أحكام تتعلق بالهدي وبالذبح والنحر

من إعداد هيئة التوعية في الحج

الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله

الحمد لله رب العالمين، ونصلي ونسلم على نبيِّنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد، فهذه كلمات يسيرة إلى إخواننا الحجاج فيما يتعلق بهدي التمتع والقران، وتتضمن ما يلي:
1- بيان حكم هدي التمتع والقران وحكمته.
2- بيان نوعه وما يجب أن يتوفر فيه.
3- بيان مكان ذبحه.
4- بيان وقت ذبحه.
5- بيان كيفية الذبح المشروع.
6- بيان المشروع في توزيعه.

فأما حكم هدي التمتع والقران، فواجب على من تيسَّر له؛ لقوله - تعالى -: ﴿ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾ [البقرة: 196]، فإن لم يجد الهدي أو ثمنه، فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، هذا إن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام، وإلا فلا هدي عليه؛ لقوله - تعالى -: ﴿ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ [البقرة: 196]، وحكمة الهدي زيادة التعبُّد لله والتقرب إليه بذبح الهدي، وشكر نعمته بتيسير العمرة والحج في سفر واحد، وأما نوع الهدي فهو من الإبل والبقر والغنم - المعز والضأن - لقوله - تعالى -: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 34]، وبهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم، وتجزئ الواحدة من الغنم في الهدي عن شخص واحد فقط، وتجزئ الواحدة من الإبل أو البقر عن سبعة أشخاص، ويجب أن يتوفر في الهدي شيئان:
أ- بلوغ السن الواجب، وهو ستة أشهر في الضأن، وسنة كاملة في المعز، وسنتان في البقر، وخمس سنين في الإبل، وما دون ذلك لا يجزئ.

ب- السلامة من العيوب الأربعة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتِّقاء ما هي فيه، وهي:
1- العوراء البين عورها.
2- المريضة البين مرضها.
3- العرجاء البين ضلعها.
4- الهزيلة التي لا مخ فيها[1].

فهذه العيوب الأربعة إذا كانت في البهيمة، لا يجزئ إهداؤها، وكلما كان الهدي أسمن وأكمل كان أعظم أجرًا وأفضل.

أما مكان الذبح، فهو منى، ويجوز في مكة وبقية الحرم[2] إذا كان في حدود وقت الذبح، وأما وقت الذبح، فهو يوم العيد وثلاثة أيام بعده؛ لأن يوم العيد يوم النحر، ويروى في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كل أيام التشريق ذبح))[3]؛ أي: وقت للذبح، وعلى هذا، فيجوز للحاج ذبح الهدي بمكة في اليوم الثالث عشر إذا نزل من منى، وأما كيفية الذبح المشروع، فهو نحر الإبل، وذبح البقر والغنم، فالنحر في أسفل الرقبة مما يلي الصدر، والذبح في أعلاها مما يلي الرأس.

ولابد في الذبح والنحر من إنهار الدم بقطع الودجين وقطع الحلقوم والمريء، ولا بد من قول بسم الله عند الذبح أو النحر، فلا تؤكل الذبيحة إذا لم يذكر اسم الله[4] عليها؛ لقوله - تعالى -: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ [الأنعام: 121]، ولا تجزئ عن الهدي لأنها ميتة، وأما المشروع في توزيع الهدي، فهو الأكل والإطعام؛ لقوله - تعالى -: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28]، ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ [الحج: 36]، ولا يكفي أن يذبح الهدي ويرمي به بدون أن ينتفع به؛ لأن هذا إضاعة مال، ولا يحصل به الإطعام الذي أمر الله به، إلا أن يكون الفقراء حوله فيذبحه ويسلمه لهم، فحينئذٍ يبرأ من عهدته.

فعلى الحاج أن يتَّقي الله، ويحرص على إبراء ذمَّته في تقديم الهدي المجزئ الذي تبرأ به ذمته، جعل الله حجنا مبرورًا، وذنبنا مغفورًا، وسعينا مشكورًا، والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

[1] رواه أحمد وأهل السنن الأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان.

[2] لقوله صلى الله عليه وسلم: ((نحرت ها هنا، ومنى كلها منحر))؛ رواه أحمد ومسلم وأبو داود، ولابن ماجه وأحمد نحوه، وفيه: ((كل فجاج مكة طريق ومنحر)) (بستان الأحبار جـ2 ص619).

[3] رواه أحمد والدارقطني (المرجع السابق ص655).

[4] قال صلى الله عليه وسلم -: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه، فكُلْ، ليس السن والظفر))؛ متفق عليه.