صفحات مزرية من تاريخ اليهود
أ. د. سليمان بن قاسم بن محمد العيد
قائمة المراجع المساعدة:
الحوت، بيان نويهض: فلسطين: القضية، الشعب، الحضارة، التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين (1917)، الطبعة الأولى، بيروت، دار الاستقلال للطباعة والنشر، 1991م.
الخالدي، صلاح: حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية، الطبعة الثانية، لندن، منشورات فلسطين المسلمة، 1994م.
العليمي، مجير الدين الحنبلي: الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل (إعداد: عدنان يونس أبو تبانة، إشراف: محمود علي عطا الله)، المجلد الأول، الطبعة الأولى، الخليل، مكتبة دنديس، 1999م.
العويسي، عبد الفتاح: جذور القضية الفلسطينية 1799-1922، الطبعة الثانية، الخليل، دار الحسن للطباعة والنشر، 1992م.
الكيالي، عبد الوهاب: تاريخ فلسطين الحديث، الطبعة العاشرة، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
شراب، محمد محمد: معجم بلدات فلسطين: دمشق، بيروت، دار المأمون للتراث.
غارودي، رجاء: الأساطير المؤسسة للسياسة "الإسرائيلية" (مترجم عن الفرنسية)، الطبعة الأولى، القاهرة، دار الغد العربي، 1996م.
غارودي، روجيه: فلسطين أرض الرسالات السماوية، (ترجمة: قصي أتاسي – ميشيل واكيم)، دمشق، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، 1991م.
مصطفى، عبد العزيز: قبل أن يهدم الأقصى، القاهرة، دار التوزيع والنشر الإسلامية.
مادة مرئية عن cd )): قرص حاسوب مضغوط بعنوان: (رحلة في رحاب المسجد الأقصى)، إنتاج: شركة سلسبيل للكمبيوتر، نابلس، فلسطين.
يعد تاريخ اليهود سلسلة شديدة التعقيد من التزييف والتزوير والجرائم تستحق الرصد والتسجيل بشكل ميسور أمام القاريء العربي، وهو ما يقدمه لنا هذا الكتاب الجديد الذي يتيح لنا الولوج لخريطة معرفية عامة رسمها لنا مؤلفه أحمد فؤاد ـ الباحث المتخصص في الشئون الاسرائيلية ـ والذي يقدم لنا كتابا يتناول التاريخ اليهودي بشكل مكثف عبر العصور كلها دون الاسهاب في فترة على حساب الآخرى، حتى نكون على بينة بهذا العدو الذي تنبيء كل المؤشرات أن الصراع ضده سيستمر لسنوات طوال مقبلة، حتى ولو ارتدى صورا مختلفة اقتصادية منها أو ثقافية. وقد اعتبر المؤلف هنا أن هناك شيئا اسمه «تاريخ يهودي» على سبيل المجاز ـ وقد اشار لهذا بوضوح في مقدمة الكتاب ـ فقد تشتتوا اغلب فترات التاريخ وارتبط ذكرهم بتاريخ وثقافات الشعوب التي عاشوا بين ظهرانيها. واليهود ـ حسب الكتاب الذي نعرض له ـ خليط من عناصر مختلفة شردوا في بقاع العالم، وزاد اختلاطهم بالعرب الذين رحبوا بهم في القرن الثامن «وهي الفترة التي يعترف غالبية اليهود بأنها كانت العصر الذهبي في تاريخهم» .
وعلى أية حال فقد أحدث هذا الاختلاط ثلاث مجموعات يهودية مختلفة: الأولى الاشكنازيون ويشملون أغلب يهود وسط أوروبا وشرقها «كلمة اشكناز تشير وفقا لقاموس ايفن شوشان: الى شعب قديم ورد ذكره في التوراة وارتبط في الكتابات العبرية بألمانيا الحالية ». والمجموعة الثانية السفارديم وهم اليهود الذين طردوا من أسبانيا والبرتغال في نهاية القرن الخامس عشر واستوطنوا جنوب اوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهاجر قسم منهم الى بريطانيا وأميركا وكلمة سيفارد «المفرد» تشير الى أسبانيا. وقد انسحب هذا الوصف حاليا على اليهود الشرقيين الذين يعيشون منذ زمن بعيد في الشرق الأوسط وآسيا الصغرى. واليهود ينسبون انفسهم فى عنصرية لابراهيم «عليه السلام» وبينما يصفه الاسلام وديانات أخرى فى تسامح وموضوعية بأنه أبو الانبياء يطلق عليه اليهود «أبانا ابراهيم» أى أبو اليهود ! ولهذا تعتبر الكتابات الاسرائيلية الحديثة ان التاريخ اليهودى يبدأ بعهد ابراهيم الذي يقولون عنه عهد الآباء والاجداد«القرن 17 قبل الميلاد» ومع هذا نجد أن أنبياء اليهود أنفسهم يتعرضون للافتراءات والتشوية عبر كتابات متناقضة وغير منطقية وردت في العهد القديم بصورته الحالية.
