تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أهمية العمل والإنتاج في الإسلام

  1. #1

    افتراضي أهمية العمل والإنتاج في الإسلام

    أهمية العمل والإنتاج في الإسلام
    كتبه/ أبو عاصم البركاتي المصري
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،،،،،،،،
    الإسلام يحارب البطالة
    عمل الشرع الحنيف على القضاء على مظاهر العوز والفقر، وذلك بالحث على السعي لطلب الرزق، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ﴾ (الأحزاب: 53).
    فنهى الله تعالى الصحابة الكرام عن المكث في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم بعد الطعام الذي دعوا إليه، ودعاهم إلى الانتشار في الأرض، ومثله قوله تعالى: قال تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (الجمعة: 10).
    قال العلامة القرطبي رحمه الله: "هذا أمر إباحة، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾ (المائدة:2)". ا هـ
    وقوله سبحانه: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم ْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾(الروم: 23) فالنوم يكون بالليل، ويكون أيضاً بالنهار لمن تستدعي طبيعة عمله أن يعمل بالليل.
    وقال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا﴾ (النبأ:11).
    ويقول تعالى : ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ (الملك: 15).
    وقال جل في علاه: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ (المزمل:20).
    فخفف الله سبحانه وتعالى على عباده قيام الليل نظراً لانشغالهم بالعمل في النهار حتى لا يرهقهم التعبد في الليل قال تعالى: ﴿وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله﴾.
    وفسر بعض العلماء قوله تعالى: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾(الحج: 28). بأنها: الأجر في الآخرة والتجارة والتكسب الحلال في الدنيا.
    ومن العوامل التي تساعد على المضي قدمًا في زيادة الإنتاج وتوفيره تحفيز النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على إعمار الأرض الخراب، فيقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ" أخرجه أحمد.
    وأخرج البخاري في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ أَعْمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ "، ويقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ مِنْهَا يَعْنِي أَجْرًا وَمَا أَكَلَتْ الْعَوَافِي مِنْهَا يعني الطير والسباع- فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ ".
    والإعمار والإحياء إما بالزرع أو حفر الآبار، أو بالبناء عليها،كبناء المصانع، والشركات المنتجة لما يلزم للناس، ونحو ذلك.
    ذم السلف للعاطلين
    المتابع لهدي السلف الصالحين يجدهم عمالا متكسبين وليسوا كسالى ولا متسولين، قال صلى الله عليه وسلم: "اليد العليا خير من اليد السفلى" أخرجه البخاري و مسلم .
    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي" أخرجه أبو داود والترمذي..
    و لكنه قد تجوز المسألة عند الحاجة ، قال صلى الله عليه وسلم :"إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة :لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع" أخرجه أحمد وابن ماجة..
    وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:" إن الله خلق الأيدي لتعمل فإن لم تجد في الطاعة عملا وجدت في المعصية أعمالا ".
    وأخرج الطبراني في "معجمه الكبير" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : "إني لأكره الرجل فارغاً لا في عمل الدنيا ولا في الآخرة".
    وكان أبو بكر رضي الله عنه أتجر قريش حتى دخل في الإمارة، وقد رأى الفاروقُ رضي الله عنه قومًا قابعين في رُكن المسجد بعدَ صلاة الجمعة، فسألهم: من أنتم؟ قالوا: نحن المُتوَكِّلون على الله، فعَلاهم عمر رضي الله عنه بدِرَّته ونَهَرَهم، وقال: لا يَقعُدنَّ أحدُكم عن طلب الرزق، ويقول: اللهم ارزقني، وقد علِمَ أن السماءَ لا تُمطِرُ ذهبًا ولا فضّة، وإن الله يقول: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ﴾ (الجمعة: 10).
    وروى ابن أبي الدنيا في "التوكل" بسنده عن معاوية بن قرة، أن عمر بن الخطاب، لقي ناسا من أهل اليمن، فقال : من أنتم؟ قالوا : نحن المتوكلون. قال : بل أنتم المتكلون، إنما « المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض، ويتوكل على الله ».
