مشاهدة النسخة كاملة : مختصر كتاب الأيمان والنذور من كتاب (صحيح فقه السنة) لأبي مالك
أحمد بن حسنين المصري
2013-10-09, 03:22 PM
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام علي من لانبي بعده، وبعد :
فما أجملَ أن يقرأَ طالبُ العلمِ كتابًا أعجبه, ثم يدونُ في قِرطاسٍ ما أمتعَهُ, ويحفظ بعد ذلك ما كتبه ودونه, ثم يهدي زبدة ما كتبه وحررهلأخ له في الله, يريد سبيل النجاه، فيسعد بهذه الهديه,ويشكر رب البريه, ويشكر بعد ذلك من قدم الهديه فمن لم يشكر الناس لم يشكر رب البريه.
أما بعد : فقد قرأت كتاب ( الأيمان والنذور ) من كتاب ( صحيح فقه السنه ) للشيخ الفاضل أبي مالكٍ / كمال بن السيد سالم فأعجبني مادون وحرر لسببين :
الأول منهما : خلو كتابه من التقليد مع اهتمامه الشديد بكلام العلماء المتقدمين منهم والمتأخرين.
وثانيهما : اهتمامه بتوضيح رتبة الأحاديث من حيث الصحة والضعف.
فلخصت مسائل كتابه هذا الموسوم بالأيمان والنذور بأسلوب يسير، وأحببت أن أقدمها لاخواني هديه, هي وإن كانت من قليل البضاعه إلا أنني أريد بها وجه الله واتحاف إخواني بما كتبت. فباسمه أبدأ وعليه أتوكل فقد آن الشروع إلي ما قصدت فأقول :
المسألة الأول : لاينبغي الإكثار من الحلف.
والدليل : قول الله تعالي ( ولاتطع كل حلاف مهين ) فقد قال بعض المفسرين : الحلاف كثير الحلف في الحق والباطل.
المسألة الثانية : يكره الحلف في البيع والشراء.
والدليل: قول النبي-صلي الله عليه وسلم-( الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة ) متفق عليه.
المسألة الثالثة : الحلف لايكون إلا بالله.
والدليل : قول النبي -صلي الله عليه وسلم-( ألا ان الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) متفق عليه.
المسألة الرابعة : إذا حلف المسلم لأخيه بالله فينبغي أن يصدقه وإن علم منه ضده.
والدليل : قول النبي-صلي الله عليه وسلم- رأي عيسي ابن مريم -عليه السلام-رجلا سرق فقال عيسي سرقت قال كلا والذي لا اله الاهو فقال عيسي آمنت بالله وكذبت عيني. متفق عليه
المسألة الخامسة : من قال والله أو بالله أو تالله فحنث فعليه كفارة لانعقاد يمينه وكذلك الحلف بأي اسم من أسمائه سبحانه التي لا يسمي به غيره كالرحمن.
والدليل: اتفاق العلماء على ذلك.
وللحديث بقية إن شاء الله، والسلام
أحمد بن حسنين المصري
2013-10-11, 11:30 PM
المسألة السادسة : يجوزُ عند جمهورِ العلماءِ القسمُ بصفةٍ من صفاتِ ذاتِ اللهِ -سبحانه وتعالي-التي لا يُراد بها غيرُهُ مثل جلالِهِ، وكبريائِهِ، وعظمتِهِ، وكذا عندهم تنعقدُ بها يمينُهُ.
ودليلهم :- قولُ النبيِّ -صلي الله عليه وسلم- ( بينَا أيوبُ يغتسلُ عُريانًا فخرَّ عليه جرادٌ من ذَهَبٍ فجعل أيوبُ يحتثي في ثوبِهِ فناداه ربُّهُ يا أيوب ألم أكن أغنيتُك عمَّا ترى ؟ قال : بلي وعزتِكَ، ولكن لا غنى بي عن بركتِكَ ) متفق عليه
أحمد بن حسنين المصري
2013-11-05, 11:31 PM
المسألة السابعة : الحلفُ بالقرآنِ جائِزٌ، واليمينُ به منعقدةٌ، وهذا قولُ جمهورِ العلماءِ خلافًا لأبي حنيفةَ.
فائدة : ذَهَبَ متأخِّرُو الحنفيةِ كابنِ الْهُمامِ، والعَيْني إلي ترجيحِ مذهبِ الجمهورِ من انعقادِ اليمينِ بالقرآنِ.
تنبيه : مَنْ حَلَفَ بالمصحفِ فإن قُصِدَ به القرآنُ المسطورُ فيه الذي هو كلامُ اللهِ جاز، وإن قصد الوَرَقُ المكتوبُ فيه لم يَجُز.
المسألة الثامنة : هل يجوزُ أن يحلفَ الرجلُ، ويقولَ (لعَمْرُ اللهِ) ؟
نعم، يجوزُ ذلك عند عامَّةِ أهلِ العلمِ، وتنعقدُ به اليمينُ مطلقًا، وذلك لأن معنى (لعمر الله) : وبقاءِ اللهِ، أو وحياةِ اللهِ فهو قَسَمٌ بصفةِ ذاتِ اللهِ فكان جائزًا.
ولأن النبيَّ -صلي الله عليه وسلم- أقرَّ أُسَيْدَ بنَ حُضَيرٍ عندما قال (لعمر الله لَنَقْتُلنَّهُ) وذلك في حديثٍ رواه البخاري رقم (6662)عن أمِّ المؤمنين عائشةَ -رضي الله عنها-.
أحمد بن حسنين المصري
2013-12-11, 09:45 PM
المسألة التاسعة: من قال (وعهد الله) أو (علي العهد) هل تنعقد يمينه ؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول:ا لحلف بعهد الله ينعقد يمينا مطلقا. وهذا قول الحسن وطاووس والشعبي والأوزاعي ومالك وأحمد وحجتهم:
أولا: قول الله-تعالى-(وأفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها ). فقوله تعالي (ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها) لم يتقدمه غير ذكر العهد فعلم أنه يمين.
وأجيب على ذلك بأنه لا يلزم من عطف الأيمان على العهد أن يكون يمينا.
ثانيا: قول النبي-صلي الله عليه وسلم-(من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال رجل مسلم- أو قال أخيه-لقي الله وهو عليه غضبان) فأنزل الله تصديقه (والذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) فخص العهد بالتقدمة على سائر الأيمان فدل على تأكد الحلف به؛ لأن عهد الله ما أخذه على عباده، وما أعطاه عباده كما قال تعالى ( ومنهم من عاهد الله)؛ لأنه قدم على ترك الوفاء به.
ثالثا: يحتمل أن يكون معناه كلام الله وهو صفة له .
القول الثاني: الحلف بعهد الله تنعقد به اليمين إذا نواها (أي لا ينصرف إلي اليمين إلا بنية) وهو قول الشافعي.
القول الثالث: الحلف بعهد الله ليس يمينا وهذا قول أبي حنيفة وابن حزم وحجتهما:
أولا: الحلف بعهد الله ليس من الحلف بصفات الله التي يجوز الحلف بها .
ثانيا: اليمين لا تكون إلا بالله.
أحمد بن حسنين المصري
2013-12-11, 09:47 PM
المسألة العاشرة: من قال: (أقسم بالله) أو (أقسمت بالله) فهذا يمين بلا خلاف سواء نوى اليمين أو أطلق؛ لأنه لو قال (بالله) ولم يقل (أقسم) كان يمينا، وإنما كان يمينا بتقدير الفعل قبله.
