تفاوضنا في مجلس في حديث: "من مات ولم يغز أو يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق"، فرجعت إلى بعض دواوين الحديث الشريف وعلومه المنشورة في الموسوعة الشاملة بغية الكشف عن حاله، ثم أحببت أن أذكر ما ظفرت به طمعا في الفائدة والزيادة من أساتيذي وإخواني في هذا المنتدى المبارك.
جاء في علل الدارقطني: "وسئل [الدارقطني] عن حديث "من لم يغز أو يحدث نفسه بالغزو ثم مات مات على شعبة من نفاق"، فقال: يرويه وهيب بن الورد عن عمر بن محمد بن المنكدر عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة، وتابعه عبد الله بن رجاء عن عمر بن محمد بن المنكدر". فلت: فالحديث يدور على عمر بن محمد بن المنكدر ، وليس له في الكتب الستة غير هذا الحديث، وقد رواه مسلم وأبوداود والنسائي من طريق عبد الله بن المبارك عن وهيب عن عمر ،وكذلك أخرجه الإمام أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال: "هذا حديث كبير لعبد الله بن المبارك، ولم يخرجاه [كذا]، وقد تابع عبد الله بن رجاء المكي وهيب بن الورد على روايته عن عمر بن محمد بن المنكدر"، وفي صحيح مسلم عن ابن المبارك أنه قال: "فنرى أن ذلك كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم". ورواه ابن أبي عاصم في الجهاد وابن الجارود في المنتقى من طريق عبدالله بن رجاء عن عمر بن محمد بن المنكدر به. وقد أضربت عن ذكر الاختلافات في لفظ الحديث لأن المقصود هنا هو الإسناد.
أما عمر بن محمد بن المنكدر التيمي الذي يدور عليه الحديث فذكره الحافظ في تقريب التهذيب وقال عنه: "ثقة". وبالرجوع إلى أصله تهذيب التهذيب تبين أن الحافظ اعتمد في هذا على ابن حبان الذي ذكر عمر بن محمد بن المنكدر في كتاب الثقات وحكى بلا إسناد أنه "كان من العباد، مات في قراءة قرآن قرئ عليه". ومن المعلوم أن ابن حبان لا يطمأن إلى توثيقه إذا انفرد به، لكن قد يقال إن احتجاج مسلم بحديث عمر بن محمد بن المنكدر هذا توثيق من مسلم لعمر.
وفي المفابل جرح عمرَ بن محمد بن المنكدرمن لا يعول على جرحه؛ فجاء في ميزان الاعتدال: " عمر بن محمد بن المنكدر: قال الأزدي: في القلب منه شيء. قلت [أي الذهبي]: احتج به مسلم، فليسكن قلبك. له حديث واحد عندهم". وصدق الذهبي؛ إذ الأزدي -عفا الله عنه- مجروح، فكيف يقبل جرحه لغيره!