    وكان سفيانُ الثوريّ رحمه الله يمُرُّ ببعض الناس وهم جلوسٌ بالمسجدِ الحرام، فيقول: ما يُجلِسُكم؟ قالوا: فما نصنَع؟! قال: اطلُبوا من فضلِ الله، ولا تكونوا عيالاً على المسلمين.
    أخرجه الخلال في "الحث على التجارة والصناعة" (22).
    وأخرج الخلال في "الحث على التجارة والصناعة" رقم (26) بسنده عن علي بن بكار ، قال : كان إبراهيم بن أدهم يؤاجر نفسه، وكان سليمان الخواص يلقط، وكان حذيفة يضرب اللَبِن.
    وكان إبراهيم بن أدهم إذا قيل له : كيف أنت ؟ قال : بخير ما لم يتحمل مؤنتي غيري.
    وقفة مع بعض الصحابيات
    وجدنا في سيرة الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن الصحابيات كن يعملن ويساعدن أزواجهن في حال الاحتياج إلى ذلك، فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنِ الْحَكَمِ قال :سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَا فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَبْىٌ فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْتُ لأَقُومَ فَقَالَ: "عَلَى مَكَانِكُمَا"؛ فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي وَقَالَ: "أَلاَ أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِي إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ وَتُسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَتَحْمَدَا ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ".
    وأيضًا أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِى الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِى الأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلاَ مَمْلُوكٍ وَلاَ شَىْءٍ غَيْرَ فَرَسِهِ ؛ قَالَتْ : فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَكْفِيهِ مَئُونَتَهُ وَأَسُوسُهُ وَأَدُقُّ النَّوَى لِنَاضِحِهِ وَأَعْلِفُهُ وَأَسْتَقِى الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ؛ وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ وَكَانَ يَخْبِزُ لِى جَارَاتٌ مِنَ الأَنْصَارِ؛ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ؛ قَالَتْ : وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِى أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى رَأْسِى وَهْىَ عَلَى ثُلُثَىْ فَرْسَخٍ - قَالَتْ -: فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِى فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَدَعَانِى ثُمَّ قَالَ: « إِخْ إِخْ ». لِيَحْمِلَنِى خَلْفَهُ - قَالَتْ - فَاسْتَحْيَيْتُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى عَلَى رَأْسِكِ أَشَدُّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ. قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ، فَكَفَتْنِى سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَتْنِى.
    كفالة الإنسان نفسَه وأهله فريضة
    المسلم عزيز النفس كريم الخلق عفيف الطبع، يكره ما يسيئه ويشينه بعد أن أعزه الله بالإسلام، فبدلا من أن يقعد عن العمل ويمد يده للناس سائلا منهم المال فليعمل ليتكسب، فروى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: "لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم".
    والعمل لكسب ما يحتاج إليه من ربح ومال لتدور عجلة الحياة مطلب شرعي، وقد أخرج البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ".
    والله تعالى يقول :﴿ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾(يس: 35).
    وأخرج البخاري أيضًا عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا؛ وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلاءِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".
    وأخرج أحمد في مسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خَيْرُ الْكَسْبِ كَسْبُ يَدِ الْعَامِلِ إِذَا نَصَحَ"
    وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب الأعمال بدفع أجر العامل بعد أداء العمل مباشرة، وفيه من الحكمة أن يتذوق العامل حلاوة العمل إذا أخذ أجره، فتسعد نفسه ويقضي حاجياته، فقال صلى الله عليه وسلم : « أعْطوا الأجير حقه قبل أنْ يجفَّ عرقه»أخرجه ابن ماجة(2443) وصححه الألباني.
    كفالة المحتاجين طاعة لله تعالى وقربة
    حث الشرع الحنيف على التكافل الاجتماعي من القادرين الموسرين لغيرهم من المحتاجين، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُ اْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ (المائدة: 2).
    وقال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَ َ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْ نِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾(البقرة: 215).