وتروج الكتابات اليهودية الى أن تاريخ الشعب اليهودى يبدأ قبل 4000 سنة مع ميلاد سيدنا ابراهيم الخليل ونجله اسحاق وحفيده يعقوب عليهم السلام. وتدل الوثائق والآثار التى تم اكتشافها فى حفريات أرض ما بين النهرين، التى يعود تاريخها الى النصف الأول من الالف الثانى قبل ميلاد المسيح، على الظواهر البدوية الترحالية لطريقة الحياة كما ورد وصفها فى سفر الخروج من الكتاب المقدس. أما بالنسبة لموسى عليه السلام فبعد 400 سنة من العبودية والاسترقاق «وهو أمر نقرهم عليه حيث كانوا مجرد عبيد مهمشين» قاد النبى موسى عليه السلام، الذى اختاره الرب، حسب ما ورد فى أقاصيص التوراة، الشعب الاسرائيلى للانعتاق من العبودية والأخذ بيد شعبه من مصر للعودة الى «أرض اسرائيل» التى وعد الرب بها اباءها.
وقد توقف «أحمد فؤاد» أمام نظرة اليهود لسيدنا موسى عليه السلام الذي عاش في القرن الثالث عشر باعتباره مؤسس الديانة اليهودية قبل تحريفها والذي قاد بني اسرائيل خلال عملية الخروج من مصر «لم يدخل فلسطين ولا يزال الغموض يسيطر على ملابسات موته ومكان دفنه».
ويتضح للباحث ولنا أنه حتى موسى عليه السلام لم ينج من تطاول التوراة «المحرفة» عليه ونسبها اليه أفعالا وجرائم لا تصدر عن الانسان العادي فما بالنا بنبي كريم فهي تتهم موسى عليه السلام بخيانة الرب، و انه لم يقدسه وسط بني اسرائيل فحكم عليه بألا تطأ قدماه الأرض المقدسة أبدا «تثنية 28 ـ 52 واذا انتقلنا ـ مع الكتاب
ـ لمرحلة ما بعد موسى نجد أن الاسرائيليين يزعمون زورا أنهم خلال القرنين التاليين احتلوا معظم الأرض «أرض اسرئيل» وانهم نبذوا حياة البداوة والترحال والنقطة الأخيرة صحيحة الى حد بعيد متأثرين بحضارات الشعوب الأقدم في الأرض وهي الشعوب العربية. وقد تخللت عهود من السلام النسبى فترات من الحروب التى خاضها العبريون بقيادة زعماء عرفوا فى التاريخ اليهودى باسم «القضاة» الذين بلغوا مراكزهم هذه بفضل مهارتهم السياسية والحربية وليس تفقههم في الدين فقط.
اما سليمان «930 ـ 96ق. م »، الذى ورث والده الملك داود فقد وجه معظم طاقاته لتقوية ودعم المملكة. اذ عقد معاهدات مع ملوك الدول المجاورة تم دعمها سياسيا بالمصاهرة.
وقد اثبت بحث المؤلف مجددا جذور الحق العربي وأصالة «فلسطين» أمام. «امارة عابرة كانت مداسا للأمم» حيث خصص مساحة كبيرة لاستعراض حملة فرعونية لتطهير فلسطين، ثم انقسام اليهود وفقا للمصادر اليهودية نفسها.
ويقول الكتاب ان الاحتلال البابلى أدى الى نهاية الدويلة اليهودية «عهد هيكل سليمان الاول» واكتفى المنفيون بترديد فقرة من العهد القديم لا يزالون يكررونها حتى الآن فى تطرف «ان نسيتك يا يروشلايم انسى يمينى». وبشكل قاطع نرى أن الجلاء الى بابل اثر خراب الهيكل الأول «586 ق. م» يشكل بداية الشتات اليهودية.
الكتاب الجديد تتبع كذلك من مصادر نادرة مواجهة الاسلام المبكرة لمؤامرات اليهود بعد أن شعر اليهود بالاستياء لمبعث الرسول «ص» من قريش، لأنهم كانوا يطمعون في أن يكون منهم وكانوا يهددون القبائل العربية بالنبي الذي اقترب ظهوره بينهم ورغم معرفتهم بصدق نبوته الا أنهم كابروا.
ومن الفصول المهمة في الكتاب فصل يحمل عنوان «تحت الحكم العربى الأرقام تتحدث» حيث استعرض في استرسال مبسط تسامح الاسلام تجاه اليهود باعتبارهم أهل ذمة على مدار القرون الطويلة التالية لفتح فلسطين بعد وفاة الرسول باربعة أعوام، حتى قرر معظم اليهود الهجرة من البلاد. الأمر الذى أدى خلال القرن الحادى عشر الى ضعضعة الطائفة اليهودية فى هذه البلاد بشكل ملموس وفقدان تنظيماتها الادارية والدينية.
