خيط واقع وخيال
نورا عبدالغني عيتاني
أحيانًا يُخيَّل إليَّ أنني أحيا في عالم آخرَ، عالمٍ بعيدٍ كلَّ البعد عن عالَمي المحسوس، عن الوقائع، وأحيانًا إخالُ أنني أهذِي، لربما أرى الدنيا بعينٍ غير مرئية، ولعلَّني أستطرد في خيالي ليس إلا، فأغرق نفسي في تجرد!
لطالما كنت أتساءل مُذْ تفتَّحت عيناي على الواقع الملموس وانغمست فيه: أحقيقيٌّ هذا الوجود، أم ستارٌ للحقيقة؟! أصحيح هو الواقع، أم أنه خيطٌ تطايَرَ من خيال، تراكمت معه الخيوط، فازداد قربًا وتضخَّم؟!
هل باستطاعة واقع أن يتبع الخيال؟ أن يجاريَه ولو بطرف من خيوطه؟! وهل العكس محتمل؟!
لطالما ارتدتُ الخيال أرضًا تطلُّ على الوقائع، أرضًا تُحيط بها الوقائع، لكني لم أَلْمَح يومًا واقعًا يحوي الخيال ويحتويه!
يحدث أحيانًا أن أهرُبَ مراتٍ ومراتٍ مِن واقع غير مكتمل، واقع مغشي بالخيال؛ لأدخل في دوَّامة أخرى خيالية، فينحجب عني الواقع، لأطلَّ من جديد على وجودٍ مُفعَم بالأسئلة، أسأل وأنا أطلُّ على الوقائع من خيالي:
كيف الوصول إلى دنيا الخيال بخيط واقع؟
كيف الوصول إلى أرض الحقيقة دون واقع؟!
كيف الخلاص من الحقيقة؟!
هل الحقيقة واقعية، أم أنها طرف تهادَى من خيال، خيط تطاير من جديد، واختفى في أُفُق واقع، فإذا قرَّر أن يعود حطَّ في دنيا الخيال؟!