أحمد بن حسنين المصري
2013-12-11, 09:52 PM
المسألة الحادية عشرة: من قال ( أقسم ) أو ( أقسمت ) هل يعد ذلك يمينا ؟
لأهل العلم في تلك المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه يمين مطلقا، وهو مذهب الحنفية وأحمد في رواية واستظهرها ابن قدامة وحجتهم :
أولا: حديث ابن عباس عن أبي هريرة -في قصة الرجل الذي قص على النبي -صلي الله عليه وسلم-رؤياه وأن أبا بكر أولها- فقال النبي- صلي الله عليه وسلم-(أصبت بعضا وأخطأت بعضا) قال : (أقسمت- بأبي أنت وأمي -لتخبرني ما الذي أخطأت ) فقال النبي -صلي الله عليه وسلم-: (لاتقسم) رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وهو صحيح .
فاعتبر النبي- صلي الله عليه وسلم-قول أبي بكر (أقسمت) يمينا فثبت له عرف الشرع والاستعمال.
ثانيا: قوله تعالي (إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون )ولم يقل( و أقسموا بالله ) فاعتبره يمينا والاستثناء في اليمين .
ثالثا : القسم لم يجز إلا بالله -عز وجل-،فكان الإخبار عنه عما لا يجوز بدونه كما في قول الله تعالي (واسأل القرية)؛ وللأن العرب تعارفت الحلف علي هذا الوجه.
القول الثاني: أنه يمين إذا نوي اليمين بالله وإلا فلا وهو مذهب زفر (من الحنفية ) وإسحاق ومالك وابن المنذر؛ لأنه يحتمل القسم بالله وبغيره فلم يكن يمينا حتى يصرفه بنية إلي ما يجب به الكفارة.
القول الثالث: أنه ليس بيمين نوي أو لم ينو، وهو قول الشافعي وابن حزم والحسن والزهري وقتادة وأبي عبيد؛ لأن اليمين لاتنعقد إلا باسم معظم أو صفة معظمة ليتحقق له المحلوف عليه وذلك لم يوجد.
الراجح: الذي يظهر أن قول القائل (أقسمت أو حلفت )يعتبر يمينا منعقدة لكن أن يقيد بأن يكون مختارا وقاصدا للحلف لا حاكيا له ونحو ذلك.
أحمد بن حسنين المصري
2014-02-11, 12:24 AM
المسألة الثانية عشرة: من قال (أشهد بالله) هل يعدُّ يمينًا؟
- نعم، يعد يمينًا عند عامةِ الفقهاءِ إلا الشافعي -رحمه الله- قيد ذلك بالنية (أن ينوي اليمين بتلك الكلمة)، وحجتهم : قول الله -تعالى- (أن تشهد أربع شهادات بالله)، واللعانُ عند أكثرِ أهلِ العلم أيمانٌ مؤكَّدَةٌ بالشهادة؛ ولأنَّ قولَ القائلِ (بالله) وحدَه يمين, وقولَهُ (أشهد بالله ) في معنى: أقسمُ بالله.
أحمد بن حسنين المصري
2014-02-11, 12:33 AM
المسألة الثالثة عشرة: إذا قال الرجلُ (أشهد) فقد اختلفَ أهلُ العلمِ في عدِّ ذلك يمينًا علي ثلاثة أقوال كالمسألة الحاديةَ عشرة تمامًا.
ودليلُ من جعل قولَ القائل (أشهد) يمينًا قولُ الله -تعالى- (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله)، ثم قال بعدها -سبحانه- (اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله) قالوا : فسمى اللهُ شهادتَهم يمينًا.
وأجاب الأخرون بأن الآياتِ ليست صريحةً في الدلالة؛ لاحتمالِ أن يكون قولُه -سبحانه- (اتخذوا أيمانهم) ليس راجعًا إلى قولِهِ -سبحانه- (نشهد إنك لرسول الله)، وإنما يرجع إلى سببِ نزول الأياتِ، وهي أن عبدَ اللهِ بن أبيٍّ حلفَ ما قال، قاله القرطبي.
قلت (أبو مالك): وربما يتأيد هذا بحديث ابن مسعود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل أي الناس خير؟ فقال (قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجئ قوم تسبق شهادةُ أحدِهم يمينَه، ويمينُه شهادتَهُ) متفق عليه. قال الحافظُ: (وهو ظاهر في المغايرة بين اليمين والشهادة).
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.