كتاب (أسد الغابة في معرفة الصحابة) من الكتب المشكلة في ضبطها، وقد اختلف بعض الإخوة في ضبط كلمة (أسد) فبعضهم يضبطها بالإفراد (أَسَد) على أنه وصف للكتاب، وبعضهم يضبطها بالجمع (أُسْد) على أنه وصف للصحابة، وقد كنتُ أميل إلى الأول؛ لأن عادة أهل العلم أنهم يسمون الكتاب بشيء من صفات الكتاب لا صفات مضمون الكتاب.
ثم نظرت في مقدمة المؤلف فلم أجده أشار إلى شيء يبين ما أراد من هذين المعنيين !
ثم وقفتُ على ما يدل على أن الضبط بالجمع صحيح، قال الحافظ العراقي في ألفية السيرة:
ولم أجـد مَـنْ جَمَعَ الصـحابة .......... ذَكَـرَها ولا بـ(أُسْدِ الغـابة)
ثم وقفتُ على قصيدة أخرى يقول الشاعر فيها:
ولقد أبدى ابن عبد الـ ............. ـبر في المعنى عجابه
ألـف استيـعابه واتـ ............. ـخذ الـحق ركابه
وبـما رد مـن التـأ ............. ويـل لم يشحن كتابه
يـا له سِفْـرٌ تسـامى ............. أن يسامى أو يشـابه
(أَسَـدُ الغـابةِ) منـه ............. مُستـمدٌّ والإصـابةْ
فيبدو أن كلا الضبطين صواب، والله أعلم.
ويحتمل أن يكون ضبط البيت الأخير (أُسُدُ الغابة)، ولكني أستبعده.
وكثيرا ما كان نظم أعلامنا العلماء قائدا ومرشدا لبيان الضبط الصحيح في كثير من الكلام المشكل، فرحم الله علماءنا وجزاهم عنا خير الجزاء.
ويبدو أن التشبيه بـ(أُسْد الغابة) كان معروفا عند الأدباء مما سوغ استعماله في تسمية الكتاب على خلاف المتوقع، كما قال بشار بن برد:
جنـد كأُسْدِ الغـابة الصـعاب .............. صبـحتَه والشمـسُ في الجـلبابِ
وقال أبو العلاء المعري:
يقال أنْ سوف يأتي بعـدنا عُصُر .............. يرضى فتضبط أُسْـدَ الغـابة الخطمُ
وقال بشر بن الأجدع:
إني أعيـذك بالـرحمن مـن نفر .............. حـمر السبال كأُسْـدِ الغابة السود
وقال الشاعر:
انظـر إلينا تـجدنا ما بنا دهش .............. وكيف يطـرق أُسْدَ الغـابة الدهشُ