تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: و للتضــــاد أســـــرار !

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    124

    افتراضي و للتضــــاد أســـــرار !

    ماذا لو كنّا نتشابه تماماً في رسم ملامحنا و هيئتنا ؟ و ماذا لو كنّا لا نعرف إلا لوناً واحداً ، فثيابنا جميعاً ذات لونٍ واحدٍ و شكلٍ واحدٍ ؟ و ماذا لو كنّا نفهم و نفكر بنمطٍ واحدٍ .. نتوافق دائماً في كل شيء .. دوافعنا و سلوكنا رغباتنا و تطلعاتنا واحدة .. نميل إلى ذات الأشياء ، و نعدل عن ذاتها ؟ لأول وهلة قد يظن بعضنا أن في الأمر إيجابية .. و لكن ماذا لو أكملنا هذه العملية الذهنية و لكن بخطوة من بُعدٍ آخر .. ؟ فماذا لو كان الطريق إلى بلوغ الجامعة الوحيدة في مدينة ما واحداً ، فلا طرق أخرى مشروعة معتبرة نظامية غيره ، بل قد يتعرض سالك هذه الطرق إلى الغرامة و العقوبة ؟!

    و بخطوة أعمق نقف لننهي هذه السلسلة من التساؤلات قائلين : ماذا لو كان الليل سرمداً ، أو النهار سرمداً ؟!


    في رواية عن ابن عباس و عن مرّة عن ابن مسعود و عن بعض الصحابة رضي الله عنهم : ( أن الله أسكن آدم الجنة ، فكان يمشي وحشى ليس له فيها زوج يسكن إليها ، فنام نومة فاستيقظ و عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه ... )1، فكان الذكر و الأنثى .. و كان الرباط الوثيق ، ثم كان بنو آدم الأبيض و الأسود ، السهل و الحزن ، الطيب و الخبيث ، السعيد و الشقي ، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، فجاء منهم الأبيض و الأحمر و الأسود و بين ذلك ، و السهل و الحزن و بين ذلك ، و الخبيث و الطيب و بين ذلك"2


    قرص الشمس بحرارته و دفئه و توهجه يقابله شاعرية القمر و رقته .. و كلاهما نوران ، و الليل بهدوئه يعقبه النهار بضجيجه ، و الأرض في سفلها تقابلها السماء في علوها " إنّ في خلق السموات و الأرض و اختلاف الليل و النهار لآياتٍ لأولي الألباب "3 ، نحن في الشتاء نبحث عن الدفء و لو كان في فنجان قهوة ، و ننشد كأساً من صقيعٍ في لفح حرارة الصيف ...


    حتى قرآننا الكريم مثاني .. فإذا ذكر المولى سبحانه عذاب أهل النار ثنى بذكر نعيم أهل الجنة _ نسأل الله أن نكون منهم _ و إذا وصف العذاب ذكر الثواب ، ذلك ليعيش قلب المؤمن بين الخوف و الرجاء ، الخوف من غضبه سبحانه و عقابه ، و الرجاء في رضوانه و مغفرته ، و كلاهما لقلب العبد كجناحي طائر ..
    الحق أبلج و الباطل لجلج ، الإيمان نجاة و الكفر هلاك ، العلم نور و الجهل ظلام ، الخير سعادة و الشر تعاسة ، الماء حياة و الجدب موت ، الخُضرة نعمة و القحط نقمة ، البُكُور بركة و الأفول عنه ممحقة ، العمل رفعة و البطالة ذلة ، الإيثار كرمٌ و الأنانية بخلٌ ، العفو راحة و الحقد عذاب ، الصبر قوة و الجزع ضعف ، التسامح جُنّة و الغضب شرارة ، العقل حكمة و رزانة و الخِفة حمقٌ و سفاهةٌ .. و بضدها تتمايز الأشياء !