    وأخرج البخاري عن سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى".
    وأخرج البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ فَتَحَامَلَ فَيُصِيبُ الْمُدَّ وَإِنَّ لِبَعْضِهِمُ الْيَوْمَ لَمِئَةَ أَلْفٍ.
    . أى يحمل بالأجرة، وقد بوب البخاري في صحيحه(3 /120) على ذلك بقوله: (باب من آجر نفسه ليحمل على ظهره ثم تصدق به ...).
    ويقول صلى الله عليه وسلم: " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ ، وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" متفق عليه.
    وسواء ستره بنفسه أو بغيره بأن سعى في العمل على ستره من قبل الآخرين.
    وأخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :" مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ فِى عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِى عَوْنِ أَخِيهِ".
    وروى ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج" وحسنه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أفضل الأعمال: أن تدخل على أخيك المؤمن سروراً، أو تقضى عنه ديناً، أو تطعمه خبزاً" .
    وفي لفظ عن عمر رضي الله عنه: "أفضل الأعمال: إدخال السرور على مؤمن، أشبعت جوعته، أو كسوت عريه، أو قضيت له حاجة"رواه الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم( 954).
    ولنا في الأنبياء أسوة
    وأنبياء الله ورسله عليهم السلام وهم أشرف الخلق يعملون ويجدون سعيًا في تحصيل الرزق، قال تعالى: ﴿وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ﴾ (الفرقان:20).
    وفي الحديث الذي أخرجه البخاري عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ فَقَالَ أَصْحَابُهُ : وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ([1]) لِأَهْلِ مَكَّةَ".
    وعمل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التجارة عند خديجة رضي الله عنها.
    وداود عليه السلام كان يجيد الحدادة وصناعة الدروع الحربية قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ . أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُون بصيرَ﴾ (سبأ: 10-11).
    وأخبر سبحانه عن داود عليه السلام بقوله جل شأنه: ﴿وَعَلَّمْنَ هُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ﴾ (الأنبياء:80)، والمراد باللبوس: الدروع.
    يقول الإمام القرطبي رحمه الله: "هذه الآية أصل في اتخاذ الصنائع والأسباب، وهو قول أهلِ العقول والألباب، لا قول الجهلةِ الأغبياء القائلين بأن ذلك إنما شُرع للضعفاء، فالسببُ سنةُ الله في خلقه، فمن طعن في ذلك فقد طعن في الكتاب والسنة، ونَسَبَ من ذكرنا إلى الضعفِ وعدمِ المُنَّة، وقد أخبر الله تعالى عن نبيه داود عليه السلام أنه كان يصنع الدروع والخوص، وكان يأكل من عمل يده، وكان آدمُ حَرّاثًا، ونوحُ نجارًا، ولقمان خياطًا، وطالوت دباغًا، وقيل: سقّاء، فالصنعة يكف بِها الإنسان نفسه عن الناس" انتهى كلامه رحمه الله.
    وأخرج البخاري عن أَبُي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَنَّ دَاوُدَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ".
    وأخرج البخاري أيضًا عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما أكل أحدٌ طعامًا قطّ خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإنّ نبي الله داود كان يأكل من عمل يده".
    وقد ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "كان زكريا نجارًا".
    وموسى عليه السلام الذي عمل في رعي الغنم ثماني سنوات لنبي الله شعيب عليه السلام مقابل نكاح إحدى ابنتيه، قال تعالى: ﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ . قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾ (القصص : 27-28).
    وقفة مع قصة مريم عليها السلام
    قال تعالى لمريم وهي في حال ولادتها للمسيح عليه السلام: ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا﴾(مريم :25).
    وقد أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة، أن مباشرة الأسباب في طلب الرزق أمر لازم، وأن ذلك لا ينافي التوكل على الله، لأن المؤمن يأخذ الأسباب امتثالا لأمر الله مع علمه ويقينه أنه لا يقع في ملكه- سبحانه- إلا ما يشاؤه ويريده.
    وهنا أمر الله تعالى- مريم بأن تهز النخلة ليتساقط لها الرطب، مع قدرته- سبحانه- على إنزال الرطب إليها من غير هز أو تحريك، ورحم الله القائل:
    ألم تـر أن الله قـال لمـريم ... وهزي إليك الجذع يساقط الرطب
    ولو شاء أن تجنيه من غير هزه ... جـنته، ولكن كـل شيء له سبب

    دلني على السوق
    أخرج البخاري في صحيحه عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، فَآخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىِّ ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِى أَهْلِكَ وَمَالِكَ ، دُلَّنِى عَلَى السُّوقِ .
    فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ ، فَرَآهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ » . قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ . قَالَ « فَمَا سُقْتَ فِيهَا » . فَقَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ . فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: « أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ » أخرجه البخاري(3937).
    وفي رواية عند البخاري أيضًا عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَآخَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ عَلِمَتِ الأَنْصَارُ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِهَا مَالاً سَأَقْسِمُ مَالِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ شَطْرَيْنِ وَلِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَأُطَلِّقُهَا حَتَّى إِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا؛ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ، فَلَمْ يَرْجِعْ يَوْمَئِذٍ حَتَّى أَفْضَلَ شَيْئًا مِنْ سَمْنٍ وَأَقِطٍ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ يَسِيرًا ، حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَهْيَمْ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: مَا سُقْتَ فِيهَا؛ قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ. أخرجه البخاري(3781).
    فضل العمل والسعي لكسب الرزق
    مما يدل على فضل العمل الحلال والكسب الحلال أن العبد لا يأكل إلا حلالا، ولا ينفق إلا من حلال، كما قال تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ (البقرة: 267).
    وقال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ (القصص: 77).
    ومن ذلك ما رواه الطبراني وصححه الألباني عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: مرَّ على النبي رجل فرأى الصحابةُ من قوته ونشاطه، فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله، فقال رسول الله : "إن كان خرج يسعى على ولده صغارًا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يُعفها فهو في سبيل الله".
    وقد امتن الله تعالى على قريش، وذكر رحلاتهم التجارية التي يقومون بِها إلى اليمن والشام، فقال جل في علاه: ﴿لإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾ (قريش:1- 2).
    ونَهى جل وعز المؤمنين عن أكل الأموال بالباطل، واستثنى مال التجارة، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ (النساء:29).
    ولأهمية التجارة فإن الله تعالى أذن بها بعد أداء صلاة الجمعة، وحثّ على الانتشار لطلب الرزق، في قوله جل في علاه: ﴿فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ (الجمعة:10).
    وقال صلى الله عليه وسلم : "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحقت بركة بيعهما" متفق عليه.
    وروى البخاري في صحيحه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :" رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى ".
    وأخرج أبو داود والترمذي وصححه الألباني عن رافع بن خديج قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " العامل على الصدقة بالحق كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته".
    وبعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه سفيان بن مالك ساعيًا بالبصرة فمكث حينًا، ثم استأذنه في الجهاد، فقال له عمر: "أو لست في جهاد؟" الخراج لأبي يوسف ص98.
    وأخرج البخاريُ ومسلمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه:" وسلم السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ".
    فضل الزرع إذا أُكِلَ منه
    وإن مما يدل على فضل العمل والإنتاج النافع بشتى أشكاله المباحة ما بين النبي صلى الله عليه وسلم فضله كالزراعة، فقد أخرج البخاريُ ومسلمُ في صحيحيهما عنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ".
    وأخرج أحمد وصححه الألبانيُ عن أنسٍ أن النبيَ صلى الله عليه وسلم قال: " إن قامت الساعة، وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألَّا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها".
    ومن جميل ما قرأت ما قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة(1 /39): وروى ابن جرير عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال : "سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي : ما يمنعك أن تغرس أرضك ؟ فقال له أبي : أنا شيخ كبير أموت غدا . فقال له عمر : أعزم عليك ؛ لتغرسنها.
