الدرس السادس
الباب الثاني- أحوال المسند إليه
المسند إليه تعرض له أحوال يجب مراعتها بحسب ما يقتضيه المقام وهي: ( الذكر والحذف، والتعريف والتنكير، والتقديم ) بأن يقال: لماذا تم حذف المسند إليه في الكلام، ولماذا عرف هنا ولماذا نكّر ولماذا قدّم.
حذف المسند إليه: الأصل أن يذكر المسند إليه ولكن قد يحذف لغرض وفائدة ومن تلك الأغراض:
أولا: الصَّون أي أن تصونه عن الذكر تعظيما له.
مثل: نجومُ سماءٍ كلما انقضَّ كوكبٌ... بدا كوكبٌ تأوي إليه كواكِبهُ
أي هم نجومُ سماء فحذف المبتدأ لتعظيمه.
ثانيا: الإنكار أي إمكانية الإنكار عند وجود الحاجة كأن يذكر شخص آخر بسوء قائلا "غشّاش" فإذا قيل أتعني فلانا أمكنه أن ينكر ويتملص والأصل: فلان غشاش.
ثالثا: الاحتراز عن العبث في الكلام، نحو قول من رأى الهلالَ: " الهلالُ " أي هذا الهلال، فحذف المسند إليه هذا لأنه واضح يمكن الاستغناء عن ذكره فلا فائدة من التطويل.
رابعا: الاختبار للمخاطب هل يفطن للمقصود، كأن يزورك شخصان وأحدهما له سبق صحبة لك ثم يغادران فتقول لمن عندك: "وفيٌّ" أي هو وفيٌّ تعني الصاحب فحذفته لتنظر هل انتبه مخاطبك لمن تقصد.
ذكر المسند إليه: اعلم أن المسند إليه واجب الذكر إذا لم يقم عليه قرينة وهذا لا بحث فيه هنا في علم المعاني، فإذا دلت عليه قرينة جازَ ذكره وحذفه، وهنا يبدأ بحث المعاني فيبحثون متى يترجح الحذف وقد ذكرنا بعض المرجحات، ومتى يترجح الذكر فمن ذلك:
أولا وثانيا: التعظيم والإهانة إذا كان اللفظ مما يفيد معنى التعظيم أو الإهانة، كأن يسألك شخص: هل رجع خالد؟ فتقول: رجع الشجاع المقدام، أو الجبان الرعديد، فتذكر المسند إليه في الأول تعظيمًا له، وتذكره في الثاني إهانة له وتحقيرًا وكان يكفيك أن تقول: رجعَ لقيام القرينة عليه بواسطة السؤال.
ثالثا: بسط الكلام وإطالته، وذلك في مقام يكون إصغاء السامع فيه مطلوبًا للمتكلم لخطر مقامه، ولقربه من قلب المتكلم، ولهذا يطال الحديث مع الأحبة.
مثاله قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: ( هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ) قال ذلك حين سأله تعالى: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى) وكان يكفيه في الجواب أن يقول: "عصا"؛ لأن "ما" للسؤال على الجنس، لكنه ذكر المسند إليه "هي" حبا في إطالة الكلام في حضرة الذات العلية، ولهذا لم يكتف موسى بذكر المسند إليه، بل أعقب ذلك بذكر أوصاف لم يسأل عنها، فقال: (أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا...) إلى آخر الآية.
رابعا: التنبيه أي ذكر المسند إليه للتنبيه على جهل وغباوة السامع لكونه لا يفهم إلا بالتصريح.
مثل: قولك لمن يعبد صنمًا: الصنم لا ينفع ولا يضر. فيكفي أن تقول: لا ينفع ولا يضر. لكن للتعريض بغباوته تذكر المسند إليه"الصنم".
خامسا: قلة الثقة بالقرينة لضعفها.
مثال ذلك أن تقول: "أبو الطيب نعم الشاعر" فتذكر المسند إليه إذا سبق لك ذكر أبي الطيب في حديثك وطال عهد السامع به، أو ذكر معه كلام في شأنٍ شخص غيره فتخشى أن المخاطب لا يفهم المقصود.
( أسئلة )
1- ما هي بعض أغراض حذف المسند إليه؟
2- ما هي بعض أغراض ذكر المسند إليه؟
3- مثل بمثال من عندك لحذف المسند إليه وآخر لذكره.
( ت 1 )
بيّن سبب حذف المسند إليه فيما يلي:
( كاتبٌ، في جواب من سألك: ما مهنة خالد؟ - قال تعالى: ... - خيرُ جَليسٍ - شِرِّيرٌ، تقوله لمن ذكر عندك الوزير).
( ت 2)
بيّن سبب ذكر المسند إليه فيما يلي:
( أنا غرستها، في جواب من قال: من غرس هذه الشجرة، وهو يراك تنفض يديك من تراب غرسها - هو كتابٌ اشتريته، في جواب الأستاذ الذي سأل: ما الذي في يدك؟ - اللهُ أمرَ بالإحسان إلى الوالدين، في جواب من قال لك: أأمر اللهُ بالإحسان إلى الوالدين؟ - زيدٌ نِعْمَ الصديقُ، تقوله إذا سبق لك ذكر زيد وطال عهد السامع به ).