وتصدى كتاب«تاريخ اليهود» ـ في فصل آخر ـ لمزاعم المصادر الاسرائيلية المتشددة التي تقول: أن البلاد تحولت تحت حكم المماليك الى إقليم منعزل حيث تمت السيطرة عليها من دمشق. وأنه قد تم تدمير ميناءي عكا ويافا وسائر الموانيء خشية من غزوة صليبية جديدة.
فالحقائق تقول أن بيت المقدس شهد تحت حكم المسلمين على مر العصور نهضة في جميع المجالات نذكر منها النشاط الثقافي في مجال العلوم والنحو، ناهيك عن نهضة معمارية تشهد بها المدن الفلسطينية والمساجد العامرة والأسبلة والكتاتيب والمدارس الدينية التي نجت من تدمير الصهاينة. خلال القرون الأربعة التالية أدير الحكم فى فلسطين من اسطنبول على أيدي الاتراك العثمانيين وعاش فى البلاد حسب التقديرات الصهيونية الحديثة المبالغ فيها حوالى 1000 عائلة يهودية فقط. فى ديسمبر 1917 دخلت القوات البريطانية بقيادة الجنرال اللنبى القدس حيث أنهت نحو اثنى عشر قرنا من الحكم العربى المتصل.
وفيما يتعلق بظهور الصهيونية أكد الكتاب على عنصرية الفكر الصهيوني الذي يسعى لتحول الديانة لقومية. وعلى استغلال الصهيونية ما تصفه بالاضطهاد وملاحقة اليهود المستمرة فى اوروبا الشرقية ومبالغتها في تلك الأحداث، بل وتفجيرها قنابل وسط تجمعات يهودية لاخافة السكان ودفعهم للهجرة لفلسطين بزعم أن في ذلك تحرراً من وهم الانعتاق الشكلى في أوروبا الغربية ونتوقف أيضا أمام رصد أحمد فؤاد لاعترافات المؤرخين الجدد في اسرائيل بأن أسطورة القلة اليهودية التي هزمت الجيوش العربية في عام 48 غير صحيحة على الاطلاق فقد اعترفوا بما ذكره القائد الانجليزي «جون باجون جلوب» الذي أكد أن ميزان القوى كان يميل لصالح اليهود ففي مايو 1948 كانت القوات العربية مقسمة كالتالي: من مصر عشرة آلاف وخمسمئة مقاتل، سوريا بعثت بثلاثة آلاف مقاتل، العراق مثل سوريا «ثلاثة آلاف مقاتل» ولبنان ألف مقاتل بالاضافة لقوات المتطوعين اغلبها من مصر تحت اسم الجيش العربي. ومجموع هذه القوات بلغ واحدا وعشرين ألف عربي مقابل خمسة وستين ألف مقاتل يهودي. وطوال الحرب كان عدد اليهود أكبر.
ومن أسرار حرب أكتوبر التي افرج عنها مؤخرا في اسرائيل كشف الكتاب أن: قائد المخابرات العسكرية الاسرائيلية في حرب اكتوبر اعترف بأن المخابرات المصرية دست معلومات مضللة على جولدا مائير حيث أن مدير المخابرات الحربية الاسرائيلية في حرب اكتوبر «ايلي زعيرا» والذي يصفونه في اسرائيل بأنه «مهندس الهزيمة » وانه السبب الرئيسي فيما لحق بالجيش الاسرائيلي، نشر ـ بعد اكثر من ربع قرن من الصمت ـ كتابا يحمل اسم «حرب اكتوبر الاسطورة أمام الواقع».
وفي كتابه يدعى «زعيرا» ان السبب الرئيسي في الهزيمة هو وصول معلومات تم نقلها مباشرة الى رئيس الوزراء وبدون تحليل من المخابرات على اساس انها موثوق بها وكانت هذه المعلومات هي السبب الاساسي وراء التقديرات الخاطئة التي اتخذتها الحكومة، ويقول «زعيرا» ايضا انه يعتقد ان تلك المعلومات المضللة هي من تخطيط المخابرات المصرية وانها كانت جزءا من خطة الخداع والتموية المصرية التي تم تنفيذها استعدادا للمعركة.
في المقابل كانت المخابرات المصرية تعرف كل شيء عن الجيش الاسرائيلي قبل حرب أكتوبر فقد تناول مؤلف الكتاب أحمد فؤاد كذلك قصة كتاب مصري قامت باعداده المخابرات المصرية عن الجيش الاسرائيلي وضباطه قبل وخلال حرب اكتوبر التفاصيل بالكتاب تعكس بصدق أن الانتصار في حرب أكتوبر جاء نتيجه للتخطيط بشكل علمي والجهود الخارقة للعقول والسواعد المصرية.
فالكتاب الذي عثر الاسرائيليون على نسخة منه في أحد المواقع المصرية في سيناء هو كتاب ضخم مكتوب باللغه العربية تحت عنوان «شخصيات اسرائيلية » ويتضح من غلافه أنه صادر في يناير 1973 وهو يحمل كلمة «سري » قامت باعداده المخابرات الحربية المصريه ووزعت منه 3600 نسخه للقاده من ضباط الجيش. اما محتواه فقد كان مفاجأة مذهله للاسرائيليين حيث احتوى على أسماء وصور كل الضباط الذين كانوا يخدمون بالجيش الاسرائيلي في هذا الوقت بدءا من رئيس الأركان حتى رتبة رائد. وقد كتب بجوار كل صوره نبذات عن حياته ووظيفته وأحيانا سمات شخصية وأجتماعية.