    فلقد رأيت عمر ابن الخطاب يغرسها بيده مع أبي".
    كذا في الجامع الكبير للسيوطي(3 / 337 / 2).
    لذلك عد بعض الصحابة الرجل يعمل في إصلاح أرضه عاملا من عمال الله عز وجل.
    فروى البخاري في الأدب المفرد (448) عن نافع بن عاصم أنه سمع عبد الله بن عمرو قال لابن أخ له خرج من الوهط: أيعمل عمالك؟. قال: لا أدري . قال : أما لو كنت ثقفيا؛ لعلمت ما يعمل عمالك . ثم التفت إلينا فقال: "إن الرجل إذا عمل مع عماله في داره (وقال الراوي مرة: في ماله)؛ كان عاملا من عمال الله عز و جل".
    وسنده حسن إن شاء الله تعالى.
    الوهط : البستان وهي أرض عظيمة كانت لعمرو بن العاص بالطائف على ثلاثة أميال من (وج) يبدو أنه خلفها لأولاده.
    وقد روى ابن عساكر في تاريخه(13 / 264 / 2) بسند صحيح عن عمرو بن دينار قال : "دخل عمرو بن العاص في حائط له بالطائف يقال له: (الوهط) (فيه) ألف ألف خشبة اشترى كل خشبة بدرهم". يعني: يقيم بها الأعناب.
    هذه بعض ما أثمرته تلك الأحاديث في جملتها من السلف الصالح رضي الله عنهم.
    و قد ترجم البخاري في "صحيحه" للحديثين الأولين بقوله: "باب فضل الزرع إذا أُكِلَ منه" . ا هـ
    خاتمة
    إن دولة كمصر ترتفع فيها معدلات البطالة، وتتفاقم فيها مشكلات الفقر، وتقل فيها فرص العمل المناسبة لخريجي الجامعات وحملة المؤهلات العليا والمتوسطة، مع ما مرت به من فساد إداري على مدار عصور متلاحقة لهي بهذا وذاك متعرضة لأن تضعف وتتلاشى قواها، وتتواهن مقدراتها، ومع التغيير الإداري بعد ثورة يناير طمح الناس وطمعوا في النهوض الاقتصادي، ومن عجب ما رأيناه وسمعنا به في الأيام الأخيرة وهو الدعوة إلى العصيان المدني ليبدأ من السبت 11 /2 /2012م، وذلك للضغط على المجلس العسكري لتحقيق أهداف معينة لدى ألئك - أصحاب الدعوة للعصيان المدني- ، وليس من الطبيعي أن نسمع مثل ذلك!!!، حيث لا يقره شرع ولا عقل، فالدولة والأفراد في حاجة ماسة إلى العمل والإنتاج، إذ كيف نحسن الاقتصاد بالتوقف عن العمل، وهل يجنى من الشوك العنب ؟! وهل يؤتى بالماء من أوار النار؟! قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾( يونس:81).
    ولا شك أن مثل هذه الدعوات من الإفساد في الأرض، فالتغيير لا يكون إلا بأن يغير الناس ما بهم من الفساد للصلاح والإصلاح، والله يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ (الرعد:11)، وقد نبه القرآن المجيد على أهمية العمل: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون َ﴾ (التوبة: 105).
    وبعد ما سبق بيانه تبين بما لا مراء فيه عدم شرعية العصيان المدني، وتحريم الدعوة إليه، وأكمل الهدي وأحسنه هو هدي محمد صلى الله عليه وسلم، فالله أكمل الدين وأتم النعمة ولسنا في حاجة لحلول مستوردة ظاهرها وباطنها العذاب، والله من وراء القصد وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه
    كتبه/ أبو عاصم البركاتي المصري
    هاتف/ 00201064763195


    ([1]) القيراط عشر الدينار.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2012
    المشاركات
    154

    افتراضي رد: أهمية العمل والإنتاج في الإسلام

    أحسن الله تعالى إلى الأخ أبى عاصم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •