عبد الله السبري
2013-08-12, 06:00 AM
الوجوه في إثبات الإجماع على أن بدعة الأشاعرة مكفرة
كتبه عبد الله بن فهد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فهذا بحث في مسألة ما كان ينبغي أن تكون محل نزاع بين طلبة العلم لوضوحها ، ولكننا في أزمنة غريبة وهي مسألة كون بدعة الأشاعرة مكفرة ، وأنا هنا لا أتكلم عن الأعيان فإن الحكم على الفعل أو القول أنه كفر لا يلزم منه تكفير الأعيان ، فإنني لا أستبعد أن يأتي من ينسب لي تكفير بعض أعيان علماء الأشاعرة
والحق أن هذه المسألة أعني اعتبار بدعة الأشاعرة ( خصوصاً المتأخرين ) مكفرة مسألة إجماعية وإثبات هذا الإجماع من عدة طرق
الطريق الأولى : إثبات أن بدعة إنكار العلو مكفرة بإجماع
قال شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل (7/27) :" وجواب هذا أن يقال القول بأن الله تعالى فوق العالم معلوم بالاضطرار من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة بعد تدبر ذلك كالعلم بالأكل والشرب في الجنة والعلم بإرسال الرسل وإنزال الكتب والعلم بأن الله بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير والعلم بأنه خلق السماوات والأرض وما بينهما بل نصوص العلو قد قيل إنها تبلغ مئين من المواضع
والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين متواترة موافقة لذلك فلم يكن بنا حاجة إلى نفي ذلك من لفظ معين قد يقال إنه يحتمل التأويل ولهذا لم يكن بين الصحابة والتابعين نزاع في ذلك كما تنطق بذلك كتب الآثار المستفيضة المتواترة في ذلك وهذا يعلمه من له عناية بهذا الشأن أعظم مما يعلمون أحاديث الرجم والشفاعة والحوض والميزان وأعظم مما يعلمون النصوص الدالة على خبر الواحد والإجماع والقياس وأكثر مما يعلمون النصوص الدالة على الشفعة وسجود السهو ومنع نكاح المرأة على عمتها وخالتها ومنع ميراث القاتل ونحو ذلك مما تلقاه عامة الأمة بالقبول
ولهذا كان السلف مطبقين على تكفير من أنكر ذلك لأنه عندهم معلوم بالاضطرار من الدين والأمور المعلومة بالضرورة عند السلف والأئمة وعلماء الدين قد لا تكون معلومة لبعض الناس إما لإعراضه عن سماع ما في ذلك من المنقول فيكون حين انصرافه عن الاستماع والتدبر غير محصل لشرط العلم بل يكون ذلك الامتناع مانعا له من حصول العلم بذلك كما يعرض عن رؤية الهلال فلا يراه مع أن رؤيته ممكنة لكل من نظر إليه وكما يحصل لمن لا يصغي إلى استماع كلام غيره وتدبره لا سيما إذا قام عنده اعتقاد أن الرسول لا يقول مثل ذلك فيبقى قلبه غير متدبر ولا متأمل لما به يحصل له هذا العلم الضروري "
فهنا شيخ الإسلام ينقل الاتفاق على تكفير من ينكر العلو ويعني بذلك أن قوله كفر ، لا أن كفار بأعيانهم وإنما يكفرون بأعيانهم بعد إقامة الحجة
وهذا الذي قاله الشيخ بديهي إذ أن الأدلة على علو الله عز وجل على خلقه تربو على الألف دليل مع كون المسألة فطرية
وكون الأشاعرة عندهم شبهات فحتى الجهمية الذين قالوا بخلق القرآن عندهم شبهات فهذا لا ينفي عنهم أن قولهم مكفر
وقال الحاكم في معرفة علوم الحديث 161 - سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول : سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول : « من لم يقر بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته ، فهو كافر بربه يستتاب ، فإن تاب ، وإلا ضربت عنقه ، وألقي على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون ، والمعاهدون بنتن ريح جيفته ، وكان ماله فيئا لا يرثه أحد من المسلمين ، إذ المسلم لا يرث الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم »
ولا أعلم أحداً خالف ابن خزيمة في هذه
وقال العلامة عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ كما في مجموعة الرسائل والمسائل ( 1/221) وهو يتكلم عن الأشعرية :" وقد حكى ابن القيم -رحمه الله- عن خمسمائة إمام من أئمة الإسلام، ومفاتيه العظام أنهم كفّروا من أنكر الاستواء، وزعم أنه بمعنى الاستيلاء، ومن جملتهم إمامك الشافعي -رحمه الله-، وجملة من أشياخه كمالك وعبد الرحمن بن مهدي والسفيانين، ومن أصحابه أبو يعقوب البويطي والمزني، وبعدهم إمام الأئمة ابن خزيمة الشافعي، وابن سريج، وخلق كثير. وقولنا: إمامك الشافعي مجاراة للنسبة، ومجرد الدعوى، وإلا فنحن نعلم أنكم بمعزل عن طريقته في الأصول، وكثير من الفروع، كما هو معروف عند أهل العلم والمعرفة"
قال عبد الله بن أحمد في السنة 168 - حدثني أبو الحسن بن العطار محمد بن محمد قال : سمعت محمد بن مصعب العابد ، يقول : « من زعم أنك لا تتكلم ولا ترى في الآخرة فهو كافر بوجهك لا يعرفك ، أشهد أنك فوق العرش فوق سبع سماوات ليس كما يقول أعداء الله الزنادقة »
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (5/121) :" قَدْ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ " بِالْعُلُوِّ وَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَالْفَوْقِيَّة ِ " فِي كِتَابِهِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ حَتَّى قَالَ بَعْضُ أَكَابِرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ : فِي الْقُرْآنِ " أَلْفُ دَلِيلٍ " أَوْ أَزْيَدُ : تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالٍ عَلَى الْخَلْقِ وَأَنَّهُ فَوْقَ عِبَادِهِ "
فهذه أدلة القرآن فقط فكيف بأدلة القرآن والسنة والإجماع والفطرة ، وكيف لا يكون منكر ما قامت عليه كل هذه الأدلة واقعاً في بدعة مكفرة
الطريق الثانية : إثبات أن بدعة إنكار العلو أظهر من بدعة القول بخلق القرآن
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة ص164 :" مثل هذا من المؤمنين إن استفرغ وسعه في طلب الحق فإن الله يغفر له خطأه وإن حصل منه نوع تقصير فهو ذنب لا يجب ان يبلغ الكفر وإن كان يطلق القول بأن هذا الكلام كفر كما أطلق السلف الكفر على من قال ببعض مقالات الجهمية مثل القول بخلق القرآن أو إنكار الرؤية أو نحو ذلك مما هو دون إنكار علو الله على الخلق وأنه فوق العرش فإن تكفير صاحب هذه المقالة كان عندهم من أظهر الأمور فإن التكفير المطلق مثل الوعيد المطلق لا يستلزم تكفير الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة التي تكفر تاركها "
وهذا نص واضح من شيخ الإسلام أن كفر منكر العلو أظهر من كفر القائل بخلق القرآن
ولا يخفى الإجماعات الكثيرة التي نقلت على تكفير القائلين بخلق القرآن
جاء في عقيدة الرازيين التي نقلا عليها إجماع أهل العلم :" ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفرا ينقل عن الملة . ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر"
وقولهم ( فهو كافر ) يعنون به واقع في بدعة مكفرة ، ولا شك أنهم لو رأوا من ينكر أن بدعة إنكار العلو مكفرة لأنكروا عليه هذا الإنكار
وقال حرب الكرماني في عقيدته التي نقل عليها إجماع أهل العلم في عصره :" والقرآن كلام الله تكلم به ليس بمخلوق، فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم أن القرآن كلام الله ووقف ولم يقل ليس بمخلوق فهو أكفر من الأول وأخبث قولًا، ومن زعم إن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام الله فهو جهمي خبيث مبتدع.
