أريد أن أحفظ القرآن كاملاً ، كيف أعمل؟
الشيخ: عيسى المعافا
السؤال: السلام عليكم ورحمة الله أنا شاب في 20 من العمر، أود حفظ القرآن كاملاً ولا أدري ما هي الأمور التي يجب أن أبدأ بها؟! ومن أي سورة أبدأ؟ وكيف أنظّم الحفظ بطريقة جيدة؟ وهل يجب الحفظ بالأحكام أم لا؟ وهل الثواب بالفهم يكون نفسه مع الفهم العام للآيات أم ينقص؟ أرجو منك تقديم نصائح أو شيء من هذا -أحتاج إلى ذلك صدّقني- ضاق صدري لأني حاولت سابقاً و فشلت، نسيتُ كل شيء بالرغم أني أحفظ في الدراسة! وهل من أدعية تعين على ذلك؟ وشكراً لكم. الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: لا شك -أخي الفاضل- أن حفظ القرآن الكريم أساس لكل العلوم التي ينطلق في فهمها المسلم، كما أنه رزق وبركة من الله تعالى لمن حفظه وعمل به، كما أنه حصن حصين ووقاية وسياج منيع من كل المضلات والشبهات والانحرافات، كما أنه لباس تقوى وزاد إيماني للوقاية والعلاج معاً، كما أنه صحة وسعادة لصاحبه؛ لأن أهل القرآن هم أهل الله وخاصته، كما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما أنه يعطي صاحبه الذكاء والبصيرة والإدراك والمعرفة، والسعادة في الدنيا والآخرة، روى الحاكم بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل به أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، وقرأ قول الله تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طـه:123]"، وقد ذكره كثير من المفسرين عند تفسير هذه الآية، من سورة طه آية 123. أخي الكريم: سأجيب على تساؤلاتك كما وردت في رسالتك. اعلم أخي -بارك الله فيك- أنك في هذا السن من العمر في فرصة عظيمة للحفظ والاستيعاب والمراجعة والإتقان، والزمن يمر بسرعة ويطوى بشكل لا يشعر به الكثير من الناس، فلا بد أن تذكّر نفسك بهذا الجانب، وكونك تحب أن تحفظ القرآن كاملاً فهذا التمني لا بد أن تترجمه إلى واقع حقيقي، وأنا لا أعرف بلدك ولا ظروفك ولكن المستشار مؤتمن، إن كنت تجد الفرصة للابتعاد عن بلدك إلى مقر علمي يجتمع فيه طلاب العلم لحفظ القرآن والحديث لإحياء روح التنافس مع طلاب العلم الجادّين والمثابرين في دور العلم وهي منتشرة في البلدان، فانطلق ولو كلّفك سفراً، ونفقة. ولا بد أن تحفظ بالأحكام ومخارج الحروف والتجويد، وهذا من أهم أسباب الحفظ للقرآن والتغني به وترتيله؛ لأن الحفظ بلا أحكام يستثقله صاحبه ولا تأتيه الرغبة لإتقانه، فكيف يحمل نفسه على إتقان شيء بلا أحكام وقد يكون في قراءته لحن جلي! فلذلك تجده يخلد إلى الكسل والدعة. وبالنسبة للفهم الذي سألتني عنه، فالفهم بتوفيق الله ثم بمجالسة أهل العلم الثقات ومطالعة كتب التفسير الموثوقة، كتفسير ابن جرير وابن كثير والقرطبي والشوكاني والشنقيطي، والسيوطي، وغيرهم، مع الإحاطة قدر المستطاع بالأحاديث الواردة في الصحيحين وغيرهما المتعلقة بالتفسير، وأما الأجر المترتب على مقدار الفهم فهو بمقدار يقدره الله سبحانه، إذ لا يملك ذلك سواه، وقد قال سبحانه وتعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام:160]. ولا شك أن الحفظ له أسباب كثيرة تتمثل في أمور، منها: الإخلاص لله والصدق والاستقامة وأداء الأمانة، وقيام الليل بشكل مريح، لتثبيت الحفظ والقراءة بالمحفوظ، وحسن الخلق بحيث لا يدع للشخص أي تفكير في تبعات إساءته للآخرين، كما يتعين اجتناب المعاصي فإنها تصيب صاحبها بالنسيان والكسل. يضاف إلى أسباب الحفظ أيضاً أمور طبية تتمثل في الرياضة اليسيرة بالتمارين المنشطة، والتقنين والتقليل في الأكل، والترويح عن النفس، وانتهاز أوقات خاصة للحفظ، مثل بعد صلاة الفجر ومابين مغرب وعشاء وحال الخلوة، ومخالطة بيئة تنافسية لإحياء روح المنافسة والمسابقة, وبالنسبة للأدعية في هذا الباب، فأي دعاء مأثور صحيح فإنه عبادة، وبإمكانك أن تكثر من الحمد والشكر لله وكثرة الثناء عليه، ثم تدعو بصريح العبارة، كأن تقول: (اللهم ارزقني حفظ كتابك وفهمه والعمل به والإخلاص والاتباع …) وما شابه ذلك. موقع منبر علماء اليمن: http://www.olamaa-yemen.net/main/articles.aspx?selected_article _no=13140
رد مع اقتباس
