الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
جاء في كتاب "أنْفَس الذّخائر وأطْيَب المآثر في أهمّ ما اتفق لي في الماضي والحاضر" للشيخ الطيّب الـمَهاجي (ص43):
"وكان (الشّيخ عبد السّلام بن صالح الغريسي) يسوق في أثناء الدرس حكايةً تُعِين على فهْم الموضوع. منها: ما حكاه لنا عند تقريره لقول "ابن آجروم": "التثنيةُ ترفع بالألف وتنصب وتجرّ بالياء"*: أنّ أحد فقهاء البادية استمنح الأميرَ عبد القادر، رحمه الله تعالى، ما يَمِيرُ به أهلَه مِن حبوب الزّكاة، فمَنَحَه الأميرُ حِمْلاً، وكتَب لِحارس الزّكاة: "أعط الفقيه حِمْلا".
فاستقلّ الفقيهُ المبلَغَ، وزاد نونًا بَعْد ألِفِ "حملا"، ليكون المبلغ حِمْلين. وكان الأميرُ لا يولّي الوظائفَ الحكوميّة إلّا مَن له إلمامٌ بالمبادئ النّحويّة. فلمّا قرأ الحارسُ الكتابَ، قال: "هذا الكتابُ مزوَّر". قال الفقيه: "وكيف يكون مزوَّرًا، وهو مختومٌ بخاتم الأمير؟" قال الحارس: "إنّ في الكتاب لَحْنًا، وكاتِبُ ديوان الأمير لا يلحن. وكان يكتب "حِمْلَين" بالياء التي هي علامة نصب التّثنية؛ وأمّا الألف، فعلامة رفْعٍ للتثنية."
فاعترف الفقيه بالتزوير، ولم يُعْطَ سوى حمل."
* ونصّه: "فَأَمَّا التَّثْنِيَةُ، فَتُرْفَعُ بِالأَلِفِ، وَتُنْصَبُ وَتُخْفَضُ بِالْيَاءِ".