ومن لم يكفرها ولا القوم ولا الجهمية كلهم فهو مثلهم، وكلم الله موسى وناوله التوراة من يده إلى يده، ولم يزل الله متكلمًا عالمًا فتبارك الله أحسن الخالقين"
فتأمل كيف أنه لم يكتف بالتكفير حتى أنكر على من لم يكفر ، وأكرر أن البحث في الأقوال لا الأعيان
الطريق الثالثة : أن بدعة إنكار العلو شر من بدعة الواقفة
لا شك أن إنكار علو الله عز وجل على خلقه أشر من قول الواقفة الذين وقفوا في القرآن شكاً
والواقفة الشاكة نقل الإجماع على تكفيرهم
قال الرازيان في عقيدتهما :" ومن شك في كلام الله عز وجل فوقف شاكا فيه يقول : لا أدري مخلوق أو غير مخلوق فهو جهمي . ومن وقف في القرآن جاهلا علم وبدع ولم يكفر"
فصرحوا بأن الجاهل فقط لا يكفر فدل على بدعتهم مكفرة
وتقدم نص حرب في تكفير الواقفة ونقله اللالكائي عن عامة علماء الأمصار
والمفوضة هم ورثة الواقفة على أن الواقفة خيرٌ من مفوضة الأشاعرة من وجه وهو أن مفوضة الأشاعرة يجزمون بأن ظاهر النصوص غير مراد
قال الشيخ ابن باز كما فتاوى نور على الدرب (1/60) :" والمقصود أن التأويل لا يجوز عند أهل السنة بل الواجب إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت، لكن مع الإيمان بأنها حق، وأنها صفات لله لائقة به، أما التفويض فلا يجوز.
والمفوضة قال أحمد فيهم: إنهم شر من الجهمية، والتفويض أن يقول القائل: الله أعلم بمعناها فقط وهذا لا يجوز; لأن معانيها معلومة عند العلماء"
الطريق الرابعة : بدعة إنكار العلو أظهر من بدعة اللفظية
واللفظية نقل حرب الإجماع على تجهيمهم وتكفيرهم وكفر الإمام أحمد من أعيانهم الكرابيسي
قال ابن عبد الهادي في بحر الدم :" 1290 - الكرابيسي.
قال المروذي: قلت لابي عبد الله: إن الكرابيسي يقول: من لم يقل: لفظه بالقرآن مخلوق فهو كافر، فقال: بل هو كافر، وقال: مات بشر المريسي وخلفه حسين الكرابيسي، وقال لي: هذا قد تجهم وأظهر الجهمية، ينبغي أن يحذر عنه وعن كل من ابتعد"
وأنكر الإمام أحمد على أبي ثور قوله فيهم ( مبتدعة ) ورآه تساهلاً
قال الذهبي في تاريخ الإسلام :" وقال المروذي في كتاب القصص: عزم حسن بن البزاز، وأبو نصر بن عبد المجيد، وغيرهما على أن يجيئوا بكتاب المدلسين الذي وضعه الكرابيسي يطعن فيه على الأعمش، وسليمان التيمي. فمضيت إليه في سنة أربع وثلاثين فقلت: إن كتابك يريد قوم أن يعرضوه على عبد الله، فأظهر أنك قد ندمت عليه.
فقال: إن أبا عبد الله رجل صالح، مثله يوفق لإصابة الحق. قد رضيت أن يعرض عليه. لقد سألني أبو ثور أن أمحوه، فأبيت.
فجيء بالكتاب إلى عبد الله، وهو لا يعلم لمن هو، فعلموا على مستبشعات من الكتاب، وموضع فيه وضع على الأعمش، وفيه: إن زعمتم أن الحسن بن صالح كان يرى السيف فهذا ابن الزبير قد خرج.
فقال أبو عبد الله: هذا أراد نصرة الحسن بن صالح، فوضع على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد جمع للروافض أحاديث في هذا الكتاب.
فقال أبو نصر: إن فتياننا يختلفون إلى صاحب هذا الكتاب.
فقال: حذروا عنه.
ثم انكشف أمره، فبلغ الكرابيسي، فبلغني أنه قال: سمعت حسينا الصايغ يقول: قال الكرابيسي: لأقولن مقالة حتى يقول أحمد بن حنبل بخلافها فيكفر، فقال: لفظي بالقرآن مخلوق.
فقلت لأبي عبد الله: إن الكرابيسي قال: لفظي بالقرآن مخلوق. وقال أيضا: أقول: إن القرآن كلام الله غير مخلوق من كل الجهات، إلا أن لفظي بالقرآن مخلوق. ومن لم يقل إن لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر.
فقال أبو عبد الله: بل هو الكافر، قاتله الله، وأي شيء قالت الجهمية إلا هذا؟ قالوا كلام الله، ثم قالوا: مخلوق. وما ينفعه وقد نقض كلامه إلا خير كلامه الأول حين قال: لفظي بالقرآن مخلوق.
ثم قال أحمد: ما كان الله ليدعه وهو يقصد إلى التابعين مثل سليمان الأعمش، وغيره، يتكلم فيهم. مات بشر المريسي، وخلفه حسين الكرابيسي.
ثم قال: أيش خبر ابي ثور؟ وافقه على هذا؟ قلت: قد هجره.
قال: قد أحسن.
قلت: إني سألت أبا ثور عمن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فقال: مبتدع.
