ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين, والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
ففي 6/8/ 1426هـ اقتنيتُ كتابَ الشيخ عبدالله بن يوسف الجديع " تحرير علوم الحديث", والكتابُ لمن لا يعرفه يقع في مجلدين في 1165 صفحة حرر فيه المؤلف أصول هذا العلم على طريقة السَّلف المتقدمين, يقول في ص12:
"وأما منهاجي في هذا الكتاب, فقد بنيت فيهِ تحرير أصول هذا العلم على طريقة السَّلف المتقدمين, واستفدت من تحريرات المتأخرين, وعدلت عن ابتكاراتهم في هذا الفَنِّ؛ لأنهم جَرَوا على التنظير في أكثر ماانفردوا به, خصوصاً أهْلَ الأصول منهم, وهذا العلم مستنده إلى النَّقْلِ, وإلى التَّبصرِ في مَنْهجِ أهلهِ".
والكتابُ جميل ورائع فمؤلفه مِنْ أهلِ هذه الصنعة, فأودعه فوائدَ ودررَ مع جمالِ العبارةِ وحسنِ الترتيبِ, حتى أني لم أستطع أن أكبح جماح رغبتي في إعادة قراءة الكتاب, فقرأتُه أكثرَ مِنْ مرةٍ.
وأثناء قراءتي لهذا الكتاب كنتُ أحاولُ تلخيص بعض الأمور الذي تعرض لها المؤلفُ, من ذلك أنه تعرض لبعض عبارات الجرح والتعديل عند الأئمة وفسرها, ولم يحاول حصرها يقول ص567:"ولم أقصد إلى حَصْرِ ألفاظ الجرح والتعديل, فهذا مما لا يتحمله المقام , ولم أر تتبع ذلك استقصاء مما له كبير فائدة, وذلك أنَّ منها مايندر استعماله", يقول في الحاشية:"وللعالم الفاضل الدَّكتور سعدي الهاشمي كِتابان فريدان في جمع الألفاظ النادرة والقليلة الاسِتعمال, أحدهما في (ألفاظ التَّوثيق والتَّعديل), والثَّاني في (ألفاظ التَّجريح والتعديل)".
فإلى بيان ما تعرض له الجديع من عبارات الجرح والتعديل, وعدد هذه العبارات (42) عبارة من ص(567-635):
تم تحرير هذا الملخص في 30/8/1428هـ
1. مَنْ هو (الحُجة):
حجة يعني ثقة, بل فوق الثقة, يصححُ حديثهَ, ويحتج به.
2. قَوْلَهم (ثقة), ويشبهها (متقن), و(ثبت):
هذه اللفظةُ تعني: أنَّ الموصوفَ بها صحيحُ الحديثِ, يُكْتبُ حديثه, ويحتج به في الانفرادِ والاجتماع.
لكنهمْ إذا اختلفوا أنَّ لفظَ الثِّقةِ يمكن أن يجامع مع اللين اليسيرِ الذي لا يضعف به الرَّاوي, وإنما قد ينزل بحديثهِ إلى مَرْتبةِ الحسن.
كما أنه قد يجامع الضعف الذي يبقي الرَّاوي في إطارِ مَنْ يُعْتبر بحديثهِ.
3. قَوْلَهم (جَيِّد الحَديثِ):
عبارةُ تعديل واحتجاج مستعملة عندهم بغير شيوع, واستعملوها بما يساوي ثقة.
4. قَوْلَهم (صدوق):
وصف الراوي بهذه العبارة جرى عند المتأخرين حملها على من يكون في مرتبة حسن الحديث, لكن ليس ذلك على إطلاق استعمال السَّلف.
والصَّدوق عند المتقدمين هو: من يحكم بحسن حديثه عند اندفاع تلك المظنة, أي: مظنة الخطأ والوهم.
وقد تأتي عبارة (صدوق) وصفاً للثقة المبرَّز في الحفظ والإتقان.
5. قَوْلَهم (لا بأس به), أو (ليس به بأس):
الأصل أنَّ هذه اللفظة إذا أُطلقتْ على راوٍ من قِبل ناقد عارفٍ فهي تعديل له في نفسه وحديثه؛ فإن أُريد به معنى مخصوص بُيِّنَ.
وقد استعملها يحيى بن معين, وعبدالرحمن بن إبراهيم بن دحيم.
قال أبو بكرٍ بن أبي خيثمة: " قلتُ ليحيى بن معين: إنك تقول فلان ليس به بأس, وفلان ضعيف؟ قال: إذا قلتُ ليس به بأس فهو ثقة ..."
ولك أن تقول إنما جعلها يحيى بن معين ودحيم تساوي الوصف بقولهم: ثقة على اعتبار أنها مرتبة من مراتب الثقات, لا أنها تعادلها من كل وجهٍ عِنْدَ الإطلاق.
وقد تكون بمنزلة قولهم في الرَّاوي: صدوق.
وقد يكون موضع تردد عند الناقد.
وقد يعتبر به, ولا يبلغ حديثه الاحتجاج.
وعِنْد الدَّارقطني ربما قرن هذه العبارة بقلة حديث الرَّاوي.
6. قَوْلَهم (حسن الحديث):
تقدم الكلامُ عليها في الكتاب أثناء الكلام على الحديث الحسن
7. قَوْلَهم (مقارب الحديث):
وَقَعَ استعمال هذا اللفظ عِنْدَ أحمدَ والبخاريِّ, وهي عبارة تعجيل وقبول تساوي مرتبة (حسن الحديث), وهذا ثابتٌ بالاستقراء على قلة ما وقع ذلك في كتبِ الجرح والتعديل.
والترمذيُّ يبني على مَنْ يقولُ فيه البخاري ذلك أنْ يحسن حديثهَ, وربما خالف شيخهَ في ذلك, وبمعناه أيضاَ عبارة (حديثه مقارب).
8. قَوْلَهم (وَسَطٌ):
هل مرتبة تعديل, أم لا؟
دلالتها من لفظِها تَضَعُ الموصوفَ بها في مرتبةٍ بَيْنَ التعديلِ والتجريحِ, فمن كانت حالته كذلك فحديثه موقوف على المرجح, وهو المتابعات والشواهد, وعليه يقال: هي مرتبة صالح الحديث الذي لا يحتج بحديثه, ولكن يعتبر به.

9. قَوْلَهم (شيخ):
أكثر من كان يستعمل هذا اللفظ هو الإمام أبو حاتمٍ الرَّازي.
ومعناها: أنها ليست تعديلاً ولا جرحاً, وليس فيها تمييز لضبطه, ولذا لا تقال إلا في راوٍ قليل الحَدِيثِ, ليس بالمشهور به.
10. قَوْلَهم (محدث):
هذه العبارة في كلامِ المتقدمين تعني: الاعتناء بالحديث رواية, وهي لا تفيد التعديل, وكأن هذه العبارة تعني: عنده حديث كثير.
11. قَوْلَهم (صالح الحديث):
هذه العبارة عِنْدَ عبدالرحمن بن مهدي يطلقها على حَدِيثِ الرَّجلِ الذي فيه ضعف, وهو رجل صدوق, فيقول: رجلٌ صالحُ الحديثِ.
وعِنْدَ الإمامِ أحمدَ يطلقها فيمن هو دون الثقة, ويحتج به.
وقدْ تكون عبارة تردد عِنْدَ أبي حاتمٍ, بل ربما كانت عنده دون درجة من يحتج به, وهذا يعني: أنه صالح الحديث للاعتبار, أي: في الشواهد والمتابعات, هذا إنْ صحَّ حمله على التردد, وإلا هو عبارة تعديل بلا تردد.
12. قَوْلَهم (صويلح):
هي كقولهم: (صالح الحديث) في الصَّلاحية للاعتبار لا للاحتجاج, وإن كانت صيغتها تفيد أنها دونها في القوة.
13. قَوْلَهم (ملحه الصدق):
هي عبارة تعديل تقرب من (صدوق) وإن كانتْ دونها, ويشبهها قولهم: (إلى الصدق ماهو).
14. قَوْلَهم (لَيِّنُ الحديث):
قَاَلَ الحافظُ حمزةُ السَّهميُّ: "سَألتُ أباالحَسنِ الدَّارقطنيِّ قلتُ له: إذا قُلْتَ: (فلانٌ لَيِّنٌ) أيش تريد به؟ قال: لا يكون ساقط متروك الحديث, ولكن يكون مجروحاً بشيء لا يسقط العدالة".
قال الجديعُ: "وهذا المعنى في التحقيق هُوَ الأصْلُ في معنى هذا اللفظ في كلامهم, وهو الضعف من جهة سوء الحفظ".
وفي معناها كذلك قولهم: (فيه لينٌ), (فيه ضعف).
15. قَوْلَهم (ليس بالحافِظ):
قَاَلَ ابْنُ القطان الفاسي: "هذا قد يُقالُ لِمَنْ غيره أحفظ منه".
قال الجديعُ: "وهو عندهم جَيِّدُ الحديثِ, وهذا لا تخرج منه عِبارَةُ أبي حاتم هذه", وفي معناها (ليس بالمتقن).
16. قَوْلَهم (معروف):
هل تعني التعديل؟
التحقيق: أنَّ هذه عبارة مجملة, يبحث في تفسيرها في عبارات سائر النقاد في ذاتِ ذلك الرَّاوي, ومثلها عبارة (مشهور).
17. قَوْلَهم (يُكْتَبُ حديثُهُ):
هذه العبارة تأتي على ثلاثة أحوالٍ:
الأولى: مُفْرَدَةً:
فهي عِنْدَئذ مُشْعِرة بِضَعْفِ الرَّاوي لذاتهِ, وصَلاحيَّةِ حديِثِهِ للاعتبار على أدنى الدَّرجات.
الثانية: مضافةً إلى لَفْظِ تعديل كإضافتها إلى (حسن الحديث) فيكون المرادُ وجوبَ التَّحرِّي لإثبات سلامة مارواه من الخطأ أو الوهم وإثبات كونه محفوظاً.
الثالثة: أنْ تُضَافَ إلى عِبارَةِ تجريح, فمقتضى العبارة أن ذلك التَّجريح لا يبلغ بالرَّاوي درجة من لا يعتبر به, فهو في عداد من يصلح حديثه في المتابعات والشواهد.
ويشبهه هذه العبارة قولهم: (يُخرَّجُ حديثهُ).
18. قَوْلَهم (يُعْتَبَرُ به):
ظاهر هذه العبارة الدلالة على المراد بها, وهو صلاحية الرَّاوي أو الحديث في المتابعات أو الشواهد دون الاحتجاج, وتأتي مضافة وتأتي مفردة.
19. قَوْلَهم (لا يحتجُّ به):
عبارة إنما يتبادر من لفظها أنها جرحٌ, مع أنها تطلق على راوٍ صالح الأمر يعتبر بحديثه في المتابعات والشواهد ولا يحتج به منفرداً, وهي من قبيل الجرح المجمل.
وفي معناها قولهم في الرَّاوي: (ليس بحجةٍ).
20. قَوْلَهم (ليس بذاك):
وقعتْ في كلامهم بكثرة, وهي صيغة تجريح, وقد اطردت في تليين الرَّاوي الموصوف بها, لكنها درجات متفاوتة في التليين:
فأطلقت على من دون الثقة.
وأطلقت على الصدوق الذي يعد حديثه المحفوظ من قبيل الحديث الحسن.
وأطلقت على من يعتبر به ممن لم يتبين إتقانه لقلة حديثه.
وأطلقت على من ليس بقوي في حديثه, يعتبر به ولا يحتج به.
21. قَوْلَهم (ليس بالقوي):
عِبارةُ تليينِ, يُكتبُ حديث الموصوف بها, ويعتبر به.
22. قَوْلَهم (إلى الضَّعفِ ماهو):
عبارةُ تليينٍ شائعة, لكنها قليلة الاستعمال في كلامهم, والتَّليين فيها لم أجده إلاَّ مِنْ جهةِ سوء الحفظِ.
23. قَوْلَهم (تَعْرِفُ وَتُنْكِرُ):
عِبارةُ جرحٍ في التَّحقيق, تتصل بحديث الرَّاوي لا بشخصه, والمعنى: تارة هكذا وتارةً هكذا, يأتي بالحديث مرَّة على الوجه, ومرَّة على غير ذلك, أي: لم يكن يتقن حديثه.
24. قَوْلَهم (سيء الحفظ):
عبارة صريحة التعلق بحديث الرَّاوي, وليست كثيرة الورود في كلام المتقدمين مطلقة, وإنما كانت تأتي مقرونة بوصف آخر مثل: (صدوق سيء الحفظ), وإنما جاءت مطلقة في الرَّاوي بعد الرَّاوي, ويندر أن تستعمل فيمن بلغ به سوء الحفظ إلى حدِّ التَّركِ.
25. قَوْلَهم (فيه نظر):
شاع استعمال هذه العِبارة عِنْدَ البخاريِّ, واستعملها غيره, وقد قالَ الحافظُ الذهبيُّ في تفسير هذه اللفظ: "قلَّ أنْ يكونَ عِنْدَ البخاريِّ رجلٌ فيه نظر إلا وهو متهم".
ولكن المتتبع لاستعمال البخاري لها لا يجد ماأطلقه الذهبي صواباً, بل إنك تجده قال في المجروحين على اختلاف درجاتهم, كما قالها في بعض المجهولين الذين لم يتبين أمرهم لقلة مارووا, بل قالها في رواةٍ هم عِنْدَ غيرهِ في موضع القبول.
وأكثر الذين قال البخاري تلك العبارة هم ممن يكتب حديثه ويعتبر به, وفيهم جماعة قليلي الحديث, غير مشهورين به ولا يصلون إلى حدِّ السقوط خلافاً لما قاله الذهبيُّ.
26. قَوْلَهم (ضعيف):
هذه عبارة جرح بلا تردد وهي مجملة , ثم إن هذا التضعيف بها قد يراد به الضعف اليسير إذا قورن بمن هو فوقه, وقد تطلق على الرَّاوي يراد بها أنها دون من يحتج بحديثه لسوء حفظه مثلاً.
وقد تطلق على المجروح شديد الضعف الذي لايكاد يكتب حديثه, وعلى شديد الضعف الذي يبلغ حديثه حد الترك وإن كان غير متهم.
27. قَوْلَهم (مضطرب الحديث):
هو أن يأتي الرَّاوي بالحديث على وجوهٍ, تدل على لينه وسوء حفظه
(قلتُ أبو رشيد: هذا إن ممن لا يحتمل منه تعدد الوجوه.)
28. قَوْلَهم (يُخالِفَ الثِّقات):
عبارة جرح مجملة, إذا عارضت فإنها تثير شبهة إمكان الشذوذ, وربما أيضاًَ التفرد.
29. قَوْلَهم (لا يتابع على حَديثه):
قال ابن القطان الفاسي: "يمس بهذا من لايعرف بالثقة, فأما من عُرِف بها فانفراده لا يضره, إلا أن يكثر ذلك منه".
وأكثر من استعملها من المتقدمين البخاري, وإذا قالها في راوٍ فهو تضعيف لأنها غالباً إما في مجهول أو مقلٍ, ومن كان بهذه المنزلة ولايروي إلا حديثاً واحداً يتفرد به, فلا يحتج به.
30. قَوْلَهم (روى مناكير), أو (روى أحاديث منكرة):
جرحٌ, لكن لا يلزم منه جرح ذات الراوي الذي وصف بها, وهذا من الأسباب الشائعة في الطعن على الرَّاوي.
31. قَوْلَهم (منكر الحديث):
مِنْ ألفاظ الجرح الموجبة ضعفه عِنْدَ النَّاقدِ, وقدر الجرح بهذه العبارة في التحقيق متفاوت, بين الضعف الذي يبقي للراوي شيئاً من الاعتبار, والشَّديد الذي يبلغ به إلى حدِّ التهمة, فهي لفظة مفسرة باعتبار, ومجملة باعتبار.
32. قَوْلَهم (روى أحاديث معضلة), أو (يروي المعضلات):
معضلة أي: منكرة.
33. قَوْلَهم (أستخيرُ اللهَ فيه):
هذه تجدها عند ابن حبان, ولا تكاد تراها عند غيره, وظاهرها: تردد النَّاقد في الرَّاوي: هل يلحق بالثِّقات أو الضعفاء, والتَّرجيح بحسب مايتبين من كلام النقاد في حديث الرَّاوي.
34. قَوْلَهم (ليس بشيء):
تكثر في كلام ابن معين, ويقولها غيره, قال الحاكم: "قول يحيى بن معين (ليس بشيء) هذا يقوله ابن معين إذا ذُكِرَ له الشيخ من الرواة يقل حديثه, ربما قال فيه: (ليس بشيء) يعني: لم يسند من الحديث مايشتغل به".
ولم يبد لي صحة ماقاله الحاكم في أكثر من أطلق عليهم ابن معين هذه العبارة, وهو أطلقها على عددٍ كثيرٍ منْ الرواة, وجدتُ أكثرهم من المعروفين بالرِّواية, لكنهم من الضعفاء والمتروكين والمتهمين.
والصواب: أن عِبارة يحيى بن معين هذه عبارة جرح مجملة في تحديد قدر الجرح وسببه , ولاتخرج عنْ نفس مراد غيره من النقاد.
35. قَوْلَهم (لاشيء):
من ألفاظ التجريح المجملة, وأكثر من استعمالها يحيى بن معين كما وقعت في كلام غيره, وهي لا تخرج دلالة عن قولهم (ليس بشيء).
وفسرها ابنُ أبي حاتم في استعمال ابن معين ..قال: "(لاشيء) يعني: (ليس بثقة)", وقيلت في الرَّاوي المقل الذي لم يتبين حفظه وإتقانه لقلة حديثه.
36. قَوْلَهم (لايعتبرُ به):
عبارةٌ صريحةٌ في تركِ حديث الموصوف بها, لكن لا تكاد تجدها لسابق قبل الدارقطني.
37. قَوْلَهم (ليس بثقة):
هي عبارة جرحٍو قلَّ أن تجدها مقولة إلا في راوٍ شديد الضعف إما متروك أو متهم بالكذب, أو كذاب معروف, وتكثر في كلام ابن معين والنسائي, ولكن ذلك ليس على الاطلاق, فقد وقعت منهم في جماعاتٍ مِنْ الرواة الضعفاء, أو ممن في حفظهم بعض اللين.
38. قَوْلَهم (متروك الحديث):
جرح بليغ مفسر في لفظه, ظاهره أنه من جهة حديث الرَّاوي, وما أتى به من المنكرات التي غلبت علي, فاستحق هذا الوصف.
وقدْ بيَّن ابنُ أبي حاتم أن من يقولون فيه ذلك فهو ساقط الحديث, لا يعتبر به, وفي معناها قولهم (ذاهب الحديث), (ساقط الحديث), (واهي الحديث).
39. قَوْلَهم (تركه فلان):
هذه صيغة جرح, ولا تلازم بينها وبين صيغة (متروك) أو (متروك الحديث) فقد يراد بها ذلك, وقد يراد بها أن النَّاقد ترك ذلك الراوي لمجرد ضعفه عنده.
40. قَوْلَهم (لمْ يحدث عنه فلان):
قد تساوي (تركه فلان) فيكون في معناها.
41. قَوْلَهم (سكتوا عنه):
هي عبارة محالة, خبر من قائلها عن غيره, ولا ينشأ بها شيئاً من جهته.
وقدْ دلَّ الاستقراء لحال من قيلت فيه أنها مساوية لإخبار الناقد عن غيره بقوله: (تركوه).
لذا هي من عبارات الجرح المجملة, ولولا دلالة الاستقراء لكانت في جملة مالا يصح الاعتماد عليه في جرح الرواة حتَّى يوقف على تفسيره.
42. ومن عباراتهم في الجَرْحِ: قياسُ المَجروحِ بالمجروح
ومن مسالك نقاد النقلة أن يستدل لبيان حال الراوي بقياسه براوٍ هو أظهرُ في حاله, فإذا أردت الوقوف على قدر الجرح في مراد النَّاقد لزمك النظر في رأيه بالمقيس عليه, فإذا لم تجد له نصاً مفسراً نظرتَ تفسيره في كلام غيره من النقاد.
وحاصل هذا النوع من ألفاظ الجرح: اللحاق بألفاظ الجرح المجمل, حتى يوقف على معناه بالتتبع والنظر والتحري.