الكتاب وصفته مصادر اسرائيلية بأنه مذهل ويكشف معرفة أدق التفاصيل حتى عن الضباط الصغار وينقسم الكتاب الى قسمين الأول عن شخصيات اسرائيليه عسكريه والثاني عن شخصيات اسرائيلية مدنية. وأكد «تاريخ اليهود» على استمرار المؤامرات رغم معاهدة السلام مع مصر فسرد وقائع تثبت هذا مثل قصة الجاسوس «لوك» الذي ترصدته أجهزة الأمن. وكشفه سائق التاكسي. وطارده أولاد البلد، وقصة الجاسوس الاسرائيلي الذي عاد على طائرة بيغين واستقبله السادات، مرورا بسرقة الجنيزا من القاهرة، ومحاولات الاختراق المستمرة.
وعلى صعيد مواز أبرز الكتاب تضحيات ابطال الانتفاضة فقد حصد الارهاب الصهيوني في الانتفاضة الأولى حوالي 300,1 فلسطيني و80 اسرائيلياً قتلوا في الانتفاضة حتى نهاية 1991. والعديد من البيوت الخاصّة الفلسطينية كانت قد نسفت عن طريق القوات العسكرية الاسرائيلية. وفي المقابل رصد اعتراف رئيس الأركان الاسرائيلي: نضرب المدنيين بالدبابات لأننا نمر بمرحلة مصيرية والجيش لا يستطيع وقف المقاومة الفلسطينية بسرعة. وحقيقة أن. الاقتصاد الاسرائيلي يترنح تحت وطأة الانتفاضة.
واختتم الكتاب رحلته مع القاريء بنبرة تفاؤل حيث ذكر: يقولون الانتفاضة الأولى والانتفاضة الثانية والواقع يقول انها انتفاضة واحدة لم تهدأ يوما نحتفل في هذه الأيام بذكراها الخامسة عشرة بعد أن دخلت كل قواميس العالم وأحرجت كل السماسرة والمتآمرين الذين أصبح علاجهم من الايدز السياسي أمراً بعيد المنال والحل هو عزلهم وتجنبهم لتستمر مسيرة التحرير على درب أثبت نفسه في لبنان بالأمس القريب بعد 18 سنة احتلال.
بقى أن ندعو لتشجيع عمليات رصد التاريخ الملوث لليهود وتسجيل جرائمهم وكذبهم وافترائهم فالكتاب يعد محاولة جيدة في مقابل ما يعرف بالأدب الريبورتاجي «الوثائقي» عن الجيش والمستعمرين وقتلاهم. خاصة وأنه قدم قائمة وافية لمذابح الصهاينة منذ مطلع القرن العشرين وحتى مذبحة جنين
---------------------------------------------------
مُلك داود وسليمان .. ملكٌ إسلامي
يعلم جُلُّ مثقفي العرب أن هناك ادعاءات وأساطير دينية وتاريخية روَّجت لها الحركة الصهيونية، وقامت على أساسها ما عُرِف بدولة "إسرائيل"؛ والتي منها "نبوءة الحق الإلهي لليهود في فلسطين".
و"الشعب المختار"، و"أسطورة الصحراء" وغيرها. هذه الادعاءات والأساطير تروّجها جُلُّ الأقلام اليهودية والصهيونية، وبعض الدوائر الغربية ـ وللأسف ــ بعض العرب بغير وعي!! لقد نجحت آلة الدعاية الصهيونية، ليس في تزوير تاريخنا فحسب، بل وفي دفع بعض العرب إلى ترديد الادعاءات والأساطير اليهودية والصهيونية وكأنها حقائق دينية أو تاريخية، فكثيرة هي الكتب العربية التي تردد تلك الادعاءات والأساطير، كأن نقرأ مثلاً: " كان هناك صراع بين المصريين وبين بني إسرائيل أيام النبي موسى عليه السلام"، أو " كان لليهود أو لبني إسرائيل، كيان سياسي أيام النبيين داود وسليمان عليهما السلام "، و" أن المدة التي ساد فيها الإسرائيليون في فلسطين (منذ دخول يوشع بن نون و حتى انهيار مملكة يهودا) هي نحو خمسة قرون، وهي أشبه بمدة بقاء هولندا في إندونيسيا أو إنجلترا في الهند"، أو "إن داود أول من بنى القدس واتخذها عاصمة لملكه، وأنه قتل ابن شاؤول، وأن ابنه سليمان قتل أخًا أكبر له يُدعى أدونيا و ورث داود"، أو "إن ملك داود وسليمان كان ملكًا محصورًا في منطقة ضيقة في فلسطين"، وغير ذلك.