فغضب أبو عبد الله وقال: أيش مبتدع؟! هذا كلام جهم بعينه. ليس يفلح أصحاب الكلام"
ولا شك أن منكر العلو شر من اللفظي ولو كانت كلمة مبتدع تساوي كلمة ( جهمي ) في المعنى لما أنكر أحمد على أبي ثور ، ولكن كلمة جهمي تعني أنه واقع في بدعة مكفرة
واليوم بعض الناس يعكس إنكار أحمد فينكرون على من يقول في الأشعرية جهمية أي واقعون في بدعة مكفرة ، ولو أدركهم أحمد لكان له معهم شأن
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ناقلاً عن الكرجي (4/177) :" قال وقد افتتن أيضا خلق من المالكية بمذاهب الأشعرية وهذه والله سبة وعار وفلتة تعود بالوبال والنكال وسوء الدار على منتحل مذاهب هؤلاء الأئمة الكبار فإن مذهبهم ما رويناه من تكفيرهم الجهمية والمعتزلة والقدرية والواقفية وتكفيرهم اللفظية"
هنا جعل الكلام في تكفير اللفظية والواقفة والمعتزلة متناولاً للأشعرية أيضاً
وقال أبو داود في مسائله عن أحمد ص265 :" كتبت رقعة وأرسلت بها إلى أبي عبد الله وهو يومئذ متوار فأخرج إلي جوابه مكتوباً فيه: قلت رجل يقول: التلاوة مخلوقة وألفاظنا بالقرآن مخلوقة، والقرآن ليس بمخلوق، وما ترى في مجانبته؟ وهل يسمى مبتدعاً؟ وعلى ما يكون عقد القلب في التلاوة والألفاظ وكيف الجواب فيه؟ قال هذا يجانب، وهو فوق المبتدع وما أراه إلا جهمياً، وهذا كلام الجهمية، القرآن ليس بمخلوق، قالت عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هن أم الكتاب وآخر متشابهات} الآية. قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم فإنهم هم الذين عنى الله)) فالقرآن ليس بمخلوق"
فهنا أحمد قال في اللفظي ( فوق المبتدع ) فلا شك أن المعطل الذي عطل صفات الله كلها إلا سبع صفات أثبتها يتناوله هذا النص
وقال الخلال في السنة 2109- سمعت أبا بكر المروذي يقول : أتيت أبا عبد الله ليلة في جوف الليل فقال لي : يا أبا بكر ، بلغني أن نعيماً كان يقول : لفظي بالقرآن مخلوق، فإن كان قاله فلا غفر الله له في قبره .
الطريق الخامسة : إنكار العلو أظهر من إنكار القدرية للعلم
اتفق أهل العلم على تكفير القدرية المنكرين للعلم ، وقد نص شيخ الإسلام أن السلف ذموا الجهمية نفاة العلو بأكثر مما ذموا به القدرية
قال شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (2/45) :" ولا يقدر أحد ان ينقل عن أحد من سلف الامة وأئمتها في القرون الثلاثة حرفا واحدا يخالف ذلك لم يقولوا شيئا من عبارات النافية أن الله ليس في السماء والله ليس فوق العرش ولا انه لا داخل العالم ولا خارجه ولا ان جميع الامكنة بالنسبة اليه سواء ولا انه في كل مكان او انه لا تجوز الاشارة الحسية اليه ولا نحو ذلك من العبارات التي تطلقها النفاة لان يكون فوق العرش لا نصا ولا ظاهرا بل هم مطبقون متفقون على أنه نفسه فوق العرش وعلى ذم من ينكر ذلك بأعظم مما يذم به غيره من أهل البدع مثل القدرية والخوارج والروافض ونحوهم
وإذا كان كذلك فليعلم ان الرازي ونحوه من الجاحدين لان يكون الله نفسه فوق العالم هم مخالفون لجميع سلف الأمة وأئمتها الذين لهم في الامة لسان صدق ومخالفون لعامة من يثبت الصفات من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية والمتكلمين مثل الكرامية والكلابية والأشعرية الذين هم الأشعري وأئمة اصحابه ولكن الذين يوافقونه على ذلك هم المعتزلة والمتفلسفة المنكرون للصفات وطائفة من الأشعرية وهم في المتأخرين منهم اكثر منهم في المتقدمين وكذلك من اتبع هؤلاء من الفقهاء والصوفية وطائفة من أهل الحديث "
ولو قال شخص اليوم ( بدعة الرافضة غير مكفرة ) أو ( بدعة القدرية غير مكفرة بإطلاق )
لثار عليه الناس ، والكل يعرف خلاف أهل السنة في تكفير الخوارج فما بال البعض ينكر على من يقول بدعة الأشاعرة مكفرة !
الطريق السادسة : إثبات أن الأشعرية جهمية في باب القرآن
قال البيجوري : ومذهب أهل السنة ! أن القرآن بمعنى الكلام النفسي ليس بمخلوق
وأما القرآن بمعنى اللفظ الذي نقرؤه فهو مخلــــــــــــ ــوق(جوهرة التوحيد ص94)
قال الرازي : إنه تعالى إذا أراد شيئا أو كره شيئا خلق هذه الاصوات المخصوصة في جسم من الأجسام لتدل هذه الأصوات على كونه تعالى مريدا لذلك الشيء المعين أو كارها له .(الاربعين ص177)
قال الجويني : فإن معنى قولهم-أي المعتزلة- هذه العبارات كلام الله : أنهاخلقه،ونحن لا ننكر أنها خلق الله. الإرشاد(ص/117)
وقال شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل (2/96) :" كان الشيخ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرايني إمام الأئمة الذي طبق الأرض علما وأصحابا اذا سعى الى الجمعة من قطعية الكرج الى جامع المنصور يدخل الرباط المعروف بالزوزي المحاذي للجامع ويقبل على من حضر ويقول اشهدوا على بأن القرآن كلام الله غير مخلوق كما قاله الإمام ابن حنبل لا كما يقوله الباقلاني وتكرر ذلك منه جمعات"
فهذا يدل على أن الباقلاني يقول بخلق القرآن
والإجماعات كثيرة جداً في تكفير من يقول بخلق القرآن
وجاء في مجموع فتاوى شيخ الإسلام (3/ 173) :" فقال الشيخ كمال الدين لصدر الدين ابن الوكيل قد قلت فى ذلك المجلس للشيخ تقى الدين أنه من قال إن حرفا من القرآن مخلوق فهو كافر فأعاده مرارا فغضب هنا الشيخ كمال الدين غضبا شديدا ورفع صوته وقال هذا يكفر اصحابنا المتكلمين الأشعرية الذين يقولون ان حروف القرآن مخلوقة مثل امام الحرمين وغيره وما نصبر على تكفير أصحابنا"
فالأشاعرة في زمن شيخ الإسلام يصرحون أنهم يقولون بخلق القرآن صراحةً
الطريق السابعة : تصريح من صرح من أهل العلم بأن بدعتهم في الكلام مكفرة
وقال أبو نصر السجزي في الرد على من أنكر الحرف والصوت ص155 :" ومنكر القرآن العربي وأنه كلام الله كافر بإجماع الفقهاء ومثبت قرآن لا أوّل له ولا آخر كافر بإجماعهم، ومدعي قرآن لا لغة فيه جاهل غبي عند العرب"
وهذا هو قول الأشاعرة كلهم متقدمهم ومتأخرهم فهم يرون أن كلام الله معنى نفسي إذا ترجم للعربية صار قرآنا وإذا ترجم للسريانية صار إنجيلاً ، وليس هو الذي بين أيدينا بل هو شيء واحد لا تتابع فيه ولا أي سمة من سمات الحدوث
ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية كلام أبي إسماعيل الأنصاري (2/399) :" وقال شيخ الاسلام ابو اسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري في كتاب ذم الكلام في آخره لما عقد بابا في ذكر هؤلاء الأشعرية المتأخرين فقال باب في ذكر كلام الأشعري ولما نظر المبرزون من علماء الأمة وأهل الفهم من اهل السنة طوايا كلام الجهمية وما اودعته من رموز الفلاسفة ولم يقع منهم الا على التعطيل البحت وان قطب مذهبهم ومنتهى عقدتهم ما صرحت به رؤوس الزنادقة قبلهم ان والفلك دوار والسماء خالية وان قولهم انه تعالى في كل موضع وفي كل شيء ما استثنوا جوف كلب ولا جوف خنزير ولا حشا فرارا من الاثبات وذهابا عن التحقيق وان قولهم سميع بلا سمع بصير بلا بصر عليم بلا علم قادر بلا قدرة اله بلا نفس ولا شخص ولا صورة ثم قالوا لا حياة له ثم قالوا لا شيء فانه لو كان شيئا لأشبه الأشياء حاولوا مقال رؤوس الزنادقه القدماء إذ قالوا الباري لا صفة لهم ولا لا صفة خافوا على قلوب ضعفاء المسلمين وأهل الغفلة وقلة الفهم منهم اذ كان ظاهر تعلقهم بالقرآن اعتصاما به من السيف واجتنابا به منهم واذ هم يرون التوحيد ويخاوضون المسلمين ويحملون الطيالسة فأفصحوا بمعائبهم وصاحوا بسوء ضمائرهم ونادوا على خبايا نكتهم فيا طول ما لقوا في أيامهم من سيوف لخلفاء وألسن العلماء وهجران الدهماء فقد شحنت كتاب تكفير الجهمية من مقالات علماء الاسلام ورن الخلفاء فيهم ودق عامة أهل السنة عليهم واجماع لمسلمين على اخراجهم من الملة ثلت عليهم الوحشة وطالت الذلة وأعيتهم الحيلة الا ان يظهروا الخلاف لأوليهم والرد عليهم ويصبغوا كلامهم صيغة تكون ألوح للأفهام وانجع في العوام من أساس اوليهم تحدوا بذلك المساغ وليتخلصوا من خزي الشناعة فجاءت بمخاريق ترئا للعين بغير ما في الحشايا ينظر الناظر الفهم في جذرها فيرى فخ الفلسفة يكسى لحاء السنة وعقد الجهمية ينحل القاب الحكمة يردون على اليهود قولهم يد الله مغلولة فينكرون الغل وينكرون اليد فيكونوا اسوأ حالا من اليهود لأن الله سبحانه اثبت الصفة ونفى العيب واليهود اثبتت الصفة واثبتت العيب وهؤلاء نفو الصفة كما نفوا العيب ويردون على النصارى في مقالتهم في عيسى وامه فيقولون لا يكون في المخلوق غير المخلوق فيبطلون القرآن فلا يخفى على ذوي الألباب ان كلام اولهم وكلام آخرهم كخيط السحارة فاسمعوا الآن يا ذوي الألباب وانظروا ما فضل هؤلاء على اولئك اولئك قالوا قبح الله مقالهم ان الله موجود بكل مكان وهؤلاء يقولون ليس هو في كل مكان ولا يوصف بأين وقد قال المبلغ عن الله عز و جل لجارية معاوية بن الحكم رضي الله عنه اين الله قالت في السماء الحديث وقالوا هو من فوق كما هو من تحت لا ندري اين هو ولا يوصف بمكان فليس هو في السماء وليس هو في الأرض وانكروا الجهة والحد وقال اولئك ليس له كلام انما خلق كلاما وهؤلاء يقولون تكلم مرة فهو متكلم به منذ تكلم لم ينقطع الكلام ولا يوجد كلامه في موضع ليس هو به ثم يقولون ليس هو في مكان ثم قالوا ليس له صوت ولا حروف وقالوا هذا زاج وورق وهذا صوف وخشب وهذا انما قصد النفس واريد به التفسير وهذا صوت القاري اما يرى حسن وغير حسن وهذا لفظه او ما تراه مجازا به حتى قال رأس من رؤوسهم او يكون قرآن من لبد وقال آخر من خشب فراوغوا فقالوا هذا حكاية عبر بها عن القرآن والله تكلم مرة ولا يتكلم بعد ذلك ثم قالوا غير مخلوق ومن قال مخلوق كافر وهذا من فخوخهم يصطادون به قلوب عوام اهل السنة وانما اعتقادهم ان القرآن غير موجود لفظية الجهمية الذكور بمرة والجهمية الاناث بعشر مرات
اولئك قالوا لاصفة وهؤلاء يقولون وجه كما يقال وجه النهار ووجه الأمر ووجه الحديث وعين كعين المتاع وسمع كأذن الجدار وبصر كما يقال جدارهما يترائيان ويد كيد المنة والعطية والأصابع كقولهم خراسان بين اصبعي الأمير والقدمان كقولهم جعلت الخصومة تحت قدمي والقبضة كما قيل فلان في قبضتي اي انا املك امره وقال الكرسي العلم والعرش الملك والضحك الرضى والاستواء الاستيلاء والنزول القبول والهرولة مثله شبهوا من وجه وانكروا من وجه وخالفوا السلف وتعدوا الظاهر فردوا الأصل ولم يثبتوا شيئا ولم يبقوا موجودا"
وأقر ابن تيمية هذا الكلام وأنهم جهمية في باب صفة الكلام وأنهم وقعوا في بدع مكفرة
وقال اللالكائي في السنة :" سياق ما دل من الآيات من كتاب الله تعالى وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين على أن القرآن تكلم الله به على الحقيقة ، وأنه أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يتحدى به ، وأن يدعو الناس إليه ، وأنه القرآن على الحقيقة . متلو في المحاريب ، مكتوب في المصاحف ، محفوظ في صدور الرجال ، ليس بحكاية ولا عبارة عن قرآن ، وهو قرآن واحد غير مخلوق وغير مجعول ومربوب ، بل هو صفة من صفات ذاته ، لم يزل به متكلما ، ومن قال غير هذا فهو كافر ضال مضل مبتدع مخالف لمذاهب السنة والجماعة"
فنص على أن بدعة الحكاية والعبارة مكفرة
كتبه عبد الله بن فهد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فهذا بحث في مسألة ما كان ينبغي أن تكون محل نزاع بين طلبة العلم لوضوحها ، ولكننا في أزمنة غريبة وهي مسألة كون بدعة الأشاعرة مكفرة ، وأنا هنا لا أتكلم عن الأعيان فإن الحكم على الفعل أو القول أنه كفر لا يلزم منه تكفير الأعيان ، فإنني لا أستبعد أن يأتي من ينسب لي تكفير بعض أعيان علماء الأشاعرة
والحق أن هذه المسألة أعني اعتبار بدعة الأشاعرة ( خصوصاً المتأخرين ) مكفرة مسألة إجماعية وإثبات هذا الإجماع من عدة طرق
الطريق الأولى : إثبات أن بدعة إنكار العلو مكفرة بإجماع
قال شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل (7/27) :" وجواب هذا أن يقال القول بأن الله تعالى فوق العالم معلوم بالاضطرار من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة بعد تدبر ذلك كالعلم بالأكل والشرب في الجنة والعلم بإرسال الرسل وإنزال الكتب والعلم بأن الله بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير والعلم بأنه خلق السماوات والأرض وما بينهما بل نصوص العلو قد قيل إنها تبلغ مئين من المواضع
والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين متواترة موافقة لذلك فلم يكن بنا حاجة إلى نفي ذلك من لفظ معين قد يقال إنه يحتمل التأويل ولهذا لم يكن بين الصحابة والتابعين نزاع في ذلك كما تنطق بذلك كتب الآثار المستفيضة المتواترة في ذلك وهذا يعلمه من له عناية بهذا الشأن أعظم مما يعلمون أحاديث الرجم والشفاعة والحوض والميزان وأعظم مما يعلمون النصوص الدالة على خبر الواحد والإجماع والقياس وأكثر مما يعلمون النصوص الدالة على الشفعة وسجود السهو ومنع نكاح المرأة على عمتها وخالتها ومنع ميراث القاتل ونحو ذلك مما تلقاه عامة الأمة بالقبول
ولهذا كان السلف مطبقين على تكفير من أنكر ذلك لأنه عندهم معلوم بالاضطرار من الدين والأمور المعلومة بالضرورة عند السلف والأئمة وعلماء الدين قد لا تكون معلومة لبعض الناس إما لإعراضه عن سماع ما في ذلك من المنقول فيكون حين انصرافه عن الاستماع والتدبر غير محصل لشرط العلم بل يكون ذلك الامتناع مانعا له من حصول العلم بذلك كما يعرض عن رؤية الهلال فلا يراه مع أن رؤيته ممكنة لكل من نظر إليه وكما يحصل لمن لا يصغي إلى استماع كلام غيره وتدبره لا سيما إذا قام عنده اعتقاد أن الرسول لا يقول مثل ذلك فيبقى قلبه غير متدبر ولا متأمل لما به يحصل له هذا العلم الضروري "
فهنا شيخ الإسلام ينقل الاتفاق على تكفير من ينكر العلو ويعني بذلك أن قوله كفر ، لا أن كفار بأعيانهم وإنما يكفرون بأعيانهم بعد إقامة الحجة
وهذا الذي قاله الشيخ بديهي إذ أن الأدلة على علو الله عز وجل على خلقه تربو على الألف دليل مع كون المسألة فطرية
وكون الأشاعرة عندهم شبهات فحتى الجهمية الذين قالوا بخلق القرآن عندهم شبهات فهذا لا ينفي عنهم أن قولهم مكفر
وقال الحاكم في معرفة علوم الحديث 161 - سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول : سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول : « من لم يقر بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته ، فهو كافر بربه يستتاب ، فإن تاب ، وإلا ضربت عنقه ، وألقي على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون ، والمعاهدون بنتن ريح جيفته ، وكان ماله فيئا لا يرثه أحد من المسلمين ، إذ المسلم لا يرث الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم »
ولا أعلم أحداً خالف ابن خزيمة في هذه
وقال العلامة عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ كما في مجموعة الرسائل والمسائل ( 1/221) وهو يتكلم عن الأشعرية :" وقد حكى ابن القيم -رحمه الله- عن خمسمائة إمام من أئمة الإسلام، ومفاتيه العظام أنهم كفّروا من أنكر الاستواء، وزعم أنه بمعنى الاستيلاء، ومن جملتهم إمامك الشافعي -رحمه الله-، وجملة من أشياخه كمالك وعبد الرحمن بن مهدي والسفيانين، ومن أصحابه أبو يعقوب البويطي والمزني، وبعدهم إمام الأئمة ابن خزيمة الشافعي، وابن سريج، وخلق كثير. وقولنا: إمامك الشافعي مجاراة للنسبة، ومجرد الدعوى، وإلا فنحن نعلم أنكم بمعزل عن طريقته في الأصول، وكثير من الفروع، كما هو معروف عند أهل العلم والمعرفة"
قال عبد الله بن أحمد في السنة 168 - حدثني أبو الحسن بن العطار محمد بن محمد قال : سمعت محمد بن مصعب العابد ، يقول : « من زعم أنك لا تتكلم ولا ترى في الآخرة فهو كافر بوجهك لا يعرفك ، أشهد أنك فوق العرش فوق سبع سماوات ليس كما يقول أعداء الله الزنادقة »
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (5/121) :" قَدْ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ " بِالْعُلُوِّ وَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَالْفَوْقِيَّة ِ " فِي كِتَابِهِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ حَتَّى قَالَ بَعْضُ أَكَابِرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ : فِي الْقُرْآنِ " أَلْفُ دَلِيلٍ " أَوْ أَزْيَدُ : تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالٍ عَلَى الْخَلْقِ وَأَنَّهُ فَوْقَ عِبَادِهِ "
فهذه أدلة القرآن فقط فكيف بأدلة القرآن والسنة والإجماع والفطرة ، وكيف لا يكون منكر ما قامت عليه كل هذه الأدلة واقعاً في بدعة مكفرة
الطريق الثانية : إثبات أن بدعة إنكار العلو أظهر من بدعة القول بخلق القرآن
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة ص164 :" مثل هذا من المؤمنين إن استفرغ وسعه في طلب الحق فإن الله يغفر له خطأه وإن حصل منه نوع تقصير فهو ذنب لا يجب ان يبلغ الكفر وإن كان يطلق القول بأن هذا الكلام كفر كما أطلق السلف الكفر على من قال ببعض مقالات الجهمية مثل القول بخلق القرآن أو إنكار الرؤية أو نحو ذلك مما هو دون إنكار علو الله على الخلق وأنه فوق العرش فإن تكفير صاحب هذه المقالة كان عندهم من أظهر الأمور فإن التكفير المطلق مثل الوعيد المطلق لا يستلزم تكفير الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة التي تكفر تاركها "
وهذا نص واضح من شيخ الإسلام أن كفر منكر العلو أظهر من كفر القائل بخلق القرآن
ولا يخفى الإجماعات الكثيرة التي نقلت على تكفير القائلين بخلق القرآن
جاء في عقيدة الرازيين التي نقلا عليها إجماع أهل العلم :" ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفرا ينقل عن الملة . ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر"
وقولهم ( فهو كافر ) يعنون به واقع في بدعة مكفرة ، ولا شك أنهم لو رأوا من ينكر أن بدعة إنكار العلو مكفرة لأنكروا عليه هذا الإنكار
وقال حرب الكرماني في عقيدته التي نقل عليها إجماع أهل العلم في عصره :" والقرآن كلام الله تكلم به ليس بمخلوق، فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم أن القرآن كلام الله ووقف ولم يقل ليس بمخلوق فهو أكفر من الأول وأخبث قولًا، ومن زعم إن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام الله فهو جهمي خبيث مبتدع.