    بل للتضاد جمالياتٌ أحياناً ! فهذه لغتنا العربية تمتاز في علم البديع _ و هو أحد علوم البلاغة العربية _ و الذي يُعنى بشكلٍ أخص بجماليات مفرداتها بما يسمى " فن الطباق ، و كذلك فن المقابلة " و هما يعتمدان في الأساس على التضاد في معاني المفردات .. ، بل إن حروف العربية تمتاز في مخارجها بصفات للأصوات متضادة .. فهذا حرف جهر و ذلك حرف همس ، و ذا حرف شدة و ذاك حرف رخاوة .. و هكذا .


    كلمة أخيرة .. إنّ هذا التضاد و التنوع و الاختلاف في ألسن الناس و ألوانهم ، في مشاربهم و مذاهبهم بل حتى في بصمة إبهامهم ، في مخلوقات الله سبحانه و تعالى حتى لتجد أن ثمرة في شجرةٍ ما قد تختلف في طعمها و لونها أحياناً ، أو شكلها عن ثمرةٍ في شجرةٍ أخرى مجاورة لها من نفس النوع ، رغم أن الماء مشترك و الأرض نفسها و الشمس عينها .. فسبحان الباري ما أعظم قدرته !
    إنما هو سنة الله في كونه !! و حكمته في خلقه .. علمها من علمها و جهلها من جهلها ..


    تذكر يرعاك الله أن : الحق واحد .. فالله واحد .. و الدين واحد .. و خاتم الأنبياء واحد .. و قرآننا واحد ..
    و عقيدتنا أصل و الأصل ثابت لا يتغير ، و الضلالة أجناسٌ و أشكالٌ ، مللٌ و ألوان و أنواع .. فكن ذا عقلٍ حصيف ..
    قال تعالى : " و أنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " 4.


    ـــــــــــــــ ـــــــ

    1 _ قصص الأنبياء ، لابن كثير ، ص : 20
    2 _ رواه أبو داود و الترمذي و ابن حبان في صحيحه . ( وقال عنه الترمذي : حسن صحيح ) .
    3 _ [ آل عمران : 190]
    4 _ [الأنعام : 195].



    بقلم : إيمان الغامدي .
    " فاطر السموات و الأرض أنت وليّ في الدنيا و الآخرة توفني مسلما و ألحقني بالصالحين "

  2. افتراضي رد: و للتضــــاد أســـــرار !

    أختي الكريمة إيمان بارك الله فيك وأحسنتي
    حقــ وللتضاد أسرار ـاً
    تقديري لكي ولقلمك المميز
    ]قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"

    قلبي مملكه وربي يملكه>>سابقا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    52

    Post رد: و للتضــــاد أســـــرار !

    السلام عليكم

    بارك الله فيك إيمان

    يعجبني قلمك وسلاسة طرحك

    والتضاد والتنوع في الحياة هو للاختبار والابتلاء

    فكيف يكون الاختبار بتوحد الأمور كما ذكرتي في بداية مقالتك

    التي ذكرتني كذلك بالجنة حيث يتساوى أهلها في الطول والعمر والجمال ..

    ولكن يتفاوتون في الدرجات بقدر الإيمان والأعمال

    جعلني الله وإياكن من أهلها

    وشرفنا الله وأسعدنا بلقائه

    انتظر جديدك غاليتي إيمان فلاتحرمينا ..

    أختك المحبة

    هطول المطر

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    في سجن الدنيا .. أنتظر أجلي ..
    المشاركات
    323

    افتراضي رد: و للتضــــاد أســـــرار !

    السلام عليكم ورحمة الله ..
    من أجمل ما قرأت .. سلمت يمناك

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    ~ المــرِّيـْـخ ~
    المشاركات
    1,261

    افتراضي رد: و للتضــــاد أســـــرار !

    مبدعة دوما !
    اثابك الله وغفر لك .
    يا ربِّ : إنَّ لكلِّ جُرْحٍ ساحلاً ..
    وأنا جراحاتي بغير سواحِلِ !..
    كُل المَنافي لا تبدد وحشتي ..
    ما دامَ منفايَ الكبيرُ.. بداخلي !

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •