد
https://youtu.be/38T8BAOo3U0

نريد تعليق الإخوة بارك الله فيهم

أبو محمد المأربي
2019-06-01, 03:23 AM
كلام كلّه مبني على المغالطات ودفع المخالف بكل ما يقع في اليد
المغالطة الأولى: "ليس فى القول بالامتحان أَي لوازم باطلة"
هذه مكابرة إذ مقتضى الامتحان: دخول عابد الأوثان الجنة سواء كان من عامة المقلدين أو من أئمة الكفر، ولا باطل أظهر من دخول عابد الأوثان الجنان والنعيم الأبدي، ومن فرّق بين طبقة العوام وبين متبوعيهم في زمان الفترة لم يقل بمقتضى دليله في امتحان المشرك ولم يطّرد أصله!! هذا من آثار الاضطراب الفكري في قضية الامتحان.

أبو محمد المأربي
2019-06-01, 03:30 AM
المغالطة الثانية: الاعتراض على كلام ابن عبد البر وغيره: إن الآخرة دار جزاء، وليست دار تكليف بقولكم: التكليف إنما ينقطع بدخول دار الجزاء وهي الجنة والنار ولا ينقطع التكليف قبل ذلك وذ قوله تعالى:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} وما في هذا السياق من الدلائل مغالطة ظاهرة، وكأن المعترض لم يفهم التكليف المنفيّ عن دار الجزاء وهو: أن الآخرة ليست دار تكليف بعملٍ يترتب عليه بنفسه ثواب أو عقاب، فأما مثل ذاك السجود فهو للتبكيت ونوع من العذاب لأنهم " أدخلوا أنفسهم في المؤمنين الساجدين في الدنيا، فدُعُوا مع المؤمنين إلى السجود، فتعذّر عليهم، فأظهر الله بذلك نفاقهم، وأخزاهم" وليس تكليفاً يترتب عليه ثواب ولا عقاب بل هو نوع جزاء على العمل في الدنيا، وتكون نتيجة الامتحان والتمييز مطابقة للعمل في الدنيا لا مخالفة كما تقولون أنتم: الرجل يكون عابدا للأوثان في الدينا ويمتحن فتكون نتيجة الامتحان مخالفة لعمله في الدنيا لا مطابقةً ! قال الإمام الداودي في الدعوة إلى السجود: «وهذا لم يدعوا إليه ليجزوا بفعله ولا ليعاقبوا على تركه، وهم لا يعاقبون إذا لم يسجدوا يوم القيامة، إنما يعاقبون بتركهم إياه وهم سالمون». وقال الحافظ ابن حجر: «والتحقيق أن التكليف خاصّ بالدنيا وما يقع في القبر وفي الموقف هي آثار ذلك».
آمل أن لا تخلطوا آثار التكليف في الدنيا بالتكليف الجديد في الآخرة الذي ترتّب عليه: إلحاق المشرك الوثني بالمؤمن الموحد في النعيم الأبدي!

أبو محمد المأربي
2019-06-01, 03:35 AM
المغلطة الثالثة: " ليست عبادة غير الله غير مؤثرة في مصير الفترى الذى لم تقم عليه الحجة-- بل مؤثرة والدليل الامتحان - التأثير فى مصير المشرك الفترى ناتج عن عدم قيام الحجة الرسالية"
كأنك تريد شيئا وتقول غيره سبق لسان أو مغالطة لأن كل من يقرأ لك يدرك أن المؤثّر في مصير الفتري إنما هو رسوبه في الامتحان أو نجاحه، وليس شركه ولا عبادة الأوثان، أم أنك لا تفهم المراد بالمؤثّر أيضاً حتى يفسّر لك ثانية وثالثة...........؟
المشرك الوثني يمتحن في الآخرة فيرسب في الامتحان فيدخل النار، ويمتحن فينجح فيدخل الجنة عندك ومن قلّدتهم!
قل لي بربك: هل يدخل الفتري النار بشركه، أو يدخل النار برسوبه في التكليف الجديد في الآخرة؟ ولا أسألك عن سبب الامتحان، وما الذي دعا إلى الامتحان، وإنما أسألك عماذا يدخل الفتري الجنةَ والنار، هل هو ذبنه في الدنيا أو ذبنه في الآخرة بناء على التكليف الجديد؟

أبو محمد المأربي
2019-06-01, 03:40 AM
المغالطة الرابعة: " المؤثر كما تقدم عدم قيام الحجة الرسالية"
هذا كلام يعلم قائله أنّه من باب دفع المخالف بكل مدرٍ وحجرٍ، وأنّه مخالف حتى دليله في الامتحان، وكل أحدٍ تابع النقاش يعلم: أنّ عدم قيام الحجة الرسالية سبب الامتحان وإنما المؤثِّر في مصير الممتحن جنة وناراً: نتيجة الامتحان رسوبا ونجاحاً
ولعلك لم تفهم المراد بالمؤثِر في مصير الفتري!
لأنه لو كان عدم قيام الحجة الرسالية هو المؤثر في مصير المشركين لما اختلف مصيرهم جنةً وناراً لاشتراكهم في العلّة والمؤثِّر وهو عدم قيام الحجة الرسالية عندك!
ما هذا الكلام؟
ألا تقول بناء على مذهبك: اختلف مصيرهم جنة وناراً لاختلافهم في نتيجة الامتحان رسوبا ونجاحاً؟ كيف تقول لي: المؤثِر في مصيرهم عدم قيام الحجة الرسالية؟
أليس كل الممتحنين لم تقم عليهم الحجة؟
ما هذا الجدل الذي لا ينبغي لطلبة العلم؟

أبو محمد المأربي
2019-06-01, 03:44 AM
المغالطة الخامسة: " هذا الكلام فيه خلط كما هو ظاهر جدا فى اصناف الكفار --.. يتضح لك ان الكلام لا يدخل فيه هذا الصنف"
أقول: هذا منك إحالة على غير دليل، وخروج عن مقتضى دليل الامتحان الذي لم يفرّق بين مشرك ومشرك في زمن الفترة، والفرض أن الحجة لم تقم!
هل تقول: إن الدعاة إلى عبادة الأوثان قامت عليهم الحجة؟
وبيّن لنا بماذا قامت عليهم الحجة هل بالسمع أو بالعقل؟
وهل تقول بتخصيص أحاديث الامتحان بغير الداعي إلى عبادة الأوثان؟ وتطالب بالدليل المخصّص؟
وإلا فما هو الدليل على أن هذا الصنف من أهل الفترة لا يدخل في الامتحان؟

أبو محمد المأربي
2019-06-01, 03:49 AM
المغالطة السادسة: "هنا انت رددت على سؤالك - ان العقوبة على الشرك متعلقة بقيام الحجة"
أقول: الآن حصص الحق لأنّك اعترفتَ أن عبادة الأوثان لا عقاب لها في الآخرة إذا لم تقم الحجة في الدنيا، وإذا صار المشرك إلى الآخرة فإنه يعاقب على رسوبه في الامتحان أو يثاب على نجاحه؛ لأن كلا من الراسب والناجح لم تقم عليه الحجة في الدنيا، وشركهما في الدنيا كلا شيء ولا أثر له في التعذيب والإثابة، فإذا أمرهم الله بدخول النار فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار
وهذا تكليف جديد مبتدء وليس أثراً من آثار التكليف في الدنيا!
أين أثر عبادة الأوثان في مصيرهما إلى النار أو الجنة ؟؟
لو كان يقال للمشرك الفتري: الحجة الرسالية في بطلان عبادة الأوثان لم تقم عليك في الدنيا لكننا نقيمها عليك في الآخرة وتصير بعد الإقامة إلى عذابي بشركك في الدنيا لكان لكلامك له وجه
لكن ماذا أفعل فإن مذهبكم لا يمشي على طريق في هذه المسألة!

أبو محمد المأربي
2019-06-01, 03:53 AM
المغالطة السابعة: " النـزاع بين اهل السنة -والمعتزلة – والاشاعرة"
أقول: دخول المشرك الجنة من مسائل الأشعرية وبعض المعتزلة كالجاحظ وشيخه ثمامة بن أشرس...
ومسألة الامتحان أشعرية السند في الإبانة ونقل خلافها في المقالات والذي في السند ضعيف الخبرة بمقالات أهل السنة والجماعة؛ ولهذا لم تستقم على أصل من أصول أهل السنة!
كيف وقد نقل الطبراني عن السنيّة خلاف ما نقل الأشعري؟
المغالطة الثامنة:" هو فى طبقة جهال الكفرة الذين لم تقم عليهم الحجة"
أقول: هذه براعة في الحيدة ولا أدري تشكر عليه أم لا؟
لكن من الجميل اعترافك بأن الفتري يكون في صف عباد الأوثان عند فصل القضاء والتمييز بين العباد لا في صف الموحدين!
وهذا يكفي في بطلان مذهبك ولا مزيد.

أبو محمد المأربي
2019-06-01, 03:56 AM
المغالطة التاسعة: " جهلة الكفار الذين لم تقم عليهم الحجة ليسوا فى صفوف الموحدين - بل فى صفوف جهال الكفرة-- وانا اكرر هنا- ان هذا الكلام فى مخيلتك فقط ولا يوجد فى كلامنا شي من هذا-"
يقال: هدّء من أعصابك وفقك الله مشكورا على هذا الاعتراف، لكن مقتضى دلائل التصنيف بين عباد الأوثان وبين عباد الرحمن يوجب أن كل عباد الأوثان يساقون إلى النار وهم ينظرون فلماذا يطير الوثني إلى الجنة بعد إدراجه في قسم النار وحزبها بشركه وجرمه في الدنيا؟

أبو محمد المأربي
2019-06-01, 04:01 AM
المغالطة العاشرة: "ومع ذلك كلامك فيه نظر- لانه لا يلزم من كان فى صفوف الموحدين فى عرصات القيامة ان يدخل الجنة - كالمنافقين يكونوا فى صفوف الموحدين الى حين العبور على الصراط ثم يضرب بينهم بالسور--فلازمك ليس بلازم -وبلا قواطع".
يقال: لا بأس سبق الكلام في مسألة المنافق!
لكن هذا المقام مقام تحقيق لا مقام ختل المخالف بما سبق تفصيله.
دع عنك هذا، فالمنافق دخل في صف المؤمنين بإظهار الإيمان في الدنيا كما دخل الوثني الفتري في صف عباد الأوثان بشركه في الدنيا
لكن الله يحاسب العباد في الآخرة على الحقائق لا على المظاهر فيجازى المنافق بكفره الحقيقي في الدنيا ولا يكون لإيمانه المزيف أثر في مصيره الأخروي
فهل تقول أيضا بمجازاة الفتري بشركه في الدنيا كما جوزي المنافق بكفره في الدنيا؟ وهل تقول: دخل الفتري في صف المشركين بشرك غير حقيقي كما دخل المنافق في المؤمنين بإيمان غير حقيقي بل مزيف؟
وهل يدخل الفتري النار بشركه في الدنيا كما دخل المنافق النار بكفره في الدنيا؟
وهل نقول: الفتري كافر في الدنيا مؤمن في الآخرة كما تقول المنافق مؤمن في أحكام الدنيا، كافر في أحكام الآخرة أم ماذا؟

أبو محمد المأربي
2019-06-01, 04:04 AM
الخلاصة: يكفي أن كل قارئ لما كتبتَ مع بيان مكامن الخلل في مذهبك يدرك/ أن عبادة الأوثان لا أثر لها في تعذيب الفتري، ولا مجال للمراوغة..
ينبغي الالتزام بمقتضي دليل الامتحان كما توجبه الشجاعة الأدبية، وأن لا يضاف إلى العلة في مصير الآخرة ما ليس بعلة على التحقيق.