و لهذا نجد أنه من الضروري توضيح عدة أمور تمثل حقائق تاريخية ودينية لنا نحن العرب، وهي – و للأسف – تغيب عن الكثير من كُتّابنا العرب، ولعل أبرز هذه الحقائق ما يلي:
- إن الأساطير الدينية التي تبنَّتها الحركة الصهيونية هي من صنع كهنة بني إسرائيل الذين كتبوا ما أسموه توراة موسى في بابل بعد موت النبي موسى بأكثر من ستة قرون، و ليست البتة كلام الله عز وجل، ولهذا لا يجب الاعتماد عليها في صياغة ما يسميه الصهاينة اليوم " تاريخ اليهود " أو " تاريخ بني إسرائيل القدماء".
- إن فلسطين سكنها، في الألف الثالثة قبل الميلاد، الكنعانيون (وهم من القبائل التي هاجرت من جزيرة العرب إلى ما يعرف اليوم بالشام) و قد بنى اليبوسيون – و هم من قبائل كنعان – مدينة القدس الحالية باسم " يبوس " أو" أورسالم" نسبة إلى مليكهم "سالم". و يرتد الاسم العبري للقدس إلى ذلك الاسم الكنعاني القديم.
- إن الله عز و جل جَعَلَ بلاد الشام – وفي القلب منها فلسطين – بلادًا مباركة للعالمين، وعلى هذه الأرض المقدسة وَهَبَ الله عز وجلّ النبي إبراهيم عليه السلام ذريةً مسلمةً صالحة، وجَعَلَ فيها النبوة والكتاب. وقد فضّل الله أبناء يعقوب (بني إسرائيل) على الأمم التي عاشوا بينها، وجعل النبوة في عدد كبير منهم، إلا أن الكثير منهم لم يقابل ذلك بالشكر بل بالعصيان والكفر، فسَلَبَ الله منهم ما حباهم من نعم، ولذا وصفهم في القرآن الكريم بأقبح الأوصاف.
- إن دعوة الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وداود وسليمان (عليهم السلام) هي دعوة التوحيد والإسلام، يقول الله عز و جل: " ووصى بها إبراهيم بنيه يا بنيّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا و أنتم مسلمون. أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك و إله آبائك إبراهيم و إسماعيل وإسحاق إلهًا واحداً و نحن له مسلمون. تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم و لا ُتسألون عما كانوا يعملون. و قالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين. قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط ونحن له مسلمون". ( سورة البقرة: 132:136). و لهذا فلم يكن إبراهيم و لا إسحاق ولا يعقوب ولا الأسباط، وكذلك لم يكن موسى وداود وسليمان (عليهم السلام) يهودًا أو نصارى، و إنما كانوا أنبياء مسلمين. ومن هنا فمن آمن بدعوة التوحيد من بني إسرائيل هم من المسلمين وليسوا يهودًا ولا نصارى.
- وترتيبًا على ما سبق فإنه لم يكن ثمة صراع بين المصريين وبين بني إسرائيل أيام النبي موسى، وإنما كان هناك صراع بين أتباع دين التوحيد أي المسلمين .
- وعلى رأسهم النبي موسى- و بين الكفار من المصريين ومن بني إسرائيل. لقد أرسل الله عز وجل موسى بدعوة التوحيد إلى بني إسرائيل وإلى فرعون مصر وشعبه، وفي هذا يقول الحق سبحانه وتعالى: "ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قومًا عاليين. فقالوا أنؤمن لبشريْن مثلنا وقومهما لنا عابدون" (سورة المؤمنون: 47:45 ).
- وفضلاً عما تقدم فإنه لم يكن لبني إسرائيل القدماء ولا لليهود ـ والفرس هم الذين أطلقوا لفظة اليهود على بني إسرائيل في القرن السادس قبل الميلاد ـ كيان سياسي أيام النبي داود والنبي سليمان (واليهود لا يعترفون بنبوتهما)، ذلك بأن ما أقامه النبيَّان ما هو إلا ملك إسلامي خالص، وذلك بعد أن انتصر داود على جالوت وقومه (عبدة الأوثان)… .وقد جعل الله داود عليه السلام خليفة للمسلمين في الأرض، وفي هذا يقول الله عز وجل: " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض". ( سورة ص:26 )، وقد تولى الملك بعد داود ابنه سليمان، وفي عهده اتسع الملك الإسلامي؛ إذ سخّر الله عز و جل لسليمان الجن والإنس والطير والريح وغير ذلك إلى الحد الذي جعل ملكة سبأ في جنوب جزيرة العرب ترضخ لدعوة سليمان إلى الإسلام.
و إنْ كان نبي الله سليمان قد بنى مكانًا للعبادة لأتباعه، فهذا المكان هو المسجد وليس البتة هيكل (أو معبد) سليمان، و في ذات موقع هذا المسجد يقع اليوم مسجدًا الصخرة والأقصى، إذ أن المكان مكان للعبادة منذ أن ظهر الإنسان على الأرض، وما حوله مقدس ومبارك للعالمين بنص القرآن الكريم ( اقرأ الآيات من 1-3 من سورة الإسراء). و لهذا فلا يصح أن يعتمد العرب والمسلمون ( كما يفعل يهود اليوم وأنصار الحركة الصهيونية) على أسفار التوراة في سرد قصة داود و سليمان أو ما تسميه الحركة الصهيونية تاريخ اليهود.
- إن الله عز وجل أرسل – بعد انهيار ملك داود وسليمان – العديد من الأنبياء والرسل المسلمين الذين كان الله تعالى يرسلهم إلى كفار بني إسرائيل، ومن هؤلاء الأنبياء زكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام، في نفس الوقت الذي شهدت فيه بلاد الشام (الأرض المقدسة للعالمين) العديد من الغزاة الأجانب عقابًا على انحراف أهلها عن شرع الله. لقد كان ذلك من باب تسليط الله الظالمين على الظالمين. ولقد ظلت الشام ولاية رومانية منذ أن دخلها الرومان في القرن الأول الميلادي حتى الفتح الإسلامي لها في القرن السابع الميلادي بعد بعثة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم. [انظر في هذا الصدد: جمال عبد الهادي محمد مسعود (إعداد): الطريق إلى بيت المقدس: القضية الفلسطينية ( جزآن )، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، المنصورة، الجزء الأول، الطبعة الخامسة 1415 هـ، 1994 م، الجزء الثاني الطبعة الثالثة 1415هـ، 1994، وكذلك انظر في شأن تاريخ الجماعات اليهودية: عبد الوهاب المسيري؛ موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (ثمانية أجزاء)، دار الشروق، القاهرة، 1999، وكذلك: أحمد عثمان ؛ تاريخ اليهود ( ثلاثة أجزاء )، دار الشروق القاهرة، 1994 ] .
هكذا فإن العبرانيين القدماء لم يكونوا أول من دخل فلسطين، ولم يكن الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وداود وسليمان وعيسى يهودًا أو نصارى وإنما كانوا أنبياء مسلمين، ومن آمن بالإسلام من بني إسرائيل وغير بني إسرائيل هم من مسلمي ذلك الزمان، أما الذين كفروا بالإسلام فهم كفار بني إسرائيل وكفار غيرهم من الأقوام، و ما كتبه كهنة وكفار بني إسرائيل في بابل، ثم في فلسطين، ليس كله كلام الله، و بالتالي فلا يمكن الاعتماد عليه في صياغة تاريخ " بني إسرائيل القدماء"، وفي تحديد رؤيتنا – نحن العرب – تجاه يهود عالمنا المعاصر وتجاه ما يعرف " بإسرائيل". و فضلا عن ما سبق فقد فنّد الكثير من الباحثين المحايدين صلة يهود اليوم ببني إسرائيل القدماء، إذ أن أصول جلّ يهود اليوم ترتد إلى قبائل الخزر التركمانية (وهي قبائل غير سامية) التي اعتنقت الديانة اليهودية منتصف القرن الثامن الميلادي (انظر على سبيل المثال ما كتبه العالم الراحل جمال حمدان في كتابه " اليهود أنثر بولوجيا " و ما كتبه آرثر كيستلر في كتابه المسمى " القبيلة الثالثة عشرة ويهود اليوم" ).
و من هنا فإن من لهم الحق في المطالبة بتراث ملك داود و سليمان هم أتباع الإسلام وليس الذين ينسبون أنفسهم اليوم إلى بني إسرائيل القدماء، و لهذا يجب علينا ألا نردد ادعاءات التوراة والحركة الصهيونية بأنه كان لليهود كيان سياسي في فلسطين قبل الميلاد، أو أنه كان هناك صراع بين بني إسرائيل والمصريين، وأن سليمان عليه السلام بنى هيكلا لليهود، أو غير ذلك من الأساطير، فذلك ما يود أن يسمعه "المفاوض" الإسرائيلي من العرب على طاولة ما يسمى اليوم "مسيرة التسوية السلمية".