ومن لم يكفرها ولا القوم ولا الجهمية كلهم فهو مثلهم، وكلم الله موسى وناوله التوراة من يده إلى يده، ولم يزل الله متكلمًا عالمًا فتبارك الله أحسن الخالقين"
فتأمل كيف أنه لم يكتف بالتكفير حتى أنكر على من لم يكفر ، وأكرر أن البحث في الأقوال لا الأعيان
الطريق الثالثة : أن بدعة إنكار العلو شر من بدعة الواقفة
لا شك أن إنكار علو الله عز وجل على خلقه أشر من قول الواقفة الذين وقفوا في القرآن شكاً
والواقفة الشاكة نقل الإجماع على تكفيرهم
قال الرازيان في عقيدتهما :" ومن شك في كلام الله عز وجل فوقف شاكا فيه يقول : لا أدري مخلوق أو غير مخلوق فهو جهمي . ومن وقف في القرآن جاهلا علم وبدع ولم يكفر"
فصرحوا بأن الجاهل فقط لا يكفر فدل على بدعتهم مكفرة
وتقدم نص حرب في تكفير الواقفة ونقله اللالكائي عن عامة علماء الأمصار
والمفوضة هم ورثة الواقفة على أن الواقفة خيرٌ من مفوضة الأشاعرة من وجه وهو أن مفوضة الأشاعرة يجزمون بأن ظاهر النصوص غير مراد
قال الشيخ ابن باز كما فتاوى نور على الدرب (1/60) :" والمقصود أن التأويل لا يجوز عند أهل السنة بل الواجب إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت، لكن مع الإيمان بأنها حق، وأنها صفات لله لائقة به، أما التفويض فلا يجوز.
والمفوضة قال أحمد فيهم: إنهم شر من الجهمية، والتفويض أن يقول القائل: الله أعلم بمعناها فقط وهذا لا يجوز; لأن معانيها معلومة عند العلماء"
الطريق الرابعة : بدعة إنكار العلو أظهر من بدعة اللفظية
واللفظية نقل حرب الإجماع على تجهيمهم وتكفيرهم وكفر الإمام أحمد من أعيانهم الكرابيسي
قال ابن عبد الهادي في بحر الدم :" 1290 - الكرابيسي.
قال المروذي: قلت لابي عبد الله: إن الكرابيسي يقول: من لم يقل: لفظه بالقرآن مخلوق فهو كافر، فقال: بل هو كافر، وقال: مات بشر المريسي وخلفه حسين الكرابيسي، وقال لي: هذا قد تجهم وأظهر الجهمية، ينبغي أن يحذر عنه وعن كل من ابتعد"
وأنكر الإمام أحمد على أبي ثور قوله فيهم ( مبتدعة ) ورآه تساهلاً
قال الذهبي في تاريخ الإسلام :" وقال المروذي في كتاب القصص: عزم حسن بن البزاز، وأبو نصر بن عبد المجيد، وغيرهما على أن يجيئوا بكتاب المدلسين الذي وضعه الكرابيسي يطعن فيه على الأعمش، وسليمان التيمي. فمضيت إليه في سنة أربع وثلاثين فقلت: إن كتابك يريد قوم أن يعرضوه على عبد الله، فأظهر أنك قد ندمت عليه.
فقال: إن أبا عبد الله رجل صالح، مثله يوفق لإصابة الحق. قد رضيت أن يعرض عليه. لقد سألني أبو ثور أن أمحوه، فأبيت.
فجيء بالكتاب إلى عبد الله، وهو لا يعلم لمن هو، فعلموا على مستبشعات من الكتاب، وموضع فيه وضع على الأعمش، وفيه: إن زعمتم أن الحسن بن صالح كان يرى السيف فهذا ابن الزبير قد خرج.
فقال أبو عبد الله: هذا أراد نصرة الحسن بن صالح، فوضع على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد جمع للروافض أحاديث في هذا الكتاب.
فقال أبو نصر: إن فتياننا يختلفون إلى صاحب هذا الكتاب.
فقال: حذروا عنه.
ثم انكشف أمره، فبلغ الكرابيسي، فبلغني أنه قال: سمعت حسينا الصايغ يقول: قال الكرابيسي: لأقولن مقالة حتى يقول أحمد بن حنبل بخلافها فيكفر، فقال: لفظي بالقرآن مخلوق.
فقلت لأبي عبد الله: إن الكرابيسي قال: لفظي بالقرآن مخلوق. وقال أيضا: أقول: إن القرآن كلام الله غير مخلوق من كل الجهات، إلا أن لفظي بالقرآن مخلوق. ومن لم يقل إن لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر.
فقال أبو عبد الله: بل هو الكافر، قاتله الله، وأي شيء قالت الجهمية إلا هذا؟ قالوا كلام الله، ثم قالوا: مخلوق. وما ينفعه وقد نقض كلامه إلا خير كلامه الأول حين قال: لفظي بالقرآن مخلوق.
ثم قال أحمد: ما كان الله ليدعه وهو يقصد إلى التابعين مثل سليمان الأعمش، وغيره، يتكلم فيهم. مات بشر المريسي، وخلفه حسين الكرابيسي.
ثم قال: أيش خبر ابي ثور؟ وافقه على هذا؟ قلت: قد هجره.
قال: قد أحسن.
قلت: إني سألت أبا ثور عمن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فقال: مبتدع.