أبو محمد المأربي
2019-06-02, 09:46 AM
المغالطة الحادية عشرة: اختيار رواية موقوفة من حديث أبي هريرة، ثم القول: "إسناد صحيح وله حكم الرفع" لا ينفع لأنه حديث منكر بجميع الروايات الموقوفة والمرفوعة وقد سبق بيان ذلك في مشاركات أخرى ورغم ذلك فلا متعلق فيه للآتي:
1-أنّ طابع التنافي العلمي بين السبب والمسبب يغلب على هذه الآثار؛ لأن قوله: " فيقولون كيف ولم يأتنا رسول" لا وجه له في المعتوه والشيخ الخرف والأصم الأبكم، هؤلاء الثلاثة جاءهم الرسول في الدنيا أو لم يأتهم لا يتغيّر الحكم، وقلم التكليف ساقط عن المعتوه والشيخ الخرف، وتكليف الأصم الأبكم دائر على الفهم لا على مجيء الرسول وعدم المجيء إليه، فما وجه الاعتذار بأنه لم يأتهم رسول؟ وما جه الاستشهاد بالآية؟ لم يبق في الأثر إلا الفتري ولم يتعيّن نوعه ولا صفته من كفر وإيمان وشرك وتوحيد فبطل الاستشهاد بالأثر في نجاة من عبد غير الله !
2- فيه التكليف بعملٍ يترتب عليه الخلود في النار، وهذا لا نظير له في الشرع ولا يصحّ المنقول فيه فيكون أصلا مستقلا وبطل عدّه من الشرع مع مخالفته للأصل المعلوم في أن الآخرة دار جزاء على ما سبق في الدنيا لا تكليف وابتلاء على ما سبق بيانه.
3-يتضمّن التكليف بدخول النار "ثم أرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار" وليس ذلك في وسع المخلوقين والله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
3- يتضمّن عقيدة مخالفةً لعقيدة أهل السنة المبنية على القواطع وهي تخليد أصحاب الكبائر في النار، لأن هؤلاء إذا امتنعوا عن دخول النار الذي ليس في وسعهم خلّدوا في النار؛ فإن كان الامتناع عن اقتحامها معصية دون الكفر فهذا من تخليد صاحب الكبيرة في النار - عقيدة الوعيدية - وإن كان كفراً فهو من باب التكفير بما فوق وسع العباد.
وبهذا يظهر لك قيمة نقل الحافظ ابن عبد البر عن أهل العلم في قوله: "وأهل العلم ينكرون أحاديث هذا الباب؛ لأن الآخرة دار جزاء، وليست دار عمل، ولا ابتلاء، وكيف يكلّفون دخول النار، وليس ذلك في وسع المخلوقين، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يخلوا أمر من مات في الفترة من أن يموت كافرا، أو غير كافر إذا لم يكفر بكتاب الله ولا رسول، فإن كان قد مات كافرا جاحدا، فإن الله قد حرّم الجنة على الكافرين، فكيف يمتحنون؟
وإن كان معذورا بأن لم يأته نذير ولا أرسل إيه رسول فكيف يؤمر أن يقتحم النار وهي أشد العذاب، والطفل، ومن لا يعقل أحرى بأن لا يمتحن بذلك. وإنما أدخل العلماء في الباب النظر؛ لأنه لم يصح عندهم فيه الأثر".

محمدعبداللطيف
2021-05-02, 09:35 PM
لماذا أغلب أهل الأرض كفار ؟ (https://majles.alukah.net/t189378/)