إن تزوير تاريخ فلسطين وطمس معالمه، و تبديل المفاهيم وتغييرها، بل وصك مصطلحات ومفاهيم جديدة: حال القول إن "إسرائيل" هي واحة الديموقراطية الوحيدة في "الشرق الأوسط"، و أنها المارد الاقتصادي القوي في المنطقة مع تجاهل حقيقة أنها: كيان استيطاني عسكري عنصري توسعي عميل للقوى الاستعمارية الكبرى، تابع اقتصاديًا لها، وغريب حضاريًا عن المنطقة العربية والإسلامية
- يعد أداة مثلى في يد قادة الكيان الإسرائيلي بهدف خلق شرعية وجود الجماعات اليهودية في فلسطين أمام أفراد هذه الجماعات في جميع أنحاء العالم، وأمام الدول الغربية التي يعتمد عليها ذلك الكيان في بقائه واستمراره. أما أن يردد بعض العرب تلك الأساطير الدينية والتاريخية، وهذه المفاهيم والمصطلحات المختلقة فهذا يحدد
– في اعتقادي – ما وصلت إليه حالنا اليوم من جهة، ويؤكد علي الحقيقة التي لا مناص من أن يدركها المفاوض الفلسطيني -عشية بدء ما يسمي المفاوضات النهائية –والتي قوامها أن مسألة القدس لا يمكن أن يقررها الطرف الفلسطيني بمفرده في ظل ميزان قوة مختل كالذي نعيش، فالقدس مسألة عربية إسلامية قبل أن تكون فلسطينية، وذلك من جهة أخري. وهذا الأمر يحتاج إلى مزيد من البحث الجاد و الجهد الصادق؛ ولا سيما من الباحثين في حقلي التاريخ ومقارنة الأديان
اليهود على مر التاريخ كانت لهم مواقف سوداء لا يصفو منها شيء، مبنية على الغدر والخداع والكفر والبهتان والتقول على الله ورسوله بغير علم.
ولن نستطيع أن نلم بكل مخازي اليهود، وإنما حسبنا نماذج يتضح لك منها حقيقة هؤلاء القوم وما جبلت عليه نفوسهم منذ القدم.
اليهود أثناء الاستعباد:
نحن نعلم أن بني إسرائيل كانوا في مصر وكانوا في غاية الذلة والمهانة، فهم مسخرون لخدمة أهل مصر من الأقباط يعلمون في مزارعهم وفي أراضيهم قد استعبدهم فرعون واستخدمهم، ثم لم يكتف بذلك بل قام بتقتيل أبنائهم واستحياء نسائهم لخوفه من رؤيا رآها أن هلاكه على يد صبي منهم.
فلما بعث الله جل وعلا موسى عليه السلام إلى أهل مصر، وخرج بعد ذلك بمن معه من المؤمنين وأهلك الله عدوهم، كان أول شيء قابلوه هو جحود هذه النعمة وعدم شكر الله جل وعلا عليها، حيث أتوا على قوم عاكفين على أصنام لهم يعبدونها من دون الله فطلبوا من موسى أن يجعل لهم إلها مثلهم، ولك أن تتصور تلك العقول التي لا ينفع معها المعروف مطلقا.
الكفر بنعمة الله صفة لازمة لهم:
يتبجحون فيطلبون من موسى رؤية الله سبحانه عيانا فتأتيهم الصعقة من الله سبحانه تنبيها لهم على عظم جرمهم ثم يعفوا عنهم ولكنهم يعودون إلى غيهم.
ينطلق موسى إلى ميقات ربه ويذكر قومه بضرورة مراقبة الله جل وعلا وعبادته وطاعته، فيعود فيجد قومه قد أخلفوا وعودهم، واتخذوا عجلا يعبدونه من دون الله جل وعلا مع وضوح البراهين العقلية والحسية، ومعرفتهم التامة بوجود الله جل وعلا ولكنه كما قلنا الجحود والاستكبار.
يأمرهم الله سبحانه بدخول بيت المقدس لينعموا بما فيه من الخيرات ويسجدوا عند دخلوهم المسجد ليغفر لهم ذنوبهم ولكنهم لا يبالون بل ويتبجحون لموسى "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون" ويبدلون كلام الله سبحانه وأمره استهزاء واستهتارا،
يعاقبهم الله جل وعلا على فعلهم بالتيه أربعين سنة فيطلبون من موسى بعد أن مسهم الجوع الشديد والعطش المضني أن يمدهم ربهم ببعض النعم، فينزل الله جل وعلا عليهم المن والسلوى طعاما هنيا وشرابا لذيذا يحصلون عليه دون تعب ولا نصب، ويفجر لهم الماء عيونا عذبا نقيا، فلا يعجبهم ذلك ويطلبون من موسى الأدنى والأقل استكبارا وكفرا بالنعمة وعنادا وجحودا.
فعند ذلك يضرب الله جل وعلا عليهم الذلة والمسكنة فهذه حالهم في الأرض وعند كل المجتمعات.
عصيانهم الدائم لله رب العالمين:
تأتيهم الأوامر والنواهي من الله سبحانه ولكنهم لا يلقون لها بالا، ويذكرهم نبيهم مرة بعد مرة دون فائدة، ويصور الله سبحانه حالهم بقوله "من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا".
ينهاهم الله عن العمل يوم السبت فيحتالون على ذلك، وينهاهم عن أكل الربا وأكل أموال الناس بالباطل فلا يلقون لذلك بالا، فلما زاد غيهم وتجبرهم ومخالفتهم لأوامر الله سبحانه بعد تنبيههم وتحذيرهم قال الله سبحانه "كونوا قردة خاسئين" فمسخوا قردة وخنازير عقوبة لهم في الدنيا.
ولكن ذريتهم لا يتعظون، وعن غيهم لا يرعوون، وفي كفرهم سادرون، فيبعث لهم الأنبياء والرسل فيقابلونهم بالعداوة والبغضاء، وهم بين أمرين إما تكذيبهم وإما قتلهم كما أخبر بذلك سبحانه "أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم فريقا كذبتم وفريقا تقتلون" وما ذاك إلا لأنهم يأتونهم بما لا يوافق هواهم ومرادهم ويشبع رغباتهم.
يطلبون من أنبياءهم القتال والجهاد لتحرير أنفسهم وعودتهم إلى ديارهم بالرغم من كونهم ألوف، ولكنهم لجبنهم وضعفهم وخورهم لم يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم، ويأخذ النبي عليهم العهد بالقتال وعدم التخاذل والجبن، فلما فرض الله عليهم الجهاد إذا بهم يتولون ويتراجعون وينهزمون قبل القتال، يخبرهم نبيهم أن الله قد بعث الله لهم طالوت ملكاً فيبدون اعتراضات واحتجاجات على ربهم كيف يصبح ملكا عليهم وهم أحق بالملك منه، وليس عنده مال ولا ثروة، وينطلق بهم الملك بعد عناء إلى قتال أعدائهم فإذا بهم يعصون أوامر قائدهم.
يبعث لهم زكريا فيقتلونه ويحيى عليه السلام ألحقوه بأبيه.
فلما جاءهم عيسى، وقد ختم الله به أنبياء بني إسرائيل، كذبوه وعاندوه لأنه جاءهم بأشياء خالفت التوارة التي معهم، مع أن الله سبحانه أيده بالمعجزات والبراهين الدالة على صدقه، وأنزل عليه الإنجيل، فلما ضاقوا به ذرعا حاولوا القبض عليه وصلبه، ولكن الله رفع المسيح إليه، وشبه لهم، فقتلوا وصلبوا المشبه لهم.
والشاهد أن هذا هو حال اليهود مع رسل الله وأنبيائه المؤيدين بالوحي من الله جل وعلا فما بالك بحالهم مع غيرهم.
الزور والبهتان والكذب كلها صفات خلقية لهم:
أما تبجح اليهود مع ربهم وخالقهم ورازقهم فشيء لا يكاد يصدقه عقل، لولا أن الله سبحانه وتعالى أخبرنا عن ذلك، فقد اتهموا الله بأنه فقير وهم أغنياء، ونسي هؤلاء الأغبياء أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يرزقهم وينعم عليهم، "لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق".
وزعموا زورا وبهتانا بأن يد الله مغلولة وأنه بخيل لا ينفق مما عنده، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا، ولولا جود الله سبحانه وتعالى لما عاش هؤلاء على الأرض لحظة، وإنما هو عفو الله وحلمه وجوده وكرمه، "وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ".
وزعموا بهتانا وزورا أن جبريل عدو اليهود من الملائكة ولذا فقد ناصبوه العداوة والبغضاء فهم يكرهونه ويبغضونه.
وزعموا أن عزيرا ابن الله، وهم على علم بأن الله لم تكن له صاحبة ولا ولد، ولكنه حب التقول على الله بغير علم والظلم والبغي.
زعموا أن الله جل وعلا تعب من خلق السموات والأرض، ولذا فقد استراح يوم السبت من هذا التعب، فكذبهم الله سبحانه وتعالى بقوله " ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب".
يأمرهم الله سبحانه بأن يدخلوا بيت المقدس ساجدين قائلين حطة، أي حط عنا ذنوبنا، فيدخلون زاحفين على أستهم قائلين حنطة، فأي سخرية وأي استهزاء مثل هذا الاستهزاء بأوامر الله جل وعلا.
ومع كل هذه الجرائم وهذه المنكرات يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه، فيكذبهم الله جل وعلا ويفضحهم "وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق".
دأب اليهود الإفساد في الأرض:
هذا ولا يقتصر حال اليهود على ذلك، بل إنهم يسعون دائما بالإفساد في الأرض، أيا كان نوع هذا الإفساد، لا يتورعون عن شيء مهما كان، في مقابل الحصول على ما يريدون، ويحاولون إشعال نار الحرب بين الناس، ولذا فقد ألقى الله بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة لا تنفك عنهم ولا تتخلف عن أجيالهم بقوله سبحانه "وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يجب المفسدين".
الجزاء من جنس العمل:
ولذا فقد كان جزاؤهم من جنس عملهم، وعقوبتهم على قدر بغيهم، وقد نوع الله عليهم العقوبات وتابعها عليهم، فقال سبحانه {وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله}.
وقال {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما}.
وقال سبحانه {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون* كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون}.
وقال سبحانه {فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين* وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم}.
قوله تعالى {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون}.
دليل المسجد الأقصى وقبة الصخرة.
المسجد الأقصى والاحتلال الصهيوني.
دراسات , كتب , آراء وتقارير.
عودة.
أقصى المسلمين وهيكل اليهود.
الحق والملكية في إطار السياق التاريخي وإشكاليات الصراع الحاضر.
إعداد/ محمد الحلايقة