فغضب أبو عبد الله وقال: أيش مبتدع؟! هذا كلام جهم بعينه. ليس يفلح أصحاب الكلام"
ولا شك أن منكر العلو شر من اللفظي ولو كانت كلمة مبتدع تساوي كلمة ( جهمي ) في المعنى لما أنكر أحمد على أبي ثور ، ولكن كلمة جهمي تعني أنه واقع في بدعة مكفرة
واليوم بعض الناس يعكس إنكار أحمد فينكرون على من يقول في الأشعرية جهمية أي واقعون في بدعة مكفرة ، ولو أدركهم أحمد لكان له معهم شأن
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ناقلاً عن الكرجي (4/177) :" قال وقد افتتن أيضا خلق من المالكية بمذاهب الأشعرية وهذه والله سبة وعار وفلتة تعود بالوبال والنكال وسوء الدار على منتحل مذاهب هؤلاء الأئمة الكبار فإن مذهبهم ما رويناه من تكفيرهم الجهمية والمعتزلة والقدرية والواقفية وتكفيرهم اللفظية"
هنا جعل الكلام في تكفير اللفظية والواقفة والمعتزلة متناولاً للأشعرية أيضاً
وقال أبو داود في مسائله عن أحمد ص265 :" كتبت رقعة وأرسلت بها إلى أبي عبد الله وهو يومئذ متوار فأخرج إلي جوابه مكتوباً فيه: قلت رجل يقول: التلاوة مخلوقة وألفاظنا بالقرآن مخلوقة، والقرآن ليس بمخلوق، وما ترى في مجانبته؟ وهل يسمى مبتدعاً؟ وعلى ما يكون عقد القلب في التلاوة والألفاظ وكيف الجواب فيه؟ قال هذا يجانب، وهو فوق المبتدع وما أراه إلا جهمياً، وهذا كلام الجهمية، القرآن ليس بمخلوق، قالت عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هن أم الكتاب وآخر متشابهات} الآية. قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم فإنهم هم الذين عنى الله)) فالقرآن ليس بمخلوق"
فهنا أحمد قال في اللفظي ( فوق المبتدع ) فلا شك أن المعطل الذي عطل صفات الله كلها إلا سبع صفات أثبتها يتناوله هذا النص
وقال الخلال في السنة 2109- سمعت أبا بكر المروذي يقول : أتيت أبا عبد الله ليلة في جوف الليل فقال لي : يا أبا بكر ، بلغني أن نعيماً كان يقول : لفظي بالقرآن مخلوق، فإن كان قاله فلا غفر الله له في قبره .
الطريق الخامسة : إنكار العلو أظهر من إنكار القدرية للعلم
اتفق أهل العلم على تكفير القدرية المنكرين للعلم ، وقد نص شيخ الإسلام أن السلف ذموا الجهمية نفاة العلو بأكثر مما ذموا به القدرية
قال شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (2/45) :" ولا يقدر أحد ان ينقل عن أحد من سلف الامة وأئمتها في القرون الثلاثة حرفا واحدا يخالف ذلك لم يقولوا شيئا من عبارات النافية أن الله ليس في السماء والله ليس فوق العرش ولا انه لا داخل العالم ولا خارجه ولا ان جميع الامكنة بالنسبة اليه سواء ولا انه في كل مكان او انه لا تجوز الاشارة الحسية اليه ولا نحو ذلك من العبارات التي تطلقها النفاة لان يكون فوق العرش لا نصا ولا ظاهرا بل هم مطبقون متفقون على أنه نفسه فوق العرش وعلى ذم من ينكر ذلك بأعظم مما يذم به غيره من أهل البدع مثل القدرية والخوارج والروافض ونحوهم
وإذا كان كذلك فليعلم ان الرازي ونحوه من الجاحدين لان يكون الله نفسه فوق العالم هم مخالفون لجميع سلف الأمة وأئمتها الذين لهم في الامة لسان صدق ومخالفون لعامة من يثبت الصفات من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية والمتكلمين مثل الكرامية والكلابية والأشعرية الذين هم الأشعري وأئمة اصحابه ولكن الذين يوافقونه على ذلك هم المعتزلة والمتفلسفة المنكرون للصفات وطائفة من الأشعرية وهم في المتأخرين منهم اكثر منهم في المتقدمين وكذلك من اتبع هؤلاء من الفقهاء والصوفية وطائفة من أهل الحديث "
ولو قال شخص اليوم ( بدعة الرافضة غير مكفرة ) أو ( بدعة القدرية غير مكفرة بإطلاق )
لثار عليه الناس ، والكل يعرف خلاف أهل السنة في تكفير الخوارج فما بال البعض ينكر على من يقول بدعة الأشاعرة مكفرة !
الطريق السادسة : إثبات أن الأشعرية جهمية في باب القرآن
قال البيجوري : ومذهب أهل السنة ! أن القرآن بمعنى الكلام النفسي ليس بمخلوق
وأما القرآن بمعنى اللفظ الذي نقرؤه فهو مخلــــــــــــ ــوق(جوهرة التوحيد ص94)
قال الرازي : إنه تعالى إذا أراد شيئا أو كره شيئا خلق هذه الاصوات المخصوصة في جسم من الأجسام لتدل هذه الأصوات على كونه تعالى مريدا لذلك الشيء المعين أو كارها له .(الاربعين ص177)
قال الجويني : فإن معنى قولهم-أي المعتزلة- هذه العبارات كلام الله : أنهاخلقه،ونحن لا ننكر أنها خلق الله. الإرشاد(ص/117)
وقال شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل (2/96) :" كان الشيخ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرايني إمام الأئمة الذي طبق الأرض علما وأصحابا اذا سعى الى الجمعة من قطعية الكرج الى جامع المنصور يدخل الرباط المعروف بالزوزي المحاذي للجامع ويقبل على من حضر ويقول اشهدوا على بأن القرآن كلام الله غير مخلوق كما قاله الإمام ابن حنبل لا كما يقوله الباقلاني وتكرر ذلك منه جمعات"
فهذا يدل على أن الباقلاني يقول بخلق القرآن
والإجماعات كثيرة جداً في تكفير من يقول بخلق القرآن
وجاء في مجموع فتاوى شيخ الإسلام (3/ 173) :" فقال الشيخ كمال الدين لصدر الدين ابن الوكيل قد قلت فى ذلك المجلس للشيخ تقى الدين أنه من قال إن حرفا من القرآن مخلوق فهو كافر فأعاده مرارا فغضب هنا الشيخ كمال الدين غضبا شديدا ورفع صوته وقال هذا يكفر اصحابنا المتكلمين الأشعرية الذين يقولون ان حروف القرآن مخلوقة مثل امام الحرمين وغيره وما نصبر على تكفير أصحابنا"
فالأشاعرة في زمن شيخ الإسلام يصرحون أنهم يقولون بخلق القرآن صراحةً
الطريق السابعة : تصريح من صرح من أهل العلم بأن بدعتهم في الكلام مكفرة
وقال أبو نصر السجزي في الرد على من أنكر الحرف والصوت ص155 :" ومنكر القرآن العربي وأنه كلام الله كافر بإجماع الفقهاء ومثبت قرآن لا أوّل له ولا آخر كافر بإجماعهم، ومدعي قرآن لا لغة فيه جاهل غبي عند العرب"
وهذا هو قول الأشاعرة كلهم متقدمهم ومتأخرهم فهم يرون أن كلام الله معنى نفسي إذا ترجم للعربية صار قرآنا وإذا ترجم للسريانية صار إنجيلاً ، وليس هو الذي بين أيدينا بل هو شيء واحد لا تتابع فيه ولا أي سمة من سمات الحدوث
ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية كلام أبي إسماعيل الأنصاري (2/399) :" وقال شيخ الاسلام ابو اسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري في كتاب ذم الكلام في آخره لما عقد بابا في ذكر هؤلاء الأشعرية المتأخرين فقال باب في ذكر كلام الأشعري ولما نظر المبرزون من علماء الأمة وأهل الفهم من اهل السنة طوايا كلام الجهمية وما اودعته من رموز الفلاسفة ولم يقع منهم الا على التعطيل البحت وان قطب مذهبهم ومنتهى عقدتهم ما صرحت به رؤوس الزنادقة قبلهم ان والفلك دوار والسماء خالية وان قولهم انه تعالى في كل موضع وفي كل شيء ما استثنوا جوف كلب ولا جوف خنزير ولا حشا فرارا من الاثبات وذهابا عن التحقيق وان قولهم سميع بلا سمع بصير بلا بصر عليم بلا علم قادر بلا قدرة اله بلا نفس ولا شخص ولا صورة ثم قالوا لا حياة له ثم قالوا لا شيء فانه لو كان شيئا لأشبه الأشياء حاولوا مقال رؤوس الزنادقه القدماء إذ قالوا الباري لا صفة لهم ولا لا صفة خافوا على قلوب ضعفاء المسلمين وأهل الغفلة وقلة الفهم منهم اذ كان ظاهر تعلقهم بالقرآن اعتصاما به من السيف واجتنابا به منهم واذ هم يرون التوحيد ويخاوضون المسلمين ويحملون الطيالسة فأفصحوا بمعائبهم وصاحوا بسوء ضمائرهم ونادوا على خبايا نكتهم فيا طول ما لقوا في أيامهم من سيوف لخلفاء وألسن العلماء وهجران الدهماء فقد شحنت كتاب تكفير الجهمية من مقالات علماء الاسلام ورن الخلفاء فيهم ودق عامة أهل السنة عليهم واجماع لمسلمين على اخراجهم من الملة ثلت عليهم الوحشة وطالت الذلة وأعيتهم الحيلة الا ان يظهروا الخلاف لأوليهم والرد عليهم ويصبغوا كلامهم صيغة تكون ألوح للأفهام وانجع في العوام من أساس اوليهم تحدوا بذلك المساغ وليتخلصوا من خزي الشناعة فجاءت بمخاريق ترئا للعين بغير ما في الحشايا ينظر الناظر الفهم في جذرها فيرى فخ الفلسفة يكسى لحاء السنة وعقد الجهمية ينحل القاب الحكمة يردون على اليهود قولهم يد الله مغلولة فينكرون الغل وينكرون اليد فيكونوا اسوأ حالا من اليهود لأن الله سبحانه اثبت الصفة ونفى العيب واليهود اثبتت الصفة واثبتت العيب وهؤلاء نفو الصفة كما نفوا العيب ويردون على النصارى في مقالتهم في عيسى وامه فيقولون لا يكون في المخلوق غير المخلوق فيبطلون القرآن فلا يخفى على ذوي الألباب ان كلام اولهم وكلام آخرهم كخيط السحارة فاسمعوا الآن يا ذوي الألباب وانظروا ما فضل هؤلاء على اولئك اولئك قالوا قبح الله مقالهم ان الله موجود بكل مكان وهؤلاء يقولون ليس هو في كل مكان ولا يوصف بأين وقد قال المبلغ عن الله عز و جل لجارية معاوية بن الحكم رضي الله عنه اين الله قالت في السماء الحديث وقالوا هو من فوق كما هو من تحت لا ندري اين هو ولا يوصف بمكان فليس هو في السماء وليس هو في الأرض وانكروا الجهة والحد وقال اولئك ليس له كلام انما خلق كلاما وهؤلاء يقولون تكلم مرة فهو متكلم به منذ تكلم لم ينقطع الكلام ولا يوجد كلامه في موضع ليس هو به ثم يقولون ليس هو في مكان ثم قالوا ليس له صوت ولا حروف وقالوا هذا زاج وورق وهذا صوف وخشب وهذا انما قصد النفس واريد به التفسير وهذا صوت القاري اما يرى حسن وغير حسن وهذا لفظه او ما تراه مجازا به حتى قال رأس من رؤوسهم او يكون قرآن من لبد وقال آخر من خشب فراوغوا فقالوا هذا حكاية عبر بها عن القرآن والله تكلم مرة ولا يتكلم بعد ذلك ثم قالوا غير مخلوق ومن قال مخلوق كافر وهذا من فخوخهم يصطادون به قلوب عوام اهل السنة وانما اعتقادهم ان القرآن غير موجود لفظية الجهمية الذكور بمرة والجهمية الاناث بعشر مرات
اولئك قالوا لاصفة وهؤلاء يقولون وجه كما يقال وجه النهار ووجه الأمر ووجه الحديث وعين كعين المتاع وسمع كأذن الجدار وبصر كما يقال جدارهما يترائيان ويد كيد المنة والعطية والأصابع كقولهم خراسان بين اصبعي الأمير والقدمان كقولهم جعلت الخصومة تحت قدمي والقبضة كما قيل فلان في قبضتي اي انا املك امره وقال الكرسي العلم والعرش الملك والضحك الرضى والاستواء الاستيلاء والنزول القبول والهرولة مثله شبهوا من وجه وانكروا من وجه وخالفوا السلف وتعدوا الظاهر فردوا الأصل ولم يثبتوا شيئا ولم يبقوا موجودا"
وأقر ابن تيمية هذا الكلام وأنهم جهمية في باب صفة الكلام وأنهم وقعوا في بدع مكفرة
وقال اللالكائي في السنة :" سياق ما دل من الآيات من كتاب الله تعالى وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين على أن القرآن تكلم الله به على الحقيقة ، وأنه أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يتحدى به ، وأن يدعو الناس إليه ، وأنه القرآن على الحقيقة . متلو في المحاريب ، مكتوب في المصاحف ، محفوظ في صدور الرجال ، ليس بحكاية ولا عبارة عن قرآن ، وهو قرآن واحد غير مخلوق وغير مجعول ومربوب ، بل هو صفة من صفات ذاته ، لم يزل به متكلما ، ومن قال غير هذا فهو كافر ضال مضل مبتدع مخالف لمذاهب السنة والجماعة"
فنص على أن بدعة الحكاية والعبارة مكفرة